المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

1- ‌ ‌ إندونيسيا: أهميتها: تمثل من ناحية التعداد: أكبر دولة إسلامية، وخامس دولة - حاضر العالم الإسلامي

[علي جريشة]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌الباب التمهيدي: وضع العالم الإسلامي وموقعه

- ‌العالم الإسلامي جغرافيًا

- ‌الموقع

- ‌ العالم الإسلامي فقهيًّا:

- ‌ العالم الإسلامي بين غيره من العوالم:

- ‌الباب الأول: واقع العالم الإسلامي

- ‌الفصل الأول: الواقع الفكري للعالم اللإسلامي

- ‌مدخل

- ‌الأفعى اليهودية تنفث سمومها:

- ‌ الفكر الغربي الصليبي في الشرق الإسلامي:

- ‌ الفكر الماركسي اليهودي في الشرق الإسلامي:

- ‌الفصل الثاني: الواقع السياسي للعالم الإسلامي

- ‌مدخل

- ‌ غيبة الخلافة الإسلامية:

- ‌ الاستعمار الجديد:

- ‌ البعد عن جوهر النظام الإسلامي السياسي:

- ‌الفصل الثالث: الواقع الاجتماعي للعالم الإسلامي:

- ‌الفصل الرابع: الواقع الاقتصادي للعالم الإسلامي

- ‌الباب الثاني: قضايا إسلامية معاصرة

- ‌الفصل الأول: أوطان سلبية

- ‌مدخل

- ‌ الأندلس:

- ‌ فلسطين المسلمة:

- ‌الأرض السليبة تحت النفوذ الشيوعي

- ‌مدخل

- ‌أولًا: المسلمون في الاتحاد السوفيتي

- ‌ثانيًا: المسلمون في الصين

- ‌ثالثًا: المسلمون في بلاد شيوعية أخرى

- ‌الفصل الثاني: أوطان تجاهد

- ‌أفغانستان المجاهدة

- ‌ إرتريا:

- ‌عذراء ماليزيا

- ‌مدخل

- ‌أولًا: كيف دخل الإسلام عذراء ماليزيا

- ‌ثانيًا: حاضر عذراء ماليزيا

- ‌ثالثًا: مستقبل العذراء "ماليزيا

- ‌الفصل الثالث: أوطان يتهددها الخطر

- ‌مدخل

- ‌ إندونيسيا:

- ‌سوريا

- ‌مدخل

- ‌ البعث:

- ‌ النصيرية:

- ‌ مصر:

- ‌لبنان

- ‌مدخل

- ‌أطماع صليبية قديمة وحديثة في لبنان:

- ‌تصويب الخطأ:

- ‌الفهرست:

الفصل: 1- ‌ ‌ إندونيسيا: أهميتها: تمثل من ناحية التعداد: أكبر دولة إسلامية، وخامس دولة

1-

‌ إندونيسيا:

أهميتها:

تمثل من ناحية التعداد: أكبر دولة إسلامية، وخامس دولة بعد الصين والهند والاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الأمريكية، فتعدادها بجاوز 120 مليون، وهو أكثر من عشر عدد مسلمي العالم.

ومن ناحية الموقع: تقع بين قارتي آسيا واستراليا، وتطل على المحيطين الهندي والهادي، ومساحتها 735.865 ميلًا مربعًا، متوزعة بين 13 ألف جزيرة، منها ستة آلاف آهلة بالسكان، وتجاور بلادًا حكمتها الشيوعية مثل كمبوديا وفيتنام ولاوس، وأخرى تتهددها الشيوعية مثل ماليزيا وفطاني.

ولها أهمية أخيرة من ناحية ما يتهدَّدها من تيارات تكاد تعصف بإسلامها، وهو ما نتناوله بإذن الله في هذا البحث.

إسلامها:

وصلها نور الإسلام مع فجره الأول، حين حمله تجار المسلمين الذاهبون إلى جنوب شرق آسيا، فدخل إخوتنا في إندونيسيا الإسلامية طواعية حبًّا واختيارًا.

وبقي الإسلام هو الدين -بحمد الله- وإن وجدت أقلية مسيحية تصل إلى حوالي العشر "5 مليون حاليًا".

وبقي دين الإسلام هو حافز الجهاد ضد الأعداء الذين استعمروا بلاد إندونيسيا، وتصاعدت موجة الإسلام حتى بلغت ذروتها في سنة 1906 بتشكيل "شركت إسلام" مما دفع الاستعمار الهولندي إلى التفكير في اتجاهين لحرب الإسلام، غرسهما وجنى المسلمون ثمارهما المُرَّةَ بعد الاستقلال، ومع ذلك تشكَّل في 7 نوفمبر سنة 1945 حزب سياسي إسلامي "ماشومي"

ص: 190

ليمارس السلطات والحقوق السياسية في إندونسيا، لكنه تعرَّض بعد ذلك لاضطهاد سوكارنو.

الماركسية تهدد الشعب المسلم:

وكَّلت هولندا المستعمرة إلى المستشرق "ستوك" وضع مخطَّط لوقف التيار الإسلامي الزاحف، فاقترح أن يسير تيار القومية مع تيار الماركسية لتحطيم تيار الدين، ولحق بستوك المهندس "ستيفليت" الذي وقف نشاطه على نشر الماركسية بين الشعب الإندونيسي المسلم، وقدَّمت له السطان الهولندية المحتلة تسهيلات هائلة.

وفي 13 مايو سنة 1920 أُعْلِنَ عن تشكيل الحزب الشيوعي الإندونيسي، وكان قد سبقه في سنة 1917 تشكيل الحزب الاشتراكي الديمقراطي الهولندي "كفرع للحزب الاشتراكي الهولندي في هولندا"، وكان الشيوعيون الأندونيسيون يعتبرن إندونسيا جزءًا من هولندا.

وفي 24 ديسمبر سنة 1920 أُعْلِنَ انضمام الحزب الشيوعي الإندونيسي إلى الكومنترن "منظمة الشيوعية العالمية"، وبدءًا من سنة 1926 أُعْلِنَ استقلال إندونسيا، وانتخبت سوكارنو رئيسًا للجمهورية، وفي أول أكتوبر من نفس العام بعث الرئيس الجديد تهنئة إلى ستالين بمناسبة ذكرى ثورة أكتوبر، جاء فيها:

إننا نؤيد الاتحاد السوفيتي؛ لأنه يحارب من أجل العدالة والسلم العالميين، ومن أجل الإنسانية.

وبقي سوكارنو في الحكم عشرين عامًا يحارب التيار الإسلامي، ويحل حزب ماشومي الإسلامي، ويمكِّن للشيوعية في بلاد المسلمين. فضلًا عن انحلاله الظاهر الذي لم يكن يخفيه، بل كان "يفلسفه"، وهو ما دعا الشيوعيون إلى محاولة الانقضاض للإمساك بزمام الحكم مرتين: مرة في سبتمبر سنة 1948، والأخرى في سبتمبر 1965.

وفي كل مرة كان سوكارنو يحاول تبرير ما حدث، ويقف موقف المتفرج ظاهرًا والمؤيد باطنًا.

ص: 191

وفي المرة الأولى جهَّزَ الشيوعيون جيشًا قوامه خمسة وثلاثون ألفًا، وقتلوا من العلماء والمدرسين والمناهضين لحركتهم ألفًا وخمسمائة في الفترة التالية لإعلان جمهوريتهم الشيوعية تحت اسم دولة إندونيسيا السوفيتية، وأعلن الشعب الجهاد المقدَّس ضد الشيوعية الكافرة، ودوَّت كلمة الله أكبر في كل مكان، وتحرك الجيش الإندونيسي تحت قيادة الحارث ناسوغلتون للقضاء على عملاء الكرملين. وفي 8 سبتمبر 1957 انعقد مؤتمر إسلامي ضمَّ 629 عضوًا في مدينة بالمبانغ، بينهم 325 من كبار العلماء والأعماد، 284 من الساسة والمدرسين، وقرر المؤتمر في 10 سبتمبر سنة 1957م:

1-

يحرَّم على المسلمين أن يحكمهم شيوعي أو شيوعيون.

2-

المؤتمر يطالب بحل الوزارة الحالية، وتأليف وزارة جديدة لا يشترك فيها شيوعي واحد.

3-

إن المؤتمر ليأسف جدَّ الأسف؛ حيث أصبح الرئيس سوكارنو حصن الشيوعية الحصين، وأعطاهم المجال الواسع لمشاركتهم في أمور الدولة والحكم.

أمَّا المحاولة الثانية سنة 1965م:

فقد سبقها تمهيدات كان آخرها خطاب الرئيس سوكارنو في اليوم السابق مباشرة في مهرجان الشباب الشيوعي بالملعب الرياضي بحاكرتا؛ حيث قال:

"إن الاستقرار لن يكون إلّا بإراقة الكثير من الدماء، فالطريق نحو هذه الغاية صعب جدًّا، ولكننا يجب ألّا تأخذنا الرحمة أو الشفقة

وفي ليلة المؤامرة تَمَّ اختطاف ستة جنرالات وذبحهم، وأفلت منهم اثنان آخران، ثُمَّ تلا ذلك إذاعة بيانات في أول أكتوبر عن الانقلاب العسكري المشئوم، وعرف كيف ساهمت السفارة الصينية في الانقلاب.

ولكن الله قيَّضَ لهذا الانقلاب كذلك من أحبطه.

وانطلق الشعب يقاوم ويتظاهر ويحرق ويطالب بإسقاط سوكارنو الذي اتخذ شعاره المشئوم "ناسا كوم" لتوطيد دعائم الشيوعية، وهو اشتقاق من الكلمات الثلاث:

القومية: Na Tional الدين: Agama الشيوعية: Komunis

ص: 192

والذي لم يستح أن يعلن: "إني ماركسي وافتخر بذلك، إنني أؤمن بالفسلفة المادية التاريخية1"،

والذي لم يستح كذلك أن يعلن عن انحلاله وفجوره "وحياتي الغرامية التي أخذها المؤلف عليَّ مأخذًا لا هوادة فيه، فإني أقول بكل صراحة "والأحرى أن يقول: بكل وقاحة" إن الرجل الذي لا يدري ما الغرام، ولا يعرف ما هو الحب، ولا يذوق طعم الهوى والغرام، ولا يفتتن بالجمال.. فهو إمَّا مخنَّث أو فاقد الرجولة، أو جماد في صورة إنسان، ولا شعور له ولا إحساس"2.

ثم نُحِّيَ سوكارنو عن الحكم أولًا بقرار المجلس الاستشاري الأعلى، بإلغاء قرار رئاسته مدى الحياة، ثم بقرار سوكارنو في 20 فبراير سنة 1967 بتسليم الجنرال سورهارتو مقاليد السلطة؛ ليتولاها الأخير منذ 12 مارس 1967 وليقصي الشيسوعيين عن الحكم، ويشرك فيه ثمانية أحزابٍ من بينها ثلاثة أحزاب إسلامية.

لكن بكل أسف نقرر: إنه إذا كان سوكارنو قد مكَّن للشيوعية، فإنَّ خلفاءه اليوم يمكِّنون للنصرانية، وكأنها هي البديل، أوكأنها كانت ثمن التمكين.

النصرانية تهدد إندونسيا:

لا تحمل العهد القائم كبر التمكين للنصرانية في إندونيسيا، لكنَّا نحمّله كبر السكوت، والسكوت ممن كان في موضع موضع المسئولية مشاركة، وأي مشاركة؟ ونمسك عمَّا وراء السكوت فليس لدينا علمه، ولئن أمكننا علمه فلا نملك الدليل عليه.

ونكتفي بأن نسوق الحقائق التالية:

1-

إن النصارى قد نجحوا في التسلل إلى السلطة عن طريق السيطرة

1 من خطابة يوم 16 سبتمبر سنة 1965 في الحفل الختامي للمؤتمر الشيوعي بجاكرتا.

2 في رده على كتاب الأخ محمد أسد شهاب "إندونسيا المعاصرة" ص278.

ص: 193

على منظمة الحرفيين "طائفة الجوليكار"، سواء في ذلك السلطة التنفيذية أو التشريعية، كما سيطروا على

إدارة ومحافظات تتمتع بميزة الحكم اللامركزي.

كما استطاعوا السيطرة الكاملة على الهيئة المركزية للحزب الديمقرطي.

2-

استطاعوا بالاشتراك مع الصينيين السيطرة على القطاع الاقتصادي.

3-

كل ذلك مع أنَّهم لا يجاوزون من بين 120 مليونًا أكثر من خمسة عشر مليونًا.

4-

لهم 8 آلاف كنيسة، 3500 قسيسًا، 8000 مبشر يسيطرون على وسائل الإعلام، ولهم خمسون مطارًا، ولم مدارس ومستشفيات ومستوصفات.

5-

استطاعوا وهذه خاتمة هذه المآسي -استطاعوا أن ينصِّروا ثلاثة ملايين مسلم خلال عامين، على ما تشهد به الندوة العالمية للشباب الإسلامي، وخمسة ملايين على ما يشهد به أبناؤنا من طلاب إندونيسيا المسلمة.

وهم يستغلون في ذلك حالة الفقر المدقع الذي تعيشه غالبية المسلمين هناك، إلى جوار ما يشيع بينهم من جهل بالغزو الفكري الخطير الذي تتعرَّض له إندونيسيا، ويتعرض معها كذلك العالم الإسلامي كله.

مستقبل إندونيسيا:

إندونيسيا في مستقبلها يتهددها خطران:

خطر الشيوعية الزاحف من حولها والذي لا يزال -رغم محاولة الاستئصال- كالسرطان متمكنًا من جسد الأمة الإندونيسية المسلمة.

ثم خطر النصرانية الزاحف الماثل أمام كل ذي عينين، والذي توصَّل حتى الآن إلى تنصير حوالي عشرة ملايين مسلم، على ما يذكر الثقات من أبناء إندونيسيا.

ولئن كان حماس الحاكمين واضحًا في مواجهة التيار الشيوعي، فإنه غير واضح في مواجهة التيار النصراني، بل إن الواضح هو السكوت على ذلك التيار، إن لم نقل: تشجيعه، وهو ما يدل عليه تنصير ثلاثة ملايين خلال عامين،

ص: 194

الأمر الذي لم يحدث خلال تاريخ الإسلام كله، ولا في أي مكان من بلاد الإسلام كلها، ولا نستطيع أن نقول: إن الجهود الفردية، بل والشعبية، كافية وحدها لصدِّ تيار التنصير العالمي.

بل لا بُدَّ من وقفة واضحة من الحاكمين، وإلّا فوقفة معهم، ولا بُدَّ مع ذلك من وقفة واضحة من بلاد الإسلام حكومات وشعوبًا ومنظمات تقدم فيها:

أولًا: العون المادي لأبناء إندونيسيا الجائعين، حتى لا يتمَّ تنصير الأسرة بحفنات من الأرز تقدَّم إليهم من المبشرين.

وقد قلنا في مناسبة: إن ما يلقى في القمامات، وما يتساقط من الموائد في الدول الغنية، تسد رَمَقَ شعب إندونيسيا ويكفيه.

ثانيًا: العون المعنون والأدبي: بما يقدَّم من كتب ومؤلفات ونشرات وتوعية، دعوة تقوم بها حكومات العالم الإسلامي ومنظماته.

ثالثًا: لا بُدَّ من صحوة شعب إندونيسيا، يضيق بها على خطر النصرانية المحدق، كما أفاق من قبل على خطر الشيوعية المحدق، فمزَّقه وداسه -رغم عنفه- مرتين.

وصيحة الإسلام في إندونيسيا سوف يسمع صداها فطاني والفلبين، بل وفي الأندلس وفلسطين.

والله غالب على أمره، ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

ص: 195