الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب صلاة الجمعة
صلاة الجمعة أَفْضَلُ مِنْ الظُّهْرِ ومُسْتَقِلَّةٌ فَلَا تَنْعَقِدُ بِنِيَّةِ الظُّهْرِ مِمَّنْ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ كَعَبْدٍ وَمُسَافِرٍ وَلَا لِمَنْ قُلِّدَهَا أَنْ يَؤُمَّ فِي الْخَمْسِ وَلَا تُجْمَعُ حَيْثُ أُبِيحَ الْجَمْعُ وفَرْضُ الْوَقْتِ فَلَوْ صَلَّى الظُّهْرَ أَهْلُ بَلَدٍ مَعَ بَقَاءِ وَقْتِ الْجُمُعَةِ
باب صلاة الجمعة
فرضت بمكة قبل الهجرة. وقال الشيخ: فعلت بمكة على صفة الجواز، وفرضت بالمدينة. انتهى. قاله في "الإقناع".
قوله: (أفضل من الظهر) لعل المراد: ظهر غير يومها، أو ظهر يومها لكن ممن لا تجب عليه، وهذا الثاني، أظهر. محمد الخلوتي. قوله:(ومستقلة) لا بدل. قوله: (ممن لا تجب عليه) الجمعة، فممن تجب عليه الجمعة أولى.
قوله: (ولا لمن قلدها
…
الخ) كان الظاهر أن يقال: ولا لمن قلد الخمس أن يؤم فيها؛ لأنه ربما يتوهم دخولها في الخمس، لكن لاستقلالها لم يستفد ذلك، كما صرح به. وأما من قلد الجمعة، فمعلوم أنه لا يتجاوزها، بخلاف من قلد
لَمْ تَصِحَّ وَتُتْرَكُ فَجْرٌ فَائِتَةٌ لِخَوْفِ فَوْتِ الْجُمُعَةِ وَالظُّهْرُ بَدَلٌ عَنْهَا ذَا فَاتَتْ وَتَجِبُ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ مُكَلَّفٍ ذَكَرٍ حُرٍّ مُسْتَوْطِنٌ بِنَاءً وَلَوْ مِنْ قَصَبٍ أَوْ قَرْيَةً خَرَابًا عَزَمُوا عَلَى إصْلَاحِهَا والْإِقَامَةِ بِهَا أَوْ قَرِيبًا مِنْ الصَّحْرَاءِ وَلَوْ تَفَرَّقَ وَشَمِلَهُ
جميع الصلوات فتدخل في عمومها. وبخطه على قوله: (ولا لمن قلدها) أي: ولاه الإمام إمامتها. أي: لا يستفيد ذلك، لا أنه يمتنع عليه الإمامة؛ إذ إقامة الصلاة لا تتوقف على إذنه.
قوله: (وتترك فجر) أي: تؤخر وجوباً. تاج الدين البهوتي. وبخطه على قوله: (وتترك فجر) ومثلها غيرها. ولو قال: وتؤخر فائتة؛ لكان أولى؛ لأن الترك يوهم عدم الإتيان بها رأساً، ولا خصوصية للفجر بالتأخير. محمد الخلوتي. ثم المراد بالفوت: أن لا يدرك منها ما تصح به الجمعة، لا ما يشمل فوت الركعة الأولى. فتأمل.
قوله: (مكلف) ملزم لما فيه مشقة. قوله: (بناء) أي: مبني. قوله: (وشمله) في "المصباح": شملهم الأمر: عمهم، من باب تعب، وفي لغة من باب:
اسْمٌ وَاحِدٌ إنَّ بَلَغُوا أَرْبَعِينَ أَوْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَوْضِعِهَا أَكْثَرُ مِنْ فَرْسَخٍ تَقْرِيبًا فَتَلْزَمُهُمْ بِغَيْرِهِمْ كَمَنْ بِخِيَامٍ وَنَحْوِهَا وَلَا تَجِبُ عَلَى مُسَافِرٍ فَوْقَ فَرْسَخٍ إلَّا فِي سَفَرٍ لَا قَصْرَ مَعَهُ أَوْ يُقِيمَ مَا يَمْنَعُهُ لِشُغْلٍ أَوْ عِلْمٍ وَنَحْوِهِ فَوْقِ أَرْبَعَةِ ذفَتَلْزَمُهُ بِغَيْرِهِ لَا عَبْدٍ، ومُبَعَّضٍ وَلَا امْرَأَةٍ وَلَا خُنْثَى.
قعد.
قوله: (اسم) أي: اسم بلد واحد لا إقليم واحد. قوله: (أو لم يكن بينهم
…
الخ) هذا فيمن هو خارج البلد، أما من فيها؛ فتلزمه ولو كان بينه وبين موضعها فراسخ، ولو لم يسمع النداء، كما صرح به في "الإقناع".
وبخطه على قوله: (أو لم يكن بينهم) أي: من المنارة.
قوله: (أو يقيم) لعله صفة أخرى (لسفر)، والعائد محذوف؛ أي: إلا في سفر لا قصر معه، أو سفر يقيم فيه ما يمنعه لشغل أو علم ونحوه. ويجوز أن يكون صفة (لمسافر) المقدر في جانب المستثنى؛ لأن التقدير: إلا مسافراً في سفر
…
الخ، أو إلا مسافراً ويقيم ما يمنعه
…
الخ. والوجه الأول ظاهر حل الشارح شيخنا محمد الخلوتي. قوله: (ما يمنعه) أي: القصر، بأن تكون المدة أكثر من عشرين صلاة.
وَمَنْ حَضَرَهَا مِنْهُمْ أَجْزَأَتْهُ وَلَمْ تَنْعَقِدْ بِهِ وَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَؤُمَّ وَلَا مَنْ لَزِمَتْهُ بِغَيْرِهِ فِيهَا وَالْمَرِيضُ وَنَحْوُهُ إذَا حَضَرَهَا وَجَبَتْ عَلَيْهِ وَانْعَقَدَتْ بِهِ وَلَا تَصِحُّ الظُّهْرِ مِمَّنْ يَلْزَمُهُ حُضُورُ الْجُمُعَةِ قَبْلَ تَجْمِيعِ الْإِمَامِ وَلَا مَعَ شَكٍّ فِيهِ وَتَصِحُّ مِنْ مَعْذُورٍ وَلَوْ زَالَ عُذْرُهُ قَبْلَهُ إلَّا الصَّبِيَّ بَعْدَهُ وَحُضُورُهَا لِمَعْذُورٍ ولِمَنْ اُخْتُلِفَ فِي وُجُوبِهَا عَلَيْهِ كَعَبْدٍ أَفْضَلُ وَنُدِبَ تَصَدُّقٌ بِدِينَارٍ أَوْ نِصْفِهِ لِتَارِكِهَا بِلَا عُذْرٍ وَحَرُمَ سَفَرُ مَنْ تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ فِي يَوْمِهَا بَعْدَ الزَّوَالِ حَتَّى يُصَلِّيَ
قوله: (ولم يجز) أي: ولم يصح أيضا، كما يعلم من كلامه الآتي.
قوله: (ونحوه) ممن يعذر بتركها. قوله: (وجبت عليه) بخلاف مسافر حضرها.
قوله: (قبل تجميع الإمام) أي: قبل فراغ ما تدرك به الجمعة. قوله: (من تلزمه) لعله أراد: من يلزمه الحضور، فيكون احترز بذلك عمن صلى العيد في يومها؛ فإنها تسقط عنه سقوط حضور لا وجوب؛ فإن الظاهر: أن سفره في يومها، كسفره في غيره من بقية الأيام. محمد الخلوتي.
إنْ لَمْ يَخَفْ فَوْتَ رُفْقَتِهِ وَكُرِهَ قَبْلَهُ إنْ لَمْ يَأْتِ بِهَا فِي طَرِيقِهِ فِيهِمَا
فصل
ولصحتها شروط لَيْسَ مِنْهَا إذْنُ الْإِمَامِ أَحَدُهَا الْوَقْتُ وَهُوَ مِنْ أَوَّلِ وَقْتِ الْعِيدِ إلَى آخِرِ وَقْتِ الظُّهْرِ وَتَلْزَمُ بِزَوَالٍ وبَعْدَهُ أَفْضَلُ وَلَا تَسْقُطُ بِشَكٍّ فِي خُرُوجِهِ فَإِنْ تَحَقَّقُوا قَبْلَ التَّحْرِيمَةِ صَلَّوْا ظُهْرًا
قوله: (إن لم يخف فوت رفقته) في "الإقناع" و "شرحه": لا يكره لمن فاتته الجمعة، أو لم يكن من أهل وجوبها، صلاة الظهر جماعة، وكذا لو تعددت. وقلنا: يصلون ظهراً، بل مقتضى ما سبق وجوبها، ما لم يخف فتنة في تلك الصور فيخفيها. انتهى ملخصا. قوله:(وكره قبله) لعله ما لم يكن من العدد المعتبر. وعلم: أنه لا يكمل بغيره فيحرم. محمد الخلوتي.
قوله: (الوقت) فلا تصح قبله ولا بعده. ولم يقل: دخول وقت، كما فعل في غير الجمعة؛ لئلا يوهم صحتها بعد الدخول، سواء كانت في الوقت أو بعده. فتدبر. قوله:(من أول وقت العيد) جوازاً، ورخصة قبل الزوال.
قوله: (فإن تحقق) أي: الخروج.
وَإِلَّا أَتَمُّوا جُمُعَةً الثَّانِي: اسْتِيطَانُ أَرْبَعِينَ وَلَوْ بِالْإِمَامِ مِنْ أَهْلِ وُجُوبِهَا بِقَرْيَةٍ فَلَا تَتِمُّ مِنْ مَكَانَيْنِ مُتَقَارِبَيْنِ وَلَا يَصِحُّ بِجَمِيعِ أَهْلِ بَلَدٍ كَامِلٍ فِي بَلَدٍ نَاقِصٍ وَالْأَوْلَى: مَعَ تَتِمَّةِ الْعَدَدِ تَجْمِيعُ كُلِّ قَوْمٍ الثَّالِثُ حُضُورُهُمْ الْخُطْبَةَ وَلَوْ كَانَ فِيهِمْ خُرْسٌ أَوْ صُمٌّ
قوله: (استيطان أربعين
…
الخ) فإن قلت: هذا مكرر مع ما تقدم من اعتبار الاستيطان؟ فالجواب: أن ما تقدم إنما سيق لبيان من تجب عليه، وما هنا لبيان صحتها. فتأمل. وبخطه على قوله:(استيطان أربعين) وأبو العباس منا، وأبو يوسف وصاحبه: ثلاثة، والنعمان: أربعة، ومالك: اثني عشر.
تاج الدين البهوتي. قوله: (فلا تتمم من مكانين) يعني: لم يشملهما اسم واحد. قوله: (حضورهم) أي: الأربعين، ولو كانوا على هيئة لا تصح صلاة فيها، كإحداث، وعري، وحمل نجاسة، كالخاطب، وأولى على ما يأتي. تاج الدين البهوتي.
وبخطه على قوله: (حضورهم) أي: الأربعين الخطبة والصلاة. قوله: (أو صم) في "الإقناع": وإن قرب الأصم، وبعد من يسمع، أي: بحيث لا يسمع؛ لم تصح. انتهى. ولو كانوا خرساً إلا الخطيب، أو صماً إلا واحدا يسمع؛ صحت.
لَا كُلُّهُمْ فَإِنْ نَقَصُوا قَبْلَ إتْمَامِهَا اسْتَأْنَفُوا ظُهْرًا إنْ لَمْ تُمْكِنْ إعَادَتُهَا وَإِنْ بَقِيَ، الْعَدَدُ وَلَوْ مِمَّنْ لَمْ يَسْمَعْ الْخُطْبَةَ وَلَحِقُوا بِهِمْ قَبْلَ نَقْصِهِمْ أَتَمُّوا جُمُعَةً وَإِنْ رَأَى الْإِمَامُ وَحْدَهُ الْعَدَدِ فَنَقَصَ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَؤُمَّهُمْ وَلَزِمَهُ أَنْ يَسْتَخْلِفَ أَحَدَهُمْ وَبِالْعَكْسِ لَا تَلْزَمُ وَاحِدًا مِنْهُمَا وَلَوْ أَمَرَهُ السُّلْطَانَ أَنْ لَا يُصَلِّيَ إلَّا بِأَرْبَعِينَ لَمْ يَجُزْ بِأَقَلَّ
قوله: (لا كلهم) أي: لا إن كان الأربعون كلهم خرساً أو صماً؛ فلا تصح الجمعة. أما لو كان الخطيب سميعاً عربيا، والباقون كلهم طرشاً أو عجما لا يفهمون قوله؛ فإنها تصح، كما جزم به في "الإقناع". وبخطه على قوله:(لا كلهم) علم منه: أنهم لو كانوا خرساً إلا الخطيب، أو كانوا صماً، إلا واحدا يسمع؛ صحت جمعتهم. قاله في "شرح الإقناع". وفيه تأمل. قوله: (وإن رأى الإمام
…
الخ) أي: اعتقد الأعظم، أو الراتب. تاج الدين البهوتي. قوله:(ولزمه أن يستخلف) في الخطبة والصلاة، وهل يأثم إذن هو؟ .
وَلَا أَنْ يَسْتَخْلِفَ بِخِلَافِ التَّكْبِيرِ الزَّائِدِ وَبِالْعَكْسِ الْوِلَايَةُ بَاطِلَةٌ وَلَوْ لَمْ يَرَوْهَا قَوْمٌ بِوَطَنٍ مَسْكُونٍ فَلِلْمُحْتَسَبِ أَمْرُهُمْ بِرَأْيِهِ بِهَا وَمَنْ فِي وَقْتِهَا أَحْرَمَ وَأَدْرَكَ مَعَ الْإِمَامِ مِنْهَا رَكْعَةً أَتَمَّ جُمُعَةً وَإِلَّا فَظُهْرًا إنْ دَخَلَ وَقْتُهُ وَنَوَاهُ وَإِلَّا فَنَفْلًا
قوله: (ولا أن يستخلف) في الأقل؛ لقصور ولايته. قوله: (بخلاف التكبير الزائد) يعني: فله العمل برأيه. قوله: (وبالعكس) بأن أمره ألا يصلي بأربعين، وهو يرى وجوب الأربعين.
قوله: (فللمحتسب أمرهم
…
الخ) يؤخذ منه: أن الحاكم له مدخل في عبادة لا يراها غيره. تاج الدين البهوتي.
قوله: (ومن في وقتها أحرم، وأدرك مع الإمام منها ركعة) قال المصنف في "شرحه": بسجدتيها. انتهى؛ أي: لا بد من إدراك المسبوق ركعة بسجدتيها حقيقة؛ بأن يركع ويسجد مع الإمام، أو حكماً؛ كمن ركع مع الإمام في الأولى، ثم زحم أو نام ونحوه، ولم يزل عذره إلا عند ركوع الإمام في الثانية، فالواجب عليه في هذه الصورة متابعة الإمام، وتصير الثانية أولاه، فلو ترك المتابعة جهلاً، وسجد وحده؛ تمت أولاه، وأدرك الجمعة؛ لأن هذا السجود المعتد به للعذر، بمنزلة ما لو أتي به مع الإمام. أما لو كان عالما بوجوب المتابعة، فسجد وحده؛ فإنها لا تصح جمعته، مع كونه أدرك مع الإمام الركوع، كما صرح بذلك المصنف
وَمَنْ أَحْرَمَ مَعَهُ ثُمَّ زُحِمَ لَزِمَهُ السُّجُودُ عَلَى ظَهْرِ إنْسَانٍ أَوْ رِجْلِهِ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ فَإِذَا زَالَ الزِّحَامُ إلَّا أَنْ يَخَافَ فَوْتَ الثَّانِيَةِ فَيُتَابِعُهُ فِيهَا وَتَصِيرُ أُولَاهُ وَيُتِمُّهَا جُمُعَةً .....
وصاحب "الإقناع"، ففي قول منصور البهوتي: فلا تعتبر ركعة بسجدتيها معه، نظر واضح.
وبخطه على قوله: (ومن في وقتها أحرم، وأدرك مع الإمام منها ركعة) يعني: سجدتيها، ولو بعد الوقت حيث أحرم فيه.
قوله: (ثم زحم) أي: عن سجود بأرض. "شرح". وبخطه على قوله: (ثم زحم) أي: دفع لمضايقة. قوله: (لزمه السجود) بجبهته وأنفه فقط.
قوله: (إلا أن يخاف
…
الخ) صريح ما هنا كما تقدم في الجماعة: أن من أدرك ركوع الأولى مع الإمام، ثم عذر بزحام أو غيره، وزال عذره في الثانية قبل الركوع، فإن أمكنه تكميل الأولى قبل رفع الإمام من ركوع الثانية، فعل وجوباً، وإلا بأن غلب على ظنه فوات الثانية، كما في "الإقناع"، لغى ما أدركه من الأولى، وتابعه في الثانية، وتصير أولاه، فتأمل. وبخطه على قوله:(إلا أن يخاف) سجوده بالأرض بعد زوال الزحام "شرح".
فَإِنْ لَمْ يُتَابِعْهُ عَالَمًا بِتَحْرِيمِهِ بَطَلَتْ وَإِنْ جَهِلَهُ فَسَجَدَ ثُمَّ أَدْرَكَهُ أَتَى بِرَكْعَةٍ بَعْدَ سَلَامِهِ وَصَحَّتْ جُمُعَتُهُ وَكَذَا لَوْ تَخَلَّفَ لِمَرَضٍ أَوْ نَوْمٍ أَوْ سَهْوٍ وَنَحْوِهِ.
قوله: (ثم أدركه في التشهد) علم منه: أنه يكفي في إدراك الجمعة، إدراك ما تدرك به الركعة، إذا أتى بباقي الركعة قبل أن يسلم الإمام، فلا تعتبر ركعة بسجدتيها معه. قاله في "شرح الإقناع" وفيه نظر. فتدبر.
وعلم منه أيضاً: أنه لو لم يدرك الإمام حتى سلم؛ فإنه يستأنف ظهراً، وصرح به في "الإقناع" قال: وإن غلب على ظنه الفوت، فتابع إمامه فيها، ثم طول، أو عدم الفوت؛ فسجد، فبادر الإمام فركع، لم يضره فيهما. انتهى.
فائدة: إن قلت: صرحوا بأن الجمعة، يدرك وقتها بتكبيرة إحرام، وأن جماعتها لا تدرك إلا بركعة، مع أنه لا بد من كل من الوقت والجماعة، فما الفرق بينهما؟ قلت: الفرق أن الجماعة شرط لها، وهو داخل الماهية، والوقت شرط، وهو خارج الماهية، وما هو داخل الماهية آكد. قوله:(ونحوه) كغفلة.
الرَّابِعُ تَقَدُّمُ خُطْبَتَيْنِ بَدَلَ رَكْعَتَيْنِ لَا مِنْ الظُّهْرِ مِنْ شُرُوطِهِمَا الْوَقْتُ وَأَنْ يَصِحَّ أَنْ يُؤَمَّ فِيهَا وَحَمْدُ اللَّهِ تَعَالَى وَالصَّلَاةُ عَلَى رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم وَقِرَاءَةُ آيَةٍ وَلَوْ جُنُبًا مَعَ تَحْرِيمِهَا وَالْوَصِيَّةُ بِتَقْوَى اللَّهِ تَعَالَى فِي كُلِّ خُطْبَةٍ وَمُوَالَاةُ جَمِيعِهِمَا مَعَ الصَّلَاةِ وَالنِّيَّةُ وَالْجَهْرُ بِحَيْثُ يَسْمَعُ الْعَدَدُ الْمُعْتَبَرُ حَيْثُ لَا مَانِعَ وَسَائِرُ شُرُوطِ الْجُمُعَةِ لِلْقَدْرِ الْوَاجِبِ لَا الطَّهَارَتَانِ وسَتْرُ الْعَوْرَةِ وإزَالَةُ النَّجَاسَةِ وَلَا أَنْ يَتَوَلَّاهُمَا وَاحِدٌ ومَنْ يَتَوَلَّى الصَّلَاةَ وَلَا حُضُورُ مُتَوَلِّي الصَّلَاةِ الْخُطْبَةَ وَيُبْطِلُهَا كَلَامٌ مُحَرَّمٌ وَلَوْ يَسِيرًا وَهِيَ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ كَقِرَاءَةٍ
قوله: (تقدم خطبتين
…
الخ) من إضافة الصفة لموصوفها. قوله: (للقدر
…
الخ) خبر لمبتدأ محذوف؛ أي: هذه الشروط للقدر الواجب من الخطبتين، وهو أركنهما. قوله:(ولا حضور متولي) أي: إمام. قوله: (الخطبة) ما لم يكن من تمام الأربعين، فلا بد من حضوره، كما علم مما تقدم. محمد الخلوتي.
قوله: (كقراءة) أي: فلا تجوز، وتصح مع العجز غير القراءة، فإن عجز عنها؛ وجب بدلها ذكر. "شرح".
وَسُنَّ أَنْ يَخْطُبَ عَلَى مِنْبَرٍ أَوْ مَوْضِع عَالٍ عَنْ يَمِينِ مُسْتَقْبِلِي الْقِبْلَةِ وَإِنْ وَقَفَ بِالْأَرْضِ فَعَنْ يَسَارِهِمْ وسَلَامُهُ إذَا خَرَجَ وإذَا أَقْبَلَ عَلَيْهِمْ وجُلُوسُهُ حَتَّى وبَيْنَهُمَا قَلِيلًا فَإِنْ أَبَى أَوْ خَطَبَ جَالِسًا فَصَلَ بِسَكْتَةٍ وأَنْ يَخْطُبَ قَائِمًا مُعْتَمِدًا عَلَى سَيْفٍ أَوْ قَوْسٍ أَوْ عَصًا قَاصِدًا تِلْقَاءَهُ وقِصَرُهُمَا والثَّانِيَةِ أَقْصَرَ ورَفْعُ صَوْتِهِ حَسَبَ طَاقَتِهِ والدُّعَاءُ لِلْمُسْلِمِينَ وَيُبَاحُ لِمُعَيَّنٍ وأَنْ يَخْطُبَ مِنْ صَحِيفَةٍ.
قوله: (أن يخطب) من باب: قتل، خطبة، بمعنى: مخطوبة، كنسخة بمعنى: منسوخة. "مصباح". قوله: (مستقبلي القبلة) المراد بها: المحراب.
قوله: (إذا خرج) إلى مأموم. قوله: (وإذا أقبل عليهم) أي: بوجهه.
قوله: (حسب طاقته) ويعرب الخطبتين بلا تمطيط، ويكون متعظاً بما يعظ الناس به، ويستقبلهم، وينحرفون إليه؛ فيستقبلونه، ويتربعون فيها؛ أي: في حال استماع الخطبة "إقناع". قوله: (لمعين) حتى السلطان.
فصل
والجمعة: ركعتان يُسَنُّ أَنْ يَقْرَأَ جَهْرًا وأَنْ يَقْرَأَ فِي فَجْرِهَا الم السَّجْدَةَ وَفِي الثَّانِيَةِ هَلْ أَتَى وَيُكْرَهُ مُدَاوَمَتُهُ عَلَيْهِمَا وَيَحْرُمُ إقَامَتُهَا وعِيدٍ فِي أَكْثَرَ مِنْ مَوْضِعٍ مِنْ الْبَلَدِ إلَّا لِحَاجَةٍ، كَضِيقِ وبُعْدٍ وخَوْفِ فِتْنَةٍ وَنَحْوِهِ فَإِنْ عُدِمَتْ فَالصَّحِيحَةُ مَا بَاشَرَهَا الْإِمَامُ مِنْهَا أَوْ أَذِنَ فِيهَا الْإِمَامُ فَإِنْ اسْتَوَيَا أَيْ إذْنِ أَوْ عَدَمِهِ فَالسَّابِقَةُ بِالْإِحْرَامِ.
قوله: (وتكره مداومته) يعني: بفجر.
قوله: (وعيد) بالجر عطفاً على الضمير المجرور بإقامة، من غير إعادة الجار، على مذهب يونس والفراء، واختيار الإمام أبي عبد الله بن مالك. قوله: (وخوف فتنة
…
الخ) وحيث جاز التعدد لحاجة، فإنه يقدر بقدرها.
كما في "الإقناع"، خلافا لبعض الشافعية. قوله:(ما باشرها) أي: أم فيها.
قوله: (أو أذن فيها الإمام) ولو مسبوقة. قوله: (فإن استويا في إذن
…
الخ) ولعل من صور التساوي في الإذن، ما إذا باشر واحدة، وأذن في الأخرى.
وَإِنْ وَقَعَتَا مَعًا فَإِنْ أَمْكَنَ صَلَّوْا جُمُعَةً وَإِلَّا فظُهْرًا وَإِنْ جَهِلَ كَيْفَ وَقَعَتَا صَلَّوْا ظُهْرًا وَإِذَا وَقَعَ عِيدٌ فِي يَوْمِهَا سَقَطَتْ عَمَّنْ حَضَرَهُ مَعَ الْإِمَامِ سُقُوطَ حُضُورٍ لَا وُجُوبٍ كَمَرِيضٍ لَا كَمُسَافِرٍ إلَّا الْإِمَامَ فَإِنْ اجْتَمَعَ مَعَهُ الْعَدَدُ الْمُعْتَبَرُ أَقَامَهَا وَإِلَّا صَلَّوْا ظُهْرًا وَكَذَا عِيدٍ بِهَا فَيُعْتَبَرُ الْعَزْمُ عَلَيْهَا قَبْلَ الزَّوَالِ وَأَقَلُّ السُّنَّةِ بَعْدَهَا رَكْعَتَانِ وَأَكْثَرُهَا سِتٌّ،
قوله: (فإن أمكن) يعني: أن يصلي الجميع جمعة واحدة. قوله: (إلا الإمام) فيلزمه الحضور، كمن لم يصل العيد مع الإمام.
قوله: (وكذا) يعني: وكذا سقوط عيد بها. قوله: (ولو فعلت) أي: سواء أريد فعلها قبل الزوال أو بعده، فلا بد من العزم عليها في الحالين، خلافاً "للإقناع" تبعاً لابن تميم، حيث قال: لا يعتبر العزم، إلا إذا فعلت بعد الزوال.
قوله: (وأقل السنة) يعني: الراتبة. قوله: (وأكثرها) أي: السنة الراتبة، فعلى هذا: الرواتب ست عشرة ركعة. وإنما اقتصر في التطوع على العشر؛
وَسن قِرَاءَةُ سُورَةِ الْكَهْفِ فِي يَوْمِهَا وكَثْرَةُ دُعَاءٍ وَأَفْضَلُهُ بَعْدَ الْعَصْرِ وصَلَاةٍ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وغُسْلٌ لَهَا فِيهِ وَأَفْضَلُهُ عِنْدَ مُضِيِّهِ وتَنَظُّفٌ وَتَطَيُّبٍ ولُبْسُ أَحْسَنِ ثِيَابِهِ وَهُوَ الْبَيَاضُ وتَبْكِيرٌ إلَيْهَا مَاشِيًا بَعْدَ فَجْرٍ وَلَا بَأْسَ بِرُكُوبِهِ لِعُذْرٍ وعَوْدٍ وَيَجِبُ سَعْيٌ بِالنِّدَاءِ الثَّانِي إلَّا بَعِيدَ مَنْزِلٍ عَنْ ففِي وَقْتٍ يُدْرِكُهَا إذَا عَلِمَ حُضُورَ الْعَدَدِ واشْتِغَالٌ بِذِكْرٍ وَصَلَاةٍ إلَى خُرُوجِ الْإِمَامِ فيَحْرُمُ ابْتِدَاءُ صَلَاةٍ غَيْرِ تَحِيَّةِ مَسْجِدٍ وَيُخَفِّفُ مَا ابْتَدَأَهُ وَلَوْ نَوَى أَرْبَعًا صَلَّى اثْنَتَيْنِ.
لأنه اعتمد على ذكر رواتب الجمعة في بابها، فتأمل.
قوله: (في يومها) أي: وليلتها، كما في "الإقناع". قوله:(ولبس أحسن ثيابه) بضم اللام، مصدر: لبست الثوب من باب: تعب، وبالكسر ما يلبس، كاللباس. كما في "المصباح".
قوله: (ويخفف ما ابتدأه) أي: كيفاً. وأما تخفيف الكم؛ فأشار إليه لقوله: (ولو نوى
…
الخ).
وَكُرِهَ لِغَيْرِ الْإِمَامِ تَخَطِّي الرِّقَابِ إلَّا إنْ رَأَى فُرْجَةً لَا يَصِلُ إلَيْهَا إلَّا بِهِ وإيثَارُهُ بِمَكَانٍ أَفْضَلَ لَا قَبُولُهُ وَلَيْسَ لِغَيْرِهِ سَبْقُهُ إلَيْهِ وَالْعَائِدُ مِنْ قِيَامِهِ لِعَارِضٍ أَحَقُّ بِمَكَانِهِ وَحَرُمَ أَنْ يُقِيمَ غَيْرَهُ وَلَوْ عَبْدَهُ أَوْ وَلَدَهُ إلَّا الصَّغِيرَ قَالَ الْمُنَقِّحُ: وَقَوَاعِدُ الْمَذْهَبِ تَقْتَضِي عَدَمَ الصِّحَّةِ وَإِلَّا مَنْ بِمَوْضِعٍ يَحْفَظُهُ لِغَيْرِهِ بِإِذْنِهِ أَوْ بِدُونِهِ ورَفْعُ مُصَلًّى مَفْرُوشٍ مَا لَمْ تَحْضُرْ الصَّلَاةُ.
قوله: (لا قبوله) يعني: ولا رده. قوله: (إلا الصغير) يعني: ولو أجنبياً.
قوله: (ما لم تحضر الصلاة) وليس له الجلوس، ولا الصلاة عليه، فإن فعل، ففي الفروع في ستر العورة: لو صلى على أرضه أو مصلاه بلا غضب، صح في الأصح. قال في "شرح الإقناع": وتقدم هناك: جاز وصحت، ولعل ما هناك، إذا كان حاضراً، أو صلى معه على مصلاه، فلا يعارضه ما هنا، لغيبته، قال: وفيه شيء. انتهى؛ أي: لأن السكوت عندنا، لا يدل على رضا الغير، بالتصرف في ماله، كما صرحوا به في تصرف الفضولي.
وَكَلَامٌ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ وَهُوَ مِنْهُ بِحَيْثُ يَسْمَعُهُ إلَّا لَهُ أَوْ لِمَنْ كَلَّمَهُ لِمَصْلَحَةٍ وَيَجِبُ لِتَحْذِيرِ ضَرِيرٍ وغَافِلٍ عَنْ هَلَكَةٍ وَبِئْرٍ وَنَحْوِهِ وَيُبَاحُ إذَا سَكَتَ بَيْنَهُمَا أَوْ شَرَعَ فِي دُعَاءٍ وَلَهُ الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إذَا سَمِعَهَا وَتُسَنُّ سِرًّا كَدُعَاءٍ وحَمْدُهُ خُفْيَةً إذَا عَطَسَ، وَرَدُّ سَلَامٍ، وَتَشْمِيتُ عَاطِسٍ وَإِشَارَةُ أَخْرَسَ إذَا فُهِمَتْ كَكَلَامٍ وَمَنْ دَخَلَ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ لَمْ يَجْلِسْ حَتَّى يَرْكَعَ رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ فَتُسَنُّ تَحِيَّتُهُ لِمَنْ دَخَلَهُ بِشَرْطِهِ غَيْرَ خَطِيبٍ دَخَلَهُ لَهَا ودَاخِلِهِ لِصَلَاةِ عِيدٍ أَوْ وَالْإِمَامُ فِي مَكْتُوبَةٍ أَوْ بَعْدَ شُرُوعٍ فِي إقَامَةٍ وقَيِّمِهِ إذَا تَكَرَّرَ دُخُولُهُ ودَاخِلِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ
قوله: (وكلام والإمام يخطب) يعني: ولو كان الإمام غير عدل، كما في "الإقناع". قوله:(وتأمين عليه) أي: على دعاء الخطيب، فيسن سراً.
قوله: (وحمده) يعني: جائز.
قوله: (بشرطه) هو أن لا يجلس، فيطول الفصل، ولا يكون وقت نهي، غير حال خطبة الجمعة، وأن يكون متطهراً.
وَيَنْتَظِرُ فَرَاغَ مُؤَذِّنٍ لِتَحِيَّةِ وَإِنْ جَلَسَ قَامَ فَأَتَى بِهَا مَا لَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ
قوله: (وينتظر فراغ مؤذن) لعل المراد: غير أذان جمعة؛ لأن سماع الخطبة أهم. قاله في "الفروع".