المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌باب الْمِيَاهُ الْمِيَاهُ ثَلَاثَةٌ طَهُور ٌيَرْفَعُ الْحَدَثَ وَهُوَ مَا أَوْجَبَ وُضُوءًا - حاشية ابن قائد على منتهى الإرادات - جـ ١

[ابن قائد]

الفصل: ‌ ‌باب الْمِيَاهُ الْمِيَاهُ ثَلَاثَةٌ طَهُور ٌيَرْفَعُ الْحَدَثَ وَهُوَ مَا أَوْجَبَ وُضُوءًا

‌باب الْمِيَاهُ

الْمِيَاهُ ثَلَاثَةٌ طَهُور ٌيَرْفَعُ الْحَدَثَ وَهُوَ مَا أَوْجَبَ وُضُوءًا أَوْ إلَّا حَدَثَ رَجُلٍ وَخُنْثَى بقَلِيلٍ خَلَتْ بِهِ امْرَأَةٌ وَلَوْ كَانَتْ كَافِرَةً لِطَهَارَةٍ كَامِلَةٍ عَنْ حَدَثٍ كَخَلْوَةِ نِكَاحٍ تَعَبُّدًا «نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَتَوَضَّأَ الرَّجُلُ بِفَضْلِ طَهُورِ الْمَرْأَةِ.» وَيُزِيلُ الْخَبَثَ الطَّارِئَ وَهُوَ الْبَاقِي عَلَى خِلْقَتِهِ وَلَوْ تَصَاعَدَ ثُمَّ قَطَرَ كَبُخَارِ

قوله: (إلا حدث رجل

إلخ): عبارة "المقنع" وغيره: ولا يجوز للرجل الطهارة به فعمومه ينتاول الطهارة عن حدث أصغر أو أكبر، والوضوء والغسل المستحبين، وغسل الميت، قاله منصور. وعلم من قوله:(حدث رجل) أنه يزيل خبثه، قاله منصور. قلت: وغسل ذكره وأنثييه إذا خرج منه المذي ولم يصبهما. وبخطه على قوله: (إلا حدث) أي: وما في معناه. قوله: (ولو كافرة) ولعل ما انفصل من طهارتها الكبرى كما بقي.

ص: 11

الْحَمَّامَاتِ أَوْ اُسْتُهْلِكَ فِيهِ يَسِيرٌ مُسْتَعْمَلٌ، أَوْمَائِعٌ طَاهِرٌ وَلَوْ لِعَدَمِ كِفَايَةِ وَلَمْ يُغَيِّرْهُ أَوْ اُسْتُعْمِلَ

قوله: (أو استهلك فيه)، أي: القليل. قوله: (أو مائع) في ماء مطلقا.

قوله: (أو استعمل

إلخ) ظاهره ك"التنقيح و "الفروع" و "المبدع" و "الإنصاف" وغيرهل - عدم كراهة ما استعمل في طهارة لم تجب، أو غسل كافر، أو غسل به رأس بدلا عن مسح، وصرح في "الإقناع": بالكراهة؛ للخلاف فيه، واستوجهه شارحه.

ص: 12

فِي طَهَارَةٍ لَمْ تَجِبْ أَوْغُسْلِ كَافِرٍ أَوْ غُسِلَ بِهِ رَأْسٌ بَدَلًا عَنْ مَسْحٍ وَالْمُتَغَيِّرُ بِمَحَلِّ تَطْهِيرٍ وَبِمَا يَأْتِي فِيمَا كُرِهَ وَمَا لَا يُكْرَهُ. وَكُرِهَ مِنْهُ مَاءُ زَمْزَمَ فِي إزَالَةِ خَبَثٍ وَمَاءُ بِئْرٍ بِمَقْبَرَةٍ وَمَا اشْتَدَّ

قوله: (لم تجب) أي: لم تتوقف عليها صلاة، ليشمل طهارة المميز. قوله:(أو غسل كافر) أي: أو كافرة ولم تخل به، ولعل مثله المسلمة الممتنعة، لا المجنونة؛ لأنه ينوى عنها، كالميت دون الأولى. منصور. قوله: (أو غسل به رأس

إلخ) قاله منصور: وقياسه ما غسل نحو خف بدلا عن مسحه انتهى.

قوله: (وكره منه ماء زمزم في إزالة خبث) ولا يكره ما جرى على سطح الكعبة في ظاهر كلامهم.

فائدة: قولهم: لا تصح الطهارة عن الحدث بمغصوب، أو ماثمنه المعين غصب، قال في "المبدع": كالصلاة في ثوب مغصوب. قاله منصور.

ص: 13

حَرُّهُ أَوْ بَرْدُهُ وَمُسَخَّنٌ بِنَجَاسَةٍ إنْ لَمْ يَحْتَجْ إلَيْهِ أَوْبِمَغْصُوبٍ وَمُتَغَيِّرٌ بِمَا لَا يُخَالِطُهُ مِنْ عُودٍ قَمَارِيٍّ أَوْ قِطَعِ كَافُورٍ أَوْ دُهْنٍ أَوْبِمُخَالِطٍ أَصْلُهُ الْمَاءُ لَابِمَا يَشُقُّ صَوْنُهُ عَنْهُ، كَطُحْلُبٍ وَوَرَقِ شَجَرٍ وَمُكْثٍ وَرِيحٍ وَلَا مَاءُ الْبَحْرِ،

قلت: فيؤخذ منه: تقييده بما إذا كان عالما ذاكرا، كما يأتي في الصلاة، وإلا صحت؛ لأنه غير آثم إذن. وقد يفرق: بأن المنع هنا أقوى؛ لتلف العين، بخلاف الصلاة، فلا يلزم من اغتفار الجهل والنسيان في الصلاة، اغتفارهما في الطهارة، وإن اشتركا في عدم الإثم.

قوله: (ومسخن بنجاسة) أي: إلا الحمام، كما في "المبدع".

قوله: (وإن لم يحتج إليه) لو أتى به بعد كل قيم المكروه؛ لكان أولى؛ ليشمله القيد، كما صرحوا: بأنه لا يترك واجب لشبهة والله أعلم.

قوله: (قماري) بفتح القاف، نسبة إلى قمار: موضع ببلاد الهند. قوله (أو بمخالط أصله الماء) كملح مائي، وهو: ما ينعقد من الماء المرسل على السباخ، فلو انعقد من طاهر غير مطهر، كباقي الطاهرات وكذا الملح المعدني.

ص: 14

وَالْحَمَّامِ لَامُسَخَّنٌ بِشَمْسٍ أَوْبِطَاهِرٍ وَلَا يُبَاحُ غَيْرُ بِئْرِ النَّاقَةِ مِنْ ثَمُودَ الثَّانِي طَاهِرٌ كَمَاءِ وَرْدٍ وَطَهُورٍ تَغَيَّرَ كَثِيرٌ مِنْ لَوْنِهِ أَوْ طَعْمِهِ أَوْ رِيحِهِ فِي غَيْرِ مَحَلِّ التَّطْهِيرِ. وَلَوْ بِوَضْعِ مَا يَشُقُّ صَوْنُهُ عَنْهُ أَوْ بِخَلْطِ مَا لَا يَشُقُّ غَيْرَ تُرَابٍ وَلَوْ قَصْدًا. وَمَا مَرَّ وَقَلِيلٌ اُسْتُعْمِلَ فِي رَفْعِ حَدَثٍ وَلَوْ بِغَمْسِ بَعْضِ عُضْوِ مَنْ عَلَيْهِ حَدَثٌ أَكْبَرُ بَعْدَ نِيَّةِ رَفْعِهِ وَلَا يَصِيرُ مُسْتَعْمَلًا إلَّا بِانْفِصَالِهِ أَوْإزَالَةِ خَبَثٍ وَانْفَصَلَ غَيْرَ مُتَغَيِّرٍ

قوله: (والحمام) وظاهره: ولو سخن بنجس، كما تقدم عن "المبدع".

قوله: (وطهور تغير

إلخ). ظاهره: ولو كثيرا، والله أعلم، ثم رأيته صريحا في "الحاشية" فليعلم.

قوله: (ولا يصير مستعملا

إلخ)، قال منصور: تلخص: أن الحدث يرتفع عن أول جزء لاقى، والماء يصير مستعملا بأول جزء انفصل على

ص: 15

مَعَ زَوَالِهِ عَنْ مَحَلٍّ، طَهُرَ أَوْغَسَلَ بِهِ ذَكَرَهُ وَأُنْثَيَيْهِ لِخُرُوجِ مَذْيٍ دُونَهُ أَوْغُمِسَ فِيهِ كُلُّ يَدِ مُسْلِمٍ مُكَلَّفٍ قَائِمٍ مِنْ نَوْمِ لَيْلٍ نَاقِضٌ لِوُضُوءٍ أَوْ حَصَلَ فِي كُلِّهَا وَلَوْ بَاتَتْ مَكْتُوفَةً أَوْ بِجِرَابٍ وَنَحْوَهُ قَبْلَ غَسْلِهَا ثَلَاثًا نَوَاهُ بِذَلِكَ أَوْ لَا وَيُسْتَعْمَلُ ذَا إنْ لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهُ

الصحيح، كما أن الماء الوارد على محل التطهير يرفع الحدث بمجرد إصابته، ولا يصير مستعملا إلا بانفصاله، فإن قلت: الوارد بمحل التطهير طهور يرفع الحدث، ويزيل النجس ما دام متصلا، فهلا كان المغموس فيه كذلك؟ قلت: إذا كان واردا، فهو طهور للمشقة، بخلاف المورود، كما يتس القليل بأول جزء يلاقيه من النجاسة إذا كان مورودا.

قوله: (ويستعمل ذا) أي: ما غمس فيه يد النائم، فيستعمله في

ص: 16

مَعَ تَيَمُّمٍ وَطَهُورٍ مُنِعَ مِنْهُ لِخَلْوَةِ الْمَرْأَةِ أَوْلَى أَوْخُلِطَ بِمُسْتَعْمَلٍ لَوْ

وضوء، وغسل، وإزالة نجاسة بدن، أو ثوب، أو بقعة، وغسل يديه من نوم ليل، وأنثييه للمذي، مع تيمم حيث صح، ولا يرتفع به الحدث ولا ما في معناه، ولا يزول به الخبث، فمتى وجد طهورا استعمله، وتلزمه الإعادة فيما إذا كان المتنجس ثوبه، وصلى فيه، لعدم غيره، ويغسل به الميت مع التيمم كالحي. منصور.

قوله: (مع تيمم) ظاهره: لا يشترط الترتيب بين استعمال الماء والتيمم، لأن (مع) لا تقتضيه، ولعل وجهه: أن الماء المذكور إنما وجب استعماله لقوة الخلاف فيه، ولا يخلو: إما أن يكون طهورا في نفس الأمر، فهو كاف وحده تقدم أو تأخر، أو لا يكون طهورا، فهو غير معتد به.

وهذا بخلاف ما لو وجد ماء طهورا ليس فيه الخلاف المذكور، وكان يكفي بعض طهره، فإنه يجب فيه الترتيب بينه وبين التيمم، كما يأتي، فلا تيمم إلا بعد استعماله. وعبارة "الإقناع" هنا: ثم يتيمم، وبالواو عبرفي "الإنصاف"، و "التنقيح" و "التوضيح"، وحمل الشيخ منصور عبارة المصنف على الترتيب، والله أعلم.

قوله: (وطهور منع منه لخلوة المرأة أولى) أي: مع التيمم.

ص: 17

خَالَفَهُ صِفَةً غَيْرَهُ وَلَوْ بَلَغَا قُلَّتَيْنِ الثَّالِثُ نَجِسٌ وَهُوَ مَا تَغَيَّرَ نَجَاسَةٍ لَا بِمَحَلِّ تَطْهِيرٍ وَكَذَا قَلِيلٌ لَاقَاهَا وَلَوْ جَارِيًا، أَوْ لَمْ يُدْرِكْهَا طَرْفٌ أَوْ يَمْضِ زَمَنٌ تَسْرِي فِيهِ كَمَائِعٍ وَطَاهِرٌ

قوله: (وكذا قليل

إلخ) يعني: في غير محل التطهير، فلو صب ماء من إبريق على محل الاستنجاء لا ينجس الماء، لأن الوارد على محل التطهير طهور، عبد الرحمن البهوتي.

قوله: (ولو جاريا) أي: بحيث لو ركد لأمكن سريان النجاسة فيه.

قوله: (أو يمض زمن تسري فيه) أي: بالفعل، وإنما قيدنا بالحيثية المذكورة، احترازا عما إذا كان الجاري نازلا من أعلى إلى أسفل، فإنه إذا تس الأسفل لا يحكم بنجاسة الأعلى؛ لعدم إمكان السريان، ولما يلزم من المشقة العظيمة بتنجيس ما في الإبريق عند الاستنجاء به، بل وما في الإناء عند الشرب؛ لنزوله واتصاله بما في الجوف المحكوم بنجاسته قبل مفارقة الإناء للفم، ولا يمكن عاقل القول بذلك.

ص: 18

وَلَوْ كَثُرَا.

وَالْوَارِدُ بِمَحَلِّ تَطْهِيرٍ طَهُورٌ كَمَا لَمْ يَتَغَيَّرْ مِنْهُ إنْ كَثُرَ وَعَنْهُ كُلُّ جَرْيَةٍ مِنْ جَارٍ كمُنْفَرِدٍ فَمَتَى امْتَدَّتْ نَجَاسَةٌ بجَارٍ فَكُلُّ جَرْيَةٌ نَجَاسَةٌ مُفْرَدَةٌ وَالْجَرْيَةُ مَا أَحَاطَ بِالنَّجَاسَةِ سِوَى مَا وَرَاءَهَا وَأَمَامَهَا وَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ الْكَثِيرِ لَمْ يَنْجُسْ إلَّا بِبَوْلِ آدَمِيٍّ أَوْ عَذِرَةٍ رَطْبَةٍ أَوْ يَابِسَةٍ ذَابَتْ عِنْدَ أَكْثَر الْمُتَقَدِّمِينَ وَالْمُتَوَسِّطِينَ إلَّا أَنْ تَعْظُمَ مَشَقَّةُ نَزْحِهِ كَمَصَانِعِ مَكَّةَ فَمَا تَنَجَّسَ بِمَا ذُكِرَ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ فَتَطْهِيرُهُ بِإِضَافَةِ مَا يَشُقُّ نَزْحُهُ

قوله: (ولو كثرا) خلافا "للأقناع" في قوله: إن الطاهر الكثير لا ينجس إلا بالتغير.

قول: (والوارد) علم منه: أن محل التطهير إن ورد على القليل نجسه بمجرد الملاقاة، ولا فرق في ذلك بين الجاري والراكد.

قوله: (بمحل تطهير) ولو تغير: قوله: (فمتى امتدت) أي: انبسطت.

ص: 19

بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ وَإِنْ تَغَيَّرَ فَإِنْ شَقَّ نَزْحُهُ فَبِزَوَالِ تَغَيُّرِهِ بِنَفْسِهِ، أَوْ بِإِضَافَةِ مَا يَشُقُّ نَزْحُهُ أَوْ بِنَزْحٍ يَبْقَى بَعْدَهُ مَا يَشُقُّ نَزْحُهُ وَإِنْ لَمْ يَشُقَّ فَبِإِضَافَةِ مَا يَشُقُّ نَزْحُهُ مَعَ زَوَالِ تَغَيُّرِهِ وَمَا تَنَجَّسَ بِغَيْرِهِ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ فَبِإِضَافَةِ كَثِيرٍ وَإِنْ تَغَيَّرَ فَإِنْ كَثُرَ فبِزَوَالِ تَغَيُّرِهِ بِنَفْسِهِ أَوْ بِإِضَافَةِ كَثِيرٍ أَوْ بِنَزْحٍ يَبْقَى بَعْدَهُ كَثِيرٌ وَالْمَنْزُوحُ طَهُورٌ بِشَرْطِهِ وَإِلَّا أَوْ كَانَ كَثِيرًا مُجْتَمِعًا مِنْ مُتَنَجِّسٍ

قوله: (طهور بشرطه) بأن يكون آخر ما نزح ولم يتغير، ولم تكن عين النجاسة به، ولم يضف إلى ما قبله سواء بلغ حدا يدفع تلك النجاسة، أو لا.

قوله: (وإلا) يكثر بأن كان قليلا، وتغير بالنجاسة، قال في "شرحه الصغير" ما نصه: تنبيه: ظهر مما سبق أن نجاسة الماء حكمية

إلى أن قال: ونقل في "الفروع" عن بعضهم: أنه يصح بيعه، قلت: وهو بعيد؛ إذ الخمر نجاسته حكمية، ولا يصح بيعه. انتهى.

وأقول: قد يفرق بينه وبين الخمر؛ بأن الماء يمكن تطهيره بفعل الآدمي؛ فهو كالثوب النجس، بخلاف الخمر، فإنها لا تطهر إلا بالانقلاب بنفسها، وهو غير محقق، والله أعلم.

ص: 20

يَسِيرٍ فَبِإِضَافَةِ كَثِير مَعَ زَوَالِ تَغَيُّرِهِ وَلَا يَجِبُ غَسْلُ جَوَانِبِ بِئْرٍ نُزِحَتْ وَالْكَثِيرُ قُلَّتَانِ فَصَاعِدًا. وَالْيَسِيرُ وَالْقَلِيلُ مَا دُونَهُمَا وَهُمَا خَمْسُمِائَةِ رَطْلٍ عِرَاقِيٌّ وَأَرْبَعُمِائَةُ رِطْلٍ وَسِتَّةٌ وَأَرْبَعُونَ وَثَلَاثَةُ أَسْبَاعِ رِطْلٍ مِصْرِيٍّ وَمَا وَافَقَهُ ومِائَةُ وَسَبْعَةُ وَسُبْعُ رِطْلٍ دِمَشْقِيٍّ وَمَا وَافَقَهُ وَتِسْعَةٌ وَثَمَانُونَ وَسُبْعَا رِطْلٍ حَلَبِيٍّ. وَمَا وَافَقَهُ وَثَمَانُونَ وَسُبْعَانِ وَنِصْفُ سُبْعِ رِطْلٍ قُدْسِيٍّ وَمَا وَافَقَهُ وَأَحَدٌ وَسَبْعُونَ رِطْلًا وَثَلَاثَةُ أَسْبَاعِ رِطْلٍ بَعْلِيٍّ، وَمَا وَافَقَهُ. تَقْرِيبًا فَلَا يَضُرُّ نَقْصٌ يَسِيرٌوَمِسَاحَتُهُمَا أَيْ الْقُلَّتَيْنِ. أَيْ مِسَاحَةُ مَا يَسَعُهُمَا مُرَبَّعًا: ذِرَاعٌ وَرُبُعٌ طُولًا وَعَرْضًا. وَعُمْقًا بِذِرَاعِ الْيَدِ.

قوله: (مع زوال تغيره) وتلخيص ما ذكره ك"الإقناع": إن ما تنجس بشيء ولم يتغير، لا يطهر إلا بإضافة ما يدفع تلك النجاسة عن نفسه، فيدفعها عما اتصل به، وإن تغير وبلغ حدا يدفعها لو لم يتغير؛ بإضافة ما يدفعها عن نفسه مع زوال التغير، أو بزوال تغيره بنفسه فقط، أو بنزح يبقى بعده ما يدفعها، وإن لم يبلغ حدا يدفعها؛ فبالإضافة مع زوال التغير، لا غير.

فعلى قول أكثر المتقدمين والمتوسطين: لا يدفع بول الآدمي أو عذرته إلا ما يشق نزحه، وغيرهما: يدفعه القلتان فصاعدا، كقول أكثر المتأخرين في النجاسات كلها، والله أعلم.

ص: 21

وَمُدَوَّرًا ذِرَاعٌ طُولًا وَذِرَاعَانِ الْمُنَقِّحُ: وَالصَّوَابُ وَنِصْفُ ذِرَاعٍ عُمْقًا حَرَّرَتْ ذَلِكَ فَيَسَعُ كُلُّ قِيرَاطٍ عَشَرَةَ أَرْطَالٍ وَثُلُثَيْ رِطْلٍ عِرَاقِيٍّ.

قوله: (ومدورا

إلخ) اعلم: أن بسط المربع يكون بضرب طوله في عرضه والاصل في عمقه، فيحصل مئة وخمسة وعشرون، وذلك بسطها أرباعا، ويقال للربع: ذراع قصير، وأما المدور: فإذا أردت اختبار مساواته للمربع؛ فإنك تبسطه بضرب نصف طوله في نصف محيطه، وهو -أي المحيط- ثلاثة أمثال وسبعه، وقد علمت أن الطول ذراع، فابسطه أرباعا من جنس بسط المربع، فيكون طوله أربعة أذرع قصيرة، ومحيطه اثني عشر وأربعة أسباع، فتضرب نصف الطول اثنين في نصف المحيط ستة وسبعين، يحصل اثنا عشر وأربعة أسباع، تضربها في بسط العمق، وقد علمت أنه ذراعان ونصف، فبسطه أرباعا عشرة، يحصل مئة وخمسة وعشرون وخمسة أسباع، فزاد بسط المدور على المربع بخمسة أسباع، وهي مقدار التقريب، وقس على ذلك بقية المساحات، تجعل المربع ميزانا تختبر به غيره، كما تقدم.

قوله: (المنقح: حررت ذلك فيسع كل قيراط

إلخ) أي: من قراريط الذراع من المربع لا من المدور، وذلك بأن تضرب البسط في البسط والمخرج في المخرج، وتقسم حاصل البسط على حاصل المخرج

ص: 22

_________

يخرج ذرعه، فتحفظ قراريطه وتقسم عليها الخمس مئة، فبسط الذراع والربع خمسة، وقد تكرر ثلاثا طولا وعرضا وعمقا، فإذا ضربت خمسة في خمسة والخارج خمسة وعشرون في خمسة، بلغ مئة وخمسة وعشرين، والمخرج أربعة، وقد تكرر أيضا ثلاثا، فإذا ضربته كما تقدم، بلغ أربعة وستين -وهي سهام الذراع، أي أجزاؤه- فتقسم عليها الحاصل الأول، ويخرج ذراع، وسبعة أثمان ذراع، وخمسة أثمان ثمن ذراع، فإذا بسطت ذلك قراريط، وجدته سبعة وأربعين قيراطا إلا ثمن قيراط.

وذلك لأن الذراع الكامل: أربعة وعشرون قيراطا، وسبعة أثمان: أحد وعشرون قيراطا. فتضمها إلى ما قبلها يحصل خمسة وأربعون قيراطا. وخمسة أثمان ثمن الذراع: قيراطان إلا ثمن قيراط، فاقسم عليها أرطال القلتين - الخمس مئة بالعراقي- وذلك بأن تبسط كلا من المقسوم والمقسوم عليه من جنس الكسر الموجود في المقسوم عليه؛ بأن تضرب الخمس مئة في مخرج الثمن ثمانية، يحصل أربعة آلاف، وتضرب السبعة والأربعين إلا ثمن قيراط في مخرج الثمن أيضا، يحصل خمسة وسبعون وثلاث مئة، ثم تنظر بين المقسوم والمقسوم عليه؛ فتجد بينهما توافقا بخمس خمس الخمس؛ وذلك لأن خمس الأربعة آلاف المقسومة ثمان مئة، وخمسها مئة وستون، وخمسها اثنان وثلاثون، فهذه خمس خمس المقسوم، كما ذكرنا، وكذلك خمس الخمسة والسبعين

ص: 23

وَالْعِرَاقِيُّ مِائَةٌ وَثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ وَأَرْبَعَةُ أَسْبَاعِ دِرْهَمٍ وَتِسْعُونَ مِثْقَالًا سُبْعِ الْقُدْسِيِّ وَثُمُنُ سُبْعِهِ وَسُبْعُ الْحَلَبِيِّ وَرُبُعُ سُبْعِهِ وَسُبْعُ الدِّمَشْقِيِّ وَنِصْفُ سُبْعِهِ وَنِصْفُ الْمِصْرِيِّ وَرُبْعُهُ وَسُبْعُهُ

والثلاث مئة المقسوم عليها خمسة وسبعون، وخمسها خمسة عشر، وخمسها ثلاثة، فهي خمس خمس خمس المقسوم عليه أيضا، ثم تقسم الاثنين والثلاثين على الثلاثة يخرج عشرة وثلثان، فهذه حصة القيراط من الذراع من المربع، كما أشار إليه المنقح، رحمه الله تعالى، صرح بمعنى ذلك المصنف في "شرحه"، رحمه الله تعالى، قال الشيخ منصور رحمه الله تعالى: وبذلك يتضح لك عدم اتجاه اعتراض صاحب "الإقناع" على المنقح في "حاشية التنقيح" انتهى، والله أعلم.

قوله: (سبع القدسي وثمن سبعه

إلخ) اعلم: أن المصنف -رحمه الله تعالى- قد بين الرطل العراقي بالدراهم والمثاقيل، ثم أشار إلى بيان رطل غير العراقي بالدراهم والمثاقيل بقوله: (سبع القدسي

إلخ) واستخراج ذلك بالأعداد الأربعة المتناسبة؛ أن تأخذ ثمن السبع، وهو ستة وخمسون، حاصلة من ضرب مخرج السبع، وهو سبعة في مخرج الثمن، وهو ثمانية، ثم تأخذ بسط السبع تجده تسعة، فنسبة مثاقيل الرطل العراقي وهي تسعون إلى مثاقيل الرطل القدسي، كنسبة التسعة إلى الستة والخمسين،

ص: 24

_________

وإلى ذلك أشار المصنف بقوله: (سبع القدسي وثمن سبعه) يعني أن الرطل العراقي نسبته إلى القدسي أنه: سبعه وثمن سبعه، فيكون معك ثلاثة أعداد معلومة، وهي التسعون، والتسعة، والستة والخمسون، وواحد مجهول وهو عدة مثاقيل القدسي، كنسبة التسعة، التي هي البسط، إلى الستة والخمسين، التي هي المخرج، فالمجهول هو الثاني، فتسطح الطرفين بضرب التسعين في الستة والخمسين يحصل خمسة آلاف وأربعون، فتقسمها على الوسط المعلوم، وهو التسعة، يخرج خمس مئة وستون، وهي عدة مثاقيل الرطل القدسي، ونسبة مثاقيل العراقي إليها سبع وثمن سبع، كما قال المصنف رحمه الله تعالى، وعلى هذا فقس الباقي.

وإذا أردت معرفة الرطل القدسي بالدراهم، فاضرب عدة دراهم العراقي في المخرج المذكور، واقسم كما ذكرنا، وكذا غير القدسي، لكن تراعي المخرج والبسط؛ فإنه يختلف باختلاف الكسور، كما ذكره المصنف رحمه الله تعالى، فتأمله.

ص: 25

وَلَهُ اسْتِعْمَالُ مَا لَا يَنْجُسُ إلَّا بِالتَّغَيُّرِ وَلَوْ مَعَ قِيَامِ النَّجَاسَةِ فِيهِ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَهَا قَلِيلٌ وَمَا اُنْتُضِحَ مِنْ قَلِيلٍ لِسُقُوطِهَا فِيهِ: نَجُسَ

وبخطه أيضاً على قوله: (سبع القدسي

إلخ) يعني: أن الرطل العراقي نسبته إلى غيره من الأرطال أنه سبع القدسي

إلخ، فالرطل القدسي: ثمان مئة درهم، والحلبي: سبع مئة درهم وعشرون درهما، والدمشقي: ست مئة درهم والمصري: مئة درهم وأربعة وأربعون درهما.

وبالمثاقيل: فالرطل القدسي: خمس مئة مثقال وستون مثقالا.

والحلبي: خمس مئة مثقال وأربعة مثاقيل.

والدمشقي: أربع مئة مثقال وعشرون مثقالا.

والمصري: مئة مثقال وأربعة أخماس مثقال.

والقلتان بالمثاقيل: خمسة وأربعون ألفا.

فإذا ضربت مثاقيل كل رطل من الأرطال المذكورة في عدة أرطال القلتين بذلك الرطل الذي ضربت مثاقيله، حصل ما ذكر من الخمسة والأربعين ألفا، والله أعلم.

ص: 26

وَيُعْمَلُ بِيَقِينٍ فِي كَثْرَة مَاءٍ وَطَهَارَتِهِ وَنَجَاسَتِهِ وَلَوْ مَعَ سُقُوطِ عَظْمٍ وَرَوْثٍ شُكَّ فِي نَجَاسَتِهِمَا أَوْطَاهِرٍ وَنَجِسٍ وَتَغَيَّرَ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُعْلَمْ وَإِنْ أَخْبَرَهُ عَدْلٌ وَعَيَّنَ السَّبَبَ قُبِلَ

قوله: (ويعمل بيقين في كثرة مساء

إلخ) يعني: يعني: أنه لو رأى نجاسة وقعت في ماء، ولم تغيره، فشك في كثرته، بأن لم يعلم هل هو كثير فلا ينجس بالملاقاة فقط؟ أو هو قليل فينجس بالملاقاة؟ فيعمل باليقين، وهو كونه قليلا، فينجس بالملاقاة.

قوله: (وطهارته

إلخ) يعني لو علم بنجاسة ماء، أو غيره، ثم شك في حصول طهارته بعد، أو علم طهارته، ثم شك في في طرو نجاسته؛ فيعمل بما علم فيهما.

قوله: (ونجس) في كثير، قوله:(وتغير بأحدهما) أي: يسيرا. قوله: (ولم يعلم) قال في "شرحه الصغير": ومحله إذا لم يكن تغيره لو فرض بالطاهر يسلبه الطهورية، انتهى.

ووجهه: أنه إذا تغير بأحدهما تغيرا كثيرا لم يخل: إما أن يكون المغير: هو النجس؛ فلا كلام. وإما أن يكون المغير: هو الطاهر؛ فيسلبه الطهورية.

فينجس بمجرد ملاقاته للنجاسة وإن لم يتغير بها؛ لأنه حينئذ لا يدفع عن نفسه، وهو ظاهر، والله أعلم، قوله:(وإن أخبره عدل) ولو مستورا أو أعمى.

ص: 27

وَإِنْ اشْتَبَهَ طَهُورٌ مُبَاحٌ بِمُحَرَّمٍ أَوْنَجِسٍ لَمْ يَكُنْ تَطْهِيرُهُ بِهِ وَلَا طَهُورٌ مُبَاحٌ بِيَقِينٍ لَمْ يَتَحَرَّ وَلَوْ زَادَ عَدَدُ الطَّهُورِ الْمُبَاحِ وَيَتَيَمَّمُ بِلَا إعْدَامٍ وَلَا يُعِيدُ الصَّلَاةَ وَلَوْ عَلِمَهُ بَعْدَ وَيَلْزَمُ مَنْ عَلِمَ النَّجَسَ إعْلَامُ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَسْتَعْمِلَهُ لَا تُخْبِرْنَا وَيَلْزَمُهُ التَّحَرِّي لِحَاجَةِ شُرْبٍ أَوْ أَكْلٍ غَسْلُ فَمِهِ

وبخطه أيضا على قوله: (وإن أخبره عدل) أي: بنجاسة شيء، وينبغي أن يقال: كذلك لو أخبره بسلب طهورية ماء، وعين السبب؛ لأنه إذا قبل في الأغلظ، قبل في الأخف من باب أولى، والله أعلم.

قوله: (ويلزم من علم النجس) ولو بمعفو عنها، خلافا "للإقناع".

قوله: (أن يستعمله) لعل محله إذا كان نجسا عندهما لا عند أحدهما، وأن مثله الطاهر إذا رأى من يريد أن يتوضأ به مثلا.

قوله: (ويلزمه التحري

إلخ) هل أراد استعماله مرة ثانية؛ يعمل بالتحري الأول، أم يلزمه أن يجدد التحري؟ لم أر من تعرض له، وينبني عليه أنا إذا قلنا: يتحرى ثانيا، وظهر له الماء الثاني مثلا، فيما إذا اشتبه ماءان؛ فإنه يلزمه غسل ما أصابه؛ لملابسته النجاسة قطعاً، وكونه يعمل بالأول أظهر، والله أعلم.

ص: 28

وَبِطَاهِرٍ أَمْكَنَ جَعْلُهُ طَهُورًا بِهِ أَوْ لَايَتَوَضَّأُ مَرَّةً مِنْ ذَا غَرْفَةً، وَمِنْ ذَا غَرْفَةً وَيُصَلِّي صَلَاةً وَاحِدَةً وَيَصِحُّ ذَلِكَ وَلَوْ مَعَ طَهُورٍ بِيَقِينٍ وَإِنْ اشْتَبَهَتْ ثِيَابٌ طَاهِرَةٌ بنَجِسَةٍ أَوْمُحَرَّمَةٍ، وَلَاطَاهِرَ مُبَاحَ بِيَقِينٍ فَإِنْ عَلِمَ عَدَدَ نَجِسَةٍ أَوْ مُحَرَّمَةٍ، صَلَّى فِي كُلِّ ثَوْبٍ صَلَاةً وَزَادَ صَلَاةً وَإِلَّا فَحَتَّى يَتَيَقَّنَ صِحَّتَهَا وَكَذَا أَمْكِنَةٌ ضَيِّقَةٌ

قوله: (ولا طاهر مباح بيقين)، قد يفهم منه: أنه إذا آمكنه تطهير ثوب يلزمه ذلك، فقوله: (ولا طاهر

إلخ) أعم من أن يكون بالفعل، أو بالقوة.

وينبغي أن يقال كذلك في الأمكنة الضيقة، ويؤيده قوله: في "شرحه الصغير": ولا سبيل إلى مكان طاهر بيقين .. انتهى.

وإذا أمكن تطهيره فقد وجد إليه سبيلا، وكذا يؤيده أيضا اشتراطهم فيمن اشتبه عليه طهور بنجس، أن لا يمكن تطهيره به، بجامع الشرطية فيهما أيضا، وقولهم في كتاب الصلاة: ولمشتغل بشرطها الذي يحصله قريبا، والله أعلم.

ص: 29

_________

فائدة: الظاهر أن المراد بقولهم: فيمن اشتبهت عليه ثياب مباحة بمحرمة يصلي في كل ثوب بعدد الحرمة .. إلخ: بيان الصحة، وسقوط الفرض عنه بذلك لو فعله، لا أنه يجب عليه ذلك، بل لا يجوز، فيصلي عريانا ولا يعيد، لأنه اشتبه المباح بالمحظور في موضع لا تبيحه الضرورة، فهو عادم للسترة حكما، وإلا فما الفرق بينه وبين من اشتبه عليه طهور مباح بمحرم، مع أن كلا من الطهارة والسترة شرط الصلاة؟ ! لا يقال: الماء له بدل وهو التراب بخلاف السترة؛ لأنا نقول: لو فرضنا عدم التراب؛ جاز له أن يصلي أيضا على حسب حاله مع وجود هذا الماء المشتبه، بل يجب عليه لأن وجوده كعدمه حينئذ، فقد تركه لا إلى بدل، وهو ظاهر فتأمل.

بل وكذلك ينبغي أنه لو توضأ، أو اغتسل من المياه المشتبهة، من كل ماء غرفة بعدد المحرم، وزاد واحدا لصح وضوؤه، وغسله، وارتفع حدثه جزما، بشرط أن يراعي الترتيب والموالاة في الوضوء؛ بأن يأخذ لكل عضو أكثر من عدد المحرم، ويغسل به ذلك العضو قبل انتقاله إلى غيره، ولكنه يكون فعل محرما، والله أعلم.

ص: 30