المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌(فصل) لما فرغ الناظم من الكلام على اختلاف الزوجين وتنازعهما بعد - توضيح الأحكام شرح تحفة الحكام - جـ ٢

[عثمان بن المكي التوزري]

الفصل: ‌ ‌(فصل) لما فرغ الناظم من الكلام على اختلاف الزوجين وتنازعهما بعد

(فصل)

لما فرغ الناظم من الكلام على اختلاف الزوجين وتنازعهما بعد الطلاق في المسيس والكسوة شرع يتكلم على تنازعهما في انقضاء العدة وعدم انقضائها فقال

(ومن يطلق طلقة رجعيه

ثم أراد العود للزوجيه)

(فالقول للزوجة واليمين

على انقضاء عدة تبين)

(ثم له ارتجاعها حيث الكذب

مستوضح من الزمان المقترب)

(وما ادعت من ذلك المطلقه

بالسقط فهي أبدًا مصدقه)

يعني أن من طلق زوجته طلاقًا رجعيًا ثم أراد رجعتها فادعت انقضاء عدتها وأنها بانت منه وكذبها الزوج في دعواها وكانت عدتها بالأقراء وعلم زمن الطلاق فإن القول قولها في انقضائها مع يمينها حيث ادعت انقضاء العدة فيما يمكن غالبًا فإن أمكن نادرًا كشهر سئل النساء فإن قرب ما بين الطلاق والرجعة جدًا بحيث لا يمكن انقضاء مدة الأقراء فيه عادة كأقل من شهر وتبين كذبها فله مراجعتها وما ذكره الناظم من اليمين ليس عليه عمل ولا بمشهور والذي عليه العمل أنها تصدق في خمسة وأربعين يومًا بدون يمين بالنسبة إلى انقطاع الرجعة وأما بالنسبة إلى التزوج بغيره فلا تصدق في أقل من ثلاثة أشهر على القول المعمول به. وقد وقع الحكم عندنا بتونس بعدم فسخ نكاح امرأة تزوجت بعد سبعين يومًا بدعوى انقضاء عدتها بالأقراء نظيرًا لمن يقول تصدق في ذلك. وإن كانت عدتها بالأشهر وادعت انقضاء عدتها وخالفها زوجها في ذلك فالحكم أن كلًا منهما مطلوب بالبينة لأنه مكلف بإحصائها قال القاضي أبو بكر بن العربي عند قول الله تعالى: {وأحصوا العدة} أن الخطاب راجع إلى الأزواج ولكن الزوجات داخلة فيه بالإلحاق بالزوج لأن الزوج يحصي ليراجع وينفق أو يقطع

ص: 150

وليسكن أو يخرج ويلحق نسبه أو يقطع وهذه كلها أمور مشتركة بينه وبين المرأة وتنفرد المرأة دونه بغير ذلك وكذلك الحاكم يفتقر إلى الإحصاء إلى العدة للفتوى عليها وفصل الخصومة عند المنازعة فيها وهذه فوائد الإحصاء المأمور به اهـ. وإن كانت عدتها بوضع حملها وادعت ولادة سقط كان القول قولها ولو بقرب الطلاق هذا معنى قوله أبدًا مصدقة وقوله من ذاك الإشارة راجعة إلى انقضاء العدة وقوله واليمين مبتدأ وجملة تبين بضم التاء خبره ومتعلق تبين محذوف تقديره عصمتها أي تقطع عصمتها من الزوج اليمين وقد علمت أن القول باليمين ليس عليه عمل (فرع) قال ابن راشد إذا ارتجعها في العدة فلم تعلم حتى تزوجت فالحكم فيها كالحكم في امرأة المفقود تفوت بالدخول اهـ وقوله

(ولا يطلق العبيد السيد

إلا الصغير مع شيء يرفد)

(وكيفما شاء الكبير طلقا

ومنتهاه طلقتان مطلقا)

(لكن في الرجعي الأمر بيده

دون رضى وليها وسيده)

يعني أن الطلاق لما كان لمن أخذ بالساق فليس للسيد أن يطلق على عبده زوجته إلا إذا كان صغيرًا فله أن يطلق عليه بشرط أن يأخذ له شيئًا خلعًا من الزوجة أو غيرها يرفد ويعان به وأما العبد الكبير فله أن يطلق كيفما شاء وأراد بخلع أو غيره واحدة أو أكثر ومنتهى طلاقه طلقتان كان رقيقًا كله أو بعضه كانت الزوجة حرة أو أمة كما مر هذا معنى قوله مطلقا وأنه إذا طلق طلاقًا رجعيًا فله أن يرتجع بدون احتياج إلى إذن سيده ولا لإذن وليها لأن العصمة التي أذن له سيده فيها لا زالت بيده وليست رجعته ابتداء نكاح حتى يتوقف على إذنه ورضاه وعلى الإيجاب من وليها وقوله العبيد بالنصب على نزع الخافض أي على العبيد والسيد بالرفع فاعل يطلق وقوله

(والحكم في العبيد كالأحرار

في غاية الزوجات في المختار)

ص: 151

يعني أن نهاية زوجات العبيد أربع نسوة مثل الأحرار على القول المشهور المختار ومقابله لا يتزوج العبد إلا امرأتين ومع كونه شاذًا ليس بمختار وقوله

(ويتبع الأولاد في استرقاق

للأم لا للأب في الإطلاق)

(وكسوة لحرة والنفقه

عليه والخلف بغير المعتقه)

(وليس لازمًا له أن ينفقا

على بنيه أعبدًا أو عتقا)

يعني أن الأبوين إذا اختلفا في حرية الولد ورقيته فإن الولد تابع لأمه في الرق والحرية لا لأبيه وسواء كانت أمه حرة أو أمة خالصة أو بها شائبة رق كالمكاتبة وهذا معنى قوله بالإطلاق ولا يستثني من ذلك إلا الموطوءة بالملك لسيدها الحر والغارة فولدها حر وإن كانت الأم حرة فولدها حر ولو كان الأب عبدًا (فائدة جليلة) قال القاضي أبو بكر بن العربي رحمه الله تعالى عند قول الله عز وجل: {وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة} وجود البنين يكون منهما معًا ولكنه لما كان تخلق المولود فيها ووجوده ذا روح وصورة بها وانفصاله كذلك عنها أضيف إليها ولجله تبعها في الرق والحرية وصار مثلها في المالية سمعت إمام الحنابلة بمدينة السلام أبا الوفاء علي بن عقيل يقول إنما تبع الولد الأم في المالية وصار بحكمها في الرق والحرية لأنه انفصل عن الأب نطفة لا قيمة له ولا مالية فيه ولا منفعة مبثوثة عليه وإنما اكتسب ما اكتسب بها ومنها فلأجل ذلك تبعها كما لو أكل رجل تمرًا في أرض رجل فسقطت منه نواة في الأرض من يد الآكل فصارت نخلة فإنها ملك صاحب الأرض دون الآكل بإجماع من الأمة لأنها انفصلت من الأكل ولا قيمة لها وهذه من البدائع اهـ وإن اختلف الأبوان في الدين والنسب فولدهما تابع لأبيه لا لأمه وفي هذا الفرع كلام مبسوط في المطولات فلو زاد الناظم

ولأبيه تابع في النسب

والدين لا للأم فافهم تصب

لوفى بالمسألة. وقوله وكسوة لحرة والنفقة. عليه والخلف بغير المعتقة. البيت يعني أن

ص: 152