المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

سقوط القنيطرة قبل دخول اليهود بواحد وعشرين ساعة، ولا تزال - حاضر العالم الإسلامي

[علي جريشة]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌الباب التمهيدي: وضع العالم الإسلامي وموقعه

- ‌العالم الإسلامي جغرافيًا

- ‌الموقع

- ‌ العالم الإسلامي فقهيًّا:

- ‌ العالم الإسلامي بين غيره من العوالم:

- ‌الباب الأول: واقع العالم الإسلامي

- ‌الفصل الأول: الواقع الفكري للعالم اللإسلامي

- ‌مدخل

- ‌الأفعى اليهودية تنفث سمومها:

- ‌ الفكر الغربي الصليبي في الشرق الإسلامي:

- ‌ الفكر الماركسي اليهودي في الشرق الإسلامي:

- ‌الفصل الثاني: الواقع السياسي للعالم الإسلامي

- ‌مدخل

- ‌ غيبة الخلافة الإسلامية:

- ‌ الاستعمار الجديد:

- ‌ البعد عن جوهر النظام الإسلامي السياسي:

- ‌الفصل الثالث: الواقع الاجتماعي للعالم الإسلامي:

- ‌الفصل الرابع: الواقع الاقتصادي للعالم الإسلامي

- ‌الباب الثاني: قضايا إسلامية معاصرة

- ‌الفصل الأول: أوطان سلبية

- ‌مدخل

- ‌ الأندلس:

- ‌ فلسطين المسلمة:

- ‌الأرض السليبة تحت النفوذ الشيوعي

- ‌مدخل

- ‌أولًا: المسلمون في الاتحاد السوفيتي

- ‌ثانيًا: المسلمون في الصين

- ‌ثالثًا: المسلمون في بلاد شيوعية أخرى

- ‌الفصل الثاني: أوطان تجاهد

- ‌أفغانستان المجاهدة

- ‌ إرتريا:

- ‌عذراء ماليزيا

- ‌مدخل

- ‌أولًا: كيف دخل الإسلام عذراء ماليزيا

- ‌ثانيًا: حاضر عذراء ماليزيا

- ‌ثالثًا: مستقبل العذراء "ماليزيا

- ‌الفصل الثالث: أوطان يتهددها الخطر

- ‌مدخل

- ‌ إندونيسيا:

- ‌سوريا

- ‌مدخل

- ‌ البعث:

- ‌ النصيرية:

- ‌ مصر:

- ‌لبنان

- ‌مدخل

- ‌أطماع صليبية قديمة وحديثة في لبنان:

- ‌تصويب الخطأ:

- ‌الفهرست:

الفصل: سقوط القنيطرة قبل دخول اليهود بواحد وعشرين ساعة، ولا تزال

سقوط القنيطرة قبل دخول اليهود بواحد وعشرين ساعة، ولا تزال الاتصالات المشبوهة بشاوسيكو في مجال البحث عن الصلح، ولا يزال إعلانهم عن قبول الصلح الشامل دون الصلح المنفرد، كل ذلك يدل على حقيقتهم التي يحاولون إخفاءها تحت شعار "الرفض".

المستقبل في سوريا:

نحسب أنه بعد أن بدأ شعب سوريا المسلم يحسّ خيانة البعث وافتراءه وعمالة النصيرية وتآمرها المتصل.. نسحب أنه بعد هذا، وبعد أن عرف طريق الجهاد الصحيح لهذا الكفر البواح.. نحسب أن الله ناصره" ومحق الحق ولو كره الكافرون.

ص: 204

3-

‌ مصر:

وأهمية وخطر:

لمصر أكثر من أهمية؛ لذا يتهددها أكثر من خطر.

فلئن نظرنا إلى موقعها فهي تتوسَّط قارات العالم الثلاث.. أوربا.. أفريقيا.. آسيا، وتطل عن شمالها على أوربا لا يفصل بينهما سوى مياه البحر الأبيض المتوسط، وتطل من شرقها على آسيا، وتطل عن شمالها على أوربا، لا يفصل بينهما سوى مياه البحر الأبيض المتوسط، وتطل من شرقها على آسيا؛ إذ تدخل شبه جزيرة سيناء في حدود آسيا، ويفصلها عن الجزيرة العربية خليج العقبة ومياه البحر الأحمر، وتطل من جنوبها وغربها على أفريقيا القارة السوداء التي يتهددها أكثر من خطر.. وهي إلى جانب ذلك تتحكم في تجارة أوربا إلى أفريقيا وآسيا عن طريق قناة السويس التي تمر في أرضها، فضلًا عن شواطئها الطويلة شمالًا على البحر الأبيض المتوسط وشرقًا على البحر الأحمر..

مع اعتدال جوها بين البرودة والحرارة، فضلًا عن أنها تجمع بين المصايف في شمالها والمشاتي في جنوبها وشرقها..

ولئن نظرنا إلى ثرواتها.. فإنها إذا رزق الله مسئوليها الإخلاص

ص: 204

وإنها من أخصب بقاع العالم زراعيًّا؛ حيث تتوفر لها التربة، ومع التربة الماء؛ إذ يجري فيها أحد أطول الأنهار في العالم "نهل النيل" ويمدها مع الماء بالخصب والنماء؛ حيث يحمل مع مياهه "الغرين" الذي يمثل سمادًا طبيعيًّا للأرض يزيدها قوة وخصبًا1 ويذكر أنه من الناحية التاريخية كانت أرض مصر على عهد الرومان يزرع منها 95% من مساحتها.

ومصر ليست زراعية فحسب، إنها يمكن أن تكون بلدًا صناعيًّا من الدرجة الأولى بالنظر إلى وفرة المواد الخام من جميع أنواع المعادن، وأكثرها تتركِّز في شبه جزيرة سيناء2.

فضلًا عن توفُّر الأيدي العاملة بسعر أرخص بكثير من المستوى العالمي للأجور، مع اعتدال الجو الذي يساعد على قيام كثير من الصناعات.

أما رأس المال وما يلزمه.. فإنه يمكن أن يتوقَّف لو كفَّت الأيدي العابثة التي تمتص عرق الشعب، وتدفع إلى جيوبها وتريفه على موائد القمار وعلى أقدام الراقصات والعاهرات.

ولئن نظرنا إلى شعبها إننا نجده يتميز بما يلي:

1-

إقباله السهل على الإسلام فيما

لو وجد القدوة الصالحة، وعدم إصراره على المعصية أو الكبيرة كما تفعل شعوب أخرى {أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ} .

2-

وقوفه السريع والعاطفي والمتكتل ورء الحاكم إن وجد فيه الصلاح، وانصرافه عنه في سلبية قاتلة إن وجد فيه الخداع، مع النكتة اللاذعة يطلقها تقض مضجع الظالم، وتكشف عن ذكاء الشعب المظلوم.

3-

استعداده للتضحية بالمال والنفس لو وجد سبيله إلى الاقتناع.

1 منذ نهاية بناء السد العالي احتجَزت خلفه الكمية الضخمة من الغرين التي كانت تسبب خصوبة الأرض، وهو ما يتهدَّد السد العالي نفسه لعلوِّ الأرض خلفه.

2 أشرنا من قبل إلى أنَّ مصر تسبح في بحيرة من البترول تحرص المصالح اليهودية والصليبية على عدم الكشف عنها الآن.

ص: 205

العاطفي والعقلي، مع استعداد للصبر الطويل على كل الأوضاع. والجندي المصري من أكفأ جنود العالم، وقد قيل إبَّان الحرب العالمية الثانية: إن الجندي الألماني يساوي ثمانية من الجنود الإنجليز، والجندي المصري يتفوَّق بالضعف على الجندي الألماني، ومعنى ذلك أنَّ الجندي المصري يساوي ستة عشر جنديًّا إنجليزيًّا.

ولقد أثبت جهاد شباب مصر المسلم إبَّان حرب القتال وفلسطين أنَّ الواحد منهم بخمسين أو مائة من الأعداء1.

4-

الوفرة العددية لشعب مصر "40 مليون" مع الاستعداد للاستمرار والمزيد، فبرغم دعاوى تحديد النسل التي تشكَّلت تحت أسماء عديدة، وقامت على تشجيعها وزارات وهيئات رسمية، فلا يزال تناسل الشعب المصري يتكاثر، ولو أطلق له حرية التناسل، وكان مع ذلك شيء من الرخاء الاقتصادي، فضلًا عن مبادئ الإسلام وخلقه؛ لأقبل الشباب على الزواج في سنٍّ مبكِّر، ولتضاعف عدد الشعب أضعافًا كثيرة، وهذه لها أكثر من فائدة.

فهي تعطي الشعب القدرة على الاستمرار في الحروب، مع إحاطة الأعداء بها من كل جانب.

وهي تعطي عاملًا اقتصاديًّا ضخمًا يساعد على وفرة الإنتاج ورخصه، فضلًا عمَّا تعطيه من الأهمية الأدبية للشعب المصري وسط شعوب المنطقة.

ومما لا شك فيه أن زيادة السكان تعتبر من أقوى أسس القوة والنماء في العالم الإسلامي عامَّة وفي مصر خاصة. وهذه الزيادة تخيف أعداء الإسلام، ومما يقدِّم لنا صورة عن زيادة السكان في مصر وتأثيرها في موقف الدول المعادية للإسلام منها، الرجوع إلى ما ذكره باول شمتز إذ يقول: "بعد ثلثمائة سنة سيصبح سكان مصر حوالي 500 مليونًا، وبعد 425 حوالي 2 مليارًا، أي: إنه سيكون في مصر أعداد من البشر تساوي ما هو موجود

3 راجع مذكرات كامل الشريف عن حرب فلسطين تحت عنوان: "الإخوان المسلمون في حرب فسلطين"، ومذكرات الأخ حسن روح عن حرب القتال.

ص: 206

الآن على ظهر الأرض. وسيصبح في مصر في مدى 968، أي: أقل من ألف عام بقليل، أمَّة تعدادها 973 مليارًا من البشر، أي: إنها ستنمو بشريًّا إلى درجة لا تمكنها فقط من استعمار الكرة الأرضية، بل من استعمار أعداد من الكواكب الأخرى"1.

ودعاوى الندرة الاقتصادية وعدم قدرة الموارد الموجودة على مواجهة الانفجار السكاني، هذه الدعاوى ساقطة علميًّا بما قدَّمنا من وفرة الموارد، لولا أنها لا تستعمل وتستغل وتذهب إلى غير الشعب.

كل هذه العوامل أو بعضها يعطي مصر خطورة وأهمية لا تتوفَّر لغيرها من شعوب المنطقة، ولذا كانت هدفًا لكل أنواع الاستعمار التي عرفها العالم، ابتداءً من استعمار الهكسوس والرومان، والفرنسيين، والإنجليز، واليهود

لكن برغم ذلك، فقد ثبت أن مصر مقبرة الغزاة، وأنها -كما قيل: كنانة الله في أرضه، فقد خرجت من ذلك كله سليمة العقيدة في مجموعها، حريصة وفيِّةً لدينها ومُثُلِهَا، وعرف الناس -وإن لم يدرك بعض الحكام- أن الخداع وإن انطلى على الشعب فترة، فإنه لا يطول، وأنَّ الاستبداد وإن عاش حينًا فإنه لا يدوم، وأنَّ الكفر والفسوق وإن تمكَّن دهرًا فإن الشعب لا يلبث أن يلفظه ويدوسه.. وفي الفراعين القدامى والجدد، وفي الغزاة المستعمرين قديمًا وحديثًا، عِبَرٌ لمن أراد العبرة، وتذكرة لمن تنفعه الذكرى.

تاريخ قديم وحديث:

وعمر الشعب المصري، أو عمر حضارته -كما يحلو للبعض أن يتشدق- ثلاثة آلاف سنة بالنظر إلى أجداده الفراعين، والمعروف البديهي أنَّ التفاخر بالفراعنة وغيرها من النعرات الإقليمية كانت إحدى النعرات التي أطلقها الاستعمار الصليبي في مصر بعد الحرب العالمية الأولى، وهي دعوى باطلة قصد بها باطل، لكنَّا نعتبر ما قبل الإسلام جاهلية بلغت حد

1 الإسلام قوة الغد العالمية: تأليف باول شمتز. ترجمة الدكتور/ محمد شامة. ص203.

ص: 207

عبادة الفراعين، وحدّ استخفاف الفراعين أن يقولوا.. {أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى} أو {مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي} أو {مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ} الأمر الذي تجدَّد في العصر الحديث حين ارتدت مصر إلى شيء من الجاهلية، فقال أحد فراعينها الجدد "أنا خلقت فيكم الحرية وخلقت فيكم الكرامة" ذلك المخلوق التافه يخلق، فماذا ترك للخالق؟.

ونعتبر بميزان الله أنَّ الميلاد الحق لهذا الشعب منذ الفتح الإسلامي على عهد عمر بن الخطاب، حين توجَّه جيش عمرو بن العاص المظفَّر إلى أرض مصر، ففتح القلوب بالقرآن قبل أن يفتح البلاد بالسيف، ودخل شعب مصر -طواعية واختيارًا- في دين الله أفواجًا، ورأى الفارق الضخم بين حكم الرومان وتعسُّفهم، وحكم الإسلام وعدله ورحمته، حتى لقد كان النَّصارى يفرّون من حكم الرومان -وهم أهل دينهم- إلى حكم الإسلام، وهو ليس بدينهم؛ لما وجدوه في ظلِّه من رحمة وعدلة وأمان

وبقي من بقي من قبط مصر على مسيحيته، لم يكرهه أحد على ترك دينه، بل لم يلق القبط في مصر ما تلقاه أية أقلية في وطن آخر، والمثل الذي ضربه عمر رضي الله عنه غداة فتح مصر، حين شكا إليه أحد أقباط مصر أنَّه تسابق مع ابن عمرو بن العاص، فلمَّا سبقه ضربه ابن عمرو بن العاص، فاستدعى عمر الحاكم المسلم العدل عمرو وابنه، وعلى ملأ من الناس قال للقبطي: اضرب ابن الأكرمين، وقال عمر الخليفة لواليه عمرو: لو فعلها ابنك مرة أخرى لضربتك أنت

إشارة إلى أنه ما شجع الابن على ذلك إلّا وجاهة أبيه ومكانته.

ووعى الشعب المصري هذا الحادث، ووعى معه قول الله:{لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} ووعى أيضًا واجب المسلمين في حماية الذمِّيين بما فعله جند الإسلام قبل معركة اليرموك، عندما استعدوا لملاقاة هرقل فانشغلوا عن أهل حمص فردوا

ص: 208

ما كانوا أخذوه منهم من الخراج قائلين لهم: "قد شغلنا عن نصرتكم والدفاع عنكم، فأنتم على أمركم" فقال أهل حمص: "لولايتكم أحبّ إلينا مما كنا فيه من الظلم والغشم، ولندفعنَّ جند هرقل عن المدينة مع عاملكم".

وتعرَّض الشعب المصري لألوان الغزو قديمًا وحديثًا طمعًا في خيرات مصر وجوِّها، أو حربًا لدينها وعقيدتها، وكانت كذلك هدفًا لحملات الصليب عليها خلال قرون من الزمان.. أعطت فيها مصر نماذج التضحية والاستبسال حتى هُزِمَ الصليبيون على أرضها في المنصورة، ثم هزموا على يد أبنائها في حطين بقيادة صلاح الدين الأيوبي.

ووضعت مصر بذلك نهاية الحروب الصليبية العسكرية؛ لتتعرَّض بعد ذلك لألوان من الحروب الأخرى.

وقبلها وضعت مصر نهاية حروب التتار في عين جالوت، ووضعت مثلًا من البسالة والذكاء الحربي كبيرة..

وبعدها كانت معارك مصر مع الاستعمار الفرنسي، رغم أنها حاربت عزلاء من السلاح، ومن العون من دولة الخلافة وغيرها من بلاد الإسلام، ثم معاركها مع الاستعمار الإنجليزي المتقدم.. كانت كلها نماذج لإخلاص الشعب وحرصه على دينه واستجابة لعلمائه.

وثورة القاهرة على الفرنسيين مَثَل، ووقفهم الزحف الإنجليزي القادم من الغرب وهزيمة الإنجليز أكثر من مرة في رشيد وفي كفر الدوار مَثَلٌ آخر، ولولا الخيانة من الحكم القائم، ومن بعض العناصر الأخرى في الجيش المصري؛ لاستطاع القائد المسلم أحمد عرابي أن يصدَّ الغزو الإنجليزي الفاجر عن أن يطأ أرض مصر.

ولقد بدأ تاريخ الاستعمار الإنجليزي سنة 1882، وأعقبه بعد دخوله بسنة واحدة إقصاء الشريعة الإسلامية عن التطبيق، وظلَّ الاستعمار الإنجليزي يحاول تغريب مصر في لغتها، وفي قيمتها ومثلها، فكان نصيبه على العموم الفشل، وإن خلَّف وراءه عملاء يؤدون نفس دوره، وسوف نشير إليهم

ص: 209

بعد قليل. ورحل الاستعمار الإنجليزي عن أرض مصر سنة 1956 بعد أكثر من سبعين عامًا من الاحتلال العسكري المصحوب بحرب العقيدة والفكر في مصر.

صناعة الانقلاب العسكري والخط اليهودي النصراني:

لم يعد خافيًا بعد ما نشر من كتابات رجال المخابرات الأمريكية المركزية، ومن الوثائق الأخرى التي صدَّقتها الأحداث1، وبعد ما شهد به رجال ثقات نثق في أمانتهم وصدقهم3، لم يعد خافيًا أن الانقلاب العسكري الذي تَمَّ في مصر سنة 1952 كان انقلابًا لصالح اليهود والنصارى في مصر.

وبيان ذلك: إن اليهود أدركوا منذ قدموا أرض فلسطين أنَّ الخطر الأكبر عليهم هو من أكبر قوة في المنطقة.. قوة الشعب المصري الملاصق لأرض فلسطين، فلو استطاعوا أن يخضعوا هذا الشعب وأن يطوعوه للنفوذ اليهودي؛ لتخلَّصوا بذلك من أكبر خطر على وجودهم في فلسطين.

وتأكَّد الخط اليهودي في الانقلاب المصري بأكثر من دليل:

1-

ما صرَّح به اللواء معروف الحضري -رحمة الله- من أنه شاهد جمال عبد الناصر يخرج من خطوط الحصار في الفالوجة -أكثر من مرة في منتصف الليل؛ ليدلف في سيارة يهودية داخل الخطوط اليهودية؛

ليجتمع مع اليهود بغير علم قيادته، ثم يعود مع خيوط الفجر.

3-

ما احتفظ به اللواء معروف الحضري رحمه الله من مستند بخطِّ جمال عبد الناصر كان قد وجَّهه إليه أثناء أسر الحضري يطلب فيه التعاون

1 راجع كتاب مايلز كوبلاند "لعبة الشعوب"، وكتاب هيئة المخابرات المركزية لمؤلفه "أندو توللي"، فكلاهما يدل على أن الولايات المتحدة الأمريكية جماعة من الضباط ذوي الطموح إلى تدبير انقلابات عسكرية بالبلاد العربية مقابل تعهدهم بمهادنة إسرائيل.

2 راجع الوثائق التي أشرنا إليها سابقًا.

3 منهم اللواء معروف الحضري -أحد أبطال حرب فلسطين عام 1948- رحمة الله.

ص: 210

مع ضابط المخابرات اليهودي "كوهين"، الأمر الذي رفضه معروف الحضري -أسكنه الله فسيح جناته1.

3-

ما صرَّح به مؤسس إسرائيل -بن جوريون- في الكنيست، قبل وقوع الانقلاب العسكري المصري من أنَّ انقلاب سوف يحدث في مصر، ولن نكون -أي: اليهود- أقلّ فرحًا به من المصريين2.

4-

ما ذكره مايلز كوبلاند من اتصال المخابرات المركزية بجمال عبد الناصر قبل الانقلاب، وما ركَّز عليه من أنَّ الانقلاب العسكري

1 مذكرات اللواء معروف الحضري تحت الطبع، وبها الوثيقة المشار إليها بخطِّ يد عبد الناصر المعروف لكثيرين، فقد أعطى عبد الناصر وهو محاصر بالفالوجة لضابط المخابرات الإسرائيل "كوهين" خطاب توصية يتقدَّم به الكابتن كوهين لمعروف الحضري الأسير وقتئذ، آملًا منه التعاون معه. وقد أسر معروف الحضري وهو في طريقه لتوصيل الإمدادات للفالوجة بقافلة عَبَر بها خطوط الأعداء.

2 ذكر هاري هوبكنز في كتابه المنشور في بريطانيا عام 1969م، أن ناصر كلَّف اثنين بترتيب لقاء بينه وبين موسى شاريت رئيس جمهورية مالطة، وزعيم حزب العمل بها. كما أعطى ناصر في نفس العام أيضًا خطابا بخطِّه إلى عضو البرلمان موريس أورباخ لتوصيله لموسى شاريت، وفي نفس العام أيضًا أصدر عبد الناصر كتاب: فلسفة الثورة، الذي جاء خاليًا من الدعوة لحمل السلاح ضد إسرائيل.

كما ألَّف دافيد هولدن الصحفي البريطاني كتابين عن عبد الناصر، ذكر في أحدهما أنَّه كان وسيطًا بين عبد الناصر وبن جوريون، وكان يتنقل بين منزل كلٍّ منهما حاملًا الرسائل والرد عليها. وقد قتل هولدن بمجرد وصوله للقاهرة قادمًا من القدس بعد أن حضر زيارة السادات لها في نوفمبر 1977م، وتَمَّ العثور على جثته في مدينة نصر بالقاهرة، تنفيذًا لمبدأ الموتى لا يتكلمون، ذلك أنَّ الرجل كان يعلم أكثر من اللازم عن صلات ثورة 23 يوليو باليهودية العالمية التي أثمرت فيما بعد كلًّا من كامب دافيد واتفاقية واشنطن.

هذا وقد صرَّح أمين شاكر -وزير السياحة المصري السابق ومدير مكتب عبد الناصر في أول الثورة، في أهرام الجمعة 16 ديسمبر 1977م، أن عبد الناصر قام باتصالات سرية مع إسرائيل دون علم مجلس الثورة، وأن لديه وثائق هامَّة في هذا الشأن، وأن الصحفي المعروف حسنين هيكل كان وسيطًا في بعض هذه الاتصالات، وقد أدلى أمين شاكر بهذه التصريحات للأهرام في معرض دفاعه عن زيارة السادات للقدس عام 1977م، بذكره أنَّ لديه وثائق بخطِّ عبد الناصر توضِّح أنه فعل سرًّا ما فعله خليفته علنًا.

ص: 211

لا يعتبر اليهود عدوه الأول، بل يعتبر المصريين من رجعين وملكيين وأحزاب هم عدوه الأول.

وهذا أمر تأكَّد عندما صدر البيان الأول للانقلاب خاليًا من الحديث عن فلسطين أو اليهود.

5-

ما مارسه الانقلاب العسكري المصري من حرب السحق والإبادة للجماعة الإسلامية التي حملت على عاتقها عبء الدعوة في مصر منذ نصف قرن، والتي جعلت عبء الجهاد الحق في فلسطين ضد اليهود؛ ليبقي الشعب المصري -بعد القضاء على هذه الجماعة- بغير حصانة إسلامية جدية تستطيع الوقوف في وجه الزحف اليهودي.

فلقد ذاقت الجماعة المذكورة في عهد الانقلاب العسكري المشئوم القتل والتعذيب والتشريد، وحرب السحق والإبادة بلا رحمة ولا هوادة مرتين، مرة سنة 1954، 1955م قبل الهجوم اليهودي سنة 1956م بسنة واحدة، ومرةً سنة 1965، 1966م قبل الهجوم اليهودي سنة 1967م كذلك بسنة واحدة.

1 وجَّهت صحيفة "ايدعوت أحرنوت" الإسرائيلية اللوم للتليفزيون الإسرائيلي لتسرُّعه في إظهار عواطفه المؤيدة للمسيحيين في لبنان ضد المسلمين، فقد حذَّرت الصحيفة من انعكاس هذا الأمر على المسلمين؛ بحيث يعودون لإسلامهم. واعترفت الصحيفة أنَّ إسرائيل مارست ضرب الحركة الإسلامية خلال الثلاثين عامًا الماضية عن طريق أصدقائها في العالم العربي.

وأضافت الصحيفة أنَّه إذا لم تنجح إسرائيل في هذه العملية "تعني القضاء على الجماعات الإسلامية في بلدان المواجهة بالذات، فإنها ستواجه عدوّا حقيقيًّا لا وهميًّا.. عدوًا يعتقد أنه يدخل الجنة إذا قتل يهوديًّا أو قتله يهودي".

"مجلة المجتمع الكويتية العدد 49 الصادر في الثلاثاء 7 ذي الحجة 1398هـ الموافق 7 نوفمبر 1978م ص18، 19".

واعترافات صحيفة ايدعوت أحرنوت يقدِّم تفسيرًا واضحًا، ليس في حاجة إلى تعليق لما حدث للجماعات الإسلامية في كلٍّ من مصر وسوريا والأردن، ولما ينتظرهم حاليًا على أيدي أصدقاء إسرائيل في دول المواجهة، فقد كشفت ايدعوت أحرنوت الخطَّة وهي: حارب الإسلام في بلدك تكسب صداقة اليهود.

هذا بالإضافة إلى اعتراف محمد حسن حسن التهامي نائب رئيس الوزراء برئاسة الجمهورية حاليًا

ص: 212

1-

ما وضح من خلال الحربين اللتين خاضهما الانقلاب ضد اليهود، وصاحب كلًّا من هاتين الحربين كل مرة الانسحاب، ومع الانسحاب الهزيمة لأكبر قوة ضاربة في الشرق الأوسط، مع الانسحاب والهزيمة كسبت إسرائيل سبعة أَضعاف مساحتها سنة 1948م.

ما وضح خلال ذلك كله، وبالرغم من أنَّ القيادة كانت تجمع بين كونها سياسية وعسكرية بخلاف الوضع في عهد الملك السابق.

نقول: إن ما وضح من خلال ذلك كله هو أنَّ الحرب لم تكن جدية، وأنها يشوبها شك كبير في خيانة مقصودة لتمكين اليهود من الأرض، وإضفاء شرعية الكسب عن طريق الحرب لليهود، ثم ما ينتج عن ذلك كله من فقدان العرب الأمل في كسب حربي لهم إذا كانت أكبر قوة ضاربة عاجزة عنه1.

وأحد أعضاء خلية عبد الناصر ذاته في تنظيم الضباط الأحرار، في عدد روز اليوسف رقم 2603 صفحة 7، بأنَّ خبيرًا أمريكيًّا اقترح اختلاق محاولة لإطلاق الرصاص على عبد الناصر، الأمر الذي يثبت أن حادث المنشية الذي اتَّخذه عبد الناصر ذريعة للفتك بالإخوان المسلمين عام 1954م كان حادثًا مفتعلًا على نمط حريق الريغستاغ الذي تذرَّع به هتلر للبطش بسائر الأحزاب السياسية في ألمانيا. وبذلك شهد شاهد من أهلها.

1 ثبت تاريخيًّا من شهود العيان الذين مازال بعضهم أحياء يرزقون أنَّ الذي أصدر الأمر بانسحاب القوات المصرية في سيناء في حربي 1956، 1967 هو عبد الناصر شخصيًّا، وقد عارضه اللواء عبد الحكيم في حرب 1956 في إصدار أمر الانسحاب، فلمَّا أمر عبد الناصر بعث عامر ببرقية الانسحاب إلى قيادات الوحدات بالصيغة التالية:

"بناء على أوامر الرئيس جمال عبد الناصر تنسحب....".

أما في حرب 1967م فقد شهد التهامي وهو شاهد من أهلها كما أوضحنا آنفًا بما نشر في عدد الأهرام رقم 33110 بتاريخ 5/ 8/ 1977م، كمذكرات تاريخية له، أنَّ عبد الناصر اعترف له شخصيًّا بأن أمر المشير عبد الحكيم عامر بالطيران صباح 5 يونيو "حزيران" 1967م ومعه طاقم القيادة ليتوجه إلى الميدان ليتفقَّد القوات رغم توفّر معلومات شبه مؤكدة لديه بأن الطيران الإسرائيلي سيضرب ضربته في هذا الوقت بالذات، فنجم عن ذلك تعطيل شبكات الدفاع الجوي بأوامر من القيادة خوفًا على طائرة المشير، كما اعترف عبد الناصر أيضًا لنفس الشاهد بأنّه هو الذي أمر بانسحاب القوات من سيناء مثلما فعل في حرب 1956م.

وقد فسَّر رائد عطار في عموده اليومي بالأهرام الصادر في 17/ 12/ 1977م تصرف =

ص: 213

الأمر الذي يشيع اليأس في قلوب العرب والمسلمين، ويدفعهم إلى التسليم بالأمر الواقع في قبول وجود إسرائيل في المنطقة رغم عدوانها وغصبها لأرض فلسطين.

7-

ما مارسه الانقلاب العسكري لقبول الأسر الواقع بوجود إسرائيل في المنطقة وجودًا شرعيًّا معترفًا به من أصحاب الحق نفسه، ويتَّضِح التمهيد الاقتصادي بإجراءات التخريب في هذا الميدان التي لم تعد خافيةً طوال ثلاثين عامًا من هذا الانقلاب العسكري، الأمر الذي أدَّى إلى فراغ الخزينة المصرية، ونزول الاقتصاد المصري إلى تحت الصفر، كما صرَّح بذلك رئيس الدولة الحالي بعد الحرب الأخيرة، مما جعل الصفر- عامَّة الناس- يسلمون بعد الخنق الاقتصادي المذكور بوجوب الصلح مع إسرائيل، والتسليم بالأمر الواقع ظنًّا منهم أن ما هم فيه من الخنق الاقتصادي سببه الحرب مع إسرائيل، والحق أنَّ ما وصل إليه الشعب المصري من ضيق اقتصادي ومشاكل اجتماعية يرجع في المقام الأول إلى فساد نظام الحكم، وخراب ذمم القائمين على مقدَّرات شعب مصر.

- أمَّا التمهيد الإعلامي: فقد مَرَّ بأكثر من طريق، طريق الدعاية بأنَّ مصر حاربت وهي أكبر قوة ضاربة في الشرق الأوسط، ثم وقعت معها الهزيمة فوقع معها اليأس من النصر.

ثم ما أعقب ذلك من ادِّعاء أنَّ كلَّ مشاكل مصر هي بسبب حربها مع إسرائيل، وأنَّ الرخاء ينتظر مصر مع الصلح والسلام، وكلٌّ من السلام

عبد الناصر المريب في حرب 1967م، بأنَّ عبد الناصر دبَّر هذه المذبحة لجيش مصر بعد اطِّلاعه على تقارير أمنية تفيد القوات المسلحة المصرية على عزله من منصبه نتيجة لتورطه في اليمن، وبعد فقدانه السيطرة على مجموعة المشير عامر التي سيطرت على الجيش سيطرة كاملة، وكان العقيد شمس بدران من أبرز شخصيات مجموعة المشير؛ إذ كان له تنظيم أمني داخل جميع الوحدات المقاتلة بعلم المشير، وقد انكشف المخطَّط الناصري بعد الهزيمة النكراء، فكان لا بُدَّ من التخلُّص من المشير بقتله؛ لأنه إذا حوكم سيروي للتاريخ المسئول الحقيقي عن ضياع الجيش المصري في صحراء سيناء في يونيو 1967م. وجدير بالذكر أنَّه كان من ضمن المخطَّط مقال افتتاحي نشره هيكل رئيس تحرير الأهرام، ومستشار عبد الناصر في الصفحة الأولى بالأهرام، أنَّ مصر لن تضرب الضربة الأولى، فكان دعوة الجيش للاسترخاء.

ص: 214

والرخاء من الأوهام التي ستثبت الأيام أنهما كانا من خرافات الصهيونية التي خدَّرت بها السذج والأغبياء.

- أما التمهيد السياسي: فقد كان تمهيدًا خارجيًّا، بما مُورِسَ من خيانة وتآمر مع القوى اليهودية المتعاونة مع القوى الصليبية الدولية، وتمهيدًا داخليًّا بما مورس من إجراءات القمع الشديد الذي أفقد الشعب كثيرًا من نخوته، وجعله يتخلَّى عن كثير من شجاعته، مما جعله غير قادر وغير راغب في مواجهة حرب مع العدو.

ذلك بعض ما مارسه الانقلاب العسكري في مصر خدمةً للخطِّ اليهودي، وتحقيقًا لمخطَّطِه، ونقول:"بعض"؛ لأنه هو ما تكشَّف لنا مع الدليل، وما خفي لا بُدَّ أنه أعظم، ولعلَّ معاهدة الصلح الأخيرة قد أكَّدت كل ما سبق، ولعلَّ ما سوف يعانيه الشعب المصري من غزو فكري واقتصادي على قيمه ومقوماته من قِبَلِ اليهود سوف يكون تأكيدًا آخر.

هذا عن الخطِّ اليهودي الذي يعمل متعمقًا، والذي صار له -كما أشار بيجين- من الأصدقاء في مصر، أكثر من أصدقائه في إسرائيل، ويكفي أنْ تعرف أن وزير خارجية مصر الحالي متزوج من يهودية، وأنَّ أحد الكبار قد رزق ابنه من سلالة يهودية، وأن حاخام مصر الذي سوف يترأس يهودها "140 فردًا حتى الآن" سوف يقدم إليها من إسرائيل، وسوف تدفع الدولة له راتبه ونفقاته.

أما عن الخط النصراني: فإنَّ بينه وبين الخط اليهودي وفاقًا "مصداقًا لقوله تعالى: {بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْض} إن لم يكن اتفاقًا، سوف يظهر من تسلسل الأحداث على النحو التالي:

1-

منذ تولي رئاسة القبط في مصر المدعو "شنودة" بدأ تخطيط النصارى يتجه إلى التنفيذ، بلوغًا إلى جعل مصر "دولة قبطية"، بالاستناد إلى مزاعم أنها كانت للأقباط قبل "الاستعمار الإسلامي"، وتأكَّد ذلك بما ألقى المذكور من خطب فيما سماه: بالشعب الفلسطيني أو الأمة القبطية، تمييزًا لها عن بقية الشعب، وبما زعمه من أن تعداد النصارى في مصر صار

ص: 215

"ثمانية ملايين"، وليس ثلاثة كما دلَّ على ذلك التعداد الرسمي، ثم ما دعا إليه من محاولة زيادة هذا العدد أضعافًا كثيرة عن طريق تشجيع التزاوج والتناسل في الوقت الذي يجري بين المسلمين تحديد النسل.

2-

صدور جريدة للنَّصارى في مصر تحت اسم "وطني"، وهي بذلك تشير إلى أنَّ مصر وطنهم، فوق ما يتأكَّد من كتيبات ضمنية أو صريحة في الجريدة المذكورة أو في النشرت الخاصة.

3-

إقامة كاتدرائية كبيرة في القاهرة، يمكن رؤيتها من كل الجهات على بعد شديد، على موقع استراتيجي في قلب القاهرة، بحيث تصير مركز الإشعاع والتخطيط للنصرانية في مصر.

4-

الإكثار من إقامة الكنائس، حتى لقد صدر في الفترة الأخيرة قرار بإنشاء خمسين كنيسة في قرار واحد، ويجري تصميم الكنائس وإنشاؤها على نحوٍ يجعل منها معاقل وحصنًا يصعب إن لم يستحل اقتحامها.

5-

جمع السلاح وتكديسه في الكنائس والأديرة والأماكن الأخرى، ويجري جمع السلاح ليس فقط من الداخل عن طريق الشراء، وليس فقط عن طريق السرقة من مخازن القوات المسحلة المصرية، وتأتي في شكل طرود لا تعرف السلطات محتوياتها، أو تعرف وتغمض العين عن ذلك.. ويجري الآن إعداد أماكن بعيدة عن الموانئ الرسمية وعن أعين المسلمين صالحة لرسوّ السفن الحاملة للذخيرة والسلاح، وفي الوقت نفسه تشتد حملات للسلطة المحلية من شرطة ومباحث ومخابرات لضبط السلاح لدى المسلمين وحرمانهم منه.

6-

شراء العقارات والأراضي بشكل فيه توسّع كبير، يعتمد على الموارد الضخمة للنصارى في مصر1، ويضاهي ما فعله اليهود في فلسطين، وقد بلغ الأمر حدَّ شراء أماكن العبادة الإسلامية بالتواطؤ أو التغفيل للجهات الرسمية.

1 اعترف الأنبا شنودة أن المعونات تصلهم من أمريكا والحبشة وجهات أخرى في حديثه بالأسكندرية.

ص: 216

وقد استطاع النصارى أخيرًا أن يأخذوا في منطقة وادي النطرون حوالي ألف فدان من وزارة التعمير قاموا بتسويرها، ويجري داخل هذه المساحة الضخمة تدريب شباب النصارى على السلاح أفواجًا أفواجًا

استعدادًا لمعركة مع المسلمين.

ويبدو في تخطيط اليهود أن تصير لهم حماية نصرانية من الشمال والجنوب، من الشمال في لبنان ومن الجنوب في مصر، وأن التوسُّع القادم سوف يمتد شرقًا إلى أراضي الأردن والعراق وسوريا، ثم جنوبًا في أرض الحجاز، بلوغًا إلى ما يدَّعيه اليهود من حقٍّ في أراضي "بني قريظة وبني النضير وبني قينقاع"، وتمام إخراجهم في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

مستقبل الإسلام في مصر:

الحديث عن المستقبل رجم بالغيب، لكن من خلال أمر الله لنا أن "أعدوا"، فإن التخطيط جزء الإعداد، بل هو رأس الإعداد كله، ومع التخطيط لا بُدَّ من التوقع من خلال ما يجري من أحداث، وما حولنا من الشواهد

وتوقعنا من خلال الأحداث وما حولنا من شواهد هو أنَّ الصليبية متحالفة، فيقوم في مصر حكم صليبي نصراني متحالف مع الحكم اليهودي القائم في شمالها، وله في ذلك أحد السبيلين.

1-

إما أن يستأصل شأفة المسلمين، ويأخذ أرضهم وديارهم كما فعل النصارى في الأندلس قديمًا، وفي الفلبين حديثًا، وكما فعل اليهود في فلسطين حديثًا.

2-

وإمَّا أن يكتفي بإذلال المسلمين وإبعادهم عن السلطة، وجعل السلطة في يد النصارى كما حدث في تنجانيقا التي اتحدت مع زنجبار تحت إسم تنزانيا؛ ليحكم النصارى 85% من السكان المسلمين، وكما حدث لأثيوبيا؛ إذ مكَّن للنصارى رغم أن الأغلبية الإسلامية تجاوز 75% من التعداد الحقيقي للسكان.

ص: 217

لكن ماذا نتوقع من الجانب الآخر:

من الأغلبية الإسلامية التي تصل إلى أكثر من 95% من تعداد السكان -إن بقيت هذه الأغلبية بعيدة عن الوعي، بعيدة عن الجهاد، بعيدة عن الالتفاف حول قيادتها الإسلامية- فإنَّه يمكن أن يكون مصيرها مثل مصير الأغلبية المسلمة التي عاشت في الأندلس، أو الأغلبية الإسلامية التي تعيش في تنزانيا "على أحسن تقدير".

وإن أنعم الله عليها بالوعي، وعافاها من الغفلة، وعرفت الطريق إلى الجهاد تحت راية الإسلام، وتحت قيادة جماعية إسلامية، فإنها سوف تُلَقِّن "الشياه" أنَّ تراب الإسلام لا يباع للنصارى واليهود، وأن مصر التي قبرت غزاة الأمس سوف تعبر بإذن الله غزاة اليوم، وأن الله غالب على أمره ولكنَّ أكثر الناس لا يعلمون، ومُتِمُّ نوره ولوكره الكافرون، وسيعلم الذين ظلموا أيَّ منقلب ينقلبون.

ص: 218

ملحق رقم 5: الحركة النصرانية في مصر

في الاجتماع الذي تَمَّ في الكنسية المرقسية بالأسكندرية برئاسة الأنبا شنودة الثالث بتاريخ 25/ 3/ 1972م1.

بعد أداء الصلاة والترتيلات طلب الأنبا شنودة من عامَّة الحاضرين الانصراف فانصرفوا، ومكث رجال الدِّين وبعض أثرياء وأعيان المسيحيين بالإسكندرية "وفي مستهلَِّ الاجتماع بدأ شنودة كلمته بأن بشَّرهم بأنَّ كل شيء يسير على ما يرام، وحسب الخطة الموضوعة والتخطيط المرسوم لكل جانب من جوانب العمل على حدة في إظهار الهدف الموحَّد، نتحدث عن موضوعات تشمل عدة نشاطات كالآتي:

أولًا: عدد شعب الكنيسة

- صرَّح بأن مصادرهم في إدارة التعبئة والإحصاء أبلغتهم بأنَّ عدد المسيحيين في مصر يقارب ثمانية ملايين نسمة، وواجب أن يعلم ذلك شعب الكنيسة، كما يجب عليهم أن ينشروا ذلك ويؤكِّدوه بين أفراد وفئات المسلمين؛ لأنه سيكون عندنا في المطالب التي سنطالبها من الحكومة، وسنذكرها لكم اليوم، والتخطيط العام الذي تَمَّ الاتفاق عليه بالإجماع، والذي صدرت بشأنه التعليمات الخاصَّة بتفنيذه، هذا التخطيط وضع أساس بلوغ شعب الكنيسة إلى نصف الشعب المصري؛ حيث يتساوى عدد شعب الكنيسة مع عدد المسلمين لأوّل مرة منذ ثلاثة قرون من الزمان "أي: منذ الاستعمار العربي أو الغزو الإسلامي لبلادنا" على حدِّ قوله، والمدَّة المحددة في التخطيط للوصول إلى هذه النسبة هي من 12-15 سنة منذ الآن، ولذلك فإنَّ الكنيسة تحرِّم تحريمًا باتًّا

1 اعتمدنا في هذه الوثيقة على ما تفعله المخابرات المصرية من تسجيلات الاجتماع.

ص: 219

وقاطعًا تحديد النسل أو تنظيمه، ويعتبر كل من يفعل ذلك خارجًا على تعليمات الكنيسة، ومضيِّعًا لمجده، وذلك باستثناء الحالات التي يقرر فيها أطباء الكنيسة خطر الحمل أو الولادة على حياة المرأة، وقد اتخذت الكنيسة عدة قرارات لتحقيق هذه الخطة بالنسبة لزيادة عدد المسيحيين:

1-

تحريم تحديد النسل وتنظيمه بين شعب الكنيسة.

2-

تشجيع تحديد النسل وتنظيمه بين المسلمين، خاصَّة وأن أكثر من 65% من الأطباء وبعض الخدمات الصحية في شعب الكنيسة.

3-

تشجيع الإكثار من النسل بين شعب الكنيسة، ووضع حوافز ومساعدات معنوية ومادية للأسر الفقيرة من شعبنا.

4-

التنبيه على العاملين بالخدمات الصحية على المستوى الحكومي وغير الحكومي بمضاعفة الخدمات الصحية بين شعبنا المسيحي، وبذل العناية والجهد الوافرين، وذلك من شأنه تقليل نسبة الوفيات بين شعبنا، على أن تكون تصرفاتهم غير ذلك مع المسلمين.

5-

تشجيع الزواج في السنِّ المبكر بتخفيض تكاليفه، وذلك بتخفيض رسم فتح الكنائس ورسوم الإكليل بالكنائس الكائنة بالأحياء الشعبية والفقيرة.

6-

تحرّم الكنيسة تحريمًا باتًّا على أصحاب العمارات والمساكن المسيحية تأجير أيَّ مسكن أو شقة أو محل تجاري للمسلمين، ويعتبر من يفعل ذلك من الآن مطرودًا من رحمة الرب ورعاية الكنيسة، كما يجب العمل بشتَّى الطرق والوسائل على إخراج السكان المسلمين من العمارات والبيوت المملوكة لشعب الكنيسة، وهذه السياسة الإسكانية إذا استطعنا تنفيذها بقدر الإمكان، فإن من شأنها تشجيع وتسهيل الزواج بين الشباب المسيحيين وتصعيبه وتضييقه بين شباب المسلمين، مما يكون له أثره الفعَّال في الوصول إلى الهدف؛ حيث لا يخفى أن الغرض من هذه القرارات هو انخفاض معدل الزيادة بين المسلمين، وارتفاع هذا المعدل بين شعب الكنيسة.

ص: 220

ثانيًا: اقتصاد شعب الكنيسة

- قال: إن المال يأتينا كما نطلب وأكثر مما نطلب من ثلاثة مصادر: أمريكا والحبشة والفاتيكان، ولكن يجب أيضًا أن يكون الاعتماد في تخطيطنا الاقتصادي على مالِنَا الخاصِّ الذي نجمعه من الداخل، وعلى التعاون والزيادة من حقل الخير بين أفراد شعبنا شعب الكنيسة، كذلك يجب الاهتمام أكثر بشراء الأرض، وتنفيذ نظام القروض والمساعدات لمن يقومون بذلك لمساعدتهم على البناء، وقد ثبت بالإحصاءات الرسمية أن أكثر من 60% من تجارة مصر الداخلية بأيدي المسيحيين، ويجب العمل على زيادة هذه النسبة، وتخطيطها الاقتصادي للمستقبل يركّز على إفقار المسلمين، ونزع الثروة من أيديهم ما أمكن بالقدر الذي يعمل به هذا التخطيط على ثراء شعبنا، لذلك يلزم المداومة على تذكير شعب الكنيسة والتنبيه عليهم مشددًا من حينٍ لآخر لمقاطعة المسلمين الاقتصادية، والنهي عن التعامل المادي معهم نهائيًّا إلّا في الحالات المستحيلة، وذلك يعني: مقاطعة المحامين المسلمين والمحاسبين والمدرسين والأطباء والصيادلة والمستشفيات الخاصَّة التي يملكونها، والمحلات التجارية الكبيرة، وكذلك الجمعيات الاستهلاكية ما أمكن ذلك، ما دام يمكن التعامل مع إخوانهم من شعب الكنيسة لسدِّ حاجتهم، كما يجب التنبيه والتذكير الدائم على مقاطعة صنَّاع المسلمين وحرفيهم تمامًا، والتعامل مع الصنَّاع والحرفيين المسيحيين، ولو كلَّف ذلك الفرد المسيحي الانتقال والجهد والمشقة، ثم قال: إن هذا الأمر مهم جدًّا وخطير بالنسبة للتخطيط المالي والتخطيط العام على المدى القريب والبعيد.

الجانب التعليمي:

29-

قال: إنه يجب بالنسبة للتعليم العام للشعب المسيحي الاستمرار في السياسة التعليمية المتَّبَعة حاليًا في الكنائس، مع مضاعفة الجهد في ذلك، خاصَّة وأن بعض المساجد بدأت تقوم بمهام تعليمية كالتي تقوم بها الكنيسة، وذلك سيجعل مضاعفة الجهد المبذول حاليًا أمرًا حتميًّا حتى تستمر النسبة التي نحصل عليها في مقاعد الجامعات، وخاصة في الكليات العلمية.

ص: 221

ثم قال: "إني أهنئ شعب الكنيسة، وخاصَّة المدرسين منهم بهذه النتائج؛ حيث وصلت نسبة بعض الوظائف الهامَّة والخطيرة مثل: الطب والصيدلة والهندسة وغيرها، إلى أكثر من 60% في أيدي شعب الكنيسة المسيحي، فإني أدعو لهم المسيح الرب يسوع المخلّص أن يمنحهم بركاته وتوفيقه حتى يواصلوا الجهد لزيادة هذه النسبة في المستقبل القريب.

رابعًا- التبشير:

40-

قال: إنه يجب مضاعفة الجهود التبشيرية على أنَّ الخطة التبشيرية التي وضعت قد بنيت على أساس التركيز في التبشير بين الفئات والجماعات، أكثر من التبشير بين الأفراد، وذلك على أساس أن الهدف الذي اتفق عليه من التبشير في المرحلة القادمة هو زحزحة أكبر عدد من المسلمين عن دينهم والتمسك به، على ألَّا يكون من الضروري دخولهم في المسيحية، ويكون المقصود من التركيز على بعض الحالات والأفراد لدخولهم في المسيحية هو زعزعة الدين في نفوس المسلمين، وتشكيك الجموع الفقيرة منهم في كتابهم وفي صدق محمد؛ لذلك يجب عمل جميع الوسائل وشتَّى السبل واستغلال كل إمكانيات الكنيسة للتشكيك في القرآن وإثبات بطلانه، وفي صدق محمد، وإذا نجحنا في تنفيذ المطلوب من هذا المخطَّط التبشيري في المرحلة المقبلة فإننا نكون قد نجحنا في إزاحة هذه الفئات عن طريقنا، وفي هذه الحالة فهي وإن لم تكن معنا، فلن تكون علينا، على أن يراعى في تنفيذ المخطَّط التبشيري بالذات أن يتم بطريقة هائة لبقة وذكية، حتى لا يكون ذلك سببًا في إثارة حفيظة المسلمين ويقظتهم، والخطأ الذي حدث في المحاولات التبشيرية السابقة بنجاح المبشرين في هداية بعض المسلمين لإيمانهم بالخلاص على يد الرب يسوع المخلص، الخطأ الذي حدث هو تسرُّب أنبائها الناجحة إلى المسلمين؛ لأن ذلك من شأنه تنبيه المسلمين وصحوتهم، وهو أمر قد ثبت من تاريخهم الطويل معنا أنَّه ليس بالأمر الهيِّن، وهذه اليقظة من شأنها أن تفسد علينا مخططاتنا المدروسة، وتؤخر نتائجها وثمارها، وتضيع جهودنا هباء، ولذلك قد أصدرت التعليمات بهذا الخصوص، وتنشر على جميع الكنائس لكي يتعرَّف

ص: 222

الجميع من شعبنا على المسلمين بطريقة ودية لامتصاص غضبهم، وإقناعهم بكذب هذه الأنباء، كما تَمَّ التنبيه على رعاة الكنيسة والأباء والقساوسة بمشاركة المسلمين احتفالاتهم الدينية وتهنئتهم بأعيادهم، وإظهار المودَّة والمحبَّة لهم، وعلى شعب الكنيسة في المصالح والوزرات والمؤسَّسات وكل أماكن الاحتفال إظهار هذه الروح بين المسلمين، ثم قال بالحرف الواحد:"إننا يجب أن ننتهز ما هم فيه من نكسة ومحنة؛ لأن ذلك في صالحنا، ولن نستطيع إحراز أية مكاسب، وأي تقدُّم نحو هدفنا إذا انتهت المشكلة مع إسرائيل؛ سواء بالسلم أو بالحروب"، ثم هاجم من أسماءهم بضعاف النفوس والقلوب الذين يقدمون مصالحهم الخاصة على مجد شعب الكنيسة، وتحقيق الهدف الذي يعمل له الشعب المسيحي منذ زمن بعيد في التاريخ، وقال: إنه لا يلتفت لعملهم، وأصرَّ أن يتقدم إلى الحكومة رسميًّا بالمطالب الواردة بعد؛ حيث إنه إذا لم يكسب شعب الكنيسة في مصر في هذه المرحلة أيَّة مكاسب على المستوى الرسمي، فربما لا يستطيعون أحراز أيّ تقدُّم بعد ذلك، ثم قال بالحرف الواحد:

"وليعلم الجميع وخاصَّة ضعاف القلوب أنَّ القوى الكبرى في العالم تقف ورائنا، ولسنا نعمل وحدنا، ولا بُدَّ أن نحقق الهدف، ولكنَّ العامل الأول والخطير في الوصول إلى ما يزيد هو وحدة شعب الكنيسة وتماسكه وترابطه، ولكن إذا تبدَّدت هذه الوحدة وذلك التماسك، فلن تكون هناك قوة ما على الأرض مهما عَظُمَ شأنها في إمكانها ومقدورها أن تساعدنا"، ثم قال:"وسوف لا أنسى موقف هؤلاء الذين يريدون أن يفتنوا وحدة شعب الكنيسة، وعليهم أن يبادرون فورًا بالتوبة وطلب الغفران والصفح، وألّا يعودوا لمخالفة ومناقشة تشريعنا وأوامرنا، والرب يغفر لهم"

"يشير إلى الخلاف الذي وقع بين بعض المسئولين منهم؛ حيث كان رأي البعض التريّث وتأجيل المطالب المزعومة إلى الحكومة".

خامسًا: المطالب

41-

ثم عدَّدَ الباب شنودة المطالب التي صرَّح بأنه سيقوم بتقديمها رسميًّا قريبًا إلى الحكومة، وهي:

ص: 223

1-

أن يصبح مركز البابا الرسمي في البروتوكول السياسي للدولة بعد رئيس الجمورية، وقبل رئيس الوزراء.

2-

أن يخصص لهم ثماني وزارات في الوزراة.

3-

أن تحدد لهم ربع القيادات العليا في الجيش والبوليس.

4-

أن يخصَّص لهم ربع المراكز القيادية المدنية؛ كرؤساء مجالس المؤسسات والشركات والمحافظين ووكلاء الوزارات والمديرين العمومين ورؤساء مجالس المدن.

5-

أن يؤخذ رأي البابا عند شغل هذه النسبة في الوزارات والمراكز العسكرية والمدنية الرئيسية، ويكون له حق ترشيح بعض العناصر والتعديل.

6-

أن يسمح لهم بإنشاء جامعة خاصَّة بهم، وقد وضعت الكنيسة بالفعل تخطيط هذه الجامعة، وهي تضم المعاهد اللاهوتية والكليات العملية والنظرية، وتموّل من مالهم الخاص.

7-

أن يسمح لهم بإقامة إذاعة خاصَّة من تمويلهم الخاص.

وأخيرًا اختتم حديثه بتبشير الحاضرين، وطلب منهم نقل هذه البشرى إلى شعب الكنيسة؛ حيث إن أملهم الأكبر في عودة البلاد والأرض إلى أصحابها من أيدي الغزاة العرب -على حدِّ تعبيره- قد بات وشيكًا، وليس في ذلك آية غرابة في زعمه، وضرب لهم مثلًا بأسبانيا النصرانية في أيدي المسلمين والمستعمرين قرابة سبعة قرون، ثم قال بالنص:"في التاريخ المعاصر أكثر من بلد عادت إلى ذمتها منذ قرون طويلة جدًّا".

ولعله يقصد من هذه الدول إسرائيل، وفي ختام الكلمة والاجتماع أنهى حديثه ببعض الأدعية الدينية للمسيح الرب الذي يحميكم ويبارك خطواتكم

-على حد تعبيره.

ص: 224