الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب منه
مداخلة: هناك رسالة بقلم الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق رحمه الله وحفظه عنوانه المسلمون والعمل السياسي، فوجد فيها كثير من الشباب السلفي بغيتهم وجواب لما يدور في خلدهم جميعاً، ما هو موقفهم من العمل السياسي فالسؤال الذي نوجه لمحدث العصر الألباني، هل لكم من ملاحظات حول هذه الرسالة وما حوته من مباحث، فإن كان الجواب بنعم فما هي الملاحظات مع بيانها ولو أن تشير إليها
…
فضيلة الشيخ ثم ما هي نظرتك تجاه العمل السياسي؟
الجواب: طبعاً عهدي بالرسالة ومضامنها بعيد، لكن بقي في الذاكرة شيء لابد من لفت النظر إليه وإن كان بعضه يفهم من الجواب السابق، فتوضيح ذلك أن العمل السياسي وإن كان أمراً لا يتنافى مع الإسلام بل هو من الإسلام، لكن من كلامي السابق يتبين أن اشتغال المسلمين بالعمل السياسي قبل أن يتكتلوا على فهم الإسلام فهماً صحيحاً وعلى تمثله في واقع حياتهم وتحقيق أنهم تربوا تربية إسلامية صحيحة، أرى أن من الخطأ البالغ الخطورة أن يشتغل المسلمون بالعمل السياسي وهم بعد لما يحققوا المرحلة الأولى التي أشرنا إليها أثناء كلامنا عن الآية السابقة: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا
اسْتَطَعْتُمْ} [الأنفال: 60].
وبخاصة أن بعض الأحزاب الإسلامية دخلوا في هذه التجربة منذ سنين عديدة ثم ما أفلحوا ولا أنجحوا بل رجعوا القهقرى وكثير منهم يعني أدبر على عقبيه وصار كأنه غريب عن الإسلام من حيث أفكاره ومن حيث أعماله، ومن رأى العبرة بغيره فليعتبر.
فإذا كنا وجدنا هناك بعض الجماعات الإسلامية وهي أعرق في القدم وأكثر في العدد وفي الاستعداد العملي السياسي ما نجحوا في ذلك أيما نجاح بل بدا لهم أنهم قد ضيعوا على أنفسهم فوائد كثيرة من حيث التعرف على جوانب عديدة من الشريعة الإسلامية كانوا غافلين عنها بسبب اشتغالهم بما يسمى بالعمل السياسي أو الاجتماعي أو نحو ذلك.
لهذا نقول: إن العمل السياسي هو خطوة يجب أن يسبقها خطوات يأتي من بعدها العمل السياسي، وأنا لا أعتقد أن انصراف جماعة لهم دعوة ولهم أثر في بعض البلاد الإسلامية يذكر من حيث تصحيح المفاهيم وتصحيح الأذكار أن تنصرف هذه الجماعة إلى العمل السياسي وبخاصة أن هذا العمل السياسي محاط بقانون وبنظام ليس قائماً على كتاب الله ولا على حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بل ولا على مذهب من المذاهب الإسلامية المتبعة.
لأن الأمر كما نقول دائماً: حنانيك بعض الشر أهون من بعض.
فالدولة العثمانية مثلاً كانت دولة تحكم بالمذهب الحنفي، وفي المذهب
الحنفي خير كبير، ولكن فيه بعض الأشياء تخالف السنة لكن هذا خير من هؤلاء الحكام الذين لا يحكمون بأي مذهب من مذاهب أهل السنة، وإنما تبنوا القوانين الغربية الأجنبية وانطلقوا يطبقونها وينفذونها في البلاد الإسلامية ومن أراد أو أي جماعة أرادت أن تعمل عملاً سياسياً في ضمن هذه المناهج والقوانين الوضعية فلا شك أن عاقبة ذلك الأمر سيكون خسراً وسيكون نتيجة العاملين أن يرجعوا كما رجع سلفهم من قبل القهقرى.
لذلك لا نؤيد هذا العمل السياسي لا لأنه لابد منه وإنما لأنه سابق لأوانه، ولعل مما أذكره أن من النذر التي تدل على صحة وعلى خطورة العمل السياسي قبل الاستعداد له أنني أذكر إن كنت لست ناسياً أنه قد جاء في الكتاب أو الرسالة المشار إليها التصريح بأن المسلمين في هذا الزمان لابد لهم من أن يتساهلوا في ارتكاب بعض المحرمات شرعاً حتى يتمكنوا من تحقيق الغاية المنشودة من إقامة المجتمع الإسلامي، أنا أذكر هذا فهل أنتم ذاكرون معي وإلا تصححون ذاكرتي؟ هل منكم من ذاكر؟
مداخلة:
…
الشيخ: نعم؟
مداخلة: إن شاء الله.
الشيخ:
…
نعم. فأنا أقول: كيف يلتقي هذا مع الشرع الذي قلنا مذكرين آنفاً بآية يشترك في معرفتها العامة مع الخاصة من أهل العلم وهي قوله تعالى:
{إِنْ تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ} [محمد: 7] فهل يكون نصر الله لنا بأن نستحل بعض حرمات الله عز وجل أم نكون بتقوانا لله تبارك وتعالى حتى نستحق النصر من الله، إذاً نستطيع أن نقول هاهنا ونتمثل بقول القائل المعروف:
أوردها سعد وسعد مشتمل
…
ما هكذا يا سعد تورد الإبل
لا يكون الانطلاق إلى العمل السياسي وافتتاح باب الدعوة إلى العمل السياسي بالتصريح بأنه لابد من ارتكاب بعض المحرمات لكي ينطلق العمل إلى الاقتصاد والاهتمام ونحو ذلك مع أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد صرح في بعض الأحاديث الصحيحة حينما خطب في الناس قائلاً: «يا أيها الناس اتقوا الله عز وجل وأجملوا في الطلب فإن ما عند الله لا ينال بالحرام، إن نفساً لن تموت حتى تستكمل رزقها وأجلها وأجملوا في الطلب فإن ما عند الله لا ينال بالحرام» .
الرسالة تقول: لابد من غض النظر عن بعض المحرمات وارتكابها حتى نتقوى مادياً وإلا نكون متخلفين عن ركب العصر الحاضر، هذا ما يحضرني جواباً عن مثل هذا السؤال.
(الهدى والنور /210/ 15: 19: 00)