المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب اجتناب النجاسة - حاشية ابن قائد على منتهى الإرادات - جـ ١

[ابن قائد]

الفصل: ‌باب اجتناب النجاسة

‌باب اجتناب النجاسة

وَهِيَ عَيْنٌ أَوْ صِفَةٌ مَنَعَ الشَّرْعُ مِنْهَا بِلَا ضَرُورَةٍ، لَا لِأَذًى فِيهَا طَبْعًا لَا لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ غَيْرِهِ شَرْعًا حَيْثُ لَمْ يُعْفَ عَنْهَا بَدَنَ مُصَلٍّ وَثَوْبَهُ وَبُقْعَتَهُمَا وَعَدَمِ حَمْلِهَا شَرْطٌ لِلصَّلَاةِ فَتَصِحُّ مِنْ حَامِلٍ مُسْتَجْمِرًا أَوْ حَيَوَانًا طَاهِرًا وَمِمَّنْ مَسَّ ثَوْبُهُ ثَوْبًا

قوله: (اجتناب النجاسة) هو مبتدأ مصدر مضاف لفاعله المجازي، ومفعوله (بدن مصل) وما عطف عليه. قوله:(شرعاً) هو عائد لقوله: (أو غيره) يعني: أو لحق الغير الثابت بالشرع؛ لئلا يتكرر مع قوله: (منع الشرع). محمد الخلوتي. قوله: (وعدم حملها) معطوف على المبتدأ، والخبر:(شرط) ولم يطابق؛ إما لأنه مصدر، أو لأنهما في معنى شيء واحد، وهو مباعدة النجاسة. وإنما عبر المصنف بالاجتناب وعدم الحمل؛ ليخرج بالأول الملاقاة لها، وبالثاني الاشتمال عليها.

قوله: (فتصح

إلخ) مفرع على (حيث لم يعف عنها) قوله: (أو حيوانا طاهراً) كالهر. قوله: (وممن مس

إلخ) مفرع على عدم الحمل، أو الاجتناب.

ص: 178

أَوْ حَائِطًا نَجِسًا لَمْ يَسْتَنِدْ إلَيْهِ أَوْ قَابَلَهَا رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا وَلَمْ يُلَاقِهَا أَوْ صَلَّى عَلَى مَحَلٍّ طَاهِرٍ مِنْ مُتَنَجِّسٍ طَرَفُهُ وَلَوْ تَحَرَّكَ بِحَرَكَتِهِ مِنْ غَيْرِ مُتَعَلِّقٍ يَنْجَرُّ بِهِ أَوْ سَقَطَتْ عَلَيْهِ فَزَالَتْ أَوْ أَزَالَهَا سَرِيعًا لَا إنْ عَجَزَ عَنْ إزَالَتِهَا عَنْهُ أَوْ نَسِيَهَا أَوْ جَهِلَ عَيْنَهَا أَوْ حُكْمَهَا أَوْ أَنَّهَا كَانَتْ فِي الصَّلَاةِ ثُمَّ عَلِمَ أَوْ حَمَلَ قَارُورَةً أَوْ آجُرَّةً بَاطِنُهَا نَجِسٌ

قوله: (من غير متعلق) فلو كان بيده حبل طرفه على نجاسة يابسة؛ فمقتضى كلام الموفق الصحة، وفي "الإقناع": لا تصح. لكن يمكن حمل كلام "الإقناع" على الرطبة، فلا مخالفة. وبخطه أيضاً على قوله:(غير متعلق) قال منصور البهوتي: قلت: وإذا تعلق بالمصلي صغير، به نجاسة لا يعفى عنها، وكان له قوة بحيث إذا مشى انجر معه؛ بطلت صلاته إن لم يزله سريعاً. قوله:(لا إن عجز) من باب: ضرب: ضعف عن المشي، ومن باب: قتل لغة، ومن باب: تعب لغة لبعض قيس عيلان. "مصباح".

قوله: (ثم علم) راجع للأربع. قوله: (أو آجرة) الآجر: بمد الهمزة، والتشديد أشهر من التخفيف، الواحدة آجرة، وهو معرب. "مصباح".

ص: 179

أَوْ بَيْضَةً فِيهَا فَرْخٌ مَيِّتٌ، أَوْ مَذِرَةً، أَوْ عُنْقُودًا حَبَّاتُهُ مُسْتَحِيلَةٌ خَمْرًا وَإِنْ طَيَّنَ نَجِسَةً أَوْ بَسَطَ عَلَيْهَا أَوْ عَلَى حَيَوَانٍ نَجِسٍ أَوْ حَرِيرٍ طَاهِرًا صَفِيقًا أَوْ غَسَلَ وَجْهَ آجُرٍّ وَصَلَّى عَلَيْهِ، أَوْ صَلَّى عَلَى بِسَاطٍ بَاطِنُهُ فَقَطْ نَجِسٌ أَوْ عُلْوٍ سُفْلُهُ غَصْبٌ، أَوْ سَرِيرٍ تَحْتَهُ نَجِسٌ كُرِهَتْ وَصَحَّتْ وَإِنْ خِيطَ جُرْحٌ أَوْ جُبِرَ عَظْمٌ بنَجِسٍ أَوْ عَظْمٍ نَجِسٍ فَصَحَّ لَمْ تَجِبْ إزَالَتُهُ مَعَ ضَرَرٍ ولَا يَتَيَمَّمُ لَهُ إنْ غَطَّاهُ اللَّحْمُ

قوله: (أو بسط عليها) ولو رطبة حيث لم تنفذ إلى ظاهره. قوله: (أو على حيوان نجس) يؤخذ مما سيذكره منصور البهوتي في الباب بعده عن المجد: أن محل هذا في غير مسافر سائر، وإلا، فلا كراهة للحاجة. قوله: (أو حرير

إلخ) الغرض من ذكره إفادة الكراهة، وإلا، فالصحة تقدمت صريحا في الباب قبله. قوله:(غصب) وتصح صلاة في بقعة أبنيتها غصب ولو اتستند إلى الأبنية لكن مع الكراهة. قال منصور البهوتي: وفي معنى ذلك ما ينبني بحريم الأنهار من مساجد وبيوت؛ لأن المحرم البناء بها، وأما البقعة؛ فعلى أصل الإباحة. قوله:(مع ضرر) على نفس أو عضو، أو حصول مرض. قوله:(إن غطاه اللحم) قلت: ويشبه ذلك الوشم إن غطاه اللحم،

ص: 180

وَمَتَى وَجَبَتْ فَمَاتَ أُزِيلَ إلَّا مَعَ الْمُثْلَةِ وَلَا يَلْزَمُ شَارِبَ خَمْرٍ قَيْءٌ وَإِنْ أُعِيدَتْ سِنُّ أَوْ أُذُنٌ أَوْ نَحْوُهُمَا فَثَبَتَتْ فَطَاهِرَةٌ

فصل

وَلَا تَصِحُّ تَعَبُّدًا صَلَاةُ فِي مَقْبَرَةٍ وَلَا يَضُرُّ قَبْرَانِ وَلَا مَا دُفِنَ بِدَارِهِ وفِي حَمَّامٍ وفِيمَا يَتْبَعُهُ فِي بَيْعٍ وَحَشٍّ وَأَعْطَانِ إبِلٍ وهي مَا

غسله بالماء، وإلا يتيمم له. "شرح الإقناع". قوله:(إلا مع المثلة) وزان غرفة، والمثلة بفتح الميم وضم الثاء: العقوبة. "مصباح". قال: ومثلت بالقتيل مثلا -من بابي قتل وضرب- إذا جدعته، وظهرت فعلك عليه تنكيلا، والتشديد مبالغة. انتهى. قوله:(فثبتت) أي: أو لم تثبت.

قوله: في (مقبرة) قديمة أو حديثة، تقلبت أو لا، وهي: مدفن الموتى.

قوله: (ولا يضر قبران) بل ثلاثة فصاعداً، والخشخاشة، وهي: بيت في الأرض، له سقف يقبر فيه جماعة، قبر واحد اعتبارا بها لا بمن فيها. قوله:(بداره) وإن كثر؛ لأنه ليس بمقبرة.

ص: 181

تُقِيمُ فِيهَا وَتَأْوِي إلَيْهَا وَفِي مَجْزَرَةٍ ومَزْبَلَةٍ وَقَارِعَةِ الطَّرِيقِ وَأَسْطِحَتِهَا وَسَطْحِ نَهْرٍ سِوَى صَلَاةِ جِنَازَةٍ

قوله: (ومجزرة) أي: ما أعد للذبح. قوله: (ومزبلة) هي مرمى الزبالة ولو طاهرة. قوله: (وأسطحتها) أي: أسطحة المواضع المنهي عن الصلاة فيها، وشمل سطح الطريق سواء جاز وضعه أو لا، كما في "المستوعب"، خلافاً للمجد حيث صححها فيما جاز وضعه. ووجه الأول: أن الهواء تابع للقرار، وعلى هذا مشى في "الإقناع" أيضاً، أعني: عدم الصحة، لكن قال بعد ذلك ما معناه: إذا أخرج ساباطاً في موضع لا يحل إخراجه؛ لم تصح الصلاة فيه، ومفهومه: أنه لو كان يحل إخراجه؛ صحت، وهذا المفهوم يعارض عمومه عموم منطوق قوله:(وأسطحتها) مثلها، ويمكن الجواب: بتخصيص هذا المفهوم بما إذا الساباط على ملك الغير لا على الطريق. فتأمل.

قوله: (وسطح نهر) أي: لا تصح الصلاة على نهر. قال ابن عقيل

ص: 182

فِي مَقْبَرَةٍ وَسِوَى جُمُعَةٍ وَعِيدٍ وَجِنَازَةٍ وَنَحْوِهَا بِطَرِيقِ الضَّرُورَةِ وَغَصْبٍ

ما معناه: لأن الصلاة على الماء لا تصح، فكذا على سطحه. انتهى. وفيه نظر؛ لأنا إنما منعنا من الصلاة على الماء لعدم إمكان الاستقرار عليه، وسطحه ليس كذلك، فالأولى ما ذكره في "الإقناع" بقوله: والمختار الصحة كالسفينة، قاله أبو المعالي. وبخطه أيضاً على قوله:(وسطح نهر) قال القاضي: تجري فيه سفينة. قال في "الإقناع": والمختار الصحة، كالسفينة، قاله أبو المعالي وغيره، انتهى. قال منصور البهوتي: وقد يفرق بينه وبين السفينة بأنها مظنة الحاجة، انتهى. ومقتضى كلام المصنف عدم الصحة مطلقاً، ففي المسألة ثلاثة أقوال. ولو جمد الماء، فقال أبو المعالي.

فكالطريق، وجزم ابن تميم بالصحة، وتبعه في "الإقناع".

تنبيه: تصح الصلاة في المدبغة، وتكره على الصحيح، ولو أخرج ساباطاً في موضع لا يحل إخراجه؛ لم تصح الصلاة فيه.

قوله: (في مقبرة) ولو قبل الدفن؛ فتصح بلا كراهة.

قوله: (وجمعة، وعيد، وجنازة، ونحوها بطريق لضرورة، وغصب) ظاهره: أن الجمعة وما بعدها تصح في الغصب، ولو بلا ضرورة، وهو غير ظاهر، فإن ما استدل به بعضهم على صحة ذلك في الغصب مطلقاً عن

ص: 183

وَعَلَى رَاحِلَةٍ بِطَرِيقٍ وَتَصِحُّ فِي الْكُلِّ لِعُذْرٍ.

"الشرح الكبير" إنما يدل على حال الضرورة× لقوله ما معناه: إذا صلى الإمام الجمعة في غصب فامتنع الناس من الصلاة خلفه، فاتتهم الجمعة.

فقوله: فاتتهم الجمعة إشارة إلى أنها حال ضرورة، أما لو كان في البلد عدة جوامع، فيها واحد غصب بحيث إذا ترك الصلاة في الجامع الغصب صلى في غيره من بقية الجوامع، فينبغي عدم الصحة هنا، ولهذا صرح في "الإقناع" بأنها لا تصح الجمعة ونحوها في الغصب إلا للضرورة. وما اعترض عليه بعضهم بأن الضرورة يستوي فيها الجمعة وغيرها من بقية الصلوات الخمس لا يرد، بل في كلام "المبدع" ما يشير إلى الفرق بين الجمعة وغيرها، حيث قال: إن الجمعة تختص ببقعة، يعني: لا يمكن أداؤها منفرداً، بل هو مضطر إلى فعلها مع الجماعة، فإذا لم يجد إلا ذلك المكان الغصب؛ دار أمره بين أن يصلي معهم الجمعة في الغصب، وبين أن يصلي منفرداً، وهي لا تصح منفرداً، فجاز له أن يصليها في الغصب بخلاف نحو الظهر والعصر. فتأمل. فلو قال المصنف: بطريق وغصب لضرورة، كما في "الإقناع"، لكان أنسب.

قوله: (ونحوها) ككسوف. وبخطه على قوله: (وغصب) ولو بلا ضرورة، وفيه نظر، فالصواب ما في "الإقناع".

قوله: (وتصح في الكل لعذر) وليس منه خوف فوت الوقت.

ص: 184

وَتُكْرَهُ إلَيْهَا بِلَا حَائِلٍ وَلَوْ كَمُؤَخَّرَةِ رَحْلٍ لَا فِيمَا عَلَا عَنْ جَادَّةِ الْمُسَافِرِ يَمْنَةً وَيَسَرَةً وَلَوْ غُيِّرَتْ بِمَا يُزِيلُ اسْمَهَا أَوْ مَسْجِدًا وَصَلَّى فِيهِ صَحَّتْ وَكَمَقْبَرَةٍ مَسْجِدٌ حَدَثَ بِهَا وَلَا يَصِحُّ فَرْضُ فِي الْكَعْبَةِ وَلَا عَلَى ظَهْرِهَا إلَّا إذَا وَقَفَ عَلَى مُنْتَهَاهَا بِحَيْثُ لَمْ يَبْقَ وَرَاءَهُ شَيْءٌ أَوْ خَارِجَهَا وَسَجَدَ فِيهَا وَتَصِحُّ نَافِلَةٌ ومَنْذُورَةٌ فِيهَا وَعَلَيْهَا مَا لَمْ يَسْجُدْ عَلَى مُنْتَهَاهَا

قوله: (ولو كمؤخرة رحل) مؤخرة الرحل والسرج -بضم الميم وسكون الهمزة، ومنهم من يثقل الخاء، ومنهم من يعد هذه لحناً، وأفصح اللغات آخرة، بالمد- وهي: الخشبة التي يستند إليها الراكب.

"مصباح". قوله: (لا فيما علا

إلخ) ولا بأس بطريق الأبيات القليلة؛ لعدم كثرة سلوكه. قوله: (حدث) أو وضع القبر، والمسجد معاً، فلا تصح الصلاة.

قوله: (وتصح نافلة ومنذورة

إلخ) ظاهره: سواء كان نذره مطلقاً، أو مقيداً بفعلها فيها وعليها، ويمكن حمله على ما في "الاختيارات" من أنه: إن نذر الصلاة في الكعبة؛ صح فعلها فيها، وإن نذرها مطلقاً؛ اعتبر فيها شروط

ص: 185

وَيُسَنُّ نَفْلُهُ فِيهَا وَفِي الْحِجْرِ، وَهُوَ مِنْهَا وَقَدْرُهُ سِتَّةُ أَذْرُعٍ وَشَيْءٌ وَيَصِحُّ التَّوَجُّهُ إلَيْهِ مُطْلَقًا وَالْفَرْضُ فِيهِ كَدَاخِلِهَا وَتُكْرَهُ بِأَرْضِ الْخَسفِ لا بِبَيْعَةٍ وَكَنِيسَةٍ

الفريضة؛ لأن النذر المطلق يحذى به حذو الفرائض. انتهى. فتأمل.

ويمكن حمل كلام المصنف كـ "الإقناع" على ما في "الاختيارات" بجعل قوله: (فيها وعليها) متعلقاً بـ (منذورة) لا بـ (تصح)، وهذا ظاهر لا غبار عليه، بل هو أولى من المخالفة.

قوله: (مطلقاً) أي: من مكي وغيره. قوله: (لا ببيعة) أي: لا صورة فيها، وإلا كره.

ص: 186