المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌الكتاب الرابع في القياس

- ‌تعريف القياس

- ‌الباب الأول في بيان أن القياس حجة

- ‌أقوال العلماء في حجتيه والدليل على ذلك

- ‌التنصيص على العلة هل هو أمر بالقياس أو لا

- ‌ القياس أما قطعي أو ظني

- ‌ ما يجري فيه القياس

- ‌الباب الثاني في‌‌ أركان القياس

- ‌ أركان القياس

- ‌مدخل

- ‌في العلة وتعريفها

- ‌الطرف الأول: الطرق الدالة على العليلة

- ‌ الطرف الثاني فيما يبطل العلية

- ‌ الطرف الثالث في أقسام العلة

- ‌في الأصل والفرع

- ‌شروط الأصل

- ‌ شروط الفرع

- ‌قياس التلازم

- ‌الكتاب الخامس في دلائل اختلف فيها وفيه بابان

- ‌في المقبولة

- ‌الأصل في المنافع الإباحة وفي المضار التحريم

- ‌ الاستصحاب

- ‌ الاستقراء

- ‌ الأخذ بأقل ما قيل

- ‌ المناسب

- ‌فقد الدليل بعد التفحص البليغ

- ‌في الدلائل المردودة

- ‌الاستحسان

- ‌ قول الصحابي

- ‌الكتاب السادس في التعادل والتراجيح

- ‌في تعادل الأمارتين في نفس الأمر

- ‌في الأحكام الكلية للتراجيح

- ‌تعريف الترجيح

- ‌ لا ترجيح في القطعيات

- ‌تعارض الدليلين

- ‌تعارض النصين

- ‌ الترجيح بكثرة الأدلة

- ‌في ترجيح الأخبار

- ‌طرق ترجيح الأخبار

- ‌بحال الراوي

- ‌ بوقت الرواية

- ‌ بكيفية الرواية

- ‌ بوقت ورود الخبر

- ‌ باللفظ

- ‌ بالحكم

- ‌ بعمل أكثر السلف

- ‌في تراجيح الأقيسة

- ‌بحسب العلة

- ‌ بحسب دليل العلية

- ‌ بحسب دليل الحكم

- ‌ بحسب كيفية الحكم

- ‌بموافقة الأصول في العلة

- ‌الكتاب السابع‌‌ في الاجتهادوالافتاء

- ‌ في الاجتهاد

- ‌تعريفه

- ‌في المجتهدين

- ‌يجوز الاجتهاد للرسول صلى الله علية وسلم

- ‌اجتهاد غير الرسول صلى الله علية وسلم

- ‌شروط المجتهد

- ‌في حكم الحتهاد

- ‌القول بالتصويب والتخطئة

- ‌في الإفتاء

- ‌يجوز الإفتاء للمجتهد

- ‌يجوز الستفتاء للعامة

- ‌ما يجوز فيه التقليد وما لايجوز

الفصل: ‌ قول الصحابي

على أنه ليس فيها إلا استعمال اللفظ أن أحدا من الأصحاب لم يقدر المتعة بثلاثين درهما بل منهم من استحسن هذا القدر لأجل ذهاب ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهما إليه وقال في التنمية المستحب أن يمتعها بخادم فإن لم يكن فثلثين أو مقنعة ولم يقل الشافعي ولا أحد من الأصحاب أن دليل ذلك الاستحسان ولم يوجب أحد منهم على السيد أن يترك للمكاتب شيئا من نجوم الكتابة بل أوجبوا الإيتاء ماحطا من نجوم الكتابة وإيتاء من غيرها واستحبوا أن يكون خطا من النجوم وكل مستحب مستحسن قال الشافعي استحسن أن يترك شيء للمكاتب من نجوم الكتابة ولم يقل أن مستنده الاستحسان وأما مسألة السارق فلم يقل أيضا لا تقطع يمناه للاستحسان أن لا يقطع فيلزم من يقول به أن لا يقطعها وكذلك القول في سائر الصور المذكورة فإن قلت ولم جرى الخلاف المذهبي في مسألتي الشفعة والسارق قلت لا أجل الاستحسان معاذ الله لا نجد في عبارة أحد من الأصحاب ذلك بل لمعان أخر نجدها مسطورة في الفقهيات

ص: 192

قال "الثاني قيل‌

‌ قول الصحابي

حجة وقيل إن خالف القياس

وقال الشافعي في القديم إن انتشر ولم يخالف لنا قول فاعتبروا بمنع التقليد وإجماع الصحابة على جواز مخالفة بعضهم بعضا وقياس الفرع على الأصول قيل أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم قلنا المراد عوام الصحابة قيل إذا خالف القياس اتبع الخير قلنا ربما خالف لما ظنه دليلا ولم يكن"

"ش" اتفق أهل العلم على أن قول الصحابي ليس حجة على صحابي آخر مجتهد كما صرح به القاضي أبو بكر في التقريب والإرشاد باختصار إمام الحرمين والمتأخرون منهم الآمدي وغيره واختلفوا في كونه حجة على التابعين ومن عداهم من المجتهدين

فذهب الشافعي رضي الله عنه في الجديد والأشاعرة والمعتزلة وأحمد ابن حنبل في إحدى الروايتين والكرخي إلى أنه ليس بحجة مطلقا وهو باختيار الإمام والآمدي وعليه جرى صاحب الكتاب وقال آخرون هو حجة مطلقا وعليه الشافعي رحمه الله في القديم كما نقل المصنف أنه حجة بشرط أن ينتشر

ص: 192

ولا يخالف كذا حكى المصنف هذا المذهب وهو وهم وإنما هذا قول من مسألة أخرى وهي أنه هل يجوز للعالم تقليده وفيها مذاهب

أحدها هذا وقد ذكر الإمام هذه المسألة فرعا بعد ذكر المسألة التي نحن فيها فنقل المصنف هذا القول منها إلى هنا وليس بجيد وفي المسألة التي نحن فيها قول أبي بكر وعمر رضي الله عنهما حجة دون غيرهما وهذا القول ليس هو الذي تقدم في الإجماع وإن توهم ذلك بعض الشارحين فإن ذلك في أن قول مجموعها إجماع لا كل واحد منهما على حدته وهذا في إن قول كل واحد منهما وحده حجة ولا يشترط اتفاقهما

وذهب قوم إلى أن قول الخلفاء الأربعة حجة إذا اتفقوا وهذا هو القول الذي تقدم في الإجماع فإن قلت ما دلك على أن القائل بأن قول الشيخين حجة لا يشترط اتفاقهما هنا بخلاف القائل ثم وأن القائل بأن قول الأربعة حجة هنا يشترط اتفاقهم كما فعل ثم وعبارة الإمام وغيره لا تعطي ذلك قلت أما الثاني فصرح به الغزالي في المستصفى والإمام وغيرهما

وأما الأول فهو مقتضى عدم تقييد من حكاه ولا سيما الغزالي والإمام حيث قيد أحد القولين دون الآخر والآمدي لم يحك هنا القول باتفاق الأربعة وكأنه اكتفى بحكايته في كتاب الإجماع وحكى القول بحجية قول الشيخين مع حكايته في كتاب الإجماع القول بأن اجتماعهما حجة وذلك دليل على ما قلناه وإلا فكان حكاية قول الشيخين تكريرا وهو قد فر منه في قول الأربعة ثم إن الخلاف هنا في أن قول الشيخين حجة لا في أنه إجماع والخلاف هناك في كونه إجماعا وقد يكون الشيء حجة ولا يكون إجماعا كما قيل في الإجماع السكوتي وغيره إذا عرفت ذلك فقد احتج المصنف على أن قول الصحابي ليس بحجة مطلقا بثلاثة أوجه

أولها قوله تعالى: {فَاعْتَبِرُوا1} أمر بالاعتبار وذلك ينافي التقليد كذا قرره الإمام واعترض عليه صفي الدين الهندي بأن الأخذ بقول الصحابي عند

1 سورة الحشر آية 2

ص: 193

القائلين به ليس على سبيل التقليد بل هو أخذ بمدرك من المدارك الشرعية فلا ينافي وجوب النظر والقياس كالأخذ بالنص وغيره ولك أن تقول في تقريره قوله فاعتبروا أمر بالاعتبار وذلك ينافي جواز التقليد كذا قرره الإمام واعترض عليه صفي الدين الهندي بأن الأخذ بقول الصحابي عند القائلين به ليس على سبيل التقليد بل هو أخذ بمدرك من المدارك الشرعية فلا ينافي وجوب النظر والقياس كالأخذ بالنص وغيره ولك أن تقول في تقريره قوله فاعتبروا يقتضي وجوب الاجتهاد خالفناه فيما إذا وجد نص أو إجماع فبقي ما عداهما على الأصل

والثاني أن الصحابة أجمعوا على مخالفة كل واحد من آحاد الصحابة فإن قلت هذا دليل على غير محل النزاع قلت لا لأنه إذا كان حجة ومن مذهبهم جواز مخالفة بعضهم بعضا جاز لغيرهم ذلك أيضا أعين مخالفة كل منهم لأن مذهبهم جواز المخالفة والفرض أن مذهبهم حجة كذا أجاب به العبري وفيه نظر لأن الإقتداء بهم عند القائل به إنما هو فيما لم يختصوا به وهم مخصوصون بعدم حجية قول بعضهم على بعض ولك أن تضايق في تصوير وقوع إجماعهم على مخالفة بعضهم بعضا لأن الإجماع لا بد وأن يكون من الكل والمجمع على مخالفته غير داخل في المجمعين على فلا يتصور الإجماع دونه وإذا فهمت هذا فنقول يمكن أن يقرر الإجماع على وجه آخر يغاير لفظ الكتاب وهو أنهم سكتوا على مخالفة التابعين لبعضهم وذلك باتفاق منهم على تجويزه

والثالث قياس الفروع التي هي محل الخلاف على الأصول لامتناع كون قولهم حجة فيها على غيرهم من المجتهدين اتفاقا والجامع كون المجتهد متمكنا من إدراك الحكم بطريقة وقد اعترض على هذا بالفرق بين الفروع والأصول إذ الظن الذي هو مطلوب في الفروع يحصل بقول صحابي دون القطع الذي هو مقصود في الأصول وبأن الخصم لا يسلم أن قول الصحابي في الأصول ليس هو حجة بل هو دليل من الأدلة يعم الأصول والفروع واحتج من قال بأن قول

ص: 194

الصحابي حجة مطلقا بما روى من قوله صلى الله عليه وسلم:"أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم1" فدل على أن الإقتداء بهم هدى وطلب الهدى واجب

وقد سلف في الإجماع الكلام على هذا الحديث وأجاب المصنف بأن الخطاب خطاب مشافهة لا يدخل فيه غيرهم ولا يجوز أن يكون مجتهديهم لأنه ليس محل الخلاف فتعين أن يكون لعوامهم ونحن نسلم أن العامي منهم يهتدي بالإقتداء بأي مجتهد كان منهم فإن قلت على هذا لا يختص هذا الحكم بهم قلت نعم من هذا الوجه ولكن فيه فائدة تميزهم عن غيرهم بتقليد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين شاركوهم في الصحبة التي هي من أعظم مناقبهم وهذا الوصف لم يحصل لغيرهم فإنه لولا الدليل الدال على أن عامي الصحابة يقلد العالم منهم كهذا الحديث وغيره لكان ينقدح للباحث أن يقول لا يقلد الصحابي صحابيا آخر وإن قلد العامي مجتهدا والفرق أن المجتهد يتميز عن العامي برتبة العلم ولا وصف في العامي يقاومه به وأما عامي الصحابة فقد قاوم مجتهدهم بمشاركته في وصفه الأعظم

وأجاب الآمدي عن الحديث بأنه وإن عم في الأشخاص فلا دلالة على عموم الاهتداء في كل ما يقتدي فيه فيحمل على الإقتداء بهم فما يروونه عن النبي صلى الله عليه وسلم واعتراض الهندي على هذا بأن ترتيب الحكم على الوصف وهو كونهم صحابة يشعر بالعلية ومن وجوه الاعتراض عليه أيضا أنا نقول العام في الأشخاص عام في الأحوال وقد سبق في أول كتاب العموم من البحث في هذا ما تقربه عين المسترشد واحتج من قال قول الصحابي حجه إذا خالف القياس بأنه ثقة فلا يحمل مخالفته للقياس إلا على إطلاعه على خبر مخافة القدح في عدالته لو لم يكن ذلك فيعتمد حينئذ على قوله وأجاب بأنه ربما خالف لشيء ظنه دليلا وليس في الأمر كذلك ثم إنا لو سلمنا أنه نفس الأمر كذلك

1 رواه الدارقطني في لافضائل وابن عبد البر في العلم – جامع بيان فضل العلم 2/104 وقال هذا إسناد لا تقوم به حجة لأن الحارث بن عقبة مجهول ورواه البيهقي في المدخل من حديث ابن عمر ومن حديث ابن عباس بنحوه من وجه آخر مرسلا ةقال متنه مشهور وسانيده ضعيفة ولم يثبت في إسناد

ص: 195

فالحجة حينئذ ليست في قول الصحابي بل في الخبر ولم يتعرض المصنف للقول المفصل بين أن ينتشر أم لا لكونه سبق في كتاب الإجماع

قال "مسألة منعت المعتزلة تفويض الحكم إلى رأي النبي صلى الله عليه وسلم أو العالم لأن الحكم يتبع المصلحة وما ليست بمصلحة لا يصير مصلحة قلنا الأصل ممنوع وإن سلم فلم لا يجوز أن يكون اختياره أمارة المصلحة وجزم بوقوعه موسى بن عمران لقوله بعد ما أنشدت ابنة النضر ابن الحارث لو سمعت لما قلت وسؤال الأقرع في الحج أكل عام فقال لو قلت ذلك لوجبت ونحوه قلنا لعلها ثبتت بنصوص محتملة للاستثناء وتوقف الشافعي"

"ش" أول ما نقدمه تحرير محل الخلاف في المسألة فنقول الحكم المستفاد من العباد على أمور

أحدها ما جاء على طريق التبليغ عن الله تعالى وهذا مختص بالرسل علهم السلام وهم فيه مبلغون فقط

والثاني المستفاد من اجتهادهم وبذلهم الوسع في المسألة وهذا من وظائف المجتهدين من علماء الأمة وفي جوازه للنبي صلى الله عليه وسلم خلاف يأتي إن شاء الله تعالى في كتاب الاجتهاد

والثالث ما يستفاد بطريق تفويض الله إلى نبي أو عالم بمعنى أن يجعل له أن يحكم بما شاء في مثله ويكون ما يجيء به هو حكم الله الأزلي في نفس الأمر لا بمعنى أن يجعل له أن ينشئ الحكم فهذا ليس صورة المسألة وليس هو لأحد غير رب العالمين قال الله {إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ1} أي لا ينشئ الحكم غيره إذا عرفت هذا فقد اختلف العلماء في أن هل يجوز أن يفوض الله تعالى حكم حادثة إلى رأي نبي من الأنبياء أو عالم من العلماء فيقول له احكم بما شئت فما صدر عنك فيها من الحكم فهو حكمي في عبادي ويكون إذ ذاك قوله من جملة المدارك الشرعية فذهب جماهير المعتزلة إلى امتناعه وجوزه الباقون منهم ومن غيرهم وهو الحق

1 سورة يوسف آية 40

ص: 196

وقال أبو علي الجبائي في أحد قوليه يجوز ذلك للنبي دون العالم وهذا هو الذي اختاره ابن السمعاني وذكر الشافعي في كتاب الرسالة ما يدل عليه وجزم بوقوعه موسى بن عمران من المعتزلة وتوقف الشافعي رضي الله عنه كما نقله المصنف وهذا التوقف يحتمل أن يكون في الجواز وأن يكون في الوقوع مع الجزم بالجواز وبالأول صرح الإمام وكذلك الآمدي فقال ونقل عن الشافعي في كتابة الرسالة ما يدل على التردد بين الجواز والمنع ولكن الثاني أثبت نقلا وعليه جرى الأصوليون من أصحابنا الشافعية واحتجت المعتزلة على المنع بأن الأحكام تابعة لمصالح العباد فلو فوض ذلك إلى اختيار العبد لم يكن الحكم تابعا للمصلحة بل إلى اختياره الذي جاز أن يكون مصلحة فإن ما ليس بمصلحة في نفس الأمر لا يصير مصلحة بتفويض إلى المجتهد وأجاب بمنع الأصل وهو كون الحكم يتبع المصلحة وبأنا لو سلمناه لا يلزم ما ذكرتم لأنه لما قال له إنك لا تحكم إلا بالصواب أمنا من اختياره المفسدة وكان الله تعالى جعل اختياره أمارة على المصلحة وقدر له أن لا يختار سواها واحتج موسى بن عمران على الجزم بوقوعه بأمرين أحدهما قضية النضر بن الحارث التي رواها أهل المغازي والسير فرويناها بإسنادنا إلى عبد الملك بن هشام

قال ثنا زياد بن عبد الله البكائي عن محمد بن إسحاق المطلبي قال بعد أن ذكر غزوة بدر الكبرى وعدد القتلى بها وكان من شياطين قريش قتله علي بن أبي طالب في خمسة نفر من بني عبد الدار بن قصى النضر بن الحارث بن كلدة ابن علقمة بن عبد مناف بن عبد الدار قتله علي بن أبي طالب صبرا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصفراء فيما يذكرون قال ابن هشام بالأثيل قال ابن هشام ويقال النضر بن الحارث ابن كلدة بن عبد مناف ثم ذكر ابن هشام بعد ذلك أبياتا قالتها قتيلة بنت الحارث أخت النضر تبكيه أولها

يا راكبا إن الأثيل مظنة

من صبح حامسة وأنت موفق

ومنها تخاطب النبي صلى الله عليه وسلم

ما كان ضرك لو مننت وربما

من الفتى وهو المغيظ المحنق

ص: 197

قال ابن هشام فقال والله أعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بلغه هذا الشعر قال: "لو بلغني هذا من قبل قتله لمننت عليه1" انتهى وقال الزبير بن بكار في النسب سمعت بعض أهل العلم يقولون إنها مصنوعة انتهى فقوله صلى الله عليه وسلم لمننت عليه يدل على أن الحكم كان مفوضا إلى رأيه فإنه لو كان قتله بأمر الله لقتله ولو سمع شعرها ألف مرة وقد قال المصنف تبعا للإمام إن هذه المرأة ابنة النضر وهو مخالف لما ذكره ابن هشام في رواية أخرى لا تقوم لها الحجة أنه ابنته كما ذكر

وثانيهما ما روى مسلم من حديث أبي بردة قال خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "يا أيها الناس قد فرض عليكم الحج فحجوا" قال رجل أكل عام يا رسول الله فسكت حتى قالها ثلاثا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لو قلت نعم لوجبت ولما استطعتم2" وهذا الرجل هو الأقرع كما ذكر المصنف وهو ابن حابس والأقرع في الصحابة أربعة هذا أشهرهم وهذا الحديث أيضا يدل على أن الأمر كان مفوضا إلى اختياره قوله ونحوه أو نحو هذين الأمرين كقوله صلى الله عليه وسلم: "لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة3" وكما قال صلى الله عليه وسلم: "في مكة لا يختلى خلاها ولا يعضدها شجرها" فقال العباس إلا الأزخر فقال: "إلا الازخر4" وغير ذلك وأجاب المصنف عن الكل بأنه يجوز أن تكون هذه

1 السير ابن هشام 3/45

2 أخرجه أبو داود: الحج 2/190 والنسائي: مناسك الحج 5/110 وابن ماجة: المناسك 2/963 ولمسلم نحوه من حديث أبي هريرة ولم يسم الأقرع

3 حديث صحيح أخلرجه الحاكم في مستدركه كما أخرجه سعيد بن منصور في سننه بلفظ "لولا أن أشق علي أمتي لأمرتكم بالسواك والطيب عند كل صلاة" الجامع الصغير 2122

4 حديث صحيح اخرجه البخاري ومسلم من حديث ابن عباس قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم يوم فتح مكة: "إن هذا البلد حرام لا يعضد شوكه ولايختلي خلاه ولا ينفر صيده ولا تلتقط لقتطه إلا لمعرف" فقال العباس: إلا الإذخر "فإنه لابد لهم للقيون والبيوت فقال إلا الإذخر"

ص: 198