المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌كتاب الجنائز يُسَنُّ الِاسْتِعْدَادُ لِلْمَوْتِ والْإِكْثَارُ مِنْ ذِكْرِهِ وعِيَادَةُ مُسْلِمٍ غَيْرِ - حاشية ابن قائد على منتهى الإرادات - جـ ١

[ابن قائد]

الفصل: ‌ ‌كتاب الجنائز يُسَنُّ الِاسْتِعْدَادُ لِلْمَوْتِ والْإِكْثَارُ مِنْ ذِكْرِهِ وعِيَادَةُ مُسْلِمٍ غَيْرِ

‌كتاب الجنائز

يُسَنُّ الِاسْتِعْدَادُ لِلْمَوْتِ والْإِكْثَارُ مِنْ ذِكْرِهِ وعِيَادَةُ مُسْلِمٍ غَيْرِ مُبْتَدِعٍ يَجِبُ هَجْرُهُ كَرَافِضِيٍّ وَيُسَنُّ كَمُتَجَاهِرٍ بِمَعْصِيَةٍ غِبًّا

الجنائز: جمع جنازة، بفتح الجيم وكسرها، وهو أفصح، اسم للميت والسرير، أو للميت بالفتح، وللسرير بالكسر، أو بالعكس، أو بالكسر للنعش عليه ميت. وأصله من جنزه من باب: ضرب، ستره.

قوله: (يسن الاستعداد) أي: التأهب. قوله: (وعيادة مسلم) أي: زيارته وافتقاده من العود، وهو الرجوع. قوله:(مسلم) يعني: لا ذمي فتحرم. قوله: (كرافضي) يعني: فتحرم. قوله: (غبا) هذا موافق لما ذكره الأصحاب من الشعر المشهور، وهو:

لا تضجرن عليلا في مساءلة

إن العيادة يوم بين يومين

بل سله عن حاله وادع الإله له

واجلس بقدر فواق بين حلبين

من زار غبا أخاً دامت مودته

وكان ذاك صلاحاً للخليلين

ص: 383

مِنْ أَوَّلِ الْمَرَضِ بُكْرَةً وَعَشِيًّا وفِي رَمَضَانَ لَيْلًا وَتَذْكِيرُهُ التَّوْبَةَ وَالْوَصِيَّةَ وَيَدْعُو بِالْعَافِيَةِ وَالصَّلَاحِ وَأَنْ لَا يُطِيلَ الْجُلُوسَ وَلَا بَأْسَ بِوَضْعِ يَدِهِ عَلَيْهِ وَإخْبَارِ مَرِيضٍ بِمَا يَجِدُ، بِلَا شَكْوَى وَيَنْبَغِي لِلْمَرِيضِ أَنْ يُحْسِنَ ظَنَّهُ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَيُكْرَهُ الْأَنِينُ

قوله: (بكرة وعشيا) الواو: بمعنى: أو. قوله: (ليلا) أي: لأنه أرفق بالعائد. قوله: (وتذكيره التوبة) أي: ولو كان مرضه غير مخوف.

قوله: (بلا شكوى) بأن يحمد الله أولا، ثم يخبر. فقد كان الإمام أحمد أولا يحمد الله فقط، فلما دخل عليه عبد الرحمن -طبيب السنة- وحدثه الحديث عن بشر بن الحارث، أي: حديث ابن مسعود مرفوعاً: "إذا كان الشكر قبل الشكوى، فليس بشاك" صار إذا سأله قال: أحمد الله إليك، أجد كذا، أجد كذا. قوله:(بالله تعالى) قال بعضهم: وجوبا، ويغلب الرجاء، ونصه: يكونان سواء، وإلا هلك.

ص: 384

وَتَمَنِّي الْمَوْتِ وَقَطْعُ الْبَاسُورِ وَمَعَ خَوْفِ تَلَفٍ يَحْرُمُ وبِتَرْكِهِ يُبَاحُ وَلَا يَجِبُ التَّدَاوِي وَلَوْ ظَنَّ نَفْعَهُ وَتَرْكُهُ أَفْضَلُ وَيَحْرُمُ بِمُحَرَّمٍ وَيُبَاحُ كَتْبُ قُرْآنٍ وذِكْرٍ بِإِنَاءٍ لِحَامِلٍ لِعُسْرِ الْوِلَادَةِ وَلِمَرِيضٍ وَيُسْقَيَانِهِ وَإِذَا نُزِلَ بِهِ سُنَّ تَعَاهُدُ بَلُّ حَلْقِهِ بِمَاءٍ أَوْ شَرَابٍ، وتَنْدِيَةِ شَفَتَيْهِ بِقُطْنَةٍ وتَلْقِينُهُ

قال الشيخ: هذا العدل، كما في "الإقناع".

قوله: (وتمني الموت) أي: لغير ضرر بدينه، كما في "الإقناع"؛ لقوله: عليه الصلاة والسلام: "وإذا أردت بعبادك فتنة؛ فاقبضني إليك غير مفتون". وليس تمني الشهادة من تمني الموت المنهي عنه، كما في "الهدي"، بل هو مستحب. قوله:(يباح) يعني: قطعه. قوله: (وتركه) أي: توكلاً.

ص: 385

لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ مَرَّةً وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ثَلَاثٍ، إلَّا أَنْ يَتَكَلَّمَ فَيُعِيدَهُ بِرِفْقٍ وقِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ ويس عِنْدَهُ وتَوْجِيهُهُ إلَى الْقِبْلَةِ عَلَى جَنْبِهِ الْأَيْمَنِ

قوله: (لا إله إلا الله) اقتصر عليها؛ لأن إقراره بها إقرار بالأخرى، وفيه شيء، وفي "الفروع" احتمال. وقال بعض العلماء: يلقن الشهادتين؛ لأن الثانية تبع، فلهذا اقتصر في الخبر على الأولى. "شرح إقناع". قوله:(مرة) فإن لم يجب، أو تكلم بعدها؛ زاد إلى ثلاث، فلا يزيد عليها. وإن لم يجب، ما لم يتكلم، فبرفق؛ كما في المتن. وما أحسن ما اتفق لأبي زرعة الرازي، لما حضرته الوفاة، كان عنده أبو حاتم ومحمد بن مسلم، أن يلقناه، فتذكرا حديث التلقين، فأرتج عليهما، فبدأ أبو زرعة -وهو في النزع- فذكر إسناده إلى أن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من كان آخر كلامه لا إله إلا الله، ثم خرجت روحه مع الهاء قبل أن يقول: دخل الجنة" كذا بخط حفيد ابن مفلح على "الفروع" شيخنا محمد الخلوتي.

قوله: (ويس) في "المستوعب": ويقرأ تبارك. وبخطه على قوله: (يس) بسكون النون، حكاية للقراءة، ويجوز الفتح كهابيل.

ص: 386

مَعَ سَعَةِ الْمَكَانِ وَإِلَّا فعَلَى ظَهْرِهِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَشْتَغِلَ بِنَفْسِهِ ويَعْتَمِدَ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى فِيمَنْ يُحِبُّ وَيُوصِي لِلْأَرْجَحِ فِي نَظَرِهِ فَإِذَا مَاتَ سُنَّ تَغْمِيضُهُ وَيُبَاحُ مِنْ مَحْرَمٍ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَيُكْرَهُ مِنْ حَائِضٍ وَجُنُبٍ، وَأَنْ يَقْرَبَاهُ وَيُسَنُّ قَوْلُ: بِسْمِ اللَّهِ وَعَلَى وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وشَدُّ لَحْيَيْهِ وَتَلْيِينُ مَفَاصِلِهِ وخَلْعُ ثِيَابِهِ وسَتْرُهُ بِثَوْبٍ ووَضْعُ حَدِيدَة أَوْ نَحْوِهَا عَلَى بَطْنِهِ ووَضْعُهُ عَلَى سَرِيرِ غُسْلِهِ مُتَوَجِّهًا مُنْحَدِرًا نَحْوِ رِجْلَيْهِ وإسْرَاعُ تَجْهِيزِهِ إنْ مَاتَ غَيْرَ فَجْأَةٍ وَيُسَنُّ تَفْرِيقِ وَصِيَّتِهِ وَيَجِبُ فِي قَضَاءِ دَيْنِهِ.

قوله: (وإلا فعلى ظهره) ورجلاه إلى القبلة. قوله: (وقول: بسم الله) أي: عند تغميضه. قوله: (أو نحوهما) كطين رطب. قوله: (على بطنه) فوق ثيابه وهو مستلق على ظهره. قوله: (ويجب في قضاء دينه) كل ذلك قبل الصلاة عليه، كما في "الإقناع". فإن تعذر إيفاء دينه في الحل؛ استحب لوارثه أو غيره، أن يتكفل به عنه.

ص: 387

وَلَا بَأْسَ أَنْ يُنْتَظَرَ بِهِ مَنْ يَحْضُرُهُ مِنْ وَلِيِّهِ أَوْ غَيْرِهِ، إنْ قَرُبَ وَلَمْ يُخْشَ عَلَيْهِ أَوْ يَشُقَّ عَلَى الْحَاضِرِينَ وَيُنْتَظَرُ بِمَنْ مَاتَ فَجْأَةً، أَوْ شُكَّ فِي مَوْتِهِ حَتَّى يُعْلَمَ بِانْخِسَافِ صُدْغَيْهِ، أَوْ مَيْلِ أَنْفِهِ، وَيُعْلَمُ مَوْتُ غَيْرِهِمَا بِذَلِكَ وَبِغَيْرِهِ كَانْفِصَالِ كَفَّيْهِ وَاسْتِرْخَاءِ رِجْلَيْهِ وَلَا بَأْسَ بِتَقْبِيلِهِ وَالنَّظَرِ إلَيْهِ وَلَوْ بَعْدَ تَكْفِينِهِ

فصل

وَغُسْلُهُ مَرَّةً، أَوْ يُمِّمَ لِعُذْرٍ فَرْضُ كِفَايَةٍ وَيَنْتَقِلُ إلَى ثَوَابِ فَرْضِ عَيْنٍ، مَعَ جَنَابَةِ أَوْ حَيْضٍ وَيَسْقُطَانِ بِهِ سِوَى شَهِيدِ مَعْرَكَةٍ

قوله: (مات فجأة) أي: بسبب صعقة، أو هدم، أو خوف من حرب، أو سبع، أو ترد من جبل، أو غير ذلك. "إقناع". قوله:(كانفصال كفيه) أي: انخلاعهما عن ذراعيه؛ بأن تسترخي عصبة اليد، فتبقى كأنها منفصلة في جلدتها عن عظم الزند. قوله:(والنظر إليه) يعني: ممن يباح له ذلك في حياته.

قوله: (وينتقل

الخ) أي: ثوابه.

ص: 388

وَمَقْتُولٍ ظُلْمًا وَلَوْ أُنْثَيَيْنِ أَوْ غَيْرَ مُكَلَّفَيْنِ فَيُكْرَهُ وَيُغَسَّلَانِ مَعَ وُجُوبِ غُسْلٍ عَلَيْهِمَا قَبْلَ مَوْتٍ بِجَنَابَةٍ أَوْ حَيْضٍ، أَوْ نِفَاسٍ، أَوْ إسْلَامٍ كَغَيْرِهِمَا وَشُرِطَ طَهُورِيَّةُ مَاءٍ وَإِبَاحَتُهُ وَإِسْلَامُ غَاسِلٍ غَيْرِ نَائِبٍ عَنْ مُسْلِمٍ نَوَاهُ وَلَوْ جُنُبًا أَوْ حَائِضًا وَعَقْلُهُ وَلَوْ مُمَيِّزًا وَالْأَفْضَلُ ثِقَةٌ

قوله: (ومقتول ظلماً .... الخ) حتى من قتله الكفار صبراً، بأن يوثق، حتى يقتل في غير حرب. قاله في "الإقناع". وأما من قتله، أي: المسلمون أو الكفار خطأ؛ فقال ابن تميم: يغسل رواية واحدة. ولعل المراد: خطأ القصد، لا خطأ الفعل. فلا يخالف ما ذكره الشيشيني من أنه: إذا قتل المسلم بسب العدو لم يغسل، وذلك كأن يريد المسلم ضرب الكافر، فينزاح الكافر، فتقع الضربة بمسلم. قوله:(فيكره) وفي "الإقناع": يحرم. قوله: (ويغسلان

الخ) يعني: وجوباً.

قوله: (أو حائضاً) يعني: بلا كراهة، كما في "الإقناع". وما تقدم إنما هو حال النزع. قوله:(ولو مميزاً) يعني: مع الكراهة. "إقناع".

ص: 389

عَارِفٌ بِأَحْكَامِ الْغُسْلِ وَالْأَوْلَى بِهِ وَصِيَّةُ الْعَدْلِ فأَبُوهُ وَإِنْ عَلَا ثُمَّ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ مِنْ عَصَبَتِهِ نَسَبًا ثُمَّ نِعْمَةً ثُمَّ ذَوُوا أَرْحَامِهِ كَمِيرَاثِ الْأَحْرَارِ فِي الْجَمِيعِ ثُمَّ الْأَجَانِبُ وب أُنْثَى وَصِيَّتُهَا فَأُمُّهَا وَإِنْ عَلَتْ فَبِنْتُهَا وَإِنْ نَزَلَتْ ثُمَّ الْقُرْبَى فَالْقُرْبَى كَمِيرَاثٍ وَعَمَّةٌ وَخَالَةٌ وَبِنْتُ أَخٍ وَأُخْتٍ سَوَاءٌ وَحُكْمُ تَقْدِيمِهِنَّ كَرِجَالٍ وَأَجْنَبِيٌّ وَأَجْنَبِيَّةٌ أَوْلَى مِنْ زَوْجٍ وَزَوْجَةٍ وَزَوْجٌ وَزَوْجَةٌ أَوْلَى مِنْ سَيِّدٍ وَأُمِّ وَلَدٍ

قوله: (والأولى

الخ) الظاهر: أن هذا لا يفيد منع غير الأولى من التغسيل، فلو غسله غير الأولى، بلا إذن الأولى؛ صح وإن كان خلاف الأولى، كما سيأتي تقريره في الصلاة عليه. قوله:(العدل) الظاهر: ولو ظاهراً.

قوله: (وصيتها) يعني: أو وصيها. قوله: (وعمة وخالة) يعني: سواء.

قوله: (وحكم تقديمهن

الخ) انظر هل أفاد غير ما أفاده قوله قبل: (ثم القربى فالقربى، كميراث

الخ)؟ . قوله: (كرجال) أي: فيقدم منهن من يقدم لو كانوا رجالاً. قوله: (وزوج وزوجة) أي: ولو قبل الدخول، أو وضعت عقب موته، أو كان الموت بعد طلاق رجعي، ما لم تتزوج من وضعت، ومحله إذا لم تكن ذمية، كما علم من قوله قبل:(وإسلام غاسل). فتأمل.

ص: 390

وَلِسَيِّدٍ غُسْلُ أَمَتِهِ وَأُمِّ وَلَدِهِ وَمُكَاتَبَتِهِ مُطْلَقًا وَلَهَا تَغْسِيلُهُ إنْ شَرَطَ وَطْأَهَا وَلَيْسَ لِآثِمٍ بِقَتْلٍ حَقٌّ فِي غُسْلِ مَقْتُولٍ وَلَا لِرَجُلٍ غُسْلُ ابْنَةِ سَبْعِ وَلَا امْرَأَةٍ غُسْلُ ابْنِ سَبْعِ وَلَهُمَا غُسْلُ مَنْ دُونَ ذَلِكَ وَإِنْ مَاتَ رَجُلٌ بَيْنَ نِسَاءٍ لَا يُبَاحُ لَهُنَّ غُسْلُهُ أَوْ عَكْسُهُ أَوْ خُنْثَى مُشْكِلٌ أَوْ خُنْثَى مُشْكِلٌ لَمْ تَحْضُرُهُ أُمة لَهُ يُمِّمَ

قوله: (مطلقاً) أي: سواء شرط وطأها أو لا. قوله: (إن شرط

الخ) يعني: في الكتابة.

قوله: (وليس لآثم

الخ) يعني: ولو أبا وابناً، وإلا لم يسقط حقه وإن لم يرث، خلافاً "للإقناع" حيث سوى بين العمد والخطأ. لكن ما في " الإقناع" منقول عن أبي المعالي، وما في "المنتهى" مأخوذ من مفهوم توجيه صاحب "الفروع" فليحرر. قوله:(ولا لرجل غسل ابنة سبع) يعني: ليست زوجته، ولا أمته. قوله:(ولا امرأة غسل بن سبع) يعني: كذلك.

قوله: (وإن مات رجل .. الخ) لكن لو ماتت امرأة مع رجال، فيهم صبي لا شهوة له؛ علموه الغسل، وباشره. نصاً، وكذا رجل يموت مع نسوة فيهن صغيرة تطيق الغسل، قال المجد: لا أعلم فيه خلافاً. فعليه: لو كان مع الخنثى صغير أو صغيرة؛ فكذلك.

ص: 391

وَحَرُمَ بدون حَائِلٍ عَلَى غَيْرِ مَحْرَمٍ وَرَجُلٌ أَوْلَى بِخُنْثَى وَتُسَنُّ بُدَاءَةُ بمَنْ يَخَافُ عَلَيْهِ ثُمَّ بِأَبٍ ثُمَّ بِأَقْرَبَ، ثُمَّ أَفْضَلَ ; ثُمَّ أَسَنَّ، ثُمَّ قُرْعَةٌ وَلَا يُغَسِّلُ مُسْلِمٌ كَافِرًا وَلَا يُكَفِّنُهُ وَلَا يُصَلِّي عَلَيْهِ وَلَا يَتْبَعُ جِنَازَتَهُ بَلْ يُوَارَى وَكَذَا كُلُّ صَاحِبِ بِدْعَةٍ مُكَفِّرَةٍ وَإِذَا أَخَذَ فِي غُسْلِهِ سَتَرَ عَوْرَتَهُ وُجُوبًا وَسُنَّ لَهُ تَجْرِيدُهُ إلَّا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وسَتْرُهُ عَنْ الْعُيُونِ تَحْتَ سِتْرٍ وَكُرِهَ حُضُورُ غَيْرِ مُعَيَّنٍ فِي غُسْلِهِ، وتَغْطِيَةُ وَجْهِهِ ثُمَّ يَرْفَعُ رَأْسَ غَيْرِ حَامِلٍ إلَى قُرْبِ جُلُوسِهِ وَيَعْصِرُ بَطْنَهُ بِرِفْقٍ

قوله: (وحرم بدون حائل) أي: حرم أن ييمم أحد الثلاثة. قوله: (بداءة) البداءة بالكسرة والمد، والضم لغة، اسم من الابتداء، أي: التقديم، والبداءة كتمرة، بمعناه، كما في "المصباح". قوله:(ثم بأب) يعني: للغاسل.

قوله: (ستر عورته وجوباً) وهي على ما تقدم توضيحه، كما في "الإنصاف": ما بين السرة والركبة؛ فيمن له سبع، على ما في "المبدع".

قوله: (تحت ستر) كخيمة، وبيت. قوله:(ويعصر بطنه) يعني: ليخرج

ص: 392

وَيَكُونُ ثَمَّ بَخُورٌ وَيُكْثِرُ صَبَّ الْمَاءِ حِينَئِذٍ ثُمَّ يَلُفُّ عَلَى يَدِهِ خِرْقَةً فَيُنَجِّيهِ بِهَا وَيَجِبُ غَسْلُ نَجَاسَةٍ بِهِ وأَنْ لَا يَمَسَّ عَوْرَةَ مَنْ بَلَغَ سَبْعَ سِنِينَ وَيُسَنُّ أَنْ لَا يَمَسَّ سَائِرَهُ إلَّا بِخِرْقَةٍ ثُمَّ يَنْوِي غُسْلَهُ وَيُسَمِّي وأَنْ يُدْخِلَ إبْهَامَهُ وَسَبَّابَتَهُ عَلَيْهِمَا خِرْقَةٌ مَبْلُولَةٌ بِمَاءٍ بَيْنَ شَفَتَيْهِ فَيَمْسَحُ أَسْنَانَهُ، وفِي مَنْخِرَيْهِ فَيُنَظِّفَهُمَا

المستعد للخروج، لئلا يخرج بعد الأخذ في الغسل. قوله:(ثم بخور) دفعاً للتأذي برائحة الخارج.

قوله: (ثم يلف على يده خرقة) الخرقة بكسر الخاء: قطعة من الثوب، جمعها خرق كسدرة، وسدر.

ثم على كلام المصنف، أن الغاسل يعد خرقتين، إحداهما للفرجين، والأخرى لبقية البدن، وعلى كلام "الإقناع" ثلاث، لكل فرج واحدة، والثالثة لبقية البدن.

قوله: (ويجب غسل نجاسة) ظاهره: ولو بالمخرج، فلا يجزيء فيها الاستجمار، وجوزه بعضهم قياساً.

قوله: (ويسمي) وتسقط سهواً. قوله: (وسن أن يدخل إبهامه

الخ)

يعني: بعد غسل كفي الميت ثلاثاً.

قوله: (في منخريه) بفتح وقد تكسر تبعاً لكسر الخاء، وفي لغة: منخور

ص: 393

ثُمَّ يُوَضِّئَهُ وَلَا يُدْخِلُ مَاءً فِي فَمِهِ، وَلَا أَنْفِهِ ثُمَّ يَضْرِبُ سِدْرًا وَنَحْوَهُ فَيُغَسِّلُ بِرَغْوَتِهِ رَأْسَهُ وَلِحْيَتَهُ فَقَطْ ثُمَّ يُغَسَّلَ شِقُّهُ الْأَيْمَنُ ثُمَّ الْأَيْسَرُ ثُمَّ يُفِيضُ الْمَاءَ عَلَى جَمِيعِ بَدَنِهِ وَيُثَلِّثُ ذَلِكَ

بضم الميم والخاء.

قوله: (ثم يوضئه) يعني: ندباً. قوله: (ثم يغسل شقه الأيمن) فيغسل صفحة عنقه اليمنى، ثم كتفه، ويده إلى رجله اليمنى، ثم يقلبه على شقه الأيشر، ويغسل بقية شقه الأيمن، ثم الأيسر كذلك. فتدبر.

قوله: (ثم يفيض الماء

الخ) اعلم أن للأصحاب طريقتين:

إحداهما، وهي طريقة ابن حامدٍ: أنه لا بد أن يكون السدر الذي يوضع في الماء يسيراً، ليبقى الماء على طهوريته مع العمل بالخبر في ذلك.

قال: وهذا الذي وجدت عليه أصحابنا.

الثانية، وهي طريقة القاضي، وأبي الخطاب: أن السدر يغسل به أولاً جميع بدن الميت مع الماء، ثم يغسل الميت بالماء القراح، ويكون ذلك كله غسلة واحدة، والاعتداد إنما هو بالماء القراح، ويفعل ذلك ثلاثاً، وهذه الطريقة هي التي جرى عليها المصنف، وصاحب "الإقناع" رحمهما الله تعالى.

ص: 394

إلَّا الْوُضُوءَ يُمِرُّ فِي كُلِّ مَرَّةٍ يَدَهُ عَلَى بَطْنِهِ فَإِنْ لَمْ يَنْقَ بِثَلَاثِ زَادَ حَتَّى يَنْقَى، وَلَوْ جَاوَزَ السَّبْعَ.

قوله: (إلا الوضوء) اعلم: أن محل كون الوضوء في الغسلة الأولى فقط إذا لم يخرج منه شيء، وإلا فيعيد الوضوء ندباً، أو وجوباً. والثاني ظاهر كلام المصنف في "شرحه" تبعاً "للمبدع". والظاهر أن وجهه: أن إعادة هذا الوضوء للنجاسة الخارجة لا للموت، فلا يرد أن الموت يوجب الغسل دون الوضوء، ولهذا رأيت بخط والد المصنف أنه يعايا بها، فيقال: حدث أصغر أوجب غسلاً؟ ! وأبطل غسلاً. انتهى. فسماه: حدثاً أصغر. ومعنى قوله: أبطل غسلا، وأوجب غسلا: أنه إذا خرج منه شيء قبل السبع بطل غسله السابق، ووجب غسله إلى سبع. يعني: مع وجوب إعادة الوضوء، كما صرح بمعناه في "الإقناع"، وإن لم يصرح بوجوب الوضوء. فتدبر. قوله:(فإن لم ينق) يعني: من الوسخ. قوله: (زاد) أي: استحباباً حيث لم يخرج منه شيء وإلا وجب غسله إلى سبع سواء خرج من السبيلين، أو غيرهما، ويوضأ وجوباً إذا خرج منه شيء بعد الثلاث، كما في "شرحه" تبعاً "للمبدع". ووجهه أن الوضوء هنا واجب للخارج لا للموت، والحاصل: أنه إن خرج شيء قبل السبع أعيد الغسل والوضوء وجوباً، وبعد السبع يعاد الوضوء وجوباً، والظاهر: أنه لو كان محدثاً قبل موته، وجب وضوؤه.

ص: 395

وَكُرِهَ اقْتِصَارٌ فِي غُسْلِ عَلَى مَرَّةٍ إنْ لَمْ يَخْرُجْ شَيْءٌ وَلَا يَجِبُ الْفِعْلُ فَلَوْ تُرِكَ تَحْتَ مِيزَابٍ وَنَحْوِهِ وَحَضَرَ مَنْ يَصْلُحُ لِغُسْلِهِ وَنَوَى وَمَضَى زَمَنٌ يُمْكِنُ غُسْلُهُ فِيهِ كَفَى وَسُنَّ قَطْعُ عَلَى وِتْرٍ وجَعْلُ كَافُورٍ وَسِدْرٍ فِي الْغَسْلَةِ الْأَخِيرَةِ وخِضَابُ شَعْرِهِ بِحِنَّاءٍ وَقَصِّ شَارِبِ غَيْرِ مُحْرِمٍ وَتَقْلِيمِ أَظَافِرَ إنْ طَالَا

قوله: (إن لم يخرج شيء) فإن خرج حرم، قوله:(ولا يجب الفعل) أي: المباشرة. قوله: (ونحوه) أي: مما ينصب منه الماء. قوله: (من يصلح) هو المسلم المميز. قوله: (ونوى) أي: وسمى. قوله: (كفى) وهذا يرد ما سبق فيما إذا ماتت امرأة بين رجال، وعكسه. قاله في "شرح الإقناع". ويمكن أن يقال: إن كلامهم المتقدم مقيد بهذا، وأن محل ذلك إذا لم تتأت هذه الصورة.

قوله: (وجعل كافور

الخ) إن لم يكن محرماً. قوله: (وخضاب شعره) أي: الميت؛ أي: رأس المرأة، ولحية الرجل.

ص: 396

وَأَخْذُ شَعْرِ إبِطَيْهِ وَجَعْلُهُ مَعَهُ كَعُضْوٍ سَاقِطٍ وَحَرُمَ حَلْقُ رَأْسِ وأَخْذُ عَانَةٍ ك خَتْنٌ وَكُرِهَ مَاءٌ حَارٌّ وخِلَالٌ وأُشْنَانٌ إنْ لَمْ يَحْتَجْ إلَيْه وتَسْرِيحُ شَعْرِهِ وَيُسَنُّ أَنْ يُضَفَّرَ شَعْرُ أُنْثَى ثَلَاثَ قُرُونٍ وَسَدْلُهُ وَرَاءَهَا وتَنْشِيفُ ثُمَّ إنْ خَرَجَ شَيْءٌ بَعْدَ سَبْعِ حَشَا بِقُطْنٍ فَإِنْ لَمْ يَسْتَمْسِكْ فبِطِينٍ حُرٍّ ثُمَّ يَغْسِلُ الْمَحَلَّ وَيُوَضَّأُ

قوله: (كختن) ولو في حال وجوبه على الميت قبل موته؛ لزوال المقصود منه. قوله: (وكره ماء حار) وبارد يؤذيه.

قوله: (ثم إن خرج شيء) ولو من غير سبيل. قوله: (حشي بقطن) لأنه أمكن. قوله: (حر) أي: خالص. قوله: (ثم يغسل المحل) أي: المتنجس وجوباً.

قوله: (ويوضأ) أي: وجوباً إن قلنا بوجوبه.

ص: 397

وَإِنْ خَرَجَ بَعْدَ تَكْفِينِهِ لَمْ يُعَدْ الْغُسْلُ وَلَا بَأْسَ بِغُسْلِهِ فِي حَمَّامٍ لَا بِمُخَاطَبَةِ غَاسِلٍ لَهُ حَالَ غُسْلِهِ: بِانْقَلِبْ يَرْحَمْكَ اللَّهُ وَنَحْوِهِ وَمُحْرِمٌ مَيِّتٌ ك حَيٍّ يُغَسَّلُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ وَلَا يَقْرَبُ طِيبًا وَلَا يَلْبَسُ ذَكَرٌ الْمَخِيطَ وَلَا يُغَطَّى رَأْسُهُ وَلَا وَجْهُ أُنْثَى وَلَا تُمْنَعُ مُعْتَدَّةٌ مِنْ طِيبٍ وَتُزَالُ اللَّصُوقُ لِلْغُسْلِ الْوَاجِبِ

قوله: (وإن خرج بعد تكفينه

الخ) يعني: أنه إن خرج من الميت شيء بعد وضعه في أكفانه ولفها عليه؛ حمل، ولم يعد غسل، ولا وضوء سواء كان ذلك بعد السابعة أو قبلها، قليلا كان الخارج أو كثيراً. وإن وضع على الكفن ولم يلف، ثم خرج منه شيء؛ أعيد غسله. قاله ابن تميم.

قوله: (كحي) فيما يمنع منه. قوله: (ولا يغطى رأسه) ولا يفدي من فعل ذلك به، كما في "الإقناع". قوله:(ولا تمنع معتدة من طيب) لسقوط الإحداد بموتها. قوله: (وتزال اللصوق) بفتح اللام، ما يلصق على الجرح من الدواء، ثم أطلق على الخرقة ونحوها إذا شدت على العضو المداوي.

قاله الحجاوي في "الحاشية" نقله عنه في "شرح الإقناع".

ص: 398

وَإِنْ سَقَطَ مِنْهُ شَيْءٌ بَقِيَتْ وَمُسِحَ عَلَيْهَا وَيُزَالُ خَاتَمٌ وَنَحْوُهُ لَوْ بِبُرْدَةٍ لَا أَنْفٌ مِنْ ذَهَبٍ وَيُحَطُّ ثَمَنُهُ إنْ لَمْ يُؤْخَذْ مِنْ تَرِكَةِ فَإِنْ عُدِمَتْ أُخِذَ إذَا بَلِيَ الْمَيِّتُ وَيَجِبُ بَقَاءُ دَمِ شَهِيدٍ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يُخَالِطَهُ نَجَاسَةٌ فَيُغْسَلَ ودَفْنُهُ فِي ثِيَابِهِ الَّتِي قُتِلَ فِيهَا بَعْدَ نَزْعٍ لِأَمَةِ حَرْبٍ وَنَحْوِ فَرْوٍ وَخُفٍّ وَإِنْ سَقَطَ مِنْ شَاهِقٍ أَوْ دَابَّةٍ لَا بِفِعْلِ الْعَدُوِّ، أَوْ مَاتَ بِرَفْسَةٍ أَوْ

قوله: (وإن سقط منه شيء) كعضو لو أزيلت. قوله: (ومسح عليها) أي: إن وضعت على طهارة. قوله: (ونحوه) كسوار. قوله: (لا أنف) وهل مثله السن؟ الظاهر: لا؛ لعدم التشويه، إلا إن خيف مثلة.

قوله: (ودفنه في ثيابه) قال في "الإقناع" تبعاً لغيره: وظاهره: ولو كانت حريراً. قال في "المبدع": ولعله غير مراد. انتهى. فتأمل. ولا تحرم الزيادة على ثيابه، كما يفهم من كلامه في "شرحه". قوله:(لا بفعل العدو) أي: أو سببه، كما لو أراد المسلم ضرب الكافر؛ فينزاح عنه وتقع الضربة بالمسلم، أو يطرد الكافر دابة المسلم طرداً عنيفاً؛ فيسقط، كما يؤخذ

ص: 399

حَتْفَ أَنْفِهِ أَوْ وُجِدَ مَيِّتًا وَلَا أَثَرَ بِهِ أَوْ عَادَ سَهْمُهُ عَلَيْهِ أَوْ حُمِلَ فَأَكَلَ أَوْ شَرِبَ أَوْ نَامَ أَوْ بَالَ أَوْ تَكَلَّمَ أَوْ عَطَسَ أَوْ طَالَ بَقَاؤُهُ عُرْفًا فَكَغَيْرِهِ.

من شرح "المحرر" للشيشيني، ويشير إليه قول الشارح عند قول المصنف:(إو عاد سهمه عليه)؛ لأنه لم يمت بفعل العدو مباشرة، ولا سبباً. انتهى.

وقوله: كما لو أراد المسلم ضرب الكافر .... الخ: هذه الصورة من خطأ الفعل، لا من خطأ القصد، فلا يخالف ما تقدم عن ابن تميم، الذي ينبغي حمل كلامه عليه.

قوله: (حتف أنفه) الحتف: الهلاك، والمراد بموته حتف أنفه، الموت على فراشه، كأنه سقط لأنفه فمات؛ وذلك لأنهم كانوا يتخيلون أن روح المريض تخرج من أنفه، فإن جرح؛ خرجت من جراحته.

قوله: (أو عاد سهمه) أو سيفه. قوله: (فأكل

الخ) قيد في الأخير فقط، وما قبله كغيره تكلم، أو شرب، أو نام، ونحوه، أو لا. من تقرير منصور البهوتي. قال ابن نصر الله رحمه الله: وظاهره: لا بد أن تكون هذه الأمور بعد حمله، فأما لو كانت قبل حمله في المعركة، مثل إن أكل، أو شرب بعد جرحه، وهو في المعركة، ثم مات فيها؛ فالظاهر: أن حكمه حكم شهيد المعركة، فلا يغسل، إلا أن يطول مكثه فيها، فيحتمل أن يغسل، كما نقل عن أحمد فيمن أقام فيها يوماً إلى الليل. انتهى.

ص: 400

وَسِقْطٌ لِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ كَمَوْلُودٍ حَيًّا وَيَحْرُمُ سُوءُ الظَّنِّ بِمُسْلِمٍ ظَاهِرِ الْعَدَالَةِ وَيُسْتَحَبُّ ظَنُّ الْخَيْرِ بِمُسْلِمٍ وَيَجِبُ عَلَى طَبِيبٍ وَنَحْوِهِ أَنْ لَا يُحَدِّثَ بِعَيْبٍ وعَلَى غَاسِلٍ سَتْرُ شَرٍّ لَا إظْهَارُ خَيْرِ.

قوله: (لأربعة أشهر

الخ) لا مفهوم لقول "الإقناع": لأكثر من أربعة؛ لئلا يخالف ما هنا.

قوله: (ظاهر العدالة) علم منه: أنه لا حرج بظن السوء بمن ظاهره الفسق، وحديث أبي هريرة مرفوعاً:"إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث". محمول على ما لم تعضده قرينة تدل على صدقه، وحديث:"احترسوا من الناس بسوء الظن". المراد به: الاحتراس بحفظ المال، كغلق باب خوف سارق، هذا معنى كلام القاضي، كما نقله في "شرح الإقناع". قوله:(ونحوه) كجرائحي.

ص: 401

فصل

وَتَكْفِينُهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ وَيَجِبُ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وحَقِّهِ ثَوْبٌ لَا يَصِفُ الْبَشَرَةَ يَسْتُرُ جَمِيعَهُ مِنْ مَلْبُوسِ مِثْلِهِ مَا لَمْ يُوصِ بِدُونِهِ وَيُكْرَهُ أَعْلَى ومُؤْنَةُ تَجْهِيزِهِ بِمَعْرُوفٍ وَلَا بَأْسَ بِمِسْكٍ فِيهِ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ مُقَدَّمًا حَتَّى عَلَى دَيْنٍ بِرَهْنٍ وَأَرْشِ جِنَايَةٍ وَنَحْوِهِمَا.

قوله: (فرض كفاية) أي: على عالم به. قوله: (لحق الله تعالى) أي: فلا يسقط لو أوصى أن لا يكفن؛ لما فيه من حق الله عز وجل. قوله: (يستر جميعه) ما لم يكن محرماً. قوله: (مثله) أي: في الجمع والأعياد، كما في "الإقناع". قوله:(ويكره بأعلى) فلو أوصى أن يكفن في أثواب لا تليق به؛ لم تصح الوصية؛ لأنها بمكروه. "كشاف القناع". قوله: (ومؤنة تجهيز) من أجرة غاسل، ونحوه. قوله:(بمعروف) أي: بقدر العرف والحاجة، فمن أخرج فوق العادة لطيب وحوائج، ونحو حمالين، فمتبرع، فإن كان من التركة؛ فالزائد من نصيبه إن كان وارثاً، وإلا ضمنه، وكذا ما يعطى لمن يرفع صوته مع الجنازة بالذكر ونحوه، وما يصرف في طعام ونحوه ليالي جمع، وما يصنع في أيامها من البدع المستحدثة. قوله:(من رأس ماله) متعلق بـ (يجب) قوله: (وأرش جناية) ولو متعلقة برقبة الجاني.

ص: 402

فَإِنْ عُدِمَ فَمِمَّنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ إلَّا الزَّوْجَ ثُمَّ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، إنْ كَانَ الْمَيِّتُ مُسْلِمًا ثُمَّ عَلَى مُسْلِمٍ عَالِمٍ بِهِ وَإِنْ تَبَرَّعَ بِهِ بَعْضُ الْوَرَثَةِ لَمْ يَلْزَمْ بَقِيَّتَهُمْ قَبُولُهُ لَكِنْ لَيْسَ لَهُمْ سَلْبُهُ مِنْهُ بَعْدَ دَفْنِهِ وَمَنْ نُبِشَ وَسُرِقَ كَفَنُهُ، كُفِّنَ مِنْ تَرِكَتِهِ ثَانِيًا وَثَالِثًا وَلَوْ قُسِمَتْ قَبْلَ تَكْفِينِهِ الْأَوَّلِ مَا لَمْ تُصْرَفْ فِي دَيْنٍ أَوْ وَصِيَّةٍ وَإِنْ أَكَلَهُ سَبُعٌ وَنَحْوَهُ وَبَقِيَ كَفَنُهُ فَمَا مِنْ مَالِهِ فَتَرِكَةٌ وَمَا تُبُرِّعَ بِهِ فلِلْمُتَبَرِّعِ وَمَا فَضَلَ مِمَّا جُبِيَ فلِرَبِّهِ فَإِنْ جَهِلَ فَفِي كَفَنٍ آخَرَ فَإِنْ تَعَذَّرَ تَصَدَّقَ بِهِ وَلَا يُجْبَى كَفَنٌ لِعَدَمٍ إنْ سُتِرَ بِحَشِيشٍ وَيُسَنُّ تَكْفِينُ رَجُلٍ فِي ثَلَاثِ لَفَائِفَ بِيضٍ مِنْ قُطْنٍ وَكُرِهَ فِي أَكْثَرَ وتَعْمِيمُهُ تُبْسَطُ عَلَى بَعْضِهَا وَاحِدَةً فَوْقَ أُخْرَى بَعْدَ تَبْخِيرِهَا وَتُجْعَلُ الظَّاهِرَةُ أَحْسَنَهَا،

قوله: (بعض الورثة) كأجنبي. قوله: (من تركته) يعني: لا من غيرها، إلا أن يتبرع. قوله:(أو وصية) أي: فلا يلزمهم، ثم إن تبرع به أحد، وإلا ترك بحاله. قوله:(ونحوه) كما لو أخذه سيل.

قوله: (مما جبي) أي: جمع، وبابه: ضرب. قوله: (فإن جهل) أي: ربه، وكذا لو اختلط ما جبي، ولم يتميز ما لكل واحد. قوله:(وتجعل الظاهرة) وهي السفلى.

ص: 403

وَالْحَنُوطُ، وَهُوَ أَخْلَاطٌ مِنْ طِيبٍ فِيمَا بَيْنَهَا ثُمَّ يُوضَعُ عَلَيْهَا مُسْتَلْقِيًا وَيُحَطُّ مِنْ قُطْنٍ مُحَنَّطٍ بَيْنَ أَلْيَتَيْهِ وَتُشَدُّ فَوْقَهُ خِرْقَةٌ مَشْقُوقَةُ الطَّرَفِ، كَالتُّبَّانِ تَجْمَعُ أَلْيَتَيْهِ وَمَثَانَتَهُ وَيُجْعَلُ الْبَاقِي عَلَى مَنَافِذِ وَجْهِهِ ومَوَاضِعِ سُجُودِهِ وَإِنْ طُيِّبَ كُلُّهُ فَحَسَنٌ وَكُرِهَ دَاخِلُ عَيْنَيْهِ ك يُكْرَهُ بِوَرْسٍ وَزَعْفَرَانٍ وطَلْيُهُ بِمَا يُمْسِكُهُ، كَصَبِرٍ مَا لَمْ يُنْقَلْ ثُمَّ يُرَدُّ طَرَفُ الْعُلْيَا مِنْ الْجَانِبِ الْأَيْسَرِ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ ثُمَّ طَرَفُهَا الْأَيْمَنُ عَلَى الْأَيْسَرِ ثُمَّ الثَّانِيَةِ ثُمَّ الثَّالِثَةَ كَذَلِكَ وَيَجْعَلُ أَكْثَرَ الْفَاضِلِ مِمَّا عِنْدَ رَأْسِهِ ثُمَّ يَعْقِدُهَا وَتُحَلُّ فِي الْقَبْرِ

قوله: (ويحط من قطن محنط) أي: فيه حنوط. قوله: (ومواضع سجوده) ومغابنه، ويطيب رأسه ولحيته. "إقناع". قوله:(ثم يعقدها) يعني: ما لم يكن محرماً، وبخطه على قوله:(ثم يعقدها) من باب ضرب. قوله: (وتحل في القبر) فهم منه: أنه لا يحل الإزار إذا كان هناك، وصرح به في "الإقناع". وبخطه على قوله:(وتحل في القبر) زاد أبو المعالي وغيره: ولو

ص: 404

وَكُرِهَ تَخْرِيقُهَا لَا تَكْفِينُهُ فِي قَمِيصٍ وَمِئْزَرٍ وَلِفَافَةٍ والْجَدِيدُ أَفْضَلُ وَكُرِهَ بِرَقِيقٍ يَحْكِي الْهَيْئَةَ ومِنْ شَعْرٍ وصُوفٍ ومُزَعْفَرٌ وَمُعَصْفَرٌ وَحَرُمَ بِجِلْدٍ وَجَازَ فِي حَرِيرٍ وَمُذَهَّبٍ لِضَرُورَةٍ وَمَتَى لَمْ يُوجَدْ مَا يَسْتُرُ جَمِيعَهُ سُتِرَ عَوْرَتُهُ ثُمَّ رَأْسُهُ وَجُعِلَ عَلَى بَاقِيهِ حَشِيشٌ أَوْ وَرَقٌ

نسي بعد تسوية التراب قريباً؛ لأنه سنة. "إقناع".

قوله: (والجديد أفضل) من العتيق، ما لم يوص بغيره، ولا بأس باستعداد كفن لحل أو عبادة فيه، قيل للإمام أحمد: يصلي فيه، أو يحرم فيه، ثم يغسله ويضعه لكفنه، فرآه حسناً. قوله:(يحكي الهيئة) أي: تقاطيع البدن، وأعضاءه، وأما الذي يحكي اللون من سواد البشرة وبياضها، فلا يجزيء.

قوله: (ومن شعر وصوف) لأنه خلاف فعل السلف. قوله: (ومعصفر) ولو لامرأة؛ لأنه لا يليق بالحال. قوله: (وحرم بجلد) يعني: ولو لضرورة.

قوله: (لضرورة) أي: لم يجد ما يستره غير ذلك ولو بحشيش.

وعلم منه أنه إذا لم تكن ضرورة حرم تكفين بحرير ومذهب، وكذا مفضض ولو لامرأة، ويكون عند الضرورة ثوباً واحداً.

قوله: (أو ورق) فإن لم يجد إلا ثوباً واحداً، ووجد جماعة من الأموات

ص: 405

وسن تَغْطِيَةُ نَعْشٍ وَكُرِهَ بِغَيْرِ أَبْيَضَ وَيُسَنُّ لِأُنْثَى وَخُنْثَى خَمْسَةُ أَثْوَابٍ بِيضٍ مِنْ قُطْنٍ إزَارٌ وَخِمَارٌ وَقَمِيصٌ وَلِفَافَتَانِ ولِصَبِيٍّ ثَوْبٌ وَيُبَاحُ فِي ثَلَاثَةٍ مَا لَمْ يَرِثْهُ غَيْرُ مُكَلَّفٍ ولِصَغِيرَةٍ قَمِيصٌ وَلِفَافَتَانِ فصل

وَالصَّلَاةُ عَلَى مَنْ قُ بِغُسْلِهِ فَرْضُ كِفَايَةٍ وَتَسْقُطُ بمُكَلَّفٍ وَتُسَنُّ إلَّا عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. وَأَنْ لَا تَنْقُصَ الصُّفُوفُ عَنْ ثَلَاثَةٍ.

جمع فيه ما يمكن جمعه. "إقناع" وقال ابن تميم: قال شيخنا: يقسم بينهم ويستر عورة كل واحد. ولا يجمعون فيه. انتهى. ولو قيل: حيث جاز دفن اثنين فأكثر فالجمع، وإلا فستر عورة كل، لكان حسناً.

قوله: (وكره بغير أبيض) وحرم بحرير ونحوه. قوله: (لأنثى) يعني: بالغة. قوله: (وخنثى) أي: كذلك. قوله: (ولصبي) أي: يسن، وهو الواجب أيضاً.

قوله: (فرض كفاية) أي: على عالم به، قوله:(وتسقط بمكلف) ولو أنثى أو عبد. قوله: (إلا على النبي صلى الله عليه وسلم احتراماً له، وروي أنه أوصى بذلك.

ص: 406

وَالْأَوْلَى بِهَا وَصِيَّةُ الْعَدْلِ وَتَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِهَا لَاثْنَيْنِ فَسَيِّدٌ بِرَقِيقِهِ فَالسُّلْطَانُ فَنَائِبُهُ الْأَمِيرُ فالْحَاكِمُ فَالْأَوْلَى بِغُسْلِ رَجُلٍ

قوله: (والأولى بها وصيه العدل) أي: بالصلاة المفروضة، ولو تقدم غير الأولى؛ صح كما يعلم مما يأتي، وسقط التقديم بعد، حتى ولو سقط الفرض بمكلف، ولا تصح الوصية بتعيين مأموم، والفذ هنا كغيرها، ولعل التكبيرة هنا كالركعة من ذات الركوع والسجود، كما يؤخذ من توجيههم لفعل عمر رضي الله عنه حين استشار الناس، فقال بعضهم كبر النبي صلى الله عليه وسلم سبعاً، وقال بعضهم: أربعاً، فجمع الناس عمر رضي الله عنه على أربع تكبيرات وقال: هو أطول الصلاة، قال العلماء: يعني أن كل تكبيرة على الجنازة مقام ركعة من الصلاة ذات الركوع، وأطول المكتوبات أربع ركعات. قوله:(فنائبه الأمير، فالحاكم) انظر مالفرق بين ما هنا، وما في النكاح من تقديم الحاكم على الأمير، وقد قال القاضي في تلك: القاضي أحب إلي من الأمير، وأجاب الشيخ منصور البهوتي: بأن ما هناك بمنزلة الحكم، والأمير لا دخل له فيه، وما هنا منظور فيه إلى القوة والبأس؛ لقوله عليه السلام:"لا يؤمن الرجل في سلطانه". والأمير أقوى سلطنة من الحاكم. محمد الخلوتي. قوله: (فالأولى بغسل رجل) أي: ولو كان الميت امرأة.

ص: 407

فَزَوْجٌ بَعْدَ ذَوِي الْأَرْحَامِ ثُمَّ مَعَ تَسَاوٍ الْأَوْلَى بِإِمَامَةٍ ثُمَّ يُقْرَعُ وَمَنْ قَدَّمَهُ وَلِيٌّ لَا وَصِيٌّ بِمَنْزِلَتِهِ وَتُبَاحُ فِي مَسْجِدٍ إنْ أُمِنَ تَلَوُّثُهُ وَيُسَنُّ قِيَامُ إمَامٍ، ومُنْفَرِدٍ عِنْدَ صَدْرِ رَجُلٍ وَوَسَطِ امْرَأَةٍ وبَيْنَ ذَلِكَ مِنْ خُنْثَى وأَنْ يَلِيَ إمَامٌمِنْ كُلِّ نَوْعٍ أَفْضَلَ فَأَسَنَّ فَأَسْبَقَ ثُمَّ يُقْرَعْ وَجَمْعُهُمْ بِصَلَاةٍ أَفَضْلُ فَيُقَدَّمُ مِنْ أَوْلِيَائِهِمْ أَوْلَاهُمْ بِإِمَامَةٍ ثُمَّ يُقْرَعُ وَلِوَلِيِّ كُلٍّ أَنْ يَنْفَرِدَ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَيُجْعَلُ وَسَطُ أُنْثَى حِذَاءَ صَدْرِ رَجُلٍ وَخُنْثَى

قوله: (لا وصي بمنزلته) أي: لم يجعل له ذلك، ذكره المصنف في الموصى إليه بالدين. تاج الدين البهوتي. قوله:(إن أمن تلويثه) وإلا حرم. قوله: (عند صدر رجل) فإن خالف هذا الموقف، فإن كان مع بقاء المحاذاة وعكس ما ذكر؛ كان خلاف الأولى، وإن كان بحيث لم يتحقق المحاذاة؛ كان مكروهاً، نص على الثانية في "الإقناع" نقلا عن "الرعاية"، وببعض الهوامش في الثانية ما لم يفحش الانحراف بحيث إذا رآه الرائي لا يفهم أنه يصلي على الميت، فإن الصلاة لا تصح بالكلية.

انتهى. وهو حسن. شيخنا خلوتي. قوله: (رجل) لعل المراد به: ما يشمل البالغ وغيره، وبالمرأة كذلك. قال في "المبدع": وهو ظاهر "الوجيز". قوله: (وأن يلي إمام) بالرفع فاعل (يلي). وقوله: (من كل نوع) متعلق بـ (يلي)، وقوله:(أفضل) مفعول يلي، ووجهه: أن ما يكون بين يدي الإمام هو الأفضل إلى أن يكون ما يلي القبلة هو الأدنى، عكس ترتيب

ص: 408

بَيْنَهُمَا وَيُسَوَّى بَيْنَ رُءُوسِ كُلِّ نَوْعٍ ثُمَّ يُكَبِّرُ أَرْبَعًا يُحْرِمُ بالْأُولَى وَيَتَعَوَّذُ وَيُسَمِّي وَيَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ وَلَا يَسْتَفْتِحُ وَفِي الثَّانِيَةِ يُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ك فِي تَشَهُّدٍ وَيَدْعُو فِي الثَّالِثَةِ بِأَحْسَنَ مَا يَحْضُرُهُ وَيُسَنُّ الدُّعَاءُ بِمَا وَرَدَ وَمِنْهُ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِحَيِّنَا وَمَيِّتِنَا وَشَاهِدِنَا وَغَائِبِنَا وَصَغِيرِنَا وَكَبِيرِنَا وَذَكَرِنَا وَأُنْثَانَا إنَّك تَعْلَمُ مُنْقَلَبَنَا وَمَثْوَانَا وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ

المأمومين خلف الإمام؛ لأنه قال صلى الله عليه وسلم: "ليلني منكم أولو الأحلام والنهي" يعني: في حق المأمومين، ولو نصب المصنف (إماماً) ورفع (الأفضل)؛ لكان مطابقاً له معنى فقط، وهذا القدر كاف. فتأمل. وعبارة "الإقناع": ويقدم إلى الإمام من كل نوع أفضلهم. وهي واضحة.

قوله: (بين رؤوس) أي: أفراد كل نوع.

قوله: (كفي تشهد) لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل: كيف نصلي عليك؟ علمهم ذلك.

ص: 409

اللَّهُمَّ مَنْ أَحْيَيْتَهُ مِنَّا فَأَحْيِهِ عَلَى الْإِسْلَامِ وَالسُّنَّةِ، وَمَنْ تَوَفَّيْتَهُ مِنَّا فَتَوَفَّهُ عَلَيْهِمَا اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ وَارْحَمْهُ، وَعَافِهِ وَاعْفُ عَنْهُ وَأَكْرِمْ نُزُلَهُ وَأَوْسِعْ مَدْخَلَهُ وَاغْسِلْهُ بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ وَنَقِّهِ مِنْ

قوله: (على الإسلام والسنة) قال المصنف تبعاً "للمبدع" رواه أحمد، والترمذي، وابن ماجه، من حديث أبي هريرة. انتهى. وفي "الإقناع":"اللهم من أحييته منا؛ فأحيه على الإسلام، ومن توفيته منا؛ فتوفه على الإيمان". قال في "شرحه" هكذا في "الفروع"، وهو لفظ حديث أبي هريرة. انتهى. ويؤخذ توجيه الأخير مما أفاده ابن نصر الله حيث قال: الإسلام هو العبادات كلها، والإيمان، الذي هو التصديق، شرط فيها، ووجودها في حال الحياة ممكن، بخلاف حالة الموت، فإن وجودها متعذر؛ فلهذا اكتفى بالموت على الإيمان خاصة، وطلب الحياة على الإسلام الذي الإيمان جزء منه.

قوله: (اللهم اغفر له) أي: للميت، ذكرا كان أو غيره، فلا تعتبر معرفته، لكن الأولى ذلك، مع تسميته في دعائه، ولا بأس بالإشارة إليه حال الدعاء، ولو نوى الصلاة على هذا الرجل؛ فبان امرأة، أو بالعكس فالقياس الإجزاء؛ لقوة التعيين. قاله في "شرحه".

ص: 410

الذُّنُوبِ وَالْخَطَايَا كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الْأَبْيَضُ مِنْ الدَّنَسِ، وَأَبْدِلْهُ دَارًا خَيْرًا مِنْ دَارِهِ. وَزَوْجًا خَيْرًا مِنْ زَوْجِهِ وَأَدْخِلْهُ الْجَنَّةَ، وَأَعِذْهُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَمِنْ عَذَابِ النَّارِ وَأَفْسِحْ لَهُ قَبْرَهُ وَنَوِّرْ لَهُ فِيهِ وَإِنْ كَانَ صَغِيرًا أَوْ بَلَغَ مَجْنُونًا وَاسْتَمَرَّ قَالَ اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ ذُخْرًا لِوَالِدَيْهِ وَفَرَطًا وَأَجْرًا وَشَفِيعًا مُجَابًا، اللَّهُمَّ ثَقِّلْ بِهِ مَوَازِينَهُمَا وَأَعْظِمْ بِهِ أُجُورَهُمَا وَأَلْحِقْهُ بِصَالِحِ الْمُؤْمِنِينَ وَاجْعَلْهُ فِي كَفَالَةِ إبْرَاهِيمَ وَقِه بِرَحْمَتِكَ عَذَابَ الْجَحِيمَ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ إسْلَامَ وَالِدَيْهِ دَعَا لِمَوَالِيهِ

قوله: (من زوجه) ينبغي أن لا يقال لمن لا زوجة له، كما يفهم من كلام ابن نصر الله. قال في "الإقناع": ولا يقول: أبدلها زوجاً خيراً من زوجها، في ظاهر كلامهم. قوله:(وفرطاً) أي: سابقاً مهيئا لمصالح أبويه في الآخرة. قوله: (دعا لمواليه) لعل المراد: حيث كان له موال يعلم إسلامهم، وأما ولد الزنا، فالظاهر: أنه يدعى لأمه فقط؛ لثبوت نسبه منها بخلاف

ص: 411

وَيُؤَنَّثُ الضَّمِيرُ عَلَى أُنْثَى وَيُشِيرُبِمَا يَصْلُحُ لَهُمَا عَلَى خُنْثَى وَيَقِفُ بَعْدَ رَابِعَةٍ قَلِيلًا وَلَا يَدْعُو وَيُسَلِّمُ وَاحِدَةً عَنْ يَمِينِهِ وَيَجُوزُ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ وثَانِيَةً وَسُنَّ وُقُوفُهُ حَتَّى تُرْفَعَ وَوَاجِبُهَا قِيَامُ فِي فَرْضِهَا وَتَكْبِيرَاتٌ فَإِنْ تَرَكَ غَيْرُ مَسْبُوقِ تَكْبِيرَةً عَمْدًا بَطَلَتْ وسَهْوًا يُكَبِّرُهَا مَا لَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ فَإِنْ طَالَ أَوْ

أبيه وإن كان كل منهما زانياً، والله أعلم.

قوله: (على خنثى) فيقول: اللهم اغفر لهذا الميت، أو لهذه الجنازة ونحو ذلك. قوله:(ولا يدعو) أي: بعد الرابعة حيث دعا بعد الثالثة، وإلا دعا كما يعلم من "الإقناع".

قوله: (وواجبها) أي: أركانها. قوله: (وتكبيرات) كان الأولى أن يقول: التكبيرات، أو يزيد لفظ: أربع، ثم اعلم: أنه سكت عن الترتيب، وصرح في "الإقناع": بأن الدعاء للميت لا يتعين في الثالثة، بل يجوز في الرابعة، وما عداه يتعين في محاله.

ص: 412

وُجِدَ مُنَافٍ اسْتَأْنَفَ وقِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ وَسُنَّ إسْرَارُهَا وَلَوْ صَلَّى لَيْلًا وَالصَّلَاةُ عَلَى الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم وأَدْنَى دُعَاءٍ لِلْمَيِّتِ وَالسَّلَامُ وَشُرِطَ لَهَا مَعَ مَا لِمَكْتُوبَةٍ، إلَّا الْوَقْتَ حُضُورُ الْمَيِّتِ بَيْنَ يَدَيْهِ لَا عَلَى غَائِبٍ مِنْ الْبَلَدِ، وَلَوْ أَنَّهُ دُونَ مَسَافَةِ قَصْرٍ أَوْ فِي غَيْرِ قِبْلَتِهِ وَعَلَى غَرِيقٍ وَنَحْوِهِ فَيُصَلَّى عَلَيْهِ إلَى شَهْرٍ بِالنِّيَّةِ وَإسْلَامُهُ وَتَطْهِيرُهُ

قوله: (وقراءة الفاتحة) يعني: على إمام ومنفرد. "إقناع". زاد في "شرحه": ويتحملها الإمام عن المأموم. قوله: (للميت)"أل" فيه للحضور؛ أي: الخارجي إن كان بين يدي المصلي، أو الذهني إن كان غائباً عن البلد بشرطه، وليست للجنس؛ لأنه لا يكفي الدعاء العام، بل لا بد من أدنى دعاء خاص بذلك الميت. محمد الخلوتي. قوله:(والسلام) أي: المطلوب المتقدم في صفتها، وهو التسليمة الأولى فقط، "فأل" للعهد.

قوله: (حضور الميت) حيث لم يدفن. قوله: (ونحوه) كأسير فيصلي عليهما إلى شهر، ويسقط شرط الحضور للحاجة، والغسل لتعذره، أشبه الحي إذا عجز عن الغسل والتيمم. قوله:(إلى شهر) أي: من موته. قوله: (وتطهيره) أي: وتكفينه.

ص: 413

وَلَوْ بِتُرَابٍ لِعُذْرٍ فَإِنْ تَعَذَّرَ وَصُلِّيَ عَلَيْهِ وَيُتَابَعُ إمَامٌ زَادَ عَلَى رَابِعَةٍ إلَى سَبْعِ مَا لَمْ تُظَنَّ بِدْعَتُهُ أَوْ رَفْضُهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يُسَبِّحَ بِهِ بَعْدَهَا وَلَا يَدْعُو فِي مُتَابَعَةٍ بَعْدَ الرَّابِعَةِ وَلَا تَبْطُلُ بِمُجَاوَزَةِ سَبْعِ وَحَرُمَ سَلَامٌ قَبْلَهُ وَيُخَيَّرُ مَسْبُوقٌ فِي قَضَاءِ وَسَلَامٍ مَعَهُ وَلَوْ كَبَّرَ فَجِيءَ أُخْرَى فَكَبَّرَ وَنَوَاهَا لَهُمَا وَقَدْ بَقِيَ مِنْ تَكْبِيرِهِ

قوله: (ما لم تظن بدعته) أما لو علم ذلك؛ لم تصح إمامته. قوله: (وينبغي أن يسبح به) ظاهره: أنه لا يجب. قوله: (ولا تبطل بمجاوزة سبع) أي: وتحرم. قوله: (وحرم سلام قبله) أي: قبل المجاوز، وهل تبطل؟ ظاهره: لا، قال الشيخ منصور البهوتي: وهو كذلك، وينبغي أن تقيد الحرمة بما إذا لم ينو المفارقة. محمد الخلوتي.

قوله: (وقد بقي

الخ) الجملة حال من فاعل (كبر)، لكن في الكلام حذف تقديره: وقد بقي من تكبيره السبع أربع وقت مجيء الثانية،

ص: 414

أَرْبَعٌ جَازَ فَخَامِسَةٍ وَيُصَلِّي سَادِسَةٍ وَيَدْعُو فِي سَابِعَةٍ وَيَقْضِي مَسْبُوقٌ عَلَى صِفَتِهَا فَإِنْ خَشِي رَفْعَهَا تَابَعَوَإِنْ سَلَّمَ وَلَمْ يَقْضِ صَحَّتْ وَيَجُوزُ دُخُولُهُ بَعْدَ الرَّابِعَةِ، وَيَقْضِي الثَّلَاثَ.

قبل تكبيره لهما، وذلك ما إذا كانت تلك التكبيرة التي نواها لهما رابعة فما دون. وبخطه على قوله:(وقد بقي من تكبيره أربع) فلو كبر على جنازة، ثم جيء بأخرى؛ كبر ثانية ونواهما، فإن جيء بثالثة؛ كبر الثالثة ونوى الجنائز الثلاث، فإن جيء برابعة؛ كبر الرابعة، ونوى الكل، فيصير مكبراً على الأول أربعاً، وعلى الثانية ثلاثا، وعلى الثالثة ثنتين، وعلى الرابعة واحدة، فيأتي بثلاث تكبيرات أخر، فيتم سبعا يقرأ في خامسة

الخ ما ذكر في المتن. قال في "الإقناع" بعد تقديمه لما ذكر: وفي "الكافي" يقرأ في الرابعة الفاتحة، ويصلي في الخامسة، ويدعو لهم في السادسة، انتهى.

قوله: (ويقضي مسبوق على صفتها) أي: فلو أدركه في الدعاء وكبر الأخيرة معه، فإذا سلم الإمام؛ كبر وقرأ الفاتحة، ثم كبر وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم سلم من غير تكبير؛ لأن الأربع قد تقدمت، وفي كلام "الإقناع" هنا نظر، ومتى أدرك الإمام في الأولى فكبر وشرع في القراءة، ثم كبر الإمام قبل أن يتمها، قطع القراءة وتابعه. قوله:(تابع) أي: أتى بالتكبير نسقاً. قوله: (ويقضي الثلاث) أي: استحباباً.

ص: 415

وَيُصَلِّي عَلَى مَنْ قُبِرَ مَنْ فَاتَتْهُ قَبْلَهُ إلَى شَهْرٍ مِنْ دَفْنِهِ وَلَا تَضُرُّ زِيَادَةٌ يَسِيرَةٌ وَتَحْرُمُ بَعْدَهَا وَيَكُونُ الْمَيِّتُ كَإِمَامٍ وَإِنْ وُجِدَ بَعْضُ مَيِّتٍ تَحْقِيقًا لَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ غَيْرُ شَعْرٍ وَسِنٍّ وَظُفُرٍ فكَكُلِّهِ وَيَنْوِي بِهَا ذَلِكَ الْبَعْضُ فَقَطْ وَكَذَا إنْ وُجِدَ الْبَاقِي،

قوله: (وتحرم) أي: ولا تصح. قوله: (بعدها) وإن شك في انقضاء المدة؛ صلى عليه حتى يعلم فراغها. "إقناع".

قوله: (فككله) أي: فيغسل ويكفن ويصلى عليه وجوباً إن لم يكن صلي عليه، فإن كان صلي عليه؛ وجب الغسل، والتكفين، واستحبت الصلاة، ويبقى النظر فيما إذا وجد بعض ميت، لكن كأن انفصل منه في حال الحياة، فهل يغسل ذلك البعض ويكفن ويصلى عليه؟ استظهره الشيخ منصور البهوتي، وهو مفهوم من قول المصنف فيما يأتي:(ولا على بعض حي في وقت لو وجدت فيه الجملة لم تغسل، ولم يصل عليها) فإن مفهومه: أن لو كان في وقت إذا وجدت فيه الجملة صلي عليها، أنه يصلي على ذلك البعض، وهل تكون الصلاة عليه واجبة، أو مستحبة؟ قال الشيخ منصور البهوتي: فيه التفصيل السابق، وهو أنه إن صلي على الجملة كانت مستحبة، وإن لم يصل عليها كانت واجبة، وكذا إن شك في كونه قد صلي عليه، وما ذكره الشيخ منصور البهوتي من التفصيل، الأظهر: خلافه وهو

ص: 416

وَيُدْفَنُ بِجَنْبِهِ وَتُكْرَهُ إعَادَةُ الصَّلَاةِ إلَّا إذَا وُجِدَ بَعْضُ مَيِّتٍ بِشَرْطِهِ صَلَّى عَلَى جُمْلَتِهِ فَتُسَنُّ كصَلَاةِ مَنْ فَاتَتْهُ وَلَوْ جَمَاعَةً أَوْ مَنْ صَلَّى عَلَيْهِ بِالنِّيَّةِ إذَا حَضَرَ أَوْ صَلَّى عَلَيْهِ بِلَا إذْنٍ الْأَوْلَى بِهَا مَعَ حُضُورِهِ فَتُعَادُ تَبَعًا

الوجوب في الحالين؛ لأنه لم يندرج في الجملة التي صلي عليها. فليحرر محمد الخلوتي.

قوله: (ويدفن بجنبه) أي: القبر ولم ينبش. "إقناع".

قوله: (بشرطه) مرتبط بقوله: (بعض). وقوله: (صلي على جملته) صفة ميت. ولكن وقع الفصل بين بعض وبين ما هو مرتبط به بـ (ميت) وسهله كونه مضافاً إليه، وهو كالجزء من المضاف، فالفصل به كلا فصل، ووقع الفصل أيضاً بين (ميت) وصفته بقوله:(بشرطه) وسهله كون الفاصل جاراً ومجروراً، وهو يتسامح فيه ما لا يتسامح في غيره. محمد الخلوتي. وبخطه على قوله:(بشرطه) أي: غير شعر

الخ. قوله: (على جملته) أي: بقيته الأكثر. قوله: (بالنية) لغيبته. قوله: (مع حضوره) أي: ولم يصل الأولى خلف من تقدم عليه، فله أن يصلي؛ لأنها حقه، وسن لمن صلى مع الأول أن يعيد مع الولي تبعاً له، فإن صلى الولي خلف من سبقه؛ صار إذناً فلا يعيد.

ص: 417

وَلَا تُوضَعُ لِصَلَاةٍ بَعْدَ حَمْلِهَا وَلَا يُصَلَّى عَلَى مَأْكُولٍ بِبَطْنِ آكِلٍ ومُسْتَحِيلٍ بِإِحْرَاقٍ وَنَحْوِهِمَا وَلَا عَلَى بَعْضِ حَيٍّ فِي وَقْتٍ لَوْ وُجِدَتْ فِيهِ الْجُمْلَةُ لَمْ تُغَسَّلْ وَلَمْ يُصَلَّ عَلَيْهَا وَلَا يُسَنُّ لِلْإِمَامِ الْأَعْظَمِ، وَلَا لِإِمَامِ كُلِّ قَرْيَةٍ وَهُوَ وَالِيهَا فِي الْقَضَاءِ: الصَّلَاةُ عَلَى غَالٍّ وقَاتِلٍ نَفْسَهُ عَمْدًا وَإِنْ اخْتَلَطَ أَوْ اشْتَبَهَ مَنْ يُصَلَّى عَلَيْهِ بِغَيْرِهِ صَلَّى عَلَى الْجَمِيعِ، يَنْوِي بِالصَّلَاةِ مَنْ يُصَلَّى عَلَيْهِ وَغُسِّلُوا وَكُفِّنُوا وَإِنْ أَمْكَنَ عَزْلُهُمْ وَإِلَّا دُفِنُوا مَعًا وَلِلْمُصَلِّي قِيرَاطٌ وَهُوَ أَمْرٌ مَعْلُومٌ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى وَلَهُ بِتَمَامِ دَفْنِهَا آخَرُ بِشَرْطِ أَنْ لَا يُفَارِقَهَا مِنْ الصَّلَاةِ حَتَّى تُدْفَنَ.

قوله: (بعد حملها) أي: يكره، وظاهره: ولو الولي؛ تحقيقاً للإسراع بالميت. قوله: (ولا يصلي على مأكول .... الخ) أي: لا تصح لفقد شرطها من الغسل، والتكفين.

قوله: (أو اشتبه) بوجود علامة فيه تدل على إسلامه، كعمامة بيضاء، وعلامة تدل على كفره، كصليب ونحوه. قوله:(ينوى) حال من نائب فاعل: (صلي) قوله: (وله بتمام دفنها آخر

الخ) هل شرط حصول الثاني شهود الصلاة أم لا؟ الظاهر: الأول.

ص: 418

فصل

وَحَمْلُهَا فَرْضُ كِفَايَةٍ وَسُنَّ تَرْبِيعٌ فِيهِ بِأَنْ يَضَعَ قَائِمَةَ السَّرِيرِ الْيُسْرَى الْمُقَدَّمَةَ عَلَى كَتِفِهِ الْيُمْنَى، ثُمَّ يَنْتَقِلُ إلَى الْمُؤَخَّرَةِ ثُمَّ الْيُمْنَى الْمُقَدَّمَةَ عَلَى كَتِفِهِ الْيُسْرَى ثُمَّ يَنْتَقِلُ إلَى الْمُؤَخَّرَةِ وَلَا يُكْرَهُ حَمْلُ بَيْنَ الْعَمُودَيْنِ كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى عَاتِقٍ وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا أَوْلَى

قوله: (حملها) أي: إلى محل دفنها، وكره أخذ أجرة عليه، وعلى غسل ونحوه. قوله:(وسن تربيع فيه) قال في "الحاشية" تبعاً لما في "شرح المصنف": أي: أن يحملها أربعة انتهى. وهو مخالف لما فسر به المصنف في المتن، اللهم إلا أن يحمل كلامهما على التفسير باللازم، لا أنه تفسير مراد. قوله:(المقدمة) حال السير، تلي يمين الميت من عند رأسه. قوله:(بين العمودين) أي: قائمتي السرير. قوله: (والجمع بينهما أولى) هذه عبارة "التنقيح"، واعترضه الحجاوي: بأنه ليس على المذهب، بل على القول بأنهما سواء. ويمكن الجواب بأن أفضلية التربيع على الحمل بين العمودين لا تمنع أفضلية الجمع بينهما

ص: 419

وَلَا بِأَعْمِدَةٍ لِلْحَاجَةِ وَلَا عَلَى دَابَّةٍ لِغَرَضٍ صَحِيحٍ وَلَا حَمْلُ طِفْلٍ عَلَى يَدَيْهِ شَكْلُهَا مِنْ طِينٍ وَسُنَّ مَعَ تَعَدُّدِ تَقْدِيمُ الْأَفْضَلِ أَمَامَهَا فِي الْمَسِيرِ وَالْإِسْرَاعُ بِهَا دُونَ الْخَبَبِ مَا لَمْ يُخَفْ عَلَيْهِ مِنْهُ وَكَوْنُ مَاشٍ أَمَامَهَا وَرَاكِبٍ وَلَوْ سَفِينَةً خَلْفَهَا وَقُرْبُ مِنْهَا أَفْضَلُ وَكُرِهَ رُكُوبٌ لِغَيْرِ حَاجَةٍ وَعَوْدٍ وَتَقَدُّمُهَا إلَى مَوْضِعِ الصَّلَاةِ لَا إلَى الْمَقْبَرَةِ. وجُلُوسُ مَنْ تَبِعَهَا حَتَّى تُوضَعَ بِالْأَرْضِ لِلدَّفْنِ

على التربيع، كما ذكروا فيما تقدم: أن الماء أفضل من الحجر، وأن الجمع بينهما أفضل من الماء، ولهذا اتبع المصنف صاحب "التنقيح" في الموضعين.

قوله: (ولا بأعمدة) أي: ولا بأس بحمل الميت بأعمدة للحاجة إليه. قوله: (لغرض صحيح) كبعد قبر.

قوله: (دون الخبب) هو: ضرب من العدو: خطو فسيح دون العنق بفتحتين: ضرب من السير فسيح سريع. قوله: (ولو سفينة) فيه حذف مضاف تقديره: ولو راكب سفينة، فحذف راكب، وأقيم المضاف إليه مقامه، وكره تقدم راكب عليها.

ص: 420

إلَّا لِمَنْ بَعُدَ وقِيَامٌ لَهَا إنْ جَاءَتْ أَوْ مَرَّتْ بِهِ وَهُوَ جَالِسٌ ورَفْعُ الصَّوْتِ مَعَهَا وَلَوْ بِقِرَاءَةٍ وأَنْ تَتْبَعَهَا امْرَأَةٌ وَحَرُمَ أَنْ يَتْبَعَهَا مَعَ مُنْكَرٍ عَاجِزٍ عَنْ إزَالَتِهِ وَيَلْزَمُ الْقَادِرَ

فصل

وَدَفْنُهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ وَيَسْقُطُ وَتَكْفِينٌ وَحَمْلٌ ل كَافِرٍ وَيُقَدَّمُ بِتَكْفِينٍ مَنْ يُقَدَّمُ بِغُسْلِهِ وَنَائِبُهُ كَهُوَ وَالْأَوْلَى تَوَلِّيهِ بِنَفْسِهِ وبِدَفْنِ رَجُلٍ مَنْ قُدِّمَ بِغُسْلِهِ ثُمَّ بَعْدَ الْأَجَانِبِ مَحَارِمُهُ النِّسَاءِ فَالْأَجْنَبِيَّاتُ وبِدَفْنِ امْرَأَةٍ مَحَارِمُهَا الرِّجَالُ فَزَوْجٌ فَأَجَانِبُ فَمَحَارِمُهَا النِّسَاءُ

قوله: (إلا لمن بعد) أي: عنها. قوله: (وأن تتبعها امرأة) وأن تتبع بنار إلا لحاجة ضوء. قوله: (ويلزم القادر) أن يزيله، ولا يترك اتباعها.

قوله: (كهو) وظاهره: ولو وصيا، ويحتمل أنه غير مراد، كما في الصلاة عليه. منصور البهوتي. قوله:(والأولى توليه) أي: التكفين. قوله: (وبدفن

إلخ) أي: يقدم. قوله: (رجل) أي: ذكر. قوله: (وبدفن امرأة) أي: أنثى.

ص: 421

وَيُقَدَّمُ مِنْ رجَالٍ خَصِيٌّ، فَشَيْخٌ فَأَفْضَلُ دِينًا وَمَعْرِفَةً وَمَنْ بَعُدَ عَهْدُهُ بِجِمَاعٍ أَوْلَى مِمَّنْ قَرُبَ وَكُرِهَ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقِيَامِهَا وَغُرُوبِهَا وَلَحْدٌ وكَوْنُهُ وَنَصْبِ لَبِنٍ عَلَيْهِ أَفَضْلُ وَكُرِهَ شَقٌّ بِلَا عُذْرٍ وإدْخَالُهُ خَشَبًا إلَّا لِضَرُورَةٍ، ومَا مَسَّتْهُ نَارٌ ودَفْنٌ فِي تَابُوتٍ وَلَوْ امْرَأَةً وَسُنَّ أَنْ يُعَمَّقَ وَيُوَسَّعَ قَبْرٌ بِلَا حَدٍّ وَيَكْفِي مَا يَمْنَعُ السِّبَاعَ وَالرَّائِحَةَ وَأَنْ يُسَجَّى لِأُنْثَى وخُنْثَى وَكُرِهَ لِرَجُلٍ إلَّا لِعُذْرٍ وَأَنْ يَدْخُلَهُ مَيِّتٌ مِنْ عِنْدَ رِجْلَيْهِ إنْ كَانَ أَسْهَلَ وَإِلَّا مِنْ حَيْثُ سَهُلَ ثُمَّ سَوَاءٌ وَمَنْ بِسَفِينَةٍ يُلْقَى فِي الْبَحْرِ سَلًّا كَإِدْخَالِهِ الْقَبْرَ وقَوْلُ مُدْخِلِهِ بِسْمِ اللَّهِ، وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ وَأَنْ يُلْحِدَهُ

قوله: (ولحد) هو مصدر: أن يحفر في أسفل حائظ القبر مما يلي القبلة مكاناً يوضع فيه الميت. قوله: (لبن) هو طوب غير مشوي.

قوله: (بلا حد) وقال الأكثر: قامة وسط وبسطة، أي: بسط يده قائمة. قوله: (وأن يسجى) أي: القبر. قوله: (من عند رجليه) أي: القبر؛ أي: الموضع الذي تكون رجلا الميت فيه.

ص: 422

عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ وَتَحْتَ رَأْسِهِ لَبِنَةً وَتُكْرَهُ مِخَدَّةٌ ومِضْرَبَةٌ وَقَطِيفَةٌ تَحْتَهُ أَوْ أَنْ يُجْعَلَ فِيهِ حَدِيدٌ وَلَوْ أَنَّ الْأَرْضَ رَخْوَةٌ وَيَجِبُ أَنْ يُسْتَقْبَلَ بِهِ الْقِبْلَةُ وَيُسَنُّ حَثْوُ التُّرَابِ عَلَيْهِ ثَلَاثًا بِالْيَدِ ثُمَّ يُهَالُ وَتَلْقِينُهُ وَالدُّعَاءُ بَعْدَ الدَّفْنِ عِنْدَ الْقَبْرِ وَرَشُّهُ بِمَاءٍ وَرَفْعُهُ قَدْرَ شِبْرٍ وَكُرِهَ فَوقه

قوله: (ويجب أن يستقبل به القبلة) أي: سواء كان على جنبه الأيمن أو الأيسر، أو مستلقيا على ظهره ورجلاه إلى القبلة، كما في صلاة المريض، لكن الأفضل الصورة الأولى، وأقره محمد الخلوتي.

قوله: (وسن) أي: لكل من حضر. قوله: (حثو التراب) وذكر أنه إذا أخذ من التراب قبضة، وقرأ عليها الإخلاص إحدى عشرة، ثم صرت في الكفن لم يسأل، أو يخفف عنه. محمد الخلوتي. قوله:(ثلاثا) من قبل رأسه أو لا. قوله: (وتلقينه) أي: بعد دفنه، فيقوم الملقن عند رأسه بعد تسوية التراب عليه، فيقول: يا فلان ابن فلانة ثلاثا، فإن لم يعرف اسم أمه نسبه إلى حواء -اذكر ما خرجت عليه من الدنيا: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله، وأنك رضيت بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد نبيا، وبالقرآن إماما، وبالكعبة قبلة، وبالمؤمنين إخواناً، وأن الجنة حق، وأن النار حق، وأن البعث حق، وأن الساعة آتية لا ريب فيها،

ص: 423

وَزِيَادَةُ تُرَابِهِ وَتَزْوِيقُهُ وَتَخْلِيقُهُ وَنَحْوِهِ وتَجْصِيصُهُ وَاتِّكَاءٌ عَلَيْهِ وَمَبِيتٌ وَحَدِيثٌ فِي أَمْرِ الدُّنْيَا، وَتَبَسُّمٌ عِنْدَهُ، وَضَحِكٌ أَشَدُّ وَكِتَابَةٌ وَجُلُوسٌ وَوَطْءٌ وَبِنَاءُ ومَشْيٌ عَلَيْهِ بِنَعْلٍ حَتَّى بِالتُّمُشْكِ - بِضَمِّ التَّاءِ وَالْمِيمِ وَسُكُونِ الشِّينِ وَسُنَّ خَلْعُهُ إلَّا خَوْفَ نَجَاسَةٍ وشَوْكٍ وَنَحْوِهِ.

وأن الله يبعث من في القبور. "إقناع".

قوله: (وزيادة ترابه) أي: إلا لحاجة. قوله: (ونحوه) كدهنه. قوله: (ووطء) ولو بلا نعل. قوله: (ومشي عليه) أي: بين القبور، وبخطه على قوله:(ومشي عليه بنعل) قد يوهم أن المشي عليه بخف لا يكره، وليس مراداً؛ إذ وطء القبر نفسه مكروه مطلقاً، فالمراد بالمشي عليه: المشي بين القبور، ليوافق كلامه أولاً، وكلام الأصحاب. قوله:(بالتمشك) نوع من النعال. قوله: (وسكون الشين) المعجمة لا الكاف خلافاً "للتنقيح" وهو سهو منه، رحمه الله، قاله الحجاوي. تاج الدين البهوتي.

ص: 424

وَلَا بَأْسَ بِتَطْبِيقِهِ وَتَعْلِيمِهِ بِحَجَرٍ أَوْ خَشَبَةٍ وَنَحْوِهِمَا وَبِلَوْحٍ وَتَسْنِيمُ أَفْضُلُ إلَّا بِدَارِ حَرْبٍ إنْ تَعَذَّرَ نَقْلُهُ فَتَسْوِيَتُهُ وَإِخْفَاؤُهُ وَيَحْرُمُ إسْرَاجُهَا وَالتَّخَلِّي وَجَعْلُ مَسْجِدٍ عَلَيْهَا وَبَيْنَهَا وَدَفْنٌ بِصَحْرَاءَ أَفْضَلُ سِوَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَاخْتَارَ صَاحِبَاهُ الدَّفْنَ عِنْدَهُ تَشَرُّفًا وَتَبَرُّكًا وَلَمْ يُزَدْ لِأَنَّ الْخَرْقَ يَتَّسِعُ وَالْمَكَانُ ضَيِّقٌ وَجَاءَتْ أَخْبَارٌ تَدُلُّ عَلَى دَفْنِهِمْ كَمَا وَقَعَ وَمَنْ وَصَّى بِدَفْنِهِ بِدَارٍ أَوْ أَرْضٍ فِي مِلْكِهِ دُفِنَ مَعَ الْمُسْلِمِينَ ولَا بَأْسَ بِشِرَائِهِ مَوْضِعَ قَبْرِهِ وَيُوصِي بِدَفْنِهِ فِيهِ وَيَصِحُّ بَيْعُ مَا دُفِنَ فِيهِ مِنْ مِلْكِهِ مَا لَمْ يُجْعَلْ مَقْبَرَةً

قوله: (وإخفاؤه) يعني: أفضل. قوله: (عليها وبينها) يتنازعهما المصدران قبلهما، إن قلنا بجوازه في المصادر، وإلا فهو من الحذف لدليل.

قوله: (لأن الخرق

الخ) أي: الضرر الحاصل بذلك.

قوله: (موضع قبره) أي: من مقبرة مملوكة معدة للدفن، فلا بأس باستعداد القبر، كالكفن، وحمله منصور البهوتي على الصحراء، وما تقدم على العمران، وترجاه رحمه الله.

ص: 425

وَيُسْتَحَبُّ جَمْعُ الْأَقَارِبِ والْبِقَاعِ الشَّرِيفَةِ وَيُدْفَنُ فِي مُسَبَّلَةٍ وَلَوْ بِقَوْلِ بَعْضِ الْوَرَثَةِ وَيُقَدَّمُ فِيهَا بِسَبْقٍ ثُمَّ قُرْعَةٍ وَيَحْرُمُ الْحَفْرُ فِيهَا قَبْلَ الْحَاجَةِ ودَفْنُ غَيْرِهِ عَلَيْهِ حَتَّى يُظَنَّ أَنَّهُ صَارَ تُرَابًا ومَعَهُ إلَّا لِضَرُورَةٍ أَوْ حَاجَةٍ وَسُنَّ حَجْزٌ بَيْنَهُمَا بِتُرَابٍ وأَنْ يُقَدَّمَ إلَى الْقِبْلَةِ مَنْ يُقَدَّمُ إلَى الْإِمَامَةِ والْمُتَعَذِّرُ إخْرَاجُهُ مِنْ بِئْرٍ إلَّا مُتَقَطِّعًا وَنَحْوَهُ وَثَمَّ حَاجَةٌ إلَيْهَا أُخْرِجَ وَإِلَّا طَمَّتْ وَيَحْرُمُ دَفْنٌ بِمَسْجِدٍ وَنَحْوَهُ وَيُنْبَشُ وَفِي مِلْكِ غَيْرِهِ وَلَهُ نَقْلُهُ وَالْأَوْلَى تَرْكُهُ وَيُبَاحُ نَبْشُ قَبْرِ حَرْبِيٍّ لِمَصْلَحَةٍ أَوْ لِمَالٍ فِيهِ لَا مُسْلِمٍ مَعَ بَقَاءِ

قوله: (حتى يظن أنه صار ترابا) أي: فإن ظن؛ جاز نبشه، وأما الدفن عليه، فإن كان ظنه مطابقاً للواقع؛ جاز، وإلا فلا. وعبارة المصنف توهم خلاف ذلك، لكن ما ذكرناه يؤخذ من "الشرح" من موضع. محمد الخلوتي. قوله:(ونحوه) أي: كممثل به، ومجرح.

قوله: (لمصلحة) كجعله مسجداً.

ص: 426

رِمَّتِهِ إلَّا لِضَرُورَةٍ بِأَنْ كُفِّنَ بِغَصْبٍ أَوْ بَلَعَ مَالَ غَيْرِهِ بِلَا إذْنِهِ وَيَبْقَى وَطَلَبَهُ رَبُّهُ وَتَعَذَّرَ غُرْمُهُ أَوْ وَقَعَ وَلَوْ بِفِعْلِ رَبِّهِ فِي الْقَبْرِ مَا لَهُ قِيمَةٌ عُرْفًا نُبِشَ وَأُخِذَ لَا إنْ بَلَعَ مَالَ نَفْسِهِ وَلَمْ يَبْلَ إلَّا مَعَ دَيْنٍ وَيَجِبُ نَبْشُ مَنْ دُفِنَ بِلَا غُسْلٍ أَمْكَنَ أَوْ صَلَاةٍ أَوْ كَفَنٍ أَوْ إلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ وَيَجُوزُ لِغَرَضٍ صَحِيحٍ، كَتَحْسِينِ كَفَنِهِ وَنَحْوِهِ ونَقْلِهِ لِبُقْعَةٍ شَرِيفَةٍ وَمُجَاوَرَةِ صَالِحٍ إلَّا شَهِيدًا دُفِنَ بِمَصْرَعِهِ وَدَفْنُهُ بِهِ سُنَّةٌ فَيُرَدُّ إلَيْهِ لَوْ نُقِلَ

قوله: (رمته) الرمة: العظام البالية، وتجمع على رمم مثل: سدرة وسدر ورمام، ورم العظم يرم من باب: ضرب: بلي، فهو رميم. "مصباح".

قوله: (وطلبه ربه، وتعذر غرمه) قيدان في الكفن الغصب، والمال المبلوع، والحاصل: أنه ينبش في مسألة الكفن بشرطين: أن يطلبه ربه، ويتعذر غرمه.

وفي مسألة المال المبلوع بخمسة شروط: أن يكون مال الغير، وأن يكون بغير إذنه، وأن يكون مما يبقى، كخاتم، بخلاف مأكول ومشروب، وأن يطلبه ربه، وأن يتعذر غرمه من تركة أو غيرها، كمن متبرع به. فتأمل.

قوله: (أمكن) الجملة في محل جر صفة لـ (غسل)، وهل مثله التيمم؟ الظاهر: نعم. قوله: (بمصرعه) أي: فلا يجوز نقله. قوله: (فيرد إليه) أي: ندباً.

ص: 427

وَإِنْ مَاتَتْ حَامِلٌ حَرُمَ شَقُّ بَطْنِهَا وَأَخْرَجَ النِّسَاءَ مَنْ تُرْجَى حَيَاتُهُ فَإِنْ تَعَذَّرَ لَمْ تُدْفَنْ حَتَّى يَمُوتَ وَإِنْ خَرَجَ بَعْضُهُ حَيًّا شُقَّ ل الْبَاقِي فَلَوْ مَاتَ قَبْلَهُ أُخْرِجَ فَإِنْ تَعَذَّرَ غُسِّلَ مَا خَرَجَ وَلَا يُيَمَّمُ لِلْبَاقِي وَصُلِّيَ عَلَيْهِ مَعَهَا بِشَرْطِهِ وَإِلَّا فعَلَيْهَا دُونَهُ فَإِنْ مَاتَتْ كَافِرَةٌ حَامِلٌ بِمُسْلِمٍ لَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ وَدَفْنُهَا بِمُسْلِمٍ مُنْفَرِدَةً إنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا فَمَعَنَا عَلَى جَنْبِهَا الْأَيْسَرِ مُسْتَدْبِرَةً الْقِبْلَةَ.

قوله: (حرم شق بطنها) مسلمة كانت، أو ذمية. "شرح". قوله:(من ترجى حياته) بحركة قوية مع انتفاخ مخارج، وتمام ستة أشهر. قوله:(أخرج) ولا يشق بطنها. قوله: (بشرطه) بأن يتم له أربعة أشهر.

قوله: (وإن ماتت

الخ) أي: ولو من كافر؛ لأن المذهب أن موت أحد أبوي الطفل يثبت به إسلامه؛ ولذا لم يقل من مسلم، لكن لو كان موتها وموت ولدها في بطنها معاً، وكان من غير مسلم؛ لم يحكم بإسلامه إذن. هذا ملخص ما أفاده ابن نصر الله في "حواشي الزركشي". قوله:(كافرة) أي: ذمية أو لا. قوله: (بمسلم) أي: من مسلم أو لا. قوله: (مفردة) أي: وجوباً.

ص: 428

فصل

ويسن لِمُصَابٍ أَنْ يَسْتَرْجِعَ فَيَقُولَ: إنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ اللَّهُمَّ أْجُرْنِي فِي مُصِيبَتِي وَأَخْلِفْ لِي خَيْرًا مِنْهَا ويَصْبِرَ

قوله: (يسن لمصاب) بموت نحو قريب. قوله: (فيقول: إنا لله

إلخ) ذكر ابن الجوزي في "قصصه" المفرد: أن آدم عليه السلام لما مات، عزى جبريل ولده شيئا، فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون، فقال جبريل: أحسنت يا هبة الله، ووفقت، ووفق كل من قالها عند المصيبة. انتهى. لكن في "الإتقان": أنه روى الطبراني مرفوعاً: أن من خصائص هذه الأمة قول أحدهم عند المصاب: إنا لله وإنا إليه راجعون. قال الشيخ نور الدين علي الشبراملسي:

ص: 429

وَلَا يَلْزَمُ الرِّضَا بمَرَضٍ وفَقْرٍ وَعَاهَةٍ وَيَحْرُمُ بِفِعْلِهِ الْمَعْصِيَةَ وَكُرِهَ لِمُصَابٍ تَغْيِيرُ حَالِهِ مِنْ خَلْعِ رِدَاءٍ وَنَحْوِهِ وَتَعْطِيلِ مَعَاشِهِ لَا بُكَاؤُهُ وجَعْلُ عَلَامَةٍ عَلَيْهِ لِيُعْرَفَ فَيُعَزَّى وهَجْرُهُ الزِّينَةَ وَحَسَنَ الثِّيَابِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَحَرُمَ نَدْبٌ ونِيَاحَةٌ وشَقُّ ثَوْبٍ وَلَطْمُ خَدٍّ، وَصُرَاخٌ وَنَتْفُ شَعْرٍ وَنَشْرُهُ وَنَحْوُهُ.

إنه يمكن التوفيق بينهما، بحمل حديث الطبراني على أن هذه الأمة اختصت بإنزال هذا القول، لا بمجرد قوله: عند المصاب. شيخنا محمد الخلوتي.

قوله: (ولا يلزم الرضا بمرض)؛ لأن الرضا إنما يجب بالقضاء والقدر، لا بالمقضي والمقدور؛ لأنهما صفتان للعبد، والأوليان صفتان للرب. تاج الدين البهوتي.

قوله: (ونياحة) ناحت المرأة على الميت نوحاً، من باب: قال، والاسم النواح، وزان غراب، والنياحة -بالكسر- اسم منه. "مصباح". قوله: (وشق ثوب، ولطم خد

إلخ) ذكر ابن الجوزي في "قصصه" المفرد: أن آدم عليه السلام لما مات؛ مزقت حواء ثوبها عليه، وصرخت، ولطمت وجهها، ودقت صدرها، فورثت ذلك بناتها، ولزمت قبر آدم أربعين يوماً، لا تطعم رقاداً. شيخنا محمد الخلوتي.

ص: 430

وَتُسَنُّ تَعْزِيَةُ مُسْلِمٍ وَلَوْ صَغِيرًا وَتُكْرَهُ لِشَابَّةٍ أَجْنَبِيَّةٍ إلَى ثَلَاثِ فَيُقَالُ ل مُصَابٍ بِمُسْلِمٍ: أَعْظَمَ اللَّهُ أَجْرَكَ، وَأَحْسَنَ عَزَاءَكَ، وَغَفَرَ لِمَيِّتِك. وبِكَافِرٍ أَعْظَمَ اللَّهُ أَجْرَك، وَأَحْسَنَ عَزَاءَك أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ وَكُرِهَ تَكْرَارُهَا وجُلُوسٌ لَهَا لَا بِقُرْبِ دَارِ الْمَيِّتِ لِيَتَّبِعَ الْجِنَازَةَ أَوْ لِيَخْرُجَ وَلِيُّهُ فَيُعَزِّيَهُ وَيَرُدُّ مُعَزًّى باسْتَجَابَ اللَّهُ دُعَاءَك، وَرَحِمَنَا وَإِيَّاكَروَسُنَّ أَنْ يُصْلِحَ لِأَهْلِ مَيِّتٍ طَعَامًا يَبْعَثُ إلَيْهِمْ ثَلَاثًا لَا لِمَنْ يَجْتَمِعُ عِنْدَهُمْ فَيُكْرَهُ ك فِعْلُهُمْ ذَلِكَ لِلنَّاسِ وَكَذَبْحٍ عِنْدَ قَبْرٍ وَأَكْلٍ مِنْهُ.

قوله: (مسلم) أي: مصاب بمسلم، أو كافر، كما يأتي. قوله:(ولو صغيراً) أو قبل الدفن. قوله: (إلى ثلاث) فلا يعزى بعدها، إلا إذا كان غائباً؛ فلا بأس إذا حضر ما لم تنس المصيبة. قوله:(أو غير ذلك) أي: مما يؤدي معناه. قوله: (وجلوس لها) أي: من المصاب، وكذا من المعزي بعد التعزية.

ص: 431

فصل

تسن لرجل زيارة قبر مسلم وَأَنْ يَقِفُ زَائِرٌ أَمَامَهُ قَرِيبًا مِنْهُ وَتُبَاحُ لِقَبْرِ كَافِرٍ وَتُكْرَهُ لِنِسَاءٍ وَإِنْ عَلِمْنَ أَنَّهُ يَقَعُ مِنْهُنَّ مُحَرَّمٌ حَرُمَتْ إلَّا لِقَبْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَقَبْرِ صَاحِبَيْهِ فَتُسَنُّ وَلَا يُمْنَعُ كَافِرٌ زِيَارَةَ قَبْرِ قَرِيبِهِ الْمُسْلِمِ وَسُنَّ لِمَنْ زَارَ قُبُورَ الْمُسْلِمِينَ أَوْ مَرَّ بِهَا أَنْ يَقُولَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ، أَوْ أَهْلَ الدِّيَارِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ وَإِنَّا إنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ اللَّاحِقُونَ وَيَرْحَمُ اللَّهُ الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَالْمُسْتَأْخِرِينَ نَسْأَلُ اللَّهَ لَنَا وَلَكُمْ الْعَافِيَةِ، اللَّهُمَّ لَا تَحْرِمْنَا أَجْرَهُمْ وَلَا تَفْتِنَّا بَعْدَهُمْ وَاغْفِرْ لَنَا وَلَهُمْ وَيُخَيَّرُ فِيهِ عَلَى حَيٍّ بَيْنَ تَعْرِيفٍ وَتَنْكِيرٍ

_________

ص: 432

وَهُوَ سُنَّةُ وَمِنْ جَمْعٍ سُنَّةُ كِفَايَةٍ وَرَدُّهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ كَتَشْمِيتِ عَاطِسٍ حَمِدَوَ إجَابَتِهِ وَيَسْمَعُ الْمَيِّتُ الْكَلَامَ وَيَعْرِفُ زَائِرَهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَيَتَأَذَّى بِالْمُنْكَرِ عِنْدَهُ وَيَنْتَفِعُ بِالْخَيْر وَسُنَّ مَا يُخَفِّفُ عَنْهُ وَلَوْ بِجَعْلِ جَرِيدَةٍ رَطْبَةٍ فِي الْقَبْرِ وبِذِكْرٍ وَقِرَاءَةٍ عِنْدَهُ وَكُلُّ قُرْبَةٍ فَعَلَهَا مُسْلِمٌ وَجَعَلَ ثَوَابَهَا لِمُسْلِمٍ حَيٍّ أَوْ مَيِّتٍ حَصَلَ لَهُ وَلَوْ جَهِلَهُ الْجَاعِلُ وَإِهْدَاءُ الْقُرَبِ مُسْتَحَبٌّ.

قوله: (كتشميت

الخ) لبعضهم:

من يستبق بالحمد يأمن من

شوص، ولوص، وعلوص كذا وردا

فالداء في الضرس شوص ثم في أذن

لوص وفي البطن علوص كذا وردا

قوله: (وإجابته) يعني أن إجابة العاطس لمن شمته فرض كفاية، فحيث عطس جماعة فشمتوا، كفى إجابة أحدهم، وإن شمت واحد؛ تعينت عليه الإجابة، كباقي فروض الكفايات.

ص: 433

صفحة فارغة

ص: 434