المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الباب الرابع فيذكر بلاد جند الأردن ومن ملكها - الأعلاق الخطيرة في ذكر أمراء الشام والجزيرة

[عز الدين ابن شداد]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌بسم الله الرحمن الرحيم وهو حسبي

- ‌المقصد الأوّل فيذكر الشام واشتقاق اسمه

- ‌المقصد الثاني فيذكر أوّل من نزل به

- ‌المقصد الثالث فيذكر ما ورد من فضل الشام

- ‌المقصد الرابع فيذكر موضعه من المعمور وحدوده

- ‌القسم الأوّلأمر البلد وما اشتمل عليه بنيانه ظاهراً وباطناً

- ‌ الباب الأوّل في

- ‌ ذكر موضعها من المعمور

- ‌الباب الثاني فيذكر الطالع الذي بُنيت فيه ومن بناها

- ‌الباب الثالث فيذكر تسميتها واشتقاقها

- ‌الباب الرابع فيذكر صفة عمارتها

- ‌الباب الخامس فيذكر عدد أبوابها

- ‌الباب السادس فيذكر بناء القلعة الّتي بحلب والقصور القديمة

- ‌فصل في ذكر القصور

- ‌الباب السابع فيذكر ما ورد في فضل حلب

- ‌الباب الثامن فيذكر مسجدها الجامع وما بظاهرها من الجوامع

- ‌ذكر الصهريج الّذي في الصحن

- ‌ذكر المنارة

- ‌ذكر ما آل إليه أمر المسجد الجامع في عصرنا

- ‌ذكر ما مُدح به هذا المسجد

- ‌ذكر ما بظاهر حلب من الجوامع

- ‌الباب التاسع فيذكر المزارات الّتي في باطن حلب وظاهرها

- ‌ذكر ما كانت الأمم السالفة تعظّمه من أماكن بمدينة حلب

- ‌ذكر ما بظاهرها من المزارات

- ‌ذكر ما في قرى حلب وأعمالها من المزارات

- ‌الباب العاشر فيذكر المساجد الّتي في باطن حلب وظاهرها

- ‌المساجد الّتي بين أبواب المدينة

- ‌ذكر المساجد الّتي بأرباض حلب

- ‌مساجد الحاضر السليماني ّ

- ‌ذكر مساجد الرابية وجورة جفّال

- ‌ذكر المساجد الّتي بالظاهريّة

- ‌ذكر المساجد الّتي بالرمادة

- ‌ذكر مساجد بانقوسا

- ‌ذكر مساجد الهزّازة

- ‌ذكر المساجد الّتي بخارج باب إنطاكية

- ‌ذكر مساجد المضيق

- ‌ذكر المساجد الّتي كانت بالقلعة

- ‌الباب الحادي عشر فيذكر ما بباطن حلب وظاهرها من الخوانق والرُبُط

- ‌الخوانق الّتي للنساء

- ‌الخوانق الّتي بظاهر حلب

- ‌ذكر الرُبط

- ‌الباب الثاني عشر فيذكر ما بباطن حلب وظاهرها من المدارس

- ‌المدارس الشافعيّة الّتي بظاهر حلب

- ‌ المدارس الحنفيّة

- ‌شعر:

- ‌ المدارس الحنفيّة التي بظاهر حلب

- ‌ذكر ما بحلب من مدارس المالكيّة والحنابلة

- ‌ذكر أدر الحديث بحلب

- ‌الباب الثالث عشر فيذكر ما بحلب وأعمالها من الطلسمات والخواص ّ

- ‌ذكر الحمّات الّتي يُنتَفَع بمائها في أعمال حلب

- ‌الباب الرابع عشر فيذكر ما بباطن حلب وظاهرها من الحمّامات

- ‌حمّامات الدور بحلب

- ‌ذكر الحمّامات الّتي بظاهرها

- ‌الحمّامات الّتي بالمقام

- ‌الحمّامات الّتي بالياروقيّة

- ‌الحمّامات الّتي خارج باب إنطاكية

- ‌الحمّامات الّتي بالحَلْبة

- ‌الحمّامات الّتي بالبساتين

- ‌الحمّامات الّتي خارج باب الجنان:

- ‌الحمّامات الّتي بالرَمادة:

- ‌الباب الخامس عشر فيذكر نهرها وقنيّها الداخلة إلى البلد

- ‌ذكر القنيّ المتفرّعة عن القناة العظمى

- ‌الباب السادس عشر فيذكر ارتفاع قصبة حلب فقط

- ‌الباب السابع عشر فيذكر ما مُدحت به حلب نثراً ونظماً

- ‌القسمُ الثاني منَ الكِتاب فيذكر ما هُو خارج عن دمشق

- ‌الباب الأول فيذكر أنهارِهَا وقَنَوَاتِهَافي ذكر أنهارها

- ‌ذكْرُ القُنِيّ

- ‌الباب الثاني‌‌ في ذكْر ما بنواحي دمشق من الجبال

- ‌ في ذكْر ما بنواحي دمشق من الجبال

- ‌الباب الثالث فيذكر ما احتوى عليه جُنْدُ دمشق من الكور

- ‌ كورة البقاع:

- ‌ذكر بعلبك

- ‌كورة حورانوقصبتها بصْرى

- ‌قلعة صرخد

- ‌كورة البثينةومدينتها أذرعات

- ‌كورة الجبال ومدينتها عرندل

- ‌ومعان

- ‌ومؤتة

- ‌ومما هو مستحدث ذكره في هذه الكورة من البلادالكرك والشوبك

- ‌كورة الشراة

- ‌وأرض البلقاء

- ‌قلعة الصلت

- ‌قلعة عجلون

- ‌ذكرُ ما في هذا الجند من البلادِ الساحلية

- ‌جُبيل

- ‌صيدا

- ‌بيروت

- ‌أطرابلس

- ‌ما كان في يد الفرنج

- ‌الباب الرابع فيذكر بلاد جند الأردن ومن ملكها

- ‌بيسان

- ‌بانياس

- ‌ذكرُ حصون هذا الجندصفد

- ‌هونين وتبين

- ‌شقيف أرنون

- ‌شقيف تيرون

- ‌كوكب

- ‌قلعةُ الطور

- ‌ذكر ما في جند بلاد الأردن من البلاد الساحلية

- ‌عكا

- ‌حيفا

- ‌الباب الخامس‌‌ فيذكر بلاد جند فلسطين

- ‌ فيذكر بلاد جند فلسطين

- ‌إيلياء

- ‌لمعة من فضائله

- ‌فضل الصخرة

- ‌ذكر خراب بيت المقدس بعد بنائه ِ

- ‌المرة الأولى:

- ‌المرة الثانية:

- ‌مدينة بيت المقدس

- ‌ذكر فتحها وملوكها

- ‌ومن رسالة للقاضي الفاضل

- ‌خطبة القاضي محيي الدين بن الزكي

- ‌مدينة الخليل عليه السلام

- ‌ نابلس

- ‌قيسارية

- ‌أرسوف

- ‌يافا

- ‌عسقلان

- ‌ غزة

- ‌الباب السادس فيذكر ما بمجموع هذه الأجناد الثلاثة من المزاراتما يختص بلاد جند دمشق

- ‌ومما بنواحي حوران

- ‌جبلُ بني هلال

- ‌الطُّور - ومؤتة

- ‌مدينة نابلس:

- ‌ما في بلاد جُند الأردن من المزاراتمدينة طبرية

- ‌عكا:

- ‌زيارات جند فلسطين

- ‌ذكر الجزيرة

- ‌بسم الله الرحمن الرحيموصلى الله على سيدنا محمد وآله

- ‌ذكر من ولي الجزيرةبمجموعها من الأمراء والوزراء إلى حين تفرقت بلادها

- ‌ذكر ديار مضروقصبتها حرّان

- ‌ذكر بنائصوإلى من تنسب

- ‌ذكر ملوكها

- ‌ارتفاعها لمّا ملكها السلطان الملك الناصر صلاح الدين

- ‌جملين والموزر

- ‌ذكر الرقة

- ‌ذكر الرُّها

- ‌ذكر فتحها

- ‌سروج

- ‌ قلعة جعبر

- ‌ البيرة

- ‌ذكر ديار ربيعة من الجزيرة

- ‌ دارا

- ‌رأس العين

- ‌قرقيسيا

- ‌سنجار

- ‌ذكر فتح مدينة سنجار وملكها

- ‌ذكر من وليها بعد خروج الجزيرة عن أيدي

- ‌ذكر ولاية عماد الدين زنكي الموصل

- ‌ذكر استيلاء نور الدين على سنجار

- ‌ذكر ملك نور الدين الموصل وسنجار

- ‌ذكر تسليم حلب إلى عماد الدين من عز الدين صاحب الموصل

- ‌ذكر ملك صلاح الدين سنجار

- ‌ذكر وفاة عماد الدين زنكي بن مودود

- ‌ذكر حصار الملك العادل سنجار

- ‌ذكر وفاة صاحب سنجار وملك ابنه وقتله وملك أخيه

- ‌ذكر ملك الملك الأشرف مظفر الدين موسى بن الملك العادل مدينة سنجار

- ‌ذكر حصار بدر الدين لؤلؤ صاحب الموصل سنجار

- ‌ذكر ملك الملك الصالح نجم الدين أيوب دمشق

- ‌ذكر تمليك بدر الدين لؤلؤ سنجار

- ‌ذكر تملك الملك الصالح سنجار وترتيب ولده فيها

- ‌ذكر قصد التتار شمس الدين البزلي وكسرهم له

- ‌ذكر استيلاء التتار على سنجار

- ‌جزيرة ابن عمر

- ‌ذكر من ولي الجزيرة، جزيرة ابن عمر

- ‌ذكر وفاة عز الدين مسعود

- ‌ملك عماد الدين زنكي جزيرة ابن عمر

- ‌ذكر حمايته ينبغي للملوك أن يحترزوا من مثلها

- ‌ذكر ملك معز الدين سنجرشاه الجزيرة

- ‌ذكر قتل سنجر شاه وملك ابنه محمود

- ‌ذكر وفاة معز الدين محمود وتولية ولده الملك المسعود وشاهان شاه

- ‌ودخلت سنة تسع وأربعين وستمائة

- ‌ذكر ملك بدر الدين لؤلؤ الجزيرة

- ‌ذكر ما كان بيد الملك الناصر من بلاد الجزيرة

- ‌ذكر ديار بكر

- ‌المصر الأول من أمصار ديار بكرآمد

- ‌ميافارقين

- ‌ذكر ما جُدِّد فيها من العماير بعد الفتح

- ‌ذكر من فتح ميافارقين آمد ووليهما

- ‌ذكر من ولي ديار بكر بأسرها ومن ولي منها مكانا بمفرده

- ‌ذكر عصيان عيسى بن الشيخ بديار بكر

- ‌ذكر قصد المعتضد الجزيرة وديار بكر

- ‌ذكر ابتداء ملك بني حمدان لديار بكر

- ‌ذكر ولاية سيف الدولة ديار بكر من قبل أخيه ناصر الدولة

- ‌ذكر محاولة استيلاء الروم على آمد بحيله

- ‌عدنا إلى أخبار ميافارقين وسيف الدولة

- ‌ذكر حصار الروم آمد وميافارقين

- ‌ذكر قتل نجا غلام سيف الدولة وملك سيف الدولة خلاط

- ‌ذكر وفاة سيف الدولة بن حمدان

- ‌ذكر ولاية أبي المعالي شريف ولد الأمير سيف الدولة

- ‌ذكر ولاية عضد الدولة ديار بكر وديار ربيعه

- ‌ذكر ملك باد الكردي ميافارقين وآمد

- ‌ذكر ابتداء ملك ابن دمنة آمد

- ‌ذكر قتل عبد البر وتمليك ابن دمنة

- ‌ذكر تمليك أبي علي بن مروان

- ‌ذكر ملك ممهد الدولة أبي منصور بن مروان

- ‌ذكر قتل ممهد الدولة وملك شروة

- ‌ذكر ولاية نصر الدولة أبي نصر بن مروان

- ‌وفاة الأمير نصر الدولة

- ‌ذكر وفاة الأمير سعيد بن نصر الدولة

- ‌ذكر قتل سلار خراسان واخوة الأمير

- ‌ذكر قصد السلطان ألب أرسلان بن السلطان جغري بك الشام والسواحل

- ‌ذكر خروج عساكر الروم وكسرهم

- ‌ذكر وفاة السلطان ألب أرسلان

- ‌ذكر وفاة الأمير نظام الدين

- ‌ذكر توجه الوزير فخر الدولة بالعساكر وملك ميافارقين وآمد

- ‌الجميع بلور

- ‌ذكر ملك عميد الدولة ديار بكر

- ‌ذكر ملك ناصر الدولة ميافارقين

- ‌ذكر ملك تاج الدولة تتش ميافارقين وآمد

- ‌ذكر وفاة السلطان تاج الدولة تتش

- ‌ذكر وفاة الأمير ناصر الدولة

- ‌ذكر ميافاقينذكر ولاية شمس الملوك دقاق ميافارقين استقلالا بعد وفاة أبيه تاج الدولة

- ‌ذكر وفاة شمس الملوك دقاق

- ‌ذكر ملك السلطان قليج أرسلان بن سليمان ن قطر مش السلجوقي ميافارقين

- ‌ذكر ملك سقمان القطبي ميافارقين

- ‌ذكر وفاة سقمان القطبي

- ‌ذكر ملك قراجا الساقي ميافارقين

- ‌ابتداء ولاية نجم الدين إيلغازي بن سقمان بن أرتق وملكه ميافارقين

- ‌ذكر وفاة نجم الدين إيلغازي

- ‌ذكر ولاية ولده السعيد حسام الدين

- ‌ذكر قتل شرف الدين حبشي

- ‌ذكر وفاة الأمير داود صاحب حاني

- ‌ذكر وفاة السعيد حسام الدين

- ‌ذكر نُّوابه بميافارقين

- ‌ذكر ملك نجم الدين ألبي بن السعيد حسام الدين تمرتاش بن إيلغازي بن سكمان

- ‌ذكرُ حصار الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب ميافارقين وفتحها

- ‌ذكر ملك تقي الدين عمر بن شاهنشاه ابن أخي صلاح الدين الملك الناصر

- ‌ذكر ملك الملك الأشرف ميافارقين

- ‌ذكر تمليك شهاب الدين غازي أرزن

- ‌ذكر مقتل جلال الدين وتفرُّق عسكره

- ‌ذكر حصار عسكر حلب ميافارقين

- ‌ذكر كسر عسكر حلب شهاب الدين غازي

- ‌ذكر نزول التتر على ميافارقين

- ‌ذكر وفاة الملك المظفر شهاب الدين غازي صاحب ميافارقين

- ‌ذكر نزول التتر على ميافارقين ثاني مرة ورحيلهم عنها

- ‌ذكر توجه الملك الكامل إلى منكوقاآن

- ‌ذكر عود صاحب ميافارقين من عند منكوقاآن

- ‌ذكر أخذ صاحب ميافارقين آمد

- ‌ذكر ما اعتمده صاحب ميافارقين بعد عوده

- ‌ذكر نزول التتر على ميافارقين

- ‌ذكر توجُّهي رسولاً من التتر الذين على ميافارقين

- ‌ذكر ما جرى لي مع نواب صاحب ميافارقين

- ‌ذكر عودي إلى حلب

- ‌ذكر استيلاء التتر على ميافارقين

- ‌ذكر ما لقي أهل ميافارقين م الشدة في الحصار

- ‌ذكر آمد

- ‌ذكر مُلك الأمير صادر آمد

- ‌ذكر ملك الملك الناصر صلاح الدين آمد وإقطاعها لنور الدين قرا أرسلان

- ‌ذكر وفاة نور الدين محمد بن قرا أرسلان

- ‌ذكر ملك الملك الكامل ناصر الدين آمد

- ‌حصن كَيفَا

- ‌أرْزَن

- ‌ذكر فتحها

- ‌ذكر ملك شهاب الدين غازي أرزن

- ‌مارِدين

- ‌ذكر فتحها ومن مَلَكَها

- ‌ذكر قتل الملك المنصور أرتق صاحب ماردين

- ‌ذكر حصار التتر ماردين واتفاقهم مع الملك السعيد صاحبها

- ‌ذكر وفاة صاحب ماردين وتولي ولده

- ‌ذكر توجُّه الملك المظفر إلى التتر إلى عند هولاكو

الفصل: ‌الباب الرابع فيذكر بلاد جند الأردن ومن ملكها

ثم فُتحت يوم الأحد الخامس عشر من شعبان، على يد نقابي الملك السعيد ومباشرة ملك الأمراء بدر الدين بيليك الخزندار.

ثم دخلت العساكر الحصن بالسيف، وقتلوا من فيه من الإسبتار، وأسروا الجبلية، وعفا عن الفلاحين لعمارة البلاد.

فلما رأى أهل القلعة ما حل بأهل البلد، طلبوا الأمان، فأجيبوا. وتسلمها مولانا السلطان يوم الاثنين خامس وعشرين شعبان. وخرج من فيها إلى أطرابلس يسر الله فتحها.

ثم رحل السلطان بعد أن ترك عليه الأمير عز الدين أيبك الأفرم لعمارة أسواره، وولى فيه نائبا، ونزل على حصن ابن عكار، يوم الثلاثاء ثالث عشري شهر رمضان، وكان به قوم من الفرنج سفهاء لا يفترون عن قول القبيح فنصب عليه المجانيق، ورماه بحجارتها من يومه.

وفي اليوم الثاني من نزوله، وصل المولى الصاحب بهاء الدين، وأنا معه في خدمته من دمشق. وكان خروجه منها يوم الخميس تاسع عشري الشهر. فلما لقي السلطان سُر به، وقال له:" ببركات قدومك تفتح هذا الحصن " وأمر أن تضرب خيمتُه قريباً من خيمته.

ثم اجتمعت به وقلت له: " استعجل مولانا الصاحب في المجيء من دمشق، والقلعة حصينة يطول المقام عليها ". فقال لي: " طيبْ قلبك ما نعيد حتى يأخذها مولانا السلطان ". وتقدم السلطان للأمراء بقطع الأحطاب من الشَّعاري للنقوب، ونقل الحجارة من المجانيق. وجدّ في القتال، ودأب في النزال إلى أن رمى بالمجانيق الذي كان منصوباً، قبالة البرج الشرقي، حجارة عديدة فتحت طاقة في جانب البدنة، وذلك يوم الأحد ثاني عشري التاسع والعشرين، فخرج منهم رسول يطلب لهم الأمان ودام تردّده إلى أن استقر والقاعدة إلى أن يأمنهم من القتل ويمكنهم من الوصول إلى أطرابلس.

وتسلم مولانا السلطان الحصن ورفعت سناجقه عليه، وسألوه أن يبيتوا في القلعة، فأجابهم. وخرجوا بكرة الثلاثاء سلخ الشهر، وسيرهم السلطان بأجمعهم صحبة الأمير بدر الدين بيسري، فأوصلهم إلى أطرابلس.

ثم دخل الحصن وأشرف عليه، ورتب فيه نواباً وأمره بحمل المجانيق إلى حصن الأكراد، فحملها الأجناد على أكتافهم، لأن الأمطار ترادفت فلم يكن للجمال نهوض على الأرض خوفاً من الزلق في اللَّثَق.

وعيََّد السلطان عيد الفطر يوم الأربعاء، ثم رحل إلى " بُرج صافيتا "، حتى تكامل عسكره. وكان هذا الحصن صغيراً فلما أطلق ريدَ افرنس من الأسر سنة ثمان وأربعين، عاد إلى الساحل وطاف بلاده، فرأى هذا الحصن فاستصغره، فزاد فيه زيادة كثيرة من ناحية الجنوب، ورفع بناءه وهو على جبل يحيط به جبال مشرفة عليه، والله أعلم.

وهو بيد مولانا السلطان الملك الظاهر رُكن الدين إلى تاريخنا هذا. ثم انتقل إلى ولده الملك السعيد ناصر الدين محمد بركة بحكم وفاته - قدس الله روحه -.

فلما خرج المُلْكُ عن الملك السعيد إلى أخيه الملك العادل سيف الدين سلامش ليلة الاثنين ثامن ربيع الآخر سنة ثمان وسبعين، صار الملك العادل إلى أن جلس السلطان الملك المنصور سيف الدين قلاوون الألفي العلائي على تخت الملك يوم الثلاثاء حادي شهر رجب الفرد سنة ثمان وسبعين، فاستمرّ بيده.

‌الباب الرابع في

ذكر بلاد جند الأردن ومن ملكها

طبرية - بيسان - بانياس - صفد - هونين وتبين - شقيف أرنون - شقيف تيرون - كوك - قلعة الطور - صُوْر - عكا - حيفا.

قال أبو العباس أحمد بن أبي يعقوب بن جعفر بن وهب ابن واضح في " كتاب البلدان ": ولجند الأردن من الكور: طبرية وهي القصبة.

والقدس من أجل كورها.

والسّواد.

وبيسان.

ولم يذكر بانياس ولا ذكرها ابن حوقل أيضاً، وكأنها في غالب الظن مُحدثة.

هذه الكورة البرية.

فأما كورة البحرية: فصور.

وعكا.

وحيفا.

ولم يذكر ابن أبي يعقوب ولا ابن حوقل " حيفا " وكأنها محُدثة أيضا.

والله أعلم.

قلتُ: لم يزل الأردن وفلسطين في يد بني أمية ونوابهم إلى أن انقرضت دولتهم، في سنة اثنتين وثلاثين ومائة، وبويع السفاح عبدُ الله بن محمد فهزمه واستولى على بلاد الشام بأسرها في شوال سنة اثنتين وثلاثين، وولَّى فيها من قبله.

ولم تزل بلادُ جُنديْ الأردن وفلسطين في يد نواب بني العباس، إلى أن وليها عيسى بن الشيخ من قبل المهتدي سنة اثنتين وخمسين ومائتين، فأظهر الخلاف عليه، وتغلب على دمشق في سنة خمس وخمسين.

ص: 82

ولم يزال متغلباً إلى أن ولي المُعتد الخلافة، فبعث إليه " أماجور " بجيش فأخرجه عن البلاد، واستولى على ما كان بيد " أماجور "، وولى فلسطين والأردن محمد بن رافع وبقيا في يده إلى أن خرج أحمد بن طولون من مصر وسار إلى " الرملة " قتلقاه محمد بن رافع سامعاً مطيعاً فأقرَّه على ولايته.

ولم تزل في يده إلى أن توفي أحمد بن طولون، في ذي القعدة سنة سبعين ومائتين وتولّى ولده خُماريه، فأظهر محمد بن رافع الخلاف عليه. ودعا لأبي العباس أحمد بن أبي أحمد الموفق فجهز خمارويه محمد بن أحمد الواسطي وسعيداً الأيسر، فقصدا فلسطين والأردن وطردا ابن رافع عنهما.

فوصل المعتمد إلى دمشق. ثم توجه إلى مصر وخرج إليه خمارويه منها، فالتقيا في ذي القعدة على " الطواحين " من عمل فلسطين الساحل. وهذه الواقعة تعرف " بالطواحين " فانهزم خمارويه، ثم تراجع، ووقعت الكسرة على " المعتمد " واستولى " خمارويه " على الأردن وفلسطين.

ولم تزل في يده نوابه إلى أن قتل بدمشق في ذي القعدة، سنة اثنتين وثمانين ومائتين. وولّي بعده ولداه أبو الجيش، ثم هارون.

ولم يزل الأردن وفلسطين في أيديهما إلى سنة سبع وثمانين. وفيها قصد الشام عليّ بن عبد الله القرمطي واستولى على فلسطين، فسير هارون من قبله عسكرا كسر القرمطي واستولى على الجنديْن، وولّى فيهما مولاه صوارتكين.

وبقيا في يده إلى أن بعث المكتفي محمد بن سليمان الواثقي، ودخل دمشق. ثم خرج منها وسار إلى الأردن وفلسطين فسلمها له صوارتكين فولى فيهما أحمد بن كيغلغ ثم عاد إلى بغداد.

فاستخلف عليهما أحمد بن كيغلغ يوسف ابراهيم، فقصد القرامطة بلاد الشام واستولوا على الأردن، وقتلوا يوسف وذلك سنة ثلاث وتسعين ومائتين، فقصده عسكر المكتفي فطرده عن البلاد.

وعادت إلى نواب أحمد بن طولون واستمرت في أيديهم إلى أن عقد المقتدر لولده أبي العباس وهو ابن أربع سنين على الشام ومصر، وولى عليهما نيابة عنه مؤنس المظفر وذلك في سنة إحدى وثلاثمائة.

ثم صارت إلى محمد بن طغج الإخشيد في سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة، ولم تزل في يديه إلى أن وصل محمد بن رائق إلى دمشق من قبل الرّاضي سنة سبع وعشرين وثلاثمائة. ثم خرج منها واستولى على الأردن وفلسطين، فخرج إليه الإخشيد من مصر وهزمه وأسر ولده. ثم تدعيا إلى الهدنة على أن تكون فلسطين للأخشيد مع مصر، ويكون الأردن لمحمد بن رائق.

ولم يزال الأمر فيهما على ذلك إلى أن قتل ابن رائق، فولى المتقي الإخشيد أجناد الشام ومصر.

ودامت ولايتها في يده وفي يد عقبة من بعده إلى أن ملك القائد جوهر مصر، وخرج منها إلى الشام. وكان إذ ذاك متولياً على دمشق والأردن وفلسطين الحسنُ بن عبد الله ابن طغج. فلما بلغه ذلك خرج إلى " الرملة " في شعبان سنة ثمان وخمسين وثلاثمائة فقصده " جوهر " وكسره وأسره، واستولى على فلسطين والأردن ودمشق.

ولم تزل في يده إلى أن استولى الحسين القرمطي على الأردن وفلسطين في سنة ستين. وبقيا في يده إلى أن كسر على القاهرة في شهر رمضان سنة ثلاث وستين وثلاثمائة واستعيدت البلاد.

ولم يزل جندُ الأردن وفلسطين يليهما نواب العبيديين أصحاب مصر، وجرى الأمر على ذلك إلى أن تغلبت الترك على الشام، فتفرقت بلادها في أيدي المستولين عليها.

وهذا الذي سقناه قول مجمل تدعونا الضرورة إلى تفصيله.

فأما بلاد جند الأردن فان بلادها قسمان كما قلنا فيما حكيناه عن أبي يعقوب: بَرّيَّة وبحرية.

وقصبته طبرية: قرأت في تاريخ " محبوب بن قسطنطين " ما صورته: " ملك طبياروس قيصر ثلاثاً وعشرين سنة، وكان عمره ثمانيا وسبعين سنة. وفي أول سنةٍ من مُلكه عرضت زلازل عظيمة، وسقطت منها مواضع كثيرة. وفي السنة السابعة من ملكه بنى " هرودس " مدينة، وسماها طبرية على اسم طبياروس الملك.

وهي في سفح جبل مطل على البحيرة المنسوبة إليها، وعليها سور حصين. وبها حمامات تنصب إليها مياه حارّة من حمامات في الشتاء والصيف. ماؤها في أول خروجه يسمط من الجلد ويسلق فيه البيض. ومن خارجها أيضا حمامات يقصدها أرباب العاهات من المجذومين والمجروبين والمفلوجين فيتعالجون بالاستحمام بمائها، فتزول عنهم أوصابهم.

ص: 83

وأما بحيرتها: فطولها اثنا عشر فرسخاّ، وعرضها فرسخان. ماؤها حلو، يخرج منه " نهر الأردُنّ " المعروف " بالشريعة "، ويصبّ في البحيرة الميتة.

وهذه البحيرة في طرف الغور، لا يعيش فيها حيوان ولهذا سُميت بالميتة، وبعض الناس يسميها بالمنتنة.

ويقال إن موضعها ديار قوم لوط. طولها: ثمان وستون درجة وخمس وأربعون دقيقة، وعرضها: اثنتان وثلاثون درجة. صاحب ساعة بنائها المريخ، وطالعها الدالي وزحل.

قال البلاذري: " افتتح شرحبيل بن حسنة الأردن عنوة، خلا طبرية، فإن أهلها صالحوه على أنصاف منازلهم وكنائسهم بعد حصار أيام. ثم إنهم نقضوا الصلح في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه فأمر أبو عبيدة عمرو ابن العاص بغزوهم، فسار إليهم في أربعة آلاف، ففتحها على مثل فتح شرحبيل. وقيل بل فتحها شرحبيل ثانية بغير قتال ".

لم تزل طبرية في يد من يلي الجند منذ فُتحت إلى أن كانت دولة المستنصر العُبيدي صاحب مصر. وفيها قصدها أتسز بن أوق التركي فملكها، وذلك في سنة اثنتين وستين وأربعمائة. وبقيت في يده إلى أن قتله تاج الدولة تتش، وأخذ منه دمشق، واستولى على ما كان بيده من البلاد.

ولم تزل في يده ولده شمس الملوك دقاق من بعده إلى أن قصده الفرنج بلاد الشام في سنة اثنتين وتسعين وأربعمائة، فملكوا القدس وما صاقبها من البلاد. فخرج ظهير الدين طغتكين أتابك شمس الملوك دقاق إلى " طبرية "، فأخرج منها مصحفا كان فيها من المصاحف التي سيرها عثمان رضي الله عنه إلى الأمصار. وحمله إلى دمشق، وكاني يوم دخوله إليها يوماً مشهوداً.

ثم ساروا إليها فملكوها. وبقيت في أيديهم إلى أن وقع ظهير الدين بجرفاس القومص صاحب طبرية في شوال سنة إحدى وخمسمائة، وقرر قحف رأسه، وشرب به الخمر وهو ينظر إليه، وعاش ساعة ثم مات. ولم يملك طغتكين " طبرية ".

وبَنَت الفرنج في طبرية قلعة - لما ملوكه - على بحيرتها. ولم تزل في أيديهم إلى أن فتحها السلطان الملك الأشرف الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب، في سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة.

وأقطعها الأمير سعد الدين مبارك بن تميرك، وملم تزل في يده مدة أيام الملك الناصر، وبعده في أيام ولده الملك الأفضل وبعض أيام الدولة العادلية، إلى أن توفي سعد الدين المذكور سنة ثمان وستمائة.

وانتقلت إلى ولده فتح الدين أحمد، فانضم إلى خدمة الملك المعظم شرف الدّين عيسى ابن الملك العادل، فقايضه بصفد وطبرية، تسعين قرية من خبز الصخرة بنابلس والقدس.

واستمرت طبرية في يد نواب الملك المعظم شرف الدين عيسى إلى أن توفي في ذي القعدة سنة أربع وعشرين وستمائة. وملكها بعده ولدهُ الناصر داود.

ولم تزل في يده إلى أن خرج الملك الكامل من الديار المصرية فملكها. ولم تزل في يد نُوابه إلى أن توفي في رجب سنة خمس وثلاثين وستمائة، واستولى عليها الملكُ الجواد بحكم النيابة عن الملك العادل ابن الملك الكامل.

ولم تزل في يد الملك الجواد إلى أن قايض دمشق بسنجار وملك الملك الصالح نجم الدين أيوب " طبرية "، واستمرت في يده إلى أن قبض عليه، وحمل إلى الكرك، وملك الملك الصالح إسماعيل بن الملك العادل دمشق وطبرية. وأعطاها الملك الصالح عماد الدين إسماعيل للفرنج فيما أعطاه من البلاد، في أوائل سنة ثمان وثلاثين وستمائة فعمروها.

ولم تزل في أيديهم إلى أن فتحها عسكر الملك الصالح نجم الدين أيوب عنوة، على يد وزيره ومقدّم جيوشه معين الدين بن الشيخ. وبقيت خراباً وبلادهما في يد الملك الصالح نجم الدين أيوب، إلى أن توفي في شعبان سنة سبع وأربعين وستمائة.

وملكَ بلادَ طبرية الملك المعظم تورانشاه ولده، فلم تزل في يده، إلى أن قتل في المحرم سنة ثمان وأربعين وستمائة. وملك دمشق الملك الناصر صلاح الدين يوسف ابن الملك العزيز محمد بن غازي بلادها، والمدينة خراب.

ولم تزل في يد الملك الناصر إلى سنة اثنتين وخمسين وستمائة، صالح الكند إسطبل على أن تكون " طبرية " مناصفة، وكان نُصفها للفرنج ونصفها للملك الناصر. واستمر ذلك إلى انقضاء الدولة الناصرية في صفر سنة ثلاث وخمسين وستمائة. فاستولى عليها التتار فيما استولوا عليه من البلاد. ولم تزل في أيديهم إلى أن كسروا في شهر رمضان سنة ثمان وخمسين وستمائة.

ص: 84