الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقد يقيس إذ لاحت الأشباه وأما ما يعقل معناه فمغزاه فيه المعنى المختل المناسب وهو في كل ذلك يلتفت إلى قواعد الشرع ثم لا يبغي بها بدلا ويقول إذا صح الحديث فهو مذهبي وثالثهما أن المذاهب كما يمتحن بأصولها يستخير بفروعها ولننظر المصنف في كتب الخلافيات المنتشرة في الآفاق فإن كان مع اتصافه أهلا للنظر فليعرضها على الشريعة من كتاب وسنة وإجماع وقياس وليحكم بما أراه الله وإن لم يكن أهلا للنظر فلا كلام له معنا وبالله التوفيق
وآخر ما نذكره دليلا لم ير من سبقنا باستنباطه يدل على ما نحاوله وهو حديث يبعث الله على رأس كل مائة من يجدد لها أمر دينها واتفق الناس على أن المبعوث على رأس الأولى عمر بن عبد العزيز وعلى الثانية الشافعي ويأبى الله أن يبعث مخطئا في اجتهاده أو يختص ناقص المرتبة بهذه المزية بل هذا صريح في أن ما يأتي به المبعوث فهو دين الله الذي شرعه لعباده ومن الغرائب الواقعة في هذا الأمر المؤيدة لما ذكرناه وما حاولناه تأييدا ينثلج به الصدر أن الله تعالى خص أصحاب الشافعي بهذه الفضيلة فكان على رأس الثلثمائة ابن سريج وهو أكبر أصحابه وعلى رأس الأربعمائه الشيخ أبو حامد إمام العراقيين من أصحابه وعلى رأس الخمسمائة الغزالي القائم بالذب عن مذهبه والداعي إليه بكل طريق وعلى السادسة الإمام فخر الدين الرازي أحد المقلدين له والمنتحلين مذهبه والذابين عنه وعلى السابعة الشيخ تقي الدين بن دقيق العبد الذي رجع إلى مذهبه وانتحله وتولى القضاء له وحكم به بعد أن كان في أول نشأته مالكيا
في الأحكام الكلية للتراجيح
تعريف الترجيح
…
قال "الباب الثاني في الأحكام الكلية للتراجيح الترجيح تقوية إحدى الأمارتين على الأخرى ليعمل بها كما رجحت الصحابة خبر عائشة على قوله عليه السلام إنما الماء من الماء"
"ش" الأحكام الكلية للتراجيح هي الأمور العامة لأنواعها التي لا تخص فردا منها والباب مشتمل على مقدمة معرفة لماهية الترجيح وأربع مسائل وقد عرف الترجيح بأنه تقوية إحدى الإمارتين على الأخرى ليعمل بها أي بالإمارة التي قويت وهو مأخوذ من الإمام إلا أن الإمام أبدل الإمارتين بالطريقين
وما فعله المصنف أصرح بالمقصود إذ يمتنع الترجيح في غير الإمارتين والإمام قال ليعلم الأقوى فيعمل به وحذف المصنف لفظة العلم وهو حسن إذ يكتفي في الظن بالترجيح ولقائل أن يقول جعلتم الترجيح عبارة عن التقوية التي هي مستندة إلى الشارع أو المجتهد حقيقة أو إلى ما به الترجيح مجازا وهو غير ملائم بحسب الاصطلاح وهو في الاصطلاح عبارة عن نفس ما به الترجيح فلا يجوز أن يجعل عبارة عن التقوية ذكره الهندي
وقد اتفق الأكثرون على جواز التمسك بالترجيح وأنكره بعضهم وقال عند التعارض يلزم التخيير أو الوقف ولا يرجح أحد الظنين وإن تفاوتا وهو قول مردود قال إمام الحرمين في البرهان وقد حكاه القاضي عن البصري وهو الملقب ببعل قال ولم أر ذلك في شيء من مصنفاته مع بحثي عنها واستدل المصنف على وجوب تقديم الراجح بإجماع الصحابة رضي الله عنهم وذلك في وقائع كثيرة منها أنهم قدموا خبر عائشة رضي الله عنها في التقاء الختانين حيث قالت:"فعلته أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم فاغتسلنا1" على خبر أبي سعيد الخدري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إنما الماء من الماء2" أخرجه مسلم وتقدم في كتاب السنة حديث عائشة
وأن الترمذي قال حسن صحيح والوقائع في هذا كثيرة وعليه درج السابقون قبل اختلاف الآراء وقد تعلق الخصم على نفي الترجيح بالبينات في الحكومات فإنه لا ترجح بينة على بينة بعد استقلال كل واحدة لو انفردت وهو مردود فإن مالكا رحمه الله يرى ترجيح البينة على البينة ومن لا يرى ذلك يقول البينة مستندة إلى توقيعات تعبدية ولذلك لا تقبل بغير لفظ الشهادة حتى لو أتى العدد الكثير بلفظ الأخيار لم يقل ولو شهد ألف امرأة وعبد على إباقه بقل لردوا
1 رواه الترمذي كتاب الطهارة باب: وجوب الغسل وابن ماجة كما رواه بلفظ: "إذغ جلس بين شعبها الأربع وجاوز الختل الختان فقد وجب الغسل"
2 رواه مسلم – كتاب الطهارة 1/269