الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب التيمم
التيمم: اسْتِعْمَالُ تُرَابٍ مَخْصُوصٍ لِوَجْهٍ وَيَدَيْنِ بَدَلُ طَهَارَةِ مَاءٍ لِكُلِّ مَا يُفْعَلُ بِهِ عِنْدَ عَجْزٍ عَنْهُ أَيْ الْمَاءِ شَرْعًا سِوَى نَجَاسَةٍ عَلَى غَيْرِ بَدَنٍ
قوله: (مخصوص) أي: طهور، مباح، غير محترق، له غبار. قوله:(لوجه) اللام داخلة على مضاف محذوف متعلقة بـ (استعمال)، معناها: اختصاص الكلي ببعض أفراده، أي: استعمال كائن لمسح وجه ويدين، أي: خاص به. قوله: (لكل) أي: لفعل. قوله: (ما) أي: شيء،
قوله: (به) أي: الماء؛ أي بطهارته، كصلاة وطواف، ففي الكلام حذف مضاف. قوله:(عند عجز) متعلق بـ (استعمال)، أو صفة لـ (بدل). قوله:(شرعاً) وإن لم يعجز عنه حساً. قوله: (سوى نجاسة على غير بدن) أي: كثوب وبقعة، فلا يصح التيمم لها، وهذا ستثناء منقطع؛ أي: لكن النجاسة على غير البدن لا يتيمم لها.
وَلُبْثٍ بِمَسْجِدٍ لَحَاجَةٍ وَهُوَ عَزِيمَةٌ يَجُوزُ بِسَفَرِ الْمَعْصِيَةِ.
قوله: (ولبث بمسجد لحاجة) أي: وسوى لبث بمسجد من نحو جنب إذا احتاج له، وتعذر عليه الوضوء والغسل، وهو مستثنى من قوله:(لكل ما يفعل به) والظاهر: أنه مستثنى منه، من حيث الحكم الثابت للبدل من مبدله؛ وهو الوجوب أو عدمه.
وتوضيحه: أنه لما ذكر أن التيمم بدل عن طهارة الماء لكل ما يفعل به، فهم منه أن التيمم يجب حيث تجب طهارة الماء، فتناول وجوب التيمم في الحالة المذكورة، فأخرجه بهذا الاستثناء من الحيثية المذكورة، لا من حيث عدم الصحة، كما في النجاسة على غير البدن. قاله منصور البهوتي.
وحاصله: أن الاستثناءين مختلفان لفظاً ومعنى، أما اللفظ: فلأن الأول منقطع، والثاني متصل. وأما المعنى: فلأن الأول من حيث الصحة، والثاني من حيث الوجوب. والتقدير: سوى نجاسة على غير بدن، فلا يصح التيمم لها، سوى لبث بمسجد لحاجة، فلا يجب التيمم له، ويصح بل هو الأولى، كما نص عليه صاحب "الإقناع" خروجاً من خلاف من أوجبه كالموفق. وذكر منصور البهوتي: أن الحامل له على هذا الحمل أمر خارجي، وهو ما أشرنا إليه عن الموفق، وصاحب "الإقناع".
وَشُرُوطُهُ ثَلَاثَةٌ دُخُولُ وَقْتِ الصَّلَاةِ وَلَوْ مَنْذُورَةً بمُعَيَّنٍ فَلَا يَصِحُّ لحَاضِرَةٍ وَلَا عِيدٍ مَا لَمْ يَدْخُلْ وَقْتُهُمَا. وَلَا لفَائِتَةٍ إلَّا إذَا ذَكَرَهَا وَأَرَادَ فِعْلَهَا، وَلَا لكُسُوفٍ قَبْلَ وُجُودِهِ وَلَا لاسْتِسْقَاءٍ مَا لَمْ يَجْتَمِعُوا
وأقول: يمكن أن يجعل الاستثناءان متصلين، بتقدير مضاف محذوف قبل قوله:(نجاسة)؛ أي: سوى غسل نجاسة، فيكون قوله:(سوى نجاسة) على التقدير المذكور مستثنى من قوله: (طهارة ماء) استثناء متصلا؛ لشموله الوضوء، والغسل، وغسل النجاسة على البدن، أو غيره. ويكون قوله:(ولبث بمسجد) مستثنى مما ذكره منصور البهوتي، وكل من الاستثناءين من حيث الحكم الثابت للبدل من مبدله، وهو الجواز، والوجوب، وعدمهما، فالأول من حيث الجواز؛ أي: لا يجوز التيمم عن نجاسة على غير بدن. والثاني من حيث الوجوب؛ أي: لا يجب التيمم لأجل اللبث بالمسجد عند الحاجة مع كونه جائزاً، بل أولى كما تقدم، والقرينة على الحيثيتين المذكورتين أمر خارجي كما تقدمت الإشارة إليه. ونظير هذين الاستثناءين -على ما ذكرنا- قولك: رأيت بني بكر عند بني تميم إلا زيداً من بني بكر، وعمراً من بني تميم. في تعدد كل من المستثنى والمستثنى منه، فتدبر.
قوله: (وشروطه) أي: المختصة به، لا المشتركة بينه وبين مبدله. قوله:(لحاضرة) أي: لمفروضة غير فائتة، لا ما دخل وقتها؛ لاستحالته مع قوله:(لم يدخل وقتهما)، فهو مجاز مرسل بمرتبتين. قوله:(ولا لاستسقاء) أي: مع جماعة بدليل ما بعده. قوله: (ما لم يجتمعوا) أي: أكثرهم.
وَلَا لجِنَازَةٍ إلَّا إذَا غُسِّلَ الْمَيِّتُ أَوْ يُمِّمَ لِعُذْرٍ وَلَا لِنَفْلِ وَقْتٍ نُهِيَ عَنْهَا لِأَنَّهَا طَهَارَةٌ ضَرُورَةٌ، فَتُقَيَّدُ بِالْوَقْتِ كَطَهَارَةِ الْمُسْتَحَاضَةِ ; وَلِأَنَّهُ قَبْلَ الْوَقْتِ مُسْتَغْنًى عَنْهُ. فَأَشْبَهَ التَّيَمُّمَ بِلَا عُذْرٍ. الشَّرْطُ الثَّانِي: تَعَذُّرُ الْمَاءِ لِعَدَمِهِ وَلَوْ بِحَبْسٍ أَوْ قَطْعِ عَدُوٍّ مَاءَ بَلَدِهِ أَوْ عَجْزٍ عَنْ تَنَاوُلِهِ وَلَوْ بِفَمٍ لِفَقْدِ آلَةٍ أَوْ لمَرَضٍ مَعَ عَدَمِ مُوَضِّئٍ أَوْ خَوْفِهِ فَوْتَ الْوَقْتِ بِانْتِظَارِهِ أَوْ خَوْفِهِ بِاسْتِعْمَالِهِ بُطْءَ بُرْءٍ أَوْ بَقَاءَ شَيْنٍ أَوْ ضَرَرَ بَدَنِهِ مِنْ جُرْحٍ أَوْ بَرْدٍ شَدِيدٍ أَوْ فَوْتَ رِفْقَةٍ أَوْ مَالِهِ، أَوْ عَطَشَ نَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ آدَمِيٍّ أَوْ بَهِيمَةٍ مُحْتَرَمَيْنِ أَوْ احْتِيَاجَهُ لِعَجْنٍ أَوْ طَبْخٍ أَوْ لِعَدَمِ بَذْلِهِ إلَّا بِزِيَادَةٍ كَثِيرَةٍ عَادَةً عَلَى ثَمَنِ مِثْلِهِ فِي مَكَانِهِ وَلَا إعَادَةَ فِي الْكُلِّ.
قوله: (إلا إذا غسل .. الخ) أي: تم تغسيله. قوله: (لعذر) كتقطع أو عدم ماء. قوله: (وقت نهي) أي: عنه، بخلاف ركعتي طواف. قوله: (تعذر
…
الخ) أي: تعذر استعمال الماء.
قوله: (ولو بحبس) للماء أو لمريده. قوله: (عن تناوله) أي: أخذه من نحو بئر. قوله: (مع عدم موضيء) ولو بأجرة يقدر عليها بلا إضرار له، أو لمن تلزمه نفقته. قوله:(بانتظاره) أي: الموضيء مع غيبته. قوله: (أو خوفه) أي: المريض القادر بنفسه أو غيره. قوله: (بطء برءٍ) أي: طول المرض.
قوله: (من جرح) أي: ضرراً ناشئا من جرح .. الخ. قوله: (أو برد) مع تعذر تسخين. قوله: (محترمين) بخلاف نحو حربي، وخنزير، وكلب عقور أو أسود بهيم. قوله:(في الكل) أي: مما مر.
وَيَلْزَمُ شِرَاءُ مَاءٍ أَوْ حَبْلٍ وَدَلْوٍ بِثَمَنِ مِثْلٍ أَوْ زَائِدٍ يَسِيرًا فَاضِلٍ عَنْ حَاجَتِهِ وَاسْتَعَارَتُهُمَا وقَبُولُهُمَا عَارِيَّةً، ومَاءٍ قَرْضًا وهِبَةٍ ووَيَجِبُ بَذْلُهُ لِعَطْشَانَ وَيُيَمَّمُ رَبُّ مَاءٍ مَاتَ لِعَطَشِ رَفِيقِهِ
قوله: (فاضل
…
الخ) فلا يلزمه الشراء بما يحتاج إليه، ولا بثمن في ذمته، ولو وجده يباع نسيئة وقدر عليه في بلده لكنه أفضل، ولو توضأ العطشان ولم يشرب؛ كان عاصياً. قوله:(وثمنه قرضاً) أي: لا هبة ولا استقرضه. قوله: (ويجب بذله) ولو نجساً. وبخطه على قوله: (ويجب بذله لعطشان) أي: يخشى تلفه، وصوب في "تصحيح الفروع" وجوب حبس الماء لعطش الغير المتوقع، وكذا صوب الوجوب لو خاف على نفسه العطش بعد دخول الوقت، وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب: منهم الشيخ الموفق. والقول بعدم الوجوب ضعيف جدا فيما يظهر. والأولى: فيها روايتان. والثانية: فيها وجهان.
وبخطه أيضا على قوله: (ويجب بذله لعطشان) أي: لشربه لا لطهارة غيره بحال، ولعل وجوب البذل بقيمته ولو في ذمة معسر، كما يفهم من
وَيَغْرَمُ ثَمَنَهُ مَكَانَهُ وَقْتَ إتْلَافِهِ وَمَنْ أَمْكَنَهُ أَنْ يَتَوَضَّأَ بِهِ ثُمَّ يَجْمَعَهُ وَيَشْرَبَهُ لَمْ يَلْزَمْهُ وَمَنْ قَدَرَ عَلَى مَاءِ بِئْرٍ بِثَوْبٍ يُدَلِّيهِ فِيهَا يَبُلُّهُ ثُمَّ يَعْصِرُهُ لَزِمَهُ مَا لَمْ تَنْقُصْ قِيمَتُهُ أَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ الْمَاءِ وَلَوْ خَافَ فَوْتَ الْوَقْتِ وَمَنْ بَعْضُ بَدَنِهِ جَرِيحٌ وَنَحْوُهُ وَلَمْ يَتَضَرَّرْ بِمَسْحِهِ بِالْمَاءِ وَجَبَ وَأَجْزَأَ وَإِلَّا تَيَمَّمَ لَهُ وَلِمَا يَتَضَرَّرُ بِغُسْلِهِ مِمَّا قَرُبَ.
كلامهم في الأطعمة، وصرح به في "الرعاية" وعبارته: والمراد: بذله بثمنه. اهـ.
قوله: (ويغرم ثمنه) ولو قلنا: إنه مثلي. قوله: (أو نحوه) بأن كان بـ، قروح أو رمد. قوله:(ولم يتضرر بمسحه بالماء) بل بغسله. وبخطه على قوله: (ولم يتضرر بمسحه) محله إذا كان البعض الجريح طاهراً لا نجاسة عليه، فإن كان نجساً؛ فقال في "التلخيص": يتمم ولا يمسح، ثم كانت النجاسة معفوا عنها ألغيت، واكتفي بنية الحدث، وإلا نوى الحديث والنجاسة إن اشترطت فيها. قاله في "المبدع"، نقله في "شرح الإقناع"، والله أعلم.
وَإِنْ عَجَزَ عَنْ ضَبْطِهِ وَقَدَرَ أَنْ يَسْتَنِيبَ مَنْ يَضْبِطُهُ لَزِمَهُ وَيَلْزَمُ مَنْ جُرْحُهُ بِبَعْضِ أَعْضَاءِ وُضُوئِهِ إذَا تَوَضَّأَ تَرْتِيبٌ فَيَتَيَمَّمُ لَهُ عِنْدَ غَسْلِهِ لَوْ كَانَ صَحِيحًا ومُوَالَاةٌ فَيُعِيدُ غَسْلَ الصَّحِيحَ عِنْدَ كُلِّ تَيَمُّمٍ وَإِنْ وَجَدَ حَتَّى الْمُحْدِثُ مَاءً لَا يَكْفِي لِطَهَارَةٍ اسْتَعْمَلَهُ ثُمَّ تَيَمَّمَ وَمَنْ عَدِمَ الْمَاءَ لَزِمَهُ إذَا خُوطِبَ بِصَلَاةٍ طَلَبُهُ فِي رَحْلِهِ وَمَا قَرُبَ عَادَةً ومِنْ رَفِيقِهِ مَا لَمْ يَتَحَقَّقْ عَدَمُهُ.
قوله: (ويلزم من جرحه
…
إلخ) يعني: ونحوه. قوله: (عند كل تيمم) حيث فاتت المولاة، أما لو لم تفت، كما لو كان الجرح في رجليه فتوضأ وتيمم في آخر الوقت، ثم خرج الوقت قبل فوات الموالاة؛ كفاه إعادة التيمم. قاله في "الحاشية" إخذاً من كلام المصنف في "شرحه" قال: وهذا بخلاف ما تقدم في مسح الخف يرفع الحدث، فإذا خلعه؛ عاد الحدث، وهو لا يتبعض في الثبوت، بخلاف التيمم فإنه مبيح لا رافع، فإذا بطل قبل فوات الموالاة؛ أعيد فقط. انتهى باختصار.
قوله: (في رحله) أي: مسكنه وما يستصحبه من الإناث.
وَمَنْ تَيَمَّمَ ثُمَّ رَأَى مَا يَشُكُّ مَعَهُ فِي الْمَاءِ لَا فِي صَلَاةٍ، بَطَلَ تَيَمُّمُهُ فَإِنْ دَلَّهُ عَلَيْهِ ثِقَةٌ أَوْ عَلِمَهُ قَرِيبًا عُرْفًا وَلَمْ يَخَفْ فَوْتَ وَقْتٍ وَلَوْ لِلِاخْتِيَارِ أَوْ رِفْقَةٍ، أَوْ عَدُوٍّ، أَوْ مَالٍ، أَوْ عَلَى نَفْسِهِ وَلَوْ فُسَّاقًا غَيْرَ جَبَانٍ أَوْ مَالِهِ لَزِمَهُ قَصْدُهُ وَإِلَّا تَيَمَّمَ وَلَا يَتَيَمَّمُ لِخَوْفِ فَوْتِ جِنَازَةٍ وَلَا وقت فَرْضٍ إلَّا هُنَا وَفيما
قوله: (رأى ما يشك
…
الخ) أي: شيئاً كخضرة، وركب قادم، قوله:(فإن دل عليه ثقة) أي: قريباً.
قوله: (أو رفقة) ظاهره: ولو لم يخفف ضررا بفوت الرفقة؛ لفوت الإلف والأنس.
قوله: (أو على نفسه) ولو كان خوفه بسبب ظنه فتبين عدمه، كسواد رآه ليلاً فظنه عدواً، فتبين عدمه بعد أن تيمم وصلى، فلا يعيد. قوله:(ولو فساقاً) أي: كما لو خافت امرأة بطلبها الماء فساقاً يفجرون بها؛ فتيمم، بل يحرم عليها الخروج إذن، ومثلها الأمرد. قوله:(غير جبان) يخاف بلا سبب يخاف منه.
قوله: (لا وقت فرض) أي: ولا يتيمم لخوف فوت فرض. قوله: (إلا هنا) أي: فيما إذا علم المسافر الماء، أو دله عليه ثقة قريباً، وخاف بقصده فوت الوقت.
إذَا وَصَلَ مُسَافِرٌ إلَى مَاءٍ وَقَدْ ضَاقَ الْوَقْتُ أَوْ عَلِمَ أَنَّ النَّوْبَةَ لَا تَصِلُ إلَيْهِ إلَّا بَعْدَهُ وَمَنْ تَرَكَ مَا يَلْزَمُهُ قَبُولُهُ أَوْ تَحْصِيلُهُ مِنْ مَاءٍ وَغَيْرِهِ وَتَيَمَّمَ وَصَلَّى. أَعَادَ وَمَنْ خَرَجَ لِحَرْثٍ أَوْ صَيْدٍ وَنَحْوِهِ حَمَلَهُ إنْ أَمْكَنَهُ وتَيَمَّمَ إنْ فَاتَتْ حَاجَتُهُ بِرُجُوعِهِ وَلَا يُعِيدُ وَمَنْ فِي الْوَقْتِ أَرَاقَهُ أَوْ مَرَّ بِهِ وَأَمْكَنَهُ الْوُضُوءُ وَيَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَجِدُ غَيْرَهُ أَوْ بَاعَهُ
قوله: (وقد ضاق الوقت) علم منه: أنه لو وصل إليه وأمكنه الصلاة به في الوقت، فأخر حتى خشي الفوات؛ فكالحاضر؛ لأن قدرته قد تحققت، فلا يبطل حكمها بتأخيره. قاله المجد. انتهى من "الحاشية".
والفرق بين هذه المسألة والمسألة الآتية في قوله: (ومن في الوقت أراقه
…
الخ): أنه هنا قادر على استعمال الماء ولو بعد الوقت، فلم يجز له التيمم، بخلاف ما يأتي، فإنه وإن كان قادراً قبل الإراقة، لكنه صار عادماً للماء، فجاز تيممه كما لا يخفى، فتأمل.
قوله: (أعاد) ما لم يتعذر عليه ذلك حال التيمم فلا يعيد. قوله: (أو باعه) يعني: لغير عطشان.
أَوْ وَهَبَهُ حَرُمَ وَلَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ ثُمَّ إنْ تَيَمَّمَ وَصَلَّى لَمْ يُعِدْ وَمَنْ ضَلَّ عَنْ رَحْلِهِ وَبِهِ الْمَاءُ. وَقَدْ طَلَبَهُ عَنْ مَوْضِعِ بِئْرٍ كَانَ يَعْرِفُهَا فَتَيَمَّمَ أَجْزَأَهُ وَلَوْ بَانَ بَعْدَ بِقُرْبِهِ بِئْرٌ خَفِيَّةٌ لَمْ يَعْرِفْهَا لَا إنْ نَسِيَهُ أَيْ الْمَاءَ وَلَوْ مَعَ نَحْوِ عَبْدِهِ وَتَيَمَّمَ كَمُصَلٍّ عُرْيَانًا وَمُكَفِّرٍ بِصَوْمٍ
قوله: (ولم يصح العقد) فلو تطهر به من أخذه؛ فالظاهر: عدم الصحة؛ لأنه مقبوض بعقد فاسد، فهو كالمغصوب، ما لم يجهل الحال؛ فيصح، كما يفهك كم "حواشي" ابن نصر الله على "الكافي". قوله:(ثم إن تيمم وصلى لم يعد) محله إذا لم يكن قادراً على استرداده ممن أخذه، وإلا لم يصح.
قوله: (خفية) لا ظاهرة. قوله: (لم يعرفها) لا إن كان يعرفها. قوله: (لا إن نسيه أو جهله
…
إلخ) أي: كأن يجده في رحله وهو في يده، أو ببئر بقربه أعلامها ظاهرة، وكأن يتمكن من تناوله منها، فلا يصح تيممه إذن، وفي هذه العبارة تصريح ببعض مفهوم قوله قبل: (ولو بان
…
إلخ) وذلك لأن مفهوم قوله: (خفية): أنها لو كانت أعلامها ظاهرة؛ أعاد، وهو بعض ما تناوله قوله:(بموضع يمكنه استعماله)، فإنه يعم الصورتين المذكورتين، أعني: كونه في رحله، أو في بئر أعلامها ظاهرة. وكذا قوله:(لم يعرفها) مفهومه: أنه لو علمها ثم نسيها؛
_________
فإنه يعيد، وهذا أيضا بعض ما شمله قوله:(أو نسيه بموضع يمكنه استعماله) غير أن الإعادة فيما إذا نسي البئر مشروطة بما لم يضل عنها، أما لو كان يعرفها، فطلبها وضل عنها وكانت أعلامها خفية؛ فإن التيمم يجزيه، ولا إعادة عليه، كما نص عليه المصنف وصاحب "الإقناع".
والحاصل في مسألة البئر إذا بانت بقربه بعد التيمم: أنه إما أن يعرفها سابقا أولا، وعلى كلا التقديرين: إما أن تكون أعلامها ظاهرة أولا، وعلى تقديري معرفتها: إما أن يضل عنها أو لا، فهذه ست صور. فيجزيه التيمم بلا إعادة في صورتين: إحداهما: أن تكون أعلامها خفية ولم يكن يعرفها. والثانية: أن تكون أعلامها خفية وكان عارفا بها، لكن ضل عنها، ولا يجزيه التيمم في أربع صور: أحداها: أن تكون أعلامها ظاهرة، ولم يكن يعرفها. الثانية: أن تكون أعلامها ظاهرة وكان يعرفها، لكن ضل عنها. الثالثة: أن تكون أعلامها ظاهرة ويعرفها ولم يضل عنها، لكنه نسيها. الرابعة: أن تكون أعلامها خفية ويعرفها ولم يضل عنها، لكنه نسيها. وبخطه على قوله:(لا إن نسيه) يعني: أو ثمنه. وإن أدرج أحد الماء في رحله ولم يعلمه به، أو كان مع عبده ونسي أن يعلمه به حتى تيمم وصلى أعاد، كما لو كان النسيان منه.
نَاسِيًا لِلسُّتْرَةِ وَالرَّقَبَةِ وَيُتَيَمَّمُ لِكُلِّ حَدَثٍ ول نَجَاسَةٍ بِبَدَنٍ لِعَدَمِ مَاءٍ أَوْ لِضَرَرٍ مِنْ بَرْدٍ حَضَرَا بَعْدَ تَخْفِيفِهَا مَا أَمْكَنَ لُزُومًا وَلَا إعَادَةَ وَإِنْ تَعَذَّرَ الْمَاءُ وَالتُّرَابُ لِعَدَمٍ أَوْ لِقُرُوحٍ لَا يَسْتَطِيعُ مَعَهَا مَسَّ الْبَشَرَةِ بِمَاءٍ وَلَا تُرَابٍ وَنَحْوِهَا صَلَّى الْفَرْضَ فَقَطْ عَلَى حَسَبِ حَالِهِ وَلَا يَزِيدُ عَلَى مَا يُجْزِئُ وَلَا يَؤُمُّ مُتَطَهِّرًا بِأَحَدِهِمَاوَلَا إعَادَةَ وَتَبْطُلُ بِحَدَثٍ وَنَحْوِهِ فِيهَا.
قوله: (ناسيا للسترة والرقبة) يعني: فلا يعتد بما فعله. قوله: (ويتيمم لكل حدث) علم منه: أن القائم من نوم الليل لا يتيمم بدل غسل يديه، وصرح به في "الرعاية"، وكذا من خرج منه مذي ولم يصبه، لا يتيمم بدل غسل ذكره أو أنثييه، لعدم ورود ذلك. قاله في "حاشية الإقناع".
قوله: (حضرا) يعني: ولم يقدر على تسخينه. قوله: (والتراب) زاد بعضهم: وطينا أمكن تجفيفه، وإلا صح في الوقت. قاله في "المبدع". قاله منصور البهوتي.
قوله: (لعدم) كمن حبس بمكان لا ماء ولا تراب. قوله (ونحوها) أي: القروج كالجراحات. قوله: (فقط) أي: دون النوافل. قوله: (ولا يزيد على ما يجزيء) أي: من القراءة، وظاهر العبارة: مطلقا، من القراءة
وَإِنْ وَجَدَ ثَلْجًا وَتَعَذَّرَ تَذْوِيبُهُ مَسَحَ بِهِ أَعْضَاءَهُ وَصَلَّى وَلَمْ يُعِدْ إنْ جَرَى بِمَسِّ.
وغيرها وهذا في حق الجنب، لا في حق المحدث حدثا أصغر. قاله الجراعي في "حواشي الفروع" باختصار. وفي "شرح المحرر" للشيشيني ما يقتضي أن ذلك محرم. وفي "تصحيح المحرر" لابن نصر الكناني: فإن زاد على مجزيء من ركن أو واجب؛ أعاد. انتهى. وفي "منتخب الأزجي": لكن إن كان جنبا وزاد على مجزيء من ركن أو واجب؛ أعاد. انتهى.
وبخطه على قوله: (ولا يزيد على ما يجزيء) ظاهره: من القراءة وغيرها، وهذا في حق الجنب، كما ذكره المصنف في "شرحه"، وقد سبقه إلى ذلك الجراعي في "حواشي الفروع" قال في "التوضيح": ولا يزيد هنا في القراءة وغيرها على ما يجزيء. قلت: لعله في الجنب. انتهى.
الثَّالِثُ: تُرَابٌ طَهُورٌ مُبَاحٌ غَيْرُ مُحْتَرِقٍ يَعْلَقُ غُبَارُهُ فَإِنْ خَالَطَهُ ذُو غُبَارٍ فَكَمَاءٍ خَالَطَهُ طَاهِرٌ فصل
وفرائضه: مَسْحُ وَجْهِهِ سِوَى مَا تَحْتَ خَفِيفًا ودَاخِلِ فَمٍ وَأَنْفٍ، وَيُكْرَهُ ويَدَيْهِ إلَى كُوعَيْهِ وَلَوْ أَمَرَّ الْمَحَلَّ عَلَى تُرَابٍ أَوْ صَمَدَهُ لِرِيحٍ فَعَمَّهُ وَمَسَحَهُ بِهِ صَحَّ لَا إنْ سَفَتْهُ فَمَسَحَهُ بِهِ وَإِنْ تَيَمَّمَ بِبَعْضِ يَدَيْهِ، أَوْ بِحَائِلٍ أَوْ يَمَّمَهُ غَيْرُهُ فَكَوُضُوءٍ
قوله: (مباح) لو تيمم بتراب غيره من غير غضب؛ جاز في ظاهر كلامهم؛ للإذن فيه عادة وعرفا، كالصلاة في أرضه. ذكر معناه في "المبدع". قاله في "حاشية الإقناع".
قوله: (أو صمده) من باب نصر: قصده. "مختار". قوله: (أو يممه غيره) هذه المسألة تقدمت صريحا في قوله: (ومن وضيء أو غسل، أو يمم بإذنه، ونواه، صح، لا إن أكره فاعل) فذكرها هنا لمجرد التتميم. محمد الخلواتي.
وَتَرْتِيبٌ وَمُوَالَاةٌ لِحَدَثٍ أَصْغَرَ وَهِيَ هُنَا بِقَدْرِهَا فِي وُضُوءٍ وتَعْيِينُ نِيَّةِ اسْتِبَاحَةِ مَا يَتَيَمَّمُ لَهُ مِنْ حَدَثٍ أَوْ نَجَاسَةٍ فَلَا يَكْفِي لِأَحَدِهِمَا ووَإِنْ نَوَاهُمَا أَوْ أَحَدَ أَسْبَابِ أَحَدِهِمَا أَجْزَأَ عَنْ الْجَمِيع وَمَنْ نَوَى شَيْئًا اسْتِبَاحَةً وَمِثْلَهُ ودُونَهُ فَأَعْلَاهُ فَرْضُ عَيْنٍ فَنَذْرٌ فكِفَايَةٍ فَنَافِلَةٌ فَطَوَافُ نَفْلٍ فَمَسُّ مُصْحَفٍ، فَقِرَاءَةُ فَلُبْثِ
قوله: (لحدث أصغر) ولو مع حدث أكبر، بخلاف الغسل فيما يظهر. وإذا نوى استباحة أمر يتوقف على وضوء، وغسل، وإزالة نجاسة؛ أجزأه عن ذلك، وإذا نوى حدثا وأطلق؛ لم يجزئه عن شيء. كذا بحثه شيخنا محمد الخلوتي، وفيه نظر.
قوله: (فنافلة) مطلقة أو مقيدة. قوله: (فطواف نفل) سكت عن طواف الفرض، ومقتضى كلام الشرح أنه بعد النافلة. قاله منصور البهوتي.
وهل يستبيح بنية الطواف ركعتيه لتبعيتهما له أم لا؛ لأن نفل الصلاة أعلى من الطواف بقسميه؟ والثاني: أظهر؛ لإطلاقهم أن من نوى شيئا لم يستبح أعلى منه.
قوله: (فلبث) لعل بعده استباحة وطء حائض ونفساء، وجزم به منصور البهوتي.
وَإِنْ أَطْلَقَهَا لِصَلَاةٍ أَوْ طَوَافٍ لَمْ يَفْعَلْ إلَّا نَفْلَهُمَا وَتَسْمِيَةٌ فِيهِ ك وُضُوءٍ وَيَبْطُلُ حَتَّى تَيَمَّمَ جُنُبٌ لِقِرَاءَةٍ وَلُبْثٍ بِمَسْجِدٍ وحَائِضٌ لِوَطْءٍ: بِخُرُوجِ وَقْتٍ كطَوَافٍ، وجِنَازَةٍ وَنَافِلَةٍ وَنَحْوِهَا ونَجَاسَةٍ مَا لَمْ يَكُنْ فِي صَلَاةِ جُمُعَةٍ أَوْ يَنْوِ الْجَمْعَ فِي وَقْتٍ ثَانِيَةٍ وبِوُجُودِ مَاءٍ وزَوَالِ مُبِيحٍ ومُبْطِلٍ مَا تَيَمَّمَ لَهُ وَخَلْعِ
قوله: (إلا نفلهما) أي: لا فرضهما، فالحصر إضافي. قوله:(وتسمية فيه) ظاهره: حتى في التيمم عن نجاسة. منصور البهوتي. قوله: (ونحوها) كسجدة تلاوة. قوله: (ما لم يكن في صلاة جمعة) ولو زائدا على العدد؛ لأنها لا تقضى، فحيث خرج الوقت في صلاتها لم يبطل تيممه؛ حتى يفرغ من الصلاة، وعلم منه: أن العيد ليس كالجمعة، فيبطل تيممه لإمكان قضائه على صفته، بخلاف الجمعة. كل ذلك من بحث شيخنا محمد الخلوتي وشيخه منصور البهوتي.
قوله: (في وقت ثانية) متعلق بالجمع لا بنية. ومفهومه: لو نوى الجمع في وقت أولى، بطل بخروج وقتها. فتدبر. قوله:(وخلع) من عطف الخاص على العام.
مَا يُمْسَحُ إنْ تَيَمَّمَ وَهُوَ عَلَيْهِ لَا عَنْ حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ بِحَدَثِ غَيْرِهِمَا وَإِنْ وَجَدَ الْمَاءَ فِي صَلَاةٍ أَوْ طَوَافٍ بَطَلَا وأَنْ انْقَضَيَا لَمْ تَجِبْ إعَادَتُهُمَا وفِي قِرَاءَةٍ وَوَطْءٍ وَنَحْوِهِمَا يَجِبُ التَّرْكُ وَبِغُسْلِ مَيِّتٍ وَلَوْ صُلِّيَ عَلَيْهِ وَتُعَادُ
قوله: (ما يمسح) سواء مسحه قبل ذلك أو لا. منصور البهوتي. قوله: (لا عن حيض
…
إلخ) كالاستثناء من ذلك العام.
قوله: (في صلاة) ولو صلاة جمعة، أو اندفق الماء قبل استعماله. قوله:(وإن انقضيا؛ لم تجب إعادتهما) بحث منصور البهوتي استحباب إعادة الصلاة لخبر ذلك. ومحله في نحو ظهر، كعشاء، لا صبح وعصر؛ لأنه وقت نهي.
قوله: (ووطء) أي: فيما إذا تيممت الحائض للوطء؛ بطل التيمم بوجودها الماء. قوله: (ونحوهما) كلبث. قوله: (وبغسل ميت) أي: إن وجد الماء قبل الدفن، ولعل مثله الكفن بجامع الشرطية، بل أولى؛ لأنه لا بدل له. قوله:(وتعاد) أي: وجوبا.
وَسُنَّ لِعَالِمٍ وَلِرَاجٍ وُجُودَ مَاءٍ، أَوْ مُسْتَوٍ عِنْدَهُ الْأَمْرَانِ تَأْخِيرُ التَّيَمُّمِ إلَى آخِرِ الْوَقْتِ الْمُخْتَارِ وَصِفَتُهُ أَنْ يَنْوِيَ ثُمَّ يُسَمِّي وَيَضْرِبُ التُّرَابَ بِيَدَيْهِ مَفَرَّجَتَيْ الْأَصَابِعِ ضَرْبَةً وَاحِدَةً ثُمَّ يَمْسَحُ وَجْهَهُ بِبَاطِنِ أَصَابِعِهِ. وكَفَّيْهِ بِرَاحَتَيْهِ وَإِنْ بُذِلَ أَوْ نُذِرَ أَوْ وُقِفَ أَوْ وُصِّيَ بِمَاءٍ لِأَوْلَى جَمَاعَةٍ: قُدِّمَ غُسْلُ طِيبِ مُحْرِمٍ فنَجَاسَةِ ثَوْبٍ فَبُقْعَةٍ فَبَدَنٍ فَمَيِّتٌ فَحَائِضٌ فَجُنُبٌ فَمُحْدِثٌ لَا إنْ كَفَاهُ وَحْدَهُ فَيُقَدَّمُ عَلَى جُنُبٍ وَيُقْرَعُ مَعَ التَّسَاوِي وَإِنْ تَطَهَّرَ بِهِ غَيْرُ الْأَوْلَى أَسَاءَ وَصَحَّتْ طَهَارَتُهُ وَالثَّوْبُ يُصَلِّي فِيهِ ثُمَّ يُكَفَّنُ بِهِ
قوله: (قدم غسل طيب محرم) يعني: إن لم تمكن إزالته بغير الماء. قوله: (فحائض) وهل نفساء بمنزلة حائض، فيقرع بينهما، أو الحائض أولى، فتقدم عليها؟ الظاهر: الأول. قوله: (على جنب) وكذا على غيره فيما يظهر. قوله: (أساء) أي: حرم ذلك عليه. قوله: (يصلي فيه) أي: يصلي فيه الحي فرضه، ثم يكفن به الميت. وإذا أراد الصلاة على الميت صاى عريانا لا في إحدى لفافتيه.