الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قصيدة الامام البوصيري
أمن تذكر جيران بذي سلم
…
مزجت دمعا جرى من مقلة بدم
أم هبت الريح من تلقاء كاظمة
…
وأومض البرق في الظلماء من أضم
فما لعينك ان قلت أكففا هتما
…
وما لقلبك ان قلت استفق يهم
أيحسب الصب ان الحب منكتم
…
ما بين منسجم منه ومضطرم
لولا الهوى لم ترق دمعا على طلل
…
ولا أرقت لذكر البان والعلم
فكيف تنكر حبا بعد ما شهدت
…
به عليك عدول الدمع والسقم
وأثبت الوجد خطى عبرة وضنى
…
مثل البهار على خديك والعنم
نعم سرى طيف من أهوى فأرقني
…
والحب يعترض اللذات بالألم
يا لائمي في الهوى العذرى معذرة
…
منى اليك ولو أنصفت لم تلم
عدتك حالي لا سرى بمستتر
…
عن الوشاة ولا دائي بمنحسم
محضتني النصح لكن لست أسمعه
…
ان المحب عن العذال في صمم
اني اتهمت نصيح الشيب في عذل
…
والشيب أبعد في نصح عن التهم
فان امارتي بالسوء ما اتعظت
…
من جهلها بنذير الشيب والهرم
ولا أعدت من الفعل الجميل قرى
…
ضيف ألم برأسي غير محتشم
لو كنت أعلم أني ما أوقره
…
كتمت سرا بدا لي منه بالكتم
من لي برد جماح من غوايتها
…
كما يرد جماح الخيل باللجم
فلا ترم بالمعاصي كسر شهوتها
…
ان الطعام يقوى شهوة التهم
والنفس كالطفل ان تهمله شب على
…
حب الرضاع وان تفطمه ينفطم
فاصرف هواها وحاذر أن توليه
…
ان الهوى ما تولى يصم أو يصم
وراعها وهي في الأعمال سائمة
…
وان هي استحلت المرعى فلا تسم
كم حسنت لذة للمرء قاتلة
…
من حيث لم يدر أن السم في الدسم
واخش الدسائس من جوع ومن شبع
…
فرب مخصة شر من التخم
واستفرغ الدمع من عين قد امتلأت
…
من المحارم والزم حمية الندم
وخالف النفس والشيطان واعصهما
…
وان هما محضاك النصح فاتهم
ولا تطع منهما خصما ولا حكما
…
فانت تعرف كيد الخصم والحكم
استغفر الله من قول بلا عمل
…
لقد نسبت له نسلا لذي عقم
أمرتك الخير لكن ما ائتمرت به
…
وما استقمت فما قولي لك استقم
ولا تزودت قبل الموت نافلة
…
ولم أصل سوى فرض ولم أصم
ظلمات سنة من أحياء الظلام الى
…
أن اشتكت قدماه الضر من ورم
وشد من سغب أحشاءه وطوى
…
تحت الحجارة كشحا مترف الادم
وراودته الجبال الشم من ذهب
…
عن نفسه فأراها أيما شمم
وأكدت زهده فيها ضرورته
…
ان الضرورة لا تعدو على العصم
وكيف تدعو إلى الدنيا ضرورة من
…
لولاه لم تخرج الدنيا منالعدم
محمد سيد الكونين والثقلين
…
والفريقين من عرب ومن عجم
نبينا الامر الناهي فلا أحد
…
أبر في قول لا منه ولا نعم
هو الحبيب الذي ترجى شفاعته
…
لكل هول من الأهوال مقتحم
دعا إلى الله فالمستمسكون به
…
مستمسكون بحبل غير منفصم
فاق النبيين في خلق وفي خلق
…
ولم يدانوه في علم ولا كرم
وكلهم من رسول الله ملتمس
…
غرفا من البحر أو رشفا من الديم
ووافقون لديه عند حدهم
…
من نقطة العلم أو من شكلة الحكم
فهو الذي تم معناه وصورته
…
ثم اصطفاه حبيبا باريء النسم
منزه عن شريك في محاسنه
…
فجوهر الحسن فيه غير منفسم
دع ما ادعته النصاري في نبيهم
…
واحكم بما شئت مدحا فيه واحتكم
وانسب إلى ذاته ما شئت من شرف
…
وانسب إلى قدرة ما شئت من عظم
فان فضل رسول الله ليس له
…
حد فيعرب عنه ناطق بفم
لو ناسبت قدره ايباته عظاما
…
أحيى اسمه حين يدعو دارس الرمم
لم يمتحنا بما تعي العقول به
…
حرصا علينا فلن نرتب ولم نهم
أعيى الورى فهم معناه فليس يرى في
…
القرب والبعد فيه غير منفحم
كالشمس تظهر للعينين من بعد
…
صغيرة ونكل الطرف من أمم
وكيف يدرك في الدنيا حفيقته
…
قوم نيام تسلوا منه بالحلم
فمبلغ العلم فيه أنه بشر
…
وأنه خير خلق الله كلهم
وكل اي أتى الرسل الكرام بها
…
فانما اتصلت من نوره بهم
فانه شمس فضل هم كواكبها
…
يظهرون أنوارها للناس في الظلم
أكرم بخلق نبي زانه خلق
…
بالحسن مشتمل بالبشر متسم
كالزهر في ترف والبدر في شرف
…
والبحر في كرم والدهر في همم
كأنه، وهو فرد من جلالته
…
في عسكر حين تلقاه وفي حشم
كأنما اللؤلؤ المكنون في صدف
…
من معدني منطق منه ومبتسم
لا طيب بعدل تربا ضم أعظمه
…
طوبى لمنتشق منه وملتثم
ابان مولده عن طيب عنصره
…
يا طيب مبتدأ منه ومختتم
يوم تفرس فيه الفرس أنهم
…
قد أنذروا بحلول البؤس والنقم
وبات ايوان كسرى وهو منصدع
…
كشمل أصحاب كسرى غير ملتئم
والنار خامدة الأنفاس من أسف
…
عليه والنهر ساهي العين من سدم
وساء ساوة ان غاضت بحيرتها
…
ورد واردها بالغيظ حين ظمى
كأن بالنار ما بالماء من بلل
…
حزنا وبالماء ما بالنار من ضرم
والجن تهتف والأنوار ساطعة
…
والحق يظهر من معنى ومن كلم
عموا وصموا فاعلان البشائر لم
…
تسمع وبارقة الانذار لم تشم
من بعد ما اخبر الأقوام كاهنهم
…
بأن دينهم المعوج لم يقم
وبعد ما عاينوا في الأفق من شهب
…
منقضة وفق ما في الأرض من صنم
حتى غدا عن طريق الوحي منهزم
…
من الشياطين يقفوا اثر منهزم
كأنهم هربا أبطال ابرهة
…
أو عسكر بالحصى من راحتيه رمى
نبذا به بعد تسبيح ببطنهما
…
نبذا لمسبح من أحشاء ملتقم
جاءت لدعوته الأشجار ساجدة
…
تمشيء إليه على ساق بلا قدم
كأنما سطرت سطرا لما كتبت
…
فروعها من بديع الخط في اللقم
مثل الغمامة أني سار سائرة
…
تقيه حر وطيس للهجير حمى
أقسمت بالقمر المنشق أن له
…
من قلبه نسبة مبرورة القسم
وما حوى الغار من خير ومن كرم
…
وكل طرف من الكفار عنه عمى
فالصدق في الغار والصديق لم يرما
…
وهم يقولون ما بالغار من ارم
ظنوا الحمام وظنوا العنكبوت على
…
خير البرية لم تنسج ولم تحم
وقاية الله أغنت عن مضاعفة
…
من الدروع وعن عال من الأطم
ما سامني الدهر ضيما واستجرت به
…
إلا ونلت جوارا منه لم يضم
ولا التمست غنى الدارين من يده
…
إلا استلمت الندى من خير مستلم
لا تنكر الوحى من رؤياه ان له
…
قلبا إذا نامت العينان لم ينم
وذاك حين بلوغ من نبوته
…
فليس ينكر فيه حال محتلم
تبارك الله ما وحي بمكتسب
…
ولا نبي على غيب بمتهم
كم أبرأت وصبا باللمس راحته
…
وأطلقت أربا من ريقه اللمم
وأحييت السنة الشهباء دعوته
…
حتى حكت غرة في الأعصر الدهم
بعارض جاد أو خلت البطا بها
…
سيب من اليم أو سيل من العرم
دعني ووصفي ايات له ظهرت
…
ظهور نار القرى ليلى على علم
فالدر يزداد حسنا وهو منتظم
…
وليس نيقص قدرا غير منتظم
فما تطاول امال المديح إلى
…
ما فيه من كرم الأخلاق والشيم
ايات حق من الرحمن محدثة
…
قديمة صفة الموصوف بالقدم
لم تقترن بزمان وهي تخبرنا
…
عن المعاد وعن عاد وعن ارم
دامت لدينا ففاقت كل معجزة
…
من النبين إذ جاءت ولم تدم
محكمات فما تبقين من شبه
…
لذي شقاق وما تبغين من حكم
ما حوربت قط إلا عاد من حرب
…
اعدى الأعادي إليها ملقى السلم
ردت بلاغتها دعوى معارضها
…
رد الغيور يد الجاني عن الحرم
لها معان كموج البحر في مدد
…
وفوق جوهرة في الحسن والقيم
فما تعد ولا تحصى عجائبها
…
ولا تسام على الاكثار بالسام
قرت بها عين قاريها فقلت له
…
لقد ظفرت بحبل الله فاعتصم
ان تتلها خيفة من حر نار لظى
…
أطفأت نار لظى من وردها الشبم
كأنها الحوض تبيض الوجوه به
…
من العصاة وقد جاؤا كالحمم
وكالصراط وكالميزان معدله
…
فالقسط من غيرها في الناس لم يقم
لا تعجبن لحسود راح ينكرها
…
تجاهلا وهو عين الحاذق الفهم
قد تنكر العين ضوء الشمس من رمد
…
وينكر الفم طعم الماء من سقم
يا خير من يمم العافون ساحته
…
سعيا وفوق متون الاينق الرسم
ومن هو الاية الكبرى لمعتبر
…
ومن هو النعمة العظمى لمغتنم
سريت من حرم ليلا إلى حرم
…
كما سرى البدر في داج من الظلم
وبت ترقى إلى أن نلت منزلة
…
من قاب قوسين لم تدرك ولم ترم
وقد متك جميع الأنبياء بها
…
والرسل تقديم مخدوم على خدم
وأنت تخترق السبع الطباق بهم
…
في موكب كنت فيه صاحب العلم
حتى إذا لم تدع شأوا لمستبق
…
من الدنو ولا مرقى لمستنم
خفضت كل مقام بالاضافة إذ
…
نوديت بالرفع مثل المفرد العلم
كيما تفوز بوصل أي مستتر
…
عن العيون وسر أي مكتتم
فحزت كل فخار غير مشترك
…
وحزت كل مقام غير مزدحم
وجل مقدار ما وليت من رتب
…
وعز ادراك ما أوليت من نعم
بشرى لنا معشر الاسلام ان لنا
…
من العناية ركنا غير منهدم
لما دعا الله داعينا لطاعته
…
يا أكرم الرسل كنا أكرم الأمم
راعت قلوب العدا أنباء بعثته
…
كنبأة أجفلت غفلا من الغنم
ما زال يلقاهم في كل معترك
…
حتى حكوا بالقنا لحما على وضم
ودوا الفرار فكادوا يغبطون به
…
اشلاء شالت مع العقبان والرخم
تمضي الليالي ولا يدرون عدتها
…
ما لم تكن من ليالي الأشهر الحرم
كأنما الدين ضيف حل ساحتهم
…
بكل قرم إلى لحم العدا قرم
يجر بحر خميس فوق سابحة
…
يرمى بموج من الأبطال ملتطم
من كل منتدب لله محتسب
…
يسطو بمستأصل للكفر مصطلم
حتى غدت ملة الإسلام وهي بهم
…
من بعد غربتها موصولة الرحم
مكفولة أبدا منهم بخير أب
…
وخير بعل فلم تيتم ولم تئم
هم الجبال فسل عنهم مصادمهم
…
ماذا رأى منهم في كل مصطدم
وسل حنينا وسل بدرا وسل أحدا
…
فصول حتف لهم أدهى من الوخم
المصدري البيض حمرا بعد ما رودت
…
من العدا كل مسود من اللمم
والكاتبين بسمر الخط ما تركت
…
أقلامهم حرف جسم غير منعجم
شاكي السلاح لهم سيما تميزهم
…
والورد يمتاز بالسيما من السلم
تهدى اليك رياح النصر نشرهم
…
فتحسب الزهر في الأكمام كل كمى
كأنهم في ظهور الخيل نبئت ربا
…
من شدة الحزم لا من شدة الحزم
طارت قلوب العدا من بأسهم فرقا
…
فما تفرق بين البهم والبهم
ومن تكن برسول الله نصرته
…
ان تلقه الأسد في اجامها تجم
ولن ترى من ولى غير منتصر
…
به ولا من عدو غير منقصم
أحل أمته في حرز ملته
…
كالليث حل مع الأشبال في أجم
كم جدلت كلمات الله من جدل
…
فيه وكم خصم البرهان من خصم
كفاك بالعلم في الأمى معجزة
…
في الجاهلية والتأديب في اليتم
خدمته بمديح استقيل به
…
ذنوب عمر مضى في الشعر والخدم
إذ قلداني ما تخشى عواقبه
…
كأنني بهما هدى من النعم
أطعمت غي الصبا في الحالتين وما
…
حصلت إلا على الاثام والندم
فيا خسارة نفس في تجارتها
…
لم تشتر الدين بالدنيا ولم تسم
ومن يبيع اجلا منه بعاجلة
…
يبن له الغبن في بيع وفي سلم
ان ات ذنبا فما عهدي بمنتقض
…
من النبي ولا حبلى بمنصرم
فان لي ذمة منه بتسميتي
…
محمدا وهو أوفى الخلق بالذمم
ان لم يكن في معادي اخذا بيدي
…
فضلا وإلا فقل يا زلة القدم
حاشاه أن يحرم الراجي مكارمه
…
أو يرجى الجار منه غير محترم
ومنذ الزمت أفكاري مدائحه
…
وجدته لخلاصي خير ملتزم
ولن يفوت الغنى منه يدا تربت
…
ان الحيا ينبت كالأزهار في الأكم
ولم أرد زهرة الدنيا التي اقتطفت
…
يدا زهير بما أثنى على هرم
يا أكرم الخلق مالي من ألوذ به
…
سواك عند حلول الحادث العمم
ولن يضيق رسول الله جاهك بي
…
إذ الكريم تجلى باسم منتقم
فان من جودك الدنيا وضرتها
…
ومن علومك علم اللوح والقلم
يا نفس لا تقنطي من زلة عظمت
…
ان الكبائر في الغفران كالمم
لعل رحمة ربي حين يقسمها
…
تأتي على حسب العصيان في القسم
يا رب واجعل رجائي غير منعكس
…
لديك واجعل حسابي غير منخرم
والطف بعبدك في الدارين ان له
…
صبرا متى تدعه الأهوال ينهزم
واذن لسحب صلاة منك دائمة
…
على النبي بمنهل ومنسجم
ما رنحت عذابات البان ريح صبا
…
واطرب العيس حادي العيس بالنغم
ثم الرضا عن أبي بكر وعن عمر
…
وعن علي وعن عثمان ذي الكرم
والال والصحب ثم التابعين فهم
…
أهل التقى والنقى والحلم والكرم
يا رب بالمصطفى بلغ مقاصدنا
…
واغفر لنا ما مضى يا واسع الكرم
واغفر الهي لكل المسلمين بما
…
يتلوه في المسجد الأقصى وفي الحرم
بجاه من بيته في طيبة حرم
…
واسمه قسم من أعصم القسم
وهذه بردة المختار قد ختمت
…
والحمد لله في بدء وفي ختم
أبياتها قد أتت ستين مع مائة
…
فرج بها كربنا يا واسع الكرم