الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ورجل وامرأة كذا الخ بالجر معطوفان على العدلين وكذا في موضع الصفة والإشارة راجعة إلى شرط الفشو من قولهما أي ويفسخ النكاح بشهادة رجل وامرأة كاثنين كذا أي في الفشو من قولهما ويجوز أن يكون رجل بالرفع مبتدأ على حذف مضاف وامرأة معطوف عليه والتقدير وشهادة رجل وامرأة كذا أي كشهادة امرأتين في وجوب فسخ النكاح مع فشو الرضاع من قولهما (ولما فرغ) من الكلام على الرضاع شرع يتكلم على عيوب الزوجين فقال
(فصل في عيوب الزوجين وما يردان به)
فقوله وما يردان به من عطف خاص على عام لأن من العيوب ما لا يقع الرد به. واعلم أن أسباب الخيار في النكاح خمسة (السبب الأول) خيار التروي وقد تقدم الكلام عليه في الشروط التي تقع في النكاح (السبب الثاني) الضرر وقد ذكره الناظم قبل فصل الرضاع وكان حقه أن يذكر هذا الفصل ملاصقًا له (السبب الثالث) العتق وهو الأمة التي تعتق تحت زوجها العبد لا الحر وهذا خاص بالمرأة (السبب الرابع) الغرور بالحرية بأن تتزوج الحرة الرجل على أنه حر فإذا هو عبد وعكسه (السبب الخامس) العيب وإليه أشار الناظم بقوله:
(من الجنون والجذام والبرص
…
والداء في الفرج الخيار يقتنص)
(بعد ثبوت العيب أو إقرار
…
به ورفع الأمر في المختار)
يعني أن العيوب التي يثبت بها الخيار لأحد الزوجين في الآخر هي الجنون والجذام والبرص وداء فرج الرجل أو فرج المرأة. وحاصل العيوب التي توجب الخيار لأحد الزوجين أربعة عشر (أربعة) يشتركان فيها وهي الجنون والجذام والبرص والعذيطة بفتح العين المهملة وسكون الذال المعجمة غائط يخرج عند الجماع (قال) في الفائق وقد نزلت في أيام أحمد بن نصر واختلف الزوجان فنفى ذلك كل واحد
منهما عن نفسه فقال أحمد يطعم أحدهما تينًا والآخر فقوسًا فيعلم من هو منهما. وأما البول في الفراش فلا رد به كما في المواق وبه أفتى العلامة الورزازي من الفاسيين وقيل يقع به الرد. وخمسة خاصة بالرجل وهي الجب بفتح الجيم والخصاء بكسر الخاء والاعتراض والعنة بضم العين وكبر الذكر جدًا وقد وقع الحكم بالخيار به من قاضي الجماعة أبي عبد الله محمد الطاهر النيفر بموافقة شيوخ الشورى رحمهم الله تعالى أجمعين. وخمسة خاصة بالمرأة وهي القرن بفتح القاف وسكون الراء والرتق بفتح الراء والتاء والعفل بفتح العين والفاء والإفضاء وبخر الفرج لأنه منفر خلافًا للأئمة الثلاثة لا بخر الفم على المشهور وسيأتي بيانها في كلام الناظم ويكون الخيار لأحد الزوجين بالعيب بعد ثبوته عند القاضي إما بإخبار من له معرفة بذلك من الأطباء العدول فإن لم يكن عدول قبل غيرهم وإن مشركين ويكفي الواحد الاثنان أولى. وإما بإقرار المعيب بعيبه فإذا ثبت العيب ولم يبق مقال فيه للزوج المعيب أمره القاضي بطلاقها فإن امتنع منه طلقها الحاكم عليه أو يأمرها فتطلق نفسها في القول المختار وهو المشهور. وقيل لها أن تطلق نفسها بعد الثبوت بدون احتياج إلى الرفع للقاضي مرة أخرى لأنها فعلت ما يأمرها القاضي بفعله إن لو رفعت أمرها إليه وما شرحت به كلام الناظم أولى من شرح الغير (تنبيهات الأولى) يكون الطلاق واحدة بائنة ولو كان بعد البناء كما يأتي في المعترض ولها جميع الصداق لطول المدة اهـ مواق وتلزمها العدة بعد ذلك كما في التهذيب (الثاني) ظاهر النظم أن الخيار يثبت لأحد الزوجين ولو كان كل واحد منهما معيبًا بعيب صاحبه أو بغيره وهو كذلك على ما في الحطاب. وقال اللخمي إن اختلف عيبهما كجنونه وبرصها أو العكس كان لكل واحد منهما الخيار وإن كان موافقًا كبرصهما معًا كان له الخيار دونها لأنه بذل صداقًا لسالمة فوجد ما يكون صداقها دون ذلك اهـ بناني (الثالث) إنما يثبت الخيار بالعيب لأحد الزوجين أو لهما معًا إن لم يسبق العلم ولم يرض بقول أو فعل أو تمكين منه (فرع مرتب) إن ادعى المعيب على السالم ما يسقط خياره من سبق علم ونحوه مما تقدم ولا بينة له حلف السالم على
نفي مسقط خياره وبقي على الخيار في الرد والإمساك فإن نكل عن اليمين حلف المعيب وسقط الخيار فإن نكل المعيب أيضًا كان نكوله تصديقًا للناكل الأول على مقتضى القاعدة ويبقى الخيار للسالم كذا حرره البناني على الزرقاني. وقول الناظم يقتنص بالبناء للنائب معناه يثبت ويحصل كما يحصل الصيد في يد صائده. ولما فرغ من الكلام على العيوب التي يشترك فيها الزوجان وكيفية المرافعة في ذلك عند القاضي شرع يتكلم على ما يختص بالزوج منها فقال
(وداء فرج الزوج بالقضاء
…
كالجب والعنة والخصاء)
(وذاك لا يرجى له زوال
…
فليس في الحكم به إمهال)
يعني أن عيب الزوج إذا كان جبًا أو عنة أو خصاء وكذا كبر الذكر جدًا فإن الحكم فيه يعجل ولا يمهل لأنه لما كان لا يرجى زواله صار الإمهال فيه عبثًا وحينئذ إما أن ترضى الزوجة بالبقاء معه أو تفارق. والجب هو قطع الذكر والأنثيين معًا. والعنة صغر الذكر جدًا كزر الثوب بكسر الزاي المعروف بالعقدة عند قوم والقفل عن آخرين من أهل قطرنا التونسي. والخصاء قطع الذكر أو الأنثيين فقط دون الذكر إن كان لا يمني ومثل قطع الذكر كله قطع حشفته على القول الراجح. ومحل الخيار في هذه العيوب التي ذكرها الناظم إذا كانت موجودة قبل البناء والوطء ولو مرة أما إذا أصيب بها بعده فإنها مصيبة نزلت بها ولا كلام لها في ضرر ترك الوطء ولو اشتعلت نارًا على الراجح كذا قال بعضهم. وقوله وداء فرج الزوج مبتدأ ومضافان وبالقضاء متعلق بمحذوف صفة المبتدأ تقديره الموجب للخيار بالقضاء وقوله كالجب خبرًا لمبتدأ والعنة وما بعده بالجر عطف عليه ثم ذكر العيوب التي يمهل فيها الزوج فقال
(وحيث عيب الزوج باعتراض
…
أو برص وقيم عند القاضي)
(أجله إلى تمام عام
…
كذاك في الجنون والجذام)
(وبعد ذا يحكم بالطلاق
…
إن عدم البرء على الإطلاق)
(والعبد في الأصح كالأحرار
…
وقيل بالتشطير كالظهار)
يعني أن عيب الزوج إذا كان مما يرجى برؤه وهو أربعة أشياء الاعتراض وهو عدم انتشار ذكره لعلة أو ربط بسحر. والبرص. والجنون بصرع أو وسواس. والجذام وقامت الزوجة بحقها عند القاضي فلا يحكم عليه بالطلاق ابتداء بل يؤجله سنة للدواء إذا أراد ذلك ويكون الأجل من يوم ثبوت العيب عنده فإن برئ في السنة فواضح إن تمت ولم يحصل له برء كان الخيار للزوجة في الإقامة معه أو الفراق فإن اختارت الفراق حكم القاضي به عليه بالإطلاق أي سواء كان قديمًا أو حادثًا وسواء رجي برؤه بعد ذلك أو لا هذا معنى قوله وبعد ذا يحكم بالطلاق البيت. والتأجيل في ذلك بالسنة للحر اتفاقًا واختلف في العبد فقيل هو كالحر وهو الأصح وقيل يؤجل شطرها ستة أشهر كالخلاف الواقع في ظهاره من زوجته إذا امتنع من التكفير فيدخل عليه الإيلاء فقيل يؤجل أربعة أشهر كالحر وقيل بالتشطير فيؤجل شهرين فقط (قلت) وفي التشطير على العبد تشديد عليه والمطلوب في حقه التخفيف فلا أقل أن يكون مثل الحر فلهذا كان القول الأول هو الأصح. وقول الناظم وبعد ذا الخ الظرف متعلق بيحكم والإشارة بذا للسنة وقوله عدم البرء فعل ونائب فاعل وعلى الإطلاق حال من الحكم وقوله
(وكالرجال أجل النساء
…
في هذه الثلاثة الأدواء)
(وفي سواها لا يكون الأجل
…
لهن إلا ما يرى المؤجل)
يعني أن الزوجة إذا ظهر بها جنون أو جذام أو برص فإنها تؤجل سنة للدواء وأن القاضي لا يحكم لزوجها بالخيار ابتداء كما مر في الزوج وأما داء فرجها كالرتق فإنها تؤجل للدواء بقدر اجتهاد الحاكم وهو المراد بقوله المؤجل بكسر الجيم وذلك بعد
أن يخبره الطبيب بما يبني عليه اجتهاده (فرع سئل) الفقيه ممد بن عبد القادر الفاسي هل حكم الزوجة في الاعتراض كحكم الرجل أم لا فإن عقدها واعتراضها شائع متعارف عند العرب والبربر (فأجاب) بأن مقتضى عبارتهم أن الاعتراض خاص بالرجل ولا رأينا من ذكره في حق النساء ومقتضى ما فسروا به الاعتراض أن لا يتحقق ذلك في جهة المرأة وإنما هو معتبر في جانب الرجل حيث قالوا المعترض هو الذي لا يقدر على الوطء لعلة معترضة وهو بصفة من يمكنه الوطء وربما اعترض عن امرأة دون أخرى وعلى هذا كلما امتنع من وطئها ولا علة بها هي في الحس فهو معترض لا هي لأن المحل منها سالم حسًا من الآفة فكيف ينسب إليها الاعتراض دونه وبأي شيء يتحقق ويعلم والله أعلم اهـ ثم قال الناظم
(ويمنع المبروص والمجذوم من
…
بنائه وذو الجنون فاستبن)
(وذو اعتراض وحده لن يمنعا
…
وهو مصدق إذا ما نوزعا)
(وإن يقل وطئت أثناء الأمد
…
فقوله مع اليمين معتمد)
يعني أن الزوج إذا طلب البناء بزوجته في خلال الأجل المضروب له لمعالجة برصه أو جذامه أو جنونه فإنه لا يجاب إلى ذلك ويمنع منه لأنه يخشى على الزوجة من الإذاية بخلاف المعترض فإنه لا يمنع من البناء إذا طلبه وإليه الإشارة بقوله وذو اعتراض وحده لن يمنعا. وقوله وهو مصدق إذا ما نوزعا الخ يعني أن الزوجة إذا ادعت على زوجها بالاعتراض وأنكره فإنه مصدق في نفيه مع يمينه فإن نكل عن اليمين حلفت وكانت على حقها من الخيار فإن نكلت هي أيضًا بقيت على لزوم الزوجية. وقوله وإن يقل وطئت أثناء الأمد البيت يعني أن المعترض إذا أجل سنة للدواء وقال وطئتها أثناء الأجل وكذبته صدق بيمينه فإن نكل حلفت وكان لها الخيار بمضي الأجل وإن نكلت سقط خيارها. وما درج عليه الناظم من تصديق الزوج بيمينه هو القول المشهور في المسألة وقال البرزلي إذا اختلف الزوجان في المسيس القول
قول الزوج في الثيب وينظر النساء إلى البكر عبد الرزاق وهو أحسن الأقاويل ومذهب المدونة القول قول الرجل مطلقًا اهـ وفي الرهوني على الزرقاني أن العمل على قول سحنون وهو نظر الرجال لعيب الرجال ونظر النساء لعيب النساء في البكارة وغيرها اهـ (قلت) وبهذا القول المعمول به شاهدت العمل بتونس أما إن قال وطئتها بعد انقضاء الأجل وكذبته فإنه لا يصدق. وقوله
(وتمنع الإنفاق ما لم تدخل
…
إن طلبته في خلال الأجل)
يعني أن زوجة المبروص أو المجذوم أو المجنون المضروب له أجل سنة للدواء إذا منعته من الدخول أثناء الأجل وطلبته بالنفقة في الأجل فلا نفقة لها في خلاله لأن النفقة في مقابلة الاستمتاع وقد منعت نفسها منه لسبب لا قدرة له على دفعه فهو معذور بذلك بخلاف المعترض فإنه لما كان غير ممنوع من البناء كما تقدم فإذا طلبته بالنفقة لزمته لأنه متمكن من الاستمتاع بها ولو في الجملة (فرع) إذا أجلت الزوجة للدواء من عيبها وطلبت النفقة فلا نفقة لها إن امتنع الزوج من ذلك لأنها وإن لم تمنعه هي من الاستمتاع فإنه إذا استمتع بها سقط خياره. وقوله
(والعيب في الرجال من قبل البنا
…
وبعده الرد به تعينا)
(إلا اعتراضًا كان بعدما دخل
…
والوطء منه هبة مرة حصل)
(وبالقديم الزوج والكثير
…
يرد والحادث واليسير)
(إلا حدوث برص منزور
…
فلا طلاق منه في المشهور)
(وزوجة لسابق لعقده
…
وهو لزوج آفة من بعده)
حاصل ما تضمنته الأبيات الخمسة من فقه المسألة كما قاله أبو علي في الحاشية أن العيب الواقع قبل العقد يرد به مطلقًا كان بامرأة أو رجل قليلًا أو كثيرًا لأن من فيه العيب مدلس كان مجنونًا أو غيره وإن حدث بعد العقد فالزوجة لا ترد به
مطلقًا بلا قيد أصلًا وإن حدث بالزوج بعد العقد فالرد ثابت لها في الجذام البين والبرص المضر كان الجنون قبل الدخول أو بعده على خلاف في ذلك وأما الاعتراض فمهما وطئ الزوج مرة سقط حكمه وكذا إذا وطئ مرة ثم قطع ذكره مثلًا. وقول الناظم الزوج مبتدأ وجملة يرد من الفعل ونائب الفاعل خبره وبالقديم متعلق بيرد والكثير والحادث واليسير بالجر عطف على القديم (ثم) شرع يتكلم على العيوب المختصة بالمرأة فقال
(والرتق داء الفرج في النساء
…
كالقرن والعفل والإفضاء)
يعني أن عيب فرج المرأة التي ترد به هو الرتق والقرن والإفضاء ويدخل تحت الكاف العفل وبخر الفرج فالرتق هو التصاق موضع الوطء والتحامه والعفل قيل هو رغوة تحدث في الفرج عند الجماع وقيل العفل في النساء كالأدرة في الرجال وهو بروز لحم في الفرج والقرن شيء يشبه قرن الشاة تارة يكون عظمًا فيعسر علاجه وتارة يكون لحمًا فلا يعسر والإفضاء اختلاط محل الجماع ومجرى البول بزوال الحائل الرقيق بينهما فلا تمسك بولًا ولا نطفة وقيل هو اختلاط محل الجماع ومجرى الغائط (ولما) فرغ من الكلام على العيوب الموجبة لخيار الزوجين مطلقًا شرع يتكلم على العيوب التي لا توجب الخيار لهما إلا بشرط السلامة فقال
(ولا ترد من عمى ولا شلل
…
ونحوه إلا بشرط يمتثل)
يعني أن من تزوج امرأة فوجدها عمياء أو عوراء أو شلاء أو عرجاء أو قطعاء أو سوداء أو مقعدة أو منتنة الفم والأنف على المشهور ومقابل المشهور الرد ببخر الفم والأنف ولو بلا شرط واختير أو تبول في الفراش ونحو ذلك من غير العيوب المتقدمة فلا خيار له ولا رد إلا إذا تزوج على شرط السلامة فيعمل بشرطه ويكون له الرد وكذا قوله
(والزوج حيث لم يجدها بكرا
…
لم يرجع إلا باشتراط عذرا)
(ما لم يزل عذرتها نكاح
…
مكتتم فالرد مستباح)
يعني أن من تزوج بكرًا فوجدها ثبًا فلا خيار له ولا رجوع له بالثيوبة لأن لفظ بكر في اللغة يدل على التي لم ينعقد عليها نكاح البتة وهذه كذلك ولا يدل على كونها عذراء وهي التي بخاتم ربها لم تثقب. ومحل عدم رجوعه بذلك ما لم يشترط أنها عذراء أو أزيلت عذريتها بنكاح كتموه أو لم يجر العرف بعدم الفرق بين بكر وعذراء وأن البكر المراد بها العذراء وإلا فله الرجوع (قال) بعض الشيوخ من المحققين محل الرد بالثيوبة في البكر إذا لم يجر العرف بالرد وأنه لا فرق بين البكر والعذراء أما إذا جرى العرف بذلك فللزوج الرد إذا تزوجها بكرًا فوجدها ثيبًا سواء قالوا هي بكر أو عذراء وبه القضاء وعليه العمل اهـ ويثبت ذلك إما بإقرارها وإما بنظر النساء العارفات الدينات إن وجدن وإلا فبغيرهن مع التحري في ذلك رضيت بالرؤية أو لم ترض على ما به العمل. وفي نوازل النكاح من البرزلي (سئل) ابن أبي زيد عمن تزوج بكرًا فقال وجدتها ثيبًا (فأجاب) اختلف في ذلك وأحب إلينا نظر النساء إليهن فإن قلن القطع جديد لم يقبل منه وإن قلن قديم فإن زوجها أبوها أو أخوها فعليه صداقها ويرجع به عليها وإن كان غيرهما فهي الغارة فيرجع عليها به إلا ربع دينار اهـ ولا زال عمل تونس جاريًا بتوجيه القوابل في هذه المسألة إلى الآن (فرعان) الأول إذا ادعى الزوج أنها غير بكر وادعت هي اعتراضه أو عنته أو جبه وأنها بكر عذراء فإن النساء ينظرن إليها فإن تبين أنها ثيب كان له الخيار على نحو ما تقدم وإن تبين أنها بكر سقطت دعواه وبقيت على دعواها فإن صدقها في ذلك كان لها الخيار وإن أنكر دعواها فهل لا يصدق ويحلف على نفيه كما مر وتلغى شهادة النساء بالبكارة كما قال بعضهم أو ينظر إليه الرجال كما ينظر النساء إلى النساء خلاف والظاهر القول الثاني ليقع التعادل إذ لا فرق بين المسألتين وبه حكم قاضي الجماعة أبو عبد الله سيدي محمد الطاهر النيفر رحمه الله في النازلة المتقدم ذكرها أول الفصل وبعد كتبي
هذا وجدت ما يعضده نصًا في المسألة قال الرهوني الثاني أي من التنبيهات ظاهر كلام العمليات أن العمل إنما جرى بالنظر لفرج النساء دون الرجال مع أن قول سحنون الذي جرى به العمل غير خاص بالنساء اهـ وتقدم نحوه قريبًا وقد كنت توجهت لأكتب ما أسمعه من القوابل في نازلتين من هذا القبيل فتبين من إحداهما صدق الزوج وتبين من الأخرى صدق الزوجة وأن الزوج وقع له اعتراض عليها كما قالت فعلى من ولاه تعلي من القضاء والعدول التنبه لمثل هذا بقدر الإمكان لفساد أهل الزمان ولهذا قال بعض العلماء لا تقبل دعوى عدم البكارة إلا من الرجل الصالح الثقة (الثاني) في نوازل النكاح من المعيار (سئل) أبو صالح عن المرأة إذا لم يكن لها ثديان هل ترد بذلك في النكاح أم لا (فأجاب) نعم ترد به اهـ. وقول الناظم ما لم يزل عذرتها نكاح الخ فيزول بضم أوله من أزال الرباعي وعذرتها بضم العين مفعول به مقدم ونكاح فاعل مؤخر ثم قال
(والقول قول الزوج قبل الابتنا
…
في قدم العيب الذي تبينا)
(والقول بعد في الحدوث قول الأب
…
والزوج إذ ذاك بيانه وجب)
(كذا برد ذي انتساب ألفيا
…
لغية أو مسترقًا قضيا)
يعني أن من تزوج امرأة فوجد بها عيبًا من العيوب التي يقع بها الرد واختلفت مع الزوج فادعى الزوج أن العيب قديم يوجب له الخيار وادعت الزوجة أنه حادث ليكون مصيبة نزلت بالزوج فإن كان اختلافهما قبل البناء فالقول قول الزوج في قدمه مع يمينه إلا أن تأتي الزوجة أو وليها ببينة على حدوثه وإن كان بعد البناء فالقول قول الزوجة أو وليها في حدوثه وحلفت هي أو أبوها إن كانت سفيهة إلا أن يأتي الزوج ببينة أنه قديم. وقوله كذا برد ذي انتساب البيت يعني أنه كما يقضى للزوجة بأن عيبها المتنازع فيه كان بعد البناء يقضى لها أيضًا برد الزوج الذي تزوجته على أنه ذو نسب فوجدته ابن زنى لا نسب له وهو معنى قوله لغية أو تزوجته حرة على أنه
حر فوجدته عبدًا كله أو بعضه أو الإمضاء في المسألتين وكذلك عكسهما بأن تزوج رجل امرأة على أنها ذات نسب فوجدها بنت زنى أو تزوج امرأة على أنها حرة فوجدها أمة كلها أو بعضها وله الخيار في الوجهين وولد المغرور قبل علمه حر. ومفهومه أن لو كان ذلك بلا شرط فلا رد وهو كذلك والعرف شرط. وقوله لغية بفتح الغين وكسرها جار ومجرور متعلق بمحذوف مفعول ثان لألفيا تقديره منسوبًا لغية أي لزنية بلام الجر وكسر الزاي ومعناه ابن زنى كما مر ويجوز تعليق لغية بألفيا وقوله مسترقًا بالنصب عطف على محل لغية وقضيا فيه ضمير مجرور نائب فاعل يعود على الزوجة أي قضى لها وألف تبينا وألفيا وقضيا للإطلاق (تتميم) في بيان حكم الصداق بعد الرد بالعيب وحاصله أن الزوج البالغ إن دخل بزوجته المطيقة للوطء ثم ظهر بها عيب تر به بلا شرط ولم يحصل منه ما يوجب الرضى بالعيب وطلقها بعد الرفع للقاضي كما مر وجب عليه أن يدفع لها جميع ما سماه لها لأنها استحقته بالدخول ولو كان الزوج عنينًا أو مجبوبًا على طريقة ابن الحاجب قائلًا لأن الذي وقع العقد لأجله قد حصل واقتصر عليه صاحب المختصر خلافًا لابن عرفة حيث قصر الكلام على من يتأتى منه الوطء الكامل كالأبرص لا من كان ذكره صغيرًا جدًا أو لا ذكر له وإذا دفع الزوج لها صداقها رجع به على أبيها أو ابنها أو أخيها وكل من غرم من هؤلاء الصداق لا يرجع على الزوجة بشيء منه وتفوز بما قبضته حيث لم تحضر العقد فإن حضرت مجلس العقد رجع الزوج على الولي أو عليها ثم يرجع الولي عليها إن أخذه الزوج منه لا العكس وإن علم السالم بعيب الآخر قبل الدخول وفارق فإنه لا شيء للزوجة من الصداق لأن العيب إن كان بها في غارة وإن كان بالزوج فالفراق جاء من قبلها وسواء كان العيب يوجب الرد مطلقًا أو بمقتضى الشرط. وأن زوجها ولي بعيد كابن العم ممن يخفى عليه أمرها ودخل بها الزوج غير عالم بعيبها ثم فارقها بسبب العيب فلا رجوع للزوج عليه بشيء مما أخذته الزوجة من الصداق وإنما يرجع الزوج عليها بجميعه بحيث لا يكون لها منه إلا ربع دينار.