المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المطلب الثالثفي تعريف العبادة اصطلاحا وشرعا عند علماء الحنفية - جهود علماء الحنفية في إبطال عقائد القبورية - جـ ١

[شمس الدين الأفغاني]

فهرس الكتاب

- ‌الآيات

- ‌الأحاديث

- ‌المقالة الحنفية الحنيفية التي تقمع القبورية

- ‌القصيدة السلفية اليمانية ثم الحنفيةفي كشف فضائح القبورية الشركية

- ‌ الفصل الأول: في أهمية شأن العقيدة عند علماء الحنفية

- ‌المبحث الأولفي تعريف التوحيد عند علماء الحنفية

- ‌ المطلب الأول: في تعريف التوحيد لغة

- ‌المطلب الثانيفي معنى التوحيد اصطلاحًا

- ‌المطلب الثالثفي إبطال تعريف القبورية للتوحيد

- ‌المبحث الثانيفي أنواع التوحيد عند علماء الحنفيةوردهم على القبورية في ذلك

- ‌المطلب الثانيفي التقسيم الثنائي للتوحيد عند علماء الحنفية

- ‌المطلب الثالثفي التقسيم الثلاثي للتوحيد عند الحنفية

- ‌الفصل الثالثفي أهمية توحيد الألوهيةوكونه هو الغاية عند علماء الحنفية

- ‌المبحث الثانيفي بيان شروط صحة توحيد العبادة

- ‌المبحث الثانيفي جهود علماء الحنفية لإبطال تعريف القبورية للعبادة

- ‌ المطلب الأول: رد علماء الحنفية على تعريف القبورية للعبادة

- ‌المطلب الثانيفي تعريف العبادة لغة

- ‌المطلب الثالثفي تعريف العبادة اصطلاحا وشرعًا عند علماء الحنفية

- ‌المبحث الثالثفي أركان العبادة وأنواعها وشروط صحتها عند علماء الحنفية وردهم على القبورية

- ‌ المطلب الأول: في أركان العبادة عند علماء الحنفية

- ‌المطلب الثانيفي أنواع العبادة

- ‌المطلب الثالثفي صحة شروط العبادة

- ‌ الفصل الأول: في تعريف الشرك وأنواعه ومصدره وتطوره، ونشأة القبورية

- ‌المطلب الثانيفي تعريف علماء الحنفية للشرك

- ‌المطلب الثالثفي جهود علماء الحنفية في إبطال تعريف القبورية للشرك

- ‌المبحث الثانيفي بيان أنواع الشرك عند علماء الحنفيةوردهم على القبورية

- ‌المبحث الثالثفي مصدر الشرك بعبادة القبور وتطوره، ونشأة القبورية

- ‌ المطلب الأول: في مصدر الشرك بعبادة القبور ونشأة القبورية عند علماء الحنفية

- ‌المطلب الثانيفي تطور الشرك بعبادة القبور وأهلها وانتشار القبورية في العالم

- ‌المطلب الثالثفي تحقيق علماء الحنفية أن القبورية أهل الشرك وثنية عبدة الأوثان

- ‌المبحث الأولفي تحقيق علماء الحنفية أن الشرك موجود في القبورية

- ‌ المطلب الأول: في تاريخ القبورية إجمالًا

- ‌المبحث الثانيفي جهود علماء الحنفيةفي المقارنة بين القبورية الحديثة وبين الوثنية القديمة

- ‌الفصل الثالثفي أجوبة علماء الحنفية عن شبهات القبورية الأخرى

- ‌الشبهة الأولى: شبهة الأحجار والأشجار والأصنام والأوثان

- ‌الشبهة الرابعة: شبهة تنقيص الأنبياء والأولياء:

الفصل: ‌المطلب الثالثفي تعريف العبادة اصطلاحا وشرعا عند علماء الحنفية

‌المطلب الثالث

في تعريف العبادة اصطلاحا وشرعًا عند علماء الحنفية

لقد ذكر علماء الحنفية عدة تعريفات للعبادة؛ وكلها صحيحة جامعة مانعة.

وهي ترد على تعريف القبورية للعبادة ردا باتا.

وأذكر من تلك التعريفات ما يلي:

التعريف الأول: هو أن العبادة: (فعل المكلف على خلاف هوى نفسه تعظيمًا لربه) .

التعريف الثاني: هو أن العبادة: (فعل ما يرضي الرب) .

قلت: المناسبة بين هذين التعريفين وبين المعاني اللغوية للعبادة:

هي الذل والخضوع والتنسك.

التعريف الثالث: هو أن العبادة: (تعظيم يقصد به الزلفى من الله تعالى والنجاة في الدار الآخرة) .

التعريف الرابع: هو أن العبادة: (نهاية التذلل لنهاية تعظيم الغير

ص: 317

بالاختيار) .

قلت: المناسبة بين هذين التعريفين وبين المعاني اللغوية للعبادة واضحة.

التعريف الخامس: هو أن العبادة: (عبارة عن الاعتقاد والشعور بأن للمعبود سلطة غيبية في العلم والتصرف فوق الأسباب، يقدر بها على النفع والضر؛ فكل دعاء وثناء وتعظيم ينشأ من هذا الاعتقاد: فهو عبادة) .

وقد أثنى الحنفية على هذا التعريف بأنه جامع لأنواع من العبادة؛ قال الشيخ الرستمي:

(وما أحسن ما قيل.....)، ثم ذكر هذا التعريف ثم قال:

(وهذا التعريف جامع لجميع أفراد العبادات: من الصلاة، والزكاة، والصوم، والحج، والذكر، والنذر، والثناء، والدعاء، والعبادات: القولية، والبدنية، والمالية جميعًا؛ فكل من يعبد عبادة،

ص: 318

ويعتقد أن للمعبود علي. علمًا بجميع الحالات، وتصرفًا في كل حال. فإن كان يعبد الله - فهو عبادة الله، وإن كان يعبد لغير الله بهذا الاعتقاد - فهو شرك، وعبادة غير الله تعالى) .

التعريف السادس: هو أن العبادة: (ما أمر به شرعًا من غير اقتضاء عقلي، ولا اطراد عرفي) .

التعريف السابع: هو أن العبادة: (فعل ما أمر الله به ورسوله، وترك ما نهى الله عنه ورسوله صلى الله عليه وسلم ابتغاء وجه الله والآخرة) .

قلت: وجه المناسبة بين هذين التعريفين وبين معاني العبادة اللغوية: الطاعة والتنسك.

قال العلامة محمود شكري الآلوسي (1342) هـ قبل أن يذكر هذين التعريفين، مبينًا جهالة القبورية للعبادة، مبطلًا حصرهم لها:

(والجواب أن يقال: إن كلامه [ابن جرجيس] هذا نشأ عن جهل

ص: 319

باللغة والشرع وما جاءت به الأنبياء والرسل صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين....) .

ثم ذكر هذين التعريفين وتعريفًا آخر، ثم قال:

(فدخل في هذه التعاريف والحدود جميع أنواع العبادات، فلا يقصد بها غير الله ولا تصرف لسواه. وهذا الغبي لم يعرف من أفرادها غير الركوع والسجود والذبح والتقرب؛ مع أن دعاء المسألة من أفضل أنواعها وأجلها) .

التعريف الثامن: هو أن العبادة: (اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه: من الأقوال والأعمال الباطنة والظاهرة؛ كالتوحيد؛ فإنه عبادة في نفسه، والصلاة، والزكاة، والحج، وصيام رمضان، والوضوء، وصلة الأرحام، وبر الوالدين، والدعاء، والذكر، والقراءة، وحب الله، وخشية الله، والإنابة إليه، وإخلاص الدين له، والصبر لحكمه، والشكر لنعمه، والرضاء بقضائه، والتوكل عليه، والرجاء لرحمته، والخوف من عذابه، والاستغاثة به، وغير ذلك مما رضيه وأحبه، فأمر به، وتعبد الناس به) .

قلت: هذا التعريف أحسن التعريفات كلها لفظًا ومعنى، وأشملها جمعًا ومنعًا، وأدقها طردًا وعكسًا، وأوضحها كلا وجزءًا، وهو من كلام شيخ الإسلام.

التعريف التاسع: هو أن العبادة: (ضرب من الخضوع بالغ حد

ص: 320

النهاية، ناشئ عن استشعار القلوب عظمة المعبود) .

التعريف العاشر: هو أن العبادة: (عبارة عما يجمع كمال المحبة، والخضوع، والخوف، والرجاء، والطاعة) .

قلت: هذا التعريف فيه ميزة لا توجد في غيره من التعريفات، وهي اشتماله على أركان العبادة.

التعريف الحادي عشر: هو أن العبادة: (فعل ما يرضى به الرب) .

التعريف الثاني عشر: هو أن العبادة: غاية حب العابد للمعبود، مع ذل العابد لمعبوده.

أقول: إن هذه التعريفات التي ذكرتها عن الحنفية للعبادة حجة قاطعة على بطلان تعريف القبورية للعبادة، وأن القبورية في اشتراط القيود التي ذكروها في مفهوم العبادة؛ كالاستقلال بالنفع والضر، والربوبية، ونفوذ المشيئة، ونحوها على باطل محض.

ص: 321

وأن تعريفهم للعبادة غير جامع لأفرادها؛ بل غير صادق على شيء من العبادة؛ فهو تعريف مزيف ذاهب أدراج الرياح؛ بل قضي عليه فصار كأمس الدابر؛ وأن تعريفات الحنفية للعبادة كلها صحيحة في نفسها، وبعضها أولى وأوضح من بعضها؛ وأنها جامعة لأفراد العبادة، ومانعة عن دخول غيرها فيها.

وتبين من هذه التعريفات: أن القبورية بنذورهم وتوجههم إلى الأموات، واستغاثتهم بهم عند الملمات - عباد القبور وأهلها مرتكبون للشركيات *.

وبذلك جاء الحق وزهق الباطل، إن الباطل كان زهوقًا.

ألم تر أن الحق تلقاه أبلجا

وأنك تلقى باطل القول لجلجا

وبعد أن عرفنا تعريف العبادة ننتقل إلى معرفة أركانها وأنواعها وشروط صحتها في المبحث الآتي عند علماء الحنفية، وبالله التوفيق.

*****

ص: 322