الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
463 - بَابٌ: إِذَا الْتَقَى الخِتَانَانِ وَجَبَ الغُسْلُ
2743 -
حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ:
◼ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:((إِذَا جَلَسَ بَيْنَ شُعَبِهَا الأَرْبَعِ، ثُمَ جَهَدَهَا (اجْتَهَدَ) 1، فَقَدْ وَجَبَ الغُسْلُ)).
[الحكم]:
متفقٌ عليه (خ، م)، عدا الرواية فلمسلم وحده.
[الفوائد]:
هذا الحديثُ يفيدُ وجوبَ الغُسلِ على الرجُلِ والمرأةِ منَ الجماعِ، ولو لم يَحدُثِ الإنزالُ منهما، وهو حُكمٌ زائدٌ على قولِهِ صلى الله عليه وسلم:((المَاءُ مِنَ المَاءِ))؛ فدلَّ ذلك أنه آخِرُ الأمْرين؛ لأن الشريعةَ كانتْ في ازديادٍ في الأحكامِ لا في نقصان، ويؤكِّدُ هذا حديثُ جابرٍ في البابِ التالي، وليس هذا الحديثُ وأمثالُه بناسخٍ كليٍّ لحُكم:((المَاءُ مِنَ المَاءِ))؛ فإنَّ نزولَ ماءِ الرجُلِ أو المرأةِ موجِبٌ للغسلِ ولو لم يَلتَقِ الختانان، وله صُوَرٌ، منها: الاحتلامُ.
وحديثُ البابِ موجِبٌ للغسلِ إذا التقى الختانان ولو لم يَحصُل الإنزال.
وبهذا يُعمَلُ بالحديثين ويوفَّقُ بينهما، ويَزولُ ما يَظهرُ مِن تعارُضِهما، واللهُ الموفِّقُ لكلِّ خيرٍ وصوابٍ.
[التخريج]:
[خ 291 "واللفظ له" / م 348 "والرواية له ولغيره" / ن 196، 197
/ كن 247، 248/ جه 610 / حم 7198، 9107، 10083، 10743، 10747/ مي 780/ حب 1170، 1174، 1177 / عه 890 - 891/ ش 936 / حق 19، 20/ جا 92/ سرج 1378 - 1379، 1503 - 1505، 2381/ قط 398 / مسن 778، 779/ حل (6/ 275)، (8/ 294)، (8/ 357) / أصبهان (2/ 187، 276) / هق 778، 779 / هقغ 139، 141/هقع 1392/ بغ 241 / كر (52/ 6) / معكر 1043/ عد (1/ 409)، (2/ 251)، (7/ 525) / صلاة 28/ محد (2/ 338) / خط (2/ 72)، (12/ 377) / طح (1/ 56) / مج 2379، 3207/ مالين (ص 199) / قشيخ 156/ أصم 119/ فيري 47/ بحير (ق 264 ب) / حموي (5/ 376) / حمام 20 / تحقيق 252/ حسيني (حمام 93) / سمك (الفتح 1/ 396) / غلق (2/ 165)].
[السند]:
قَالَ البخاريُّ: حدثنا معاذُ بنُ فَضَالةَ، قال: حدثنا هشامٌ، (ح) وحدثنا أبو نُعَيمٍ، عن هشامٍ، عن قَتادةَ، عنِ الحسنِ، عن أبي رافِعٍ، عن أبي هريرةَ، به.
ورواه مسلم: من طرق عن معاذ بن هشام، عن أبيه، عن قتادة ومطر، عن الحسن، عن أبي رافع، عن أبي هريرة، به.
وزاد مطر فيه زيادة، سيأتي الكلام عليها في الرواية التالية.
روايةٌ بزيادة: ((أَنْزَلَ أَوْ لَمْ يُنْزِلْ)):
• وَفِي رِوَايَةٍ، قالَ:((إِذَا جَلَسَ بَيْنَ شُعَبِهَا الْأَرْبَعِ وَأَجْهَدَ نَفْسَهُ، فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ، أَنْزَلَ أَوْ لَمْ يُنْزِلْ)).
[الحكم]:
صحيح، وصحَّحَه بهذه الزيادةَ: الدارقطني، وابن شاهين، وابن حزم، وابن القطَّان، والعيني، والألباني. وهو ظاهر كلام البيهقي. وهي عندَ مسلمٍ بلفظ:((وَإِنْ لَمْ يُنْزِلْ)).
[التخريج]:
[م (348/ 87) / حم 8574 "واللفظ له" / حب 1174 / طي 2571 / ش 937 / حق 19 / بز 9594، 9595 / عل 6227 / تخث (الفتح 1/ 396) / سرج 1377، 1502 / عه 891، 892 / قط 397، 398 / عقط (4/ 203) / ناسخ 26 / مسن 778 / محلى (2/ 2) / آجر (ثمانون 8) / هق 779، 780، 781 / هقغ 138 / هقع 1387، 1392 / تمهيد (23/ 102) / حداد 311 / عتب (ص 30) / بغ 242 / ضياء (مرو ق 96/ب)].
[السند]:
أخرجها أحمدُ، وابن أبي خيثمة في (تاريخه) قالا: حدثنا عَفَّانُ، حدثنا هَمَّامٌ وأبانُ، قالا: أخبرنا قَتادةُ، عن الحسنِ، عن أبي رافِعٍ، عن أبي هريرةَ، به.
وكذا رواه غير واحد من طريق عفان بن مسلم، به.
وتابع همامًا وأبانَ، ابنُ أبي عروبة وحمادُ بن سلمة:
فأما رواية ابن أبي عروبة:
فرواها الآجُرِّي في (جزء فيه ثمانون حديثًا عن ثمانين شيخًا 8) قال: أخبرنا أبو مسلم إبراهيم بن عبد الله الكَشِّي، قال: حدثنا محمد بن المِنْهال قال: حدثنا يَزيدُ بن زُرَيع، قال: حدثنا سعيد بن أبي عَرُوبةَ، عن قَتادة، عن الحسن، عن أبي رافِع، عن أبي هريرة، به.
ورواه البَيْهَقيُّ في (السنن 781): من طريق عثمان بن سعيد، عن محمد بن المِنْهال، به
(1)
.
وأما رواية حماد بن سلمة:
فقد رواها الطيالسي في (مسنده 2571) - ومن طريقه أبو عوانة في (مستخرجه 892)، والبيهقي في (المعرفة)، والحازمي في (الاعتبار) -: عن شعبة وهشام، عن قتادة، عن الحسن، عن أبي رافع، عن أبي هريرة، به دون الزيادة ثم قال: وزاد حماد بن سلمة في هذا الحديث: ((أَنْزَلَ أَوْ لَمْ يُنْزِلْ)).
فالظاهر أنه من رواية حماد بن سلمة عن قتادة بنفس الإسناد. فيكون حماد متابعًا لهمام وأبان على هذه الزيادة، وحماد من شيوخ الطيالسي فيكون متصلًا.
ولذا قال البيهقي: "ورواه أبان بن يزيد، عن قتادة، وذكر فيه الزيادة التي ذكرها حماد بن سلمة. وكذلك سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة"(معرفة السنن والآثار 1/ 467).
(1)
وعندهما زيادة أخرى، سيأتي الكلام عليها قريبًا.
وقال ابن حجر - عقب ذكره للزيادة من طريق همام وأبان -: "وكذا ذكرها أبو داود الطيالسي عن حماد بن سلمة عن قتادة"(فتح الباري 1/ 396).
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ صحيحٌ؛ رجاله كلهم ثقات.
وقد صحَّحَه بهذه الزيادةَ: الدارقطني في (السنن)، كما نقله الحافظ في (الفتح 1/ 396)، وقلده العيني في (العمدة 3/ 247)
(1)
.
وكذا صححها ابنُ القَطَّانِ، وساق طريق همام وأبان، وقال:"فهذان همام وأبان وهما ثقتان قد رويا الزيادة المذكورة عن قتادة"(بيان الوهم والإيهام 5/ 223).
وقال العيني عن هذا الطريق: "صحيح على شرط الشيخين"(نخب الأفكار 1/ 492).
وقال الألباني: "صحيحة على شرط الشيخين"(صحيح أبي داود 1/ 390).
قلنا: وقد أخرجها مسلمٌ (348/ 87)، وإسحاق (19)، وأبو عوانة في (مستخرجه 891)، وابن حبان (1174) وغيرهم: من طريق هشام، عن مَطَرٍ الورَّاق - مقرونًا بقتادة -، عن الحسن، عن أبي رافع، عن أبي هريرة، به ثم قال: وفي حديث مطر: ((وَإِنْ لَمْ يُنْزِلْ)).
ومَطَرٌ الوَرَّاقُ الجمهورُ على تضعيفه، ولكنه تابعه جماعة عن الحسن، كما تقدم في السند من طرق عن قتادة عن الحسن به.
ولهذا قال البيهقي عقب رواية مطر: "وقد ذكر أبان بن يزيد، وهمام بن
(1)
وسقط قول الدارقطني هذا من النسخ المطبوعة من (السنن).
يحيى، وابن أبي عروبة، عن قتادة الزيادة التي ذكرها مطر" (السنن الكبرى 2/ 6).
وقال ابن دقيق العيد: "وهذه الزيادة التي ذكرها مسلم عن مطر، رواها أبان بن يزيد، وهمام بن يحيى، وابن أبي عروبة، عن قتادة"(الإمام 3/ 14).
وتعقب ابنُ القطان أبا محمد عبدَ الحق الإشبيلي في ذكره لزيادة مطر ونسبتها لمسلم، فأورد سياق مسلم ثم قال:"هذا نص ما أورد مسلم، فالمعتمد عنده إذن رواية قتادة، فأما رواية مطر فممتنعة. ومطر عنده غير معتمد، وقد ذُكر فيمن عيب عليه الإخراج عنه". ثم قال: "والذي لأجله نبهنا عليه الآن، هو أن لها إسنادًا جيدًا، وأنها زيادة صحيحة يرويها أيضا قتادة كذلك"، ثم ساق رواية همام وأبان عن قتادة، كما تقدم. (بيان الوهم والإيهام 5/ 223).
وصنيع الإشبيلي أهون كثيرًا من صنيع النووي؛ حيث ساق الحديث بهذا الزيادة ثم قال: "متفق عليه"! ! (خلاصة الأحكام 1/ 187).
قلنا: وتابع قتادةَ على ذكرها جماعةٌ عن الحسن، إلا أنهم لم يذكروا (أبا رافع) في سنده:
فأخرجه ابن أبي شيبة في (المصنف 937) قال: حدثنا ابن علية، عن يونس، عن الحسن، عن أبي هريرة، قال يونس: ولا أعلمه إلا قد رفعه، فذكره بلفظ:((إِذَا جَلَسَ بَيْنَ فُرُوجِهَا الْأَرْبَعِ ثُمَّ اجْتَهَدَ، وَجَبَ الْغُسْلُ أَنْزَلَ أَوْ لَمْ يُنْزِلْ)).
ورواه الدارقطني في (العلل 4/ 202) من طريق عبد الأعلى ويزيد بن زريع عن يونس به مرفوعًا من غير شك.
ورواه ابن شاهين في (ناسخ الحديث 26) من طريق غريب عن شعبة،
عن يونس بن عبيد، عن الحسن، عن أبي هريرة، مرفوعًا به. ثم قال:"هذا حديث صحيح غريب".
وأخرجه أبو يعلى في (مسنده 6227) قال: حدثنا شيبان، حدثنا جرير بن حازم، حدثنا الحسن، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِذَا قَعَدَ بَيْنَ شُعَبِهَا الْأَرْبَعِ ثُمَّ أَجْهَدَ، فَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِمَا الْغُسْلُ وَإِنْ لَمْ يُنْزِلْ» .
وهذا إسناد رجاله ثقات، إلا أن الحسن لم يسمعه من أبي هريرة، بينهما (أبو رافع)، كما تقدم في الصحيحين من حديث قتادة عن الحسن. ومن غير شكٍ في رفعه.
قال موسى بن هارون الحافظ: "سمع الحسن من أبي هريرة، إلا أنه لم يسمع منه عن النبي صلى الله عليه وسلم: (إِذَا قَعَدَ بَيْنَ شُعَبِهَا الْأَرْبَعِ)، بينهما أبو رافع"(علل الدارقطني 4/ 202).
وعقَّبَ على كلامه الحافظُ ابنُ رجب فقال: "وما ذكره من سماع الحسن من أبي هريرة، مختلف فيه. وقد صح روايته لهذا الحديث (عن أبي رافع، عن أبي هريرة) "(فتح الباري 1/ 367).
وقد ذكر الدارقطني أوجه الخلاف على الحسن في إسناد هذا الحديث؛ في ذكر (أبي رافع) وإسقاطه، وفي وقف الحديث على أبي هريرة ورفعه، ثم قال:"الصحيح: حديث الحسن، عن أبي رافع، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم"(العلل 1556).
وأقره الحافظ ابن رجب في (فتح الباري 1/ 367).
قلنا: وهو كذلك؛ فقد رواه قتادة بهذا الإسناد المتصل المرفوع، وهو أثبت أصحاب الحسن، وتابعه مطر الوراق.
والحسن معروف بالتدليس، فتحمل رواية من رواه بإسقاط (أبي رافع) عليه.
فلاجرم أن الشيخين اتفقا عليه من هذا الوجه.
* * *
رِوَايَةُ بلفظ ((وَأَلْزَقَ الخِتَانَ بِالخِتَانِ)):
• وَفِي رِوَايَةٍ، قالَ:((إِذَا قَعَدَ بَيْنَ شُعَبِهَا الْأَرْبَعِ، وَأَلْزَقَ الْخِتَانَ بِالْخِتَانِ فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ)).
• وَفِي رِوَايَةٍ، بِلَفْظ: ((إِذَا الْتَقَى الخِتَانَانِ
(1)
وَجَبَ الغُسْلُ، أَنْزَلَ أَوْ لَمْ يُنْزِلْ)).
[الحكم]:
إسناده صحيح، وصححه: ابن المنذر وعبد الحق الإشبيلي والألباني.
[اللغة]:
قوله: ((وَأَلْزَقَ الخِتَانَ بِالخِتَانِ)): الخِتانُ الأوَّلُ: خِتانُ الرجلِ. والخِتانُ الثاني: خِتانُ المرأةِ. والخِتانُ: موضعُ الخَتْن مِنَ الذَّكَرِ، وموضعُ القطعِ مِن نواةِ الجاريةِ. ومعنى التقائهما: غُيوبُ الحَشَفةِ في فرْج المرأةِ حتى يصيرَ ختانُه بحِذاءِ ختانِها، وذلك أن مَدخَلَ الذَّكَرِ مِن المرأةِ سافِلٌ عن ختانها؛ لأن ختانها مُسْتَعْلٍ، وليس معناه أن يَمَاسَّ خِتانُه خِتانَها. هكذا
(1)
جاء في الطبعة الهندية، وطبعة دار الكتب العلمية للسنن الكبرى للبيهقي:(إِذَا الْتَقَى الْخِتَانُ الْخِتَانَ)، وجاء بلفظ:(الْخِتَانَانِ) في طبعة هَجَر، وكذلك قد عزاه ابن رجب في (فتح الباري له 1/ 367)، للبيهقي بلفظ:(الْخِتَانَانِ).
قال الشافعيُّ في كتابه. وأصْل الخَتْن: القطع. انظر: (لسان العرب 13/ 137 - 138).
[التخريج]:
تخريج السياق الأول: [د 215 "واللفظ له" / منذ 17 / طس 3410 / عد (7/ 514) / أصبغ (شبيل 1/ 494) / محلى (2/ 2) / هق 778 / تمهيد (23/ 102) / معيل (إمام 3/ 14)]
تخريج السياق الثاني: [آجر (ثمانون 8) / هق 781 "واللفظ له"].
[التحقيق]:
روي ذكر الختان في هذا الحديث من عدة طرق:
الطريق الأول:
أخرجه أبو داود: عن مسلمِ بنِ إبراهيمَ الفَرَاهِيديِّ، حدثنا هشامٌ وشُعبةُ، عن قَتادةَ، عن الحسنِ، عن أبي رافِعٍ، عن أبي هريرةَ، به.
وأخرجه ابن المنذر، وقاسم بن أصبغ في (مصنفه) - ومن طريقه ابن حزم وابن عبد البر-، والإسماعيلي في (مستخرجه)، والبيهقي في (السنن) من طرق عن مسلم بن إبراهيم، به.
وهذا إسناد رجاله رجالُ الشيخين، ظاهره الصحة، ولذا قال ابن المنذر:"ثبتت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أوجب الاغتسال بإلزاق الختان بالختان"(الأوسط 1/ 131). ثم أسند هذا الرواية.
وكذا صححه عبد الحق الإشبيلي؛ باعتماده إياه في (الأحكام الصغرى 1/ 127)، وقد اشترط فيه الصحة، وكذا سكت عنه في (الأحكام الوسطى 1/ 190).
وصححه الألباني في (صحيح أبي داود 210) فقال: "إسناده صحيح على شرط الشيخين".
إلا أن زيادة ((وَأَلْزَقَ الخِتَانَ بِالخِتَانِ)) - فيما يبدو - شاذة من هذا الوجه.
فقد انفرد بذكرها مسلم بن إبراهيم عن هشام وشعبة. وقد خالفه كل من روى الحديث عن هشام وشعبة، فلم يذكروها.
ولكن وردت من طرق أخرى عن قتادة وعن الحسن مما يشير إلى أن لها أصلًا في الحديث. والله أعلم.
الطريق الثاني:
رواه الآجُرِّي في (جزء فيه ثمانون حديثًا عن ثمانين شيخًا 8) قال: أخبرنا أبو مسلم إبراهيم بن عبد الله الكَشِّي، قال: حدثنا محمد بن المِنْهال، قال: حدثنا يَزيدُ بن زُرَيع، قال: حدثنا سعيد بن أبي عَرُوبةَ، عن قَتادة، عن الحسن، عن أبي رافِع، عن أبي هريرة، به بلفظ السياق الثاني.
ورواه البَيْهَقيُّ في (السنن 781): عن جامع بن أحمد الوكيل، ثنا أبو طاهر المجد أبادي، ثنا عثمان بن سعيد، ثنا محمد بن المِنْهال، به.
وهذا سندٌ صحيحٌ؛ رجالُه ثقاتٌ رجالُ الشيخين، عدا إبراهيمَ بن عبد الله الكَشِّي - ويقال له: الكجي -، وهو ثقة مشهور مصنِّف. انظر (الثقات لقطلوبغا 2/ 206).
ومحمد بن المِنْهال: "ثقة حافظ" من رجال الشيخين. (التقريب 6328).
ويزيد بن زُرَيع ممن سمِع مِن سعيدٍ قديمًا قبلَ أن يَختلِطَ، بل هو من أثبت أصحاب سعيد. (الكواكب النيرات 1/ 195 - 196).
ولذا قال الألباني: "أخرجه البيهقي بإسناد صحيح"(الصحيحة 3/ 261).
الطريق الثالث:
أخرجه الطبراني في (الأوسط 3410) قال: حدثنا الحسن بن علي بن زولاق، حدثنا عمرو بن الربيع بن طارق، حدثنا السري بن يحيى، عن الحسن، عن أبي هريرة، به بمثل رواية أبي داود.
قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن السري بن يحيى إلا عمرو بن الربيع بن طارق".
قلنا: وهذا إسناد رجال ثقات، سوى الحسن بن علي بن زولاق فلم نجد من وثقه. وقد ترجم له الذهبي في (تاريخ الإسلام 6/ 737) ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا، ولكن قد ذكر بالعلم والفقه والنبل مع تشيعه، ولذا قال عنه المعلق على (إرشاد القاصي والداني ص 263):"صدوق فقيه شيعي".
والحسن لم يسمع الحديث من أبي هريرة، بينهما (أبو رافع) كما تقدم بيانه.
الطريق الرابع:
أخرجه ابن عدي في (الكامل 7/ 514) قال: حدثنا الساجي، قال: حدثنا محمد بن موسى الحرشي، قال: حدثنا حماد بن عيسى الجهني، عن ابن جريج، عن عمرو بن عُبيد، عن الحسن، عن أبي هريرة، به بنحو رواية أبي داود.
وهذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا؛ فيه عمرو بن عبيد المعتزلي المشهور؛ وقد قال الإمام أحمد عنه: ((ليس بأهل أن يُحدَّثَ عنه))، وقال ابن معين:((ليس بشيء))، وقال أبو حاتم:((متروكٌ))، وقال النسائي:((ليس بثقة))، وقد رمَاه
جماعة بالكذب لاسيّما على الحسن، انظر:(تهذيب التهذيب 8/ 62).
وحماد بن عيسى الجهني: "ضعيف" كما في (التقريب 1503).
قلنا: والمتن محفوظ من حديث عائشة، رواه مسلمٌ من حديثِ أبي موسى عن عائشة نحوه، كما سيأتي قريبًا.
روايةُ ((فُرُوجِهَا الأَرْبَعِ)):
• وفي رواية، بلفظ: ((إِذَا جَلَسَ بَيْنَ فُرُوجِهَا الأَرْبَعِ،
…
)).
[الحكم]:
شاذ بلفظ ((فُرُوجِهَا))، الصواب بلفظ:((شُعَبِهَا)).
[التخريج]:
[ش 937]
[السند]:
أخرجه ابن أبي شيبة في (المصنف) قال: حدثنا ابن علية، عن يونس، عن الحسن، عن أبي هريرة، قال يونس: ولا أعلمه إلا قد رفعه، فذكره.
[التحقيق]:
هذا إسناد رجاله ثقات، إلا أنه منقطع؛ الحسن لم يسمعه من أبي هريرة، بينهما (أبو رافع)، كما تقدم في الصحيحين من حديث قتادة عن الحسن. ومن غير شكٍ في رفعه.
ولكن المحفوظ فيه بلفظ: ((شُعَبِهَا الأَرْبَعِ))، وليس ((فُرُوجِهَا)). كذا رواه كل
من روى الحديث عن الحسن، بل وكذا كل من روى الحديث عن يونس أيضًا.
فلعل ابن علية كان يرويه بالمعنى عنده، والله أعلم.
[تنبيه]:
عزاه السيوطي في (الجامع الكبير 1/ 348) - وتبعه المتقي الهندي في (كنز العمال 26562) - لسعيد بن منصور بنفس هذا اللفظ.
ولم نقف على سنده، ولكن الظاهر أنه من رواية سعيد عن ابن علية - أيضًا - فهو من شيوخه. والله أعلم.
2744 -
حَدِيثُ عَائِشَةَ:
◼ عَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه: [أَنَّهُمْ كَانُوا جُلُوسًا فَذَكَرُوا مَا يُوجِبُ الغُسْلَ فَـ] اخْتَلَفَ فِي ذَلِكَ رَهْطٌ مِنَ المُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ: فَقَالَ الأَنْصَارِيُّونَ: لَا يَجِبُ الغُسْلُ إِلَّا مِنَ الدَّفْقِ أَوْ مِنَ المَاءِ. وَقَالَ المُهَاجِرُونَ: بَلْ إِذَا خَالَطَ (مَسَّ)[الخِتَانُ الخِتَانَ]؛ فَقَدْ وَجَبَ الغُسْلُ. قَالَ: قَالَ أَبُو مُوسَى رضي الله عنه: فَأَنَا أَشْفِيكُمْ مِنْ ذَلِكَ (آتِيكُمْ بِالخَبَرِ)، فَقُمْتُ فَاسْتَأْذَنْتُ عَلَى عَائِشَةَ رضي الله عنها، فَأُذِنَ لِي، فَقُلْتُ لَهَا: يَا أُمَّاهْ، -أَوْ: يَا أُمَّ المُؤْمِنِينَ- إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَكِ عَنْ شَيْءٍ، وَإِنِّي أَسْتَحْيِيكِ، فَقَالَتْ: لَا تَسْتَحْيِي أَنْ تَسْأَلَنِي عَمَّا كُنْتَ سَائِلًا عَنْهُ أُمَّكَ الَّتِي وَلَدَتْكَ؛ فَإِنَّمَا أَنَا أُمُّكَ. قُلْتُ: فَمَا يُوجِبُ الغُسْلَ؟ قَالَتْ: عَلَى الخَبِيرِ سَقَطْتَ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:((إِذَا جَلَسَ بَيْنَ شُعَبِهَا الأَرْبَعِ، وَمَسَّ الخِتَانُ الخِتَانَ، [ثُمَّ اجْتَهَدَ]؛ فَقَدْ وَجَبَ الغُسْلُ)).
[الحكم]:
صحيح (م).
[التخريج]:
[م 349 (واللفظ له) / ت 110 (مختصرًا) / حم 24206، 24655، 24817، 25037 (مختصرًا)، 26025 (مختصرًا) / خز 244 (والزيادة الأولى، والرواية الأولى والثانية له) / حب 1183، 1179، 1173 (مختصرًا) / عه 894 (والزيادة الثانية له) / عب 948/ ش 934/ بز 189، 190 (مختصرًا) / طس 965، 4381، 5197، 7119 (مختصرًا) / شف 95/ خشف 34/ سرج 709، 1618 - 1621/ مسن 780 (والزيادة الأخيرة له)، 781/ حق 1044، 1100، 1101/ هق 782/ هقع 1373 - 1384/ عَرُوبة 69/ عتب 30/ بغ 240/ طح
(1/ 56) / ناسخ 22 - 24/ أم 86 (مختصرًا) / فق (2/ 301) / منذ 584/ تحقيق 253/ مقدع 10/ خبر (1/ 101، 102) / محلى (2/ 2)(مختصرًا) / عد (7/ 242)(مختصرًا) / مزني 9/ هقش (ص 308) / عف 205/ متفق 984/ مقط (1/ 425) / قطغ (إمام 3/ 16) / تجريد (2/ 74) / حداد 310].
[السند]:
قال مسلم: حدثنا محمدُ بنُ المُثَنَّى، حدثنا محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الأنصاريُّ، حدثنا هشامُ بنُ حَسَّانَ، حدثنا حُمَيدُ بنُ هلالٍ، عن أبي بُرْدةَ، عن أبي موسى الأَشْعَريِّ، (ح) وحدثنا محمدُ بنُ المُثَنَّى، حدثنا عبدُ الأعلى -وهذا حديثُه- حدثنا هشامٌ، عن حُمَيدِ بنِ هلالٍ، قال: ولا أعلمه إلا عن أبي بُرْدة، عن أبي موسى، به.
[تنبيه]:
قال ابنُ رجبٍ: ((ولم يخرِّجِ البخاريُّ حديثَ عائشةَ في هَذا البابِ، وقد خرَّجه مسلمٌ مِن روايةِ هشامِ بنِ حسَّانَ، عن حُمَيدِ بنِ هلالٍ، عن أبي بُرْدةَ، عن أبي موسى، أنه سَأَلَ عائشةَ رضي الله عنه: عمَّا يوجِبُ الغُسلَ؟ فقالتْ: على الخبيرِ سَقطْتَ، قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((إِذَا جَلَسَ بَيْنَ شُعَبِهَا الأَرْبَعِ، وَمَسَّ الخِتَانُ الخِتَانَ؛ فَقَدْ وَجَبَ الغُسْلُ)). كذا خرَّجه مِن طريقِ الأنصاريِّ، عن هشامٍ. وخرَّجه مِن طريقِ عبدِ الأعلى، عن هشامٍ، عن حُمَيدٍ، قال:"ولا أَعلَمُه إلا عن أبي بُرْدةَ، عن أبي موسى". فتردَّد في وصْلِ إسنادِهِ. وقد عَجِبَ أحمدُ مِن هَذا الحديثِ، وأن يكون حُمَيدُ بنُ هلالٍ حدَّثَ به بهذا الإسنادِ. وقال الدَّارَقُطْني: صحيح غريب، تفرَّد به هشامُ بن حسان، عن حُمَيد)) (فتح الباري لابن رجب 1/ 368).
قلنا: وقد رُوي من طريق آخر عن أبي موسى، عن عائشة عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:((إِذَا جَاوَزَ الخِتَانُ الخِتَانَ؛ فقد وَجَبَ الغُسْلُ)).
رواه الدارقطني في (غرائب مالك) - كما في (الإمام لابن دقيق 3/ 16) و (البدر المنير 2/ 521) -: من حديث أبي قرة موسى بن طارق الزبيدي، عن مالك، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب، عن أبي موسى، عن عائشة، به.
ولكن هذا الإسناد معلول؛ فإن المحفوظ عن مالك بهذا الإسناد عن عائشة موقوفًا غير مرفوع.
كذا رواه أصحاب الموطأ وغيرهم عن مالك، فأخطأ أبو قرة في رفعه.
وأشار الدارقطني إلى خطئه عقب الحديث بقوله: "لم يسنده عن مالك غير أبي قرة"(الإمام لابن دقيق 3/ 16).
* * *
رِوَايَةُ ((إِذَا جَاوَزَ الخِتَانُ الخِتَانَ)) من قولها:
• وَفِي رِوَايَةٍ، عَنْ عَائِشَةَ:[أَنَّهَا سُئِلَتْ عَنِ الرَّجُلِ يُجَامِعُ أَهْلَهُ فَلَا يُنْزِلُ المَاءَ؟] قَالَتْ: ((إِذَا جَاوَزَ الخِتَانُ الخِتَانَ (الْتَقَى الخِتَانَانِ)؛ وَجَبَ الغُسْلُ))، فَعَلْتُهُ أَنَا وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَاغْتَسَلْنَا [مِنْهُ جَمِيعًا].
[الحكم]:
مختلَفٌ فيه؛ فصَحَّحَهُ: ابنُ مَعِينٍ، وابنُ حِبَّانَ، وابنُ القَطَّانِ، ومُغْلَطاي، وابنُ كَثيرٍ، وابنُ رجبٍ، وابنُ المُلَقِّنِ، والألبانيُّ.
وأعلَّه: أحمدُ، والبخاريُّ.
[التخريج]:
[ت 109 (واللفظ له) / كن 246، 9275/ جه 585/ حم 25281/ حب 1171 (والزيادة الأولى ولغيره)، 1176، 1181، 1185، 1186/ عب 964 (وفيه قصةٌ) / ش 935/ عل 4925/ طش 2754/ شف 98 (والروايةُ له ولغيرِه) / سرج 1062، 1063/ قط 392، 393/ مخلص 1557/ هق 784/ هقش (ص 128 - 130) / هقع 1374/ خشف 35/ مزني 8/ غضائر 45/ هقش (1/ 128، 130) / جعفر 581/ علت 72/خط (2/ 227)، (12/ 379) / تمهيد (23/ 104) / فاصل 568/ حق 1219/ جا 93/ طح (1/ 55) / فز 207/ تمام 1572/ تحقيق 254].
[التحقيق]:
روَى هذا الحديثَ عبدُ الرحمنِ بنُ القاسمِ، عن أبيه، عن عائشةَ، واختُلِفَ عليه؛
فرواه الأَوْزاعيُّ، عن عبدِ الرحمنِ، واختُلِفَ عليه،
فرواه الوليدُ بنُ مسلمٍ -كما عند أحمدَ-، والوليدُ بنُ مَزْيَد -كما عند
(المُزَني) - كلاهما: عن الأَوْزاعيِّ، عن عبدِ الرحمنِ بنِ القاسمِ، عن أبيه، عن عائشةَ، بلفظ:((فَعَلْتُهُ أَنَا وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَاغْتَسَلْنَا)).
ورواه الشافعيُّ، عن الثقةِ عندَه، عن الأَوْزاعيِّ، به.
ورواه بِشْرُ بنُ بكرٍ، وأبو المغيرةِ، وعَمرُو بنُ أبي سَلَمةَ، ومحمدُ بنُ كثيرٍ، ومحمدُ بنُ مُصْعَبٍ، وغيرُهم - كما عند الدَّارَقُطْنيِّ في (السنن 393)، و (العلل 3434) -: عن الأَوْزاعيِّ، عن عبدِ الرحمنِ بنِ القاسمِ، عن أبيه، عن عائشةَ، مقتصرًا على قولها:((إِذَا جَاوَزَ الخِتَانُ الخِتَانَ (الْتَقَى الخِتَانَانِ)؛ فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ)).
ولذا أعلَّه الإمامُ أحمدُ فقال: "والمرفوعُ في آخِرِ الحديثِ إنما كان الأَوْزاعيُّ يَرويه عن يحيى بنِ أبي كَثيرٍ، أنه بلغه عن عائشة. وكذا رواه أيوبُ، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشةَ موقوفًا، لم يَرفَعه"(فتح الباري لابن رجب 2/ 64).
قلنا: وروايةُ أيوبَ هذه عند ابنِ أبي شَيْبةَ في (المصنَّف 941)، قال: حدثنا ابنُ عُلَيَّةَ، عن أيوبَ، عن عبدِ الرحمنِ بنِ القاسمِ، عن أبيه، وعن نافعٍ، قالا: قالتْ عائشةُ
…
موقوفًا عليها.
وقال البخاريُّ: "هذا حديثٌ خطأٌ؛ إنما يَرويه الأَوْزاعيُّ عن عبد الرحمن بن القاسم مرسلًا. وروَى الأَوْزاعيُّ عن عبدِ الرحمنِ بنِ القاسمِ، عن أبيه، عن عائشةَ شيئًا مِن قولها: فَأَخَذَ الخِرْقَةَ فَمَسَحَ بِهَا الأَذَى، وقال أبو الزِّناد: سألتُ القاسمَ بنَ محمدٍ: سمِعتَ في هذا البابِ شيئًا؟ قال: لا"(العلل 72).
قلنا: ومما يقوِّي وِجهةَ الإمامين أحمدَ والبخاريِّ: أنه قد رُويَ من طرقٍ أخرى
موقوفًا؛
فقد رواه ابنُ أبي شَيْبةَ في (مصنَّفه 940) قال: حدثنا ابنُ عُلَيَّةَ، عن داودَ، عن الشَّعْبيِّ، عن مَسْروقٍ، عن عائشةَ، موقوفًا.
ورواه عبدُ الرزاقِ في (المصنَّف 955): عن ابنِ جُرَيْجٍ، عن نافعٍ، عن عائشةَ، موقوفًا.
وخالفَهما يحيى بنُ مَعِين؛ قال أبو زُرْعة الدمشقي: "رأيتُ أبا مُسْهِرٍ عَرَضَ هذا الحديثَ على يحيى بن مَعِين، فقَبِلَه يحيى، ولم يُنكِره"(فتح الباري لابن رجب 1/ 371).
وقد أجابَ ابنُ القَطَّانِ وابنُ رجبٍ على إعلالِ أحمدَ والبخاريِّ للحديث:
فقال ابنُ القَطَّان: "وكونُه يُروَى مرسلًا ليس بعلةٍ فيه، ولا أيضًا قولُ القاسمِ: إنه لم يسمعْ في هذا شيئًا؛ فإنه قد يعني به: شيئًا يناقِضُ هذا الذي رَوَيْتَ. لا بدَّ مِن حمْلِه على ذلك؛ لصحةِ الحديثِ المذكورِ عنه، مِن رواية ابنه عبد الرحمن، وهو الثقة المأمون، والأَوْزاعيُّ إمامٌ، والوليدُ بنُ مسلمٍ وإن كان مدلِّسًا ومُسَوِّيًا، فإنه قد قال فيه: حدثنا"(بيان الوهم والإيهام 5/ 268).
ولذا قال ابنُ عبدِ الهادي: "قد صحَّحَ هذا الحديثَ ابنُ القَطَّان، ولم يَلتفتْ إلى ما قِيلَ فيه"(تنقيح التحقيق 1/ 353).
وقال ابنُ رجب: "صحَّحه غيرُ واحدٍ من الحفاظ. وقال البخاريُّ: هو خطأٌ؛ وإنما يَرويه الأَوْزاعيُّ عن عبد الرحمن بن القاسم مرسلًا. ورُدَّ قولُه بكثرةِ مَن رواه عن الأَوْزاعيِّ من أصحابِهِ موصولًا. وأعلَّه الإمامُ أحمدُ بأنه رُويَ عن الأَوْزاعي موقوفًا
…
وذكر أبو زُرْعةَ الدِّمَشْقيُّ هذا عن أحمدَ، ثم
قال أبو زُرْعةَ: رأيتُ أبا مُسْهِرٍ عَرَضَ هذا الحديثَ على يحيى بنِ مَعِين، فقَبِلَه يحيى، ولم يُنكِره. وقد رُويَ عن عائشةَ من طرقٍ أُخرى متعددةٍ مرفوعًا
…
ولعلَّ عائشةَ رضي الله عنها كانت تارة تُفتي بذلك، وتارة تَذكُر دليلَه، وهو ما عندها عن النبيِّ صلى الله عليه فيه، كما أنَّ المفتي أحيانًا يَذكُر الحُكمَ مِن غير دليلٍ، وأحيانًا يَذكُره مع دليله، والله أعلم" (الفتح له 1/ 370، 371).
وقد مالَ ابنُ حَجَرٍ إلى إعلالِ الحديثِ، فقال:"وأجابَ مَن صحَّحه بأنه يحتمل أن يكون القاسمُ كان نَسِيَه، ثم تذكَّر فحدَّثَ به ابنَه، أو كان حدَّثَ به ابنَه ثم نَسِي. ولا يخلو الجوابُ عن نظَر"(التلخيص الحبير 1/ 233).
قلنا: ولعلَّ قولَ الإمامين أحمدَ والبخاريِّ أقربُ للصواب؛ لِمَا قدَّمْناه. والله أعلم.
والحديثُ صحَّحَ إسنادَه: ابنُ كثيرٍ في (تحفة الطالب 116)، وَمُغْلَطاي في (شرح ابن ماجه 1/ 803)، وابنُ المُلَقِّن في (البدر النير 2/ 517)، وفي (تذكرة المحتاج 40)، والألبانيُّ في (الإرواء 1/ 121)، وقال:"وقد أُعِلَّ بما لا يَقدَح، لا سيما وله الطرق الأخرى".
قلنا: وحديثُ عائشةَ هذا قد صحَّ مِن وجهٍ آخَرَ غيرِ هذا الوجه، كما تقدَّمَ عند الإمامِ مسلمٍ.
رِوَايَة ((فَعَلْتُ أَنَا وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَاغْتَسَلْنَا)):
• وَفِي رِوَايَةٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ رَبَاحٍ: أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ رضي الله عنها، فَقَالَ: إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَكِ عَنْ شَيْءٍ، وَإِنِّي أَسْتَحْيِيكِ. فَقَالَتْ: سَلْ مَا بَدَا لَكَ؛ فَإِنَّمَا أَنَا أُمُّكَ. فَقُلْتُ: يَا أُمَّ المُؤْمِنِينَ، مَا يُوجِبُ الغُسْلَ؟ فَقَالَتْ:((إِذَا اخْتَلَفَ الخِتَانَانِ؛ وَجَبَتِ الجَنَابَةُ)).
فَكَانَ قَتَادَةُ يُتْبِعُ هَذَا الحَدِيثَ: أَنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: ((قَدْ فَعَلْتُ أَنَا وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَاغْتَسَلْنَا)).
فَلَا أَدْرِي؛ أَشَيْءٌ فِي هَذَا الحَدِيثِ، أَمْ كَانَ قَتَادَةُ يَقُولُهُ؟.
[الحكم]:
صحيح المتن، وإسنادُهُ معلولٌ.
[التخريج]:
[حم 26289/ كر (28/ 70)].
[السند]:
رواه أحمدُ -ومِن طريقه ابنُ عساكر-: عن عبدِ الوهابِ بنِ عطاءٍ، عن سعيدِ بنِ أبي عَرُوبَةَ، عن قَتادةَ، عن عبدِ اللهِ بنِ رَباحٍ، به.
[التحقيق]:
هذا سندٌ رجالُهُ ثقاتٌ، غيرَ عبدِ الوهابِ؛ وثَّقه ابنُ مَعِينٍ وغيرُه، وليَّنَه جماعةٌ. وقال الحافظُ:"صدوقٌ، ربما أخطأَ"(التقريب 4262).
ولكنه مُقَدَّمٌ في سعيدٍ خاصةً؛ قال أحمدُ: "كان عالمًا بسعيدٍ"(تاريخ بغداد 12/ 276).
وقد سمِعَ مِن سعيدٍ قبلَ الاختلاطِ، ولذا صحَّحَ سندَه الألبانيُّ في (الإرواء
1/ 121).
وقد تُوبِع عبدُ الوهاب عليه.
تابعه عَبْدَةُ بنُ سُلَيمانَ، فرواه عن سعيدٍ به مختصرًا، ولفظه: عن عائشةَ رضي الله عنها، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال:((إِذَا الْتَقَى الخِتَانَانِ؛ فَقَدْ وَجَبَ الغُسْلُ))، قَدْ كُنْتُ أَنَا وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَغْتَسِلُ مِنْهُ.
فرفَعه كلَّه. أخرجه إسحاقُ (1355)، وتقدَّم قريبًا، وعَبْدَةُ مِن أثبَتِ الناسِ في سعيد. انظر:(الكواكب النيرات 25).
ولكن ذَكَرَ ابنُ رجبٍ له علتين:
العلة الأولى: الانقطاع بين قَتادةَ وابنِ رَباح؛ قال: "وقيل: عن قَتادةَ، قال: ذُكِر لنا أن عبد الله بن رباح سأل عائشةَ؛ فدَلَّ على أنه لم يَسمَعْه منه"(الفتح له 2/ 64).
قلنا: وقد بيَّنَ ذلك شُعَيبُ بنُ إسحاقَ، فرواه عن ابنِ أبي عَرُوبةَ، عن قَتادةَ، عن ثابتٍ البُنانيِّ، عن عبدِ اللهِ بنِ رَباحٍ، عن عائشةَ رضي الله عنها، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم.
وتابعه الخليلُ بنُ مُرَّةَ، عن سعيدٍ. ذكرَ ذلك الدَّارَقُطْنيُّ في (العلل 8/ 79).
فهذا اختلافٌ على ابنِ أبي عَرُوبةَ في سندِهِ، وشعيبُ بنُ إسحاقَ سمِعَ منه قبلَ اختلاطِهِ أيضًا. انظر:(الكواكب 25).
وذكرَ الدَّارَقُطْنيُّ أن الحَجَّاجَ بنَ الحَجَّاجِ، وأَبانَ بنَ يزيدَ العَطَّارَ، رَوَيَاه عن قَتادةَ، عن ثابتٍ، عن عبد الله بن رباح، عن عائشةَ، موقوفًا.
وكذلك وقَفه شُعبةُ عن قَتادةَ، إلا أنه قال: عن رجُلٍ، عن عبد الله بن
رَباح.
قال الدَّارَقُطْنيُّ: "وهذا الرجُلُ هو ثابتٌ البُنانيُّ"(العلل 8/ 79).
فتحصَّل مِن ذلك كلِّه أن قَتادةَ إنما أخذه من ثابتٍ.
وفي الحديثِ علةٌ أخرى.
العلة الثانية: الانقطاع بين ابن رَباحٍ وعائشةَ؛ قال ابنُ رجب: "وذَكر ابنُ مَعِينٍ أن روايةَ ثابتٍ بإدخالِ (عبد العزيز بن النُّعْمان) في إسنادِهِ أصحُّ من روايةِ قَتادةَ بإسقاطه"(الفتح له 2/ 64).
يشيرُ بذلك إلى ما رواه أحمدُ وغيرُه من طريقِ حَمَّادِ بنِ سلَمةَ، عن ثابتٍ، عن عبدِ اللهِ بنِ رَباحٍ، عن عبدِ العزيزِ بنِ النُّعْمانِ، عن عائشةَ بنحوه. كما سبقَ.
إذًا، فقدِ اختَلَفَ قَتادةُ وحَمَّادٌ فيه على ثابتٍ:
فجعله قَتادةُ من حديثِ ابنِ رباحٍ عن عائشةَ، واختُلِف عليه في وقْفه ورفْعه.
وَجعله حَمَّادٌ من حديثِ ابنِ رَباحٍ، عن عبدِ العزيزِ بنِ النُّعْمانِ، عن عائشةَ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم.
فزادَ في إسنادِهِ رجُلًا، ورفعَ الحديثَ إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم.
قال الدَّارَقُطْنيُّ: "وحَمَّادُ بنُ سلَمةَ أَعلمُ الناسِ بثابتٍ البُنانيِّ"(العلل 8/ 80).
وهذا هو ما رجَّحه ابنُ مَعِين، فقال:"حديث عبد الله بن رباح، عن عائشةَ، بينهما رجُل، وهو عبد العزيز بن النُّعْمان"(تاريخ ابن مَعِين 3991).
وعبد العزيز هذا ترجَم له البخاريُّ، وقال:"لا يُعرَفُ له سماعٌ من عائشةَ"(التاريخ الكبير 6/ 9). وذكره ابنُ حِبَّانَ في (الثقات 5/ 125)، ووثَّقه ابنُ عبدِ البرِّ كما تقدَّم قريبًا.
ولكنْ نقَلَ ابنُ رجبٍ عن أحمدَ أنه أَنكَرَ رفْعَه، وقال:"عبد العزيز بن النُّعْمان لا يُعرَفُ". (الفتح لابن رجب 2/ 64).
رِوَايَة ((كَانَ .. إِذَا الْتَقَى الخِتَانَانِ اغْتَسَلَ)):
• وَفِي رِوَايَةٍ، قَالَتْ:((كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا الْتَقَى الخِتَانَانِ؛ اغْتَسَلَ)).
[الحكم]:
صحيحُ المتنِ، وإسنادُهُ ضعيفٌ.
[التخريج]:
[حم 24914، 25902 (واللفظ له) / حق 1354/ طح (1/ 55/ 317 - 319) / سمك 78/ تمهيد (23/ 103) / متفق 985].
[التحقيق]:
للحديث طريقان بهذا السياق:
الطريق الأول:
رواه أحمدُ: عن عَفَّانَ بنِ مسلم وأبي كاملٍ -فرَّقَهما-، كلاهما عن حَمَّادِ بنِ سلَمةَ، عن ثابتٍ البُنانيِّ، عن عبدِ اللهِ بنِ رَباحٍ، عن عبدِ العزيزِ بنِ النُّعْمانِ، عن عائشةَ، به.
ورواه الباقون - عدا الطحاوي (318، 319) - من طريقِ حَمَّادِ بنِ سلَمةَ، عن ثابتٍ، به
(1)
.
وهذا سندٌ رجالُه ثقاتٌ، عدا عبد العزيز بن النُّعْمان، وتقدَّم بيانُ حاله. وقال البخاريُّ:"لا يُعرَفُ له سماعٌ من عائشة". وذكر ابنُ عبدِ البرِّ أنه لا يَعلمُ له علةً غيرَ ذلك. وقد سبقَ أن ابنَ رجبٍ نقَل في (الفتح) عن أحمدَ أنه أَنكَر رفْعَه، وقال:"عبد العزيز بن النُّعْمان لا يُعرَف".
وقد صحَّ الحديثُ من غيرِ ما وجهٍ كما تقدَّم.
ورمزَ لصحته السّيوطيُّ في (الجامع الصغير 6598)، وَصَحَّحَهُ الألبانيُّ في (الصحيحة 2063).
الطريق الثاني:
رواه الطَّحاويُّ في (شرح المعاني 1/ 55/ 318): عن ربيعٍ المؤذِّنِ، قال: ثنا أَسَدٌ، قال: ثنا حَمَّادُ بنُ سلَمةَ، عن عليِّ بنِ زيدٍ، عن سعيدِ بنِ المُسَيِّبِ، قَالَ: ذَكَرَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: إِذَا الْتَقَى الخِتَانَانِ، أَيُوجِبُ الغُسْلَ؟ فَقَالَ أَبُو مُوسَى رضي الله عنه: أَنَا آتِيكُمْ بِعِلْمِ ذَلِكَ، فَنَهَضَ، وَتَبِعْتُهُ، حَتَّى أَتَى عَائِشَةَ رضي الله عنها، فَقَالَ: يَا أُمَّ المُؤْمِنِينَ، إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَكَ عَنْ شَيْءٍ، وَأَنَا أَسْتَحْيِي أَنْ أَسْأَلَكَ. فَقَالَتْ: سَلْ؛ فَإِنَّمَا أَنَا أُمُّكَ. قَالَ: إِذَا الْتَقَى الخِتَانَانِ، أَيَجِبُ الغُسْلُ؟ . فَقَالَتْ:((كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا الْتَقَى الخِتَانَانِ؛ اغْتَسَلَ)).
ثم رواه برقم (319) من طريقِ حَجَّاجِ بنِ المِنْهالِ، قال: ثنا حَمَّادٌ، فذكر
(1)
إلا أنه وقعَ عند ابنِ راهُويَه: (قال) بدل: (كان)، وهو تحريفٌ.
ووقعَ في روايةِ حَنْبَلِ بنِ إسحاقَ: (عن سُلَيمانَ بنِ حَرْبٍ، عن حَمَّادِ بنِ زيدٍ! ). والصواب: حَمَّاد بن سلَمةَ؛ كما في روايةِ الطَّحاويِّ من طريقِ سُلَيمانَ.
بإسناده مثله.
وهذا سندٌ ضعيفٌ؛ لضعفِ ابنِ جُدْعانَ، وقد خولِف فيه كما سيأتي ذِكرُه قريبًا.
2745 -
حَدِيثُ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ:
◼ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ رضي الله عنها، فَقُلْتُ: يَا أُمَّتَاهُ، إِنَّ جَابِرَ بنَ عَبْدِ اللهِ يَقُولُ:((المَاءُ مِنَ المَاءِ)). فَقَالَتْ: أَخْطَأَ جَابِرٌ؛ أَعْلَمُ بِرَسُولِ اللهِ مِنِّي؟ ! سَمِعْتُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: ((إِذَا جَاوَزَ الْخِتَانُ؛ فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ))، أَيُوجِبُ الرَّجْمَ، وَلَا يُوجِبُ الْغُسْلَ؟ !
[الحكم]:
إسناده ضعيف، والمرفوع منه صحيح، وقد تقدَّم مِن حديثها عند مسلم.
[التخريج]:
[فة (2/ 218)].
[السند]:
رواه الفَسَوِيُّ عن محمدِ بنِ المُصَفَّى، قال: حدثنا يحيى بنُ سعيدٍ العَطَّارُ الأنصاريُّ، قال: حدثني عثمانُ بنُ عطاءِ بنِ أبي حَمَّاد، عن أبي سَلَمةَ، به.
[التحقيق]:
هذا سندٌ ضعيفٌ؛ فيه علتان:
الأولى: يحيى بنُ سعيدٍ العَطَّارُ؛ ضعيفٌ كما في (التقريب 7558).
الثانية: عثمان بن عطاء بن أبي حَمَّاد؛ لم نقفْ له على ترجمةٍ.
[تنبيه]:
تحرَّفت (العطار) عند الزَّرْكَشي في (الإجابة لإيراد ما استدركَتْه عائشة على الصحابة ص 145)، إلى (القَطَّان)! وهو تحريفٌ فاحشٌ.
2746 -
حَدِيثٌ أمِّ كُلْثوم عَنْ عَائِشَةَ:
◼ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: إِنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الرَّجُلِ يُجامِعُ أَهْلَهُ ثُمَّ يُكْسِلُ، هَلْ عَلَيْهِمَا الغُسْلُ؟ وَعَائِشَةُ جَالِسَةٌ [فِي البَيْتِ]، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:((إِنِّي لأَفْعَلُ ذَلِكَ أَنَا وَهَذِهِ ثُمَّ نَغْتَسِلُ)).
[الحكم]:
صحيح (م).
[فائدة]:
قال النَّوَويُّ: "فيه: جوازُ ذِكْرُ مِثْلِ هذا بحضرة الزوجة إذا ترتَّبَتْ عليه مصلحةٌ ولم يَحصُل به أذًى. وإنما قال النبي صلى الله عليه وسلم بهذه العبارة؛ ليكون أوقعَ في نفْسِه. وفيه: أن فِعْله صلى الله عليه وسلم للوجوب، ولولا ذلك لم يَحصُل جوابُ السائل"(المجموع 4/ 42).
[التخريج]:
[م 350 (واللفظ له) / كن 9274/ عه 895/ مسن 782/ هق 783/ فكه 25/ طح (1/ 55) / قط 394/ سني 616 (والزيادة له) / مدونة (1/ 135) / مخلص 2680/ حداد 309/ خبر (1/ 99)].
[السند]:
قال مسلم: حدثنا هارون بن معروفٍ وهارونُ بن سعيدٍ الأَيْليُّ، قالا: حدثنا ابن وَهْب، أخبرني عِيَاض بن عبد الله، عن أبي الزُّبَير، عن جابر بن عبد الله، عن أمِّ كُلْثوم، عن عائشةَ، به.
قال الضِّياءُ: "هذا مِن روايةِ الصحابةِ عنِ التابعين رضي الله عنهم؛ لأن جابرَ بنَ عبدِ اللهِ صحابيٌّ، وأمَّ كُلْثومٍ بنتَ أبي بكرٍ منَ التابعينَ" (السنن والأحكام
1/ 165).
[تنبيه]:
أعلَّ الألبانيُّ هذا الحديثَ، فقال: "هذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ وله علتان:
الأُولى: عنعنةُ أبي الزُّبَيرِ؛ فقد كان مدلِّسًا، قال الحافظ في (التقريب):"صدوقٌ، إلا أنه يدلِّسُ". وقال الذَّهَبيُّ في (الميزان): "وفي (صحيح مسلم) عدَّةُ أحاديثَ مما لم يوضحْ فيها أبو الزُّبَير السماعَ عن جابرٍ، ولا هي مِن طريقِ اللَّيْثِ عنه؛ ففي القلبِ منها شيءٌ". قلت: ثم ذَكَرَ لذلك بعضَ الأمثلة، وهذا منها عندي.
الثانيةُ: ضعْفُ عِيَاضِ بنِ عبدِ اللهِ، وهو ابنُ عبدِ الرحمنِ الفِهْريُّ المَدَنيُّ، وقد اختلفوا فيه، فقال البخاريُّ:"منكَرُ الحديثِ". وهذا منه إشارةٌ إلى أنه شديدُ الضعفِ كما هو معروفٌ عنه، وقال أبو حاتم:"ليس بالقوي"
…
فالرجلُ ضعيفٌ لا يُحتجُّ به إذا انفردَ ولو لم يخالفْ، فكيف وقد خالفه مَن هو مِثْلُه في الضعفِ فرواه موقوفًا على عائشةَ؟ ! ألا وهو أَشْعَثُ بنُ سَوَّار، فقال: عن أبي الزُّبَيرِ، به عن عائشةَ، قالت: "فَعَلْنَاهُ مَرَّةً فَاغْتَسَلْنَا. يعني: الذي يجامِع ولا يُنزِل
…
قلت: فهذا هو اللائِقُ بهذا الحديثِ أن يكون موقوفًا، وأمَّا رفْعُه فلا يَصحُّ، والله أعلم" (الضعيفة 976).
ثم رجَعَ الألبانيُّ عن إعلاِل الحديثِ بعِيَاضٍ، فقال:"ثم رأيتُ الحديثَ في (المدوَّنة) هكذا: ابنُ وَهْبٍ، عن عِيَاضِ بنِ عبدِ اللهِ القُرَشيِّ وابنِ لَهِيعةَ، عن أبي الزُّبَيرِ، عن جابرٍ. فزالَ بذلك تفرُّدُ عِيَاضٍ به؛ وانحصَرَتِ العلةُ في عنعنةِ أبي الزُّبَيرِ مع المخالفةِ"(الضعيفة 2/ 408).
قلنا: إعلالُ الألبانيِّ للحديثِ بالوقفِ غيرُ قادحٍ؛ إذ إن الحديثَ في كلتا
الحالتين مرفوعٌ لا محالةَ؛ إذ هي تُخبِرُ عن فِعْلٍ فَعَلَه النبيُّ صلى الله عليه وسلم، فهو مرفوعٌ مِن هذه الجهةِ، والله أعلم.
وأيضًا، فإنَّ رفْعَ الحديثِ قد صحَّ عن أبي الزُّبَيرِ.
قال الدَّارَقُطْنيُّ: "وروَى هذا الحديثَ أبو الزُّبَيرِ، عن جابرِ بنِ عبدِ اللهِ، عن أُمِّ كُلْثومَ، عن عائشةَ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، ولم يُختلَفْ عنه في رفْعِهِ، حدَّثَ به عن أبي الزُّبَيرِ كذلك: عِيَاضُ بنُ عبدِ اللهِ الفِهْريُّ، وعبدُ اللهِ بنُ لَهِيعةَ، وأَشْعَثُ بنُ سَوَّار. وكذلك رواه قَتادةُ، عن أمِّ كُلْثوم، عن عائشةَ مرفوعًا أيضًا"(العلل 8/ 80).
وقال ابنُ رجبٍ -معلِّقًا على كلامِ الدَّارَقُطْنيِّ-: "قلتُ: رواه عنهُ عِيَاضُ بنُ عبدِ اللهِ، وابنُ لَهِيعةَ، وأَشْعَثُ، وكلُّهم رَفَعوه، وخرَّجه الإمامُ أحمدُ مِن حديثِ أَشْعَثَ وابنِ لَهِيعةَ كذلك"(فتح الباري له 1/ 369).
وقال مُغْلَطاي: "وليس لقائلٍ أن يقولَ: هو مِن روايةِ أبي الزُّبَيرِ عن جابرٍ مِن غيرِ تصريحٍ بالسماعِ، ولا هو مِن روايةِ اللَّيْثِ عنه، وذلك مُشْعِرٌ بالانقطاعِ وإن كان عند مسلمٍ، فإنه ينفعُ في المناظرةِ لا في النظرِ؛ لأنه وقعَ لنا طريقٌ يصرِّحُ فيها بالسماعِ"(شرح ابن ماجه لمُغْلَطاي 1/ 806).
قلنا: يشيرُ إلى روايةِ أحمدَ؛ قال: حدثنا موسى، قال: حدثنا ابنُ لَهِيعةَ، عن أبي الزُّبَيرِ، قال: أخبرني جابرٌ، أن أمَّ كُلْثوم أخبرته، أن عائشةَ رضي الله عنها أخبرتها
…
به.
قلنا: وابنُ لَهِيعةَ ضعيفٌ؛ فلا يُعتمَدُ عليه في ذلك.
رِوَايَةُ ((جَامَعَهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يُنْزِلَ فَاغْتَسَلَا)):
• وَفِي رِوَايَةٍ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ:((إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم خَالَطَهَا (جَامَعَهَا) 1 مِنْ غَيْرِ أَنْ يُنْزِلَ)). قَالَتْ: ((فَاغْتَسَلْنَا)) (فَاغْتَسَلَا جَمِيعًا)2.
[الحكم]:
صحيحُ المتنِ لشواهدِهِ، وإسنادُهُ ضعيفٌ، وضَعَّفَهُ: ابنُ عَدِيٍّ، وابنُ القَيْسَراني.
[التخريج]:
[عل 4697 "واللفظ له" / تمام 1792 "والرواية الثانية له ولغيره" / عد (2/ 249) / أصبهان (2/ 276) "والرواية الأولى له" / كر (54/ 25)].
[السند]:
رواه أبو يَعْلَى: عن أبي كُرَيْبٍ، حدثنا ابنُ أبي زائِدةَ وعبدُ الرحمنِ بنُ سُلَيمانَ، عن أَشْعَثَ بنِ سَوَّار، عن أبي الزُّبَيرِ، عن جابرٍ، عن أمِّ كُلْثوم، عن عائشةَ، به.
ورواه الباقون من طريقِ أَشْعثَ بنِ سَوَّار، به.
[التحقيق]:
هذا سندٌ ضعيفٌ؛ لضعفِ أَشْعَثَ؛ قال الحافظ: "ضعيف"(التقريب 524).
وذكره ابن عَدِي في مناكيرِ أَشْعَثَ. وتبِعه ابنُ القَيْسَراني، فقال:"رواه أَشْعَثُ بن سَوَّار: عن أبي الزُّبَيرِ، عن جابرٍ، عن أمِّ كُلْثوم، عن عائشةَ. وهذا مما تفرَّد به أَشْعَثُ، وهو ضعيفٌ"(ذخيرة الحفاظ 1331).
والحديثُ ثابتٌ عن عائشةَ رضي الله عنها من وجوهٍ أُخرى قد تقدَّمت.
وله شاهدٌ صحيحٌ أيضًا من حديث عبد الله بن سعد بنحو اللفظ الأول، دون ذِكْرِ الإنزال، وسيأتي قريبًا.
رِوَايَةُ ((فَعَلْنَاهُ مَرَّةً فَاغْتَسَلْنَا)):
• وَفِي رِوَايَةٍ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ:((فَعَلْنَاهُ مَرَّةً فَاغْتَسَلْنَا))؛ يَعْنِي: الَّذِي يُجَامِعُ وَلَا يُنْزِلُ.
[الحكم]:
صحيحٌ؛ بطرقِهِ وشواهدِهِ.
[التخريج]:
[حم 24391، 24458، 24459، 24792].
[السند]:
رواه أحمدُ: عن الأَسْوَدِ، ثنا حسَنٌ، عن أَشْعَثَ، عن أبي الزُّبَير، عن جابرٍ، عن أمِّ كُلْثوم، عن عائشةَ، به.
ورواه أيضًا، مِن طريقِ ابنِ لَهِيعةَ، عن أبي الزُّبَيرِ، به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ فيه أَشْعَثُ بنُ سَوَّار؛ وهو: "ضعيف"، وقد تابعه ابنُ لَهِيعةَ؛ وهو ضعيفٌ أيضًا.
2747 -
حَدِيثُ عَبْدِ اللهِ بنِ سَعْدٍ الأَنْصَارِيِّ:
◼ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدٍ الأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه: أَنَّهُ سَأَلَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَمَّا يُوجِبُ الغُسْلَ، وَعَنِ المَاءِ يَكُونُ بَعْدَ المَاءِ، وَعَنِ الصَّلَاةِ فِي بَيْتِي، وَعَنِ الصَّلَاةِ فِي المَسْجِدِ، وَعَنْ مُؤَاكَلَةِ الحَائِضِ، فَقَالَ: ((إِنَّ اللهَ لَا يَسْتَحي مِنَ الحَقِّ، أَمَّا أَنَا فَإِذَا فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا - فَذَكَرَ الْغُسْلَ
(1)
، قَالَ: - أَتَوَضَّأُ وُضُوئِي لِلصَّلَاةِ، أَغْسِلُ فَرْجِي))، ثُمَّ ذَكَرَ الْغُسْلَ.
((وَأَمَّا المَاءُ يَكُونُ بَعْدَ المَاءِ فَذَلِكَ المَذْيُ، وَكُلُّ فَحْلٍ يُمْذِي، فَأَغْسِلُ مِنْ ذَلِكَ فَرْجِي وَأَتَوَضَّأُ.
وَأَمَّا الصَّلَاةُ فِي الْمَسْجِدِ وَالصَّلَاةُ فِي بَيْتِي، فَقَدْ تَرَى مَا أَقْرَبَ بَيْتِي مِنَ المَسْجِدِ، وَلَأَنْ أُصَلِّيَ فِي بَيْتِي أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُصَلِّيَ فِي المَسْجِدِ، إِلَّا أَنْ تَكُونَ صَلَاةً مَكْتُوبَةً.
وَأَمَّا مُؤَاكَلَةُ الحَائِضِ فَوَاكَلَهَا)).
[الحكم]:
مختلَفٌ فيه:
(1)
كذا رواه أحمد عن ابن مهدي بذكر الغُسل في هذا الموضع، والمراد به هنا موجب الغُسل، وهو الجماع، وليس الغُسل نفسه، فإنه سيأتي ذكر الغُسل ثانية في نفس السياق، وقد جاء ذلك صريحًا في رواية غير أحمد عن ابن مهدي؛ فقد رواه ابن أبي عاصم في (الآحاد والمثاني 865) عن محمد بن المثنى. وابن أبي خيثمة في (تاريخه - السفر الثاني 1/ 342) عن عبيد الله بن عمر - وهو القواريري -. كلاهما: عن ابن مهدي، عن معاوية بن صالح، بسنده بلفظ:((أَمَّا أَنَا فَإِذَا فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا - يَعْنِي الْجِمَاعَ - أَتَوَضَّأُ، ثُمَّ ذَكَرَ الْغُسْلَ)).
وكذا جاءت الرواية صريحة في رواية غير ابن مهدي عن معاوية بن صالح، كابن وهب وعبد الله بن صالح.
فحسنه الترمذي - وتبعه الطوسي ومغلطاي -، والذهبي.
وصححه: ابن خزيمة، والضياء المقدسي، والنووي، وابن سيد الناس، والبوصيري، وأبو زرعة العراقي - وتبعه ابن الهمام -، وأحمد شاكر، والألباني. وجَوَّده: ابن كثير، وابن الملقن.
بينما ضَعَّفه: ابن حزم - وتبعه ابن مُفْلحٍ -، وعبد الحق الإشبيلي - وتبعه الزيلعي-، وابن القطان - وأقرَّه ابن دقيق -، وابن حجر.
والراجحُ: ضعْفُه.
[اللغة]:
قوله: ((المَاءُ يَكُونُ بَعْدَ المَاءِ)): المقصودُ بالماءِ الأول: المَنِيُّ الدافِقُ. والماءُ الثاني: المَذْيُ، كما بُيِّنَ في الحديثِ نفْسِهِ، وهو سائلٌ شفَّافٌ لَزِجٌ يَخرُجُ قبلَ الجماعِ وبعدَه وحينَ الشهوةِ.
[التخريج]:
[جه 1357 مقتصرًا على الصلاة / حم 19007 "واللفظ له" / تخث (السِّفر الثاني 1230 ح) مقتصرًا على الغسل / خز 1273 مقتصرًا على الصلاة /
…
].
سبقَ تخريجُه وتحقيقُه برواياته في: (باب الوضوء مِن المَذْي)، حديث رقم (؟ ؟ ؟ ؟ ).
2748 -
حَدِيثُ مُعَاذٍ:
◼ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَائِذٍ: أَنَّ رجلًا سَأَلَ مُعَاذَ بنَ جَبَلٍ رضي الله عنه عَمَّا يُوجِبُ الغُسْلَ مِنَ الجِمَاعِ؟ وَعَنِ الصَّلَاةِ في الثَّوْبِ الوَاحِدِ؟ وَعَمَّا يَحِلُّ لِلْحَائِضِ مِنْ زَوْجِهَا؟ فَقَالَ مُعَاذٌ رضي الله عنه: سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ؟ فَقَالَ: ((إِذَا جَاوَزَ الخِتَانُ الخِتَانَ؛ فَقَدْ وَجَبَ الغُسْلُ. وَأَمَّا الصَّلَاةُ في ثَوْبٍ وَاحِدٍ فَتَوَشَّحْ بِهِ. وَأَمَّا مَا يَحِلُّ مِنَ الحَائِضِ: فَإِنَّهُ يَحِلُّ مَنْهَا مَا فَوْقَ الإِزَارِ، وَاسْتِعْفَافٌ عَنْ ذَلِكَ أَفْضَلُ)).
[الحكم]:
إسنادُهُ ضعيفٌ، وَضَعَّفَهُ: أبو داودَ، وابنُ حَزْمٍ، وعبدُ الحَقِّ، وابنُ المُلَقِّنِ، والعِراقيُّ، وابنُ حَجَرٍ، والألبانيُّ.
وقوله: ((إِذَا جَاوَزَ الخِتَانُ الخِتَانَ؛ فَقَدْ وَجَبَ الغُسْلُ)) له شاهدٌ عند مسلمٍ من حديثِ عائشةَ، وقد سبقَ.
والتَّوَشُّحُ بالثوبِ الواحدِ في الصلاةِ: له شاهدٌ عند الشيخين من حديثِ أبي هريرةَ.
ومباشرةُ الحائضِ مِن فوقِ الإزارِ: له شاهدٌ مِن فعله صلى الله عليه وسلم عند الشيخين من حديثِ ميمونةَ وعائشةَ، وله شاهدٌ مِن قولِهِ صلى الله عليه وسلم عند أبي داودَ من حديث عبد الله بن سعد، وسندُهُ صحيحٌ.
[اللغة والفوائد]:
((التَّوشُّح)): أن يخالِفَ الرجُلُ بين أطرافِ ثوبِه على عاتقِهِ (لسان العرب 11/ 524).
((والصَّلاة في الثوب الواحد)): هو أن لا يكونَ للرجُلِ إلا القميصُ، أو
السراويلُ، أو الرِّداء، أو الإزار فقط. والمرادُ هنا: القطعةُ الواحدةُ منَ القُماشِ؛ فيَلُفُّه عليه، ويجعلُ كلَّ طرَفٍ منه على عاتقِه متخالفَيْنِ؛ كي لا يَسقط، وبهذا يَستُر عورتَه وعاتقيه.
وأما القميصُ فيُزِرُّه حتى لا تَظهرَ عورتُه مِن جَيْبه. وأما السراويلُ فلا تُجزِئ إلا في حالِ الضرورة.
وذلك أن العربَ أكثر ما كانت تلبسُ عند الجِدَة والقُدْرة إزارًا وَرِداءً؛ ولهذا حِين سُئِلَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم عن الصلاةِ في الثوبِ الواحِد، قال:((أَوَكُلُّكُمْ يَجِدُ ثَوْبَيْنِ؟ ! ))، وفَسَّرَه عُمرُ رضي الله عنه بإزارٍ ورِدَاء، وإزارٍ وقميصٍ، وغيرِ ذلك. وانظر (النهاية في غريب الحديث 1/ 228).
[التخريج]:
[د 212 (مقتصرًا على قوله في الحائض) / طب (20/ 99/ 194) (واللفظ له) / شا 1393/ فة (2/ 382) / كما (10/ 284)].
[التحقيق]:
هذا الحديثُ له طريقان:
الطريق الأول:
ما رواه أبو داودَ: عن هشامِ بنِ عبدِ الملكِ اليَزَني، ثنا بَقيَّةُ بنُ الوليدِ، عن سعدٍ الأَغْطَش -وهو: ابنُ عبدِ اللهِ-، عن عبدِ الرحمنِ بنِ عائِذ الأَزْديِّ- قال هشامٌ: وهو ابنُ قُرْطٍ، أميرُ حِمْصٍ-، عن معاذِ بنِ جبلٍ، به.
ورواه الشاشيُّ، والفَسَوِيُّ: من طريقِ بَقيَّةَ، عن سعدٍ -وفي روايةِ الشاشيِّ: حدثني سعدٌ، ويقال: سعيدٌ -ابنُ عبد الله الأَغْطَش-، به.
وتُوبِع عليه بَقيَّةُ.
وهو الطريق الثاني:
فرواه الطَّبَرانيُّ -ومن طريقه المِزِّي- من طريقِ إسماعيلَ بنِ عيَّاش، عن سعيد (بن عبد الله)
(1)
الخُزاعي، عن ابن عائِذ، به.
وسعيدٌ الخُزاعيُّ هذا هو الأَغْطَشُ المذكورُ في الروايةِ السابقةِ، وهو شاميٌّ، وعليه مدار الحديث.
فلا يُعَلُّ الحديثُ بعنعنةِ بَقيَّةَ؛ لأنه صرَّحَ بالتحديثِ في روايةِ الشاشيِّ، هذا أولًا، ثم إنه مُتابَعٌ ثانيًا.
ولا يُعَلُّ بابنِ عيَّاشٍ أيضًا؛ لأنه مِن روايتِهِ عن شاميٍّ، وروايتُه عن الشاميِّين مستقيمةٌ. وإنما عِلَّةُ الحديث في موضعين:
الموضع الأول: الانقطاع؛ فابنُ عائِذ لم يدرِكْ معاذًا كما قال أبو حاتم (المراسيل لابن أبي حاتم 448).
الموضع الثاني: سعد -أو سعيد- الخُزَاعِيُّ الأَغْطش؛ مختلَفٌ فيه: ذكره ابنُ حِبَّانَ في (الثقات 4/ 286). وقال الفَسَوِيُّ: "لا بأسَ به"(المعرفة 2/ 222).
وقال ابنُ حَزْم: "نظرْنا في حديثِ معاذٍ فوجدناه لا يصحُّ؛ لأنه عن بَقيَّةَ؛ وليس بالقويِّ، عن سعيدٍ الأَغْطَشِ؛ وهو مجهولٌ، مع ما فيه من أن التعفف عن ذلك أفضل، وهُم لا يقولون بهذا"(المحلى 2/ 181).
وتبِعه عبدُ الحقِّ، فقال:"في إسنادِهِ بَقيَّةُ عن سعدٍ الأَغْطَش، وهما ضعيفان"
(1)
في مطبوع الطَّبَراني: (ابن عبد الرحمن)! وهو خطأ، وورد في (التهذيب) على الصواب.
(الأحكام الوسطى 1/ 208).
فتعقَّبه ابنُ المُلَقِّن فقال: "لم أَرَ مَن وصَفَ سعيدَ بنَ عبدِ اللهِ (الأَغْطَش) بالضعفِ، نعم هو مجهولُ الحالِ كما قال ابنُ حَزْمٍ، وإنْ كان روَى عنه جماعةٌ؛ فلعلَّه أرادَ بالضعفِ الجهالةَ"(البدر المنير 3/ 102).
وقال ابنُ حَجَر: "رواه الطَّبَرانيُّ من روايةِ إسماعيلَ بنِ عيَّاشٍ، عن سعيدِ بنِ عبدِ اللهِ الخُزَاعيِّ، فإن كان هو الأَغْطشَ فقد تُوبِع بَقيَّةُ، وبقيَتْ جهالةُ حالِ سعيدٍ؛ فإنَّا لا نَعرِفُ أحدًا وثَّقه، وأيضًا فعبدُ الرحمنِ بنُ عائِذٍ راويه عن معاذٍ قال أبو حاتم: روايتُه عن عليٍّ مرسَلةٌ، فإذا كان كذلك؛ فعن معاذٍ أشدُّ إرسالًا"(التلخيص 1/ 294).
ولكنه في (التقريب 2246) قال: "لَيِّنُ الحديث".
والحديثُ ضَعَّفَهُ أبو داود، فقال في (السنن):"ليس -يعني: الحديث- بالقوي".
فقال صاحب (عون المعبود 1/ 249): "لأن بَقيَّةَ روَى بالعنعنةِ، وسعدٌ الأغطشُ فيه لِينٌ، وعبد الرحمن بن عائذ لم يَسمَعْ من معاذٍ".
وقد استدلَّ العِراقيُّ على ضعْفِ الحديثِ مِن قوله فيه: ((وَاسْتِعْفَافٌ عَنْ ذَلِكَ أَفْضَلُ))، فقال:"هذا يقوِّي ما يقرّر مِن ضعفِ الحديثِ؛ فإنه خلافُ المنقولِ عن فعلِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؛ لأنه صلى الله عليه وسلم كان يستمتعُ فوقَ الإزارِ، وما كان لِيتركَ الأفضلَ، وعلى ذلك عَمِلَ الصحابة والتابعون، والسلفُ الصالحون"(عون المعبود 1/ 249).
وضَعَّفَهُ أيضًا الألبانيُّ في (ضعيف سنن أبي داود 1/ 72 وما بعدها).
ومع هذا قال الهَيْثَميُّ: "رواه الطَّبَرانيُّ في (الكبير)، وروَى أبو داودَ منه
قصةَ الحائضِ، ورجالُ أبي داودَ فيهم بَقيَّةُ بنُ الوليدِ، وهو ضعيفٌ؛ لتدليسه، وإسنادُ هذا حسَنٌ" (مجمع الزوائد 1441).
رِوَايَةُ ((إِذَا جَاوَزَ الختانُ الختانَ)):
• وَفِي رِوَايَةٍ، عَنْ مُعَاذِ بنِ جَبَلٍ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:((إِذَا جَاوَزَ الختانُ الختانَ؛ فقدْ وَجَبَ الغُسْلُ)).
[الحكم]:
صحيحُ المتنِ؛ صحَّ مِن حديثِ عائشةَ كما سبقَ، وحديثُ معاذٍ سندُه ضعيفٌ، وضَعَّفَهُ الهَيْثَميُّ.
[التخريج]:
[حم 22046 (واللفظ له) / بز 2675/ طش 1479].
[السند]:
رواه أحمدُ، عن أبي المغيرةِ عبدِ القُدُّوسِ الخَوْلانيِّ، عن أبي بكرِ بنِ أبي مريمَ الغَسَّانيِّ، عن ضَمْرةَ بنِ حَبيبٍ، عن رجُلٍ، عن معاذٍ، به.
ورواه البَزَّارُ، والطَّبَرانيُّ: من طريقِ أبي بكرٍ، به.
[التحقيق]:
هذا سندٌ ضعيفٌ؛ فيه علتان:
الأُولى: أبو بكرٍ الغَسَّانيُّ؛ "ضعيفٌ، وكان قد سُرِقَ بيتُه فاختلَطَ"(التقريب 7974).
الثانيةُ: إبهامُ الرجلِ الراوي عن مُعاذٍ.
وقد رواه الطَّبَرانيُّ من طريقِ أبي المُغِيرةِ، وقال فيه:(عن ضَمْرةَ، عن معاذٍ)، لم يَذكُرْ بينهما أحدًا.
وكذلك رواه البَزَّارُ من طريقِ الحَكَمِ بنِ نافعٍ، عن أبي بكرٍ، عن ضَمْرةَ، عن معاذٍ، به.
وضَمْرَةُ لم يدرِكْ معاذًا، بينهما رجُلٌ كما في روايةِ أحمدَ، وهذا مِن تخليطِ أبي بكرٍ الغَسَّانيِّ.
وقال الهَيْثَميُّ: "رواه البَزَّارُ، وفي إسنادِهِ: أبو بكر بنُ أبي مريمَ؛ وهو ضعيفٌ"(مجمع الزوائد 1440).
رِوَايَةُ ((يَجِبُ الغُسْلُ مِنَ الجَنَابَةِ)):
• وَفِي رِوَايَةٍ، عَنْ أَبي العَيَّاشِ: أَنَّهُ سَأَلَ مُعَاذَ بنَ جَبَلٍ رضي الله عنه: مَا يُوجِبُ الغُسْلَ؟ وَهَلْ آكُلُ مَعَ امْرَأَتِي وَهِيَ عَارِكٌ؟ فَقَالَ: سَأَلْتَنَي عَمَّا سَأَلْتُ عَنْهُ رَسَولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:((يَجِبُ الغُسْلُ مِنَ الجَنَابَةِ)).
[الحكم]:
إسنادُهُ ضعيفٌ.
[اللغة]:
قوله: ((وَهِيَ عَارِكٌ)): العِراكُ: الحَيْضُ
…
ونساءٌ عَواركُ؛ أي: حُيَّضٌ (اللسان 10/ 464).
[التخريج]:
[طب (20/ 100/ 195) / طش 610].
[السند]:
رواه الطَّبَرانيُّ: عن إبراهيمَ بنِ محمدِ بنِ عِرْقٍ الحِمْصيِّ، ثنا يحيى بنُ عثمان، ثنا محمدُ بنُ حِمْيَر، ثنا عبدُ الرحمنِ بنُ يزيدَ بنِ جابرٍ، ثنا أبو عَيَّاشٍ، به.
[التحقيق]:
هذا سندٌ ضعيفٌ؛ فيه علتان:
الأُولى: شيخ الطَّبَراني: إبراهيم بن محمد بن عِرْق بن الحِمْصي؛ قال فيه الذَّهَبي: "غير معتمَد"(ميزان الاعتدال 199). وانظر: (تراجم شيوخ الطَّبَراني 33).
الثانية: أبو عيَّاش إن كان هو المَعَافِريَّ؛ فهو "مقبول" -يعني إذا تُوبِع،
وإلا فليِّنٌ-، كما في (التقريب 8292)، ولم يتابَعْ هنا. وإن لم يكنِ المَعَافِريَّ؛ فلم نقِفْ على ترجمةٍ له.
2749 -
حَدِيثُ ابنِ عُمَرَ:
◼ عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((إِذَا مَسَّ (الْتَقَى) الخِتَانُ الخِتَانَ؛ فَقَدْ وَجَبَ الغُسْلُ)).
[الحكم]:
صحيحُ المتنِ؛ لشواهدِهِ، وإسنادُهُ ضعيفٌ جدًّا، وضَعَّفَهُ ابنُ طاهرٍ.
[التخريج]:
[عق (1/ 162) / عد (8/ 185) / متشابه (2/ 736) (والرواية له)].
[السند]:
قال ابنُ عَدِي: ثنا عبد الله بن محمد بن مسلم، قال: ثنا محمد بن إسماعيلَ الصائِغُ، ثنا يونس بن محمد، ثنا أبو الرَّبيع السَّمَّانُ، ثنا عاصم بن عُبَيد الله عن سالم بن عبد الله عن أبيه به.
ورواه العُقَيليُّ والخطيبُ: مِن طريقِ أَشْعَثَ أبي الرَّبيعِ السَّمَّانِ، به.
[التحقيق]:
هذا سندٌ ضعيفٌ جدًّا؛ فيه ثلاثُ عِللٍ:
الأولى: أَشْعَثُ أبو الربيعِ السَّمَّانُ؛ "متروكٌ" كما في (التقريب 523).
الثانية: عاصم بن عُبَيد الله؛ "ضعيفٌ" كما في (التقريب 3065).
الثالثة: المخالفة؛ فقد رواه مالكٌ في (الموطأ 117): عن نافعٍ، عن ابنِ عُمرَ، به موقوفًا.
ورواه ابنُ أبي شَيْبةَ في (المصنَّف 956)، وعبدُ الرزاق في (المصنَّف 955)، وغيرُهما، من طرقٍ، عن نافعٍ، به موقوفًا.
قال ابنُ القَيْسَراني: "رواه عاصمُ بنُ عُبَيدِ اللهِ العُمَريُّ: عن سالمٍ، عن أبيه. و [عاصم]
(1)
ضعيفٌ" (ذخيرة الحفاظ 422).
قلنا: وفي حصْرِه إعلالَ الحديث في عاصم، وإعراضِه عن أبي الرَّبيع السَّمَّان، قُصورٌ.
ولمتنِ الحديثِ شواهدُ سبقَتْ في البابِ من حديثِ عائشةَ رضي الله عنها وغيرِها؛ ولذا قال العُقَيليُّ: "أمَّا حديثُ سالمٍ فيُروَى بأسانيدَ جِيادٍ ثابتةٍ عن عائشةَ"(الضعفاء 1/ 163).
(1)
في الأصل (سالم) بدلًا من (عاصم)، وهو إما خطأ من الطابع، أو الناسخ، أو سبق قلم من المصنف.
2750 -
حَدِيثُ أَبِي أُمَامَةَ:
◼ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((إِذَا جَاوَزَ الخِتَانُ الخِتَانَ؛ وَجَبَ الغُسْلُ)).
[الحكم]:
صحيحُ المتنِ؛ لشواهدِهِ، وهذا إسنادٌ ضعيفٌ، وضَعَّفَهُ الهَيْثَميُّ.
[التخريج]:
[طب (8/ 244/ 7955)].
[السند]:
قال الطَّبَرانيُّ: حدثنا الحسينُ بنُ إسحاقَ التُّسْتَريُّ، ثنا سَهْلُ بنُ عثمانَ، ثنا وَكِيعٌ، عن جعفرِ بنِ الزُّبَيرِ، عن القاسمِ، عن أبي أُمامةَ، به.
[التحقيق]:
هذا سندٌ ضعيفٌ جدًّا؛ فيه جعفرُ بنُ الزُّبَيرِ؛ "متروكُ الحديثِ" كما في (التقريب 939).
وقال الهَيْثَميُّ: "رواه الطَّبَرانيُّ في (الكبير)، وفيه جعفرُ بنُ الزُّبَير عن القاسمِ، وكلاهما ضعيف"(مجمع الزوائد 1443).
وهذا تساهُلٌ منه؛ فقد نقَلَ ابنُ الجَوْزيِّ الإجماعَ على تَرْكِ جعفرٍ، أمَّا القاسمُ فصدوقٌ يُغرِب.
2751 -
حَدِيثُ ابنِ عَمْرٍو:
◼ عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما: أَنَّ سَائِلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم: أَيُوجِبُ المَاءَ إِلَّا المَاءُ؟ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: ((إِذَا الْتَقَى الخِتَانَانِ وَغَابَتِ (وَتَوَارَتِ) الحَشَفَةُ؛ فَقَدْ وَجَبَ الغُسْلُ، أَنْزَلَ أَوْ لَمْ يُنْزِلْ)).
[الحكم]:
صحيحُ المتنِ دونَ قولِه: ((وَغَابَتِ الحَشَفَةُ))، فإسنادُهُ ضعيفٌ جدًّا، وضَعَّفَهُ: عبدُ الحقِّ الإشبيليُّ، وابنُ رجبٍ، ومُغْلَطاي، وابنُ أبي العِزِّ الحَنَفيُّ، والبُوصيريُّ. واستغربه ابنُ دقيقِ العيدِ.
وأصْلُ الحديثِ في (الصحيحين) مِن حديثِ أبي هريرةَ، وعند مسلمٍ من حديثِ عائشةَ، دونَ هذه الجملة.
[التخريج]:
[جه (دار إحياء الكتب العربية 611)
(1)
(والرواية له) / حم 6670/ ش 961/ طس 4489 (واللفظ له) / حنف (ص 161) / حنف (خسرو 658، 979، 980) / خط (7/ 269) / تمهيد (23/ 102) / آثار 56/ خلد 114/ موهب (نصب 1/ 84) / مدونة (1/ 135)].
[التحقيق]:
هذا الحديثُ له ثلاثةُ طرقٍ:
الطريق الأول:
رواه أحمدُ وابنُ أبي شَيْبةَ -ومن طريقه ابنُ ماجه- عن أبي مُعاويةَ
(1)
لم يُثبِته أصحاب دار التأصيل، وهو موجود في (التحفة برقم 10106)، ومثبَت في طبعة الرسالة، ودار إحياء الكتب العربية، ودار الجيل، ودار الفكر، ودار الصديق.
الضَّريرِ، ثنا حَجَّاجٌ، عن عَمرِو بنِ شُعيبٍ، عن أبيه، عن جده، به.
وهذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا؛ حَجَّاجٌ هو ابنُ أَرْطاة، وهو "كثيرُ الخطإِ والتدليسِ" كما في (التقريب 1119).
وكان حَجَّاجُ بنُ أَرْطاةَ يَروي عن عَمرِو بنِ شعيبٍ ما سمِعه مِن العَرْزَميِّ ويُدلِّسه. انظر: (التاريخ الكبير للبخاري 2/ 378).
والعَرْزَميُّ، هو محمدُ بنُ عُبَيدِ بنِ أبي سُلَيمانَ، "متروك" كما في (التقريب 6108).
وهذا الحديثُ حديثُ العَرْزَمي، أخذه منه حَجَّاجٌ ودلَّسه.
وقال ابنُ رجب: "وحَجَّاجٌ مدلِّسٌ، وقيل: إن أكثر رواياته عن عَمرِو بنِ شُعيبٍ سمِعها مِنَ العَرْزَميِّ ودلَّسها، والعَرْزَميُّ ضعيفٌ، وقد رُويَ أيضًا هذا الحديثُ عن العَرْزَميِّ، عن عَمرٍو"(فتح الباري لابن رجب 2/ 65).
وقال البُوصيريُّ: "هذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ لضعف حَجَّاجٍ -وهو ابنُ أَرْطاةَ- وتدليسِه". (مصباح الزجاجة 1/ 82).
قلنا: وبيان ذلك في:
الطريق الثاني:
رواه أبو يوسفَ في (الآثار 56) قال: حدثني محمد بن عبيد الله العرزمي، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، به.
ورواه ابنُ وَهْبٍ في (مسنده)، كما في (نَصْب الراية 1/ 84) - وعنه سَحْنونُ في (المدونة 1/ 30) -: عن الحارث بن نَبْهانَ، عن محمد بن عبيد الله، به.
ورواه الخطيبُ في (تاريخه 7/ 269): من طريقِ شَرِيكٍ النَّخَعيِّ، عن
محمدِ بنِ أبي سُلَيمانَ، عن عَمرِو بنِ شُعيبٍ، به.
ومحمد بن أبي سُلَيمانَ هذا هو العَرْزَميُّ المتروكُ، نسبَه شَرِيكٌ إلى جدِّه، وكان هكذا يُسمِّيه. انظر:(المجروحين 2/ 255)، (التاريخ الكبير للبخاري 1/ 171).
ولهذا قال عبدُ الحقِّ الإشبيليُّ: "هذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا، والصحيحُ حديثُ مسلمٍ"(الأحكام الوسطى 1/ 191).
وقال ابنُ دقيقِ العيدِ: "في هذا: تعليقُ الحُكمِ بغيبوبةِ الحَشَفةِ، وهو غريبٌ في الروايةِ"(الإمام 3/ 21).
وقال مُغْلَطاي: "فصارَ بهذا حديثًا في غايةِ الضعفِ؛ لِمَا ذَكرْناه من حالِ العَرْزَميِّ"(شرح ابن ماجه 3/ 68).
الطريق الثالث:
رواه الطَّبَرانيُّ في (الأوسط 4489): من طريقِ يحيى بنِ غَيْلانَ، عن عبدِ اللهِ بنِ بَزِيعٍ، عن أبي حَنيفةَ، عن عَمرِو بنِ شُعيبٍ، به.
قال الطَّبَرانيُّ: "لم يَروِ هذا الحديثَ عن عَمرِو بنِ شُعيبٍ إلا أبو حَنيفةَ، ولا عن أبي حنيفةَ إلا عبدُ اللهِ بنُ بَزِيع، تفرَّد به: يحيى بنُ غَيْلانَ".
هذا إسنادٌ واهٍ؛ فيه علتان:
الأُولى: عبدُ اللهِ بنُ بَزِيعٍ هذا؛ قال فيه ابنُ عَدِيٍّ: "أحاديثُه عمَّن يَروي عنه ليستْ بمحفوظةٍ أو عامَّتُها
…
وليس هو عندي ممن يُحتجُّ به" (الكامل 1088). وقال الساجيُّ: "ليس بحُجَّةٍ، روَى عنه يحيى بنُ غَيْلانَ مناكيرَ" (لسان الميزان 4171).
الثانيةُ: أبو حنيفةَ؛ ضعيفُ الحديثِ، وقد سبقَ الكلامُ عليه مرارًا.
فلا يُعتدُّ بهذه المتابعةِ؛ لعدم ثبوتِها وضعْفِ المتابِع، وقد أشارَ إلى هذا الطريقِ الحافظُ ابنُ رجبٍ، وضَعَّفَهُ. (الفتح له 2/ 65).
وقد أطلْنا البحثَ هنا؛ لبيان عدمِ ثبوتِ هذه العبارةِ خاصَّةً، وإن كان قد حسَّنها الألبانيُّ في (الصحيحة 3/ 259).
ويؤكِّدُ ما ذهبْنا إليه: أن الخطيبَ رواه من طريقٍ آخَرَ ضعيف -بيانُه في الروايةِ الآتيةِ- لكن ليس فيه قوله: ((وَتَوَارَتِ الحَشَفَةُ))؛ ولذا لم نَعتبِرْ به هنا؛ لأن الحديثَ بغيرِ هذه الجملةِ ثابتٌ في (الصحيح) من حديثِ أبي هريرةَ وعائشةَ كما سبقَ.
رِوَايَةٌ بقصة مطولة:
• وَفِي رِوَايَةٍ، بِلَفْظِ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَنِ الرَّجُلِ يُجَامِعُ وَلَا يُنْزِلُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((إِذَا الْتَقَى الخِتَانَانِ؛ وَجَبَ الغُسْلُ))، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِمَنْ عِنْدَهُ:((أَيُّ المُؤْمِنِينَ أَفْضَلُ؟)). قَالَ بَعْضُهُمْ: المُؤْمِنُ الغَنِيُّ الَّذِي يُعْطِي فَيَتَصَدَّقُ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((لَيْسَ كَذَلِكَ؛ وَلَكِنَّ أَفْضَلَ المُؤْمِنِينَ إِيمَانًا: الَّذِي إِذَا سُئِلَ أَعْطَى، وَإِذَا لَمْ يُعْطَ اسْتَغْنَى)).
[الحكم]:
ضعيفٌ بهذا التمامِ، وضَعَّفَهُ الألبانيُّ.
[التخريج]:
[خط (2/ 149) / حربف 68، 69].
[السند]:
رواه عليُّ بنُ عُمرَ الحَرْبيُّ -ومن طريقه الخطيبُ- عن أبي جعفرٍ محمدِ بنِ أحمدَ بنِ عبدِ اللهِ بنِ محمدِ بنِ سُلَيمانَ بنِ أبي داودَ الحَرَّانيِّ، قال: نا عمِّي سُلَيمانُ بنُ عبدِ اللهِ، قال: حدثني جدِّي، عن أبيه، عن عبدِ الكريمِ، عن عَمرِو بنِ شُعيبٍ، عن أبيه، عن جدِّه عبدِ اللهِ بنِ عَمرٍو، به.
[التحقيق]:
هذا سندٌ ضعيفٌ؛ علتُه: سُلَيمان بن أبي داودَ الحَرَّاني -والد محمدِ بن سُلَيمانَ (بُومَةُ) -؛ فقد ضَعَّفَهُ أبو حاتم. وقال البخاريُّ: "منكَرُ الحديثِ". وقال أحمدُ: "ليسَ بشيءٍ"(لسان الميزان 3608).
وحَكَمَ الألبانيُّ على الحديثِ بالنكارةِ في (الضعيفة 7037).
2752 -
حَدِيثُ بِلَالٍ:
◼ عَنْ بِلَالٍ رضي الله عنه، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِذَا خَالَطْتُ أَهْلِي فَاخْتَلَعْنَا (فَأَقْلَعْتُ) وَلَمْ أُمْنِ، أَغْتَسِلُ؟ قَالَ:((نَعَمْ، قَدْ فَعَلْتُ ذَلِكَ مَعَ أَهْلِي فَلَمْ أُمْنِ فَاغْتَسَلْنَا)).
[الحكم]:
إسنادُهُ ضعيفٌ جدًّا بهذا السياقِ، وضَعَّفَهُ الهَيْثَميُّ.
[التخريج]:
[طس 3826 (واللفظ له) / طش 1245/ تمام 186 (والرواية له)].
[السند]:
رواه الطَّبَرانيُّ: عن عليِّ بنِ سعيدٍ الرازيِّ، ثنا محمدُ بنُ إسماعيلَ بنِ عليٍّ الأنصاريِّ، ثنا ضَمْرَةُ بنُ ربيعةَ، عن عليِّ بنِ أبي حَمَلَةَ، عن ابنِ مُحَيْريز، عن ابنِ السِّمْط، قال: سمِعتُ بلالًا
…
الحديثَ.
ورواه تَمَّامٌ: من طريقِ محمدِ بنِ إسماعيلَ، به.
قال الطَّبَرانيُّ: "لم يَروِ هذا الحديثَ عن بلالٍ إلا شُرَحْبيلُ بنُ السِّمْط، ولا عن شُرَحْبيلَ إلا ابن مُحَيْريز، ولا عن ابنِ مُحَيْريزٍ إلا عليُّ بنُ أبي حَمَلَة، تفرَّد به: ضَمْرةُ".
[التحقيق]:
هذا سندٌ ضعيفٌ جدًّا؛ علتُه: محمد بن إسماعيلَ هذا -ويعرفُ بالوَسَاوِسِيِّ-؛ فقد رماه البَزَّارُ بوضعِ الحديثِ، قال العُقَيليُّ:"وحديثُه يَدُلُّ على ذلك"، وضَعَّفَهُ الدَّارَقُطْني وغيرُه. (اللسان 6494).
وبه ضَعَّفَهُ الهَيْثَميُّ في (مجمع الزوائد 1442).
* * *
2753 -
حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ وابنِ عَبَّاسٍ:
◼ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وابنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، قَالَا: سمعنا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقول: ((إِذَا جَاوَزَ الخِتَانُ الخِتَانَ وَجَبَ الغُسْلُ، أَنْزَلَ أَوْ لَمْ يُنْزِلْ))
[الحكم]:
صحيح المتن، وإسناده ضعيف جدًّا.
[التخريج]:
[فقط (الجزء السادس 29)]
[السند]:
أخرجه الدارقطني في الجزء السادس من (الأفراد) قال: حدثنا محمد بن جعفر بن رميس بالقصر، حدثنا أبو علقمة الفروي عبد الله بن هارون بن موسى، قال: حدثنا يحيى بن عبد الملك الهديري، عن أبيه، عن جده محرر بن عبد الله الهديري، عن سعيد بن المسيب، قال: سمعت أبا هريرة وابن عباس قالا:
…
، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف جدًّا؛ أبو علقمة الفروي الأصغر هو عبد الله بن هارون بن موسى بن أبي علقمة الأكبر وهو "ضعيف" كما في (التقريب 8261).
ومحرر بن عبد الله الهديري لعله هو محرر بن هارون بن عبد الله بن محرر بن الهدير التيمي، وهو "متروك" كما في (التقريب 6499).
وأما يحيى بن عبد الملك الهديري، وأبوه عبد الملك، فلم نقف لهما على ترجمة.
وقد قال الدارقطني عقب الحديث: "هذا حديث غريب من حديث سعيد بن
المسيب، عن أبي هريرة وابن عباس، تفرد به محرر بن عبد الله الهديري عنه، وتفرد به أبو علقمة الفروي، بهذا الإسناد، ولم نكتبه إلا عن شيخنا هذا".
2754 -
حديث الْحَسَنِ مرسلًا:
◼ عَنِ الْحَسَنِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قال:((إِذَا جَلَسَ بَيْنَ شُعَبِهَا ثُمَّ جَهَدَهَا، فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ أَنْزَلَ أَوْ لَمْ يَنْزِلْ)).
[الحكم]:
صحيح المتن، وإسناده ضعيف لإرساله.
[التخريج]:
[صلاة 29]
[السند]:
أخرجه الفضل بن دكين في (الصلاة 29) قال: حدثنا سفيان، عن يونس، عن الحسن، عن النبي صلى الله عليه وسلم، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد رجاله ثقات؛ إلا أنه مرسل. وقد صح عن قتادة عن الحسن عن أبي رافع عن أبي هريرة به كما تقدم في الصحيحين.
وكذا رواه غير واحد عن يونس عن الحسن عن أبي هريرة، به.
وقد تقدم أن الصواب رواية قتادة ومن تابعه، كما أخرجه الشيخان، ورجحه الدارقطني وغيره. والله أعلم.