المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌التمهيد

- ‌1 - تحرير محل النزاع

- ‌2 - الأقوال والأدلة

- ‌3 - الرأي الراجح ودليل الترجيح

- ‌4 - أثر الخلاف وثمرته

- ‌الفصل الأولمعنى القاعدة

- ‌المطلب الأولالمعنى الإفرادي للقاعدة

- ‌المسألة الأولى: معنى الأصل:

- ‌المسألة الثانية: معنى العبادة:

- ‌أولاً: معنى العبادة في اللغة

- ‌ثانيًا: معنى العبادة في الاصطلاح:

- ‌ثالثًا: أقسام العبادة:

- ‌المسألة الثالثة: معنى المنع:

- ‌المطلب الثانيالمعنى الإجمالي للقاعدة

- ‌الفصل الثانيتوثيق القاعدة

- ‌المطلب الأولصيغ القاعدة

- ‌المطلب الثانيالقواعد الأصولية والفقهية ذات الصلة بالقاعدة

- ‌أولاً: دليل الاستصحاب:

- ‌ثانيًا: قاعدة: اليقين لا يزول بالشك

- ‌ثالثًا: قاعدة الأصل بقاء ما كان على ما كان

- ‌رابعًا: قاعدة الأصل في العادات الحل

- ‌المطلب الثالثأدلة القاعدة

- ‌المطلب الرابعسياق كلام أهل العلم حول القاعدة

- ‌الفصل الثالثأثر القاعدة وتطبيقاتها

- ‌المطلب الأولأسماء الله وصفاته توقيفية

- ‌المطلب الثانيألفاظ الأذكار توقيفية

- ‌المطلب الثالثالمنع من الغلو في الدين

- ‌المطلب الرابعمسائل متفرقة

- ‌المسألة الأولى: هل يُصلَّى على كل ميت صلاة غائب أم لا

- ‌المسألة الثانية: حكم تقديم الزكاة قبل وقت وجوبها

- ‌المسألة الثالثة: رجل صحيح الجسم ويريد أن يُحَجِّج عن نفسه فهل الحجة صحيحة

- ‌المسألة الرابعة: هل يجوز قراءة الفاتحة على الموتى

- ‌الفصل الرابعالقواعد المندرجة تحت القاعدة

- ‌توطئة

- ‌القاعدة الأولىلا تثبت العبادة إلا بتوقيف

- ‌المسألة الأولى: الأحاديث المكذوبة على رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌المسألة الثانية: هل تثبت العبادة بالحديث الضعيف

- ‌المسألة الثالثة: هل تثبت العبادات بطريق القياس

- ‌المسألة الرابعة: الإلهام

- ‌المسألة الخامسة: الرؤيا

- ‌المسألة السادسة: انتشار فعل من الأفعال لا يدل على مشروعيته:

- ‌القاعدة الثانيةالأصل في العبادات المقيدة: الإتيان بها مقيَّدة

- ‌القاعدة الثالثةالأصل في العبادات المطلقة: التوسعة

- ‌القاعدة الرابعةما شرع من العبادات على وجه العموم لا يدل على مشروعيته على وجه الخصوص

- ‌الخاتمة

- ‌أولا: اختلف الأصوليون في الأصل الغالب في أحكام الشريعة: هل هو التعبد أو التعليل

- ‌ثانيًا: معنى العبادة:

- ‌ثالثًا: المعنى الإجمالي لهذه القاعدة:

- ‌رابعًا: هذه القاعدة وردت بألفاظ أخرى، فمن ذلك:

- ‌خامسًا: من القواعد الأصولية والفقهية المتصلة بالقاعدة:

- ‌سادسًا: الأدلة الدالة على أن الأصل في العبادات المنع كثيرة جدًا بل إنها بلغت مبلغ التواتر المعنوي:

- ‌سابعًا: لهذه القاعدة أثر وتطبيقات كثيرة:

- ‌ثامنًا: من القواعد المندرجة تحت هذه القاعدة:

- ‌القاعدة الأولى:

- ‌القاعدة الثانية:

- ‌القاعدة الثالثة:

- ‌القاعدة الرابعة:

- ‌ثبت المصادر والمراجع

الفصل: ‌1 - تحرير محل النزاع

‌1 - تحرير محل النزاع

وذلك في أمور ثلاثة:

الأمر الأول: أن كلا من التعبد والتعليل له معنى عام ومعنى خاص.

أولا: المعنى العام لكل من التعبد والتعليل:

التعبد بمعناه العام هو: ما دل عليه قوله صلى الله عليه وسلم: «حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا» (1)، وعبادته -سبحانه- هي: امتثال أوامره واجتناب نواهيه بإطلاق.

وبهذا يعلم أن علة التعبد العامة هي: الانقياد لأوامر الله -تعالى- وإفراده بالخضوع والتعظيم لجلاله والتوجه إليه؛ كما قال -سبحانه-: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56].

وبناء على ذلك فيمكن أن يقال: الشريعة كلها تعبدية.

وأما التعليل بمعناه العام هو: ما دل عليه قوله صلى الله عليه وسلم: «حق العباد على الله إذا عبدوه ولم يشركوا به شيئًا ألا يعذبهم» (2)، وهذا

(1) أخرجه البخاري (7/ 308) برقم (2856)، ومسلم برقم (30).

(2)

هو تتمة للحديث السابق ولكن بلفظ: «حق العباد على الله أن لا يعذب من لا يشرك به شيئًا» .

ص: 13

يفيد أن هذه الشريعة إنما وضعت لمصالح العباد عاجلا وآجلا.

ومن هنا يعلم أن أحكام الله سبحانه وتعالى معللة بالحِكم ورعاية المصالح، وأن جميع الأوامر والنواهي مشتملة على حِكم جليلة ومصالح عظيمة.

وبناء على ذلك فيمكن أن يقال: الشريعة كلها معللة.

ثانيًا: المعنى الخاص لكل من التعبد والتعليل:

التعبد بمعناه الخاص هو: ما لا يُعقل معناه من الأحكام على الخصوص، ولا تدرك علته، وهو ما يسمى بالأمور التعبدية.

ومثالها: تحديد أعداد الركعات في الصلوات الخمس، وتحديد مقادير الأنصبة في الأموال التي تجب فيها الزكاة، ومقادير ما يجب فيها، ومقادير الحدود والكفارات، وفروض أصحاب الفروض في الإرث (1).

وهذا التعبد واقع في الشريعة؛ فإن بعض الأحكام قد تخفى علتها.

وأما التعليل بمعناه الخاص فهو: كون الحكم متضمنًا لمعنى مناسب ومصلحة يدركها العقل (2).

(1) علم أصول الفقه للشيخ عبد الوهاب خلاف ص (62).

(2)

انظر: شفاء العليل لابن القيم ص (190)، ومفتاح دار السعادة (2/ 22)، ومذكرة الشنقيطي ص (275).

ص: 14

ونصوص القرآن والسنة طافحة بتعليل الأحكام ووجوه الحِكم، فمن الأمثلة على ذلك في القرآن الكريم (1):

أنه تارة يذكر ذلك بلام التعليل الصريحة؛ كقوله -تعالى-: {وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ} [البقرة: 143].

وتارة يذكر "كي" الصريحة في التعليل، كقوله -تعالى-:{كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ} [الحشر: 7].

وتارة يذكر "من أجل" الصريحة في التعليل؛ كقوله -تعالى-: {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ} [المائدة: 32].

وتارة يذكر "لعل" المتضمنة للتعليل المجردة عن معنى الرجاء المضاف إلى المخلوق؛ كقوله -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 183].

وتارة يذكر المفعول له؛ كقوله-تعالى-: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ} [النحل: 89].

وتارة ينبه على السبب بذكره صريحًا؛ كقوله -تعالى-: {فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيرًا * وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ} [النساء: 160، 161].

(1) انظر: مفتاح دار السعادة (2/ 22)، وشفاء العليل لابن القيم ص (188 - 196).

ص: 15

وتعليل أفعال الله -سبحانه- لا يلزم منه -على مذهب السلف- القول بأنه يجب على الله رعاية مصالح العباد؛ ذلك لأن السلف يثبتون لله كمال القدرة والحكمة، ولا يشبهونه بشيء من خلقه، ولأجل ذلك يقولون:

"إن الله خالق كل شيء ومليكه، وما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، وهو على كل شيء قدير، ويفعل -سبحانه- ما يفعل بأسباب ولحكم وغايات محمودة فله المشيئة العامة والقدرة التامة، والحكمة البالغة"(1).

ولا يجب عليه -سبحانه- شيء فيما يحكم ويقضي؛ إذ لا يجوز قياسه على خلقه (2): {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} [الأنبياء: 23]، لذا فإن القول: بأن العلة مجرد علامة محضة لا يصح، لكونه مبنيًا على إنكار التعليل في أفعال الله، بل العلة هي الوصف المشتمل على الحكمة الباعثة على تشريع الحكم (3).

الأمر الثاني: أن إجراء القياس في الأحكام الشرعية لا يمكن إلا بعد معرفة العلة وتعقل المعنى:

وبناء على ذلك فالقياس إنما يسوغ إجراؤه في الأحكام المعللة، وأما في الأحكام التعبدية غير المعللة فلا يمكن فيها إجراء والقياس بحال.

(1) انظر: مجموع الفتاوى (8/ 97، 99)، وشفاء العليل لابن القيم ص (206).

(2)

انظر: اقتضاء الصراط المستقيم (2/ 776).

(3)

انظر: مجموع الفتاوى (8/ 485)، ومذكرة الشنقيطي ص (275).

ص: 16

قال الطوفي عند بيانه لشروط القياس: "الشرط الثالث: أن يكون الأصل معقول المعنى، إذ لا تعدية بدون المعقولية، أي: ما لا يعقل معناه لا يمكن القياس فيه؛ لأن القياس تعدية حكم المنصوص عليه إلى غيره، وما لا يعقل لا يمكن تعديه، كأوقات الصلوات وعدد الركعات"(1).

وقال الشاطبي: "ذلك أن التعبد راجع إلى عدم معقولية المعنى، وبحيث لا يصح فيه إجراء القياس.

وإذا لم يعقل معناه دل على أن قصد الشارع فيه الوقوف عند ما حدَّه لا يُتعدى" (2).

الأمر الثالث: محل النزاع في هذه المسألة إنما هو في الأصل الغالب في أحكام الشريعة: هل هو التعبد أو التعليل؟

حيث الاتفاق واقع على أن أحكام الشريعة منها ما هو تعبدي، لا تعرف له علة، ومن هذه الأحكام أيضًا ما هو معلل بنص الكتاب والسنة.

قال الطوفي: "الأحكام إما غير معلل؛ كالتعبدات أو معلل؛ كالحجر على الصبي لضعف عقله حفظًا لماله"(3).

فمحل الخلاف إذن فيما عدا ذلك من الأحكام: ما الأصل فيها؛ هل تحمل على التعبد أو على التعليل؟

(1) شرح مختصر الروضة (3/ 301).

(2)

الموافقات (2/ 318).

(3)

شرح مختصر الروضة (3/ 275).

ص: 17