الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المصنف محل الخلاف وقد ذهب الأكثرون إلى ما قاله المصنف من التوقف ومنهم من قال بوقوعه ومنهم من نفاه وهذا في خف الحاضرين وأما الغائبون فمنهم من ذهب إلى وقوع التعبد به في حقهم ومنهم من منعه وتوقفت فرقة ثالثة واحتج من قال بالوقوع في الحاضر والغائب بقول الصديق رضي الله عنه لأبي قتادة حيث قتلا رجلا من المشركين فأخذ غير سلبه لا ما الله إذن لا تعمد إلى أسد من أسود الله يقاتل عن الله ورسوله فنعطيك سلبه فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "صدق" فإن الصديق رضي الله عنه قال ذلك اجتهادا وإلا لأسنده إلى النص لكونه ادعى إلى الانقياد وأقره النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك فإذا جاز في حق الحاضر جاز بطريق أولى في حق الغائب ويخص الغائب حديث معاذ المذكور في كتاب القياس وأجيب عنهما بأنهما أخبار أحاد والمسألة علمية وقول الغزالي هذا حديث معاذ مشهور قبلته الأمة أخذه من إمام الحرمين وإمام الحرمين تلقاه من القاضي فإنه القاضي فإنه قال في التقرب إن الأمة تلقته بالقبول وليس يجيد لما عرفت في كتاب القياس واحتج من أنكر الوقوع مطلقا بأنهم لو اجتهدوا في عصره صلى الله عليه وسلم لنقل واشتهر كاجتهداهم بعده والمختار عندنا التوقف في حق الحاضرين وأما الغائبون فالظاهر وقوع يعبدهم به ولا قطع
شروط المجتهد
…
قال "الثالثة لا بد له أن يعرف من الكتاب والسنة ما يتعلق بالأحكام والإجماع وشرائط القياس وكيفية النظر وعلم العربية والناسخ والمنسوخ وحال الرواة ولا حاجة إلى الكلام والفقه ولأنه نتيجته"
شرط المجتهد أن يكون محيطا بمدارك الأحكام ومتمكنا من استشارة الظن بالنظر فيها وتقديم ما يجب تقديمه وتأخير ما يتعين وإنما يكون كذلك بأمور
أحدهما:كتاب الله فإنه الأصل ولا بد من معرفته ولكن لا يشترط معرفة جميع الكتاب بل ما يتعلق منه بالأحكام قال الغزالي وهو مقدار خمسمائة آية ولا يشترط حفظهما عن ظهر قلب بل أن يكون عالما بمواقعها حين تطلب الآية إذا احتيج إليها
وثانيها:سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يشترط فيها أيضا الحفظ ولا معرفة ما لا يتعلق بالأحكام كما في معرفة الكتاب قال الغزالي ويكفيه أن يكون عنده
أصل مصحح لجميع أحاديث الأحكام كسنن أبي داود ومعرفة السنن لأحمد والبيهقي أو أصل وقعه العناية فيه لجميع أحاديث الأحكام ويكفي منه معرفة مواقع كل باب فيراجعه وقت الحاجة قال الشيخ محي الدين النووي قدس الله روحه والتمثيل بسنن أبي داود لا يصح فإنه لم يستوعب الصحيح من أحاديث الأحكام ولا ما معظمه وكم في صحيحي البخاري ومسلم من حديث حكمي ليس في سنن أبي داود
وثالثها:الإجماع فليعرف مواقعه حتى لا يفتى بخلافه ولكنه لا يلزمه حفظ جميع مواقعه بل كل مسألة يفتى فيها فينبغي أن يعلم أن فتواه ليست مخالفة للإجماع إما بموافقة مذهب عالم أو تكون الواقعة متولدة في العصر ليست لأهل الإجماع فيها خوض
ورابعها:القياس فلتعرفه وتعرف شرائطه فإنه مناط الاجتهاد وأصل الرأي ومنه يتشعب الفقه وأساليب الشريعة
وخامسها:كيفية النظر فلتعرف شرائط البراهين والحدود وكيف تركب المقدمات وتستنتج المطلوب لتكون على بصيرة من نظرة
وسادسها:علم العربية لغة ونحوا وتصريفا فلتعرف القدر الذي يفهم به خطاب العرب وعاداتهم في الاستعمال إلى حد يميز به من صريح الكلام وظاهره ومجمله ومبينه وحقيقته ومجازه وعامه وخاصه إلى غير ذلك وليس عليه أن يبلغ مبلغ الخليل بن أحمد
وسابعها:معرفة الناسخ من المنسوخ مخافة أن يقع في الحكم بالمنسوخ المتروك ولا يشترط حفظ ذلك جميعه كما تقدم ومنها حال الرواة في القوة والضعف وتمييز الصحيح عن الفاسد والمقبول عن المردود قال الغزالي وليكتف بتعديل الإمام العدل بعد أن يعرف صحة مذهبه في التعديل
وكذا قال الشيخ أبو إسحاق الشيرازي يقول على قول أئمة المحدثين كأحمد والبخاري ومسلم والدارقطني وأبي داود لأنهم أهل المعرفة بذلك فجاز الأخذ بقولهم كما يؤخذ بقول المقومين في القيم قال الغزالي فهذه هي العلوم الثمانية التي يستفاد بها منصب الاجتهاد وعظم ذلك يشتمل على ثلاثة فنون الحديث
واللغة وأصول الفقه وقال الإمام أهم العلوم للمجتهد أصول الفقه وشرط الإمام أن يكون عارفا بالدليل العقلي وعارفا بأننا مكلفون به وقد اتبع في ذلك فإنه ذلك ولم يذكر القياس وكأنهما تركاه لكونه متفرعا عن الكتاب والسنة ولكن لقائل أن يقول الإجماع والعقل أيضا كذلك فلم ذكرا قوله ولا حاجة أي لا يحتاج المجتهد إلى علم الكلام لأنا لو فرضنا إنسانا جازما بالإسلام تقليدا لأمكنه الاستدلال بالدلائل الشرعية على الأحكام ولكن الأصحاب عدوا معرفة أصول الاعتقاد من الشروط ولا حاجة أيضا إلى تفاريع الفقه وكيف يحتاج إليها والمجتهد هو الذي يولدها ويحكم فيها
فإذا كان الاجتهاد نتيجته فلو شرط فيه لزم الدور ونقل اشتراط الفقه عن الأستاذ أبي إسحاق
ولعله أراد ممارسة الفقه وهذا قد ذكره الغزالي فقال إنما يحصل الاجتهاد في زماننا بممارسة فهو طريق يحصل الدرية في هذا الزمان ولم يكن الطريق في زمن الصحابة رضي الله عنهم ذلك ويمكن الآن سلوك طريق الصحابة أيضا قال ابن الصلاح واشتراط ذلك في صفة المفتي الذي يتأدى به فرض الكفاية هو الصحيح وإن لم يكن كذلك في صفة المجتهد المستقل على تجرده لأن حال المفتي يقتضي اشتراط كونه على صفة يسهل عليه معها إدراك أحكام الوقائع على القرب من غير تعب كثير ولا يحصل ذلك لأحد الخلق إلا بحفظ أبواب الفقه ومسائله ولا يشترط حفظ الجميع بل قدر يتمكن به من إدراك الباقي على القرب واعلم أن ما ذكرناه من اشتراط هذه العلوم إنما هو في حق المجتهد المطلق أما المجتهد في بعض الأحكام دون بعض فمن عرف طرق النظر القياسي له أن يفتي في مسألة قياسية وإن لم يعرف غيره وقس على هذا وزعم بعض الناس أن الاجتهاد لا يتجزأ وهو ضعيف وأما المجتهد المقيد الذي لا يعدو مذهب إمام خاص فليس عليه غير معرفة قواعد إمامه وليراع فيها ما يراعيه المطلق في قوانين الشرع قال ابن الصلاح والذي رأيته من كلام الأئمة يشعر بأنه لا يتأدى فرض الكفاية بالمجتهد المقيد قال والذي يظهر أنه يتأدى به فرض الكفاية في الفتوى وإن لم يتأد به فرض الكفاية في إحياء العلوم التي منها الاستمداد في الفتوى