الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العقل، حتى يأتي دليل مغير لهذا الأصل وناقل عنه.
رابعًا: قاعدة الأصل في العادات الحل
(1):
يقابل قاعدة: (الأصل في العبادات المنع): قاعدة أخرى في باب العادات والمعاملات، ألا وهي قاعدة:(الأصل في العادات الحل).
قال ابن تيمية: "الأصل في العبادات التوقيف، فلا يشرع منها إلا ما شرعه الله تعالى وإلا دخلنا في معنى قوله:{أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَاذَنْ بِهِ اللَّهُ} [الشورى: 21].
والعادات الأصل فيها العفو، فلا يحظر منها إلا ما حرمه، وإلا دخلنا في معنى قوله:{قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا} [يونس: 59].
وقال أيضًا: فالأصل في العبادات ألا يشرع منها إلا ما شرعه الله، والأصل في العادات لا يحظر منها إلا ما حظره الله" (2).
وقال ابن القيم: "كما أن الأصل في العبادات البطلان إلا ما شرعه الله ورسوله، وعكس هذا: العقود والمطاعم؛ الأصل فيها الصحة والحل إلا ما أبطله الله ورسوله
(1) انظر: الأشباه والنظائر للسيوطي ص (60).
(2)
مجموع الفتاوى (29/ 17).
وحرمه" (1).
وقال أيضًا: "فالأصل في العبادات البطلان حتى يقوم دليل على الأمر، والأصل في العقود والمعاملات الصحة حتى يقوم دليل على البطلان والتحريم"(2).
ومن الأدلة على أن الأصل في العادات الحل ما يأتي:
1 -
قوله -تعالى-: {الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا} [البقرة: 29].
2 -
قوله -سبحانه-: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا} [يونس: 59](3).
3 -
قال الله -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآَنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْهَا وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ * قَدْ سَأَلَهَا قَوْمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ ثُمَّ أَصْبَحُوا بِهَا كَافِرِينَ} [المائدة: 101، 102].
قال ابن القيم: "ولم ينقطع حكم هذه الآية، بل لا ينبغي للعبد أن يتعرض للسؤال عما إن بدا له ساءه بل يستعفي ما أمكنه ويأخذ بعفو الله"(4).
4 -
قوله صلى الله عليه وسلم: «إن الله عز وجل فرض فرائض فلا تضيعوها
(1) اقتضاء الصراط المستقيم (1/ 269).
(2)
أحكام أهل الذمة (2/ 715).
(3)
إعلام الموقعين (1/ 344).
(4)
إعلام الموقعين (1/ 71، 72)، وانظر منه:(1/ 58)، وتفسير ابن كثير (2/ 109)
وحرم حرمات فلا تنتهكوها، وحد حدودًا فلا تعتدوها، وسكت عن أشياء -رحمة لكم من غير نسيان- فلا تبحثوا عنها» (1).
5 -
قوله صلى الله عليه وسلم: «إن أعظم المسلمين جرمًا من سأل عن شيء لم يحرم فحرم من أجل مسألته» (2).
6 -
قول ابن عباس رضي الله عنهما: "كان أهل الجاهلية يأكلون أشياء ويتركون أشياء تقذرًا فبعث الله نبيه صلى الله عليه وسلم وأنزل كتابه، وأحل حلاله، وحرم حرامه، فما أحل فهو حلال، وما حرم فهو حرام، وما سكت عنه فهو عفو، ثم تلا قوله -تعالى-: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا} [الأنعام: 145] "(3).
(1) أخرجه الدارقطني في سننه، وقد تقدم في ص (39).
(2)
رواه البخاري (13/ 264) برقم (7289) واللفظ له، ومسلم برقم (2358).
(3)
رواه أبو داود (3/ 354) برقم (3800)، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي.
انظر: المستدرك (4/ 115)، وقد رواه مرفوعًا ابن ماجة في سننه (1/ 1117) برقم (3367)، والترمذي (4/ 220) برقم (1726)، وقال:"حديث غريب لا نعرفه مرفوعًا إلا من هذا الوجه"، وقال:"وكأن الحديث الموقوف أصح".