الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في الرجعة. ومفهوم قوله فاء في العدة أنه إذا ارتجع في العدة بدون فيئة بوطء ولا تكفير فإن رجعته لا تصح وهو كذلك قال صاحب المختصر وتتم رجعته إن انحل (تنبيه) إنما يكون طلاق المولي رجعيًا إن وقع الدخول بها أو ثبت وطؤها قبل البناء ولم تبلغ الثلاث وإلا فلا رجعة كما في ابن الحاجب وغيره. وقول الناظم أصدرا ضميره يعود عل الحاكم وألفه للإطلاق كألف كفرا بتشديد الفاء وضمير فاء عائد على من الأولى الواقعة على المولي وفي العدة متعلق به وضمير كفر يعود على من الثانية الواقعة على المظاهر ومتعلقه محذوف أي في العدة دل عليه المذكور ثم قال
(فصل في اللعان)
أي هذا فصل في بيان مسائل اللعان (اعلم) أن مباحث هذا الفصل التي يكون الكلام فيها خمسة (الأول) في بيان معنى اللعان لغة واصطلاحًا (الثاني) في مشروعيته (الثالث) في حكمته (الرابع) في حكمه (الخامس) في أركانه وأسبابه وشروطه وموانعه (فأما) معناه لغة فهو الإبعاد يقال لعنه الله إذا أبعده. وفي المصباح لعنه لعنًا من باب نفع طرده وأبعده أو سبه فهو لعين وملعون ولعن نفسه إذا قال ابتداء عليه لعنة الله والفاعل لعان قال الزمخشري والشجرة الملعونة هي كل من ذاقها كرهها ولعنها وقال الواحدي والعرب تقول لكل طعام ضار ملعون ولاعنه ملاعنة ولعانًا وتلاعنوا لعن كل واحد الآخر والملعنة بفتح الميم والعين موضع لعن الناس لما يؤذيهم هناك كقارعة الطريق ومتحدثهم والجمع الملاعن ولاعن الرجل زوجته قذفها بالفجور وقال ابن دريد كلمة إسلامية في لغة فصيحة اهـ وهو مشتق من اللعنة التي في خامسة يمين الزوج ولم يسم بالغضب الذي في خامسة يمين الزوجة تغليبًا للمذكر على المؤنث على مقتضى القاعدة ولن الرجل سابق وسبب في لعانها وجانبه أقوى من جانبها لأنه قادر على الائتلاف بالترك لأن العصمة بيده دونها. واصطلاحًا عرفه الإمام ابن عرفة بقوله هو حلف الزوج على زنى زوجته أو نفي حملها اللازم
له وحلفها على تكذيبه إن أوجب نكولها حدها بحكم قاض اهـ (فقوله) الزوج الشامل للحر والعبد احترز به من السيد سواء حرًا أو عبدًا فإنه لا لعان عليه إذا نفى حمل أمته أو أم ولده وهو مصدق بلا يمين ويكن في معنى الزوج من وطئ امرأة اشتبهت عليه بزوجته ولا زوج لها فتأتي بحمل لستة أشهر فأكثر فتدعي أنه منه وينفيه بلعان وأما لرؤية الزنى فلا يتصور (وقوله) على زنى زوجته الخ سواء كان النكاح صحيحًا أو فاسدًا احترز به من رميها بمقدمات الجماع فإنه لا لعان فيه (وقوله) أو نفي حملها زاده ليدخل فيه ما إذا نفى الولد قال شارحه وهذه الصورة هي المقصودة في اللعان كما في التوضيح (وقوله) اللازم احترز به مما لو أتت به لأقل من ستة أشهر من يوم العقد فإنه منتف عنه من غير لعان (وقوله) إن أوجب نكولها حدها احترز بهما لو ثبت غصبها ونفي الولد فيلاعن فيه هو وحده دون الزوجة ولا حد عليها إن نكلت) وقوله) بحكم قاض احترز به مما لو تلاعنا بدون الزوجة ولا حد عليها إن نكلت (وقوله) بحكم قاض احترز به مما لو تلاعنا بدون حكم فهو كالعدم ولا ينبني عليه حكم من الحكام الآتية وكذا يحترز به مما لو سكت عند الوضع ثم أراد أن ينفيه بلعان فلا يقبل منه كما يأتي في الموانع أو حلف كل واحد منهما يمينًا واحدة فإنه لا يكون لعانًا إذ لا يحكم به القاضي لنقصانه (وأما) مشروعيته فهي ثابتة بالكتاب والسنة والإجماع (أما) الكتاب فهو قول الله تعالى: {والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم فشهادة احدهم أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين * والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين* ويدرأ عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين} . وأما السنة فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم حكم بلعان عويمر العجلاني وزوجته وهلال بن أمية أيضًا فقد رمى الأول زوجته بأنه رآها مع رجل والثاني قذف امرأته برجل. وأما الإجماع فقد حكاه الفكهاني وغيره. وأما حكمته فلحفظ الحقوق والأنساب. وأما حكمه فقد يكون واجبًا لضرورة دفع النسب إذا كان عالمًا أنه ليس منه لأن ترك اللعان فيه مفسدة عظيمة إذ لا يجوز لأحد أن يستلحق بنسبه
من ليس منه قال الله تعالى: {ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله} الآية ولا ضرورة تدعوه لترك اللعان إذا كان صادقًا كما قاله أبو الحسن وقال ابن عرفة إن كان لنفي نسب وجب وإلا فالأولى تركه بترك سببه فإن وقع صدقًا وجب لدفع معرة القذف اهـ (فقوله) بترك سببه الخ سبب اللعان هو الرمي والقذف بالزنى وتركه بأن يسكت عما رآه فإن لم يترك القذف وكان صادقًا فيه وجب عليه اللعان لدفع المعرة التي تحصل له بالقذف لأنه إذا امتنع من الالتعان مع القذف حد والحد معرة. وأما أركانه فالزوج والزوجة. وأسبابه رؤية الزنى أو نفي الحمل. وشروطه الإسلام والبلوغ والعقل ودعوى الاستبراء أو عدم الوطء في نفي الحمل. وموانعه السكوت أو الوطء بعد العلم وستمر بك مفصلة إن شاء الله تعالى وبدأ الناظم بالأركان والأسباب وبعض الشروط فقال
(وإنما للزوج أن يلتعنا
…
لنفي حمل أو لرؤية الزنى)
(مع ادعائه للاستبراء
…
وحيضة بينة الإجزاء)
يعني أن اللعان لا يكون إلا للزوجين ولو فسد نكاحهما أو نكاح شبهة كما مر أو كانا فاسقين أو رقيقين بشرط إسلام الزوج وتكليفه ولو عنينًا أو هرمًا أو مقطوع الذكر أو الاثنين أو ذاهب البيضة اليسرى أو مجبوبًا لكن في الرؤية والقذف وأما في نفي الحمل فلا لعان على المجبوب ولا على الخصي بقسميه بل ينتفي عليه حملها الذي ادعت به عليه بغير لعان كحمل زوجة الصبي. ويشترط في الزوجة أن تكون مطيقة للوطء ولو كتابية أو غير مدخول بها أو لم تكن في العصمة بان فارقها فالبالغ تلاعن كالزوج والمطيقة يلاعن زوجها دونها وغير المطيقة لا لعان على واحد منهما ولا حد على الزوج لعدم لحوق المعرة لها. وسبب اللعان بين الزوجين أمران أحدهما نفي حمل ظهر بها أو ولد ولو ميتًا أو متعددًا (ثانيهما) رؤية الزنى ولو لم يقل رأيت فرج الزاني في فرجها كالمردود في المكحلة بل يكفي أن يقول رأيتها تزني أو تحققت
زناها لأن الرؤية ليست بقيد بل يكفي التيقن ولو من البصير فلو قال الناظم أو تيقن الزنى لكان أشمل فإن الأعمى يلاعن حتى في دعوى الزنى حيث تيقنه بجس أو بحس على المشهور خلافًا لظاهر النظم لأنه يوهم قصره على البصير من تعبيره بالرؤية. وإنما يلتعن في نفي الحمل إذا ادعى الاستبراء بالوضع أو بالمدة أو بالحيض ولو مرة فإنها تجزئ أو ادعى عدم الوطء بالكلية لا مع عدمها فلا لعان ويحد للقذف كما لا يلتعن عند وجود الموانع الآتية عند قول الناظم وساكت والحمل حمل بين البيت وقوله يلتعنا ألفه للإطلاق ومع ادعائه متعلق به. وقوله وحيضة بينة الإجزاء مبتدأ وخبر والإجزاء بكسر الهمزة مضاف إليه من أجزأ. وقوله
(ويسجن القاذف حتى يلتعن
…
وإن أبى فالحد حكم يقترن)
يعني أن من رمى زوجته بالزنى أو نفى حملها اللازم له فإنه يلاعن إذا كذبته في ذلك فإن امتنع من اللعان سجن حتى يلتعن فإن أبى حكم عليه بحد القذف. وقوله فالحد الفاء رابطة لجواب الشرط والحد مبتدأ وحكم خبره وجملة يقترن صفة لحكم ومتعلقه محذوف أي بامتناعه وقوله
(وما بحمل بثبوته يقع
…
وقد أتى لمالك حتى تضع)
يعني أن اللعان إذا كان بسبب نفي حمل فإنه يقع بثبوته ثبوتًا ظاهرًا بشهادة امرأتين عارفتين هذا هو المشهور وروي عن مالك تأخير اللعان إلى وضع الحمل خوف انفشاش على ما اعتقد أنه حمل بعد اللعان. وقوله وما بحمل الخ فما اسم موصول مبتدأ واقع على اللعان وبحمل متعلق بمحذوف تقديره وجب والباء سببية والجملة صلة ما. وقوله بثبوته متعلق بيقع وجملة يقع خبرًا لمبتدأ وقوله
(ويبدأ الزوج بالالتعان
…
لدفع حد أربع الأيمان)
(إثباتًا أو نفيًا على ما وجبا
…
مخمسًا بلعنة إن كذبا)
(وتحلف الزوجة بعد أربعا
…
لتدرأ الحد بنفي ما ادعى)
(تخميسها بغضب إن صدقا
…
ثم إذا تم اللعان افترقا)
(ويسقط الحد وينتفي الولد
…
ويحرم العود إلى طول الأمد)
(والفسخ من بعد اللعان ماض
…
دون طلاق وبحكم القاضي)
الأبيات الستة تضمنت كيفية اللعان التي يحكم بها القاضي بين الزوجين هو أن يبدأ الزوج باللعان لدفع حد القذف عنه إن كانت الزوجة حرة مسلمة أو الأدب إن كانت أمة أو كتابية فيحلف الأربع الأيمان المذكورة في قول الله تعالى: {فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله} الآية المتقدمة على الصيغة الواجبة شرعًا إثباتًا في الزنى فيقول أشهد بالله لرأيتها تزني أو تيقنتها تزني أو نفيًا في الحمل فيقول أشهد بالله ما هذا الحمل مني ولا بد من لفظ أشهد على ما جاء في الصيغة مخمسًا باللعنة فيقول لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين ثم تحلف الزوجة على نفي دعواه ليرتفع عنها الحد بعد أن تخوف أن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة أربع أيمان نفيًا في الزنى تقول في كل واحدة أشهد بالله ما رآني أزني أو ما زنيت أو إثباتًا في الحمل تقول في الحمل أشهد بالله أنه هذا الحمل منه وتخمس بالغضب فتقول غضب الله عليها إن كان من الصادقين فإن بدأت قبله أعادت على القول الراجح فإذا تم اللعان منهما على الكيفية الواردة شرعًا افترقا من غير احتياج إلى حكم حاكم على المشهور ويسقط الحد وينتفي الولد عن الزوج ويحرم عودها إليه أبدًا وتستحق مهرها ففي الصحيحين وغيرهما من حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للمتلاعنين حسابكما على الله أحدكما كاذب لا سبيل لك عليها قال يا رسول الله مالي قال لا مال لك إن كنت صدقت عليها فهو بما استحللت من فرجها وإن كذبت عليها فذاك أبعد وأبعد لك منها قال بعض الشيوخ ففي الحديث دلالة على ثبوت مهر الملاعنة بالدخول
وهذا مجمع عليه كذا في النفراوي. وحاصل ما ينبني على اللعان ثلاثة أحكام من جهة الزوج وهي درأ الحد عنه ونفي الولد وإيجاب حد المرأة إن لم تلاعن وثلاثة أحكام أيضًا من جهة الزوجة وهي وقوع الفسخ بلا طلاق وسقوط الحد عنها وتأبيد التحريم. وقول الناظم وبحكم القاضي معطوف على دون والباء بمعنى مع والتقدير أن فرقة المتلاعنين هو فسخ بلا طلاق لكن لا تقع الفرقة حتى يحكم بها القاضي وما ذكره من توقف الفرقة على حكم القاضي شاذ لا يعول عليه والمشهور ما تقدم من أن النكاح يفسخ بينهما بمجرد تمام اللعان من غير طلاق ولا احتياج إلى حكم القاضي والله أعلم (فرع مرتب) وهو إن نكلت الزوجة بعد حلف الزوج رجمت بالحجارة إلى أن تموت إن كانت حرة محصنة بفتح الصاد بوطء تقدم من هذا الزوج الملاعن أو من زوج غيره في نكاح صحيح لازم وحصل فيه وطء مباح بانتشار ذكر المسلم المكلف فإن لم تكن محصنة جلدت مائة جلدة حيث كانت حرة مسلمة مكلفة فإن كانت أمة حدت نصف الحد خمسين جلدة وإن كانت كتابية أدبت باجتهاد الحاكم لأنها آذت زوجها وردت لحكام ديانتها بعد تأديبها لاحتمال استحقاقها الحد عندهم بنكولها وإن نكل الزوج حد لقذفها ثمانين جلدة حيث كان حرًا مكلفًا وكانت الزوجة حرة عفيفة ولحق به الولد لن الولد للفراش لا ينتفي إلا بلعان فإن كان الزوج صبيًا والزوجة بالغة فإن رماها بالزنى فلا لعان وعليها الحد. وإن كان بالغًا وهي صغيرة فإن لم تطق الوطء فلا حد ولا لعان أيضًا وإن كانت مطيقة للوطء التعن دونها كما مر فإن كان الزوج عبدًا مكلفًا والزوجة حرة مكلفة تلاعنا فإن نكل حد نصف حد الحر للقذف فإن كانت كتابية أو أمة فلا حد عليه كذا في الفواكه الدواني على رسالة الشيخ ابن أبي زيد القيرواني للعلامة النفراوي. وقوله
(ومكذب لنفسه بعد التحق
…
ولده وحد والتحريم حق)
(وراجع قبل التمام منهما
…
يحد والنكاح لن ينفصما)
يعني أن من لاعن زوجته وبعد تمام اللعان منهما أكذب نفسه فإن الولد يلحق به ويحد حد القذف إن كانت الزوجة حرة مسلمة عفيفة على نحو ما مر وأما التحريم فإنه أمر واجب قد مضى فلا ترجع له أبدًا. وإن أكذب نفسه قبل تمام اللعان فإنه يحد كذلك ونكاحهما باق على حاله لم ينفسخ هذا معنى قوله والنكاح لن ينفصما أي لا ينقطع. وقوله ومكذب نفسه الخ مبتدأ وجملة التحق ولده من الفعل ولفاعل خبره والعائد محذوف تقديره به وبعد مبني على الضم (ثم) شرع في بيان موانع اللعان التي تقدمت الإشارة إليها فقال
(وساكت والحمل حمل بين
…
يحد مطلقًا ولا يلتعن)
(ومثله الواطئ بعد الرؤية
…
ويلحق الولد حد الفرية)
يعني أن الزوج المكلف المسلم إذا رأى حملًا بينًا بزوجته وسكت ثم أراد نفيه بلعان فإنه لا يقبل منه ولا يلتعن في ذلك ويلحق به الولد ويحد حد القذف المعبر عنه بالفرية ومعناها الكذبة وسواء كان سكوته كثيرًا وهو ظاهر أو قليلًا كاليوم واليومين وعلى ذلك نبه بالإطلاق فهو راجع لقوله وساكت. ومثله في عدم قبول قوله الذي رأى زوجته تزني فوطئها ثم أراد أن يلاعن فإنه لا يلتعن ويحد فتحصل من كلامه أن الحمل يمنع من اللعان فيه أحد أمرين إما السكوت أو الوطء وأما الرؤية فلا يمنع اللعان فيها إلا الوطء خاصة لو طال سكوته فلا يضر. وقوله
(وإن تضع بعد اللعان لأقل
…
من ستة أشهر فالمهر بطل)
(وليس للتحريم من تأبيد
…
إذ النكاح كان كالمفقود)
يعني أن من تزوج امرأة ولم يدخل بها وظهر بها حمل قبل البناء فأنكره وادعت أنه منه ولاعن ثم وضعته لأقل من ستة أشهر من يوم العقد فإن المهر يبطل ولا شيء عليه