الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب التمهيدي: وضع العالم الإسلامي وموقعه
العالم الإسلامي جغرافيًا
الموقع
…
الباب التمهيدي:
1-
العالم الإسلامي جغرافيًّا:
1-
الموقع:
ليس العالم الإسلامي كما يصوره الجغرافيون الأجانب نطاقًا صحراويًّا فقيرًا في موارده، متخلفًا في سكانه1.
- بل إنه يقع في "صرة العالم" ممسكًا بأطرافه، متحكمًا في محيطاته وبحاره وخطوط ملاحته، زاخرًا بأهمّ الأنهار، وأخصب الأراضي، وأعظم الثروات.
ومدخلا المحيط الهندي في أرض إسلامية "مضيق ملقا في الشرق بين الملايو وسومطرة، ومضيق باب المندب في الغرب"، وبذا يمكن التحكُّم في الملاحة الدولية بين الشرق والغرب، ومدخلا البحر المتوسط في أرض إسلامية "شرقًا قناة السويس، وغربًا مضيق جبل طارق".
والبحر الأبيض كان يومًا كله بحيرة إسلامية، ولا تزال شواطئه الشرقية والجنوبية كذلك، والبحر الأسود والبحر الميت، والبحر الأحمر كذلك بحيرة إسلامية لولا إسرائيل.
وأنهار النيل ودجلة والفرات ونهر السند ونهر النيجر وغيرها تجري في بلاد إسلامية.
- ويبدأ غربًا عند محيط الطول 18 غربًا "بالساحل الإفريقي المطلّ على المحيط الأطلنطي".
1 Boivman mohamadan world. the ceographical Revew ،J، 1944. p. p. 64 - 65
ويمتد شرقًا إلى حدود إقليم سينكيانج أو التركستان الصينية وباكستان الغربية عند خط الطول 90، أي أنه يمتد 108 درجة طولية.
- أمَّا عرضًا فيمتد ما بين خط العرض 50 شمالًا "إقليم تركستان" إلى خط العرض 10 جنوب خط الاستواء "الجزر الإندونيسية في آسيا"، أمَّا إفريقيا فيمتد إلى جنوب خط الاستواء حتى حدود الصومال.
ويكفي ما انتهى إليه أحد العلماء، من أنَّ مركز العالم كله -إذا أريد رسم دائرة -جغرافيًّا- أن نقول: إن الأمة الإسلامية أمّة وسط في موقعها، وأمثل الشيء أوسطه في كل شيء.
ومن ثَمَّ فإن العالم الإسلامي جغرافيًّا واستراتيجيًّا يتفوق في موقعه على أيّ بقعة في العالم كله.
2-
الموارد الطبيعية:
يقصد بالموارد الطبيعية.
الموارد التي يتكوَّن منها الغلاف الصخري أو القشرة الأرضية الصلبة.
والمواد التي يتكون منها الغطاء النباتي أو الحيواني.
والمواد التي يتألَّف منها الغلاف المائي والغلاف الهوائي.
أمَّا الغلاف الصخري فيشمل:
الثروة المعدنية، والتربة، والمياه الجوفية.
أمَّا الغطاء النباتي والحيواني فيشمل:
الثروة النباتية طبيعية كانت أو زراعية، وما يوجد على سطح الأرض من حيوان.
أما الغلاف المائي فيشمل:
الكائنات البحرية الحية ومنها الأسماك، وكذلك الأملاح المعدنية التي يستخلص منها بعض المعادن.
أمَّا الغلاف الجوي يقصد به:
عناصر المناخ اللازمة للإنتاج مثل:
الحرارة والضوء والأمطار1.
ولا تعتبر هذه الموارد اقتصادية حتى تستغلّ، أو يعرف الإنسان كيف يستغلّها؛ فالفحم، والبترول، والطاقة الشمسية، وغير ذلك، كلٌّ منها لم يكن موردًا اقتصاديًّا أو موردًا للثروة قبل أن يكتشف كيفية استغلاله.
ويمكن تقسيم الموارد الطبيعية إلى:
1-
موارد غير قابلة للنَّفاد مثل: الرماد والصلصال.
2-
موارد متجددة مثل: الغطاء النباتي.
3-
موارد سريعة النفاد مثل: البترول والمعادن.
أما الموارد غير القابلة للنفاد:
فيملك العالم الإسلامي منها الكثير:
إن الأرض الخصبة الواسعة الممتدة في السودان، وفي ليبيا، وفي العراق، وفي غيرها من بلاد الإسلام، والصحاري الشاسعة الممتدة في جزيرة العرب، ومصر وغيرها من بلاد الإسلام، تعطي قدرة العالم الإسلامي وامتلاكه للموارد غير القابلة للنفاد.
أما الموارد المتجددة، والخاصة بالغطاء النباتي:
فإن ما يعيشه العالم الإسلامي من فقر وفاقة واحتياج للقمح وغيره من موادِّ الغذاء، كل ذلك مصطنع ومفروض، وإلّا فالعالم الإسلامي الذي يملك أنهار العالم وأغناها بالخصب والنماء "نهر النيل، ودجلة، والفرات، والسند.. إلخ" لا يمكن ولا يتصوّر أن يكون بحاجة إلى نبات يستورده من شرق أو غرب.
1 جغرافية العالم الإسلامي، محمود طه أبو العلا، الطبعة الثانية 1966، ص121، 122.
إن مساحات من الأفدنة تصل إلى الملايين في السودان والعراق وليبيا وباكستان، بل وفي مصر والجزيرة العربية، وهي صالحة وخصبة تمامًا لا تحتاج غير اليد العاملة، أو أنها كانت كذلك وقصرت الهمم والجهود والعقول عن مدِّها بالماء وإعادتها خصبة كما كانت، ويكفي أن نعلم أنَّ مصر كانت تزرع في عهد الرومان أكثر من 90% من أراضيها، وهو أمر ثابت تاريخيًّا، ظلت تنقرض حتى بلغت في العصر الحديث إلى 5% من أراضيها، وتسعون في المائة معطَّل لا يعمل، ولا ينتج!
أما الموارد سريعة النفاد:
مثل البترول والمعادن.
فيكفي أن نعرف هذه الحقائق:
أ- إن البترول وهو المصدر الأول للطاقة اليوم تنتج منه البلاد الإسلامية 30.6% من جملة الإنتاج العالمي، تليها الولايات المتحدة "29.6%".
أما احتياطي العالم الإسلامي فهو 69.3 من جملة الاحتياطي العالم1، فلو أضفنا إلى ما تصر الشركات الأمريكية والأجنبية على عدم كشفه إلّا في الوقت المناسب -لها طبعًا- لارتفع إنتاج البلاد الإسلامية، ولارتفع احتياطها كذلك.
ويكتفي أن نصرِّح -على مسئوليتنا- في هذا المكان أنَّ مصر تسبح في بحيرة من البترول، حيث يوجد البترول على يمينها وعلى شمالها، لولا إصرار الشركات الأمريكية والأجنبية الآخذة امتياز التنقيب عن البترول -لولا إصرار هذه الشركات على عدم الكشف عنه إلا بقدر!
ب- المعادن الأخرى:
وفي مقدمتها أهمها في الصناعات: الحديد والصلب، يوجد في البلاد الإسلامية في اتحاد ماليزيا، والجزائر والمغرب، وتونس، وتركيا، ومصر.
ويوجد في بلاد أخرى من بلاد المسلمين نعرفها بكميات أضخم تصر القوى العالمية المحتكرة على عدم الكشف عنها احتفاظًا لنفسها بالسرِّ أو بالثروة!
1 المرجع السابق ص665، 266 وذلك وفقًا لإحصاء 1961، ونعتقد أنه زاد.
أما أنفس المعادن مثل الذهب والماس واليورانيوم.
فيوجد منه الكثير في بلاد الإسلام، لولا أنَّا لا نريد أن نصرِّح بما أبت هذه البلاد أن تصرِّح به!
أما الطاقات غير البترول:
فتوجد لدينا مساقط المياه التي تتولّد منها الكهرباء، ولدينا الزيت، والغاز الطبيعي، وتوجد في بلاد الإسلام طاقة لم تستغل بعد، وليس للعالم منها إلّا القليل وهي الطاقة الشمسية، وتدل أبحاث جادَّة وجديدة على أنه يمكن أن تتحوّل إلى أهم الطاقات لو أحسن استغلالها1.
أ- القدرة الإنتاجية:
هي تعتمد على ثلاثة عناصر:
1-
العنصر البشري.
2-
الخامات.
3-
رأس المال.
فإذا قدر العالم الإسلامي أن يسقط -ولو مرة واحدة- الحدود المصطنعة فيما بين بلاده ودوله ودويلاته، فإنه يصير أكبر قوة اقتصادية في العالم كله.
فنحن نملك:
أ- من العنصر البشري: ألف مليون مسلم2 لا يتوافر عددهم لأي دولة في العالم، فإذا أضفت إلى هذا العنصر عنصر الإخلاص الذي يتطلَّبه
1 رسالة دكتوراه للأخ محمد عبد الجواد في ألمانيا الغربية.
2 نشير إلى أنَّ الشعوب الإسلامية من الناحية "الأنتروبولوجية "أي الجنسية" ينتمون إلى ثلاثة أجناس رئيسية: الجنس القوقازي، والجنس الزنجي، والجنس المغولي، كما تمثّل الشعوب الإسلامية الأقسام الفرعية والسلالات الثانوية لهذه الأجناس -ولكن كما قال رب العالمين:{وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ} .
الإسلام من أبنائه، وعنصر الإتقان كذلك، لكانت هذه الثروة البشرية هي أوّل وأكبر ثروات العالم الإسلامي.
ب- الخامات:
وقد قدمنا الحديث عنها، ونزيد أنه لا يوجد في العالم كله مكان تتوافر فيه كل المعادن، وكل الطاقات، وكل الخامات إلّا العالم الإسلامي.
ج- رأس المال:
والمنطقة الإسلامية الآن أغنى مناطق العالم برأس المال، لولا أنَّها تودعه في بنوك أمريكية وانجلترا، وتدعم بذلك اقتصاد هذه الدول من حيث تدري أو لا تدري.
وفي كل يجري خفض بعض العملات الأجنبية -عمدًا- لتتحقق الخسارة في جانب المسلمين المودعين أموالهم في تلك البنوك، وليتحقق الكسب لأصحاب هذه العملات!
وفي إحصاءٍ أخير تقدَّمت إحدى البلاد الإسلامية من حيث الدخل القومي على الولايات المتحدة الأمريكية التي كانت حتى عهد قريب أغنى دول العالم!
فإذا أضفنا إلى ذلك وجود الأسواق الاستهلاكية ووفرة طرق الملاحة البرية والجوية والبحرية، وتوسط بلاد العالم الإسلامي بين العالم كله شرقه وغربه؛ لعرفنا كيف يمكن أن نكون أكبر قوة اقتصادية في العالم كله.
ولكن متى ينتبه المسلمون، ويملكون أمورهم في أيديهم؟ 1
1 لا نغض بعد ذلك قيمة "التكنولوجيا الحديثة"، وهي التطبيق العلمي لأحدث النظريات، وذلك لازم في مجال الإنتاج لتحسينه كيفًا، وزيادته كمًّا، مع التوفير في التكاليف، وهو ما نندب إليه الأمة الإسلامية ونعتبره فرض كفاية تأثم الأمَّة كلها إن لم تنفر منها طائفة كافية لكفاية حاجة هذه الأمة.
لكننا في الوقت نفسه نشير إلى أن تحصيل أمر "التكنولوجيا" صار سهلًا بفضل الله أولًا ثم بترابط العالم، وبتخطيه-إلى حدٍّ ما- حواجز العصبية في كتمان العلم.