المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌(فصل) أي هذا فصل في ذكر مسائل الخلع ويتوجه النظر في - توضيح الأحكام شرح تحفة الحكام - جـ ٢

[عثمان بن المكي التوزري]

الفصل: ‌ ‌(فصل) أي هذا فصل في ذكر مسائل الخلع ويتوجه النظر في

(فصل)

أي هذا فصل في ذكر مسائل الخلع ويتوجه النظر في هذا الفصل إلى بيان الخلع لغة واصطلاحًا وبيان أركانه وحكمه (فأما) معناه لغة فهو الإزالة مأخوذ من خلع الثوب إذ كل واحد من الزوجين لباس لصاحبه قال الله تعالى: {هن لباس لكم وأنتم لباس لهن} فإذا فارقها نزع لباسه منها. وقال تعالى: {فاخلع نعليك إنك بالواد المقدس} واصطلاحًا لم يعرفه الإمام ابن عرفة وعرفه صاحب المختصر بقوله وهو الطلاق بعوض اهـ. وأما أركانه فخمسة (الأول) موقع طلاق الخلع وهو إما زوج مكلف مسلم غير مكره ولو سفيهًا لأن له الطلاق بدون عوض أو ولي صغير أو مجنون (الثاني) المحل القابل وهو الزوجة الرشيدة أو ولي المجبرة (الثالث) العوض ويشترط فيه أن يكون مما يصح تملكه ولو كعبد آبق أو بعير شارد لأن له الطلاق بدونه وعليه فيجوز فيه الغرر مطلقًا لا بحرام كخمر أو خنزير ويلزمه الطلاق إن وقع ولا شيء له إن علم وحده أو معها أو كانا جاهلين فإن علمت دونه لم يقع طلاق (الرابع) المعوض به وشرطه أن يكون مملوكًا للزوج فلا يصح خلع من تبين كونها فاسدة النكاح المجمع على فساده كخامسة أو معتدة أو مرتدة أو بائنًا منه قبل ذلك الخلع بخلاف الرجعية فإنه يجوز خلعها (الخامس) الصيغة والألفاظ المستعملة في ذلك أربعة الخلع. والصلح. والإبراء. والافتداء وكلها ترجع إلى معنى واحد وهو بذل العوض على إيقاع الطلاق (قال) بعض الموثقين من أوقع كل لفظ من هذه الألفاظ موقع الآخر لم يكن مخطئًا لتقارب معانيها غير أن إيقاعها في مواضعها المصطلح عليها أولى (قال) صاحب المقدمات هو أن الخلع بذل جميع مالها على الطلاق. والصلح بذل بعضه. والإبراء ترك ما لها عليه من الحق على الطلاق أو ترك كل واحد منهما ما كان له على صاحبه على الطلاق. والافتداء بذل جميع الحق الذي أعطاها على الطلاق وقيل غير ذلك. وأما حكمه فالأصل فيه الجواز وقد تعرض له بقية الحكام الشرعية الخمس كما في ابن

ص: 129

رحال (قال) الله تعالى: {فإن طبن لكم عن شيء منه نفسًا فكلوه هنيئًا مريئًا} . وقال تعالى: {وإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به} . وقد جوز النبي صلى الله عليه وسلم لثابت أن يأخذ من زوجته ما ساق إليها كذا في أحكام ابن العربي وانعقد الإجماع على جوازه لنص القرآن والسنة وإلى ذلك أشار الناظم بقوله

(والخلع جائز والافتداء

فالافتداء بالذي تشاء)

يعني أن الخلع والافتداء على الطلاق جائزان شرعًا وأن الافتداء هو ما يكون بما تشاؤه الزوجة من صداقها فتمسك بعضه وتعطيه بعضه فيكون بمعنى الصلح المتقدم ذكره ولهذا أسقطه بعضهم وعليه درج الناظم ثم إن الناظم لما عرف الافتداء عرف الخلع أيضًا وإلى تعريفه أشار بقوله

(والخلع باللازم في الصداق

أو حمل أو عدة أو إنفاق)

يعني أن الخلع هو ما كان بالحق اللازم الذي لها عليه من صداق حال لم تقبضه أو مؤجل فتبرئه منه أو بإسقاط نفقة حملها اللازمة لها عليه أو بإسقاط كراء مسكن عدتها منه أو بتحمل نفقة ولدها منه بأن يخالعها على أن نفقته عليها مدة معينة ولو زائدة على مدة حولين كما يأتي أو على أن رضاعه عليها إلى فطامه وتمنع من النكاح إن أرادته في خلال مدة الرضاع ويفسخ إن وقع على ما به العمل لأنه يضر بالصبي وقد شاهدت ذلك المرار العديدة وبه كنت حكمت وقت مباشرتي خطة القضاء ببلدي تورز قال صاحب العمل المطلق

ومن بإرضاع الصبي اختلعت

من النكاح بالقضاء منعت

أو خالعها على إسقاط حضانتها إذا كان ذلك لا يضر بالصبي بأن يقبل غير أمه وإلا فلا يجوز (فرع) إذا أسقطت جدته أم أمه حضانتها مع أمه فإنها لا تسقط لأنها أسقطت شيئًا قبل وجوبه وهو غير لازم أما إذا أسقطتها بعد وجوبها لها تحقيقًا فإن ذلك يلزمها (فرع) قال ابن سلمون فإن ادعى الأب على الحاضنة أنها أسقطت

ص: 130

حضانتها وأنكرت ذلك فعليها اليمين قاله ابن الهندي ويلزمها هذا الإسقاط إن نكلت عن اليمين ولا يعود الابن إلى حضانتها إلا باختيار الوالد فإن التزمت نفقته وكسوته على أن يعود إلى حضانتها بعد سقوطها لزمها ذلك وإن صالح الأب الحاضنة على مال دفعه إليها على أن أسقطت حضانتها فالصلح جائز ولا قيام لأحدهما على صاحبه فإن قام عليها في المال رجعت في حضانتها (فرع) في نوازل المهدي الصغرى نقلًا عن الالتزامات إذا اختلعت الأم بنفقة ابنتها على أن يكون الأمر لها في تزويجها فيوفى لها بذلك وليس للأب عزلها ويكون العاقد غيرها ثم قال الناظم

(وليس للأب إذا مات الولد

شيء وذا به القضاء في المدد)

يعني أن الزوج إذا خالع زوجته على إرضاع ولدها منه إلى فطامه أو على نفقته مدة معينة ثم مات الولد قبل تمام المدة التي وقع عليها الخلع أو قبل فطامه فإنه لا شيء له في مقابلة ذلك على الزوجة لأن مقصوده الذي هو كفايته مؤنة ولده قد حصل هذا هو المشهور وبه القضاء حيث لم يشترط عليها عاش الولد أو مات كما يأتي قريبًا وسيأتي بيان حكم ما إذا ماتت هي وقوله في المدد بضم الميم جمع مدة متعلق بمات وقوله

(والخلع بالإنفاق محدود الأجل

بعد الرضاع بجوازه العمل)

يعني أن الخلع إذا كان بالإنفاق بعد تمام الرضاع مدة معينة كأربع سنين أو إلى البلوغ فيه خلاف بين العلماء رحمهم الله تعالى فقيل لا يجوز ويسقط الزائد على الحولين وقيل يجوز وعليه الأكثر وبه العمل كما قال الناظم. وقوله محدود بالنصب على الحال من الإنفاق ثم ذكر حكم اشتراط الرجوع عليها بالنفقة إذا مات الولد فقال

(وجاز قولًا واحدًا حيث التزم

ذاك وإن مخال عبه عدم)

يعني أن الزوجة إذا خالعت زوجها بالإنفاق على ولدها منه أو على غيره مدة معلومة زائدة على الحولين سواء عاش الولد أو مات فإن ذلك جائز لازم اتفاقًا فإن مات الولد أو نحوه أخذ الزوج منها قدر مؤنة باقي المدة مشاهرة لأن النفقات تقدر غالبًا

ص: 131

مشاهرة لا مياومة ولا مجامعة كل شهر بحلوله حتى يتم الأجل وقوله التزم بالبناء للنائب والإشارة بذلك الذي هو نائب الفاعل تعود على الإنفاق وعدم بضم أوله معناه مات وقوله

(وللأب الترك من الصداق

أو وضعه للبكر في الطلاق)

يعني أنه يجوز للأب المجبر دون غيره من سائر الأولياء أن يسقط من صداق ابنته على زوجها ما يراه مصلحة لها وله أيضًا أن يضع جميع نصف الصداق على زوجها في الطلاق قبل المسيس لقول الله تعالى: {وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم إلا أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح} فقوله تعالى: {إلا أن يعفون} أي الزوجات الرشيدات وقوله: {أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح} فالذي بيده عقدة النكاح عند المالكية هو الأب في ابنته البكر غير الرشيدة والسيد في أمته وعند الشافعية هو الزوج وعفوه هو أن يعطيها النصف الآخر فيكون لها الصداق كاملًا نصفه بالاستحقاق ونصفه بالعفو. وقولنا قبل المسيس احترازًا مما لو وقع مسيس فإنه لا يجوز له الإسقاط ولا العفو لأن الزوج أخذ سلعتها التي جعل الصداق عوضًا عنها وصار مالًا من مالها وأما السيد في أمته والرشيدة فلهما ذلك من غير تقييد بنصف ولا بطلاق قبل المسيس أو بعده وأما المهملة فلا يجوز عفوها ويرد إن وقع وكذلك الصغيرة التي لها وصي فلا عفو لها ولا لوصيها أو ولي غيره. وقوله أو وضعه هو بالرفع معطوف على الترك ثم قال

(والبكر ذات الأب لا تختلع

إلا بإذن حاجر وتمتنع)

يعني أن البكر التي في ولاية أبيها لا يجوز لها أن تختلع إلا بإذنه فإن وقع منها خلع بغير إذنه منعت ولو خالعت بخلع أمثالها أو أقل ووجب رد المال وبانت من زوجها لتفريطه وقوله

(وجاز إن أب عليها أعمله

كذا على الثيب بعد الإذن له)

ص: 132

يعني أن الأب إذا خلع عن ابنته البكر التي في ولاية نظره فخلعه جائز نافذ أذنت فيه أو لم تأذن ولو بجميع صداقها حيث كان نظرًا ويحمل عليه حتى يتبين خلافه وكذلك يجوز خلع الأب عن ابنته الثيب إذا أذنت له فيه وإلا فلا يجوز وتبين من الزوج ويرد المال لتفريطه. والإشارة بقوله كذا راجعة إلى الحكم وهو جواز الخلع من الأب ثم قال رحمه الله تعالى

(وامتنع الخلع على المحجور

إلا بإذنه على المشهور)

يعني أنه لا يجوز لولي الذكر البالغ السفيه أن يخالع عنه بكل وجه من الوجوه إلا بإذنه على القول المشهور. وقوله

(والخلع جائز على الأصاغر

مع أخذ شيء لأب أو حاجر)

يعني أن الخلع على الذكر الصغير جائز لأب أو حاجر غيره مع أخذ شيء من الزوجة أو غيرها إذا كان نظرًا أما بدون شيء فلا يجوز إلا إذا كانت العاقبة ببقاء العصمة غير حميدة فله ذلك قاله اللخمي واختاره ابن ناجي وهو ظاهر لا خفاء فيه والله أعلم وقوله

(ومن يطلق زوجة وتختلع

بولد منها له ويرتجع)

(ثم يطلقها بحكم الشرع

أن لا يعود حكم ذاك الخلع)

يعني أن من خالع زوجته بنفقة ولدها منه إلى البلوغ مثلًا ثم راجعها بنكاح جديد ثم طلقها فإن نفقته لا تعود عليها بحكم الشرع بل تكون على أبيه إلا إذا تحملت بها مرة ثانية وقيل تعود عليها واختاره بعض الشيوخ وقوله

(وإن تمت ذات اختلاع وقفا

من مالها ما فيه للدين وقفا)

(للأمد الذي إليه التزما

فهو مشارك به للغرما)

يعني أن الزوجة إذا خالعها زوجها بنفقة ولدها منه أو بنفقة غيره مدة معلومة أو إلى البلوغ ثم ماتت في أثناء المدة فإنه يوقف من مالها ما يكفي مؤنة الابن إلى انقضاء

ص: 133

المدة التي التزمت الإنفاق فيها فإن كانت عليها ديون فللزوج محاصصة غرمائها بما التزمته من النفقة لأنه دين من الديون يشارك به الغرماء فيقال ما يفي بنفقته في المدة الباقية فيقال كذا فيحاصص به مع أرباب الديون ويوقف عند أمين ولا يدفع للأب لأن الولد إذا مات بعد ذلك رجع ما بقي ميراثًا لورثتها أو لأرباب الديون ولا يستحق الأب منه شيئًا كما تقدم في قوله وليس للأب إذا مات الولد شيء الخ حيث لم يشترط عاش أو مات. وقوله التزما بالبناء للنائب ونائب الفاعل ضمير الإنفاق المفهوم من السياق وألفه للإطلاق. وقوله فهو مشارك الخ فالفاء داخلة في جواب شرط مقدر أي فإن كانت عليها ديون فهو مشارك الخ ثم لا يخفى أن ما ذكره الناظم في هذين البيتين وفي اللذين قبلهما مفرع على القول بجواز الخلع بالنفقة الزائدة على الحولين وعليه فالمتعين من جهة الصناعة أن يكون الكلام مرتبًا على ما يقتضيه حال الترتيب بأن يقول هكذا

والخلع بالإنفاق محدود الأجل

بعد الرضاع بجوازه العمل

وليس للأب إذا مات الولد

شيء وذا به القضاء في المدد

وجاز قولًا واحدًا حيث التزم

ذاك وإن مخال عبه عدم

وإن تمت ذات اختلاع وقفا

من مالها ما فيه للدين وقفا

للأمد الذي إليه التزما

فهو مشارك به للغرما

ومن يطلق زوجة وتختلع

بولد منها له ويرتجع

ثم يطلقها بحكم الشرع

أن لا يعود حكم ذاك الخلع

وموقع الثلاث الخ ولعل ناسخ المبيضة هو الذي قدم وأخر كذا قال بعضهم اعتذاراَ على الناظم وقوله

(وموقع الثلاث في الخلع ثبت

طلاقه والخلع رد إن أبت)

يعني أن من أعطت زوجها مالًا على أن يطلقها واحدة أو ليطلقها وأطلقت ولم تقيد بواحدة ولا بغيرها فطلقها ثلاثًا فإن الطلاق واقع لا محالة والخلع مردود حيث لم ترض وما درج عليه الناظم هو أحد قولين في المسألة واستظهره ابن عرفة وابن

ص: 134