المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

بين الألفاظ الموضوعة للأيمان إما شرعًا أو عرفًا فمدلولها إذًا - توضيح الأحكام شرح تحفة الحكام - جـ ٢

[عثمان بن المكي التوزري]

الفصل: بين الألفاظ الموضوعة للأيمان إما شرعًا أو عرفًا فمدلولها إذًا

بين الألفاظ الموضوعة للأيمان إما شرعًا أو عرفًا فمدلولها إذًا إنما هو اللفظ لا المعنى ومقتضى هذا أن لا يلزم الحالف بها شيئًا وقد أجمع الناس على أن الحالف بالحادث لا تلزمه كفارة ويعزى هذا للشافعي رحمه الله تعالى وأما ملك رحمه الله تعالى فلم يحك عنه فيها شيء اهـ (فائدة مهمة) قال الشيخ أحمد بابا ويعرف بالسوداني قال الإمام الشاطبي لقيت يومًا بعض أصحابنا الأستاذ شيخنا المشاور أبا سعيد بن لب أكرمه الله فقال أردت أن أطلعكم على بعض مستنداتي في الفتوى الفلانية وما شاكلها ووجه قصدي للتخفيف فيها وكان أطلعنا على جواب بخطه من سؤال أفتى فيه بمراعاة اللفظ والميل إلى جانبه فنازعناه فيه وان‌

‌فصل

المجلس على المنازعة فأرانا مسائل النهاية وأحكام ابن الفرس وغيرهما وبسط لنا ما يقتضي الاعتماد على لفظ الحالف وإن كان فيه خلاف ما لنيته بناء على قول من يقول به من أهل المذهب وغيرهم وقال أردت أن أنبهكم على قاعدة في الفتوى نافعة جدًا ومعلومة من سند العلماء وأنهم كانوا ما يشددون على السائل في الواقع إن جاء مستفتيًا قال الشاطبي وكنت قبل هذا المجلس تترادف علي وجوه الإشكالات في أقوال مالك وأصحابه فبعد ذلك المجلس شرح الله بنور ذلك الكلام صدري فارتفعت ظلمات تلك الإشكالات دفعة واحدة لله الحمد وجزاه الله عني خيرًا وجميع معلمينا اهـ. وقول الناظم باللازمة الباء صلة لما قبلها لا للقسم كما قررنا به كلامه لا لصيغة اليمين كما توهمه بعض الطلبة والله سبحانه وتعالى أعلم ثم قال

(فصل)

أي هذا فصل في مسائل من الطلاق وتوابعه وقوله

(وموقع الطلاق دون نيه

بطلقة يفارق الزوجيه)

(وقيل بل يلزمه أقصاه

والأول الظهر لا سواه)

يعني أن من قال لزوجته أنت طالق مثلًا ولم ينو به واحدة ولا أكثر فقيل يلزمه طلقة

ص: 144

واحدة لأنها محققة ويطرح المشكوك فيه لأنه كالعدم وقيل يلزمه الثلاث احتياطًا قال الناظم والأول الأظهر لا سواه لأن من يحتاط في الحرام يلزمه أن يحتاط في الحلال فكيف يحرمها على أحد ويحلها لآخر بالشك فلهذا كان القول الأول هو الأظهر والله تعالى أعلم وحيث كانت واحدة فهي رجعية إن توفرت فيها شروط الطلاق الرجعي ولو كان المطلق يجهل الطلاق الرجعي على التحقيق كما في حاشية الشيخ المهدي وأجوبته الصغرى فشد يدك عليه ثم شرع يتكلم على حكم من تزوج امرأة والتزم لها بأمور بعد العقد أو اشترطت عليه ثم طلقها وسقط ذلك عنه بزوال العصمة ثم راجعها هل يعود ذلك عليه فقال

(وما امرؤ لزوجة يلتزم

مما زمان عصمة يستلزم)

(فذا إذا دون الثلاث طلقا

زال وإن راجع عاد مطلقا)

(مثل حضانة والإنفاق على

أولادها ومثل شرط جعلا)

يعني أن من تزوج امرأة والتزم لها بعقد نكاحها بشيء من شأنه أن يستلزم زمان العصمة ككفالة ولدها الربيب والإنفاق عليه أو اشترطت عليه في العقد بأن لا يخرجها من دارها أو بلدها أو لا يتزوج عليها ونحو ذلك من الشروط التي لا تؤثر في العقد كما تقدم وإن فعل شيئًا من ذلك فأمرها بيدها فإذا طلقها دون الثلاث ثم راجعها عاد عليه ما التزمه أو اشترط عليه عودًا مطلقًا سواء اشترطت عليه عودة ثانيًا أو التزمه أم لا أما إذا طلقها ثلاثًا الذي هو مفهوم دون الثلاث ثم راجعها بعد زوج لم يعد عليه شيء من ذلك لأنها صارت كأجنبية إلا بالتزام أو شرط جديد. وقوله وما امرؤ ما اسم موصول بمعنى الذي واقع على الشيء الملتزم أو المشترط عليه مبتدأ وجملة يلتزم امرؤ المقدر صلته والعائد محذوف تقديره يلتزمه لزوجته وقوله مما الجار والمجرور بيان لما وزمان منصوب بيستلزم وجملة يستلزم زمان عصمة صلة ما المجرورة والعائد محذوف أيضًا أي يستلزم بها في زمن العصمة وجملة فذا الخ خبر وقرن بالفاء لما في المبتدأ من

ص: 145

معنى الشرط وقوله مثل بالرفع في الموضعين الأول خبر لمبتدأ محذوف والثاني معطوف عليه ويجوز نصبه على الحال والأولى أن يكون مثل حضانة ملاصقًا لقوله وما امرؤ البيت لأنه تمثيل له (تنبيه) ليس للزوجة أن تسقط عن الزوج ما التزمه من النفقة ونحوها على أولادها حيث عادت أو في زمن العصمة ولا ينفعه إسقاطها إن وقع وكذا لو كان الشرط طلاق من يتزوجها لأنه حق لله تعالى فلا يجوز إسقاطه وقوله

(كذا جرى العمل في التمتع

فإنه يرجع بالرجوع)

(وشيخنا أبو سعيد فرقا

بينهما ردًا على من سبقا)

(وقال قد قاس قياسًا فاسدًا

من جعل البابين بابًا واحدًا)

(لأنه حق له قد أسقطه

فلا يعود دون أن يشترطه)

(وذاك لم يسقطه مستوجبهو

فعاد عند ما بدا موجبهو)

(والأظهر العود كمن تختلع

فكل ما تتركه مرتجع)

الأبيات الستة يعني أن العمل جرى بأن الزوجة إذا أمتعت زوجها بعد عقد النكاح دارها مثلًا مدة معينة كما مر ثم طلقها دون الثلاث سقط الإمتاع فإذا راجعها رجع الإمتاع إلا إذا طلقها ثلاثًا ثم راجعها بعد زوج فإن الإمتاع لا يرجع إليه إلا بعقد جديد لأنه صار كأجنبي وحينئذ فلا فرق بين ما التزمه الزوج وبين ما التزمته الزوجة فإن كلًا منهما يسقط بالطلاق ويعود بالمراجعة أو لا يعود إذا طلق ثلاثًا فهما من باب واحد هكذا قاله الجزيري في المقصد المحمود وعلى قوله درج الناظم ثم أخبر أن شيخه أبا سعيد بن لب خالف الجزيري وفرق بين المسألتين وقال أن من قاس مسألة الإمتاع على مسألة التزام الزوج فقياسه فاسد لأن في مسألة الإمتاع الحق للزوج وقد أسقطه باختياره الطلاق لأنه بيده فلا يعود إليه بالمراجعة إلا بإمتاع ثان وأما ما التزمه الزوج لزوجته من الشروط والإنفاق على أولادها فإن الحق فيه للزوجة أو لبنيها وهم لم يسقطوا

ص: 146