الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب صفة الصلاة
يُسَنَ خُرُوجٌ إلَيْهَا بِسَكِينَةٍ وَوَقَارٍ وَإِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ قَالَ إذَا خَرَجَ إلَّا أَنَّهُ يَقُولُ: أَبْوَابَ فَضْلِكَ وَسُنَّ قِيَامُ إمَامٍ غَيْرِ مُقِيمٍ إلَيْهَا إذَا قَالَ الْمُقِيمُ قَدْ قَامَتْ الصَّلَاةُ إذَا رَأَى الْإِمَامَ وَإِلَّا فَعِنْدَ رُؤْيَتِهِ
قوله: (ووقار) قال القاضي عياض والقرطبي: الوقار: يمعنى السكينة، ذكر على سبيل التأكيد. وقال النووي: الظاهر أن بينهما فرقاً، وأن السكينة التأني في الحركات، واجتناب العبث. والوقار: في الهيئة، كغض الطرف، وخفض الصوت، وعدم الالتفات. قوله: (والسلام
…
إلخ) علم منه: عدم كراهة إفراد السلام عن الصلاة، كما لا يكره إفرادها عنه، على ما علم مما تقدم في الأذان عند قول المصنف: (ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، وفي "الإقناع": اللهم صل وسلم على محمد. وهو أولى؛ لما فيه من الخروج من الخلاف.
قوله: (فغير مقيم) أي: من المأمومين، وأما المقيم، فإنه يقوم قبل شروعه في الإقامة؛ لأنها تسن قائماً، كما تقدم.
ثُمَّ يُسَوِّي إمَامٌ الصُّفُوفَ بِمَنْكِبٍ وَكَعْبٍ وَسُنَّ تَكْمِيلُ أَوَّلَ فَأَوَّلَ والْمُرَاصَّةُ وَيَمِينُهُ ولِرِجَالٍ أَفْضَلُ وَهُوَ مَا يَقْطَعُهُ الْمِنْبَرُ ثُمَّ يَقُولُ قَائِمًا مَعَ قُدْرَةٍ لِمَكْتُوبَةٍ: اللَّهُ أَكْبَرُ مُرَتَّبًا مُتَوَالِيًا فَإِنْ أَتَى بِهِ أَوْ ابْتَدَأَهُ أَوْ أَتَمَّهُ غَيْرَ قَائِمٍ صَحَّتْ نَفْلًا إنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ
قوله: (والمراصة) أي: الالتصاق. قوله: (ويمينه) أي: ويمين الصف الأول لرجال أفضل. قال ابن نصر الله: وظاهر كلامهم: أن الأبعد عن اليمين أفضل ممن قرب عن اليسار، وهو أقوى عندي؛ لخصوصية جهة اليمين بمطلق الفضل، كما أن من وقف وراء الإمام أفضل، ولو كان في آخر الصف ممن هو يمين الإمام ملتصقاً به. انتهى. أي: موازياً للإمام؛ لأن الأفضل وقوفه خلفه. قوله: (وهو ما يقطعه
…
إلخ) المراد: ما يلي الإمام ولو قطعه المنبر، لأن الصف الأول أول صف كامل، كما يقوله المخالف، وهذه نكتة تفسير المصنف له. محمد الخلوتي.
قوله: (مع قدرة لمكتوبة: الله أكبر
…
إلخ) قال الشهاب الشيشيني في "شرح المحرر": فرع: لو أتى بالتكبير على صورة الاستفهام، أو زاد بين الكلمتين واواً ساكنة، أو متحركة؛ لم يصح تكبيره. انتهى.
وَتَنْعَقِدُ إنْ مَدَّ اللَّامَ لَا تَنْعَقِدُ إنْ مَدَّ هَمْزَةَ اللَّهِ، أَوْ أَكْبَرَ أَوْ قَالَ: أَكْبَارٌ أَوْ الْأَكْبَرُ وَيَلْزَمُ جَاهِلًا تَعَلُّمُهَا فَإِنْ عَجَزَ أَوْ ضَاقَ الْوَقْتُ عَنْهُ، كَبَّرَ بِلُغَتِهِ وَإِنْ عَرَفَ لُغَاتٍ فِيهَا أَفْضَلُ كَبَّرَ بِهِ وَإِلَّا فيُخَيَّرُ وَكَذَا كُلُّ ذِكْرٍ وَاجِبٍ وَإِنْ عَلِمَ الْبَعْضَ أَتَى بِهِ وَإِنْ تَرْجَمَ عَنْ مُسْتَحَبٍّ بَطَلَتْ وَيَحْرُمُ أَخْرَسُ وَنَحْوُهُ بِقَلْبِهِ وَسُنَّ جَهْرُ إمَامٍ بِتَكْبِيرِ وَبِتَسْمِيعٍ وَتَسْلِيمَةٍ أُولَى وَبِقِرَاءَةٍ فِي صَلَاةٍ جَهْرِيَّةٍ، بِحَيْثُ يُسْمِعُ مَنْ خَلْفَهُ وَأَدْنَاهُ سَمَاعُ غَيْرِهِ وَإسْرَارُ غَيْرِهِ بِتَكْبِيرٍ وَسَلَامٍ وَفِي الْجَهْرِ بِالْقِرَاءَةِ فِي الصَّلَاةِ تَفْصِيلٌ. وَيَأْتِي وَكُرِهَ جَهْرُ مَأْمُومٍ إلَّا بِتَكْبِيرٍ وَتَحْمِيدٍ وَسَلَامٍ لِحَاجَةٍ فَيُسَنُّ وَجَهْرُ كُلِّ مُصَلٍّ فِي رُكْنٍ ووَاجِبٍ بِقَدْرِ مَا يُسْمِعُ نَفْسَهُ ومَعَ
قوله: (كبر به) أي: ندباً، فيقدم السرياني، فالفارسي، ثم التركي أو الهندي. "إقناع". قوله:(من خلفه) أي: جميع من خلفه. قوله: (وسلام) أي: وتسميع أو تحميد غير مأموم لحاجة، كما يأتي.
قوله: (فيسن) يعني: ولو بلا إذن إمام.
مَانِعٍ، بِحَيْثُ يَحْصُلُ السَّمَاعُ مَعَ عَدَمِهِ فَرْضٌ وَسُنَّ رَفْعُ يَدَيْهِ أَوْ إحْدَاهُمَا عَجْزًا مَعَ ابْتِدَاءِ التَّكْبِيرِ مَمْدُودَتَيْ الْأَصَابِعِ مَضْمُومَتَيْهَا مُسْتَقْبِلًا بِبُطُونِهَا الْقِبْلَةَ إلَى حَذْوِ مَنْكِبَيْهِ إنْ لَمْ يَكُنْ عُذْرٌ وَيُنْهِيهِ مَعَهُ وَيَسْقُطُ بِفَرَاغِ التَّكْبِيرِ ثُمَّ وَضْعُ كَفِّ يُمْنَى عَلَى كُوعِ يُسْرَى وجَعْلُهُمَا تَحْتَ سُرَّتِهِ وَنَظَرُهُ
قوله: (فرض) أي: مطلوب، فالجهر بشيء له حكم ذلك الشيء لا أن الجهر بالواجب فرض بالمعنى الحقيقي المصطلح عليه، فيكون من الجمع بين الحقيقة والمجاز، أو من عموم المجاز. قوله:(وسن رفع يديه) مكشوفتين هنا وفي الدعاء. ورفعهما إشارة إلى رفع الحجاب بينه وبين ربه.
"إقناع". قوله: (إلى حذو منكبيه) أي: برؤوسهما. قوله: (إن لم يكن عذر) فيرفعهما أقل وأكثر مع عذر. قوله: (ويسقط بفراغ التكبير) ثم يحطهما من غير ذكر.
قوله: (ثم وضع كف يمنى
…
إلخ) عبارة "الإقناع": ثم يقبض بكفه الأيمن، كوعه الأيسر. قوله:(وجعلهما تحت سرته) ومعناه: ذل بين يدي عز. "إقناع". ويكره جعلهما على صدره، نص عليه.
إلَى مَوْضِعِ سُجُودِهِ إلَّا فِي صَلَاةِ خَوْفٍ وَنَحْوِهِ لِحَاجَتِهِ ثُمَّ يَسْتَفْتِحُ، فَيَقُولُ سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك،
قوله: (ونحوه) كخوف من سيل أو سبع.
قوله: (وبحمدك) اختلف في هذا؛ فقيل: جملة واحدة، على أن الواو زائدة. وقيل: جملتان، على أنها عاطفة، ومتعلق الباء محذوف؛ أي: وبحمدك سبحتك. وقال الخطابي: المعنى: وبمعونتك التي هي نعمة توجب علي حمدك، سبحتك لا بحولي وقوتي. يريد أنه مما أقيم فيه المسبب مقام السبب.
وقال ابن الشجري في: (فتستجيبون بحمده)[الإسراء: 52]، هو كقولك: أجبته بالتلبية؛ أي: فتجيبونه بالثناء؛ إذ الحمد هو الثناء، والباء متعلقة بحال محذوفة؛ أي: معلنين بحمده. قاله في "المغني"، قال: وقد اختلف في الباء من قوله تعالى: (فسبح بحمد ربك) فقيل: للمصاحبة، والحمد مضاف إلى المفعول؛ أي: سبحه حامداً له؛ أي: نزهه عما لا يليق به، وأثبت له ما يليق به. وقيل: للاستعانة، والحمد مضاف للفاعل؛ أي: سبحه بما حمد به نفسه؛ إذ ليس كل تنزيه محموداً، ألا ترى أن تسبيح المعتزلة اقتضى تعطيل كثير من الصفات. انتهى.
وتعالى جدك ولا إله غيرك ثُمَّ يَسْتَعِيذُ ثُمَّ يَقْرَأُ الْبَسْمَلَةَ وَهِيَ آيَةٌ فَاصِلَةٌ بَيْنَ كُلِّ سُورَتَيْنِ سِوَى بَرَاءَةٍ، فَيُكْرَهُ ابْتِدَاؤُهَا بِهَا
قوله: (ولا إله غيرك) ويجوز، ولا يكره بغيره مما ورد. "إقناع".
قوله: (ثم يستعيذ)، فيقول:"أعوذ بالله من الشيطان الرجيم" وكيف ما تعوذ من الوارد فحسن. "إقناع". قوله: (بين كل سورتين
…
إلخ) اعترضه بعضهم؛ بأن في العبارة قصوراً لعدم شمولها بسملة الفاتحة، وأجاب بعض من كتب على البيضاوي بما حاصله: أن بسملة الفاتحة فاصلة، باعتبار عود القاريء.
وأقول: يشكل على هذا الجواب ما أبداه الجعبري سؤالاً وجواباً، فقال:
يا علماء العصر حييتم
…
دونكم من خاطري مسأله
ما سورتان اتفق الكل على
…
أن يثبتوا بينهما البسمله
وأجمعوا أيضاً على أنهم
…
لم يثبتوا بينهما بسمله
وأجاب بقوله:
مالي أرى ذا المقريء المشرقي
…
يبهم أعلام الهدى الواضحه
سألتنا عن مبهم واضح
…
هما -هديت- الناس والفاتحه
إذ تلك جزء لا لفصل كذي
…
وتركت بل نافت الفاتحه
فإن مقتضى كلام الجعبري، بل صريحه: أن بسملة الفاتحة لما كانت
وَلَا يُسَنُّ جَهْرٌ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ثُمَّ الْفَاتِحَةَ وَفِيهَا إحْدَى عَشْرَةَ تَشْدِيدَةً فَإِنْ تَرَكَ وَاحِدَةً أَوْ تَرْتِيبَهَا أَوْ قَطَعَهَا غَيْرُ مَأْمُومٍ بِسُكُوتٍ طَوِيلٍ أَوْ ذِكْرٍ كَثِيرٍ أَوْ دُعَاءٍ أَوْ قُرْآنٍ كَثِيرٍ لَزِمَهُ اسْتِئْنَافُهَا إنْ تَعَمَّدَ وَكَانَ غَيْرَ مَشْرُوعٍ فَإِذَا فَرَغَ قَالَ آمِينَ وَحَرُمَ وَبَطَلَتْ إنْ شَدَّدَ مِيمَهَا وَيَجْهَرُ بِهَا إمَامٌ وَمَأْمُومٌ مَعًا وَيَجْهَرُ بِهَا غَيْرُهُمَا فَإِنْ تَرَكَهُ إمَامٌ أَوْ أَسَرَّهُ أَتَى بِهِ مَأْمُومٌ جَهْرًا وَيَلْزَمُ جَاهِلًا تَعَلُّمُهَا فَإِنْ ضَاقَ الْوَقْتُ لَزِمَهُ قِرَاءَةُ قَدْرِهَا فِي
جزءاً من الفاتحة كجزء منها، لم تجعل فاصلة؛ لأن الفاصلة تستلزم مفصولاً، فتكون حشواً، وما بعدها مناف لكونه فاتحة؛ أي: أولاً.
وبخطه على قوله: (بين كل سورتين) أي: مشروعة قبل الفاتحة، وبين كل سورتين.
قوله: (ولا يسن جهر بشيء من ذلك) وإن ترك شيئا منه، ولو عمداً، حتى تلتبس بما بعده؛ سقط. قوله:(فإذا فرغ قال: آمين) أي: بعد سكتةٍ لطيفة؛ ليعلم أنها ليست من القرآن. قوله: (وغيرهما) وهو المنفرد والقاريء خارج الصلاة. قوله: (ويلزم جاهلاً تعلمها) فلا تصح قبله مع القدرة عليه وسعة الوقت.
قوله: (لزمه قراءة قدرها) أي: لا بأقل من ذلك، سواء زاد أو ساوى.
الْحُرُوفِ وَالْآيَاتِ فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ إلَّا آيَةً كَرَّرَهَا بِقَدْرِهَا فَإِنْ لَمْ يُحْسِنْ قُرْآنًا حَرُمَ تَرْجَمَتُهُ وَلَزِمَ قَوْلُ: سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَاَللَّهُ أَكْبَرُ فَإِنْ عَرَفَ بَعْضَهُ كَرَّرَهُ بِقَدْرِهِ وَإِلَّا وَقَفَ بِقَدْرِ الْقِرَاءَةِ وَمَنْ صَلَّى وَتَلَقَّفَ الْقِرَاءَةَ مِنْ لَفْظِ غَيْرِهِ صَحَّتْ ثُمَّ يَقْرَأُ سُورَةً كَامِلَةً نَدْبًا مِنْ طِوَالِ الْمُفَصَّلِ فِي الْفَجْرِ وقِصَارِهِ فِي الْمَغْرِبِ، وَفِي الْبَاقِي مِنْ أَوْسَاطِهِ وَلَا يُكْرَهُ لِعُذْرٍ، كَمَرَضٍ وَسَفَرٍ
قوله: (فإن لم يعرف إلا آية) يعني: منها أو من غيرها، فإن أحسن آية منها، وشيئاً من غيرها؛ كرر الآية لا الشيء، فإن لم يحسن إلا بعض آية؛ لم يكرره، وعدل إلى غيره. "إقناع". قوله:(بقدرها) يعني: حروفاً وآيات.
قوله: (وفي الباقي من أوساطه) نقل الأصحاب عن الإمام أحمد رحمه الله-
وَنَحْوِهِمَا بِأَقْصَرَ مِنْ ذَلِكَ وَإِلَّا كُرِهَ بِقِصَارِهِ فِي فَجْرٍ لَا بِطِوَالِهِ فِي مَغْرِبٍ وَأَوَّلُهُ ق وَحَرُمَ تَنْكِيسُ الْكَلِمَاتِ وَتَبْطُلُ بِهِ لَا السُّوَرِ، وَالْآيَاتِ وَيُكْرَهُ ك بِكُلِّ الْقُرْآنِ فِي فَرْضٍ أَوْ بِالْفَاتِحَةِ فَقَطْ.
أنه سئل عن إمام أحرم بالعصر فطول يظنها الظهر؟ فقال: يعيد ويعيدون. وهذا يقتضي أنه يطلب في الظهر من التطويل أكثر من العصر، فقوله:(وفي الباقي من أوساطه) فيه إجمال، لا أنه على حد سواء، كما أفاده شيخنا محمد الخلوتي.
قوله: (بأقصر من ذلك) أي: بأقصر من الطوال في الفجر، وبأقصر من الأوساط في غير الفجر والمغرب. قوله: (وإلا
…
إلخ) أي: وإن قرأ في غير المغرب بأقصر من ذلك لغير عذر؛ كره في صورة واحدة، وهي: أن يقرأ في الفجر بقصار المفصل، ومفهومه: لا يكره في غير فجر ومغرب بقصاره، ولو لغير عذر، وهو أولى من مفهوم كلام "الإقناع"، فراجعه.
قوله: (أو بالفاتحة فقط) يعني: في فرض أو نفل، كما يفيده أيضاً عموم "الإقناع".
لَا تَكْرَارُ سُورَةٍ أَوْ تَفْرِيقُهَا فِي رَكْعَتَيْنِ وجَمْعُ سُورَةٍ فِي رَكْعَةٍ، وَلَوْ فِي فَرْضٍ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ فِي الْمَكْتُوبَةِ سُورَتَيْنِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ. وقِرَاءَةُ أَوَاخِرِ السُّوَرِ وَأَوْسَاطِهَا أَوْ مُلَازَمَةُ سُورَةٍ مَعَ اعْتِقَادِ جَوَازِ غَيْرِهَا وَيَجْهَرُ إمَامٌ بِقِرَاءَةِ فِي الصُّبْحِ فِي مَغْرِبٍ وَعِشَاءٍ وَكُرِهَ الْمَأْمُومِ ونَهَارًا فِي نَفْلٍ وَيُخَيَّرُ مُنْفَرِدٌ قَائِمٌ لِقَضَاءِ مَا فَاتَهُ وَيُسِرُّ فِي قَضَاءِ صَلَاةِ جَهْرٍ نَهَارًا وَيَجْهَرُ بِهَا لَيْلًا فِي جَمَاعَةٍ وفِي نَفْلٍ يُرَاعِي الْمَصْلَحَةَ وَلَا تَصِحُّ بِقِرَاءَةٍ تَخْرُجُ عَنْ مُصْحَفِ عُثْمَانَ ثُمَّ يَرْكَعُ مُكَبِّرًا رَافِعًا يَدَيْهِ مَعَ ابْتِدَائِهِ فَيَضَعُ يَدَيْهِ مُفَرَّجَتَيْ الْأَصَابِعِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَيَمُدُّ ظَهْرَهُ مُسْتَوِيًا وَيَجْعَلُ رَأْسَهُ حِيَالَهُ وَيُجَافِي مِرْفَقَيْهِ عَنْ جَنْبَيْهِ
قوله: (وأوساطها) أي: كأوائلها، كما في "الإقناع". فتركه المصنف؛ لعدم الخلاف فيه. محمد الخلوتي.
قوله: (في جماعة) اعتباراً بالقضاء، وشبهها بالأداء؛ لكونها في جماعة، فإن قضاها منفرداً؛ أسر؛ لفوات شبهها بالأداء. "شرح إقناع". قوله:(حياله) بكسر الحاء؛ أي: بإزاء ظهره، فلا يرفعه عنه، ولا يخفضه.
قال في "المصباح": قمت حياله، بكسر الحاء؛ أي: قبالته، وفعلت كل شيء على حياله؛ أي: بانفراده. انتهى.
وَالْمُجْزِئُ بِحَيْثُ يُمْكِنُ وَسَطًا مَسُّ رُكْبَتَيْهِ بِيَدَيْهِ وَقَدْرُهُ مِنْ غَيْرِهِ ومِنْ قَاعِدٍ مُقَابَلَةُ وَجْهِهِ مَا وَرَاءَ رُكْبَتَيْهِ مِنْ أَرْضٍ أَدْنَى مُقَابَلَةٍ وَتَتِمَّتُهَا الْكَمَالُ وَيَنْوِيهِ أَحْدَبُ لَا يُمْكِنُهُ.
قوله: (والمجزيء بحيث
…
إلخ) أي: من قائم. قوله: (وقدره من غيره) هو معطوف على الخبر في قوله: (بحيث) والتقدير: والمجزيء من غير الوسط قدر انحناء الوسط المجزيء. قوله: (ومن قاعد) متعلق بمبتدأ محذوف، تقديره: والمجزيء، وخبر هذا المبتدأ قوله: (مقابلة
…
إلخ).
فائدة: وإن عطس حال رفعه، فحمد لهما جميعاً؛ لم يجزئه نصاً، ولا تبطل به، ومثل ذلك لو أراد الشروع في الفاتحة فعطس، فقال:"الحمد لله" ينوي بذلك عن العطاس والقراءة. قاله في "الإقناع" بحروفه، ولم يتعرض في "شرحه" لما زاد على ذلك.
ويشكل على المسألة الأخيرة قولهم في المسبوق: إذا أدرك الإمام راكعاً فكبر ونوى الإحرام والركوع بالتكبيرة، لم تنعقد؛ أي: لأنه شرك بين الواجب وغيره بالنية، فينبغي أن يقال هنا بالبطلان إن لم يأت بذلك؛ إذ كل من القراءة وتكبيرة الإحرام فرض، وأما المسألة الأولى، فمقتضى القواعد: أنه إن فعل ذلك عمداً؛ بطلت صلاته، وإن كان سهواً أو جهلاً؛
وَيَقُولُ سُبْحَانَ رَبِّي الْعَظِيمِ ثَلَاثًا وَهُوَأَدْنَى الْكَمَالِ وَأَعْلَاهُ لِإِمَامٍ عَشْرُ وَالْمُنْفَرِدِ الْعُرْفُ وَكَذَا سُبْحَانَ رَبِّي الْأَعْلَى فِي سُجُودٍ وَالْكَمَالُ فِي رَبِّ اغْفِرْ لِي، بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ: ثَلَاثَ فِي غَيْرِ صَلَاةِ كُسُوفٍ فِي الْكُلِّ ثُمَّ يَرْفَعُ رَأْسَهُ مَعَ يَدَيْهِ قَائِلًا، إمَامٌ وَمُنْفَرِدٌ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، مُرَتَّبًا وُجُوبًا ثُمَّ إنْ شَاءَ وَضَعَ يَمِينَهُ عَلَى شِمَالِهِ أَوْ أَرْسَلَهُمَا فَإِذَا قَامَ قَالَ: رَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ مِلْءَ السَّمَوَاتِ وَمِلْءَ الْأَرْضِ وَمِلْءَ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ وَيُحَمِّدُ فَقَطْ مَأْمُومٌ، وَيَأْتِي بِهِ فِي رَفْعِهِ.
وجب السجود لذلك؛ لأنه إذا لم يجزئه، فهو كمن تركه، وهذا حكم تركه؛ ولعل مرادهم في المسألتين ما ذكرناه، ولم أر من تعرض له. والله أعلم.
قوله: (قائلاً) حال من فاعل (يرفع) العائد على المصلي. قوله: (إمام ومنفرد) كان الظاهر: النصب، على أن يكون حالا من ضمير (قائلاً)؛ ولعل رفعه إما على البدلية من ذلك الضمير، أو على أنه خبر لمبتدأ محذوف، والجملة حال منه. شيخنا محمد الخلوتي. قوله:(ملء السماء) بالنصب
ثُمَّ يَخِرُّ مُكَبِّرًا، وَلَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ فَيَضَعُ رُكْبَتَيْهِ ثُمَّ يَدَيْهِ ثُمَّ جَبْهَتَهُ وَأَنْفَهُ وَيَكُونُ عَلَى أَطْرَافِ أَصَابِعِهِ وَالسُّجُودُ عَلَى هَذِهِ لْأَعْضَاءِ بِالْمُصَلَّى رُكْنٌ مَعَ الْقُدْرَةِ لَامُبَاشَرَتُهَا بِشَيْءٍ مِنْهَا وَكُرِهَ تَرْكُهَا بِلَا عُذْرٍ وَيُجْزِئُ بَعْضُ كُلِّ عُضْوٍ وَمَنْ عَجَزَ بِالْجَبْهَةِ لَمْ يَلْزَمْهُ بِغَيْرِهَا وَيُومِئ مَا يُمْكِنُهُ وَسُنَّ أَنْ يُجَافِيَ عَضُدَيْهِ عَنْ جَنْبَيْهِ بَطْنَهُ عَنْ فَخِذَيْهِ وَهُمَا عَنْ سَاقَيْهِ مَا لَمْ يُؤْذِ جَارَهُ وَيَضَعَ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ مَضْمُومَتَيْ الْأَصَابِعِ وَلَهُ أَنْ يَعْتَمِدَ بِمَرْفِقَيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ، إنْ طَالَ وَيُفَرِّقَ رُكْبَتَيْهِ وَأَصَابِعَ رِجْلَيْهِ وَيُوَجِّهَهَا إلَى الْقِبْلَةِ وَيَقُولُ تَسْبِيحَهُ ثُمَّ يَرْفَعُ وَيَنْصِبَ يُمْنَاهُ وَيَثْنِيَ
على الحال من الضمير المستكن في (لك)، أو صفة لمصدر محذوف؛ أي: حمداً مالئاً السماء، وبالرفع: صفة للحمد، أو خبر لمبتدأ محذوف.
قوله: (ثم يديه) وإن علا موضع رأسه على قدميه، فلم تستقل الأسافل بلا حاجة؛ فلا بأس بيسيره، وكره كثيره، ولا يجزئي إن خرج عن صفة السجود. "إقناع". قوله:(ومن عجز) أي: عن سجود. قوله: (لم يلزمه بغيرها) يعني: من أعضاء السجود.
قوله: (ثم يرفع) أي: من السجدة الثانية حال كونه مكبراً قائماً
…
إلخ
أَصَابِعَهَا نَحْوَ الْقِبْلَةِ وَيَبْسُطُ يَدَيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ مَضْمُومَتَيْ الْأَصَابِعِ ثُمَّ يَقُولُ: رَبِّ اغْفِرْ لِي وَتَقَدَّمَ ثُمَّ يَسْجُدُ كَالْأُولَى ثُمَّ يَرْفَعُ مُكَبِّرًا قَائِمًا عَلَى صُدُورِ قَدَمَيْهِ مُعْتَمِدًا عَلَى رُكْبَتَيْهِ إذَا نَهَضَ نَهَضَ عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَاعْتَمَدَ عَلَى فَخِذَيْهِ فَإِنْ شَقَّ فَبِالْأَرْضِ ثُمَّ يَأْتِي بمِثْلِهَا إلَّا فِي تَجْدِيدِ نِيَّةٍ فَيَكْفِي وَتَحْرِيمِهِ وَاسْتِفْتَاحٍ وَتَعَوُّذٍ إنْ تَعَوَّذَ فِي الْأُولَى ثُمَّ يَجْلِسُ مُفْتَرِشًا وَيَضَعُ يَدَيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ يَقْبِضُ مِنْ يُمْنَاهُ: الْخِنْصَرِ وَالْبِنْصِرِ، وَيُحَلِّقُ الْإِبْهَامَ مَعَ لْوُسْطَى وَيَبْسُطُ أَصَابِعَ يُسْرَاهُ مَضْمُومَةً إلَى الْقِبْلَةِ ثُمَّ يَتَشَهَّدُ سِرًّا فَيَقُولُ: التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ،
وهو صريح في أنه ليس لنا جلسة استراحة، وهو المذهب. فتأمل.
قوله: (بمثلها) أي: في كل ما تقدم. قوله: (إلى القبلة) أي: موجهة إليها.
السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَيُشِيرُ بِسَبَّابَةِ الْيُمْنَى مِنْ غَيْرِ تَحْرِيكٍ فِي تَشَهُّدِهِ وَدُعَائِهِ مُطْلَقًا عِنْدَ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى ثُمَّ يَنْهَضُ فِي مَغْرِبٍ وَرُبَاعِيَّةٍ مُكَبِّرًا وَلَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ وَيُصَلِّي الْبَاقِي كَذَلِكَ إلَّا أَنَّهُ يُسِرُّ وَلَا يَزِيدُ عَلَى الْفَاتِحَةِ ثُمَّ يَجْلِسُ مُتَوَرِّكًا يَفْرِشَ الْيُسْرَى وَيَنْصِبَ الْيُمْنَى وَيُخْرِجَهُمَا عَنْ يَمِينِهِ، وَيَجْعَلُ أَلْيَتَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ.
قوله: (ويشير بسبابة اليمنى) يعني: لا بغيرها، ولو عدمت. "إقناع". قوله:(ويصلي الباقي كذلك) أي: كالركعة الثانية، لا كالركعتين الأوليين، كما فعله الشارح؛ لأنه يحوج إلى استثناء ما تقدم من تجديد النية وما معها، إلا أن يراد: يفعل في الباقي مثل ما فعله مشتركاً بين الأوليين، فلا يرد المختص بالأولى، وفيه من التكلف ما لا يخفى. محمد الخلوتي. قوله:(ولا يزيد على الفاتحة) يعني: ندباً، ولا تكره الزيادة.
قوله: (يفرش
…
إلخ) المشهور: ضم الراء، وحكي: كسرها.
ثُمَّ يَتَشَهَّدُ التَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ، ثُمَّ يَقُولُ سِرًّا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْت عَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْت عَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ. إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ أَوْكَمَا صَلَّيْت عَلَى إبْرَاهِيمَ وَآلِ إبْرَاهِيمَ، وَكَمَا بَارَكْت عَلَى إبْرَاهِيمَ وَآلِ إبْرَاهِيمَ وَالْأُولَة أَوْلَى.
قوله: (ثم يقول اللهم صل على محمد
…
إلخ) اعلم أنه لا تجب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم خارج الصلاة إلا في خطبتي الجمعة، وأنها تجوز على غيره من الأنبياء منفرداً، وكذا غيرهم. قوله: (وبارك على محمد
…
إلخ) الذي اختاره ابن كمال باشا، في حل الإشكال المشهور في المقام من أن هذه العبارة تقتضي أن تكون الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم أدون من الصلاة على إبراهيم عليه السلام؛ إذ يجب أن يكون وجه الشبه في المشبه به أقوى منه في المشبه.
حاصله: أن التشبيه في كل من الصلاتين أفضل من الصلاة على السابقين، فتكون الصلاة على نبينا أفضل من الصلاة على السابقين عليه، ومنهم إبراهيم، كما أن الصلاة على إبراهيم أفضل من الصلاة على من سبقه
_________
من الأنبياء، فيلزم من التشبيه المذكور كون الصلاة على المصطفى أفضل من الصلاة على إبراهيم. هذا ما نقله عن غيره. وقال إنه وجه وجيه رشيق، وتدقيق أنيق.
ثم قال من عندياته ما حاصله: إنه لا يلزم مما ذكر تفضيل الصلاة على آله صلى الله عليه وسلم على الصلاة على آل إبراهيم، مع أنهم أنبياء، فيلزم تفضل آل محمد على الأنبياء، قياسا على سابقه؛ لأن المراد: تفضيل مجموع الصلاة على النبي وعلى الآل، على مجموع الصلاة على إبراهيم وعلى آله. على أنه يمكن أن يقال: تفضيل الشيء قد يكون من بعض الوجوه دون بعض، كما حقق في موضعه؛ إذ معنى التفضيل هو الزيادة، على أن الصلاة على إبراهيم باعتبار هذه الوجوه أولى؛ لما يعضده من بعض الأحاديث. وقوة وجه الشبه في المشبه به حينئذ باعتبار الظهور والشهرة. فإن قلت: إذا كان قوة الشبه في المشبه به لأجل الظهور، فليكتف بذلك من أول الأمر، حتى لا يلزم كون الصلاة على إبراهيم وآله أفضل من الصلاة على النبي وآله من غير احتياج إلى هذا الوجه.
قلت: الاحتياج إلى هذا الوجه ليعلم كون الصلاة على النبي وآله أفضل من الصلاة على إبراهيم وآله؛ إذ هذا المعنى لا يعلم من هذه العبارة إلا بهذا الوجه، كما لا يخفى على من له أدنة فطانة. انتهى من خط شيخنا محمد الخلوتي.
ثُمَّ يَقُولُ نَدْبًا: أَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ وَمِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ وَإِنْ دَعَا بِمَا وَرَدَ فِي الْكِتَابِ أَوْالسُّنَّةِ أَوْوَرَدَ عَنْ الصَّحَابَةِ أَوْالسَّلَفِ أَوْبِأَمْرِ الْآخِرَةِ وَلَوْ لَمْ يُشْبِهْ مَا وَرَدَ ثُمَّ يَدْعُو لِنَفْسِهِ بِمَا بَدَا لَهُ أَوْ لِشَخْصٍ مُعَيَّنٍ بِغَيْرِ كَافِ الْخِطَابِ وَتَبْطُلُ بِهِ فَلَا بَاسَ مَا لَمْ يَشُقَّ عَلَى مَأْمُومٍ ;، أَوْ يَخَفْ سَهْوًا وَكَذَا رُكُوعٍ وَسُجُودٍ وَنَحْوِهِمَا ثُمَّ يَقُولُ عَنْ يَمِينِهِ ثُمَّ عَنْ يَسَارِهِ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ مُرَتَّبًا، مُعَرَّفًا وُجُوبًا وَسُنَّ الْتِفَاتُهُ عَنْ يَسَارِهِ أَكْثَرَ وَحَذْفُ السَّلَامِ وَهُوَأَنْ لَا يُطَوِّلَهُ وَلَا يَمُدُّهُ فِي الصَّلَاةِ وَلَا عَلَى النَّاسِ وَجَزْمُهُ بِأَنْ يَقِفَ عَلَى آخِرِ كُلِّ تَسْلِيمَةٍ وَنِيَّتُهُ بِهِ الْخُرُوجَ مِنْ الصَّلَاةِ وَلَا يُجْزِئُ إنْ لَمْ يَقُلْ: وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَالْأَوْلَى: أَنْ لَا يَزِيدَ وَبَرَكَاتُهُ
قوله: (ولو لم يشبه ما ورد) كالدعاء بالرزق الحلال.
قوله: (معرفاً) يعني: بأل. قوله: (ولا يمده) عطف تفسير. قوله: (من الصلاة) فإن نوى معه على الحفظة والإمام والمأموم، أو نوى ذلك دون الخروج، لم تبطل، ولم تستحب.
وَأُنْثَى كَرَجُلٍ، حَتَّى فِي رَفْعِ الْيَدَيْنِ لَكِنْ تَجْمَعُ نَفْسَهَا فِي نَحْوِ رُكُوعٍ وَسُجُودٍ ; فَلَا يُسَنُّ لَهَا التَّجَافِي وَتَجْلِسُ مُسْدِلَةٌ رِجْلَيْهَا عَنْ يَمِينِهَا وَهُوَ أَفْضَلُ أَوْمُتَرَبِّعَةً وَتُسِرُّ بِالْقِرَاءَةِ إنْ سَمِعَهَا أَجْنَبِيٌّ وَالْخُنْثَى كَأُنْثَى
فصل
ثم يسن أَنْ يَسْتَغْفِرَ اللَّهَ ثَلَاثًا، وَيَقُولَ: اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ، وَمِنْك السَّلَامُ تَبَارَكْت يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ وَثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَاَللَّهُ أَكْبَرُ وَيَفْرُغُ مِنْ عَدَدِ الْكُلِّ مَعًا
قوله: (مسدلة) اسم فاعل من أسدل. وأما سدل، فمضارعه بالضم والكسر. ففي الماضي وجهان: أسدل وسدل. وفي المضارع ثلاثة. واسم فاعل سدل، سادلة.
قوله: (ثلاثاً) قال ابن نصر الله: والظاهر: أن مرادهم: أن يقول ذلك وهو قاعد، ولو قاله بعد قيامه وفي ذهابه، فالظاهر: أنه مصيب للسنة أيضاً؛ إذ لا تحجير في ذلك. ولو شغل عن ذلك ثم تذكره، فذكره، فالظاهر: حصول أجره الخاص له أيضاً إذا كان قريباً للعذر. أما لو تركه عمداً، ثم استدركه بعد زمن طويل، فالظاهر: فوات أجره الخاص وبقاء أجر الذكر المطلق له. انتهى.
وَيَعْقِدُهُ وَالِاسْتِغْفَارَ بِيَدِهِ وَيَدْعُو الْإِمَامُ بَعْدَ كُلِّ صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ وَلَا يُكْرَهُ أَنْ يَخُصَّ نَفْسَهُ وَشُرِطَ الْإِخْلَاصُ وَاجْتِنَابُ الْحَرَامِ.
قوله: (ويعقده) من باب: ضرب، كما في "المصباح". قال المناوي في "الشرح الكبير" عند قوله صلى الله عليه وسلم:"واعقدن بالأنامل" ما نصه: أي: اعددن مرات التسبيح بها. وهذا ظاهر في عقد كل أصبع على حدة، لا ما يعتاد كثير من العد بعقد الأصابع. انتهى. والله أعلم.
قوله: (ولا يكره أن يخص نفسه) أي: فيما لا يؤمن عليه، كما بعد التشهد، وإلا فقد خانهم، كما قاله الشيخ تقي الدين، وجزم به في "الإقناع"، وجعله المراد من كلامهم.
فصل
يكره فيها الْتِفَاتٌ بِلَا حَاجَةٍ كَخَوْفٍ وَنَحْوِهِ وَإِنْ اسْتَدَارَ بِجِلْسَتِهِ، أَوْ اسْتَدْبَرَهَا لَا فِي الْكَعْبَةِ أَوْ فِي شِدَّةِ خَوْفٍ، أَوْ تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ بَطَلَتْ وَرَفْعُ بَصَرِهِ لَاحَالَ التَّجَشِّي وَتَغْمِيضُهُ وحَمْلُ مُشْغِلٍ عَنْهَا وَافْتِرَاشُ ذِرَاعَيْهِ سَاجِدًا وَإقْعَاؤُهُ بِأَنْ يَفْتَرِشَ قَدَمَيْهِ وَيَجْلِسَ عَلَى
قوله: (ونحوه) كمرض. قوله: (استدار بجملته) أي: لا بوجهه فقط، أو مع صدره. قوله:(لا حال التجشي) يعني: في جماعة، كما استصوبه الحجاوي في "الحاشية". انتهى.
والتجشي: هو إخراج صوت مع ريخ من الفم يحصل عند الشبع، والاسم: الجشاء، كغراب، كما في "المصباح". قوله:(وتغميضه) أي: المصلي عينه بلا حاجة، كما لو رأى نحو أمته مكشوفة العورة، وأجنبية أولى.
قوله: (بأن يفرش قدميه
…
إلخ) يعني: أن الإقعاء: هو أن يفرش قدميه،
عَقِبَيْهِ، أَوْبَيْنَهُمَا نَاصِبًا قَدَمَيْهِ
فيبسط ظهورهما على الأرض، ويجعل أليتيه على عقبيه. وهذه الصورة جعلها في "الإنصاف" هي المذهب، واقتصر عليها في "الإقناع" تبعاً "للمقنع" و "التنقيح". وذكر صاحب "المحرر" صورتين غير تلك الصورة فقال: هو أن يجلس على عقبيه أو بينهما، ناصباً قدميه. قال شارحه الشيشيني: يعني: أن الإقعاء هو أن يجعل أصابع قدميه في الأرض، ويكون عقباه قائمين، فتكون أليتاه على عقبيه أو بينهما. وهذا عام في جميع جلسات الصلاة. انتهى.
وبخطه أيضاً على قوله: (بأن يفرش) أي: يبسط، وبابه: قتل، وفي لغة: من باب ضرب. قاله في "المصباح".
قوله: (عقبيه) تثنية عقب بكسر القاف، وتسكينها تخفيف: مؤخر القدم. كذا في "المصباح".
وَعَبَثٌ وَتَخَصُّرٌ وَتَمَطٍّ وفَتْحُ فَمِهِ وَوَضْعِهِ فِيهِ شَيْئًا لَا فِي يَدِهِ واسْتِقْبَالُ صُورَةٍ ووَجْهِ آدَمِيٍّ ومَا يَلِيهِ ونَارٍ مُطْلَقًا ومُتَحَدِّثٍ ونَائِمٍ وكَافِرٍ وتَعْلِيقُ شَيْءٍ فِي قِبْلَتِهِ وحَمْلُ ثَوْبٍ، أَوْ فَصٍّ وَنَحْوِهِ فِيهِ صُورَةٌ ومَسُّ الْحَصَا وَتَقْلِيبُهُ وَتَسْوِيَةُ التُّرَابِ بِلَا عُذْرٍ وتَرَوُّحٌ بِمِرْوَحَةٍ وَنَحْوِهَا بِلَا حَاجَةٍ وفَرْقَعَةُ أَصَابِعِهِ وَتَشْبِيكِهَا ومَسُّ لِحْيَتِهِ وعَقْصُ شَعْرِهِ وَكَفُّ ثَوْبِهِ وأَنْ يَخُصَّ جَبْهَتَهُ بِمَا يَسْجُدُ عَلَيْهِ ومَسْحُ أَثَرِ سُجُودِهِ وتَكْرَارُ الْفَاتِحَةِ واسْتِنَادُهُ بِلَا حَاجَةٍ فَإِنْ سَقَطَ لَوْ أُزِيلَ لَمْ تَصِحَّ وَابْتِدَاؤُهَا
قوله: (وعبث) يقال: عبث عبثاً من باب: تعب: لعب وعمل ما لا فائدة فيه، فهو عابث. "مصباح". قوله:(لا في يده) أي: أو كمه.
قوله: (صورة) أي: منصوبة. قوله: (في قبلته) حتى المصحف. قوله: (وحمل فص
…
إلخ) لا على وجه الاستعمال فيحرم. قوله: (وعقص شعره) أي: إدخال أطرافه في أصوله. قوله: (بما يسجد عليه) لأنه شعار الرافضة. قوله: (وتكرار الفاتحة) ما لم يكن لتوهم خلل في المرة الأولى.
قوله: (فإن سقط) يعني: بالفعل.
فِيمَا يَمْنَعُ كَمَالَهَا كَحَرٍّ وَبَرْدٍ وَجُوعٍ وَعَطَشٍ مُفْرِطٍ أَوْ حَاقِنًا، أَوْ حَاقِبًا أَوْ مَعَ رِيحٍ مُحْتَبَسَةٍ أَوْ تَائِقًا لِطَعَامٍ وَنَحْوِهِ مَا لَمْ يَضِقْ الْوَقْتُ فَتَجِبُ وَيَحْرُمُ اشْتِغَالُهُ بِغَيْرِهَا وَسُنَّ تَفْرِقَتُهُ وَمُرَاوَحَتُهُ بَيْنَ قَدَمَيْهِ وَتُكْرَهُ كَثْرَتُهُ وحَمْدُهُ إذَا عَطَسَ، أَوْ وَجَدَ مَا يَسُرُّهُ واسْتِرْجَاعُهُ إذَا وَجَدَ مَا يَغُمُّهُ.
قوله: (فيما يمنع كمالها) ولو فاتته الجماعة. قوله: (مفرط) أي: كل من الحر والبرد والجوع والعطش. كما في "شرحه". قوله: (أو حاقناً) أي: أو أن يبتدئها حاقناً، فهو من قبيل عطف الجمل، كما أشار إليه شيخنا محمد الخلوتي. قوله:(ونحوه) كجماع وشراب. قوله: (ما لم يضق الوقت) ولو المختار.
قوله: (كثرته) أي: أن يراوح. كذا في "شرحه"، وهو إشارة إلى ما حقق في محله من أن المطابقة في التذكير والتأنيث مؤنثة، وقد أرجع الضمير إليها مذكراً. محمد الخلوتي. قوله:(وحمده) أي: يكره. قوله: (إذا عطس) من باب: ضرب، وفي لغة: من باب: قتل.
وسُنَّ رَدُّ مَارٍّ بَيْنَ يَدَيْهِ مَا لَمْ يَغْلِبْهُ أَوْ يَكُنْ مُحْتَاجًا أَوْ بِمَكَّةَ فَإِنْ أَبَى فَإِنْ أَصَرَّ فَلَهُ قِتَالُهُ وَلَا يُكَرِّرُهُ إنْ خَافَ فَسَادَهَا وَيَضْمَنُهُ مَعَهُ وَيَحْرُمُ مُرُورٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سُتْرَتِهِ. وَلَوْ بَعِيدَةً وَإِلَّا فَفِي ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ فَأَقَلَّ وَلَهُ عَدُّ آيِ وَتَسْبِيحٍ بِأَصَابِعِهِ وقَوْلُ: سُبْحَانَكَ، فَبَلَى إذَا قَرَأَ {أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى} [القيامة: 40] نَصًّا، فَرْضًا كَانَتْ أَوْ نَفْلًا لِلْخَبَرِ. وَأَمَّا {أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ؟ } [التين: 8] فَفِي الْخَبَرِ فِيهَا نَظَرٌ، ذَكَرَهُ فِي الْفُرُوعِ ووَ سُؤَالُ عِنْدَ آيَةَ رَحْمَةٍ وَتَعَوُّذٍ بِهِ عِنْدَ آيَةِ عَذَابٍ ونَحْوُهُمَا ورَدُّ السَّلَامِ إشَارَةً وقَتْلُ حَيَّةً وَعَقْرَبٍ وَقَمْلَةٍ ولُبْسُ عِمَامَةٍ وَثَوْبٍ مَا لَمْ يُطِلْ وَفَتْحٌ عَلَى إمَامِهِ
قوله: (رد مار) بدفعه بلا عنف، ولو صغيراً أو بهيمة. قوله:(محتاجاً) لضيق الطريق. وتكره صلاته بموضع يحتاج فيه إلى المرور. "إقناع". قوله: (فله قتاله) لا بنحو سيف. قوله: (ورد السلام) والمذهب: لا يكره السلام على المصلي.
إذَا أُرْتِجَ، أَوْ غَلِطَ وَيَجِبُ فِي الْفَاتِحَةِ، كَنِسْيَانِ إمَامِهِ سَجْدَةً وَإِذَا نَابَهُ شَيْءٌ كَاسْتِئْذَانٍ عَلَيْهِ، وَسَهْوِ إمَامِهِ سَبَّحَ رَجُلٌ، وَلَا تَبْطُلُ إنْ كَثُرَ وَصَفَّقَتْ امْرَأَةٌ بِبَطْنِ كَفِّهَا عَلَى ظَهْرِ الْأُخْرَى وَتَبْطُلُ صَلَاتُهَا إنْ كَثُرَ وَكُرِهَ بِنَحْنَحَةٍ وبِصَفِيرٍ وتَصْفِيقُهُ وتَسْبِيحُهَا لَا بِقِرَاءَةٍ وَتَهْلِيلٍ وَتَكْبِيرٍ وَنَحْوِهِ وَمَنْ غَلَبَهُ تَثَاؤُبٌ كَظَمَ نَدْبًا،
قوله: (إذا ارتج عليه) أي: التبس. يقال: أرتج على القاريء: إذا لم يقدر على القراءة، كأنه منع منها، من أرتجت الباب: أغلقته إغلاقاً وثيقاً.
وهو مبني للمفعول مخفف. وقد قيل: ارتج: بهمزة وصل وتقيل الجيم، وبعضهم يمنعها. كذا في "المصباح". قوله:(أو غلط) أي: أخطأ وجه الصواب، كما في "المصباح".
قوله: (وإذا نابه) أي: عرض له. قوله: (على ظهر الأخرى) قال في "الفروع": وظاهر ذلك. لا تبطل بتصفيقها على وجه اللعب، ولعله غير مراد، وتبطل لمنافاته الصلاة، وفاقاً للشافعي. والخنثى كامرأة. "شرح إقناع".
قوله: (كظم) أي: أمسك ومنع فاه عن الانفتاح، وبابه ضرب، كما
وَإِلَّا وَضَعَ يَدَهُ عَلَى فِيهِ وَإِنْ بَدَرَهُ بُصَاقٌ، أَوْ مُخَاطٌ، أَوْ نُخَامَةٌ، أَزَالَهُ فِي ثَوْبِهِ وَيُبَاحُ بِغَيْرِ مَسْجِدٍ عَنْ يَسَارِهِ وَتَحْتَ قَدَمِهِ وفِي ثَوْبٍ أَوْلَى وَيُكْرَهُ يَمْنَةً وَأَمَامًا وَلَزِمَ حَتَّى غَيْرَ بَاصِقٍ: إزَالَتُهُ مِنْ مَسْجِدٍ.
في "المصباح".
قوله: (وضع يده) أي: كف اليسرى، ليشبه الدافع له، واليسرى لما خبث، قوله:(تحت قدمه) أي: اليسرى، للحديث الصحيح.
"إقناع". قوله: (يمنة) واليمنة واليسرة بفتح أولهما بضبط ابن عادل. وفي "المصباح": اليسار بالفتح: الجهة، واليسرة بالفتح أيضاً: مثله. وقعد يمنة ويسرة، ويميناً ويساراً، وعن اليمين وعن اليسار، واليمنى واليسرى، والميمنة والميسرة بمعنى. انتهى، والله أعلم.
وَسُنَّ تَخْلِيقُ مَحَلِّهِ وفِي نَفْلٍ: صَلَاةٌ عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ قِرَاءَتِهِ ذَكَرَهُ والصَّلَاةُ إلَى سُتْرَةٍ مُرْتَفِعَةٍ وَعَرْضُهَا أَعْجَبُ إلَى أَحْمَدَ وقُرْبُهُ مِنْهَا نَحْوَ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ مِنْ قَدَمَيْهِ وانْحِرَافُهُ عَنْهَا يَسِيرًا وَإِنْ تَعَذَّرَ غَرْزُ عَصًا، وَضَعَهَا وَيَصِحُّ وَلَوْ بِخَيْطٍ، أَوْ مَا اعْتَقَدَهُ سُتْرَةً فَإِنْ لَمْ يَجِدْ خَطَّ كَالْهِلَالِ فَإِذَا مَرَّ مِنْ وَرَائِهَا شَيْءٌ، لَمْ يُكْرَهْ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ فَمَرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ
قوله: (وفي نفل
…
إلخ) أي: لا فرض، ولا تبطل بذلك. محمد الخلوتي. قوله:(والصلاة إلى سترة) في "الإقناع": ولا تجزيء سترة مغصوبة، بل تكره الصلاة إليها كالقبر، وتجزيء نجسة. انتهى بمعناه. قوله:(قريب ذراع فأقل) عبارة "الإقناع". تقارب طول ذراع فأكثر، والمصنف تابع في ذلك "للتنقيح"، وذكره في "التنقيح" منصوص الإمام. قوله:(وعرضها) أي: وضع العصا ونحوها عرضاً. قوله: (أعجب إلى أحمد) أي: من الطول.
قوله: (غرز) أي: إثباتها في الأرض، وبابه ضرب.
قوله: (وإن لم تكن فمر
…
إلخ) محله كان قريباً منه؛ بأن لا يكون
كَلْبٌ أَسْوَدُ بَهِيمٌ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لَا امْرَأَةٌ وَحِمَارٌ وَشَيْطَانٌ وَسُتْرَةُ الْإِمَامِ: سُتْرَةٌ لِمَنْ خَلْفَهُ.
بين الكلب وقدمي المصلي ثلاثة أذرع، كما يعلم من "الإقناع"، و "شرحه".
والحاصل: أنه إن مر بينه وبين سترته -ولو بعيداً- أو مر بين يديه قريباً، كما تقدم، من غير سترة؛ بطلت في الصورتين، لا فيما سوى ذلك. والله أعلم.
قوله: (بهيم) قال في "الإقناع" هنا: وهو ما لا لون فيه سوى السواد. وكذا في "المنتهى" في كتاب الصيد. زاد في "الإقناع" هناك: أو بين عينيه نكتتان، كما اقتضاه الحديث الصحيح. انتهى. والظاهر: أن هذا هو المعتمد، وأن اقتصار من اقتصر على الأول؛ لكونه المشهور الغالب.
قوله: (وسترة الإمام
…
إلخ) وهل يرد المأمومون من مر بين أيديهم؟
_________
وهل يأثم؟ فيه احتمالان، ميل صاحب "الفروع" إلى أن لهم رده، وأنه يأثم. وصوب ابن نصر الله: لا، لكن صرح بالكراهة في "الإقناع" في الجماعة، والمراد بمن خلفه: من اقتدى به، سواء كان وراءه، أو بجانبيه، أو قدامه، حيث صحت، كما أشار إليه ابن نصر الله، "شرح" منصور.
فائدة: سترة مغصوبة ونجسة كغيرها، قدمه في "الرعاية"، وفيه وجه. قال الناظم: وعلى قياسه سترة الذهب. وفي "الإنصاف": الصواب: أن النجسة ليست كالمغصوبة. وفي "الإقناع". ولا تجزيء سترة مغصوبة، فالصلاة إليها، كالصلاة إلى القبر، أو إلى بقعة مغصوبة فتكره الصلاة.
والحاصل: أن الصحيح كراهة المغصوبة لا النجسة.
وبخطه أيضاً على قوله: (وسترة الإمام لمن خلفه) أي: للمأموم، وقيد الخلف جرى على الغالب. ومعنى كونها سترة لمن خلفه: أنه لا يطلب في حقهم اتخاذ سترة. وليست سترة الإمام سترة حقيقة للمأموم؛ بدليل أنه لا تبطل صلاة المأموم بمرور كلب أسود بهيم بينه وبين إمامه، مع أنه صدق عليه في هذه الصورة أنه بينه وبين سترته قطعاً لو كانت حقيقة.
ولهذا قال ابن نصر الله -بعد أن نظر في عدم البطلان المذكور- ما نصه: وقد يقال: إن كون سترة الإمام لمن خلفه يقتضي أنه لا يؤثر في صلاة من خلفه إلا ما يؤثر في صلاة الإمام؛ وهذا لم يؤثر في صلاة الإمام، فلم يؤثر في صلاة المأموم. انتهى.
_________
ومنه تعلم: أنه لو مر الكلب بين الإمام وسترته، وكان لا يرى بطلان الصلاة به، والمأموم يرى البطلان؛ فإن صلاة المأموم صحيحة، كما لو ترك الإمام ستر عاتقيه، أو مسح جميع رأسه نظراً إلى اعتقاد الإمام، وأن المرور المذكور لم يؤثر في صلاة الإمام، فلم يؤثر في صلاة المأموم، خلافا لما بحثه منصور البهوتي.
وبخطه أيضاً على قوله: (وسترة الإمام سترة لمن خلفه) أي: فلا يضر صلاتهم مرور شيء بين أيديهم.
فإن قيل: إذا مر شيء بينهم وبين الإمام؛ فقد مر بينهم وبين سترتهم، فكيف لا يضرهم؟ !
فالجواب: أن معنى كون سترة الإمام سترة لمن خلفه: أنه لا يؤثر في صلاة المأموم إلا ما يؤثر في صلاة الإمام، كما أفاده ابن نصر الله. يعني: أن معنى كون سترة الإمام سترة لمن خلفه: أن اتخاذ سترة الإمام كاف ومغن عن اتخاذ المأموم سترة، بمعنى أنها لا تطلب من المأموم، وأن الغرض الذي تفيده سترة الإمام من عدم البطلان بمرور الكلب الأسود البهيم، حاصل للمأموم أيضاً، فلا يؤثر في بطلان صلاة المأموم إلا ما أثر في صلاة الإمام.
وليس المراد: أن سترة الإمام سترة للمأموم حقيقة. ويقرب من هذا قولهم: قراءة الإمام قراءة لمن خلفه، حيث أرادوا أنها تقوم مقام قراءة المأموم، فلا
_________
تطلب من المأموم على سبيل الوجوب، وليست قراءة الإمام قراءة للمأموم حقيقة، وإلا كرهت قراءة المأموم؛ لكراهة تكرار الفاتحة، ثم الظاهر: أن سترة الإمام تقوم مقام سترة المأموم في الأمور الثلاثة التي تفيدها السترة، وهي: عدم البطلان بمرور الكلب الأسود من ورائها، وعدم استحباب رد المصلي للمار، وعدم الإثم على المار من ورائها.
قال الشيخ منصور: ولو كان مرور الكلب المذكور لا يقطع الصلاة عند الإمام، ويقطعها عند المأموم؛ ومر بين الإمام وسترته؛ فالظاهر: بطلان صلاة المأموم؛ لأنه مر بينه وبين سترته كلب أسود بهيم. وإن لم ير الإمام ذلك مبطلاً، كما لو انكشف عاتقاً المأموم، وهذا واضح. انتهى.
وأقول: ليس واضحاً كما زعم، بل الظاهر الواضح: عدم البطلان؛ لأن معنى كون سترة الإمام سترة لمن خلفه، أنه لا يؤثر في صلاة المأموم، إلا ما أثر في صلاة الإمام -كما قدمناه عن ابن نصر الله، ونقله الشيخ منصور نفسه- لأن سترة الإمام سترة للمأموم حقيقة من كل وجه، وهذا المرور لم يؤثر في صلاة الإمام نظراً إلى اعتقاده، وما لا يؤثر في صلاة الإمام في اعتقاده، لا يؤثر في صلاة المأموم، وإن خالف اعتقاده، كما هو مقرر فيما إذا أخل الإمام بركن، أو شرط عند المأموم وحده، والله أعلم.
وبخطه أيضاً على قوله: (وسترة الإمام سترة لمن خلفه) يعني: فلا يسن لمأموم اتخاذ سترة، فإن فعل؛ فليست سترة، فلا يضر صلاتهم مرور شيء بين أيديهم، وإن مر ما يقطعها بين الإمام وسترته، قطع صلاته وصلاتهم.
فصل
أَرْكَانُهَا: مَا كَانَ فِيهَا وَلَا تَسْقُطُ عَمْدًا لَا سَهْوًا وَهِيَ قِيَامُ قَادِرٍ فِي فَرْضٍ سِوَى خَائِفٍ بِهِ وعُرْيَانٍ ولِمُدَاوَاةٍ وقِصَرِ سَقْفٍ لِعَاجِزٍ عَنْ خُرُوجٍ وخَلْفَ إمَامِ الْحَيِّ الْعَاجِزِ عَنْ الْقِيَامِ بِشَرْطِهِ وَحَدُّهُ مَا لَمْ يَصِرْ رَاكِعًا وَتَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ وَقِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ ورُكُوعٌ رَفْعٌ مِنْهُ إلَّا مَا بَعْدَ أَوَّلَ فِي كُسُوفٍ واعْتِدَالٌ وَلَا تَبْطُلُ إنْ طَالَ.
قاله في "الإقناع". فقولهم: (سترة لمن خلفه) أي: كالسترة له لا من كل وجه، بل باعتبار أنه لا يطلب منه غير ذلك، لا أنها سترة حقيقة يثبت لها ما يثبت لمن هي له. فتدبر.
قوله: (وقصر) كعنب.
قوله: (وقراءة غير مأموم الفاتحة) أي: حيث كان مأموماً حقيقة؛ بأن صحت صلاة الإمام، بخلاف ما لو ائتم بمحدث أو نجس يجهل ذلك، فإنه لا بد من قراءة المأموم هنا، كما استظهره ابن قندس، ونقله عن بعض المتأخرين، ولعله مراد من أطلق. وبحث منصور البهوتي معللاً بالمشقة ممنوع؛ لندرة هذه الصورة.
قوله: (إلا ما بعد أول في كسوف) فإن قلت: لم لم يؤخر قوله: (إلا
وَسُجُودٌ وَرَفْعٌ مِنْهُ وَجُلُوسٌ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَطُمَأْنِينَةٌ فِي كُلِّ فِعْلٍ وَهِيَ السُّكُونُ، وَإِنْ قَلَّ وَتَشَهُّدٌ أَخِيرٌ وَجُلُوسٌ لَهُ وَلِلتَّسْلِيمَتَيْنِ وَالرُّكْنُ مِنْهُ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ، بَعْدُ مَا يُجْزِئُ مِنْ الْأَوَّلِ وَالتَّسْلِيمَتَانِ وَالتَّرْتِيبُ
ما بعد أول في كسوف) عن قوله: (واعتدال)؛ ليشمل الاستثناء الثلاثة، أي: الركوع، والرفع، والاعتدال؟ قلت: الظاهر: أن الداعي إلى ذلك الصنيع إيراده جملة قوله: (ولا تبطل إن طال) الراجعة إلى الاعتدال؛ فإنه لو أخر الاستثناء عن ذكر الاعتدال؛ فإما أن يأتي به قبل الجملة المذكورة؛ بأن يقول: وركوع، ورفع منه، واعتدال إلا ما بعد أول في كسوف، ولا تبطل إن طال؛ فيحتاج إلى إظهار فاعل (طال)؛ لدفع اللبس، وفيه طول.
وإما أن يأتي بالاستثناء بعد الجملة المذكورة؛ بأن يقول: وركوع، ورفع منه، واعتدال، ولا تبطل إن طال إلا ما بعد أول في كسوف، فيوهم أن معنى الاستثناء: أن طول الاعتدال فيما بعد الأول في الكسوف مبطل، وليس كذلك؛ فلذلك اختار المصنف -رحمه الله تعالى- تقديم الاستثناء على الاعتدال، ولا يفيد اختصاص الاسثتثناء بالركوع والرفع دون الاعتدال؛ لأنه يلزم من الحكم بسنية الركوع والرفع، الحكم بعدم وجوب الاعتدال؛ إذ مقتضى الرفع أن له أن يهوي إلى السجود من الركوع من غير رفع، فيستلزم جواز ترك الاعتدال. وإذا تحققت ذلك؛ علمت: أنه لا حاجة إلى جعل الاستثناء شاملا للاعتدال. فتأمل.
فصل
ووَاجِبَاتُهَا مَا كَانَ فِيهَا وَتَبْطُلُ بِتَرْكِهِ عَمْدًا ووَيَسْجُدُ لَهُ سَهْوًا تَكْبِيرَةٌ لِغَيْرِ إحْرَامٍ ورُكُوعِ مَسْبُوقٍ أَدْرَكَ إمَامَهُ رَاكِعًا فَرُكْنٌ وسُنَّةٌ وتَسْمِيعٌ لِإِمَامٍ وَمُنْفَرِدٍ وتَحْمِيدٌ وتَسْبِيحَةٌ أُولَى فِي رُكُوعٍ، وسُجُودٍ ورَبِّ اغْفِرْ لِي، إذَا جَلَسَ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ لِلْكُلّ وَمَحَلُّ ذَلِكَ بَيْنَ انْتِقَالٍ وَانْتِهَائِهِ فَلَوْ شَرَعَ فِيهِ قَبْلَ أَوْ كَمَّلَهُ بَعْدَ انْتِهَائِهِ لَمْ يُجْزِئْهُ كَتَكْمِيلِهِ وَاجِبَ قِرَاءَةٍ رَاكِعًا، وَكَتَشَهُّدِهِ قَبْلَ قُعُودٍ وَمِنْهَا تَشَهُّدٌ أَوَّلُ وجُلُوسٌ لَهُ عَلَى غَيْرِ مَنْ قَامَ إمَامُهُ سَهْوًا وَالْمُجْزِئُ مِنْهُ التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ، سَلَامٌ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ، سَلَامٌ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَمَنْ تَرَكَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ عَمْدًا لِشَكٍّ فِي وُجُوبِهِ
قوله: (لشك في وجوبه) أما لو اعتقد الفرض سنة، أو عكسه، أو لم يعرف الفرض من السنة؛ فصلاته صحيحة، كما في "الإقناع".
لَمْ يَسْقُطْ
فصل
وسُنَنُهَا. وَهِيَ مَا كَانَ فِيهَا. وَلَا تَبْطُلُ بِتَرْكِهِ وَلَوْ عَمْدًا وَيُبَاحُ السُّجُودُ لِسَهْوِهِ وَهِيَ اسْتِفْتَاحٌ وَتَعَوُّذٌ وَقِرَاءَةُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَقِرَاءَةُ سُورَةٍ فِي فَجْرٍ، وَجُمُعَةٍ وَعِيدٍ، وَتَطَوُّعٍ، وَأُولَتَيْ مَغْرِبٍ وَرُبَاعِيَّةٍ، وَقَوْلُ: آمِينَ، وَقَوْلُ: مِلْءَ السَّمَوَاتِ بَعْدَ التَّحْمِيدِ لِغَيْرِ مَأْمُومٍ وَمَا زَادَ عَلَى مَرَّةٍ فِي تَسْبِيحِ وَفِي سُؤَالِ الْمَغْفِرَةِ وَدُعَاءٌ فِي تَشَهُّدٍ أَخِيرٍ، وَقُنُوتٌ فِي وِتْرٍ
قوله: (لم يسقط) فتلزمه الإعادة، فلا يسقط الواجب مع الشك.
قوله: (لغير مأموم) راجع لقوله: (ملء السماء
…
إلخ) فقط، كما يعلم من الشارح. ومنه تعلم: أن ما قبل ذلك مسنون لكل مصل. وتوقف بعض في قراءة المأموم سورة في فجر، وجمعة، وعيد، لا محل له، ولا دليل عليه. قوله:(ودعاء في تشهد) ومقتضى ما سبق أنه مباح. وبخطه أيضاً على قوله: (ودعاء في تشهد) وتعوذ فيه.
قوله: (في وتر) والصلاة على آل النبي، والبركة فيه، وما زاد على المجزيء في تشهد أول.
وَسُنَنُ الْأَفْعَالِ مَعَ الْهَيْئَاتِ: خَمْسٌ وَأَرْبَعُونَ وَسُمِّيَتْ هَيْئَةً، لِأَنَّهَا صِفَةٌ فِي غَيْرِهَا فَدَخَلَ جَهْرُ وَإِخْفَاتٌ وتَرْتِيلُ وَتَخْفِيفُ وَإِطَالَةُ الرَّكْعَةِ الْأُولَى وَتَقْصِيرُ وَيُسَنُّ خُشُوعٌ
قوله: (خشوع) وهو: معنى يقوم بالنفس، يظهر منه سكون الأطراف.