الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المحض، وهم أهل السنّة والجماعة.
ب- وما تنوّعوا فيه من الأعمال والأقوال المشروعة، فهو بمنزلة ما تنوّعت فيه الأنبياء.
قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا} 1.
وقال تعالى: {قَدْ جَاءَكُم مِنَ اللهِ نُوْرٌ وَكِتَابٌ مُبينٌ، يَهْدِي بِهِ اللهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ} 2.
وقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً} 3.
1 69: العنكبوت: 29.
2 15،16: المائدة: 5.
3 208: البقرة: 2.
اختلاف التنوُّع في الأعمال المشروعة:
والتنوع قد يكون في الوجوب تارة، وفي الاستحباب أخرى.
أمثلةُ التنوُّع في الواجبات:
فتنوُّعهم في الواجبات مثل: وجوب الجهاد على قومٍ، وعلى قومٍ الزكاة، وعلى قومٍ تعليم العلم. وهذا يقع في فروض الأعيان، وفي فروض الكفايات.
أمثلةٌ لاختلاف التنوّع في فروض الأعيان:
ومِن ذلك:
- ما يجب على كل رجل إقامة الجماعة، والجمعة، في مكانه مع أهل بقعته.
- ويجب عليه زكاة نوعِ ماله، بصرفه إلى مستحقه لجيران ماله.
- ويجب عليه استقبال الكعبة من ناحيته.
- والحج إلى بيت الله من طريقه.
- ويجب عليه بِرُّ والديه، وصِلَته ذوي رحمه.
- والإحسان إلى جيرانه، وأصحابه، وممالكيه، ورعيته.
- ونحو ذلك من الأمور التي تتنوع فيها أعيان الوجوب، وإن اشتركت الأمة في جنس الوجوب.
وتارة تتنوّع بالقُدْرة والعجز: كتنوّع صلاة المقيم والمسافر، والصحيح والمريض، والآمن والخائف.
أمثلةٌ لاختلاف التنوّع في فروض الكفايات:
وفروض الكفايات تتنوّع بتنوّع فروض الأعيان، ولها تنوّع يخصّها وهو أنها تتعيّن على من لم يَقُمْ بها غيرُهُ، فقد تتعين في وقتٍ ومكانٍ، وعلى شخص، أو طائفة، وفي وقت آخر، أو مكان آخر، على شخص آخر، أو طائفة أخرى، كما يقع مثل ذلك في الولايات، والجهاد، والفتيا، والقضاء، وغير ذلك.
وأما اختلاف التنوّع في الاستحباب فهو أبلغ، فإن كل تنوّع يقع في الوجوب، فإنه يقع مثله في المستحب، ويزداد المستحب بأنّ كل شخص إنما يُستحب له من الأعمال التي يتقرب بها إلى الله تعالى- التي يقول الله فيها: "وما
يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه" 1- ما يَقْدر عليه، ويفعله وينتفع به، والأفضل له من الأعمال ما كان أنفع له، وهذا يتنّوع تنوّعاً عظيماً.
فأكثر الخلق يكون المستحب لهم ما ليس هو الأفضل مطلقاً، إذ أكثرهم لا يقدرون على الأفضل، ولا يصبرون عليه إذا قدروا عليه، وقد لا ينتفعون به بل قد يتضررون إذا طلبوه، مثل:
- من لا يمكنه فهم العلم الدقيق، إذا طلب ذلك فإنه قد يُفْسد عقله ودينه.
- أو من لا يمكنه الصبر على مرارة الفقر.
- أو لا يمكنه الصبر على حلاوة الغنى.
- أو لا يقدر على دفع فتنة الولاية عن نفسه، والصبر على حقوقها.
ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما يروي عن ربه عز وجل: "إن من عبادي من لا يصلحه إلا الفقر، ولو أغنيته لأفسده ذلك، وإن من عبادي من لا يصلحه إلا الغنى، ولو أفقرته لأفسده ذلك"2.
1 البخاري: 81-الرقائق، 38-باب التواضع الفتح: 11/340.
2 " إن من عبادي من لا يصلحه إلا الفقر
…
" هذا جزء مِن حديثٍ ذكره في "كنز العمال
…
" في حديث طويل في: 1/230-231، حديث رقم 1160، وعزاه إلى: "ابن أبي الدنيا في كتاب الأولياء، والحكيم، وابن مردويه،
…
، وابن عساكر، عن أنس".
وذكره بنحو معناه في حديثٍ طويل أيضاً في: 1/232، برقم 1161، وفيه: "وربما سألني ولِيِّي المؤمن الغنى فأصرفه إلى الفقر، ولو صرفته إلى الغنى لكان شراً له
…
"، وعزاه إلى الطبراني عن ابن عباس.
وفي "مجمع الزوائد: 10/285، عن رافع ابن خديج قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أحب الله عبداً حماه الدنيا، كما يَظَلُّ أحدُكم يحمي سقيمَهُ الماءَ" وقال: رواه الطبراني، وإسناده حسن، ثم ذكره بلفظ آخر بنحوه عن عقبة بن رافع، وقال: رواه أبو يعلى، وإسناده حسن.
وفي المسند: 5/427: حدثنا عبد الله، حدثني أبي، حدثنا أبو سعيد، حدثنا سليمان، عن عمرو أبي عمرو، عن عاصم بن عمر بن قتادة، عن محمود بن لبيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله عز وجل ليحمي عبده المؤمن من الدنيا، وهو يحبه، كما تحمون مريضكم من الطعام والشراب تخافونه عليه
…
"، وساقه في المسند بسند آخر في: 5/428.