المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌حكم الجمعيات الخيرية - جامع تراث العلامة الألباني في المنهج والأحداث الكبرى - جـ ٤

[ناصر الدين الألباني]

فهرس الكتاب

- ‌رأي العلامة الألباني في أطروحاتعبد الرحمن عبد الخالق -سدده الله-حول العمل السياسي والجماعي

- ‌السلفية والعمل السياسي والتكتل الحزبيعبد الرحمن عبد الخالق أنموذجاًورأي الألباني في بعض كُتُبعبد الرحمن عبد الخالق

- ‌رأي الشيخ في كتابعبد الرحمن عبد الخالق

- ‌المسلمون والعمل السياسي

- ‌حول عبد الرحمن عبد الخالق

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منهوحكم المظاهرات والمسيرات

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌متفرقات حول العملالسياسي والجماعي

- ‌الإمارة والبيعةفي الجماعات

- ‌حكم ما تفعله الجماعاتمن تأمير أمراء

- ‌الإمارة في الجماعات الإسلامية

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌الفرق بين إمارة السفروالإمارة الكبرى

- ‌مجموعة شباب يسكنون في بيتهل يجوز أن يُوَلَّوا أحدهم أمورهموهل يطلقون عليه اسم «الأمير»

- ‌توضيح حول إمارة السفر

- ‌الإمارة في الدعوة

- ‌إمارة المرأة على الجماعة

- ‌الإمارة

- ‌حدود الطاعة في إمارة السفر

- ‌حكم البيعة العامة والخاصة التي تأخذهابعض الجماعات على أتباعها

- ‌لمن البيعة؟ .. ثم متى الوصول؟ والكلامعلى التصفية والتربية

- ‌كيف تصح البيعة الآن

- ‌فَصْل أحد المنضويين تحتجماعة لمخالفة أمر الأمير

- ‌التعارف الذي تفعلهبعض الجماعات

- ‌التعارف عند الجماعات

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌حكم الجمعياتوالمؤسسات الخيرية

- ‌نصيحة لمن يقومعلى جمعيات وهو جاهل

- ‌حكم الجمعيات التعاونية

- ‌المؤسسات الخيرية

- ‌حكم الجمعيات الخيرية

- ‌الجمعيات الخيرية-جمعيةالحكمة اليمانية

- ‌أعمال الخير

- ‌حكم النقابات

- ‌حكم الانخراط في النقابات

- ‌رأي العلامة الألباني في فكرمحمد سرور -سدده الله

- ‌حول فِكْرمحمد سرور -سدده الله

- ‌رأي الشيخ فيما يسمى بالسروريين

- ‌رأي العلامة الألبانيفيما يسمى بفقه الواقع

- ‌فقه الواقع

- ‌واقع المسلمين:

- ‌معرفةُ الحق بالرد:

- ‌مسألة «فقه الواقع»:

- ‌أهمية معرفة الواقع:

- ‌من أنواع «الفقه» الواجبة:

- ‌نريدُ (المنهج) لا مجرد الكلام:

- ‌الانقسام حول «فقه الواقع»:

- ‌الكمال عزيزٌ؛ فالواجب التعاونُ:

- ‌خطأ (العالم) لا يُسقطُهُ:

- ‌فهذه قسمة تخالف الشرع والواقع

- ‌خطأ (الجهل) بالواقع:

- ‌التأكيد على وجوب التعاون:

- ‌الغلو فيما لابد منه:

- ‌لا ينكر «فقه الواقع»:

- ‌بين العلماء والحكام:

- ‌علة ذل المسلمين:

- ‌من أغلاط بعض (الدعاة):

- ‌التصفية والتربية:

- ‌الإسلام الصحيح:

- ‌كيف يأتي نصر الله

- ‌سبب (مرض) المسلمين:

- ‌الغلو في (فقه الواقع):

- ‌واقع (الدعاة) مع (فقه الواقع):

- ‌القول الوسط الحق في «فقه الواقع»:

- ‌وجوب المحبة والولاء:

- ‌خطر الطعن بالعلماء:

- ‌كيف نعالج الأخطاء

- ‌خطر (السياسة) المعاصرة:

- ‌تأصيل لحكم ما يسمىبفقه الواقع

- ‌نقاش حول مسائل منهجيةيتضمن الكلام على فقه الواقع

- ‌حول فقه الواقع

- ‌نتيجة الانشغال بفقه الواقع

- ‌حول الشيخ سلمان العودة -سدده الله

الفصل: ‌حكم الجمعيات الخيرية

‌حكم الجمعيات الخيرية

مداخلة: عندي كلام في كلام الشيخ أبي مالك: الخلاف الذي يدور بين الجماعات الإسلامية وبالخصوص بين الجماعات السلفية .. أنا أريد أن أفهم: هل الخلاف ناشئ من إنشاء جماعة إسلامية أم ناشئ من عدم فهم النصوص التي تدعم أو تدل على إنشاء جمعيات أو على عدم إنشائها؟

الشيخ: أنا لم أفهم الجملة الأولى: هل الخلاف ناشئ من ..

مداخلة: من إنشاء الجمعيات الخيرية ..

الشيخ: من إنكار تقول؟

مداخلة: من إنشاء .. هل الخلاف بين المسلمين وبالخاصة بين السلفيين ناشئ من إنشاء الجمعيات الإسلامية أم من طبيعة فهم النصوص الشرعية؟

الشيخ: لا، ليس له علاقة الإنشاء في الموضوع .. الخلاف جذري عقدي فكري، ثم هذا الخلاف ينشأ منه خلاف عملي .. الآن بالنسبة للجمعيات أظن أن المتفق عليه بيننا إن شاء الله أن الجمعية الخيرية لا بد أن تكون قائمة على الأحكام الشرعية، نحن نسأل الآن: وأرجوا أن يكون الجواب واضحاً، هل كل جمعية خيرية في العالم الإسلامي تعتقدون أنها قائمة على الأحكام

ص: 164

الشرعية؟

مداخلة: يمكن أن يكون بعضها قائم على الأحكام الشرعية وبعضها غير قائم.

الشيخ: إذاً: الجواب أسهل قلها وانتهى الأمر ليس كل.

مداخلة: لا .. هناك ..

الشيخ: اسمح لي! لأن خير الكلام ما قل ودل .. سؤالي: هل كل جمعية خيرية قائمة اليوم في الأرض الإسلامية تقوم على الأحكام الشرعية؟ الجواب: لا، ليس كل، وإنما هكذا وهكذا.

مداخلة: أقصد شيء آخر

مثل الفرد المسلم

الشيخ: نعم، ما يحتاج الجواب إلى تفصيل ولذلك أردت منك الاختصار لنبني عليه، طيب! الآن: أليس من الضروري إذاً بالنسبة للقائمين على الجمعيات الخيرية أن يكونوا علماء وفقهاء؟

مداخلة: بلى.

الشيخ: طيب! هل كذلك الجمعيات الخيرية في العالم الإسلامي؟

مداخلة: قد يكون بعضها أيضاً .. قد يكون ..

مداخلة: نرجو أن نسأل الأخ الكريم ..

مداخلة: قد يكون بعضها تأخذ بالفتاوى الشرعية .. ما دام

ص: 165

الشيخ: لا، لا اسمح لي! قولك: تأخذ بالفتاوى الشرعية هو ليس جواب سؤالي ..

مداخلة: لأنك أحياناً ..

الشيخ: يا أخي! تقول لأن! أجب عن كلامي أنا أقول قولك: بعضها تأخذ بالفتاوى الشرعية غير الذي أنا سألت عنه، أنا أريد أن أقول: هذا يذكرني بكلام لابن رشد الأندلسي قال كلمة في منتهى اللطف والحكمة، قال: مثل المجتهد ومثل المقلد كمثل الخفاف وبائع الخفاف، الخفاف يأتي إليه رجل بقياس رجل غير عادية .. غير طبيعية .. قصيرة .. عريضة .. فيفصل له الخف الذي يناسب هذا القدم، أما بائع الخفاف يذهب هذا الرجل الغريب القدم إلى بائع الخفاف فينظر في هذه المعلقات هذه فيعتذر لا يجد له هذا القياس.

أنا أريد من النوع الأول، أعني: أن أي مشكلة تعرض لهذه الجمعية ينبع الجواب والفتوى منها وليس لترسل إلى دار استفتاء إلى البلد الفلاني أو المفتي الفلاني في البلد الفلاني فتأخذ كما قلت بارك الله فيك بالفتاوى الشرعية، لا! أريد تماماً كالصراف، الصراف يجب أن يكون عالماً بأحكام الصرف وإلا وقع في الربا أليس كذلك؟ هو قد يأخذ بالفتوى الشرعية لكن

كثرة الأعمال التي تعترض سبيله لا تساعده أن يسأل وأن ينتظر الجواب، لا بد أن ينبع الجواب من نفسه تماماً.

فالغرض بارك الله فيك من كل هذا الكلام هو أن هذه الجمعيات الخيرية

ص: 166

يجب أن تقوم على الأحكام الشرعية أي: من بعض القائمين على هذه الجمعية، وهذا مع الأسف عزيز جداً اليوم في العالم الإسلامي، أنا أضرب لكم مثلاً: بعض الجمعيات تخلط أموال الزكاة بأموال الصدقات وهذا لا بد أنكم تعرفون شيئاً من هذا، فتضع أموال الزكاة في المشاريع العامة مثلاً كأموال الصدقات بينما الزكوات لها مصارفها المنصوص عليها في الكتاب والسنة، لماذا؟ لأن القائمين عليها من رئيس ومرؤوس هم طلاب خير صحيح لكن كما قيل:

أوردها سعد وسعد مشتمل

ما هكذا يا سعد تورد الإبل

الذي يريد أن يقيم جمعية خيرية يجب أن يضع لها أساس قائم على الشرع وهؤلاء ينبغي أن يكونوا علماء، وهذا نحن بحاجة إلى علماء في المسائل التي تعم المسلمين كافة ولا نجد هؤلاء العلماء إلا قلة مع الأسف الشديد.

الخلاصة: هذا البحث حقيقةً بحث طويل ومهم، ونسأل الله عز وجل أن يوفقنا لما اختلف فيه الناس من الحق وأن يعرفنا به إن شاء الله.

مداخلة: السؤال الذي سألتموه أن الجمعيات في العالم الإسلامي هل كلها مقيدة بالأحكام الشرعية؟

الشيخ: الله أكبر.

شقرة: السؤال الحقيقة أنا أقول: ليس هناك جمعية في العالم الإسلامي مقيدة بالأحكام الشرعية لسببين اثنين:

ص: 167

السبب الأول: جهل السواد الأعظم من القائمين عليها بطبيعة الأحكام الشرعية.

والسبب الثاني وهو الأهم: أن الجمعيات الشرعية لا بد أن تتعامل مع الدولة التي تنشأ في ظلها، ولا شك أن هذه الجمعيات بالتعامل مع أنظمة الدولة لا بد أن تزل قدمها لا أقول في بعض الأحيان بل في كثير من الأحيان؛ ولذلك رأينا أيضاً وهذا السؤال الذي أنا أريد أن أقول .. أن يوجه لإخواننا ولكل الحاضرين من إخواننا ليس من إخواننا اليمنيين فقط، فنحن قد ابتلينا وأعني: نحن السلفيين بأن بعضاً من إخواننا في بعض البلاد أنشؤوا هذه الجمعيات وللأسف الشديد أن ربما تنشأ جمعيتان في بلد واحد ولا يكون الوفاق بينهما، لماذا؟ لا أقول؛ لأنهم اختلفوا في المنهاج في فهم الشريعة الإسلامية فكل منهم يقول: أنا على منهج الكتاب والسنة كما تفضل شيخنا وعلى فهم السلف الصالح، ولكن كما قلنا في بداية الأمر ودندنا حوله كما ذكر شيخنا وأشار إلى دندنتي أن .. يجب أن تؤخذ الأمور لا بالاعتبار في البداية وإنما يجب أن تربط بتقدير دقيق البدايات بالنهايات، فأنا عندما أضع قدمي على أرض صلبة يجب أن أقدر أيضاً أن أصل إلى نهاية المشوار على أرض صلبة تمنعني من السقوط لأصل إلى الغاية التي أريد ولكن لا تكاد هذه الجمعية أو تلك تنشأ حتى يدب الخلاف وتنشأ المنازعات بين الإخوان في الجمعيتين معاً فهذه جمعية وهذه جمعية، فلماذا إذاً هذا الاختلاف؟ هذا رأيناه واقعاً واضحاً في عالمنا الإسلامي بين إخواننا الذين هم على منهج الكتاب

ص: 168

والسنة، وما هذا إلا لهذين السببين الذي ذكرنا أنه لا يمكن أن يكون هناك في ظل الأنظمة الحاضرة أن تنشأ جمعيات تتحقق المشروعية الكاملة التي تتقيد بها الجمعية في الأحكام الشرعية.

الشيخ: أنا أريد إذا سمحت أن أضيف ملاحظة حول .. أو إضافة حول كلام الأستاذ: هل تتصورون جمعية إسلامية سلفية خيرية يكون لها صندوق لحفظ المال المتوفر لديها لا يوضع هذا المال في بنك من البنوك، هل هذا موجود؟ أنبئوني بعلم.

مداخلة: يا شيخ! بالنسبة لهذا الموضوع لا بد أن يكون موجوداً، لكن هذا ..

مداخلة:

هو ما قال لا بد أن يكون موجوداً! قال: هل هو موجود؟

مداخلة:

الحكومات تشترط أن يكون رأس المال، أو لها رأس مال في البنك.

مداخلة:

هذا الجواب.

مداخلة: لكن أقول: إن هذا الذي أشار إليه الأخ أبو مالك يسري في جميع بقية الأعمال الخيرية مثلاً، فممكن يسري هذا إلى العدل

القضاء

إمامة المساجد

الخطابة

الوعظ

الحج

كل هذه الأمور لا بد أن تعامل فيه مع الدولة ..

الشيخ: ما أظنك تقول إن هذه الأمور كلها سواء؟

ص: 169

مداخلة: هي المسألة تعود إلى أن القائمين يقدرون المصالح أو المفاسد في مثل هذا الموضوع وإلا فينبغي تعميم جميع الأعمال أن لا يتعامل فيها

الشيخ: إذاً نقف عند كلمتك القائمين!

مداخلة: نعم.

الشيخ: هؤلاء القائمون هم من أهل العلم والفضل والصلاح والتقوى

مداخلة: فيرجع الأمر ..

الشيخ: نفترض أيضاً أنه كذلك، أليس كذلك؟

مداخلة: نعم.

الشيخ: وهم يرون أن إيداع المال الخيري في البنك الذي يتعامل بالربا يجوز؟

مداخلة: هم يقولون مثلاً ..

الشيخ: عفواً! أنا أسأل سؤالاً واضحاً وهو بكلامي يجوز .. تقول أنت: نعم، أو لا، ما تحتاج إلى أن تتعب نفسك وربما غيرك فتقول: هم يقولون، نحن نعرف ما يقولون، لكن أنت أنبئني: هل هؤلاء الذين افترضنا أنهم من أهل العلم والخير والصلاح يرون أن إيداع المال .. مال الزكاة ومال الصدقات في البنك الذي يتعامل بالربا هل يجوز؟

مداخلة: نعم يرون ذلك وهذا لا ينافي صلاحهم وعلمهم وتقواهم؛ لأنها

ص: 170

مسألة اجتهادية.

الشيخ: زدت في الجواب جزاك الله خير! وكيف يتأولون قوله عليه السلام حينذاك: «لعن الله آكل الربا وموكله» ؟

مداخلة: لا يأكلون الربا

الشيخ: موكله .. موكله! موكله «لعن الله آكل الربا وموكله» فهم يوكلون الربا، أو أنك لا تفرق بين الأمرين؟

مداخلة: لا بان الفرق

الشيخ: إذاً: ما جوابهم فيما تعلم؟

مداخلة: الله أعلم.

الشيخ: الله أعلم .. هذه مشكلة.

شقرة: شيخنا! حديث الأخ الكريم .. حديث الأخ الحقيقة هو يتكلم عن المشكلة العامة التي يعيش في ظلها الأسود المسلمون في كل أقطارهم نتيجةً لسيطرة نظام الرأسمالي الغربي على حياة المسلمين في شؤون حياتهم، فأقول: نضرب لذلك مثلاً، وهذا أمر كلنا قد يكون واقعاً فيه، ما منا من أحد إلا وعنده السيارة أو يفكر في شراء السيارة، ولا شك أن القوانين تمنع أن تقتني السيارة إلا إذا كان هناك بوليصة التأمين محفوظة عندك.

فواحد من أمرين: إما أن تكون ورعاً إلى الحد الذي تتأبى فيه أن تشتري

ص: 171

السيارة وتسير على قدميك في الوقت الذي تعرف بأن السيارة صارت ضرورة حياة، وإما أن تشتري السيارة، فشراؤك السيارة لا بد أن يوقعك في هذه البوليصة لتضعها بجيب سيارتك فتبرزها عندما يراد إبرازها.

إذاً: ماذا نقول في مثل هذا، هل يجوز التعامل بهذا القدر الذي يحتاج إليه أم أنه لا يجوز الاقتناء للسيارة؟

ننظر في الجواب من شيخنا بارك الله فيه.

الشيخ: أنا خطر في بالي أن أقول بالنسبة لكلام الأخ آنفاً: حينما قلت: ليسوا سواءً، تذكر؟

الآن خباز يبيع الخبز لمدير البنك الربوي، هل يستوي هذا الخباز في إعانة هذا المرابي الكبير على رباه كالموظف عنده، هل يستويان مثلاً؟ هذا الذي أردت أن أقول، فأنت حينما تودع مالك في البنك وبإمكانك أن تحافظ عليه لست مضطراً لأن تكون موكلاً للربا، فما هو عذر المسلمين اليوم في أنهم حتى في الجمعيات الخيرية يودعون أموالهم ويلوثونه بلوثة الربا بوضعه في البنك.

وما أشار إليه الأستاذ آنفاً أن النظام القائم في هذه الدول هو نظام رأسمالي لا يسمح لجمعية أن يكون عندها صندوق على الطريقة الإسلامية، لكن هناك مخرج؛ لأن الحقيقية الإسلام تأتي تشاريعه التي لا تعد ولا تحصى بالنسبة لقواعده جعل لكل شيء مخرجاً.

ص: 172

الآن بدل أن نودع المال في البنك والبنك يستفيده، نودعه إذا كان ليس باستطاعتنا أن نتخذ صندوقاً خاصاً في الجمعية له موظفوه .. له حراسه إلى آخره، هذا يحتاج إلى بحث خاص إذا كان هذا غير مستطاع فيستأجر من البنك صندوق ويدفع أجر هذا الصندوق للمحافظة على هذا المال الذي لا تمتد إليه يد البنك الربوي، هذا مخرج من المخارج، لماذا لا ترجع إليه الجمعيات الخيرية؛ لأنهم لا يفكرون في معالجة الأمور في حدود الأحكام الشرعية.

لذلك نحن بحاجة إلى ما ذكرناه آنفاً من ضرورة إقامة الأحكام الشرعية في كل معاملاتنا ومنها الجمعيات الخيرية.

على أننا نعود ونذكر بأننا لا ننصح إخواننا طلاب العلم أن يشغلوا أنفسهم بهذا العمل الخيري؛ لأن لهذا العمل ناساً آخرين ممن لم يطبعوا على حب العلم والرغبة في طلب العلم، إذاً: لكلٍ مجاله.

وما أشار إليه الأستاذ آنفاً من أن هذه الجمعيات قد يترتب من ورائها بغضاء وشحناء وتعادي وإلى آخره فهذا مع الأسف أمر واقع، لكن أنا في اعتقادي أنه لا بد مما لا بد منه، لا بد من تحقيق مخالفة التحذير المضمون في قوله تعالى:{وَلا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ} [الفجر: 18] فيجب أن نتحاضض على طعام المسكين، ومن ذلك هذا التعاون الخيري، لكن لا يكون ولن يكون خيرياً إلا بربط هذا المشروع في الأحكام الشرعية وأن يقوم به غير طلاب العلم.

ص: 173

مداخلة: شيخنا! سألتم سؤلاً

قلتم: لماذا لا توضع هذه الأموال في صناديق خاصة في البنوك وتدفع أجورها.

الشيخ: نعم.

مداخلة: أولاً: البنوك لا ترضى بمثل هذا التعامل، فأقول: البنوك تأذن في أن توضع هذه الأموال أو الأشياء النفيسة في داخل هذه الصناديق المستأجرة؛ لأن الأمر لا يحتاج من الجمعية أو المؤسسة أو التاجر أو الشركة التي لا تحتاج إلى فتح هذا الصندوق يومياً والتعامل معه بما يسمى بالحساب الجاري .. الذي هو جاري، يعني: الجاري مدين، فهذا الحساب لا يأذن بمثل هذا؛ ذلكم أن البنك ليس عنده استعداد في كل يوم أن يفتح الصندوق وأن يودعه في كل .. ربما يحتاج الإيداع أن يمر الموظف على البنك مرتين أو ثلاثة في اليوم؛ ولذلك البنك لا يأذن بمثل هذه، يقول له: أخرج نقودك .. أليس هذا هو الصحيح يا أكرم .... أكرم .... اختصاصه يعرف هذا.

هذا الحقيقة يمكن أن يتحقق إذا كان المال يودع للادخار فقط، إما إذا كان للتعامل اليومي فهذا غير ممكن؛ ولذلك حتى هذا الشرط لا يتحقق لمثل هذه الجمعيات والمؤسسات.

الشيخ: أنا يبدو لي شيء حول هذا البيان وجزاك الله خير أنا لا أدري مثل هذا التفصيل الذي سمعته آنفاً، وأفترض أن الواقع كذلك بعد أن نستمد ممن وصف بأنه من اختصاصه، لكن أنا يبدو لي على افتراض أن الأمر بهذا

ص: 174

التضييق الذي سمعناه آنفاً، أيضاً يمكن حل المشكلة من الناحية العملية:

قد يكون في الجمعية الملايين، فبإمكان الجمعية أن تودع هذه الملايين في الصندوق الذي يسمى بصندوق الأمانات وتبقي في صندوقها الخاص ما تسلك أمورها في ظرف مثلاً شهر .. شهرين .. ثلاثة .. أنا لست خبيراً بهذه الجمعيات إنما أعمل فكري وذهني، وبذلك ننجو من التضييق هذا الذي هو أمر قانوني مع الأسف، إذا كان كذلك بهذا الحل وهو أن تبقي الجمعية في صندوقها الخاص من الألوف ما تشغلها في مصاريفها الخاصة ونفقاتها ومبراتها إلى أن يحين ربما بعد شهر .. شهرين .. يسمح البنك هذا الربوي بأن يطلب منه أنه نريد أن نفتح الصندوق لنأخذ كمية كذا، هذا ما يبدو لي ذهنياً وفكرياً.

الآن نستفيد من الأستاذ هنا!

مداخلة: والله يا شيخ! حتى هذا يعني متعذر وأتوقع حتى الجمعية لن تستطيع أن توفق لهذا الأمر؛ لأن الجمعية دائماً عندها مشاريع كبيرة غالباً وتبرعات فبالتالي تحتاج إلى أموال .. لحركة كبيرة جداً.

مداخلة: عندها سيولة

مداخلة: ولذلك البنوك دائماً توفر لهذه الجمعيات مزايا كثيرة، يعني: لا توفرها لغيرها من الزبائن.

هذه من ناحية .. الناحية الثانية:

ص: 175

الشيخ: عفواً أخيراً قلت لذلك ماذا؟

مداخلة: لذلك البنوك غالباً توفر لهذه الجمعيات التعاونية مزايا كبيرة

جداً

الشيخ: نريد أن نعرفها

ما هي هذه المزايا؟

مداخلة: يعني من هذه المزايا على سبيل المثال: أنها تخصص لها حرية السحب والإيداع بطرق معينة، يعني: هذه بطرق مصرفية يصعب الآن شرحها، لكن تحاول أن تستقطب هذه الجمعيات بكل الطرق الممكنة ..

مداخلة: بالإغراءات.

مداخلة: بالإغراءات يعني: إغراءات كبيرة.

كذلك إشارة إلى ما أشاره أستاذنا وشيخنا أبو مالك هناك نقطة مهمة كذلك: من جهة الناس المتبرعين يا شيخ! الجمعيات التعاونية غالباً يكون لها حساب في كل الفروع، يعني: مثلاً إنسان الآن موجود في العقبة على سبيل المثال الأردن وإنسان في إربد وإنسان كذا .. ومقر الجمعية على سبيل المثال موجود في عمان، فهذا كيف يستطيع أن يصل؟ ولنفرض مثلاً أن هؤلاء ألفين أو ثلاثة في العقبة إن لم يكونوا أكثر وفي إربد عشرة آلاف، فهو يستطيع عن طريق الفرع البنكي الذي هناك في العقبة مجرد ورقة يبعثها حتى لو يبعثها مع أي إنسان يضع .. يعني: يحول من داخل حسابه إلى حساب صندوق الجمعية، فطبعاً في هذا تيسير كبير على الناس، وبالتالي تتلقف أموال كبيرة للجمعية.

ص: 176

فعملياً لا يمكن .. يعني: هذه الآن المشكلة الآن مثل ما أخبره شيخنا الأستاذ أصبحت هذه البنوك مثل الإخطبوط الآن لا تستطيع أن تتخلص منها ..

مداخلة: هناك شيء آخر أخ رمزي! وهو أنه محظور على الجمعيات أن تبقي في خزانتها إلا مبلغ يسير محدد .. لا يجوز أنها تبقي الألوف وإنما تبقي إن أبقت مئات أما لا تتعدى رقم الألوف لا تدخل فيه؛ ولذلك من الناحية العملية مستحيل تطبيقه، هذا إذا وقفنا عند هذا

شيخنا! ولكن نحن نعلم كما دندنا حول الموضوع هذا بشيء من الإطالة قال: إن الجمعيات تدخل المشتركين أو المساهمين فيها في متاهات في العداوة .. في البغضاء .. في التحاسد .. في التنافر .. وطبيعة الجمعيات شيخنا هنا أنا أعرف عدد منها هنا أن التنافس بينها يؤدي إلى الخصومة حتى بين أصحاب المنهج الواحد، وأنا أذكر أن جمعيتين إسلاميتين هنا كانت إحداهما قائمة ونشيطة فقامت جمعية أخرى أخذت تحرض على هذه الجمعية وتقول بأن هذه الجمعية لا تحقق المصلحة التي .. ولا تسعى للأشياء التي أنا أحققها في الجمعية؛ ولذلك ماتت الجمعية الأولى وحيت الجمعية الثانية على حساب الأولى، وهم جميعاً أصحاب منهج واحد.

مداخلة: إضافة فنية أساس تكون معلومة ..

الشيخ: تفضل.

ص: 177

مداخلة: طبعاً هو الآن يغلب على دعنا نقول على الناس الملتزمين إذا اضطر أن يتعامل مع هذه البنوك أن يفتح حساب جاري .. الحساب الجاري تعريفه عند البنوك الإسلامية طبعاً أتكلم .. تعريفه أنه قرض حسن حال ..

الشيخ: كيف؟

مداخلة: تعريفه عند البنوك الإسلامية يعني: وضع هذا الحساب يسمى حساب جاري الذي يعطى معه دفتر شيكات، وضعه أنه قرض حسن حال، بمعنى: أنك في أي وقت تطلب هذا المبلغ ولو كان بمئات الملايين يدفع لك بأي وقت ..

مداخلة:

شيخنا أنه التسمية يغير الأسماء ..

الشيخ: يعني: يسمونها بغير اسمها ..

مداخلة: بغير اسمها نعم! يعني: هذا تكييف الشرع عنده ..

مداخلة: التكييف القانوني ليس الشرعي ..

مداخلة: هم طبعاً يقولون تكييف شرعي، لأنهم يا شيخ يسموه: قرض حسن حال؛ لأنه لا يعطى لأي فوائد أو أي أرباح، هذا في أي وقت تطلبه أنت المبلغ يعطى أو يدفع لك، يعني: لو أودعته اليوم وغداً طلبته يدفع لك بالكامل، لكن بقية الحسابات مثل حساب التوفير وحساب الوديعة هذا لا بد أن تحتفظ بمبلغ معين في الحساب ولا يجوز أن تسحبه قبل فترة محددة، وبالتالي أغلب هؤلاء .. لكن طبعاً في نفس الوقت أنت لو نظرت .. هو أربح

ص: 178

حساب للبنك هذا الحساب؛ لأنه غير ملتزم معك بدفع أي شيء، ممكن يستغله خلال يومين يشغل هذه النقود ويربح منها الشيء الكثير يعني، نعم.

الشيخ: طيب! أبو أنس ماذا عندك؟

مداخلة: طيب! الموظف

يعني: الحكومة مثلاً تحول راتبه على البنك لا يمكن أن يأخذه من الحكومة أو الدائرة وإنما تحيله على بنك الإسكان أو على البنك العربي وأحياناً لظروف ما يتأخر لا تتاح له فرصة فيبقى مثلاً أيام وأسابيع، ما حكمه شيخنا؟

الشيخ: هذا من النماذج والأمثلة التي أشرت إليها حينما قلت جواباً لكلام الأخ هنا: ليسوا سواءً، ولكن بالنسبة لقولك أخيراً أنه قد يتأخر قبضه لهذا الراتب مدة، أنا أرى بالنسبة لكل موظف مبتلى بهذه البلوى أن يحول راتبه إلى البنك أن يجعل ديدنه دائماً وأبداً إذا علم أن اليوم وصل الراتب إلى البنك لا يتركها ولا ساعة من نهار إذا استطاع؛ لأن الله عز وجل لا يكلف نفساً إلا وسعهاً، أولاً هو لبيان الفرق .. هو ليس كذاك الذي يودع ماله بيده في البنك وإنما هذا فرض عليه فرضاً كمثل هذه الضرائب التي لا ينجوا منها إنسان فهي مكوس ومحرمة إلى آخره لكن مفروض علينا فرضاً فلسنا مسؤولين .. وكالرشوة التي يدفعها الراشي للوصول إلى حقه المهضوم هذا ليس رشوة محرمة كما تعلمون.

فأنا أقول: أن هذا الموظف أولاً ليس عليه مسؤولية؛ لأن الدولة أمرته أن

ص: 179

يأخذ الراتب من البنك، لكن عليه أن يحرص كما قلت آنفاً أن لا يدع هذا المال أقل وقت ممكن .. يحرص أن لا يدعه مهما قل، أما إذا اضطر مرض لا سمح الله وما شابه ذلك فلا يكلف الله نفساً إلا وسعها.

مداخلة:

واحد في المائة

بعد عمله، يعني: يجوز .. سؤال أخوانا قد يكون راتب إنسان هذا بسيط ولكن هذه البنوك طبعاً من خبثها أحياناً تتلقف المبلغ .. مبلغ الرواتب نفرض مثلاً وزارة المالية بالكامل أو وزارة الزراعة تتلقف مثلاً مبلغ نفرض مثلاً مئات الملايين هب تلقت المبلغ من الحكومة ولكن تؤخره عندها حتى تشغله، وكل ما يراجع الموظف تقول: لم يصل من الوزارة، وتأتي للوزارة وتقول لك: ذهب .. طبعاً هي فترة الأربع الخمسة أيام هذه تكون شغلت هذا المال، لكن لا حول ولا قوة إلا بالله ..

الشيخ: هذا على كل حال ليس له علاقة بالموظف، لأن هذا من حيلهم: درت أنا على بالك كما يقال! يعني: فوق تعاملهم بالربا يؤخروا هذا المال عندهم وليس لهم حق في ذلك.

مداخلة: شيخنا بارك الله فيك الآن انتهينا من موضوع مثلاً .. مسألة الجمعية، لكن هل هناك تلازم بين العمل الجماعي المنظم والجمعيات، أظن والله أعلم هل هناك ..

الشيخ: سبق الجواب! إذا كانوا يعملون في الدائرة لا يعادي بعضهم بعضاً، ولا يحقد بعضهم على بعض أنا لا أرى في ذلك مانعاً، لكن هذا في

ص: 180

الواقع كواقع عزيز جداً.

مداخلة: لأنه بارك الله فيك لا ينبغي لأحد أن يجعل أساس دعوته أو تجمعه هو جمعية أو كذا أو كذا ينبغي أن يكون الأساس هو منهج أهل السنة والجماعة، أما إذا جعل أساس ..

الشيخ: رجعت حليمة إلى عادتها القديمة

مداخلة: إذا جعل أساس دعوته هي جمعية ممكن حينئذٍ بعد ذلك يحدث نوع من الحزبية، فيجعل منهج أهل السنة والجماعة على فهم السلف إذا جعله هو الأصل لا يلزم حينئذ أنه مثل هذه الحزبية ..

الشيخ: لكن تذكر أنني ألح بأن طلاب العلم يبتعدون ..

مداخلة: طيب! جزاك الله خير.

شقرة: على كل حال شيخنا أنا أريد أن أقول كلمة في نهاية هذا المجلس الطيب الكريم الذي حقيقة سعدنا فيه بلقيا إخواننا من اليمن ولعلها المرة

التي نجتمع فيها بإخوان لنا من اليمن وجزاهم الله عنا خير الجزاء حيث أننا أيضاً استمتعنا بحديث شيخنا وأستاذنا والذي يسعد الناس جميعاً بلقياه كلما لقوه، وهذا من فضل الله على هذه الأمة كلها والحمد لله أن يوجد مثل شيخنا وأستاذنا الشيخ محمد ناصر الدين الألباني، وإذا كان لنا أن نتعصب نحن في بلادنا في ديار الشام فنحن نفخر بأن يكون درة بلاد الشام الشيخ ناصر الدين الألباني، والحمد لله الذي من علينا بهذا ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يكون

ص: 181

مجلسنا هذا الذي جلسنا مجلس خير وبركة.

وأنت تنقل عنا لإخواننا الذين في اليمن والذين أنتم الحمد لله تمثلون جزءً كبيراً منهم .. أن تنقلوا لهم تحياتنا وسلاماتنا الحارة العاطرة وأن نتواصى دائماً بالخير والحق، وأن نكون إن شاء الله على مثل حسن الظن الذي لا أقول: نحسن الظن فيه بأنفسنا وإنما أرجو أن نكون عند حسن ظن إخواننا من ورائنا الذين يرون فينا أننا على شيء من العلم والمعرفة وبخاصة وأن ما سمعتموه الآن هو أمانة في أعناقكم تنقلونها إلى إخواننا هناك مع .. وأستميح شيخنا عذراً وإذا قلت أيضاً: انقلوا لإخواننا سلام شيخنا ودعاؤه لهم بالتوفيق والسداد إن شاء الله.

الشيخ: جزاك الله خيراً.

(الهدى والنور / 792/ 42: 34: 00)

ص: 182