الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثالث
في أركان العبادة وأنواعها وشروط صحتها عند علماء الحنفية وردهم على القبورية
في ذلك كله
وفيه مطالب ثلاثة:
-
المطلب الأول: في أركان العبادة عند علماء الحنفية
.
- المطلب الثاني: في أنواع العبادة عند علماء الحنفية.
- المطلب الثالث: في شروط صحة العبادة عند علماء الحنفية.
المطلب الأول
في أركان العبادة
لقد تبين من تعريفات علماء الحنفية للعبادة: أنها لا تتحقق إلا إذا تحققت أركانها.
وقد تبين أيضًا من تلك التعريفات أركان العبادة.
وتلك الأركان ثمانية، وهي:
(1)
غاية الذل والخضوع للمعبود.
(2)
نهاية التعظيم للمعبود.
(3)
كمال المحبة للمعبود.
(4)
رضا المعبود.
(5)
الطاعة المطلقة للمعبود.
(6)
الخوف الكامل من المعبود.
(7)
الرجاء التام من المعبود.
(8)
اعتقاد أن للمعبود سلطة غيبية على العابد.
وقد صرح علماء الحنفية: أن هذه الأركان للعبادة إذا لم تتحقق لا تتحقق العبادة:
فالذل والتعظيم والمحبة والخوف والرجاء، إذا كانت تحت الأسباب
العادية لا تدخل من باب العبادة؛ كحب الوالدين مثلًا حبا طبيعيًا؛ والخوف من الحاكم خوفًا طبيعيًا مثلًا، ورجاء الناس بعضهم من بعض تحت الأسباب، ونحو ذلك ليس من العبادة في شيء.
ثم الأركان الثلاثة منها أم الأركان، وهي:
(1)
الحب.
(2)
والرجاء.
(3)
والخوف.
ومن هذه الثلاثة تلتئم العبادة؛ فإن تحققت هذه الثلاثة تحققت العبادة، وإلا فلا:
فالحب وحده ليس عبادة؛ لجواز أن يكون الشخص محبوبًا، ولا يكون معبودًا؛ لفقدان الخوف والرجاء، أو أحدهما: كالولد؛ فإنه محبوب وليس بمعبود.
وكذا الخوف وحده ليس عبادة؛ لجواز أن يكون الشخص يخاف منه، ولا يكون معبودًا؛ لعدم تحقق المحبة والرجاء، أو أحدهما؛ كالحاكم مثلًا.
إلا إذا وصل أحد هذه الأركان إلى درجة تليق بالله، كالحب مثلًا يكون عبادة إذا وصل إلى درجة حب الله لقوله تعالى:{يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ} [البقرة: 165] .
الحاصل: أنه لا تتحقق العبادة ما لم تجتمع هذه الأركان الثلاثة.
وقد جمع الله تعالى هذه الأركان الثلاثة في قوله: {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا}
[الإسراء: 57] .
فقوله تعالى: {يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ} : إشارة إلى ركنية ((المحبة)) .
وقوله تعالى: {وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ} : دليل على ركنية ((الرجاء)) .
وقوله تعالى: {وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ} : دليل على ركنية ((الخوف)) .
فباجتماع هذه الأركان الثلاثة تتحقق ((العبادة)) .
فإن لم تتحقق هذه الأركان الثلاثة مجتمعة لم تتحقق ((العبادة)) أصلًا.
ولهذا فسر العلماء من الحنفية ((الإله)) بالمعبود؛ فالإله هو الذي يأله القلوب بكمال الحب، والتعظيم، والإجلال، والإكرام، والخوف، والرجاء.
قلت:
هذه الأركان الثلاثة هي الأمهات، وأما بقية الأركان فداخلة فيها.
وقد صرح علماء الحنفية بعد تعريفهم للعبادة وذكر أركانها بأن القبورية في استغاثتهم بالأموات * وندائهم عند إلمام الكربات * وقولهم: يا علي، يا حسين، يا خواجة، يا غوث، يا مرشد، يا شيخ، ومثل ذلك عند نزول الملمات * ورجائهم وخوفهم من الأولياء الأموات * والطواف حول قبورهم لإنجاح الحاجات *
كل ذلك عبادات من أعظم أنواع العبادات * فهم بعبادتهم هذه للأموات * أهل إشراك برب البريات *.
تنبيه مهم:
لقد تبين من نصوص علماء الحنفية أن الرجاء والخوف من أركان العبادة، فدل هذا على أن الصوفية الذين يقولون:((لا مقصود إلا الله)) ، ويزعمون أنهم لا يعبدون الله رجاء الجنة وخوفًا من النار على ضلال مبين، وأنهم لم يعبدوا الله تعالى لخلو أعمالهم من الخوف والرجاء.
قلت:
هذه كانت أركان العبادة، ذكرتها عن علماء الحنفية، وبعد أن عرفناها ننتقل إلى معرفة أنواع العبادة عند علماء الحنفية * والله المستعان على القبورية *.
*****