الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثالث
في إبطال تعريف القبورية للتوحيد
لقد ذكرت في المطلب السابق بعض نصوص علماء الحنفية في تعريف التوحيد اصطلاحًا؛ وحاصل هذه التعريفات:
أن ((التوحيد)) هو ((الاعتقاد والشهادة بأن الله سبحانه وتعالى منفرد بذاته وصفاته وربوبيته وإلهيته، وعبادته، لا شريك له في ذلك كله)) .
وأقول: إن هذا التعريف هو الصحيح الجامع المانع، الموافق لما عرفه به كثير من أئمة السنة غير الحنفية؛ وإليك بعض التعريفات للتوحيد التي ذكرها علماء أهل السنة غير الحنفية:
1 -
هو اعتقاد (أن الله واحد في ملكه، وأفعاله لا شريك له، وواحد في ذاته وصفاته لا نظير له، وواحد في إلهيته وعبادته لا ند له) .
2 -
اعتقاد أنه إله واحد لا شريك له،
ونفي المثل والنظير عنه، والتوجه إليه وحده بالعبادة، وأنه منفرد في ذاته وصفاته، فلا رب غيره، ولا مشارك له في صفاته، ولا إله غيره.
3 -
علم العبد واعترافه واعتقاده بتفرد الرب بكل صفة كمال، وأنه لا شريك في كماله، وفي أنه ذو الألوهية والعبودية على خلقه أجمعين.
قلت: هذه كلها تعريفات صحيحة؛ جامعة لأفراد التوحيد وأنواعها؛ مانعة عن دخول غيره فيه؛ فهذه الأقوال لهؤلاء الحنفية في تعريف التوحيد، تبطل تعريف القبورية للتوحيد، كما تزهق تعريف الكلامية له.
وفيما يلي تعريفات القبورية والكلامية للتوحيد ليظهر جيدًا جليًّا للقراء المتدبرين في هذه التعريفات صحة تعريف علماء الحنفية الذي ذكرته عنهم للتوحيد وبطلان تعريف القبورية الكلامية له.
فأقول: وبالله التوفيق:
أولًا: تعريف القبورية للتوحيد:
1 -
اعتقاد انفراد الله تعالى بالخلق والتدبير وأنه لا فاعل إلا الله تعالى.
2 -
(نفي التشبيه والتعطيل) .
3 -
(إفراد القديم من المحدث) .
ثانيًا: تعريف الكلامية للتوحيد:
1 -
إن الله واحد في ذاته لا قسيم له، وواحد في صفاته لا نظير له وواحد في أفعاله لا شريك له.
2 -
إن الله واحد في ذاته، واحد في صفاته، وخالق لمصنوعاته.
3 -
التوحيد: (هو إثبات الوحدة لله في الذات والفعل في خلق الأكوان، وأنه مرجع كل كون، ومنتهى كل قصد، وهذا المطلب كان الغاية العظمى من بعثة النبي صلى الله عليه وسلم
…
) .
أقول: انتبه أيها المسلم الذي ضالته الحق وفكر في تعريفات هؤلاء القوم من القبورية والكلامية الذين تحالفوا وتآخوا في تعريفاتهم للتوحيد الذي هو أعظم مطلب في الإسلام؛ كيف ضلوا عن الجادة المستقيمة وانحرفوا عن الصراط السوي في معرفة المقصد الأسمى في الإسلام، فقد عرفوا التوحيد بتعريفات ناقصة
غير جامعة لأنواعه.
فتعريفاتهم هذه فيها بعض الحق لا كله؛ لأنها في الحقيقة تعريفات لتوحيد الربوبية وتوحيد الصفات، أما توحيد الألوهية والعبادة - فلا شائبة له في هذه التعريفات ألبتة.
وهذا الانحراف السافر عن الجادة الصحيحة في معرفة التوحيد والجهل الواضح بحقيقة التوحيد الكامل الخالص - هو السبب الوحيد لانخراطهم في مهاوي أنواع من الشركيات بسبب عبادة القبور وأهلها وتأليه المشايخ وجعلهم أربابًا يعبدونهم من دون الله؛ حيث غفلوا عن حقيقة الألوهية، وفسروا توحيد الألوهية بتوحيد الربوبية وجعلوه هو الغاية العظمى، مع أن توحيد الربوبية لم ينازع فيه أمثال أبي جهل من صناديد الكفرة والمشركين.
ولما كانت الأشياء تعرف بأضدادها، وتبين أن تعريف القبورية والكلامية للتوحيد باطل مزيف وأن الصحيح هو تعريف علماء الحنفية - الموافق لكلام بقية علماء السنة - وأن هذا التعريف يشمل عدة من الأنواع - ننتقل إلى المبحث الثاني لنعرف أنواع التوحيد.
*****