المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ غيبة الخلافة الإسلامية: - حاضر العالم الإسلامي

[علي جريشة]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌الباب التمهيدي: وضع العالم الإسلامي وموقعه

- ‌العالم الإسلامي جغرافيًا

- ‌الموقع

- ‌ العالم الإسلامي فقهيًّا:

- ‌ العالم الإسلامي بين غيره من العوالم:

- ‌الباب الأول: واقع العالم الإسلامي

- ‌الفصل الأول: الواقع الفكري للعالم اللإسلامي

- ‌مدخل

- ‌الأفعى اليهودية تنفث سمومها:

- ‌ الفكر الغربي الصليبي في الشرق الإسلامي:

- ‌ الفكر الماركسي اليهودي في الشرق الإسلامي:

- ‌الفصل الثاني: الواقع السياسي للعالم الإسلامي

- ‌مدخل

- ‌ غيبة الخلافة الإسلامية:

- ‌ الاستعمار الجديد:

- ‌ البعد عن جوهر النظام الإسلامي السياسي:

- ‌الفصل الثالث: الواقع الاجتماعي للعالم الإسلامي:

- ‌الفصل الرابع: الواقع الاقتصادي للعالم الإسلامي

- ‌الباب الثاني: قضايا إسلامية معاصرة

- ‌الفصل الأول: أوطان سلبية

- ‌مدخل

- ‌ الأندلس:

- ‌ فلسطين المسلمة:

- ‌الأرض السليبة تحت النفوذ الشيوعي

- ‌مدخل

- ‌أولًا: المسلمون في الاتحاد السوفيتي

- ‌ثانيًا: المسلمون في الصين

- ‌ثالثًا: المسلمون في بلاد شيوعية أخرى

- ‌الفصل الثاني: أوطان تجاهد

- ‌أفغانستان المجاهدة

- ‌ إرتريا:

- ‌عذراء ماليزيا

- ‌مدخل

- ‌أولًا: كيف دخل الإسلام عذراء ماليزيا

- ‌ثانيًا: حاضر عذراء ماليزيا

- ‌ثالثًا: مستقبل العذراء "ماليزيا

- ‌الفصل الثالث: أوطان يتهددها الخطر

- ‌مدخل

- ‌ إندونيسيا:

- ‌سوريا

- ‌مدخل

- ‌ البعث:

- ‌ النصيرية:

- ‌ مصر:

- ‌لبنان

- ‌مدخل

- ‌أطماع صليبية قديمة وحديثة في لبنان:

- ‌تصويب الخطأ:

- ‌الفهرست:

الفصل: ‌ غيبة الخلافة الإسلامية:

1-

‌ غيبة الخلافة الإسلامية:

من بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم اجتمع المسلمون في سقيفة بني ساعدة ليبحثوا مَنْ يكون إليه الأمر بعد الرسول صلى الله عليه وسلم، وتسامع الناس أنَّ الأنصار يرون الأمر فيهم، وسارع أبو بكر وعمر رضي الله عنهما لحسم الخلاف، وتأخَّر دفن الجثمان الطاهر -وهو عليهم جَدٌّ عزيز- حتى انتهوا من أمر الخلافة، وكان اجتماع المسلمين، وفي مقدمتهم كبار الصحابة، على ذلك النحو إجماعًا على وجوب الخلافة.

ولفقهٍ أدركه السلف الصالح سمّوا الخلافة الإمامة العظمى بالقياس إلى الإمامة الصغرى إمامة الصلاة، ليتأكَّد بذلك وجوبها، وليتأكَّد مكانها بين سائر الواجبات.

وعرف الفقهاء -من بعد- بأنها خلافة عن صاحب الشرع في حراسة الدين وسياسة الدنيا، وأضاف البعض في نهاية العبارة لفظ "به" لتتأكَّد وظيفتا الخلافة الرئيسيتان:

حراسة الدين.

سياسة الدنيا بهذا الدين.

"وظلَّت خلافة الإسلام تُظِلُّ المسلمين أكثر من ألف عام، تقيم شرع الله وهو أوّل الواجبات وأعلى الضرورات، وتجمع شمل المسلمين وهو كذلك من الواجبات والضرورات.

صحيح أنه أصابها في فترات عديدة ضعف أو انحراف، لكنها بقيت رمزًا للأمرين:

إقامة شرع الله.

جمع شمل المسلمين.

ص: 54

وبقي إصلاحها بين الحين والحين رهينًا بصحوة المسلمين، وبأن يقيِّض الله من يلي أمرها مِمَّن يقدِّرها حتَّى قدرها، وبقاء الشيء ولو ضعيفًا على احتمال قوته وصلاحه خير بلا شكٍّ من القضاء عليه، ولم يقل أحد: إن حلَّ مشكلة المرض تكون بقتل المريض والقضاء عليه، وما ينبغي لعاقل أن يقوله وما يستطيع.

- لكن حين آلت الخلافة إلى آل عثمان وحملوها أكثر من خمسمائة عام، وطرقوا بها أبواب فيينا، وأرهبوا اعداء الله في شرق وغرب، تجمَّع الأعداء وتآمروا، وراحوا يبحثون في أوربا "المسألة الشرقية"، وكانت تعني -حينئذ- كيف يوقفوا المدَّ الإسلامي عن اجتياح ما بقي من أوربا.

فلمَّا وهنت قوة الدولة العثمانية طمع الأعداء فانتقلوا في بحث "المسألة الشرقية" إلى كيف يقضون على "الرجل المريض".

ومرَّ حادث إسقاط الخلافة الإسلامية بغير ردِّ الفعل الواجب.

صحيح أنَّ إخواننا مسلمي الهند حملوا وهم فقراء ما يملكون، إلى مَنْ قارف جريمة الإسقاط، وصحيح أن إخواننا في مصر تنادوا بقيام الخلافة ولو في غير تركيا، وأصدر العلماء بيانًا بذلك، لكنَّهم حين اجتمعوا لبحث الأمر انفضَّ المؤتمر بغير قرار، رغم رغبة الملك القائم في الوصول إلى قرار ظنًّا منه أنه سيكون هو الخليفة، لكن الاحتلال البريطاني الذي كان قائمًا في مصر متحكمًا فيها هو الذي حالَ دون صدور هذا القرار.

ولم يعد من ردِّ فعل بعد ذلك غير قصائد الرثاء، وما هطل بعد ذلك من دموع المسلمين1.

1 راجع في تفصيل ذلك: الاتجاهات الوطنية في أدبنا المعاصر، الدكتور محمد حسين. ونظام الخلافة في الفكر الإسلامي للدكتور مصطفى حلمي.

ص: 55

ولسنا في مقام تحليل أسباب السقوط، فلذلك مكانه1، ولكنَّا في مقام بيان أثر غيبة الخلافة في واقعنا السياسي.

لقد غابت -أولًا- الدولة الحاكمة بشرع الله.

وغابت -ثانيًا- الدولة التي تظل المسلمين وتجمع شملهم في وحدة حقة قائمة على وحدة العقيدة.

وغابت -ثالثًا- الدولة التي كانت ترهب عدو الله وعدوهم، وكانت القوى العالمية تحسب له ألف حسابٍ، حتى بعد ضعفها ومرضها.

وغابت -أخيرًا- الدولة التي عرف اليهود وتأكَّدوا أنه لا سبيل لهم إلى فلسطين إلّا بتحطيمها، وهو ما صرَّح به سرجي نيلوس العالم الروسي الذي نشر البروتوكولات.

صرَّح به قبل قيامها بحوالي خمسين سنة، حين قال: إن الأفعى اليهودية لا بُدَّ أن تمرَّ بالآستانة في طريقها إلى فلسطين.

1 كان في مقدمة أسباب السقوط ما بذله يهود الدونمة "50 ألف يهودي لهم خمس محافل ظاهرت الاتحاد والترقِّي" وقد ساهموا في:

أ- إسقاط السلطان عبد الحميد.

ب- أوقفوا الصراع والخصومة بين عنصري الأمة: الأتراك والعرب.

ج- نشروا مبادئ العلمانية، أي: فصل الدين عن الدولة. "راجع المخططات التلمودية اليهودية الصهيونية للأستاذ أنور الجندي".

ثم ما بذله ت. أ. لورنس الذي صرَّح: إنَّ أهدافنا الرئيسية تفتيت الوحدة الإسلامية، ودحر الإمبراطورية العثمانية وتدميرها". ولورنس ابنٌ غير شرعيّ لتوماس تشابمان، ومع ذلك فقد وصل إلى حد الصداقة مع شريف مكة، وسارت تحت قيادته الجيوش لحرب الأتراك في سوريا، وهو يصرح بذلك في تقريره "سياسات مكة" بقوله: "لو تمكنَّا من تحريض العرب على انتزاع حقوقهم من تركيا فجأة وبالعنف؛ لقضينا على خطر الإسلام إلى الأبد، ودفعنا المسلمين إلى إعلان الحرب على أنفسهم".

ص: 56

ومن بعد سقوط الخلافة:

توزَّعت أسلاب الرجل المريض بين دول الاستعمار، فأخذت فرنسا سوريا ولبنان، وأخذت بريطانيا فلسطين والعراق، وتَمَّ كل ذلك ليجري التمهيد لقيام دولة إسرائيل على ما سنفصِّل في مكان آخر.

ولما ارتأت الصهيونية والصليبية أن ترحل جنود الاحتلال الأجنبي، أحلَّت محلها من يقوم بنفس الدور، بغير خسائر للأجنبي، وبأداءٍ أفضل من الأجنبي، وهو ما نعالجه بإذن الله تحت عنوان: الاستعمار الجديد.

ص: 57