المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(فصل في الطلاق بالإعسار بالنفقة) - توضيح الأحكام شرح تحفة الحكام - جـ ٢

[عثمان بن المكي التوزري]

الفصل: ‌(فصل في الطلاق بالإعسار بالنفقة)

لاجتهاد القاضي يجتهد في ذلك بحسب القوت من قمح أو شعير أو قطانية أو تمر ونحو ذلك بحسب الأعيان المفروض لها وعليها من غنى وفقر وتوسط وبحسب السعر فيوسع في الرخاء دون الغلاء وبحسب الزمان فليست نفقة الشتاء وكسوته كما يكون في زمن الصيف وبحسب المكان فإن عوائد البلدان تختلف فلا يفرض الشعير لمن عادتهم القمح ولا العكس ولا يفرض التمر إلا لمن عادتهم ذلك كبلاد الجريد وما يتبعها من البوادي القريبة لها أن معيشتهم بالتمر أكثر حتى أن من لا تمر عنده ضاقت معيشته وقد صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله بيت لا تمر فيه جياع أهله ثم قال الناظم

(فصل في الطلاق بالإعسار بالنفقة)

(وما يلحق بها)

أي من الإعسار بالصداق أو الإخدام وبدأ بالأول فقال

(الزوج إن عجز عن إنفاق

لأجل شهرين ذو استحقاق)

(بعدهما الطلاق لا من فعله

وعاجز عن كسوة كمثله)

(ولاجتهاد الحاكمين يجعل

في العجز عن هذا وهذا الأجل)

(وذاك من بعد ثبوت ما يجب

كمثل عصمة وحال من طلب)

يعني أن الزوج إذا عجز عن النفقة وتوابعها من كسوة وإسكان فإن القاضي يؤجله بشهرين أو بما براه نظرًا لأن التأجيل بهما ليس بواجب حتى يقف عنده فإن انقضى الأجل المضروب ولم يجد ما عجز عنه فإن القاضي يطلق عليه إن امتنع الزوج من الطلاق وإلى هذا أشار الناظم بقوله بعدهما الطلاق لا من فعله أي الزوج بل من فعل القاضي أو يأمر الزوجة فتطلق نفسها كما مر ولا يكون الطلاق المذكور إلا بعد

ص: 168

إتمام الموجبات عند القاضي وهي ثبوت الزوجية بينهما واستمرارها إلى زمن الحكم وإعسار الزوج والإعذار إليه فإذا ثبت ذلك طلق عليه بعد التلوم بالاجتهاد لا بمجرد مضي الأجل إن علم في ذلك فائدة وإلا نجز عليه الطلاق هذا كله إذا ثبت عسره فإن لم يثبت عسره فهو مأمور بأحد أمرين إما بالنفقة وتوابعها أو بما ادعى عجزه عنه منها وإما بالطلاق بعد التلوم بالاجتهاد كذلك. وقوله الزوج الخ مبتدأ وذو استحقاق خبره ولأجل متعلق به وشهرين بدل منه وقوله يجعل بالبناء للنائب والأجل نائب فاعل والإشارة بذا الأول راجعة للإنفاق والإشارة بذا الثاني عائدة على اللباس والإشارة بذلك راجعة إلى ما ذكر من التطليق والتأجيل والكاف الداخلة على مثل زائدة. وقوله وحال من طلب هو عسر الزوج وقوله

(وواجد نفقة وما ابتنى

وعن صداق عجزه تبينا)

(تأجيله عامان وابن القاسم

يجعل ذاك لاجتهاد الحاكم)

يعني أن من تزوج امرأة ولم يدخل بها ولما طلبته بأداء صداقها الحال وإجراء النفقة عليها التزم بإجراء النفقة عليها لقدرته على الإنفاق وادعى العجز عن دفع الصداق وطلب من القاضي المترافع لديه النظر له في ذلك فإنه يؤجله عامين لإحضاره وعن ابن القاسم أن الأجل موكول لاجتهاد القاضي في ذلك فيضرب له أجلًا بحسب ما يراه فإن أحضر ما تأجل لأجله فذاك وإلا طلق عليه بعد التلوم كالنفقة نصًا سواء ثم شرع في مسألة القطعة المشهورة فقال

(وزوجة الغائب حيث أملت

فراق زوجها بشهر أجلت)

(وبانقضاء الأجل الطلاق مع

يمينها وباختيارها يقع)

يعني أن من تزوج امرأة وغاب عنها دخل بها أو لم يدخل بها طلبته بالدخول قبل مغيبه أو لا ولم يترك لها نفقة ولا تكفل بها أحد عليه وطلبت من القاضي فراقه

ص: 169

والنظر إليها في ذلك فإنه يكلفها إثبات الموجبات المذكورة في كتب التوثيق فإذا أثبتتها فإنه يؤجله شهرًا على ما به ما العمل فإن انقضى الشهر بغروب شمس الآخر منه خيرها القاضي بين البقاء معه أو الطلاق فإن اختارت الطلاق طلقت نفسها طلقة واحدة رجعية إن دخل بها ولم تبلغ الثلاث وتعتد عدة طلاق إن كانت مدخولًا بها وإلا فلا عدة عليها وتذكر جميع ذلك في الحكم قال الغرناطي في وثائقه عقد طلاق على غائب بعدم النفقة تذكر اسم القاضي وموضعه والزوجين والمغيب وعدم النفقة وعدم إرسالها ويمين الزوجة على ذلك في جامع الموضع المذكور وتطليقها نفسها بعدم النفقة طلقة واحدة رجعية يملك بها رجعتها إن قدم موسرًا في عدتها إلا أن تكون ثالثة وإباحة القاضي لها ذلك بعد أن ثبت عنده ما اوجب ذلك وإرجاء الحجة للغائب وعقد الإشهاد وتضمن حضور اليمين بالموضع المذكور عن أمر القاضي وسماع الطلقة منها وإشهاد القاضي وتؤرخ اهـ نزلت نازلة وهي امرأة طلقت نفسها يوم ثلاثين الذي هو آخر يوم من أجل الغائب فإذن قاضي من قضاة القرى لها في النكاح حيث لم يدخل بها الزوج فلما تزوجت قدم زوجها الغائب ورفع أمره إلى قاضي الجماعة بتونس وهو في ذلك العهد شيخنا العالم الجليل الأكمل العفيف أبو عبد الله الشيخ سيدي محمد الطيب النيفر الشريف المفتي المالكي أحد شيوخ الشورى الآن أطل الله عمره مع السلامة والعافية آمين وطلب منه أيده الله جلب النازلة ليقع فصلها لديه دامت نعم الله تعالى عليه فأجابه إلى ذلك ولما نشرت النازلة وثبت عنده أن الطلاق وقع آخر يوم من الأجل الذي هو من حق الغائب فقد وقع عليه الطلاق قبل وجود سببه الذي هو انقضاء الأجل كما في النظم والسبب يلزم من وجوده الوجود ومن عدمه العدم فهي وقت زواجها ذات زوج وحينئذ ظهر له فساد الحكم بالطلاق وفسخ النكاح على مقتضى القواعد الفقهية والنصوص المذهبية فحكم بذلك باتفاق أهل المجلس بعد أن خافه البعض في ذلك ثم رجع. ووقعت نازلة أخرى لما طلقت زوجة الغائب نفسها طلقة واحدة وقد صادفت الثلاث كتب الموثق بعد ذلك يملك بها رجعتها ووقع الختم

ص: 170