المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ثالثا: المسلمون في بلاد شيوعية أخرى - حاضر العالم الإسلامي

[علي جريشة]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌الباب التمهيدي: وضع العالم الإسلامي وموقعه

- ‌العالم الإسلامي جغرافيًا

- ‌الموقع

- ‌ العالم الإسلامي فقهيًّا:

- ‌ العالم الإسلامي بين غيره من العوالم:

- ‌الباب الأول: واقع العالم الإسلامي

- ‌الفصل الأول: الواقع الفكري للعالم اللإسلامي

- ‌مدخل

- ‌الأفعى اليهودية تنفث سمومها:

- ‌ الفكر الغربي الصليبي في الشرق الإسلامي:

- ‌ الفكر الماركسي اليهودي في الشرق الإسلامي:

- ‌الفصل الثاني: الواقع السياسي للعالم الإسلامي

- ‌مدخل

- ‌ غيبة الخلافة الإسلامية:

- ‌ الاستعمار الجديد:

- ‌ البعد عن جوهر النظام الإسلامي السياسي:

- ‌الفصل الثالث: الواقع الاجتماعي للعالم الإسلامي:

- ‌الفصل الرابع: الواقع الاقتصادي للعالم الإسلامي

- ‌الباب الثاني: قضايا إسلامية معاصرة

- ‌الفصل الأول: أوطان سلبية

- ‌مدخل

- ‌ الأندلس:

- ‌ فلسطين المسلمة:

- ‌الأرض السليبة تحت النفوذ الشيوعي

- ‌مدخل

- ‌أولًا: المسلمون في الاتحاد السوفيتي

- ‌ثانيًا: المسلمون في الصين

- ‌ثالثًا: المسلمون في بلاد شيوعية أخرى

- ‌الفصل الثاني: أوطان تجاهد

- ‌أفغانستان المجاهدة

- ‌ إرتريا:

- ‌عذراء ماليزيا

- ‌مدخل

- ‌أولًا: كيف دخل الإسلام عذراء ماليزيا

- ‌ثانيًا: حاضر عذراء ماليزيا

- ‌ثالثًا: مستقبل العذراء "ماليزيا

- ‌الفصل الثالث: أوطان يتهددها الخطر

- ‌مدخل

- ‌ إندونيسيا:

- ‌سوريا

- ‌مدخل

- ‌ البعث:

- ‌ النصيرية:

- ‌ مصر:

- ‌لبنان

- ‌مدخل

- ‌أطماع صليبية قديمة وحديثة في لبنان:

- ‌تصويب الخطأ:

- ‌الفهرست:

الفصل: ‌ثالثا: المسلمون في بلاد شيوعية أخرى

‌ثالثًا: المسلمون في بلاد شيوعية أخرى

مثل: بلغاريا، ألبانيا، اليمن الجنوبية، الصومال، أفغانستان.

ففي كل هذه البلاد حكم شيوعي، يكتم أنفاس المسلمين، ويستذلهم، ويحاول سلب ما بقي لديهم من مقومات الدين والعفة والشرف.

ونكتفي بالإشارة إلى بلغاريا، ثم ألبانيا. انظر الملحق رقم 3، 4.

ص: 136

ملحق رقم "3": المسلمون في بلغاريا

أولًا: بلغاريا

جاء في بيان موجَّه من هؤلاء المسلمين إلى أخوتهم في العالم الإسلامي، وأشار إليه خطاب اتحاد الطلبة المسلمين في شرق أوربا إلى كلٍّ من وزير الخارجية السعودي، وإلى الرئيس العام لإدارة البحوث العلمية والإفتاء والدعوة بالمملكة العربية السعودية سنة 1936 1.

نحن المسلمين البلغار نتقدَّم بالشكر لكل من عمل على نشر قضيتنا للرأي العام، سواء كان ذلك بالإذاعة أم بالصحف، وقد كان لذلك أثر عميق في نفوسنا، ونودّ أن نوضِّح حقائق أخرى عن تلك القضية.

بعد أن شعر المسئولون البلغار بنشر القضية خارج القطر، أذاع راديو صوفيا بيانًا باللغة العربية رادًّا فيه بأنَّ المسلمين في بلغاريا بكل حرية ومساواة مع الآخرين.

لا شكَّ أنَّ هذا الرد غير صحيح، وبعيد كل البعد عن الحقيقة، كما سنوضح ذلك، ونلفت نظر العالم بأجمعه بأنَّ الدستور البغاري يذكر في المادة "33":

البند "ب" لكل مواطن بلغاري الحق في أن يعتنق أي دين يرتضيه.

البند "و" لكل مواطن بلغاري يحمل اسمًا غير بلغاريٍّ الحقَّ في رفع قضايا جنائية في حالة تعرضه للأذى أو الإهانة لمجرَّد حمله لهذا الاسم.

وبالرغم من ذلك، فإن الحكومة البلغارية مصمِّمة في تنفيذ مخطَّط التنصير الماركسي ضد المسلمين.

فقط طلب من جميع المعلمين المسلمين أن يغيِّروا أسماءهم الإسلامية، أو أن يُطْرَدوا من أعمالهم، وألا يسمح لهم بممارسة أي عمل في أيّ جهاز من أجهزة

1 الأول برقم 42 في 15 جمادى الأول سنة 1396، والثاني في 5 جمادى الأولى سنة 1396.

ص: 137

الدولة الرسمية، ورفض 165 معلمًا مسلمًا أن يغيروا أسماءهم، ولذلك طردوا من وظائفهم، ومنعوا من حق العمل في بلغاريا موطنهم ومسقط رأسهم.

وعند بدء العام الدراسي 1971- 1972 طُلِبَ من جميع تلاميذ المدارس المسلمين أن يغيروا أسماءهم الإسلامية كشرط استمرارهم كتلاميذ، وإلا يطردوا من المدارس، ورفضوا جميعهم، وطردوا من المدارس.

صدرت أوامر في المؤسسات الحكومة لجميع المسئولين الإداريين أن يقوموا بإجراءات حازمة لتغير أسماء المسملين العاملين في المؤسسات، وكوّنت جماعات بوليسية مسلَّحة من قِبَل وزارة الداخلية لمراقبة تنفيذ هذه الأوامر ومتابعتها حتى النهاية.

تَمَّ القبض على مجموعات كبيرة من المسلمين، ووضعوا في معسكرات أُعِدَّت خصيصًا لهذا الغرض، وساموهم أمرَّ أنواع العذاب، ومن عاد منهم فبرجل مسكورة، أو يد أو أضلع مكسورات.

تَمَّ حصار بعض القرى، وقاموا بانتهاك حرمات المنازل بعد أن حطَّموا الأبواب والنوافذ، واقتحموها عنوة، وقذفوا بأصحابها في الخارج، وقد لقي عدد كبير من النساء والأطفال حتفهم، وكذلك الشيوخ، من جرَّاء الرصاص الذي أصلاهم به رجال الأمن الذين من واجبهم حفظ المواطنين، وقد تعرَّض الكثير من النساء والأطفال لنهش الكلاب البوليسية، وقد عارض كل المسملين تلك الأوامر حتى الفتيات منهم، مما أدَّى إلى إرسالهن إلى السجون، ولإخفاء تلك الجرائم تَمَّ القبض على بعض المسلمين واتهموهم زورًا وبهتانًا بارتكاب جرائم قتل المسملين، وحكم عليهم بالإعدام، ونُفِّذَ فيهم حكم الإعدام.

في يوم 10 مايو 1972 تحرَّك حوالي 5.000 مسلم من منطقة بازرجيك، ومنطقة بارقويفقراء، وسمولن قراد، في مظاهرة احتجاجٍ متَّجهين إلى صوفيا "العاصمة"، وكان ذلك في جوف الليل؛ لكي لا يعلم بهم البوليس، وقد ضَمَّ الموكب كل فئات المسلمين من الذين أعمارهم من 15 إلى 75 عامًا، وكان تحرك الموكب تحت ظروف قاسية وسط الأمطار الغزيرة والوحل، وعلى بعد

ص: 138

أميال قليلة من صوفيا، وبالتحديد في محطة أسكار، علمت بهم السلطات، وأرسلت لهم قوة ضخمة من الجيش والبوليس، وحاصروهم بالدبابات والعربات المصفَّحة، ونقلوهم إلى مدينة بيلو؛ حيث وضعوا في السجون حتى الآن.

وفي 12 مايو 1972 حوصرت قرية إيلانسكو برجال البوليس تصحبهم الكلاب البوليسية، فتصدَّى لهم المسلمون بشجاعة وبسالة، وقتلوا أحد رجال البوليس، وكإجراء انتقامي تَمَّ القبض على 31 مسلمًا وقُدِّمُوا إلى محاكمات عسكرية أصدرت أحكامها بالإعدام على ثلاثة من المسلمين، وبالسجن على عدد آخر.

في يوم 13 مايو 1972حوصرت باكردوا؛ حيث يشكل المسلمون نسبة 80% من عدد السكان، واقتحم الجيش منازل المسلمين عنوة، واقتادو المسلمين مكبلين بالسلاسل، واقتيدوا إلى مراكز الشرطة؛ حيث طلب منهم أن يوقِّعوا على طلبٍ بتغيير أسمائهم تحت جوٍّ من الإرهاب والضرب، والتهديد بالسجن، والطرد من العمل، وفي هذه الظروف القاسية تمكَّن الشهيد أمين محمد وفتسرنكوف من الهرب، ولكن قوات الجيش طاردته وأطقلت عليه الرصاص فاستشهد، وهو أب لطفلين في 32 عامًا من عمره.

أوقفت جميع المعاشات عن العجزة الذين تقاعدوا عن العمل، وأغلقوا أبواب العمل أمام كل الذين رفضوا تغيير أسمائهم، وحرموهم حقَّ العلاج وهم الذين أفنوا شبابهم في خدمة بلغاريا.

حدث في مدينة مدان أن وضعت امرأة مسلمة في أحد المستشفيات الحكومية، وطلب منها رسميًّا أن تختار لطفلها اسمًا غير إسلامي، فرفضت أن تستجيب لطلبهم، فأخبروها أنَّ هذا أمر حكومي، ولا بُدَّ أن تنفذه، فعند ذلك رمت طفلها بين أيديهم وتركته لهم.

في كثير من مناطق المسلمين حطَّموا المساجد، وكانوا في الماضي قد منعوا الشباب من دخول المساجد، والآن قد منعوا الشيوخ، وكانوا ينتظرون موت أئمة المساجد فيقفوها بحجة أن إمام المسجد قد توفي.

ص: 139

إلى غير ذلك من الحوادث الشنيعة في المسلمين وإذلالهم.

ويختتم البيان بما يلي:

إننا نناشد إخواننا المسلمين والعرب أن يمدوا لنا يد العون، وأن لا يكتفوا فقط بالاحتجاج؛ إذ أن هذا الأمر يحدث على سمع العالم ومرآه، إننا نطالب وقف هذه الحملة ضدنا دون ذنب ارتكبناه، ونطلب من الدول العربية التي لها علاقات اقتصادية مع بلغاريا أن تتدخَّل في الأمر، وكذلك مؤتمر وزراء خارجية الدول الإسلامية، ونرجو أن يرفع هذا الأمر للأمم المتحدة ولجنة حقوق الإنسان؛ إذ أننا لا نستطيع الاتصال بهم.

ونسأل الله أن يشدّ من أزرنا.

وموعدنا الصبح، أليس الصبح بقريب.

توقيع

المسلمون البلغار

ص: 140

ملحق رقم "4" عن المسلمين في ألبانيا:

وننقل هنا عن اتحاد الطلبة المسلمين في شرق أوربا:

إذا كانت هنالك معانٍ كثيرة ومختلفة توصف بها حالة شعب من الشعوب؛ لكي تترجم معاني التضحية والصبر ومعاناة الاضطهاد، وتحمل كل ذلك بنوع كبير من التحدي لكل شيء، وإنَّ شعب ألبانيا المسلم الجدير بأن تطلق عليه تلك المعاني والصفات.

وهنا نبدأ بنظرة سريعة مختصرة لتاريخ ألبانيا القريب، وذلك إلى ما قبل خمسين عامًا كانت ألبانيا في حوالي العشرينات من هذا القرن تحكم بواسطة أحمد زوقو؛ حيث كان ملكًا عليها، وكان الشعب في ذلك الوقت يمارس طقوسه الدينية بحرية، سواء المسلمين أو المسيحيين، وفي هذا التاريخ بدأت عواصف الشر تهبُّ من بعد؛ حيث وقعت ألبانيا تحت الحكم الإيطالي في عهد "فكتور أمناولي"، وانتدب "دوتشه موسيليني" ليحكم ألبانيا، أما الملك أحمد زوقو فقد نُقِلَ إلى إيطاليا.

ثم بدأت الحرب العالمية الثانية، وكانت ألبانيا مثل جارتها يوغسلاوفيا ترزح تحت السيطرة الألمانية، ولأسباب الحرب مع الألمان فقد اندمجت كلٌّ من يوغوسلافيا وألبانيا تحت قيادة واحدة برئاسة "تيتو"، وكان من ضمن القادة البارزين في حرب العصابات كل من "أنور خوجه" و"محمد شيخو" الألبانيين اللذين هما الآن يسيطران على الحكم في ألبانيا.

استمر الاتحاد الائتلافي بين يوغسلافيا وألبانيا من عام 1944 إلى 1948، حيث ظهرت سياسة تيتو المعتدلة مع الشيوعيين، والتي لم ترق للقادة الألبانيين، فانفصلوا عن يوغسلافيا، وتبنَّوا الحكم الشيوعي الماركسي المتطرف.

ص: 141

تلك نظرة سريعة، الهدف منها الوصول إلى معرفة الوسائل التي أوصلت الحكم إلى ما هو عليه الآن.

ألبانيا يبلغ تعداد سكانها المليونين، نسبة المسلمين فيها من 80 إلى 90%، وباقي السكان مسيحيون، ويتركَّز السكان المسلمون في وسط ألبانيا، ورغم أن المسلمين نسبتهم كبيرة، إلّا أنهم يلاقون أشد المصاعب والاضطهاد من عنت الحكم الشيوعي.

حيث قام الحكام الحاقدون بهدم المساجد ومنع المسلمين من أداء شعائر دينهم، كما أنَّ مواليدهم الجدد لا يتم تسجيلهم وإعطاؤهم الجنسية إلّا بأسماء غير إسلامية، وكذلك الموتى لا يتركونهم لأهليهم ليمارسوا عليهم الشعائر الإسلامية من غسل وكفن وصلاة، كذا لا يدعونهم يدفنوهم في مقابرهم الخاصة، بل يجبرونهم على دفنهم في المقابر العامَّة مع الشيوعيين، أمَّا عند الزواج فيستحيل ذكر الديانة، ويتم العقد تحت اسم مواطن ألباني فقط، وأمَّا بالنسبة للمناهج الدراسية فهي حقلهم الخصب في زرع الإلحاد في نفوس الأطفال الصغار منذ نعومة أظفارهم، إلى أن يستوي عودهم، ذلك بمختلف الوسائل التعليمية، والإعلامية.. وقد حدَّثنا أحد أولئك الذين اشتغلوا بمهنة التدريس؛ حيث يقول بأن الوزارة أمرت المدرسين بأن يهتمّوا بغرس فكرة عدم وجود الله في عقول الأطفال، وقد حدث مرَّة أن سأل طالب عن الله: هل هو موجود؟ فأجاب الأستاذ، نعم. إن الله موجود، وبسبب هذه الإجابة قضى الأستاذ ستة أشهر في السجن، ثُمَّ طُرِدَ من مهنة التدريس بتهمة أنَّه يعلم الأطفال أشياء تضر بمستقبلهم، ويذكر الأستاذ بأنَّ الإجابة المتعارف عليها عن الله ورسوله هي أن الله والعياذ بالله هو "أنور خوجة" ربهم ومالك نعمتهم، وأنَّ "محمد شيخو" رسوله والمتصرف بأمره.

هذا جزء بسيط، وقطرة من بحر عميق مما يلاقيه المسلمون في ألبانيا المسلمة.

ص: 142

خاتمة:

وبعد الحديث عن الأرض السليبة في:

الأندلس، وفلسطين.

والأراضي الخاضعة للنفوذ الشيوعي..

نجد أن الأعداء الثلاثة: الصليبية والصهيونية والشيوعية، قد أنشبت أظافرها في رقاب العالم الإسلامي، واحتلت ترابه، وطردت أهله، ومارست معهم حروب الإبادة، ومن بقي يعيش تحت سلطانهم عيش الذليل الكسير!

والأراضي السليبة الآن تمثّل أكثر من ربع مساحة العالم الإسلامي، والعالم الإسلامي لا يزال يغط في نومه الذي غطَّ فيه منذ قرنين أو يزيد

!

واستلاب الأرض لا يوقظه..

وحمامات الدم لا تستثيره..

وانتهاك الحرمات والمقدَّسات لا تحركه..

وأدعياء الوطنية والقومية يتاجرون بالشعارات، ودعاة الصلح والاستكانة يتربَّعون على كراسي الحكم، ويتصدَّرون مواقع الزعامة"، والشعوب لاهثة وراء لقمة العيش، أو لاهية في الترف الداعر!

والذين اغتصبوا والذين ساعدوا على الاغتصاب مطمئنون إلى مستقبلهم فوق أرض الإسلام، فوق جماجم الشهداء ودماء الضحايا وزفرات المستضعفين!

وإلى الله وحده المشتكي..

وفي كتائب الإسلام التي نراها حينًا بعين الخيال، وحينًا بعين الواقع، فيها وحدها، بعد الله الأمل!

ص: 143