المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

مكرهًا كما مر وأما فعل غيره كحلفه أن لا تبيت - توضيح الأحكام شرح تحفة الحكام - جـ ٢

[عثمان بن المكي التوزري]

الفصل: مكرهًا كما مر وأما فعل غيره كحلفه أن لا تبيت

مكرهًا كما مر وأما فعل غيره كحلفه أن لا تبيت زوجته مثلًا بموضع كذا ففيه قولان الحنث وعدمه كذا في الحطاب عن ابن عرفة وبالأول أفتى أبو الحسن وقال بعضهم إن قصدت تحنيثه فلا يحنث معاملة لها بنقيض مقصودها وإلا حنث وقوله لها جار ومجرور متعلق بملزم بكسر الزاي وضمير له عائد على الطلاق وقوله في الفعل متعلق بمكره بفتح الراء وفي بمعنى على (فرع) وفي نوازل الطلاق من المعيار سئل الشيخ العبدوسي عن رجل سألت منه زوجته أن يحرم لها ضرتها ويطلقها وشدت عليه في ذلك فاستحفظ على ذلك بشهوده بأن قال مهما طلق زوجته فلانة بأي طلاق كان أو حرمها بأي تحريم كان أو قال متى حلت حرمت فغير ملتزم لذلك وأنه مبطله فطلقها وحرمها وقال متى حلت حرمت عليه فهل ينفعه استرعاؤه في ذلك أم لا فأجاب أنه لا يلزمه تحريمها على الوجه المذكور لأجل استرعائه على الوجه المذكور وهي باقية في عصمته حيث لم يقصد تحريمها حال تحريمها لفظًا فإن قصده فلا ينفعه الاستحفاظ اهـ وقد تقدمت الإشارة إلى جواز الاسترعاء في الطلاق في باب الصلح وكررتها هنا لما فيها من زيادة البيان ثم قال

(فصل)

أي هذا فصل في بيان ذكر الخلاف الواقع بين العلماء في مسألة من حلف بأن قال الأيمان تلزمني هل يلزمه شيء في ذلك أم لا وإليه أشار الناظم بقوله

(وكل من يمينه باللازمه

له الثلاث في الأصح لازمه)

(وقيل بل واحدة رجعية

مع جهله وفقده للنية)

(وقيل بل بائنة وقيل بل

جميع الأيمان وما به عمل)

يعني أن من حلف بالأيمان اللازمة قائلًا في صيغتها الأيمان تلزمني لا أفعل كذا أو لا فعلت أو لأفعلن أو جميع الأيمان كلها أو أيمان المسلمين أو إن فعلت فجميع

ص: 141

الأيمان أو الأيمان اللازمة علي أو تلزمني فقد اختلف فيما يلزمه على أربعة أقوال على ما هنا (الأول) يلزمه الثلاث قال الناظم وهو أصحها وقال غيره وبه العمل (الثاني) تلزمه طلقة رجعية حيث كان جاهلًا ولم تكن له نية في يمين (الثالث) تلزمه طلقة بائنة (الرابع) تلزمه جميع الأيمان التي يقع الحلف بها من طلاق ن في عصمته وعتق من يملكه وصدقة بثلث ماله ومشي لحج وكفارة يمين وصوم سنة وكفارة ظهار قال الناظم وما به عمل مع أنه هو المشهور (قلت) نفي العمل به لا يستلزم نفي مشهوريته وإنما المشعر بنفي المشهورية حكايته بقيل مع تأخيره وعن ابن عبد البر أن عليه كفارة يمين بالله لا غير وعن أبي بكر الفهري وتلميذه القاضي ابن العربي والإمام عبد الرحمن السهيلي وابن علوان أن عليه ثلاث كفارات لكل يمين من الجمع كفارة ووجهه السهيلي بما يطول جلبه كما في نوازل المعيار ومحصله أن الطلاق لا يتناوله هذا اللفظ لأنه ليس بيمين حتى يدخل فيه وأن الحالف به ليس بمقسم إجماع أهل العربية في أبواب القسم لا يكون إلا بحروف القسم كالواو والباء والتاء فإذا قال قائل والطلاق لأفعلن كذا لكان هذا قسمًا لغة عربية لا شرعًا كالذي يقول والكعبة لأفعلن ونحو ذلك فإذا كان كذلك فهو مقسم وحالف ولكن لا يلزمه في حكم الشريعة شيء أي لأنه حلف بحادث فإن قال علي الطلاق إن فعلت كذا وكذا لزمه لا أنه من حيث أنه مقسم ولكن يسمى مطلقًا ربط طلاقه بشرط فإن وقع الشرط وقع الطلاق أو العتاق أو شيء من هذا ومن تورع أن يحل ما حرم الله فلم يتورع أن يحرم ما أحل الله اهـ قال الحطاب إطلاق اليمين على الطلاق والعتاق مجاز ألا ترى أن حروف القسم لا تدخل عليها وقال ابن الحاجب النذور والطلاق والعتق على صفة فيهن أي على حصول شرط تسمى يمينًا وهي في الحقيقة تعليق وفي التوضيح عند الكلام على لغو اليمين وكانت الحقيقة الشرعية في اليمين إنما هي الحلف بالله تعالى ولذلك تدخل عليه حروف القسم وأما الطلاق والعتق والصدقة فليست يمينًا شرعًا وإنما هي التزامات ولذلك لا تدخل عليها

ص: 142

حروف القسم وكان الحلف بذلك ممنوعًا اهـ إذا تقرر هذا علمت حكم ما تحلف به عامة الناس اليوم وهو قولهم بالحرام أو باللازمة لا يفعل كذا أو ليفعلن كذا فإنه من باب أولى غي عدم اللزوم لأن الحرام مقيس على الطلاق عند من قال بلزوم الطلاق بلفظ الحرام إنشاءً أو تعليقًا أو التزامًا نحو زوجته حرام أو إن دخلت الدار مثلًا فزوجتي حرام أو عليه الحرام لا يفعل كذا أو ليفعلن كذا وحينئذ لم يبق للحالف به إلا النية والحلف بالنية لا ينعقد كما في الزرقاني والمعيار وغيرهما على أن كل كلام له حكم في نفسه لا يصح أن يضمر به غيره كما تقدم في الظهار هذا على تقدير أن الحالف بتلك الصيغة يقصد بها التعليق وأما على تقدير عدم قصده لأن العامة لا تعرف التعليق على التحقيق كما في المعيار نقلًا عن التونسيين قاطبة فيمن قيل له تزوج فلانة فقال هي حرام فإذا تزوجها فإنها لا تحرم عليه وقيل تحرم عليه على تقدير إن تزوجتها فهي حرام وهنا أن العامة يحلفون بلفظ الحرام ويعتقدون الحنث عند فعل المحلوف على تركه فيلزمهم الطلاق كالحلف بالله تعالى فتلزمه الكفارة عند الحنث كما هو الظاهر ويحلف به من كانت له زوجة ومن لم تكن له زوجة فهو إما عابث أو حالف بحادث فيلزمه الاستغفار لا غير والله تعالى أعلم فمن الواجب على الفقيه إذا سئل عن مسألة في باب اليمين مثلًا أن يسأل الحالف عن صيغة يمينه فلربما يعتقد الحالف أنها يمين شرعية مع أنها في الواقع ليست شرعية فإذا كانت شرعية يسأله هل لها سبب أم لا وإذا تسببت عن شيء هل زال السبب الذي حمله عن اليمين أم لا وهل عنده نية إذا احتاج المقام إليها أم لا وهل عندهم عرف يحملون عليه إذا فقدت النية أم لا فإن حالة المفتي مع المستفتي كحالة الطبيب مع المريض في السؤال عن أحواله نسأل الله سبحانه وتعالى أن يلهمنا الصواب وعن الأبهري لا يلزمه إلا الاستغفار لأنه حلف يمينًا وهي الأيمان تلزمني غير شرعية وبقوله أفتى الإمام ابن سراج وقبله القاضي الحميدي وابن السراج وقالا من قلد هذا فه مخلص (قلت) ووجه هذا القول والله أعلم هو ما قاله ابن راشد في الفائق أن أيمان جمع يمين ولفظ يمين موضوع للقدر المشترك

ص: 143