الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهذا هو الأسلوب المؤثر في الناس، ويشهد بهذا الحكمِ: الشرعُ والعقلُ والفطرةُ والواقعُ، وقد قال الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم:{فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهُم وَلَو كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِن حَوْلِك} 1، فاللين في موضعه الشرعي من السماحة المطلوبة شرعاً.
وليس من السماحة حَمْل الناس على رأي واحدٍ إذا كان في المسألة رأيان صحيحان، أو على صورةٍ واحدة إذا كان في المسألة صورتان مشروعتان.
وليس من السماحة حمْل الناس على الأشد دائماً.
وليس من السماحة حمْل الناس على الأَوْلى دون مراعاةٍ لظروف الناس التي يراعيها الشرع، أو دون مراعاة لطبيعة الحكم الشرعيّ في المسألة.
وليس من السماحة عدم عُذْرِ من عَذَره الله.
إنه ليس مِن السنّة الدعوة إلى السنّة بالغِلظة والتضييق اللذين لا مجال للسماحة معهما، وهذا يخالف طريقة النبي صلى الله عليه وسلم في الدعوة إلى أحكام الدين وهدْيه؛ فكيف ندعو إلى السنّة متنكِّبين هدْي النبي صلى الله عليه وسلم!.
1 159: آل عمران: 3.
2-
الرفق في الدعوة:
الرفق في الدعوة إلى الله تعالى بعامّة والدعوة إلى السنّة بخاصة مبدأٌ شرعيّ، ولاسيما في مجال الدعوة إلى الله تعالى، والمراد به التلطف في إيصال الدعوة إلى الآخرين، وليس المراد المداهنة والتنازل عن شيء من هدْي
الإسلام، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم قولاً عامّاً في الرفق وعاقبته، فقال:"إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا ينزع من شيء إلا شانه"1. فأراد النبي صلى الله عليه وسلم هذا العموم "لا يكون في شيء
…
ولا ينزع من شيء"، وقال صلى الله عليه وسلم: "إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله" 2. فلا يستطيع أحد، بعد هذا البيان النبوي الواضح، أن يُخْرِج الدعوة من هذا الحكم العام.
والرفق المشروع في الدعوة إلى الله تعالى فرعٌ من فروع السماحة، ومَظْهَرٌ من مظاهرها، ودليل على التخلُّقِ بها.
وليس من الرفق تجاهل ظروف الناس وأعذارهم.
وليس من الرفق العجلة المذمومة.
وليس من الرفق عدم مراعاة سنّة التدرج في الدعوة والبيان والتعليم المتآخية مع سنة الله في الخَلْق.
وليس من الرفق الفُحْشُ والبذاء.
وليس من الرفق والسماحة العدول عن هدي النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم بصفة عامة.
وليس من الرفق والسماحة مُجَانَبَةُ هدْي النبي صلى الله عليه وسلم في أنه ما خُيّرَ بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثماً.
إنه لا يَصحّ أن ندعو إلى السنّة بما ينافي طبيعتها وطبيعة هذا الدين
1 مسلم، برقم: 2594، البر والصلة والآداب.
2 البخاري، برقم: 6927، استتابة المرتدين، ومسلم، برقم: 2593، البر والصلة والآداب.