الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لبنان
مدخل
…
4-
لبنان:
تقدمة:
تقع جمهورية لبنان شرقي البحر الأبيض المتوسط. يحدها شرقًا وشمالًا سوريا، ويحدها جنوبًا فلسطين المحتلة، وغربًا البحر الأبيض، وكانت قبل لعبة الاستعمار الحديث في تقسيم بلاد الإسلام، وتفتيت وحدتها جزءًا من بلاد الشام، فخضع لبنان عبر التاريخ لكل ما أصاب الشام من أحداث وظروف، ودخل أهله الإسلام مع الفتح الإسلامي في زمن عمر بن الخطاب، وتمتَّع سكانه على اختلاف أديانهم وطوائفهم بكل ما تمتَّع به سكان الدولة الإسلامية من عدالة وأمن ورخاء.
وقد حَلَّ به عبر التاريخ كثير من الأمم القديمة مثل: الأكاديين والكنعانيين والأموريين والفينيقيين ثم الفرس والهكسوس، والروم الذين كانوا يتَّخذون من عرب الغساسنة أعوانًا لهم، وبالفتح الإسلامي للشام صار لبنان وبقية بلاد الشام جزءًا من دولة الإسلام، ولطبيعة لبنان الجغرافية بحكم إطلاله على ساحل البحر
الأبيض تهيأ لسكانه كثرة الاتصال بالمؤثرات الخارجية، ولكن لم تنقطع صلة أهله بالإسلام، حتى كانت الحملات الصليبية على بلاد الشام، فاستعان الصليبيون بموارنة لبنان والشيعة الباطنية ليكونوا لهم عونًا وأعوانًا ضد المسلمين، وحين هزم الصليبيون وطهَّر صلاح الدين الأيوبي الأرض من أعداء الإسلام، عادت لبنان جزءًا من بلاد الشام.
وباستيلاء العثمانيين على مصر والشام 1517 صارت لبنان مع بقية الشام ولاية عثمانية حتى قيام الحرب العالمية الأولى "1914-1918"، وحين ضعفت سلطة الخلافة العثمانية على ولايتها انتهزت دول الصليب فرضتها لخلق الطائفية الدينية في لبنان، حتى ضمِّن بروتوكول 1860 إعطاء الحرية
المطلقة لكل طائفة دينية في تنظيم شئونها التعليمية والإدارية، فأصبح رئيس كل طائفة يدير أمورها على النحو الذي يرتضيه، ويخدم مصالح الدولة الأجنبية التي تحميه. فتقلّص النفوذ العثماني بالتدرج على لبنان، حتى أصبح أثرًا بعد عين بهزيمة الأتراك في الحرب الأولى 1918، ثم وافق مؤتمر سان ريمو 1920 على انتداب فرنسا على سوريا ولبنان، وحتى عام 1941 وبالرغم من قيام حكومة لبنانية مستقلّة إلّا أن سيطرة الصليبية المتعاونة مع الصهيونية العالمية، وحركة الإلحاد العالمي، لم ينقطع تأثيرها على لبنان منذ ذلك التاريخ.
مأساة حديثة وتدبير قديم:
إن لبنان أكثر بلاد الإسلام والعروبة تعرضًا للأخطار التي يتهددها من الثالوث غير المقدَّس "الصليبية والصهيونية والإلحاد"، فعلى أرضها تمارس الآن لعبة الصراع الدولي متَّخِذَة من ظروف لبنان والطائفية فيه وسيلةً لتحقيق الأطماع التي تتلخّص في شيء جوهري واحد، هو سلخه من دائرة العروبة والإسلام.
وقد برزت خيوط هذه المأساة باندلاع الحرب الأهلية في لبنان في 13 أبريل 1975، تلك الحرب التي يحاول العقلاء حصر نيرانها حتى لا يأتي لهيبها على كل شيء، ويمتد شرها وويلاتها على كل بقعة في أقطار العرب والإسلام، وما تزال تنجلي كل يوم عن مزيد من الضحايا الذين يتساقطون في غير ميدان جهاد، وفي غير حرب للدنيا أو الآخرة.
ولا يمكن للدارس الإلمام بأطراف المشكلة اللبنانية، ودوافع الحرب الأهلية فيها، إلّا بمعرفة مدى الأطماع الصليبية في لبنان قديمًا وحديثًا، وبالإحاطة التامَّة بطبيعة الطائفية الدينية في لبنان، والإلمام بنظام الحكم الذي وضعته القوى العالمية المتصارعة الآن على لبنان، وسنتحدث بإيجاز عن هذه الجوانب؛ لأنَّ كل جانب منها يحتاج إلى مجلدات.