الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3-
البعد عن جوهر النظام الإسلامي السياسي:
- لا يمكن للقوى المعادية بعد كل ما بذلت أن تسمح بقيام النظام الإسلامي السياسي لا داخليًّا ولا خارجيًّا؛ لأنها إن سمحت كانت كمن نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثًا، أو كانت كمن بنى لنفسه بيتًا ثم راح يهدمه بغير سبب وبغير بديل، ولا يتصوّر ذلك من عاقل، ولا ينبغي أن نهوّن من ذكاء عدونا.
قد يقال: إن ما يهم العدو هو ألّا يقوم نظام إسلامي يتَّخذ المنهج الإسلامي في سياسته الخارجية، وبالتالي فإنه قام نظام يتَّخذ المنهج الإسلامي في سياسته الداخلية فلا شيء في ذلك، ولا تتدخَّل القوى الدولية فيه؛ لأن ذلك تدخُّل في الشئون الداخلية لدولة أخرى لا يجوز دوليًّا.
وكل هذا صحيح إذا لم يكن الأمر متعلقًا بالإسلام.
فيوم اختارت -أو هكذا بدت- ألبانيا النظام الشيوعي، لم تتدخَّل القوى الغربية، وكذلك يوم اختارت -أو هكذا بدت- كوبا لنفسها النظام الشيوعي، لكن قد يحدث كذلك تدخُّل تغمض عنه القوى الأخرى من باب تجنُّب الصدام المباشر، كما حدث حين سحقت روسيا روح المقاومة في بولندا مقابل سكوت الشيوعية على عملية التأديب التي قامت بها في مصر إنلجلترا وفرنسا وإسرائيل سنة 1956م، ثم ما حدث بعد ذلك في تشيكوسلوفاكيا.
أما بالنسبة للمنطقة الإسلامية: فإنَّ بين جميع القوى المعادية توافقًا بل اتفاقًا على ألَّا تقوم للإسلام دولة، سواء طبَّقت الإسلام في حدودها الداخلية، أو جاوزت ذلك لتطبقه كذلك خارج حدودها.
وما كان الغرب الصليبي ومن ورائه الصهيونية ليضيع جهوده وأمواله وأرواحه التي بذلها ابتداء ليوقف الزحف الإسلامي، ثم ليقضي على دولة الإسلام التي أسماها "الرجل المريض"، ثم ليوزِّع تركة ذلك الرجل المريض.
وما كان ليضيِّعَ تلك الجهود بالسماح مرة أخرى بقيام دولة الإسلام؛ لأنها إن قامت داخل حدودها، فإنهم يعلمون أن المارد لن يظلَّ طويلًا داخل القمقم، ومن ثَمَّ فإنهم يحاربون أيَّ قيام لدولة الإسلام.
ويحرِّمون ويحاربون أية خطوات تؤدي إلى ذلك، ولو كانت في صورة تضامن أو جامعة إسلامية، أو تطبيق جدّي للشريعة الإسلامية، أو جماعة يتعاظم أمرها وتنذر بقيام دولة إسلامية1.
والبعد عن النظام الإسلامي يتخذ صورًا عديدة:
1-
صورة عدم التطبيق للشريعة الإسلامية، أو صورة التطبيق الجزئي لها، والصورة الأولى قد يُكْتَفَى معها بشعار العلم والإيمان، أو غيره من الشعارات الإسلامية، والصورة الثانية قد يُكْتَفَى معها بالتطبيق في مجال الأحوال الشخصية، أوفي بعض الحدود التي يجري فيها التطبيق على الضعيف دون الشريف، مع ترك التعليم والإعلام والمجتمع بعيدًا عن عقيدة الإسلام وخلقه وسائر تعاليمه وأحكامه.
2-
صورة البعد بالأمَّة عن أن تكون أمة الإسلام:
في وحدتها {وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَة} .
أو في استمساكها {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} ومن ثَمَّ رأينا الفرق أو المزق تزعم لنفسها الشرعية، وتدَّعي لنفسها الإسلام.
3-
صورة البعد بالسلطة عن شرعية الإسلام.
وأهمها رضا المسلمين بها أيًّا كانت صورة الرضا.
وقبلها إقامتها لشريعة الإسلام.
1 راجع مقالًا عن خطوط عريضة للنظام السياسي الإسلامي، مجلة الوعي الإسلامي، العدد 166، شوال 1398-سبتمبر 1978م.
وراجع كذلك المشروعية الإسلامية العليا، مكتبة وهبة 1395-1975م، رسالة دكتوراه للدكتور علي جريشة.