الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب حد الشارب وبيان المسكر
مقدمة
المُسكِر: اسم فاعل، من: أسكر الشراب، فهو مسكر: إذا جعل صاحبه سكران، أو كانت فيه قوَّة تفعل ذلك، وجمع السكران: سكرى وسكارى، والسُّكر: اختلاط العقل.
ويسمَّى كل شراب أسكر: خمرًا، من أي شيء كان من الأشربة.
والخمر له ثلاثة معان في اللغة:
أحدها: التغطية، ومنه: خمار المرأة، وهو غطاء رأسها.
الثاني: المخالطة، يقال: خالطه بمعنى: مازجه.
الثالث: الإدراك، ومنه قولهم: خمَّرت العجين أي: تركته حتى أدرك.
ومن هذه المعاني الثلاث أخذ اسم الخمر؛ لأنَّها تغطي العقل، وتخالطه، ولأنَّها تُترك حتى تدرك، وتستوي.
وتعريفها شرعًا: أنَّها اسم لكل ما خامر العقل وغطاه، من أي نوع من الأشربة؛ لحديث:"كل مسكر خمر، وكل خمر حرام"
وهو محرَّم بالكتاب، والسنة، وإجماع الأمة:
أما الكتاب:
فقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90)} [المائدة] فقرنه مع عبادة الأصنام، التي هي الشرك الأكبر بالله تعالى.
وأما السنة:
فأحاديث كثيرة:
منها: ما رواه مسلم: "كل مسكر خمر، وكل خمر حرام".
وأما الإجماع:
فأجمعت الأمة على تحريمها.
وحكمة تحريمها التشريعية لا يحتمل المقام هنا ذكر ما علمناه، ووقفنا عليه من المفاسد، التي تجرها وتسببها، ويكفيك قوله تعالى:{إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ (91)} [المائدة]، فذكر أنَّه سبب كل شر، وعائق عن كل خير.
وقال صلى الله عليه وسلم: "الخمر أم الخبائث" فجعلها أمًّا وأساسًا لكل شر، وخبيث.
أما مضرَّتها الدينية: والأخلاقية، والعقلية: فهي مما لا يحتاج إلى بيان وتفصيل.
أما مضرَّتها البدنية فقد أجمع عليها الأطباء، لأنَّهم وجدوها سببًا في كثير من الأمراض الخطيرة المستعصية، وأنَّ ما تجره هذه الجريمة المنكرة من المفاسد والشرور ليطول عدّه، ويصعب حصره.
ولو لم يكن فيها إلَاّ ذهاب العقل: لكفى سببًا للتحريم، فكيف يشرب المرء تلك الآثمة، التي تزيل عقله، فيكون بحال يضحك منها الصبيان، ويتصرَّف تصرف المجانين؟!
فداءٌ هذا بعض أعراضه كيف يرضاه عاقل لنفسه؟
ولِعظم خطرها، وكثرة ضررها، حاربتها الحكومات في "الولايات المتَّحدة" وغيرها.
ولكن كثيرًا من الناس لا يعقلون، فتجدهم يتلفون بها عقولهم، وأديانهم، وأعراضهم، وأموالهم، وشِيمتهم، وصحتهم، فإنَّا لله وإنا إليه راجعون.
قال الشيخ عبد القادر عودة: حرمت الشريعة الإسلامية الخمر تحريمًا قاطعًا؛ لأنَّها تعتبر الخمر أم الخبائث، وتراها مضيعة للنفس، والعقل، والصحة، والمال، ولقد حرمت الشريعة الخمر من أربعة عشر قرنًا، ووضع التحريم موضع التنفيذ من يوم نزول النصوص المحرَّمة، وظلَّ العالم الإسلامي يحرم الخمر حتى أواخر القرن التاسع عشر، وأوائل القرن العشرين؛ حيث بدأت البلاد الإسلامية تطبق القوانين الوضعية، وتعطل الشريعة الإسلامية، فأصبحت الخمر -بموجب هذه القوانين المعلنة- مباحة لشاربها.
وفي نفس الوقت الذي يستبيح فيه المسلمون الخمر، تنتشر الدعوة إلى تحريم الخمر في كل البلاد غير الإسلامية، فلا تجد بلدًا ليس فيه جماعة، أو جماعات إلَاّ تدعو إلى تحريم الخمر، وتبين بكل الوسائل أضرارها العظيمة، التي تعود على شاربها بصفة خاصة، وعلى الشعوب بصفة عامة، وقد ترتَّب على الدَّعوة القوية لتحريم الخمر أن ابتدأت الدول غير الإسلامية تضع فكرة تحريم الخمر، موضع التنفيذ، فالعالم غير الإسلامي أصبح اليوم يتهيأ لفكرة تحريم الخمر بعد أن ثبت علميًّا أنَّها تضر بالشعوب ضررًا بليغًا، بينما المسلمون يغطون في نومهم، عاجزين عن الشعور بما حولهم، وسيأتي قريبًا اليوم الذي يصبح فيه تحريم الخمر عامًّا في كل الدول، إن شاء الله، فتتم معجزة الشريعة الإسلامية فيها.
***
1078 -
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه: "أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أُتِيَ بِرَجُلٍ قَدْ شَرِبَ الخَمْرَ، فَجَلَدَهُ بِجَرِيدَتَيْنِ نَحْوَ أَرْبَعِينَ، قَالَ: وَفَعَلَهُ أبُو بكْرٍ، فَلَمَّا كَانَ عُمَرُ اسْتَشَارَ النَّاسَ، فَقَالَ عبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ: أَخَفُّ الحُدُودِ ثَمَانُونَ، فَأَمَرَ بِهِ عُمَرَ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (1).
وَلِمُسْلِمٍ عَنْ عَلِيٍّ فِي قِصَّةِ الوَليدِ بْنِ عُقْبَةَ: "جَلَد النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَرْبَعِينَ، وَجلَدَ أَبُو بكْرٍ أَرْبَعِينَ، وَجَلَدَ -عُمَرُ ثَمَانِينَ، وَكلٌّ سُنَّةٌ، وَهَذَا أَحَبُّ إِلَيَّ".
وفِي الحَدِيثِ: "أَنَّ رَجُلاً شَهِدَ عَلَيْهِ أَنَّهُ رَآهُ يَتَقَيَّأُ الخَمْرَ، فَقَالَ عُثْمَانُ رضي الله عنه إِنَّهُ لَمْ يَتَقَيَّأْهَا حَتَّى شرِبَهَا"(2).
ــ
* مفردات الحديث:
- بِجَرِيدَتَيْنِ: الجريدة: سعفة النخل، سميت بذلك؛ لأنَّها مجرَّدة من الخوص: والخوص ورق النخل.
- قصة الوليد: هو الوليد بن عقبة بن أبي مُعيط، شرب الخمر في زمن عثمان، فشهد عليه رجل أنَّه شربها، وشهد الآخران أنَّه يتقيؤها، فأقيم عليه الحد.
- يتقيَّأها: التقيؤ: لفظ ما في المعدة.
* ما يؤخذ من الحديث:
1 -
ثبوت الحد في الخمر هو مذهب عامة العلماء.
(1) البخاري (6773)، مسلم (1706).
(2)
مسلم (1707)
2 -
أنَّ حده على عهد النبي نحو أربعين جلدة، وتبعه أبو بكر على هذا.
3 -
أنَّ عمر -بعد استشارة الصحابة- جعله ثمانين.
4 -
الاجتهاد في المسائل، ومشاورة العلماء عليها، وهذا دأب أهل الحق، وطالبي الصواب.
أما الاستبداد: فعمل المعجَبين بأنفسهم، المتكبرين الذين لا يريدون الحقائق.
5 -
أنَّ من تقيأ الخمر، فقد ثبت أنَّه شربها، فيقام عليه حد الشرب.
* خلاف العلماء:
اختلف العلماء في حد الخمر: هل هو ثمانون، أو أربعون، أو أنَّ ما بين الأربعين والثمانين يكون من باب التعزير إن رأى الحاكم الزيادة، وإلَاّ اقتصر على الأربعين؟
ذهب الأئمة: أحمد، وأبو حنيفة، والثوري، ومن تبعهم من العلماء إلى-: أنَّ الحد ثمانون.
ودليلهم على ذلك: إجماع الصحابة، لمَّا استشارهم عمر، فقال عبد الرحمن ابن عوف: اجعله كأخف الحدود ثمانين، فجعله.
وذهب الشافعي إلى: أنَّ الحد أربعون، وهو رواية عن الإمام أحمد، اختارها جملة من الحنابلة: منهم أبو بكر، وشيخ الإسلام ابن تيمية، وابن القيم، وشيخنا عبد الرحمن السعدي، رحمهم الله تعالى.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية فيما نقل عنه في "الاختيارات":
"والصحيح في حد الخمر إحدى الروايتين الموافقة لمذهب الشافعي وغيره: أنَّ الزيادة على الأربعين إلى الثمانين ليست واجبة على الإطلاق، بل يرجع فيها إلى اجتهاد الإمام، كما جوزنا له الاجتهاد في صفة الضرب فيه".
وقال في "المغني": "ولا ينعقد الإجماع على ما خالف فعل النبي عليه الصلاة والسلام، وأبي بكر، فتحمل الزيادة من عمر على أنَّها تعزير، يجوز
فعلها إذا رآه الإمام ".
ويقصد بهذا، الرد على من قال: إنَّ الثمانين كانت بإجماع من الصحابة.
أما مجلس هيئة كبار العلماء، فجاء في قراره رقم (53) في 4/ 4/ 1397 هـ.
1 -
إنَّ عقوبة شارب الخمر الحد لا التعزير بالإجماع.
2 -
إنَّ الحد ثمانون جلدة، وذلك بالأكثرية.
3 -
وقرَّر المجلس استيفاء الحد جملةً واحدةً، وعدم تجزئته.
وقد أجمت الأمة على أنَّ الشارب إذا سكر بأي نوع من أنول السكر، فعليه الحدّ، وأجمعت أيضًا على أنَّه من شرب عصير العنب المتخمر، فعليه الحد، ولو لم يسكر شاربه.
وذهب جماهير العلماء من السلف والخلف إلى: أنَّ ما أسكر كثيره، فقليله حرام، من أي نوع من أنواع المسكرات؛ ساء كان ذلك من عصير العنب، أو التمر، أو الحِنطة، أو الشَّعير، أو غير ذلك.
وهو مروي عن عمر، وعلي، وابن مسعود، وابن عمر، وأبي هريرة، وسعد بن أبي وقاص، وأبي بن كعب، وأنس بن مالك، وعائشة، رضي الله عنهم.
وبه قال عطاء، ومجاهد، وطاوس، والقاسم بن محمَّد، وقتادة، وعمر ابن عبد العزيز، وهو مذهب الأئمة الثلاثة: أحمد، والشافعي، ومالك، وأتباعهم، وذهب إليه أبو ثور، وإسحاق، وهو المفتى به عند متأخري الحنفية.
وأما أهل الكوفة: فيرون أنَّ الأشربة المسكرة من غير العنب لا يحد شاربها، ما لم تبلغ حد الإسكار.
أما مع الإسكار، فقد تقدَّم أنَّ الإجماع على إقامة الحد.
وليس لهؤلاء من الأدلة، إلَاّ أنَّ اسم الخمر حقيقة لا يطلق عندهم إلَاّ على عصير العنب، أما غيره فيلحق به مجازًا، واستدلوا على مذهبهم بأحاديث.
قال العلماء، ومنهم الأثرم، وابن المنذر: إنَّها معلولة ضعيفة.
أما أدلة جماهير الأمة، على أنَّ كل مسكر خمر، يحرم قليله وكثيره-: فمن الكتاب العزيز، والسنة الصحيحة، واللغة الفصيحة.
فأما الكتاب: فعموم تحريم الخمر، والنَّهي عنها.
والخمر: ما خامر العقل، وغطاه من أي نوع.
وأما السنة: فقد صحَّ عنه صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: "كل مسكر خمر، وكل خمر حرام".
وقال صلى الله عليه وسلم: "ما أسكر كثيره، فقليله حرام"[رواه أبو داود والأثرم].
وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "نزل تحريم الخمر، وهي من العِنب، والتمر، والعسل، والحِنطة، والشعير، والخمر ما خامر العقل"[مُتَّفق عليه].
وأما اللغة: فقد قال صاحب "القاموس": الخمر: ما أسكر من عصير العنب، أو هو عام، والعموم أصح؛ لأنَّها حرمت وما بالمدينة خمر عنب، وكان شرابهم: البُسر، والتمر.
وقال الخطَّابي: "زعم قوم أنَّ العرب لا تعرف الخمر إلَاّ من العنب، فيقال لهم: إن الصحابة الذي سموا غير المتَّخذ من العنب خمرًا عرب فصحاء، ولو لم يكن هذا الاسم صحيحًا، لما أطلقوه".
ومن أحسن ما ينقل من كلام العلماء في هذه المسألة، ما قاله القرطبي:
"الأحاديث الواردة عن أنس وغيره على صحتها، وكثرتها -تبطل مذهب الكوفيين، القائلين بأنَّ الخمر لا يكون إلَاّ من العنب، وما كان من غيره لا يسمى خمرًا، ولا يتناوله اسم الخمر.
وهو قول مخالف للغة العرب، وللسنة الصحيحة، وللصحابة؛ لأنَّهم لما نزل تحريم الخمر، فَهِمُوا منه اجتناب كل ما يسكر.
ولم يفرِّقوا بين ما يتَّخذ من العنب، وبين ما يتَّخذ من غيره، بل سووا بينها، وحرَّموا كل ما يسكر نوعه.
ولم يتوقفوا، ولم يستفصلوا، ولم يشكل عليهم من ذلك شيء، بل بادروا إلى إتلاف كل مسكر، حتى ما كان من غير عصير العنب، وهم أهل اللسان، وبلغتهم نزل القرآن.
فلو كان عندهم تردد، لتوقفوا عن الإراقة حتى يستفصلوا، ويتحققوا التحريم".
ثم ساق القرطبي الأثر المتقدم عن عمر بن الخطاب، رضي الله عنه.
وهذا كلام جيد، يقطع شبهة المخالف، والله الموفق.
***
1079 -
وَعَنْ مُعَاوِيَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ فِي شَارِبِ الخَمْرِ: "إِذَا شَرِبَ فَاجْلِدُوهُ، ثُمَّ إِذَا شَرِبَ فَاجْلِدُوهُ، ثُمَّ إِذَا شَرِبَ الثَّالِثَةَ فَاجْلِدُوهُ، ثُمَّ إِذَا شَرِبَ الرَّابِعَةَ فَاضْرِبُوا عُنُقَهُ". أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ، وَهَذَا لفْظُهُ، وَالأرْبَعَةُ، وَذَكَرَ التِّرْمِذِيُّ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مَنْسُوخٌ، وَأَخْرَجَ ذلِكَ أَبُو دَاوُدَ صَرِيحًا عَنِ الزُّهْرِيِّ (1).
ــ
* درجة الحديث:
الحديث حسن.
حديث معاوية أخرجه الشافعي، والدارمي، وابن المنذر، وابن حبان.
وأخرجه ابن أبي شيبة، وأبو داود من حديث ابن عمر.
وأخرجه النسائي من حديث جابر، وأخرجه أيضًا الشافعي من حديث قبيصة بن ذؤيب، وعلقه الترمذي، وأخرجه الخطيب عن ابن إسحاق عن الزُّهري عن قبيصة قال سفيان بن عيينة: حدَّث الزهري بهذا، قال البخاري: هذا أصح ما في هذا الباب.
أما المصنف فيقول: ذكر الترمذي ما يدل على أنَّه منسوخ، وأخرج ذلك أبو داود صريحًا عن الزهري.
والحديث صحَّحه ابن حزم في "المحلى"، وابن عبد الهادي في "المحرر"، وقال: رجاله ثقات.
(1) أحمد (4/ 96)، النسائي في الكبرى (5661)، وأبو داود (4482)، الترمذي (1444)، ابن ماجه (2573).
* مفردات الحديث:
- الخمر: هي المعروفة، تذكّر وتؤنَّث، فيقال: هو الخمر، وهي الخمر، وأما إلحاق التاء بها، فعلى أنَّها قطعة من الخمر، وتجمع على: خمور، مثل فلْس وفلُوس، وهي اسم لكل مسكر خامر العقل؛ أي: غطاه، فأصلها من: المخامرة، وهي المخالطة، سميت بها؛ لمخالطتها العقل، وتغطيتها إياه، وأصل مادة "خمر" تدور على التغطية.
* ما يؤخذ من الحديث:
1 -
الحديث يدل على أنَّ شارب الخمر يقام عليه الحد ثلاث مرات، فإذا شربها الرابعة، ولم يردعه الجلد المكرر عليه مرات، فإنَّه يقتل في المرة الرابعة.
2 -
هذا هو مذهب الظاهرية، ونصر ابن حزم هذا القول، ودافع عنه، واحتجَّ له.
3 -
أما الخطابي فقال: قد يراد الأمر بالوعيد، ولا يراد به الفعل، وإنما يقصد به الردع والتحذير.
4 -
أما جمهور العلماء -ومنهم الأئمة الأربعة- فيرون أنَّ القتل في الرابعة منسوخ، وحكي الإجماع على ذلك.
قال الترمذي: إنَّه لا يعلم في "عدم القتل" اختلافًا بين أهل العلم في القديم والحديث.
وقال الشَّافعي: والقتل منسوخ بحديث قبيصة بن ذؤيب؛ أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: "من شرب الخمر فاجلدوه، فإن عاد في الثالثة، أو الرابعة فاقتلوه، فأتي برجل قد شرب فجلده، ثم أتي به فجلده، ثم أتي به فجلده، ثم أتي به فجلده، ثم أتي به فجلده، ورفع القتل، وكانت رخصة"[رواه أبو داود، والترمذي].
ونقل المنذري عن بعض أهل العلم: أجمع المسلمون على وجوب الحد
في الخمر، وأجمعوا على أنَّه لا يقتل إذا تكرر منه إلَاّ طائفة شاذة، قالت: يقتل بعد حده أربع مرات؛ للحديث، وهو عند الكافة منسوخ.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: قد روي من وجوه عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم: "من شرب الخمر فاجلدوه، ثم إن شربها فاجلدوه، ثم إن شربها فاجلدوه، ثم إن شربها في الثالثة أو الرابعة فاقتلوه".
فأمر بقتل الشارب في الثالثة أو الرابعة، وأكثر أهل العلم لا يوجبون القتل، بل يجعلون هذا الحديث منسوخًا، وهو المشهور من مذهب الأئمة.
قال أبو عيسى الترمذي: إنَّما كان الأمر، بالقتل أول الأمر، ثم نسخ.
وقد ثبت في الصحيح؛ أنَّ رجلاً كان يُدعى حمارًا، وهو كان يشرب الخمر، فكان كلَّما شرب، جلَده النبي صلى الله عليه وسلم، فلعنه رجل فقال: لا تلعنه، فإنَّه يحب الله ورسوله.
وهذا يقتضي أنَّه جلد مع كثرة شربه.
قال صديق في "الروضة": قد وردت أحاديث بالقتل في الثالثة في بعض الروايات، وفي الرابعة في بعض، وفي الخامسة في بعض، وورد ما يدل على النسخ من فعله صلى الله عليه وسلم، وأنَّه رفع القتل عن الشارب، وأجمع على ذلك جميع أهل العلم، وخالف فيه بعض أهل الظاهر.
***
1080 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِذَا ضَرَبَ أَحَدُكمْ، فَلْيَتَّقِ الوَجْهَ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (1).
1081 -
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا تُقَامُ الحُدُودُ فِي المَسَاجِدِ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالحَاكِمُ (2).
ــ
* درجة الحديث:
الحديث حسن لغيره.
رواه الترمذي، والحاكم، وابن ماجه، وفي إسناده: إسماعيل بن مسلم المكي، ضعيف من قِبل حفظه.
وأخرجه أبو داود، والحاكم، وابن السكن، والدارقطني، والبيهقي من حديث حكيم بن حزام، ولا بأس بإسناده.
وله طرق أخر، والكل متعاضد، وقد عمل الخلفاء الراشدون بذلك.
* ما يؤخذ من الحديثين:
1 -
إقامة الحدود لا يقصد بها إهانة المسلم، ولا يقصد إتلافه وقتله، وإنما يراد بها تطهيره من الذنب الذي وقع منه، كما يقصد بها ردعه عن أن يعود إليه، ولينزجر من تسوَّل له نفسه أن يعمل عمله.
هذه بعض الحِكَم الربانية من إقامة الحد على المذنب المسلم.
2 -
قال شيخ الإسلام: الحدود صادرة عن رحمة الخالق بالخلق، وإرادة الإحسان إليهم، ولهذا ينبغي لمن يعاقب الناس على ذنوبهم أن يقصد بذلك
(1) البخاري (559)، مسلم (2612).
(2)
الترمذي (1401)، الحاكم (4/ 369).
الإحسان إليهم، والرحمة لهم، كما يقصد الوالد تأديب ولده، وكما يقصد الطبيب معالجة المريض.
3 -
لذا جاء في الحديث أنَّ على ضارب الحد، أو التعزير أن يتَّقي الوجه؛ لما لوجه بني آدم من الكرامة، ولأنَّه حسَّاس يسيئه، ويؤلمه يسير التأديب.
4 -
أما الحديث رقم (1081): فيدل على النَّهي عن إقامة الحدود في المساجد.
5 -
ذلك أنَّ المساجد تصان عن اللَّغَط المزعج، ورفع الأصوات، والتلويث بالنجاسات، وإقامة الحدود فيها يسبب وقوع ذلك كله، أو بعضه.
6 -
النَّهي يقتضي التحريم، ولكن لو أقيم الحد في المسجد لأجزأ، فلا يعاد؛ لأنَّ النَّهي لا يعود إلى الحد نفسه، وإنما إلى مكانه، وهو لا يضر في نفوذه.
***
1082 -
وَعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: "لَقَدْ أَنْزَلَ اللهُ تَحْرِيمَ الخَمْرِ، وَمَا بالمَدِينَةِ شَرَابٌ يُشْرَبُ إِلَاّ مِنْ تَمْرٍ". أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ (1).
1083 -
وَعَنْ عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ: "نَزَلَ تَحْرِيمُ الخَمْرِ، وَهِيَ منْ خَمْسَةٍ: مِنَ العِنَبِ، وَالتَّمْرِ، وَالعَسَلِ، وَالحِنْطَةِ، وَالشَّعِيرِ، وَالخَمْرُ مَا خَامَرَ العَقْلَ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (2).
ــ
* مفردات الحديث:
- العِنَب: ثمر الكرم، وهو طريٌّ، جمعه: أعناب.
- التمر: هو الجاف من ثمر النخل، جمعه: تمور وتمران، إذا أريدت الأنواع.
- العَسل: هو الصافي مما تخرجه النحل من بطونها، يذكر ويؤنث. ويطلق على عصير الرطب، وقصب السكر، جمعه: أعسال وعسلان وعسول.
- الحِنطة: -بكسر الحاء وسكون الميم- هي القمح جمعه: حنط.
- الشعير: نبات عشبي حبي، من الفصيلة النجيلية، وهو دون البر في الغذاء.
- الخمر ما خامر العقل: الخمر ما أسكر من عصير العنب، وسميت: خمرًا؛ لأنَّها تخمر العقل؛ أي: تغطيه.
- كل مسكر خمر: "كل" إذا أضيفت إلى النكرة، فإنَّها تقتضي عموم الأفراد، فمعناها هنا: أنَّ كل واحد من أفراد المسكر فهو خمر محرَّم.
…
(1) مسلم (1982).
(2)
البخاري (5581)، مسلم (2032).
1084 -
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ، وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ". أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ (1).
1085 -
وَعَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ، فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ". أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ، وَالأرْبَعَةُ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ (2).
ــ
* درجة الحديث (1085):
الحديث حسن.
قال الألباني: أخرجه أبو داود، والترمذي، وابن ماجه، والطحاوي، والبيهقي، وأحمد من طرق عن داود بن بكر بن أبي الفرات عن ابن المنكدر، قال الترمذي: حديث حسن غريب من حديث جابر، قلتُ: وإسناده حسن، فإنَّ رجاله ثقات، فهم رجال الشيخين غير داود، وهو صدوق ثقة، وله طرق وشواهد كثيرة.
…
(1) مسلم (3003).
(2)
أحمد (3/ 343)، أبو داود (3681)، الترمذي (1865)، ابن ماجه (3393)، ابن حبان (5358)، ولم يروه النسائي.
1086 -
وَعَنِ ابْنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: "كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُنْبَذُ لَهُ الزَّبِيبُ فِي السِّقَاءِ، فَيَشْرَبُهُ يَوْمَهُ، وَالْغَدَ، وَبَعْدَ الْغَدِ، فَإِذَا كَانَ مَسَاءُ الثَّالثَةِ شَرِبَهُ، وسَقَاهُ، فَإِنْ فَضَلَ شَيءٌ أَهَرَاقَهُ". أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ (1).
ــ
* مفردات الحديث:
- ينبذ: نبذ التمر، أو العِنب ونحوها: اتَّخذ منه النبيذ، وهو الماء يلقى فيه تمر، أو زبيب، أو نحوهما؛ ليحلو به الماء، وتذهب ملوحته، وهو مباح ما لم يغل، أو تأتي عليه ثلاثة أيَّام.
- الزبيب: هو ما جفِّف من العنب، واحده: زبيبة.
- السِّقَاء: بكسر السين المهملة، فقاف، ثم ألف ممدودة: -وهو وِعاء من جلد يكون للماء وللبن.
* ما يؤخذ من الأحاديث:
1 -
أنَّ هذه الأحاديث الخمسة تفيد أنَّ القرآن حينما نزل بتحريم الخمر، أنَّها كانت تتَّخذ من العنب، والتمر، والعسل، والحنطة، والشعير، وأنَّ الخمر في لغة العرب التي نزل بها القرآن هي ما خامر العقل، وغطاه.
وقد جاء تحريم الخمر في آيتي المائدة، قال تعالى:{رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90)} [المائدة].
وفي هذه الآية سبعة أدلة على تحريم الخمر:
أحدها: قو له تعالى: {رِجْسٌ} .
(1) مسلم (2004).
والثاني: قوله تعالى: {مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ} .
والثالث: قوله تعالى: {فَاجْتَنِبُوهُ} .
والرابع: قوله تعالى: {لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90)} .
والخامس: قوله تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ} [المائدة:91].
والسادس: قوله تعالى: {وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} .
والسابع: قوله تعالى: {فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ (91)} .
وهذا من أبلغ الزجر، فكأنَّه قال بعدما تلا عليكم من أنوع الصوارف والموانع: فهل أنتم معها منتهون، أم باقون على ما أنتم عليه، كأن لم توعظوا؟!.
2 -
لذا ذهب جماهير العلماء من السلف والخلف إلى أنَّ ما أسكر كثيره فقليله حرام، من أي نوع من أنوع المسكرات؛ سواء كان من العنب، أو التمر، أو العسل، أو الحنطة، أو الشعير، أو غير ذلك، فهو كله خمر حرام، يحرم كثيره وقليله، ولو لم يسكر القليل منه.
3 -
أما مذهب أهل الكوفة: فيرون أنَّ الأشربة المسكرة من غير عصير العنب لا تحرم، ولا يحد شاربها، ما لم تبلغ حد السكر.
أما مع الإسكار: فقد أجمع العلماء على إقامة الحد.
قال القرطبي: وهذه الأحاديث تبطل مذهب الكوفيين القائلين بأنَّ الخمر لا يكون إلَاّ من العنب، وما كان من غيره لا يسمى خمرًا، ولا يتناوله اسم الخمر، وهو قول مخالف للغة العرب، وللسنة الصحيحة، وعمل الصحابة، رضي الله عنهم.
وتقدَّم الخلاف في ذلك.
4 -
أما النبيذ: وهو الماء يلقى فيه تمر أو زبيبٌ، أو نحوهما؛ ليحلو به الماء،
وتذهب ملوحته، فهو مباح، ما لم يتخلل، أو تأتي عليه ثلاثة أيام بلياليهن، فيسقى الداجن ونحوها، أو يراق؛ لينبذ في وعائه غيره، فإنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم ينبذ له الزبيب، فيشربه إلى اليوم الثالث، فإن فضل شيء أراقه.
5 -
قال الشيخ تقي الدين: الحشيشة نجسة، وضررها أعظم من ضرر الخمر، وإن لم يتكلَّم عنها المتقدمون؛ لأنَّها إنَّما حرمت في أواخر المائة السادسة.
6 -
قال الشيخ محمَّد بن إبراهيم: وصلنا خطابكم باستفتائكم عن شجر القات،
وبعد مراجعة النصوص في ذلك، أفتينا بتحريمها، ومنع زراعتها، وتوريدها، واستعمالها، وغير ذلك.
7 -
قالت هيئة كبار العلماء: القات محرَّم، لا يجوز لمسلم أن يتعاطاه، أكلاً، وبيعًا، وشراء، وغير ذلك من أنواع التصرفات.
8 -
وقال الشيخ محمَّد بن إبراهيم: ليعلم كل أحد تحريمنا للتنباك، نحن ومشايخنا، وكافة أئمة الدعوة النجدية، وسائر المحققين سواهم من علماء الأمصار، من حين وجوده بعد الألف بعشرة أعوام، أو نحوها حتى عامنا هذا، وهذا استنادًا على الأصول الشرعية، والقواعد المرعية.
***
1087 -
وعَنْ أَمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِنَّ اللهَ لَمْ يَجْعَلْ شِفَاءَكُمْ فِيمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ". أَخْرَجَهُ البَيْهَقِيُّ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ (1).
ــ
* درجة الحديث:
الحديث صحيح.
وقد ورد عن عدَّة من الصحابة:
1 -
أم سلمة: أخرجه ابن حبَّان، والبيهقي.
2 -
ابن مسعود، أخرجه البخاري تعليقًا.
3 -
وائل بن حُجر: رواه أحمد، ومسلم، وأبو داود، وابن ماجه، وابن حبان، وصحَّحه ابن عبد البر.
…
(1) البيهقي (10/ 5)، ابن حبان (1391).
1088 -
وَعَنْ وَائِلٍ الحَضْرَمِيِّ، أَنَّ طَارِقَ بْنَ سُوَيْدٍ رضي الله عنهما سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنِ الخَمْرِ يَصْنَعُهَا لِلدَّوَاءِ، فَقَال:"إِنَّهَا لَيْسَتْ بِدَوَاءٍ، وَلَكِنَّهَا دَاءٌ". أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَغَيْرُهُمَا (1).
ــ
* مفردات الحديث:
- للدواء: ما يتداوى به، ويعالج، جمعه: أدوية.
- داء: -بفتح الدال، ممدود- هو المرض، ظاهرًا كان أو باطنًا.
* ما يؤخذ من الحديثين:
1 -
قال تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا} [البقرة: 219].
القاعدة الشرعية المستمدة من هذه الآية الكريمة، وأمثالها من نصوص الكتاب والسنة-: أنَّ الشارع الحكيم لا ينهى إلَاّ عمَّا مفسدته خالصة، أو راجحة.
2 -
الخمر أساسها مادة "الكحول" بكميات مختلفة، وهذه المادة توجد بنسبة خفيفة في جسم الإنسان؛ لتساعد في عملية هضم المواد السكرية، ولها فوائد طبية.
هذه الفوائد الطبية موجودة بنسبة كافية في البدن، وتلك النشوة المؤقتة التي يجدها الشارب، أو ذلك المكسب المادي من وراء التجارة بها، هذه هي المنافع القليلة التي فيها، ويوجد فيما أحلَّ الله أكثر منها، وأفضل، مع أنَّ هذه المنافع يقابلها من المضار والمفاسد ما لا يعلمه إلَاّ الذي حرمها،
(1) مسلم (1984)، أبو داود (3873).
تبارك وتعالى.
3 -
قال الأستاذ طبارة: إنَّ تأثير الخمر يبدأ بمجرَّد وصول عشرة جرامات من الكحول إلى الدم، وهذا القدر يوجد في كأس واحد من "الوِيسْكي"، أو "الكُونيَاك"، وقد لا يصل إلى درجة السكر.
4 -
الجرعة الواحدة من الخمر تحدث شيئًا من الارتفاع في ضغط الدم، يتضاعف إذا كان الشخص مرتفع الضغط من نفسه.
5 -
إذا كانت كمية الخمر وافرة، كانت كافية لأن تحدث هيجانًا يزيد في الضغط، لدرجة ينفجر معها شريان في المخ، يسبب شللاً.
6 -
الخمر لها تأثير في الوراثة، فقد شوهد أنَّ أولاد السكيرين ينشئوا غير صحيحي الجسم، ضعفاء البنية، ناقصي العقول، ويكون لديهم ميل إلى الإجرام، ودافع إلى الشر.
7 -
وقد أشار بعض الكُتَّاب الغربيين في مكافحة الخمر "بتنام" في كتابه "أصول الشرائع" يقول ما نصه: "النبيذ في الأقاليم الشمالية يسبب البله، وفي الأقاليم الجنوبية الجنون".
وقد حرمت ديانةً جميع المشروبات، وهذه من محاسنها.
وقال أيضًا: وقد أثبت العلم الحديث أنَّ الخمر لا فائدة منها في التداوي، وأنَّ فكرة التداوي بالخمرة كانت خاطئة، وهذا ما سبق إليه الإسلام، ويدل على الإعجاز العلمي في الأحاديث الشريفة.
8 -
فالحديثان دليلان على أنَّه يحرم التداوي بشرب الخمر، وقد ظهرت -ولله الحمد- حكمة التشريع في تحريمها، وأنَّها داء، وليست بدواء.
***