المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(فصل في مسائل من النكاح) - توضيح الأحكام شرح تحفة الحكام - جـ ٢

[عثمان بن المكي التوزري]

الفصل: ‌(فصل في مسائل من النكاح)

ذلك الصداق كله فيبقى البضع عاريًا عنه قاله المازري وإن كان ذلك لمدة محدودة بأجل منع أيضًا لأنها إجارة ونكاح والجمع بينهما ممنوع على المشهور فإن طاعت له بشيء من ذلك بعد العقد كما مر فلا بأس (تنبيه) قال التسولي إذا عثر على ذلك بعد البناء وطالت المدة فإنها ترجع عليه بقيمة ما استغل بعد أن ترد لمهر مثلها على أنه لا امتناع في نكاحها والغالب أن مهر المثل حينئذ أقل من المسمى يرتفع للإمتاع المذكور اهـ وقوله

(فصل في مسائل من النكاح)

أي هذا فصل في بيان مسائل متفرقة من لواحق النكاح وقوله

(والعبد والمرأة حيث وصيا

وعقدا على صبي أمضيا)

يعني أن العبد أو المرأة إذا وصي على صبي ذكر وكذا على سفيه وعقد له النكاح فإنه يمضي حيث كان نظرًا كما مر (ففي) طرر ابن عات وأما العبد والمرأة يزوجان بنيهما وبني من أوصي بهم إليهما الذكران اهـ ومفهوم قوله على صبي أن العبد والمرأة الوصيين على صبية لا يصح عقدهما عليها وهو كذلك بل يوكلان من توفرت فيه شروط الولاية يعقد عليها كما تقدم عند قوله والمرأة الوصي ليست تعقد. إلا بتقديم امرئ يعتمد. وقوله

(والأب لا يقضي اتساع حاله

تجهيزه لابنته من ماله)

يعني أن الأب إذا كان غنيًا وزوج ابنته البكر أو الثيب التي في حجره وتحت ولاية نظره لا يلزمه أن يجهزها بشيء زائد على صداقها من ماله وإنما يلزمه أن يجهزها بما قبضه عينًا من صداقها خاصة. وسيأتي أنه يستحب تجهيزها بمالها من غير الصداق فإن نازع الزوج في ذلك وطلب الزيادة وقال إنما بذلت ألفًا مثلًا ليجهزها أبوها بألف

ص: 54

أخرى من ماله وامتنع أبوها من ذلك فإن كان قبل البناء خير الزوج في تجهيزها بالصداق فقط أو يفارق ولا شيء عليه وإن كان بعد البناء حط عنه ما زاده لأجل الجهاز ويكون لها صداق المثل حيث لم تكن بينهم عادة في ذلك فإن اعتاد الناس الزيادة على الصداق فإنه يقال لأبي الزوجة إما أن تشورها بشورة أمثالها وإلا خير الزوج بين الرضى بدون زيادة وبين الحلف ويفسخ النكاح عن نفسه ولا شيء عليه إلا طلقة واحدة هذا كله في غير الرشيدة أما الرشيدة فحكمها في قوله

(وبسوى الصداق ليس يلزم

تجهز الثيب من يحكم)

يعني أن الثيب الرشيدة لا يلزمها القاضي أن تتجهز بأكثر من صداقها الذي قبضته عينًا حيث لم يكن عرف بالزيادة بل إنما تتجهز بصداقها فقط وسيأتي أن تجهيزها بغير صداقها حيث كانت غنية مستحب فإن كان صداقها غير عين بأن كان دارًا أو حيوانًا أو عرضًا فلا يلزمها بيعه والتجهز به خلافًا لما في المتيطة وحينئذ يجب على الزوج أن يأتيها بما تحتاج إليه من غطاء ووطاء وكسوة حيث لم تكن عادتهم أن الأب يأتي بمثل ذلك أو هي التي تأتي بلوازمها إن لم يكن لها أب وإلا فالحكم على ما جرت به العادة. وما درج عليه الناظم من كون الزوجة أو وليها يلزمها أن تتجهز بصداقها هو المشهور من قول مالك وأصحابه وقيل لا يلزمها ذلك لأن الصداق ثمن لما باع وللبائع أن يحبس الثمن لنفسه ولا مقال للمشتري فيه. وقيل أنها تمسك ربع دينار لئلا يخلو البضع عن عوض. وفي ابن راشد دليل المشهور ما روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ صداق فاطمة فصرفه في جهازها. وحيث وجب عليها التجهز بنقدها على المشهور فإنها تمنع أن تنفق منه إلا أن تكون محتاجة فتأكل منه وتكتسي بالمعروف ولا تقضي منه دينها وأضعافه وهو أصح كما في الفائق وبالأول العمل. وقوله وبسوى الصداق متعلق بتجهز بضم الهاء وهو بالنصب

ص: 55

مفعول يلزم بضم أوله من ألزم الرباعي ومن فاعل بيلزم مؤخر عن المفعول وجملة يحكم بضم أوله وفتح الكاف مشددة صلة من الموصولة الواقعة على القاضي الحاكم في النازلة لا محل لها من الإعراب وقوله

(وأشهر القولين أن تجهزا

له بكالئ لها قد حوزا)

يعني أن أجل الكالئ إذا حل على الزوج قبل البناء وقبضته قبل الدخول فأشهر القولين أن تتجهز به لزومًا لأنه صار من جملة النقد الذي يلزمها التجهز به والمشهور المقابل للأشهر لا يلزمها ذلك. وقوله تجهزا يجوز فيه فتح التاء والها وحذفت منه إحدى التاءين تخفيفًا ولإقامة الوزن إذ أصله تتجهز ويجوز فيه ضم التاء وكسر الهاء ومفعوله محذوف أي نفسها فالأول قاصر والثاني متعد وألفه على كل حال للإطلاق وقوله

(وللوصي ينبغي وللأب

تشويرها بمالها والثيب)

يعني أنه يستحب للأب وللوصي تشوير البكر بمالها غير الصداق لما لها في ذلك من الحظوة وزيادة الرفعة كما يستحب للثيب الرشيدة ذلك بخلاف السفيهة فإن حكمها حكم البكر كما مر. وقوله بمالها بكسر اللام وقوله والثيب بالجر عطف على وللوصي ثم قال

(وزائد في المهر بعد العقد لا

يسقط عمن زاده إن دخلا)

(ونصفه يحق بالطلاق

من قبل الابتناء كالصداق)

(وموته للمنع منه مقتضي

فإنه كهبة لم تقبضِ)

يعني أن من تزوج امرأة على صداق سماه لها ثم بعد تمام العقد زادها شيئًا من المال على المسمى فإن دخل بها لزمته تلك الزيادة كلها طلق أو لم يطلق مات أو لم يمت وإن طلقها قبل البناء لزمه نصفها مع نصف الصداق وإن مات أو فلس قبل البناء سقطت تلك الزيادة لأنها كهبة لم تقبض. وقال الأبهري القياس أن تجب لها بالموت

ص: 56

أن حكمها إن كان حكم المهر فتجب لها بالموت وإن كان حكمها حكم الهبة وجب أن لا يجب لها نصفها بالطلاق قبل الدخول لتأخير القبض ولما وجب لها نصفها بالطلاق دل على أن حكمها حكم الصداق وإنما هي كالهبة بعد البيع حكمها حكم الثمن اهـ وهو كلام حسن للغاية. وفهم من قول الناظم أن الزيادة التي زادها التزم بها في ذمته ولم يدفعها لها أو لوليها وإلا فهو قوله الآتي

وكل ما يرسله الزوج إلى

زوجته من الثياب والحلى

فإن يكن هدية سماها

فلا يسوغ أخذه إياها

فلو قدم الناظم تلك الأبيات الآتية هنا ليكون الكلام مرتبطًا بعضه ببعض لكان أولى. وقوله يحق بكسر الحاء وضمها من حق بمعنى ثبت ووجب ومن قبل الابتناء متعلق بالطلاق وللمنع متعلق بمقتضي وقوله

(وإن أتى الضمان في المهر على .... إطلاقه فالحمل صح مجملا)

يعني أن من زوج غيره كابنه أو أخيه أو خديمه أو صديقه وضمن عنه الصداق في نفس العقد ضمانًا مجملًا لم يبين فيه هل هو على الحمل فلا يرجع أو على الحمالة فيرجع كسائر أنواع الضمان فإنه يحمل على الحمل لا الحمالة وصح مع إجماله لأنه من المعروف وحينئذ فلا رجوع له بما أداه كما لو صرح بالحمل فإن صرح بالحمالة رجع عليه كما إذا ضمنه بعد العقد فالصور ست لأن الضمان إما في العقد أو بعده وفي كل واحد منهما إما أن يصرح بالحمل أو بالحمالة أو يبهم فإن صرح بالحمالة في العقد أو صرح بها أو أبهم بعده رجع وإن صرح بالحمل أو أبهم في العقد أو صرح به بعده لم يرجع فالرجوع في ثلاث وعدمه في ثلاث (قال) ابن راشد إذا حمل الصداق حامل أب أو أخ أو أجنبي لزمه ولا رجوع له به على الزوج لأن ذلك بمعنى الصلة وليس ذلك كحمالة الديون فإن مات الحامل قبل دفع الصداق فلا يخلو الحمل إما أن يكون في نفس العقد وقبل استقرار المهر في ذمة الزوج أو بعد العقد وبعد استقراره في ذمة الزوج فإن كان في نفس العقد وقبل استقرار المهر في ذمة الزوج فللزوجة أخذه

ص: 57

من تركته من رأس المال ولا يحاسب الورثة الزوج به إن كان وارثًا وتحاصص به الغرماء فإن لم يترك شيئًا فلا شيء لها على الزوج إلا أن يكون لم يدخل فلا يكون له سبيل عليها إلا بدفع صداقها. وإن كان الحمل بعد استقرار المهر في ذمة الزوج ففي بطلانه بالموت قولان لابن القاسم وابن الماجشون. وفي كتاب الحمالة إذا قال ما لك قبل فلان فأنا به كفيل فمات قائل ذلك قبل أن يؤخذ من ذمته فإنه يؤخذ من تركته وعلى قولها هنا يكون للزوجة أخذه من تركة الحامل إن خلف وفاء قال الشيخ أبو الحسن فإن لم يخلف وفاء وكان الحمل بغير رضاها فإنه يبقى على الزوج وإن كانت رضيت أن تتحول بحقها في ذمة الحامل لم يكن لها حبس نفسها وكان له أن يدخل بها إلا أن يكون الصداق مؤجلًا فلا يبرأ الزوج لأن الحوالة بما لا يحل أي من الديون الفاسدة (تنبيه) إذا كان الحامل حين الحمل مريضًا نظر فإن كان أجنبيًا أو قريبًا ممن لا يرثه الزوج ولا الزوجة نفذ الحمل من ثلثه وإن كان ممن يرثه أحدهما بطل إن كان الحامل أب الزوج قولًا واحدًا واختلف في النكاح فقال مالك لا يعجبني يريد ويفسخ وقال مرة هو جائز قال ابن القاسم وينظر له وصيه بعد موته فإن رآه غبطة له دفع عنه الصداق من ماله وإلا فسخه عنه ولو صح الأب ثبت النكاح والضمان ولو كان الابن كبيرًا فإن شاء ود الصداق وبنى على أهله وإن شاء فسخه (فرع) إذا وقع نزاع في الضمان فقال الحامل أبًا كان أو غيره إنما أردت الحمالة أو قال ذلك ورثته وقالت الزوجة أو المحمول عنه أردت الحمل ولم تذكر البينة تفسير ذلك فقيل هو على الحمل كما تقدم لأن العرف جار في ضمان الصدقات على الحمل حتى يشترط غيره وقيل على الحمالة حتى يشترط الحمل والصحيح الأول وهذا إنما يكون لعادة اقتضته وإلا فالأصل وحده الرجوع إذا دعاه الملتزم ويحلف أن اتهم على ذلك اهـ. وقول الناظم على إطلاقه متعلق بمحذوف حال من المهر ومجملًا اسم مفعول حال من الضمان وجملة فالحمل صح مجملًا جواب أن ولهذا قرن بالفاء ثم قال

ص: 58

(ونحلة ليس لها افتقار

إلى حيازة وذا المختار)

يعني أن ما يعطيه والد أحد الزوجين لولده من المال في عقد نكاحه وينعقد النكاح عليه يسمى نحلة بكسر النون وضمها وهي لازمة للناحل في ماله وذمته يؤخذ بها في حياته ومن تركته بعد موته ولا تفتقر إلى حيازة لأنها أشبهت البيع فلم تكن هبة محضة حتى تفتقر إلى حيازة. وقيل لا بد فيها من الحيازة والأول هو المشهور المعمول به وإليه أشار الناظم بقوله وذا المختار (فرع) لا شفعة في النحلة على ما به العمل لأنها لم تكن بيعًا محضًا (فائدة) عقود التبرعات النحلة التي ذكرها الناظم هنا والهبة والصدقة والحبس والعرية بفتح العين وكسر الراء وتشديد الياء وهي هبة الثمرة. والمنحة وهي هبة لبن الشاة. والهدية وهي معروفة. والإسكان وهو هبة منافع الدار مدة من الزمان كسنة. والعمرى وهي تمليك المنفعة مدة عمره. والعارية وهي تمليك منافع الدابة ونحوها بغير عوض. والإرفاق وهو إعطاء منافع العقار للجار ليغرز في جداره خشبة مثلًا أو طريق أو فضل ماء ليسقي زرعه. والعدة وهي إخبار عن إنشاء المخبر معروفًا في المستقبل. والإخدام وهو إعطاء منفعة خادم غلامًا كان أو جارية. والصلة وهو معروفة بين الأقارب. والحباء بالكسر والمد العطاء الذي يعطيه الزوج لولي الزوجة عند العقد أو قبله فهذه كلها من أنواع العطية وكلها تفتقر إلى حيازة ما عدى النحلة (قال) ابن سهل عقود التبرعات الصدقة والهبة والحبس والعمرى والإرفاق والصلة ومنه إقطاع الإمام والإخدام والإسكان والنحلة والعارية والهدية والمنحة والعرية والاعتلال والعطية والحبا والرهن وهو آكدها اهـ وقوله

(وينفذ المنحول للصغير مع

أخيه في الشياع إن موت وقع)

يعني أن من نحل ولده الكبير في عقد نكاحه ونحل معه ولده الصغير أملاكًا مشتركة بينهما ثم مات الأب قبل بلوغ الصبي نفذ لهما جميع ذلك وقيل تبطل حصة الصغير إن مات الناحل قبل حيازة الكبير لجميعها لأن حصة الصغير محض هبة والقول الأول هو المختار وبه الفتوى لأن عقد النكاح في بعضها كالحيازة في جميعها وقوله

ص: 59