المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب صلاة الاستسقاء - حاشية ابن قائد على منتهى الإرادات - جـ ١

[ابن قائد]

الفصل: ‌باب صلاة الاستسقاء

‌باب صلاة الاستسقاء

وَهُوَ الدُّعَاءُ بِطَلَبِ السُّقْيَا عَلَى صِفَةٍ مَخْصُوصَةٍ وَتُسَنُّ حَتَّى بِسَفَرٍ إذَا ضَرَّ إجْدَابُ

قوله: (وهو الدعاء بطلب

الخ) لعل الباء في (بطلب) للتصوير. والمعنى: الاستسقاء: دعاء متضمن طلب السقيا، فالسين فيه للطلب الذي هو الدعاء. وحاصله: أن الاستسقاء: طلب السقيا، وذلك الطلب عبارة عن الدعاء المتضمن لذلك الطلب، ومع ذلك، فلا يخلو المقام عن صعوبة.

فليحرر. شيخنا محمد الخلوتي. ويمكن أن يقال: الدعاء هنا، يمعنى النداء، فالباء في:(بطلب) للملابسة؛ أي: الاستسقاء شرعاً: نداء ملتبساً بطلب السقيا، أو أن الدعاء، بمعنى الطلب لكنه عام. وقوله:(بطلب السقيا) طلب خاص، فالباء أيضاً: للملابسة على سبيل استعمال العام للخاص، وملابسته إياه.

قوله: (إجداب) الجدب: هو المحل وزنا ومعنى -خلاف الخصب كحمل: النماء والبركة- وهو انقطاع المطر، ويبس الأرض، يقال: جدب البلد، بالضم جدوبة، وأجدبت إجداباً، وجدبت، تجدب، من باب: تعب مثله، وأجدب القوم: دخلوا في الجدب، كذا في "المصباح" ملخصاً.

ص: 375

أَرْضٍ وقَحْطُ مَطَرٍ أَوْ غَوْرُ مَاءِ عُيُونٍ أَوْ أَنْهَارٍ وَوَقْتُهَا وَصِفَتُهَا فِي مَوْضِعِهَا وَأَحْكَامُهَا كَصَلَاةِ عِيدٍ وَإِذَا أَرَادَ الْإِمَامُ الْخُرُوجَ لَهَا وَعَظَ النَّاسَ وَأَمَرَهُمْ بِالتَّوْبَةِ والْخُرُوجِ مِنْ الْمَظَالِمِ وتَرْكِ التَّشَاحُنِ وبِالصَّدَقَةِ والصَّوْمِ وَلَا يَلْزَمَانِ بِأَمْرِهِ وَيَعِدُهُمْ يَوْمًا يَخْرُجُونَ فِيهِ وَيَتَنَظَّفُ لَهَا وَلَا يَتَطَيَّبُ وَيَخْرُجُ مُتَوَاضِعًا مُتَخَشِّعًا مُتَذَلِّلًا مُتَضَرِّعًا وَمَعَهُ أَهْلُ الدِّينِ وَالصَّلَاحِ وَالشُّيُوخِ.

قوله: (أرض) احترز به عن أرض غير مسكونة، ولا مسلوكة؛ فإنه لا يضر إجدابها، فلا يستسقى لها، قوله:(وقحط مطر) قحط المطر قحطاً من باب نفع: احتبس، وحكى الفراء قحط قحطاً: من باب تعب تعباً، وقحط بالضم. "مصباح". وقحط الناس، بضم القاف وفتحها، وأقحطوا، بضم الهمزة وفتحها. "مطلع". قوله:(في موضعها) فتسن في صحراء، يكبر في أول ركعتيها سبعاً، والثانية خمساً، يفعلها أول النهار، لكن لا تتقيد بوقت، فتجوز بعد الزوال لا وقت نهي؛ لأنها نافلة، كما تقدم. قوله:(متواضعاً) في "المصباح": تواضع لله: خشع وذل. قال: وخشع: خضع؛ أي: ذل. والخضوع قريب من الخشوع، إلا أن الخشوع

ص: 376

وسن خُرُوجُ صَبِيٍّ مُمَيِّزٍ وَأُبِيحَ خُرُوجُ طِفْلٍ وَعَجُوزٍ وَبَهِيمَةٍ والتَّوَسُّلُ بِالصَّالِحِينَ وَلَا يُمْنَعُ أَهْلَ الذِّمَّةِ

أكثر ما يستعمل في الصوت، والبصر، والخضوع في الأعناق. قال: وذل: سهل وانقاد. وتضرع إلى الله: ابتهل. انتهى. وقال ابن نصر الله: متواضعاً ببدنه، متخشعاً بقلبه وعينه، متذللاً في ثيابه، متضرعاً بلسانه.

انتهى. قوله: (والتوسل بالصالحين) قال في "المذهب": يجوز أن يستشفع إلى الله تعالى برجل صالح. وقيل: يستحب. قال الإمام أحمد رحمه الله في "منسكه" الذي كتبه للمروذي: إنه يتوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم في دعائه. وجزم به في "المستوعب" وغيره. وقال الإمام أحمد وغيره في قوله عليه الصلاة والسلام: "إعوذ بكلمات الله التامة من شر ما خلق": الاستعاذة لا تكون بمخلوق. قال إبراهيم الحربي: الدعاء عند قبر معروف الترياق المجرب، وقال شيخنا: قصده للدعاء عنده، رجاء الاستجابة بدعة، لا قربة باتفاق الأئمة.

ص: 377

مُنْفَرِدِينَ لَا بِيَوْمٍ وَكُرِهَ إخْرَاجُنَا لَهُمْ فَيُصَلِّي ثُمَّ يَخْطُبُ خُطْبَةً وَاحِدَةً يَفْتَتِحُهَا بِالتَّكْبِيرِ كَخُطْبَةِ الْعِيدِ وَيُكْثِرُ فِيهَا الِاسْتِغْفَارَ وقِرَاءَةَ آيَاتٍ فِيهَا الْأَمْرُ بِهِ وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ وَظُهُورُهُمَا نَحْوَ السَّمَاءِ فَيَدْعُو بِدُعَاءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ: اللَّهُمَّ اسْقِنَا غَيْثًا مُغِيثًا هَنِيئًا مَرِيئًا غَدِقًا مُجَلِّلًا سَحًّا عَامًّا طَبَقًا دَائِمًا اللَّهُمَّ اسْقِنَا الْغَيْثَ وَلَا تَجْعَلْنَا مِنْ الْقَانِطِينَ اللَّهُمَّ سُقْيَا رَحْمَةٍ لَا سُقْيَا عَذَابٍ وَلَا بَلَاءٍ وَلَا هَدْمٍ، وَلَا غَرَقٍ اللَّهُمَّ إنَّ

ذكره في "الفروع"، قاله في "شرح الإقناع".

قوله: (منفردين

الخ) ويؤخذ من تعليل هذا المحل، استحباب إفرادهم في مدائن الإسلام بحارة تختص بهم. كما أفاده ابن نصر الله، رحمه الله تعالى.

قوله: (كخطبة العيد) الأولى، فيفتتحها بتسع تكبيرات نسقاً.

ص: 378

بِالْعِبَادِ وَالْبِلَادِ مِنْ اللَّأْوَاءِ وَالْجَهْدِ وَالضَّنْكِ مَا لَا نَشْكُوهُ إلَّا إلَيْك اللَّهُمَّ أَنْبِتْ لَنَا الزَّرْعَ وَأَدِرَّ لَنَا الضَّرْعَ. وَاسْقِنَا مِنْ بَرَكَاتِ السَّمَاءِ وَأَنْزِلْ عَلَيْنَا مِنْ بَرَكَاتِك اللَّهُمَّ ارْفَعْ عَنَّا الْجَهْدَ وَالْجُوعَ وَالْعُرْيَ وَاكْشِفْ عَنَّا مِنْ الْبَلَاءِ مَا لَا يَكْشِفُهُ غَيْرُك اللَّهُمَّ إنَّا نَسْتَغْفِرُك إنَّك كُنْت غَفَّارًا فَأَرْسِلْ السَّمَاءَ عَلَيْنَا مِدْرَارًا وَيُكْثِرُ مِنْ الدُّعَاءِ وَمِنْ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَيُؤَمِّنُ مَأْمُومٌ وَيَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ أَثَنَاءَ الْخُطْبَةِ فَيَقُولُ سِرًّا: اللَّهُمَّ إنَّك أَمَرْتَنَا بِدُعَائِك وَوَعَدْتَنَا إجَابَتَك، وَقَدْ دَعَوْنَاك كَمَا أَمَرْتَنَا فَاسْتَجِبْ مِنَّا كَمَا وَعَدْتَنَا ثُمَّ يُحَوِّلُ رِدَاءَهُ فَيَجْعَلُ الْأَيْمَنَ عَلَى الْأَيْسَرِ والْأَيْسَرَ عَلَى الْأَيْمَنِ وَكَذَا النَّاسُ وَيَتْرُكُونَهُ حَتَّى يَنْزِعُوهُ مَعَ ثِيَابِهِمْ فَإِنْ سُقُوا وَإِلَّا أَعَادُوا ثَانِيًا وَثَالِثًا وَإِنْ سُقُوا قَبْلَ خُرُوجِهِمْ فَإِنْ تَأَهَّبُوا خَرَجُوا وَصَلَّوْهَا شُكْرًا لِلَّهِ تَعَالَى وَإِلَّا لَمْ يَخْرُجُوا وَشَكَرُوا اللَّهَ تَعَالَى، وَسَأَلُوهُ الْمَزِيدَ مِنْ فَضْلِهِ.

قوله: (ثانياً) صفة لمصدر محذوف؛ أي: عوداً ثانياً وثالثاً.

ص: 379

وَسُنَّ وُقُوفٌ فِي أَوَّلِ الْمَطَرِ وَاغْتِسَالٌ مِنْهُ، وَإِخْرَاجُ رِحَالٍ وثِيَابِهِ لِيُصِيبَهَا وَإِنْ كَثُرَ حَتَّى خِيفَ سُنَّ قَوْلُ: اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلَا عَلَيْنَا اللَّهُمَّ عَلَى الْآكَامِ وَالضِّرَابِ وَمَنَابِتِ الشَّجَرِ، وَبُطُونِ الْأَوْدِيَةِ ومنابت الشجر ربنا ولا تحملنا مالا طاقة لنا به

قوله: (الآكام) هو بفتح الهمزة، تليها مدة، على وزن آصال، وبالكسر بلا مد: كجبال، والأول جمع أكم، ككتب، وأكم: جمع إكام، كجبال، وإكام: جمع أكم، كجبل، وأكم جمع أكمة، فهو مفرد جمع أربع مرات.

قال عياض: وهو ما غلظ من الأرض، ولم يبلغ أن يكون جبلاً، وكان أكثر ارتفاعاً مما حوله، كالتلول ونحوها. انتهى. والظراب: الروابي الصغار، جمع ظرب، بكسر الراء، ذكره الجوهري.

قوله: (ربنا لا تحملنا

الخ) هكذا بخط المصنف بإسقاط الواو والتلاوة بإثباتها، ولعل وجه إسقاطها هنا عدم ما يعطف عليه:(لا تحملنا) في هذا الدعاء بخلافه في الآية الكريمة. فتدبر.

ص: 380

الآية

وَسُنَّ قَوْلُ: مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ وَيَحْرُمُ بِنَوْءِ كَذَا وَيُبَاحُ قَوْلُ: مُطِرْنَا فِي نَوْءِ كَذَا

قوله: (الآية) منصوبة بفعل مقدر، أي: اقرأ الآية إلى آخرها.

قوله: (ويحرم بنوء كذا) في "المصباح": ناء ينوء نوءاً، مهموز من باب: قال: نهض، ومنه النوء للمطر. وبخطه على قوله:(ويحرم بنوء كذا) لعل المراد: إذا قصد نسبة الفعل إلى الله؛ بسبب النجم، وإلا فيمكن حمل الباء على الظرفية، كما هو المذهب الكوفي، فيوافق معنى: في نوء كذا، وأما نسبة الفعل إلى النجم، فكفر إجماعاً. كما صرح به المصنف في "شرحه". محمد الخلوتي.

ص: 381

صفحة فارغة

ص: 382