الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثاني
في أنواع العبادة
لقد تبين من تعريفات علماء الحنفية للعبادة: أن العبادة أمر شامل لجميع الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة الإسلامية؛ غير محصورة في بعض الأقوال والأفعال، كما قال القبورية؛ فإنهم قد حصروا العبادة في بعض ذلك، كما سبق نقل مقالتهم.
وتبين أيضًا من أركان العبادة التي ذكرتها عن الحنفية: أن العبادة غير محصورة في بعض الأمور.
ولذا صرح علماء الحنفية ردا على القبورية وإبطالًا لحصرهم: بأن العبادة غير محصورة في بعض الأقوال والأفعال: من الركوع والسجود والصلاة والزكاة ونحوها كما زعم القبورية.
وقد صرح العلامة محمود شكري الآلوسي بأن حديث جبريل في بيان أركان الإسلام والإيمان لا يدل على حصر العبادة في بعض الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة، فلا مستند للقبورية في هذا الحديث على حصر
العبادة.
الحاصل: أن الحنفية قالوا: إن العبادة لها جزئيات كثيرة غير محصورة في بعض الأمور.
ولكنها تندرج تحت أنواع ثلاثة:
الأول: العبادة القولية.
الثاني: العبادة البدنية.
الثالث: العبادة المالية.
قلت: وقد تكون العبادة مركبة من هذه الأنواع الثلاثة؛ كالحج.
وهناك نوع رابع أيضًا: وهو العبادة الاعتقادية.
وأقول: إن هذه الأنواع الثلاثة تحتها أنواع كثيرة من العبادات ذكرها علماء الحنفية.
أذكر منها على سبيل المثال ما يلي:
1 -
دعاء المسألة: وهو من أفضل العبادة وأجلها، ومخها، بل هو العبادة.
فاستغاثة القبورية عند إلمام الملمات بالأموات إشراك برب البريات * إذ هو عبادة لغير الله سبحانه وعبادة غير الله من أعظم الشركيات *.
2 -
13 - قال العلامة محمود شكري الآلوسي (1342هـ) مبينًا جهل القبورية بالعبادة، ذاكرًا بعض أنواعها:
(وبعضهم أحذق من هذا العراقي وأمثاله الذين لم يفهموا من العبادة سوى الركوع والسجود، ولم يجدوا في معلومهم سواه. فأين الحب، والخضوع، والتوكل، والإنابة، والخوف، والرجاء، والرغب، والرهب، والطاعة، والتقوى، ونحو ذلك من أنواع العبادة الباطنية والظاهرة؛ فكل هذا عند العراقي يصرف لغير الله، ولا يكون عبادة؛ لأن العبادة ما فسرها هو به فقط؛ بل عبارته في عدة مواضع تفهم: أن السجود لا يحرم إلا على من زعم الاستقلال. وقد رأينا كثيرًا من المشركين، ولم نر مثل هذا الرجل في جهله ومجازفته وبلادته) .
14 -
31 - وقال رحمه الله وتبعه الشيخ الرستمي - كاشفًا عن جهل القبورية بالعبادة مبينًا بعض أنواع العبادة الأخرى:
(وإن تصلف هذا العراقي وادعى أن أعمال إخوانه عبدة القبور لا تشبه أفعال المشركين؛ فتلك عبادة وأفعال إخوانه ليست بعبادة؟!؟ ؛ يقال له: إنك لم تفهم معنى العبادة؛ وهي على ما سبق: اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه؛ من الأقوال والأعمال الباطنة والظاهرة: كالتوحيد؛ فإنه عبادة في نفسه، والصلاة، والزكاة، والحج، وصيام رمضان، والوضوء، وصلة الأرحام، وبر الوالدين، والدعاء، والذكر، والقراءة، وحب الله، وخشية الله، والإنابة إليه، وإخلاص الدين له، والصبر لحكمه، والشكر لنعمه، والرضى بقضائه، والتوكل عليه، والرجاء لرحمته، والخوف من
عذابه، والاستغاثة به؛ وغير ذلك مما رضيه وأحبه، فأمر به وتعبد الناس به) .
32 -
38 - وقال العلامة محمود شكري الآلوسي (1342هـ) ، والشيخ الرستمي، واللفظ للثاني:
(وقال الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله (1206هـ) :
((أنواع العبادة التي أمر الله بها: مثل الإسلام، والإيمان، والإحسان، ومنه الدعاء، والخوف، والرجاء، والتوكل، والرغبة، والرهبة، والخشوع، والخشية، والإنابة، [والاستعانة] ، والاستعاذة، والاستغاثة، والذبح، والنذر، وغير ذلك من أنواع العبادة التي أمر الله تعالى بها كلها لله تعالى)) كشف الشبهات ص5) .
39 -
46 - ونقل الشيخ الرستمي عن الإمام ابن القيم رحمه الله (751هـ) قوله في أنواع العبادة التي هي من حقوق الله التي لا يجوز صرفها لغيره سبحانه:
الرب رب والرسول فعبده
…
حقا وليس لنا إله ثان
لله حق لا يكون لغيره
…
ولعبده حق هما حقان
لا تجعلوا الحقين حقا واحدا
…
من غير تمييز ولا فرقان
فالحج للرحمن دون رسوله
…
وكذا الصلاة وذبح ذا القربان
وكذا السجود ونذرنا ويميننا
…
وكذا متاب العبد من عصيان
وكذا التوكل والإنابة والتقى
…
وكذا الرجاء وخشية الرحمن
وكذا العبادة واستغاثتنا به
…
إياك نعبد ذان توحيدان
وعليهما قام الوجود بأسره
…
دنيا وأخرى حبذا الركنان
وكذلك التسبيح والتكبير وال
…
تهليل حق إلهنا الديان
لكنما التعزير والتوقير حق
…
ق للرسول بمقتضى القرآن
والحب والإيمان والتصديق لا
…
يختص بل حقان مشتركان
هذي تفاصيل الحقوق ثلاثة
…
لا تجهلوها يا أولي العدوان
فالأسف كل الأسف على حال من يسجد للقبور ويركع، ويعين في الأنعام والحرث نذرًا لأهل القبور حصة معينة، ويقطع مسافة طويلة لزيارة قبر؛ كالحج، ومع أنه يقول في صلاته:{إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} . فما بال هؤلاء الجهلة؟! أي معنى للعبادة عندهم؟! هل للعبادة مصداق عندهم في الخارج أم لا؟!؟ فهذا حال من لم يعرف حق الله وحق العباد، ولم يميز بينها....) .
47 -
49 - وقال - مبينًا بعض أنواع العبادة، محققًا أن القبورية يعبدون الأموات بكثير من أنواع العبادة:
(فثبت أن مقصود نزول القرآن دعوة العباد إلى عبادة الله وحده والرد على الذين أشركوا مع الله في العبادات؛ من السجدة لغير الله، والحج،
والنذر لغير الله، وغير ذلك من العبادات. وقد دخل في هذا الباب كثير من الناس في هذا الزمان؛ فمنهم من يصلي لغير الله تعالى، وأجزاء الصلاة من الركوع والسجود والقيام والقعود يفعلونها لغير الله تعالى أيضًا، من الأولياء أحياء وأمواتا) .
50 -
وقال: (العبادة - في الشرع - عبارة عما يجمع كمال المحبة، والخضوع، والخوف؛ فاستكمال هذه الثلاثة لله تعالى فيكون عابده تعالى، وموحدًا.
ومن أحب مع غير الله مثل حبه تعالى، أو خضع لغير الله مثل الخضوع له تعالى، أو خاف من غير الله كالخوف منه تعالى، فقد أشرك معه تعالى غيره في العبادة؛ فمن يذبح أولاده في محبة الأولياء، ويجعلونهم نذرًا لهم، ويخضعون عند قبورهم ما يخضعون مثله في المساجد لله تعالى؛ كما
لا يخفى ذلك على أحد، أو يخاف من الأولياء فوق الأسباب من وصول الضرر بقطع الأشجار عن أيكتهم، أو بالصيد في أشجارهم، فهو مشرك بالله في العبادة، أعاذنا الله تعالى منه) .
51 -
83 - وقد عنون الشاه إسماعيل الدهلوي (1246هـ) لأنواع العبادة التي كان قبورية الهند يصرفونها للأموات مبينًا أن كل هذا شرك أكبر، وتبعه الشيخ أبو الحسن الندوي، فقالا واللفظ للثاني:
(أعمال العبادة وشعائرها خاصة بالله تعالى.
والشيء الثالث: أن الله سبحانه وتعالى خصص بعض أعمال التعظيم لنفسه، وهي التي تسمى ((عبادة)) : كالسجود، والركوع، والوقوف بخشوع وتواضع، - مثلًا يضع يده اليمنى على اليسرى، أو إنفاق المال
باسم من يعتقد فيه الصلاح أو العظمة، والصوم له، وقصد بيته من أنحاء بعيدة، وشد الرحل إليه بوجه يعرف كل من رآه أنه يؤم بيته حاجا زائرًا، والهتاف باسمه في الطريق كالتلبية، والتجنب عن الرفث والفسوق، والقنص، وصيد الحيوانات، ويمضي بهذه الآداب والقيود، ويطوف بالبيت ويسجد إليه، ويسوق الهدي إليه، وينذر النذور هناك، ويكسو ذلك البيت، كما تكسى الكعبة، والوقوف على عتبته، والإقبال على الدعاء والاستغاثة، والسؤال لتحقيق مطالب الدنيا والآخرة، وبلوغ الأماني، وتقبيل حجر من أحجار هذا البيت، والالتزام بجداره، والتمسك بأستاره، وإنارة السرج والمصابيح حوله تعظيمًا وتعبدًا، والاشتغال بسدانته، والقيام بجميع الأعمال التي يقوم بها السدنة: من كنس، وإنارة، وفرش، وسقاية، وتهيئة أسباب الوضوء والغسل، وشرب ماء بئره تبركًا، وصبه على الجسم، وتوزيعه على الناس، وحمله إلى من لم يحضر، والمشي مدبرًا عند العودة؛ حتى لا يولي البيت دبره، واحترام الغابة التي تحيط به، والتأدب معها؛ فلا يقتل صيدها، ولا يعضد شجرها، ولا يختلي خلاها، ولا يرعى ماشيته في حماها؛ كل هذه الأعمال علمها رب العالمين عباده، وأفردها لنفسه.
فمن أتى بها لشيخ طريقة، أو نبي، أو جني، أو لقبر محقق، أو
نزور، أو لنصب، أو لمكان عبادة، عكف فيها أحد الصالحين على العبادة، والذكر، والرياضة، أو لبيت، أو لأثر من آثار أحد الصالحين، يتبرك به، أو شعار يعرف به، أو يسجد لتابوت، أو يركع له، أو يصوم باسمه، أو يقف خاشعًا، متواضعًا، واضعًا إحدى يديه على الأخرى، أو يقرب له حيوانًا، أو يؤم بيتًا من هذه البيوت من بعيد، فيشد إليه الرحل، أو يوقد السرج فيه تعظيمًا وتعبدًا، أو يكسوه بكسوة كما تكسى الكعبة، أو يضع على ضريح ستورًا، أو يغرز علمًا أو عودًا باسمه، وإذا رجع رجع على
أعقابه، أو يقبل القبر، أو يحرك المراوح عليه ليذب الذباب، كما يفعله الخدم مع أسيادهم الأحياء، أو ينصب عليه سرادق، أو يقبل عتبته، ويضع اليمنى على اليسرى، ويتضرع إليه، أو يجلس على ضريح سادنًا وقيمًا، ويتأدب مع ما يحيط به من أشجار، وآجام، وأعشاب؛ فلا يتعرض لها بإهانة، أو إزالة؛ إلى غير ذلك من الأعمال، والالتزامات، - فقد تحقق عليه الشرك؛ ويسمى ((إشراكًا في العبادة)) ؛ سواء اعتقد: أن هذه الأشياء تستحق بنفسها، وأنها جديرة بذلك، أو اعتقد أن رضا الله في تعظيم هذه الأشياء، وأن الله يفرج الكرب ببركة هذا التعظيم) .
84 -
103 - وقال رحمه الله أيضًا بعدما ذكر عدة أنواع من العبادة مبطلًا عقائد القبورية حاكمًا عليهم بالشرك محققًا أنهم يصرفون كثيرًا من أنواع العبادة للقبور وأهلها؛ وتبعه الشيخ أبو الحسن علي الندوي، واللفظ للثاني:
(....، فمن أتى بذلك للأنبياء، والأولياء، والأئمة، والشهداء، والعفاريت، والجنيات: مثلًا ينذر لها إذا ألمت به كربة، أو نزلت به ضائقة، أو ينادي بأسمائها عند ملمة، أو نازلة، أو يفتح عمله بأسمائها، وإذا رزق ولدًا نذر لها نذورًا، أو سمى أولاده بعبد النبي، أو ((إمام بخش)) [هبة الإمام] ، أو ((بير بخش)) [هبة المرشد] ، ويخصص جزءا من الحبوب
أو الثمرات لها، ويقدم لها مما أخرجته الأرض من زرع وأثمار، ثم يستعمله في أغراضه، ويخصص من المال، وقطعان الأنعام أموالًا ودواب، ثم يتأدب معها، فلا يصرفها، ولا يزجرها عن العلف والتبن، ولا يضربها بعصا أو حجر، أدبًا وتعظيمًا، ويتمسك بالعادات القديمة، والأعراف الشائعة في الأكل والشرب، واللباس، ويتقيد بها كما يتقيد بأحكام الشريعة؛ فيحرم طعامًا، ولباسًا لأناس، ويحلهما لأناس، ويحظرهما على طبقة كالذكور والإناث، ويبيحهما لأخرى، فيقول: إن الطعام الفلاني لا يقربه الرجال. وإن الطعام الفلاني لا تقربه الجواري؛ ولا تقربه المرأة التي تزوجت بزوج ثان، وإن ((الخبيص)) الذي يعد باسم الشيخ عبد الحق، لا يأكله من يستعمل النارجيلة، وينسب ما يحدث من خير وشر، وما ينتاب من بؤس ورخاء إلى هؤلاء المشايخ والأولياء؛ فيقول: إن فلانًا أدركته
لعنة فلان؛ فجن، وفلان طرده فلان؛ فافتقر، وفلان أنعم عليه فلان؛ فساعده الحظ، وحالفه الإقبال، وأصابت الناس المجاعة بنوء كذا، ونوء كذا، وفلان بدأ عمله بيوم كذا، وفي ساعة كذا، فلم يوفق، ولم يتم، أو يقول: إن شاء الله ورسوله - كان كذا، أو يقول: إن شاء شيخي - وقع كذا، أو يضفي على من يعظمه أسماء وصفات تختص بالله، وهي من نعوت العظمة والكبرياء، والغنى عن الخلق، والقدرة المطلقة، والجود الذي لا نهاية له، أو القهر والجبروت؛ مثل المعبود، وأغنى الأغنياء، وإله الآلهة، ومالك الملك، وملك الملوك، أو يحلف بالنبي صلى الله عليه وسلم، أو بعلي رضي الله عنه، أو بأحد أولاده الذين يسميهم الشيعة: الأئمة الاثني عشر، أو بشيخ، أو بقبره. كل ذلك يتحقق منه الشرك؛ ويسمى ((الإشراك في العبادة)) ، أن يعظم غير الله في الأعمال التي اعتادها تعظيمًا لا يليق إلا بالله) .
104 -
107 - وقال رحمه الله تعالى أيضًا مبينًا أن القبورية يرتكبون أنواعًا من الشرك الأكبر، بصرف أنواع كثيرة من العبادات للقبور وأهلها، وتبعه الشيخ الندوي المذكور، واللفظ للثاني:
(اعلم أن الشرك قد شاع في الناس في هذا الزمان وانتشر....، ومن المشاهد اليوم أن كثيرًا من الناس يستعينون بالمشايخ، والأنبياء، والأئمة، والشهداء، والملائكة، والجنيات، عند الشدائد، فينادونها، ويصرخون بأسمائها، ويسألون منها الحاجات وتحقيق المطالب، وينذرون لها،
ويقربون لها قرابين تسعفهم، وتقضي مآربهم، وقد ينسبون إليها أبناءهم؛ طمعًا في رد البلاء
…
، ويرسل بعض الناس ضفيرة في رأسه باسم ولي من الأولياء وبعضهم يقلد ابنه قلادة باسم شيخ أو ولي، وبعضهم يكسو ولده لباسًا، وبعضهم يصفد ابنه بقيد في الرجل باسم أحد المشايخ والأولياء، وبعضهم يذبح حيوانًا بأسمائهم، وبعضهم يستغيث بهم عند الشدة، وبعضهم يحلف في حديثه بأسمائهم
…
والحاصل: أنه ما سلك عباد الأوثان في الهند طريقًا مع آلهتهم إلا وسلكه الأدعياء من المسلمين مع الأنبياء والأولياء والأئمة والشهداء والملائكة والجنيات؛ واتبعوا سنن جيرانهم من المشركين؛ شبرًا بشبر وذراعًا بذراع، وحذو القذة بالقذة، والنعل بالنعل، فما أجرأهم على الله، وما أبعد الشقة بين الاسم والمسمى، والحقيقة والدعوى.
قلت:
الحاصل أنه قد تبين من نصوص هؤلاء العلماء من الحنفية التي ذكرتها في المطالب السابقة أمور ستة:
الأول: أن العبادة غير محصورة في بعض الأعمال والأقوال، بل هي شاملة لجميع أنواعها وأفرادها. وبذلك يبطل زعم القبورية في حصرها في بعض الأعمال والأقوال.
الثاني: أن علماء الحنفية قد ذكروا عدة أنواع من العبادة، وقد ذكرت عنهم من خلال نصوصهم فوق المائة، على سبيل المثال لا الحصر. ومن أهم تلك الأنواع التي ذكروها: الدعاء، والاستغاثة، والاستعانة، والنذور، ونحوها.
الثالث: أنه قد صرح علماء الحنفية: أن القبورية باستغاثتهم بالأموات عند الملمات * ونذورهم للقبور وأهلها عند الكربات * مرتكبون للشرك الأكبر، وعبادة القبور بأنواع من العبادات *
الرابع: أن الشرك موجود في القبورية، وأنهم أهل الشرك، وأنه لا فرق بينهم وبين الوثنية إلا بالاسم فقط.
الخامس: أن الرجاء والخوف داخلان في مفهوم العبادة. فدل هذا على ضلال الصوفية الذين يقولون: ((لا مقصود إلا الله)) . ويقولون: إن الذين يعبدون الله رجاء الجنة وخوفًا من النار، فهم كالأجير يطلب الأجرة. وقد تقدم الرد عليهم بكلام الحنفية.
والحقيقة أن هؤلاء الصوفية الذين يقولون: نحن نعبد الله بالحب فقط لا خوفًا منه ولا رجاء منه ولا طمعًا في الجنة ولا مخافة من النار، هم من الزنادقة الملاحدة الحلولية الاتحادية.
السادس: أن كل ما يصرف القبورية للقبور وأهلها من العبادات لا يخلو من المحبة والرجاء والخوف؛ فالقبورية يعبدون القبور وأهلها، وأنهم أشركوا بالله، والله المستعان
…
وبعد أن عرفنا العبادة، وعرفنا أركانها، وعرفنا بعض أنواعها ننتقل إلى المطلب الآتي لنعرف شروط صحة العبادة وقبولها عند الله جل وعلا، في ضوء نصوص علماء الحنفية، وبالله التوفيق وإليه مآب.