المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ذكر وفاة عماد الدين زنكي بن مودود - الأعلاق الخطيرة في ذكر أمراء الشام والجزيرة

[عز الدين ابن شداد]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌بسم الله الرحمن الرحيم وهو حسبي

- ‌المقصد الأوّل فيذكر الشام واشتقاق اسمه

- ‌المقصد الثاني فيذكر أوّل من نزل به

- ‌المقصد الثالث فيذكر ما ورد من فضل الشام

- ‌المقصد الرابع فيذكر موضعه من المعمور وحدوده

- ‌القسم الأوّلأمر البلد وما اشتمل عليه بنيانه ظاهراً وباطناً

- ‌ الباب الأوّل في

- ‌ ذكر موضعها من المعمور

- ‌الباب الثاني فيذكر الطالع الذي بُنيت فيه ومن بناها

- ‌الباب الثالث فيذكر تسميتها واشتقاقها

- ‌الباب الرابع فيذكر صفة عمارتها

- ‌الباب الخامس فيذكر عدد أبوابها

- ‌الباب السادس فيذكر بناء القلعة الّتي بحلب والقصور القديمة

- ‌فصل في ذكر القصور

- ‌الباب السابع فيذكر ما ورد في فضل حلب

- ‌الباب الثامن فيذكر مسجدها الجامع وما بظاهرها من الجوامع

- ‌ذكر الصهريج الّذي في الصحن

- ‌ذكر المنارة

- ‌ذكر ما آل إليه أمر المسجد الجامع في عصرنا

- ‌ذكر ما مُدح به هذا المسجد

- ‌ذكر ما بظاهر حلب من الجوامع

- ‌الباب التاسع فيذكر المزارات الّتي في باطن حلب وظاهرها

- ‌ذكر ما كانت الأمم السالفة تعظّمه من أماكن بمدينة حلب

- ‌ذكر ما بظاهرها من المزارات

- ‌ذكر ما في قرى حلب وأعمالها من المزارات

- ‌الباب العاشر فيذكر المساجد الّتي في باطن حلب وظاهرها

- ‌المساجد الّتي بين أبواب المدينة

- ‌ذكر المساجد الّتي بأرباض حلب

- ‌مساجد الحاضر السليماني ّ

- ‌ذكر مساجد الرابية وجورة جفّال

- ‌ذكر المساجد الّتي بالظاهريّة

- ‌ذكر المساجد الّتي بالرمادة

- ‌ذكر مساجد بانقوسا

- ‌ذكر مساجد الهزّازة

- ‌ذكر المساجد الّتي بخارج باب إنطاكية

- ‌ذكر مساجد المضيق

- ‌ذكر المساجد الّتي كانت بالقلعة

- ‌الباب الحادي عشر فيذكر ما بباطن حلب وظاهرها من الخوانق والرُبُط

- ‌الخوانق الّتي للنساء

- ‌الخوانق الّتي بظاهر حلب

- ‌ذكر الرُبط

- ‌الباب الثاني عشر فيذكر ما بباطن حلب وظاهرها من المدارس

- ‌المدارس الشافعيّة الّتي بظاهر حلب

- ‌ المدارس الحنفيّة

- ‌شعر:

- ‌ المدارس الحنفيّة التي بظاهر حلب

- ‌ذكر ما بحلب من مدارس المالكيّة والحنابلة

- ‌ذكر أدر الحديث بحلب

- ‌الباب الثالث عشر فيذكر ما بحلب وأعمالها من الطلسمات والخواص ّ

- ‌ذكر الحمّات الّتي يُنتَفَع بمائها في أعمال حلب

- ‌الباب الرابع عشر فيذكر ما بباطن حلب وظاهرها من الحمّامات

- ‌حمّامات الدور بحلب

- ‌ذكر الحمّامات الّتي بظاهرها

- ‌الحمّامات الّتي بالمقام

- ‌الحمّامات الّتي بالياروقيّة

- ‌الحمّامات الّتي خارج باب إنطاكية

- ‌الحمّامات الّتي بالحَلْبة

- ‌الحمّامات الّتي بالبساتين

- ‌الحمّامات الّتي خارج باب الجنان:

- ‌الحمّامات الّتي بالرَمادة:

- ‌الباب الخامس عشر فيذكر نهرها وقنيّها الداخلة إلى البلد

- ‌ذكر القنيّ المتفرّعة عن القناة العظمى

- ‌الباب السادس عشر فيذكر ارتفاع قصبة حلب فقط

- ‌الباب السابع عشر فيذكر ما مُدحت به حلب نثراً ونظماً

- ‌القسمُ الثاني منَ الكِتاب فيذكر ما هُو خارج عن دمشق

- ‌الباب الأول فيذكر أنهارِهَا وقَنَوَاتِهَافي ذكر أنهارها

- ‌ذكْرُ القُنِيّ

- ‌الباب الثاني‌‌ في ذكْر ما بنواحي دمشق من الجبال

- ‌ في ذكْر ما بنواحي دمشق من الجبال

- ‌الباب الثالث فيذكر ما احتوى عليه جُنْدُ دمشق من الكور

- ‌ كورة البقاع:

- ‌ذكر بعلبك

- ‌كورة حورانوقصبتها بصْرى

- ‌قلعة صرخد

- ‌كورة البثينةومدينتها أذرعات

- ‌كورة الجبال ومدينتها عرندل

- ‌ومعان

- ‌ومؤتة

- ‌ومما هو مستحدث ذكره في هذه الكورة من البلادالكرك والشوبك

- ‌كورة الشراة

- ‌وأرض البلقاء

- ‌قلعة الصلت

- ‌قلعة عجلون

- ‌ذكرُ ما في هذا الجند من البلادِ الساحلية

- ‌جُبيل

- ‌صيدا

- ‌بيروت

- ‌أطرابلس

- ‌ما كان في يد الفرنج

- ‌الباب الرابع فيذكر بلاد جند الأردن ومن ملكها

- ‌بيسان

- ‌بانياس

- ‌ذكرُ حصون هذا الجندصفد

- ‌هونين وتبين

- ‌شقيف أرنون

- ‌شقيف تيرون

- ‌كوكب

- ‌قلعةُ الطور

- ‌ذكر ما في جند بلاد الأردن من البلاد الساحلية

- ‌عكا

- ‌حيفا

- ‌الباب الخامس‌‌ فيذكر بلاد جند فلسطين

- ‌ فيذكر بلاد جند فلسطين

- ‌إيلياء

- ‌لمعة من فضائله

- ‌فضل الصخرة

- ‌ذكر خراب بيت المقدس بعد بنائه ِ

- ‌المرة الأولى:

- ‌المرة الثانية:

- ‌مدينة بيت المقدس

- ‌ذكر فتحها وملوكها

- ‌ومن رسالة للقاضي الفاضل

- ‌خطبة القاضي محيي الدين بن الزكي

- ‌مدينة الخليل عليه السلام

- ‌ نابلس

- ‌قيسارية

- ‌أرسوف

- ‌يافا

- ‌عسقلان

- ‌ غزة

- ‌الباب السادس فيذكر ما بمجموع هذه الأجناد الثلاثة من المزاراتما يختص بلاد جند دمشق

- ‌ومما بنواحي حوران

- ‌جبلُ بني هلال

- ‌الطُّور - ومؤتة

- ‌مدينة نابلس:

- ‌ما في بلاد جُند الأردن من المزاراتمدينة طبرية

- ‌عكا:

- ‌زيارات جند فلسطين

- ‌ذكر الجزيرة

- ‌بسم الله الرحمن الرحيموصلى الله على سيدنا محمد وآله

- ‌ذكر من ولي الجزيرةبمجموعها من الأمراء والوزراء إلى حين تفرقت بلادها

- ‌ذكر ديار مضروقصبتها حرّان

- ‌ذكر بنائصوإلى من تنسب

- ‌ذكر ملوكها

- ‌ارتفاعها لمّا ملكها السلطان الملك الناصر صلاح الدين

- ‌جملين والموزر

- ‌ذكر الرقة

- ‌ذكر الرُّها

- ‌ذكر فتحها

- ‌سروج

- ‌ قلعة جعبر

- ‌ البيرة

- ‌ذكر ديار ربيعة من الجزيرة

- ‌ دارا

- ‌رأس العين

- ‌قرقيسيا

- ‌سنجار

- ‌ذكر فتح مدينة سنجار وملكها

- ‌ذكر من وليها بعد خروج الجزيرة عن أيدي

- ‌ذكر ولاية عماد الدين زنكي الموصل

- ‌ذكر استيلاء نور الدين على سنجار

- ‌ذكر ملك نور الدين الموصل وسنجار

- ‌ذكر تسليم حلب إلى عماد الدين من عز الدين صاحب الموصل

- ‌ذكر ملك صلاح الدين سنجار

- ‌ذكر وفاة عماد الدين زنكي بن مودود

- ‌ذكر حصار الملك العادل سنجار

- ‌ذكر وفاة صاحب سنجار وملك ابنه وقتله وملك أخيه

- ‌ذكر ملك الملك الأشرف مظفر الدين موسى بن الملك العادل مدينة سنجار

- ‌ذكر حصار بدر الدين لؤلؤ صاحب الموصل سنجار

- ‌ذكر ملك الملك الصالح نجم الدين أيوب دمشق

- ‌ذكر تمليك بدر الدين لؤلؤ سنجار

- ‌ذكر تملك الملك الصالح سنجار وترتيب ولده فيها

- ‌ذكر قصد التتار شمس الدين البزلي وكسرهم له

- ‌ذكر استيلاء التتار على سنجار

- ‌جزيرة ابن عمر

- ‌ذكر من ولي الجزيرة، جزيرة ابن عمر

- ‌ذكر وفاة عز الدين مسعود

- ‌ملك عماد الدين زنكي جزيرة ابن عمر

- ‌ذكر حمايته ينبغي للملوك أن يحترزوا من مثلها

- ‌ذكر ملك معز الدين سنجرشاه الجزيرة

- ‌ذكر قتل سنجر شاه وملك ابنه محمود

- ‌ذكر وفاة معز الدين محمود وتولية ولده الملك المسعود وشاهان شاه

- ‌ودخلت سنة تسع وأربعين وستمائة

- ‌ذكر ملك بدر الدين لؤلؤ الجزيرة

- ‌ذكر ما كان بيد الملك الناصر من بلاد الجزيرة

- ‌ذكر ديار بكر

- ‌المصر الأول من أمصار ديار بكرآمد

- ‌ميافارقين

- ‌ذكر ما جُدِّد فيها من العماير بعد الفتح

- ‌ذكر من فتح ميافارقين آمد ووليهما

- ‌ذكر من ولي ديار بكر بأسرها ومن ولي منها مكانا بمفرده

- ‌ذكر عصيان عيسى بن الشيخ بديار بكر

- ‌ذكر قصد المعتضد الجزيرة وديار بكر

- ‌ذكر ابتداء ملك بني حمدان لديار بكر

- ‌ذكر ولاية سيف الدولة ديار بكر من قبل أخيه ناصر الدولة

- ‌ذكر محاولة استيلاء الروم على آمد بحيله

- ‌عدنا إلى أخبار ميافارقين وسيف الدولة

- ‌ذكر حصار الروم آمد وميافارقين

- ‌ذكر قتل نجا غلام سيف الدولة وملك سيف الدولة خلاط

- ‌ذكر وفاة سيف الدولة بن حمدان

- ‌ذكر ولاية أبي المعالي شريف ولد الأمير سيف الدولة

- ‌ذكر ولاية عضد الدولة ديار بكر وديار ربيعه

- ‌ذكر ملك باد الكردي ميافارقين وآمد

- ‌ذكر ابتداء ملك ابن دمنة آمد

- ‌ذكر قتل عبد البر وتمليك ابن دمنة

- ‌ذكر تمليك أبي علي بن مروان

- ‌ذكر ملك ممهد الدولة أبي منصور بن مروان

- ‌ذكر قتل ممهد الدولة وملك شروة

- ‌ذكر ولاية نصر الدولة أبي نصر بن مروان

- ‌وفاة الأمير نصر الدولة

- ‌ذكر وفاة الأمير سعيد بن نصر الدولة

- ‌ذكر قتل سلار خراسان واخوة الأمير

- ‌ذكر قصد السلطان ألب أرسلان بن السلطان جغري بك الشام والسواحل

- ‌ذكر خروج عساكر الروم وكسرهم

- ‌ذكر وفاة السلطان ألب أرسلان

- ‌ذكر وفاة الأمير نظام الدين

- ‌ذكر توجه الوزير فخر الدولة بالعساكر وملك ميافارقين وآمد

- ‌الجميع بلور

- ‌ذكر ملك عميد الدولة ديار بكر

- ‌ذكر ملك ناصر الدولة ميافارقين

- ‌ذكر ملك تاج الدولة تتش ميافارقين وآمد

- ‌ذكر وفاة السلطان تاج الدولة تتش

- ‌ذكر وفاة الأمير ناصر الدولة

- ‌ذكر ميافاقينذكر ولاية شمس الملوك دقاق ميافارقين استقلالا بعد وفاة أبيه تاج الدولة

- ‌ذكر وفاة شمس الملوك دقاق

- ‌ذكر ملك السلطان قليج أرسلان بن سليمان ن قطر مش السلجوقي ميافارقين

- ‌ذكر ملك سقمان القطبي ميافارقين

- ‌ذكر وفاة سقمان القطبي

- ‌ذكر ملك قراجا الساقي ميافارقين

- ‌ابتداء ولاية نجم الدين إيلغازي بن سقمان بن أرتق وملكه ميافارقين

- ‌ذكر وفاة نجم الدين إيلغازي

- ‌ذكر ولاية ولده السعيد حسام الدين

- ‌ذكر قتل شرف الدين حبشي

- ‌ذكر وفاة الأمير داود صاحب حاني

- ‌ذكر وفاة السعيد حسام الدين

- ‌ذكر نُّوابه بميافارقين

- ‌ذكر ملك نجم الدين ألبي بن السعيد حسام الدين تمرتاش بن إيلغازي بن سكمان

- ‌ذكرُ حصار الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب ميافارقين وفتحها

- ‌ذكر ملك تقي الدين عمر بن شاهنشاه ابن أخي صلاح الدين الملك الناصر

- ‌ذكر ملك الملك الأشرف ميافارقين

- ‌ذكر تمليك شهاب الدين غازي أرزن

- ‌ذكر مقتل جلال الدين وتفرُّق عسكره

- ‌ذكر حصار عسكر حلب ميافارقين

- ‌ذكر كسر عسكر حلب شهاب الدين غازي

- ‌ذكر نزول التتر على ميافارقين

- ‌ذكر وفاة الملك المظفر شهاب الدين غازي صاحب ميافارقين

- ‌ذكر نزول التتر على ميافارقين ثاني مرة ورحيلهم عنها

- ‌ذكر توجه الملك الكامل إلى منكوقاآن

- ‌ذكر عود صاحب ميافارقين من عند منكوقاآن

- ‌ذكر أخذ صاحب ميافارقين آمد

- ‌ذكر ما اعتمده صاحب ميافارقين بعد عوده

- ‌ذكر نزول التتر على ميافارقين

- ‌ذكر توجُّهي رسولاً من التتر الذين على ميافارقين

- ‌ذكر ما جرى لي مع نواب صاحب ميافارقين

- ‌ذكر عودي إلى حلب

- ‌ذكر استيلاء التتر على ميافارقين

- ‌ذكر ما لقي أهل ميافارقين م الشدة في الحصار

- ‌ذكر آمد

- ‌ذكر مُلك الأمير صادر آمد

- ‌ذكر ملك الملك الناصر صلاح الدين آمد وإقطاعها لنور الدين قرا أرسلان

- ‌ذكر وفاة نور الدين محمد بن قرا أرسلان

- ‌ذكر ملك الملك الكامل ناصر الدين آمد

- ‌حصن كَيفَا

- ‌أرْزَن

- ‌ذكر فتحها

- ‌ذكر ملك شهاب الدين غازي أرزن

- ‌مارِدين

- ‌ذكر فتحها ومن مَلَكَها

- ‌ذكر قتل الملك المنصور أرتق صاحب ماردين

- ‌ذكر حصار التتر ماردين واتفاقهم مع الملك السعيد صاحبها

- ‌ذكر وفاة صاحب ماردين وتولي ولده

- ‌ذكر توجُّه الملك المظفر إلى التتر إلى عند هولاكو

الفصل: ‌ذكر وفاة عماد الدين زنكي بن مودود

" لما وصل عز الدين إلى الرقة، جاءته رسل أخيه عماد الدين - صاحب سنجار - وطلب أن يسلم إليه مدينة حلب، ويأخذ عوضا عنها مدينة سنجار فلم يجبه إلى ذلك. ولجّض عماد الدين وقال: إن لم تُسلم إليَّ حلب، وإلا سلمت أنا سنجار إلى صلاح الدين. فأشار حينئذ جماعة من الأمراء بتسليمها إليه. وكان أشدهم في ذلك مجاهد الدين قايماز، فلم يُمْكنِ عز الدين مخالفته لتمكنه في لادولة، وكثرة عساكره وبلاده. وإنما حمل مجاهد الدين على " ذلك " خوفه م عز الدين لأنه عظم في نفسه وكثر معه العسكر. فكان الأمراء الحلبيون لا يلتفتون إلى مجاهد الدين ويسلكون معه من الأدب ما يسلكه معه عسكر الموصل، فاستقر الأمر على تسليم حلب إلى عماد الدين ودفع سنجار إلى أخيه، وعاد إلى الموصل.

وكان صلاح الدين إذ توجّه بمصر، فلما بلغه خبر ملك عز الدين حلب، عظم عليه. وخاف أن يسير منها إلى دمشق وغيرها، ويملك الجميع. فأيس من حلب. فلما بلغه ملك عماد الدين لها برز " من مصر " من يومه. وسار إلى الشام. وكان " من الوهن على " دولة عز الدين ما نذكره - إن شار الله تعالى -.

‌ذكر ملك صلاح الدين سنجار

" لما سار صلاح الدين عن الموصل إلى سنجار سيَّر مجاهد الدين " قايماز " إليها عسكرا، قوة لها ونجدة، فسمع بهم صلاح الدين فمنعهم من الوصول إليها، وأوقع بهم، واذخ سلاحهم، ودوابهم وعلوفاتها، وسار إليها ونازلها. وكان بها شرف الدين أمير أميران " هندوا " وأخوه عز الدين - صاحب الموصل - معه في عسكرٍ، فحصر البلد وضايقه، وألح في قتاله، فكاتبه بعض الأمراء الأكراد، " الذين به " من الزرزارية " وخامر معه "، وأشار عليه بقصده من الناحية التي هو فيها " ليسلم إليه " البلد، فطرقه صلاح الدين ليلا، فسلم إليه ناحيته، فملك الباشورة لا غير. فلما سمع شرف " الدين " الخبر استكان وخضع، وطلب الأمان فأمِّن. ولو قاتل على تلك الناحية لكان أخرج العسكر الصلاحي عنها. ولو امتنع بالقلعة لحفظها ومنعها، لكنه عجز. فلما طلب الأمان أجابه صلاح الدين إلى ذلك وأمنَّهُ، وملك البلد، وسار شرف " الدين " ومن معه إلى الموصل " واستقر الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب بملك سنجار.

" واستناب بها سعد الدين بن معين الدين أنُر، وكان من أكابر الأمراء وأحسنهم صورة ومعنى ".

ولم تزل سنجار بيد صلاح الدين إلى أن دخلت سنة تسع وسبعين وخمس مائة، فملك صلاح الدين آمد، وأنعم بها على نور الدين بن قرا أرسلان - صاحب الحصن -.

وقصد حلب وحاصرها. وكان بها عماد الدين زنكي ابن قطب الدين مودود بن عماد الدين زنكي، وضايقها، فأرسل عماد الدين إليه، وطلب الصلح، فعوضه عنها سنجار ونصيبين والرقة وسروج والخابور.

وكان ذلك في ثامن عشر صفر من السنة.

ولم تزل سنجار بيد عماد الدين زنكي " بن مودود بن زنكي بن آق سنقر إلى أن توفي في المحرم سنة أربع وتسعين وخمس مائة وملكها ولده قطب الدين محمد.

‌ذكر وفاة عماد الدين زنكي بن مودود

" في هذه السنة من المحرم توفي عماد الدين زنكي بن مودود ابن " زنكي ن " آق سنقر - صاحب سنجار ونصيبين والخابور والرقة. وقد تقدم ذكره، كيف ملكها سنة تسع وسبعين.

وكان رحمه الله عادلا، حسن السيرة في رعيته، عفيفا عن أموالهم، وأملاكهم، متواضعا، يحب أهل العلم والدين، ويحترمهم، ويجلس معهم، ويرجع إلى أقوالهم إلا أنه كان بخيلا شديد البخل، وملك بعده ولده قطب الدين محمد وتولىّ تدبير دولته مجاهد الدين يرنقش - مملوك أبيه -.

وكان دينا، خيرا، عادلا، حسن السيرة، كثير البر والإحسان إلى الفقراء، وكان رحمه الله شديد التعصب على مذهب الحنفية، كقير الذم للشافعية.

فمن جملة تعصبه أنه بنى مدرسة للحنفية بسنجار، وشرط أن يكون النظر إلى الحنفية من أولاده، دون الشافعية، وشرط أن يكون البواب والفراش على مذهب أبي حنيفة. وشرط للفقهاء طبيخا يطبخ لهم كل يوم؟ وهذا نظر حسن، رحمه الله تعالى.

‌ذكر حصار الملك العادل سنجار

ص: 143