المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ذكر ديار ربيعة من الجزيرة - الأعلاق الخطيرة في ذكر أمراء الشام والجزيرة

[عز الدين ابن شداد]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌بسم الله الرحمن الرحيم وهو حسبي

- ‌المقصد الأوّل فيذكر الشام واشتقاق اسمه

- ‌المقصد الثاني فيذكر أوّل من نزل به

- ‌المقصد الثالث فيذكر ما ورد من فضل الشام

- ‌المقصد الرابع فيذكر موضعه من المعمور وحدوده

- ‌القسم الأوّلأمر البلد وما اشتمل عليه بنيانه ظاهراً وباطناً

- ‌ الباب الأوّل في

- ‌ ذكر موضعها من المعمور

- ‌الباب الثاني فيذكر الطالع الذي بُنيت فيه ومن بناها

- ‌الباب الثالث فيذكر تسميتها واشتقاقها

- ‌الباب الرابع فيذكر صفة عمارتها

- ‌الباب الخامس فيذكر عدد أبوابها

- ‌الباب السادس فيذكر بناء القلعة الّتي بحلب والقصور القديمة

- ‌فصل في ذكر القصور

- ‌الباب السابع فيذكر ما ورد في فضل حلب

- ‌الباب الثامن فيذكر مسجدها الجامع وما بظاهرها من الجوامع

- ‌ذكر الصهريج الّذي في الصحن

- ‌ذكر المنارة

- ‌ذكر ما آل إليه أمر المسجد الجامع في عصرنا

- ‌ذكر ما مُدح به هذا المسجد

- ‌ذكر ما بظاهر حلب من الجوامع

- ‌الباب التاسع فيذكر المزارات الّتي في باطن حلب وظاهرها

- ‌ذكر ما كانت الأمم السالفة تعظّمه من أماكن بمدينة حلب

- ‌ذكر ما بظاهرها من المزارات

- ‌ذكر ما في قرى حلب وأعمالها من المزارات

- ‌الباب العاشر فيذكر المساجد الّتي في باطن حلب وظاهرها

- ‌المساجد الّتي بين أبواب المدينة

- ‌ذكر المساجد الّتي بأرباض حلب

- ‌مساجد الحاضر السليماني ّ

- ‌ذكر مساجد الرابية وجورة جفّال

- ‌ذكر المساجد الّتي بالظاهريّة

- ‌ذكر المساجد الّتي بالرمادة

- ‌ذكر مساجد بانقوسا

- ‌ذكر مساجد الهزّازة

- ‌ذكر المساجد الّتي بخارج باب إنطاكية

- ‌ذكر مساجد المضيق

- ‌ذكر المساجد الّتي كانت بالقلعة

- ‌الباب الحادي عشر فيذكر ما بباطن حلب وظاهرها من الخوانق والرُبُط

- ‌الخوانق الّتي للنساء

- ‌الخوانق الّتي بظاهر حلب

- ‌ذكر الرُبط

- ‌الباب الثاني عشر فيذكر ما بباطن حلب وظاهرها من المدارس

- ‌المدارس الشافعيّة الّتي بظاهر حلب

- ‌ المدارس الحنفيّة

- ‌شعر:

- ‌ المدارس الحنفيّة التي بظاهر حلب

- ‌ذكر ما بحلب من مدارس المالكيّة والحنابلة

- ‌ذكر أدر الحديث بحلب

- ‌الباب الثالث عشر فيذكر ما بحلب وأعمالها من الطلسمات والخواص ّ

- ‌ذكر الحمّات الّتي يُنتَفَع بمائها في أعمال حلب

- ‌الباب الرابع عشر فيذكر ما بباطن حلب وظاهرها من الحمّامات

- ‌حمّامات الدور بحلب

- ‌ذكر الحمّامات الّتي بظاهرها

- ‌الحمّامات الّتي بالمقام

- ‌الحمّامات الّتي بالياروقيّة

- ‌الحمّامات الّتي خارج باب إنطاكية

- ‌الحمّامات الّتي بالحَلْبة

- ‌الحمّامات الّتي بالبساتين

- ‌الحمّامات الّتي خارج باب الجنان:

- ‌الحمّامات الّتي بالرَمادة:

- ‌الباب الخامس عشر فيذكر نهرها وقنيّها الداخلة إلى البلد

- ‌ذكر القنيّ المتفرّعة عن القناة العظمى

- ‌الباب السادس عشر فيذكر ارتفاع قصبة حلب فقط

- ‌الباب السابع عشر فيذكر ما مُدحت به حلب نثراً ونظماً

- ‌القسمُ الثاني منَ الكِتاب فيذكر ما هُو خارج عن دمشق

- ‌الباب الأول فيذكر أنهارِهَا وقَنَوَاتِهَافي ذكر أنهارها

- ‌ذكْرُ القُنِيّ

- ‌الباب الثاني‌‌ في ذكْر ما بنواحي دمشق من الجبال

- ‌ في ذكْر ما بنواحي دمشق من الجبال

- ‌الباب الثالث فيذكر ما احتوى عليه جُنْدُ دمشق من الكور

- ‌ كورة البقاع:

- ‌ذكر بعلبك

- ‌كورة حورانوقصبتها بصْرى

- ‌قلعة صرخد

- ‌كورة البثينةومدينتها أذرعات

- ‌كورة الجبال ومدينتها عرندل

- ‌ومعان

- ‌ومؤتة

- ‌ومما هو مستحدث ذكره في هذه الكورة من البلادالكرك والشوبك

- ‌كورة الشراة

- ‌وأرض البلقاء

- ‌قلعة الصلت

- ‌قلعة عجلون

- ‌ذكرُ ما في هذا الجند من البلادِ الساحلية

- ‌جُبيل

- ‌صيدا

- ‌بيروت

- ‌أطرابلس

- ‌ما كان في يد الفرنج

- ‌الباب الرابع فيذكر بلاد جند الأردن ومن ملكها

- ‌بيسان

- ‌بانياس

- ‌ذكرُ حصون هذا الجندصفد

- ‌هونين وتبين

- ‌شقيف أرنون

- ‌شقيف تيرون

- ‌كوكب

- ‌قلعةُ الطور

- ‌ذكر ما في جند بلاد الأردن من البلاد الساحلية

- ‌عكا

- ‌حيفا

- ‌الباب الخامس‌‌ فيذكر بلاد جند فلسطين

- ‌ فيذكر بلاد جند فلسطين

- ‌إيلياء

- ‌لمعة من فضائله

- ‌فضل الصخرة

- ‌ذكر خراب بيت المقدس بعد بنائه ِ

- ‌المرة الأولى:

- ‌المرة الثانية:

- ‌مدينة بيت المقدس

- ‌ذكر فتحها وملوكها

- ‌ومن رسالة للقاضي الفاضل

- ‌خطبة القاضي محيي الدين بن الزكي

- ‌مدينة الخليل عليه السلام

- ‌ نابلس

- ‌قيسارية

- ‌أرسوف

- ‌يافا

- ‌عسقلان

- ‌ غزة

- ‌الباب السادس فيذكر ما بمجموع هذه الأجناد الثلاثة من المزاراتما يختص بلاد جند دمشق

- ‌ومما بنواحي حوران

- ‌جبلُ بني هلال

- ‌الطُّور - ومؤتة

- ‌مدينة نابلس:

- ‌ما في بلاد جُند الأردن من المزاراتمدينة طبرية

- ‌عكا:

- ‌زيارات جند فلسطين

- ‌ذكر الجزيرة

- ‌بسم الله الرحمن الرحيموصلى الله على سيدنا محمد وآله

- ‌ذكر من ولي الجزيرةبمجموعها من الأمراء والوزراء إلى حين تفرقت بلادها

- ‌ذكر ديار مضروقصبتها حرّان

- ‌ذكر بنائصوإلى من تنسب

- ‌ذكر ملوكها

- ‌ارتفاعها لمّا ملكها السلطان الملك الناصر صلاح الدين

- ‌جملين والموزر

- ‌ذكر الرقة

- ‌ذكر الرُّها

- ‌ذكر فتحها

- ‌سروج

- ‌ قلعة جعبر

- ‌ البيرة

- ‌ذكر ديار ربيعة من الجزيرة

- ‌ دارا

- ‌رأس العين

- ‌قرقيسيا

- ‌سنجار

- ‌ذكر فتح مدينة سنجار وملكها

- ‌ذكر من وليها بعد خروج الجزيرة عن أيدي

- ‌ذكر ولاية عماد الدين زنكي الموصل

- ‌ذكر استيلاء نور الدين على سنجار

- ‌ذكر ملك نور الدين الموصل وسنجار

- ‌ذكر تسليم حلب إلى عماد الدين من عز الدين صاحب الموصل

- ‌ذكر ملك صلاح الدين سنجار

- ‌ذكر وفاة عماد الدين زنكي بن مودود

- ‌ذكر حصار الملك العادل سنجار

- ‌ذكر وفاة صاحب سنجار وملك ابنه وقتله وملك أخيه

- ‌ذكر ملك الملك الأشرف مظفر الدين موسى بن الملك العادل مدينة سنجار

- ‌ذكر حصار بدر الدين لؤلؤ صاحب الموصل سنجار

- ‌ذكر ملك الملك الصالح نجم الدين أيوب دمشق

- ‌ذكر تمليك بدر الدين لؤلؤ سنجار

- ‌ذكر تملك الملك الصالح سنجار وترتيب ولده فيها

- ‌ذكر قصد التتار شمس الدين البزلي وكسرهم له

- ‌ذكر استيلاء التتار على سنجار

- ‌جزيرة ابن عمر

- ‌ذكر من ولي الجزيرة، جزيرة ابن عمر

- ‌ذكر وفاة عز الدين مسعود

- ‌ملك عماد الدين زنكي جزيرة ابن عمر

- ‌ذكر حمايته ينبغي للملوك أن يحترزوا من مثلها

- ‌ذكر ملك معز الدين سنجرشاه الجزيرة

- ‌ذكر قتل سنجر شاه وملك ابنه محمود

- ‌ذكر وفاة معز الدين محمود وتولية ولده الملك المسعود وشاهان شاه

- ‌ودخلت سنة تسع وأربعين وستمائة

- ‌ذكر ملك بدر الدين لؤلؤ الجزيرة

- ‌ذكر ما كان بيد الملك الناصر من بلاد الجزيرة

- ‌ذكر ديار بكر

- ‌المصر الأول من أمصار ديار بكرآمد

- ‌ميافارقين

- ‌ذكر ما جُدِّد فيها من العماير بعد الفتح

- ‌ذكر من فتح ميافارقين آمد ووليهما

- ‌ذكر من ولي ديار بكر بأسرها ومن ولي منها مكانا بمفرده

- ‌ذكر عصيان عيسى بن الشيخ بديار بكر

- ‌ذكر قصد المعتضد الجزيرة وديار بكر

- ‌ذكر ابتداء ملك بني حمدان لديار بكر

- ‌ذكر ولاية سيف الدولة ديار بكر من قبل أخيه ناصر الدولة

- ‌ذكر محاولة استيلاء الروم على آمد بحيله

- ‌عدنا إلى أخبار ميافارقين وسيف الدولة

- ‌ذكر حصار الروم آمد وميافارقين

- ‌ذكر قتل نجا غلام سيف الدولة وملك سيف الدولة خلاط

- ‌ذكر وفاة سيف الدولة بن حمدان

- ‌ذكر ولاية أبي المعالي شريف ولد الأمير سيف الدولة

- ‌ذكر ولاية عضد الدولة ديار بكر وديار ربيعه

- ‌ذكر ملك باد الكردي ميافارقين وآمد

- ‌ذكر ابتداء ملك ابن دمنة آمد

- ‌ذكر قتل عبد البر وتمليك ابن دمنة

- ‌ذكر تمليك أبي علي بن مروان

- ‌ذكر ملك ممهد الدولة أبي منصور بن مروان

- ‌ذكر قتل ممهد الدولة وملك شروة

- ‌ذكر ولاية نصر الدولة أبي نصر بن مروان

- ‌وفاة الأمير نصر الدولة

- ‌ذكر وفاة الأمير سعيد بن نصر الدولة

- ‌ذكر قتل سلار خراسان واخوة الأمير

- ‌ذكر قصد السلطان ألب أرسلان بن السلطان جغري بك الشام والسواحل

- ‌ذكر خروج عساكر الروم وكسرهم

- ‌ذكر وفاة السلطان ألب أرسلان

- ‌ذكر وفاة الأمير نظام الدين

- ‌ذكر توجه الوزير فخر الدولة بالعساكر وملك ميافارقين وآمد

- ‌الجميع بلور

- ‌ذكر ملك عميد الدولة ديار بكر

- ‌ذكر ملك ناصر الدولة ميافارقين

- ‌ذكر ملك تاج الدولة تتش ميافارقين وآمد

- ‌ذكر وفاة السلطان تاج الدولة تتش

- ‌ذكر وفاة الأمير ناصر الدولة

- ‌ذكر ميافاقينذكر ولاية شمس الملوك دقاق ميافارقين استقلالا بعد وفاة أبيه تاج الدولة

- ‌ذكر وفاة شمس الملوك دقاق

- ‌ذكر ملك السلطان قليج أرسلان بن سليمان ن قطر مش السلجوقي ميافارقين

- ‌ذكر ملك سقمان القطبي ميافارقين

- ‌ذكر وفاة سقمان القطبي

- ‌ذكر ملك قراجا الساقي ميافارقين

- ‌ابتداء ولاية نجم الدين إيلغازي بن سقمان بن أرتق وملكه ميافارقين

- ‌ذكر وفاة نجم الدين إيلغازي

- ‌ذكر ولاية ولده السعيد حسام الدين

- ‌ذكر قتل شرف الدين حبشي

- ‌ذكر وفاة الأمير داود صاحب حاني

- ‌ذكر وفاة السعيد حسام الدين

- ‌ذكر نُّوابه بميافارقين

- ‌ذكر ملك نجم الدين ألبي بن السعيد حسام الدين تمرتاش بن إيلغازي بن سكمان

- ‌ذكرُ حصار الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب ميافارقين وفتحها

- ‌ذكر ملك تقي الدين عمر بن شاهنشاه ابن أخي صلاح الدين الملك الناصر

- ‌ذكر ملك الملك الأشرف ميافارقين

- ‌ذكر تمليك شهاب الدين غازي أرزن

- ‌ذكر مقتل جلال الدين وتفرُّق عسكره

- ‌ذكر حصار عسكر حلب ميافارقين

- ‌ذكر كسر عسكر حلب شهاب الدين غازي

- ‌ذكر نزول التتر على ميافارقين

- ‌ذكر وفاة الملك المظفر شهاب الدين غازي صاحب ميافارقين

- ‌ذكر نزول التتر على ميافارقين ثاني مرة ورحيلهم عنها

- ‌ذكر توجه الملك الكامل إلى منكوقاآن

- ‌ذكر عود صاحب ميافارقين من عند منكوقاآن

- ‌ذكر أخذ صاحب ميافارقين آمد

- ‌ذكر ما اعتمده صاحب ميافارقين بعد عوده

- ‌ذكر نزول التتر على ميافارقين

- ‌ذكر توجُّهي رسولاً من التتر الذين على ميافارقين

- ‌ذكر ما جرى لي مع نواب صاحب ميافارقين

- ‌ذكر عودي إلى حلب

- ‌ذكر استيلاء التتر على ميافارقين

- ‌ذكر ما لقي أهل ميافارقين م الشدة في الحصار

- ‌ذكر آمد

- ‌ذكر مُلك الأمير صادر آمد

- ‌ذكر ملك الملك الناصر صلاح الدين آمد وإقطاعها لنور الدين قرا أرسلان

- ‌ذكر وفاة نور الدين محمد بن قرا أرسلان

- ‌ذكر ملك الملك الكامل ناصر الدين آمد

- ‌حصن كَيفَا

- ‌أرْزَن

- ‌ذكر فتحها

- ‌ذكر ملك شهاب الدين غازي أرزن

- ‌مارِدين

- ‌ذكر فتحها ومن مَلَكَها

- ‌ذكر قتل الملك المنصور أرتق صاحب ماردين

- ‌ذكر حصار التتر ماردين واتفاقهم مع الملك السعيد صاحبها

- ‌ذكر وفاة صاحب ماردين وتولي ولده

- ‌ذكر توجُّه الملك المظفر إلى التتر إلى عند هولاكو

الفصل: ‌ذكر ديار ربيعة من الجزيرة

وفيها: قصدها عماد الدين زنكي بنُ آق سنقر وحاصرها وضايقها وأشرف على أخذها، فبلغه قتلُ نائبه بالموصل فرحل عنها ضرورة، فوصل إليها حسامُ الدين تمرتاش بن نجم اليدن إيلغازي بن أُرتُق فأخذها وبقيت في يده إلى أن تسلمها منه نور الدين محمود بن عماد الدين زنكي وأعطاها لشهاب الدين محمد بن إلياس بن إيلغازي بن أرتق، ولم تزل في يده إلى أن توفي سنة سبع وسبعين وخمسمائة.

ووليها بعده فخر الدولة ياقوت أرسلان فقصده عسكر قطب الدين إيلغازي بن ألبي بن تمرتاش بن إيلغازي بن أرتق وحصره. فكاتب صلاح الدين ودخل في طاعته. فسيَّر صلاح الدين إلى قطب الدين فرحّله عنه وبقيت البيرة في يد ياقوت إلى أن توفي. وتولى ولده شهاب الدين محمد ولم تزل بيده إلى أن تسلمها الملك الظاهر غياث الدين غازي ابن الملك الناصر صلاح الدين يوسف بسبب أنه زوَّج أخاه الملك الزاهر داود بابنة شهاب الدين وتُدعى: سُفْرى خاتون. وكانت له بنت أخرى تُدعى: إلْتي خاتون تزوجها الأمير عز الدين عزيز ابن الأمير سيف الدين علي بن علم الدين سليمان ابن جندر.

ولما ملكها الملك الزاهر استولى على عمق البيرة ونهر الجوز وكفر سود والأوشين.

وبقيت في يده إلى أن توفي في صفر سنة اثنتين وثلاثين وستمائة. فتسلمها ابن أخيه الملك العزيز محمد ابن الملك الظاهر وسلمها إليه قبل موته. ولم تزل في يده إلى أن توفي في شهر ربيع الأول سنة أربع وثلاثين فملكها ولده الملك الناصر وبقيت في يده إلى سنة ثمان وخمسين وستمائة. فاستولى عليها هولاكو - ملك التتر - بعد حصار شديد، وأمدٍ مديدٍ، وولى فيها من قِبله.

ولم تزل في يده إلى أن كسر الملك المظفر سيف الدين قطز التركي المعزي - صاحب مصر - التتر على عين جالوت في شهر رمضان من السنة. فسير إلى حلب نائبا عنه علاء الدين علي بن بدر الدين لؤلؤ - صاحب الموصل - فتسلم البيرة وولى عليها من قبله أسد الدين - حاجب الأمير حسام الدين جو كان دار -. ولم يزل بها مستمرا إلى أن ملك علم الدين الحلبي دمشق وقبض السلطان الملك الظاهر عليه، واستدعاه إلى مصر تحت الحوطة. وولا " هـ " حلب، وسار إلى حلب فكاتبه على أن يُسلِّم إليه القلعة على مال استقر بينهما، فتسلم المال ولم يُسلم القلعة وبقيت في يده إلى أن استدعى شمس الدين أقوش البرلي من حران وسلمها إليه.

ولم تزل في يه إلى أن قصدها مولانا السلطان الملك الظاهر، ركن الدين بيبرس في سنة ستين فتسلمها، واستمرت في أيدي نوابه إلى عصرنا الذي وضعنا فيه هذا التاريخ.

وقصتها التتر - خذلهم الله تعالى - وحاصروها ثلاثة دفوعٍ، يأتي ذكرها في تاريخنا المرتب على السنين، في سيرة السلطان الملك الظاهر - خلد الله ملكه -.

‌ذكر ديار ربيعة من الجزيرة

وقصبة مدنها نصيبين. وهي مدينةٌ في مستو من الأرض. ومخرج مائها من " شعب يعرف " ببالوسا، وهو أنوه مكان بها، ثم يبسط في بساتينها ومزارعها. ويدخل إلى كثيرٍ من دورها.

وبها عقارب قاتلة. وبقربها جبل ماردين وارتفاعه نحو فرسخين، عليه قلعة تُعرف بالباز الأشهب من بناء بني حمدان.

طالعها الأسدُ والشمس.

صاحب ساعة بنائها القمر.

طولها خمسٌ وسبعون درجة وثلاثون دقيقة.

عرضها سبعٌ وثلاثون درجة.

بها: مشهد علي بن أبي طالب عليه السلام وبها شجرة عُنّابٍ.

وبها: كفُّ عليٍّ عليه السلام في مسجد باب الروم.

وبها: مسجد أبي هريرة في محلة الزاهية، وعلى بابه حجرٌ فيه خط باليوناني، قد جُرب اوجع الظهر.

وبها: مشهد زين العابدين عليه السلام.

وبها: مشهد الرأس في سوق النشابين.

يقالُ: إن رأس الحُسين عليه السلام عُلّقَ به لما عبروا بالسبّي إلى الشام.

وبها: مشهد النُّقطة. يقال: إنه نقط من دم الرأس نقطةٌ هناك.

وبها: مسجد بني بكرة، وهو أول مسجد عُمر بها، وهو كان الجامع القديم.

وبها: مسجد النبي صلى الله عليه وسلم عند الحضيرة.

وبها: مسجد باب سنجار، كان به مصحف عثمان رضي الله عنه.

وبها: قبلة باب الناصر من الشرق قبر جُبير بن إسحاق.

قال البلاذري: فتح عياض بن غنم نصيبين بعد قتال على مثل صلح الرُّها.

ص: 133

ولم يزل من يلي الجزيرة منذ فُتحت إلى أن تغلب عليها وعلى دار حمدان بن حمدون بن حارث بن لقمان بن راشد التغلبي وتحصن بقلعة ماردين، فخرج المعتضد إليه في سنة إحدى وثمانين. فهرب من القلعة وبقي فيها ولده. فلما وصل المعتضد إلى القلعة وقف ببابها وقال: يا بن حمدان! افتح الباب ففتحه، ودخل المعتضد إليها، وأمر بنقل ما فيها وهدمها.

ثم ظفر به بعد ذلك فحبسه ثم أطلقه، وأعاد عليه بلاده واصطنع ولده الحُسين.

ثم صارت نصيبين بعد إلى ما كانت عليه، في كونها في يد من يلي بلاد الجزيرة. ولم تزل كذلك إلى أن ولى المكتفي الحُسين بن حمدان ديار ربيعة سنة اثنتين وتسعين ومائتين.

" ولم يزل بها متوليا إلى أن خرج عن طاعة المقتدر فبعث إليه مؤنسا الخادم فظفر به وأدخله بغداد على جملٍ " وقيل: على فيل. وولى ديار ربيعة عثمان الغنوي وذلك في سنة ثلاث وثلاث مائة. ولم يزل واليا عليها إلى أن عزله في سنة سبع وثلاث متئة.

فوليها إبراهيم بن حمدان. ولم تزل في يده إلى أن توفي في سنة ثمان وثلاثمائة.

فوليها داود بن حمدان، ولم يزل متوليا بها إلى أن عُزل عنها سنة ثمان عشرة.

ووليها ناصر الدولة الحسن بن أبي الهيجاء مع الموصل ولم تزل في يده إلى أن تغلب على ما في يده من البلاد في سنة سبع وعشرين فقصده الراضي وبجكم فكسراه.

وسار إلى آمد واستولى عليها، ولم تزل في يده إلى أن قبض عليه ولده أبو تغلب وحبسه بقلعة كواشى من أعمال الموصل في سنة ست وخمسين. وبقيت البلاد في يده إلى أن اختلف أولاد ناصر الدولة في سنة تسع وخمسين فقصد حمدان نصيبين فاستولى عليها، فبعث إليه أبو تغلب أخاه أبا الفوارس في جيش فهزمه وملك نصيبين فسار حمدان إلى سنجار فملكها، ولم يزل أبو الفوارس بنصيبين إلى أن استولى عليها عضد الدولة فيما استولى عليه من بلاد الجزيرة في سنة ثمان وستين وولى فيها من قِبله أبا الوفاء.

ولم تزل نصيبين في يد عضد الدولة إلى أن توفي في سنة سبعين وثلاث مئة. وملك صمصام الدولة فأقر فيها أبا الوفاء. ولم يزل بها إلى أن قصد نصيبين باد الكردي الحمُيدي - خال بني مروان - فاستولى عليها في سنة ثلاث وسبعين ثم ملك الموصل، فسيَّر إيله صمصام الدولة جيشا فطرده عن البلاد وولى في نصيبين سعدا ولم يزل بها إلى أن ملك بهاء الدولة في سنة تسع وسبعين فجمع أبو طاهر إبراهيم وأبو عبد الله الحسين - ابنا ناصر الدولة -، وقصدا الموصل فأخذاها بعد حرب، وملكا ديار ربيعة، فسار إليهما باد الكردي فأوقع بهما، واستولى على ما استوليا عليه.

وأقطع لأبي ذوَّادٍ محمد بن المسيب نصيبين وجزيرة ابن عمر، وذلك في بقية سنة تسع وسبعين ليُساعده على الحروب. ولم تزل في يد أبي ذواد إلى أن توفي في سنة سبع وثمانين وثلاث مئة، فوليها بعده أخوه أبو حسان، المقلد بن المسيب. وبقيت في يده إلى أن قتله غلام له في سنة إحدى وتسعين وتولى بعده أبو المُنيع قرواش، ولم تزل نصيبين في يده مع ما استولى عليه إلى أن أعطاها لأخيه بدران في سنة سبع عشرة فقصدها نصر الدولة بن مروان واستولى عليها سنة ثمان عشرة ولم تزل بيده إلى أن وقعت بينه وبين بدران بن المقلد حربتكافآ فيه وانفصل كل منهما عن صاحبه، ولم يظفر منه بشيء. فقصد بدران نصر الدولة وهو بميافارقين، وطلب منه نصيبين عوضا عن صداق عمته فأجابه إلى ذلك، فتسلمها، ولم يزل.

ووليها بعده ولده قريش ولم تزل بيده إلى أن قصدها. طُغرلبك في سنة تسع وأربعين.

ثم عاد منها، واستمر بها " قريش بن بدران إلى أن توفي سنة ثلاث وخمسين وأربعمائة.

ووليها بعده ولده شرف الدولة مسلم بن قريش ولم تزل بيده إلى أن فتح سروج " وأخذها " من حسن ابن " منيع بن " وثاب النميري وعوضه عنها بنصيبين. ولم تزل في يده إلى أن قبض عليه وقتله في سنة خمس وسبعين وأربعمائة واستعاد نصيبين منه. ولم تزل بيده إلى قتل سنة ثمان وسبعين وأربعمائة.

ص: 134

وملك أخوه مؤيد الدولة إبراهيم واستولى على ما كان بيده من البلاد. وبقيت في يده إلى أن قصد نصيبين تاج الدولة تتش في سنة خمس وثمانين وأربعمائة فنازلها وقاتل من فيها من نواب مؤيد الدولة حتى أخذها عنوة، ونهبها وقتل أكثر أهلها، فسار إليه إبراهيم في جموع جمعها، والتقى به في شهر ربيع الآخر على نهر الهرماس فكسرهم تاج الدولة. فلما رأى إبراهيم ذلك رجع إلى خيمته، فنزل وجلس على التخت حتى أتوه، فقتلوه عليه، واستولوا على عسكره.

وولي تاج الدولة نصيبين من قبله محمد بن شرف الدولة، ولم تزل في يده إلى أن قصدها كربوقا في سنة تسع وثمانين " فالتقاه على مرحلتين من نصيبين، فاستحلفه لنفسه فحلف له، وغدر به كربوقا بعد ذلك، وقبض عليه، وأتى نصيبين فامتنعت عليه، فحاصرها أربعين يوما ثم تسلمها وقتل محمد بن شرف الدولة ".

ولم تزل نصيبن في يده إلى أن توفي في سنة خمس وتسعين فقصد شمس الدولة حكرمش - صاحب جزيرة ابن عمر - فتسلمها، ولم تزل بيده إلى أن قصده قليج أرسلان بن سليمان بن قطلمش السلجوقي - صاحب الموصل - فأخذها منه في سنة خمسمائة، ولم تزل في يده إلى أن التقاه جاولي سقاقوه في بقية السنة، واقتتلا فقتل قليج أرسلان.

فصار نجم الدين إيلغازي بن أرتق إلى نصيبين فملكها في بقية السنة، وولى بها من قبله ولده. ولم يزل بها إلى أن استولى عليها مودود وعلى جميع بلاد الموصل في سنة اثنتين وخمسمائة. ولم تزل بيده إلى أن قتل في سنة سبع وخمسمائة.

وفيها: وصل السلطان محمد بن إصفهان إلى بغداد ورد أمر الموصل وأعمالها، ونصيبين إلى آق سنقر البرسقي وجعله أتابك عسكر ولده مسعود. واستمرت تحت نظره إلى أن استولى عليها نجم الدين إبلغازي في سنة اثنتي عشرة، ولم تزل في يده إلى استولى عليها آق سنقر البرسقي - صاحب الموصل - مرة ثانية في سنة خمس عشرة، ولم تزل في يده " إلى " أن قتل سنة عشرين فاستولى عليها حسام الدين تمرتاش وبقيت في يده إلى أن قصدها عماد الدين زنكي في " سنة " إحدى وعشرين، ولم تزل بيد نوابه إلى أن قتل في سنة إحدى وأربعين فاستولى على ما كان بيده من البلاد الجزرية ولده سيف الدين غازي، ولم تزل في يده إلى أن توفي بالموصل سنة أربع وأربعين.

واستولى قطب الدين مودود على ما كان بيده من البلاد، ثم مات في سنة خمس وستين.

وولي ولده الصغير سيف الدين غازي بعهد منه ووصية، فلم تزل نصيبين بيده إلى أن صار إليه نور الدين وأخذها منه. وعوضه عنها بالموصل في سنة " ست و " ستين وخمسمائة ولم تزل في يد نوابه إلى أن توفي في شوال سنة تسع وستين. ولما توفي قصدها سيف الدين غازي - صاحب الموصل - في عسكره فملكها. ولم تزل في يد نوابه إلى أن توفي في سنة ست وسبعين.

وتولى أخوه عز الدين مسعود ولم تزل في يده إلى أن عبر صلاح الدين الفرات في سنة ثمان وسبعين وسار إلى نصيبين فملكها، وأقطعها لأبي الهيجاء السمين ثم استرجعها منه، وأقطعها محمد بن مروان.

فلما ملك الناصر حلب من عماد الدين زنكي ابن قطب الدين مودود عوضه عنها سنجار ونصيبين، وسروج والخابور والرقة.

ولم تزل نصيبين بيد عماد الدين إلى أن توفي في المحرم سنة أربع وتسعين.

وملك بعده ولده قطب الدين سنجار ونصيبين فسار ابن عمه نور الدين أرسلان شاه بن عز الدين مسعود بن مودود إلى نصيبين فأخذها بعد حصار وقتال شديد في جمادى الأولى من السنة. ثم استرجعها بمساعدة الملك العادل في شهر رمضان من السنة. ولم تزل في يد قطب الدين إلى أن قصدها نور الدين أرسلان شاه بجموعٍ كثيرةٍ، فملكها في سنة ستمائة. ثم أخذها قطب الدين بمساعدة الملك العادل له مرة ثانية. ولم تزل في يده إلى أن قصد الملك العادل قطب الدين في سنجار سنة ستٍ وستمائة فحاصره وضايقه إلى أن صالحه على نصيبين والخابور واتفقا على ذلك.

ص: 135