الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
464 - بَابٌ: وُجُوبُ الغُسْلِ عَلَى المُحْتَلِمَةِ إِذَا رَأَتِ المَاءَ
2755 -
حَدِيثُ أُمِّ سَلَمَةَ:
◼ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: جَاءَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ [بِنْتُ مِلْحَانَ] 1 [امْرَأَةُ أَبِي طَلْحَةَ] 2 إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ اللهَ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الحَقِّ، فَهَلْ عَلَى المَرْأَةِ مِنْ غُسْلٍ إِذَا احْتَلَمَتْ (رَأَتْ فِي المنَامِ مِثْلَ مَا يَرَى الرَّجُلُ) 1؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:((نَعَمْ، إِذَا رَأَتِ المَاءَ [فَلْتَغْتَسِل] 3)). فَغَطَّتْ أُمُّ سَلَمَةَ -تَعْنِي: وَجْهَهَا- (فَضَحِكَتْ أُمُّ سَلَمَةَ) 2، [قَالَتْ: قُلْتُ: فَضَحْتِ النِّسَاءَ] 4، وَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَتَحْتَلِمُ المَرْأَةُ؟ ! قَالَ:((نَعَمْ، تَرِبَتْ يَمِينُكِ (يَدَاكِ) 3، فَبِمَ يُشْبِهُهَا وَلَدُهَا؟ )).
[الحكم]:
متفق عليه (خ، م)، دون الرواية الأولى، والزيادةِ الأولى والثالثة؛ وهي صحيحةٌ.
[اللغة]:
قوله ((تَرِبَتْ يَمِينُكِ)): فيه خلافٌ كثيرٌ منتشرٌ جدًّا للسلفِ والخلَفِ مِنَ الطوائفِ كلِّها، والأصحُّ الأقوى الذي عليه المحقِّقون في معناه: أنها كلمةٌ أصْلُها: افتقرت، ولكن العرب اعتادت استعمالَها غيرَ قاصدةٍ حقيقةَ معناها الأصلي، فيذكرون:((تربَتْ يداك))، و ((قاتله الله، ما أشجعَه! ))، و ((لا أُمَّ له))،
و ((لا أبَ لك))، و ((ثَكِلَتْه أُمُّه))، و ((ويْلُ أُمِّه))، وما أشبهَ هذا مِن ألفاظهم، يقولونها عند إنكار الشيء، أو الزَّجْرِ عنه، أو الذَّمِّ عليه، أو استعظامِه، أو الحثِّ عليه، أو الإعجابِ به، والله أعلم. (شرح النَّوَويُّ على مسلم 3/ 221).
[الفوائد]:
قولُه: ((فَغَطَّتْ أُمُّ سَلَمَةَ وَجْهَهَا))، وقولُه:((فَضَحِكَتْ أُمُّ سَلَمَةَ))، قال ابنُ حَجَر:"يُجمع بينهما بأنها تبسَّمَت تعجُّبًا، وغطَّتْ وجهَها حياءً"(فتح الباري 1/ 389).
[التخريج]:
[خ 130 (واللفظ له)، 282 (والزيادة الثانية له ولغيره)، 3328 (والرواية الثانية له ولغيره)، 6091، 6121/ م 313 (والرواية الثالثة، والزيادة الرابعة له) / ت 123 (والرواية الأولى، والزيادة الأولى والثالثة له ولغيره) / جه 580/ طا 128/ حم 26503، 26579، 26613/ خز 251/ حب 1161، 1163/ عه 902 - 903/ عب 1103/ ش 883/ عل 7004/ حمد 300/ طب (23/ 341/ 794، 795)، (23/ 344/ 802)، (23/ 382/ 908، 909)، (23/ 411/ 990) / طص 225/ شف 93/ حق 1819، 1820، 2160، 2161/ جا 88/ لا 2033/ منذ 585/ مشكل 2661/ طوسي 101/ ميمي 394/ هق 806، 807/ هقغ 142/ هقع 1402/ بغ 244، 245/ مسن 707/ أم 87/ سرج 1851 - 1853، 1865/ مطغ 777/ قناع 3/ مالك 43/ ضيا (مرو ق 1399/أ) / حداد 312].
[السند]:
قال البخاريُّ (130): حدثنا محمدُ بنُ سَلَام، قال: أخبرنا أبو مُعاويةَ،
قال: حدثنا هشامٌ، عن أبيه، عن زينبَ بنتِ أمِّ سلَمةَ، عن أمِّ سلَمةَ، به.
[تنبيهان]:
الأول: اختُلِف على هشامِ بنِ عُروةَ في هذا الحديثِ؛ فمِنَ الرواةِ مَن رواه عنه عن أبيه عن زينبَ عن أمِّها -كما تقدَّم في روايةِ الصحيحين-، ومنهم مَن أسقَط مِنه أُمَّ سلَمةَ، ومنهم مَن أسقَطَ زينبَ، ومنهم مَن أسقطهما، ورُويَ غيرُ ذلك.
والصواب: روايةُ هشامِ بنِ عُروةَ، عن أبيه، عن زينبَ، عن أُمِّها. كما أخرجه البخاريُّ ومسلمٌ، وهو ما رجَّحَهُ الدَّارَقُطْنيُّ، حيث قال:"والصحيحُ عن هشامِ بنِ عُروةَ قولُ مَن قال: عن أبيه، عن زينبَ، عن أُمِّ سلَمةَ؛ لضبطهم، وجلالتِهم، واتِّفاقِهم"(العلل 3483).
الثاني: خُولِف هشامُ بنُ عُروةَ في روايته عن أبيه منَ الزُّهْريِّ؛ فرواه عن عُروةَ عن عائشةَ -بدلًا مِن زينبَ عن أمِّ سلَمةَ- به، وقد تُوبِع الزُّهْريُّ على ذلك.
وقدِ اختلَفَ أهلُ العلمِ في هاتين الروايتين؛ فمنهم مَن رجَّحَ روايةَ هشامٍ، ومنهم مَن رجَّحَ روايةَ الزُّهْريِّ بذِكرِ عائشةَ، ومنهم مَن جمعَ بين الروايتين، فقال:"ويُشْبِه أن يكون عُروةُ حَفِظ هذا الحديثَ عن عائشةَ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وحَفِظه أيضًا عن زينبَ، عن أُمِّ سلَمةَ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فأَدْلَى إلى الزُّهْري حديثَه عن عائشةَ، وأَدْلَى إلى هشام بن عُروةَ حديثَه عن زينبَ، عن أُمِّ سلَمةَ، وكذلك أدَّاه إلى ابنِ أبي الزِّناد أيضًا"(العلل للدارقطني 3483).
وسيأتي بيانُ ذلك في حديث عائشةَ -إن شاء الله-.
رِوَايَة: أَيُّ النُّطْفَتَيْنِ سَبَقَتْ:
• وَفِي رِوَايَةٍ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها: أنَّ أمَّ سُلَيْمٍ امْرَأَةَ أَبِي طَلْحَةَ، قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، المَرْأَةُ تَرَى زَوْجَهَا فِي المَنَامِ يَقَعُ عَلَيْهَا، أَعَلَيْهَا غُسْلٌ؟ قَالَ:((نَعَمْ، إِذَا رَأَتْ بَلَلًا (المَاءَ) 1)). فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ رضي الله عنها: أَوَ تَفْعَلُ ذَلِكَ؟! فَقَالَ: ((تَرِبَتْ يَمِينُكِ (جَبِينُكِ) 2، أَنَّى يَأْتِي شَبَهُ الخُؤُولَةِ إِلَّا مِنْ ذَلِكَ؟ أَيُّ النُّطْفَتَيْنِ سَبَقَتْ إِلَى الرَّحِمِ غَلَبَتْ عَلَى الشَّبَهِ)).
[الحكم]:
صحيحٌ.
[اللغة]:
الْخُؤُولَةُ: هو الخالُ؛ أخو الأُمِّ. (لسان العرب 11/ 224).
[التخريج]:
[حم 26631 (واللفظ له) / حق 1882 (والرواية الثانية له ولغيره) / طب (23/ 414/ 998) (والرواية الأولى له) / مشكل 2662/ استذ (3/ 125 - 126)].
[السند]:
رواه أحمد: عن يزيدَ بنِ هارونَ وحَجَّاجِ بنِ محمدٍ، عن ابنِ أبي ذِئبٍ، عن المَقْبُريِّ، عن عبدِ اللهِ بنِ رافِعٍ مولى أمِّ سلَمةَ، عن أمِّ سلَمةَ، به.
[التحقيق]:
هذا سندٌ صحيحٌ؛ رجالُهُ ثقاتٌ رجالُ الشيخينِ، غيرَ ابن رافِع، فمِن رجالِ مسلمٍ، وهو ثقةٌ.
وتُوبِع عليه يزيدُ وحَجَّاجٌ، تابَعهما شَبَابةُ بنُ سَوَّارٍ عند إسحاقَ بنِ راهُويَه،
وابنُ وَهْبٍ عند الطَّحاويِّ، وابنُ فُلَيْحٍ عند الطَّبَرانيِّ.
[تنبيه]:
سُئِلَ الدَّارَقُطْنيُّ عن هذا الحديثِ، فقال: "يَرويه سعيدٌ المَقْبُريُّ، واختُلِفَ عنه؛
فرواه ابنُ أبي ذئبٍ، عن سعيدٍ المَقْبُريِّ، عن عبدِ اللهِ بنِ رافِعٍ، عن أمِّ سلَمةَ. قاله ابنُ وَهْبٍ عنه؛ وخالفه إسحاقُ بنُ محمدٍ المُسَيِّبيُّ، وشَبَابةُ بنُ سَوَّار، رَوَيَاه عن ابنِ أبي ذئبٍ، عن سعيدٍ المَقْبُريِّ، عن عبدِ اللهِ بنِ رافِعٍ، مرسلًا عن أمِّ سُلَيم" (العلل 3959).
قلنا: كذا قال!، وقد رواه جماعةٌ عن ابنِ أبي ذئبٍ به بذِكر (أمِّ سلمةَ)، كما بيَّنَّا آنفًا ـ بل كذا رواه إسحاقُ، عن شَبَابةَ، به بذِكر (أمِّ سلَمةَ).
فعلى كلِّ حالٍ، ذِكرُ (أمِّ سلَمةَ) محفوظٌ عن ابنِ أبي ذئبٍ، مِن وجوهٍ عنه، فهو أصحُّ، والله أعلم.
وثَمَّةَ خلافٌ آخَرُ على ابنِ أبي ذئبٍ في إسنادِ هذا الحديثِ؛ سيأتي بيانُه قريبًا -إن شاء الله- في حديثِ أبي هريرةَ.
* * *
رِوَايَة: إِذَا نَزَلَ المَاءُ الأَصْفَرُ:
• وَفِي رِوَايَةٍ: قَالَتْ: قَالَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ: يَا رَسُولَ اللهِ، المَرْأَةُ تَحْتَلِمُ؟ قَالَ:((إِذَا نَزَلَ المَاءُ الأَصْفَرُ فَلْتَغْتَسِلْ)).
[الحكم]:
صحيحُ المتنِ؛ لشواهدِهِ، وإسنادُهُ حسَنٌ.
[التخريج]:
[طب (23/ 297/ 659)].
[السند]:
رواه الطَّبَرانيُّ: عن الحسنِ بنِ سَهْلٍ المُجَوِّز البصريِّ، ثنا أبو عاصمٍ، ثنا ابنُ أبي ذِئبٍ، عن المَقْبُريِّ، عن عبدِ اللهِ بنِ رافِعٍ، عن أمِّ سلَمةَ، به.
[التحقيق]:
هذا سندٌ رجالُهُ ثقاتٌ، غيرَ المُجَوِّز، روَى عنه الطَّبَرانيُّ وغيرُهُ، وقال الدَّارَقُطْنيُّ:"لا بأسَ به"(سؤالات الحاكم 85)، وذكره ابنُ حِبَّانَ في (الثقات 8/ 181)، وقال:"ربما أخطأ".
والحديثُ صحيحٌ؛ بما سبقَ، ويَشهَدُ لقولِهِ:((الأَصْفَر)) ما رواه مسلمٌ من حديثِ أنسٍ عن أُمِّ سُلَيمٍ، وفيه: ((نَعَمْ
…
إِنَّ مَاءَ الرَّجُلِ غَلِيظٌ أَبْيَضُ، وَمَاءُ المَرْأَةِ رَقِيقٌ أَصْفَرُ))، وسيأتي قريبًا.
رِوَايَةٌ بِإِبْهَامِ السَّائِلَةِ:
• وَفِي رِوَايَةٍ: أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ اللهِ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الحَقِّ، هَلْ عَلَى المَرْأَةِ غُسْلٌ إِذَا هِيَ احْتَلَمَتْ؟ قَالَ:((نَعَمْ، إِذَا رَأَتِ المَاءَ)). فَضَحِكَتْ أُمُّ سَلَمَةَ رضي الله عنها، فَقَالَتْ: أَتَحْتَلِمُ المَرْأَةُ؟! فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((فَفِيمَ يُشْبِهُهَا الوَلَدُ؟)).
[الحكم]:
صحيحٌ، والمرأةُ السائلةُ هي أمُّ سُلَيمٍ كما تقدَّم في (الصحيحين).
[التخريج]:
[ن 202 (واللفظ له) / كن 251، 6065].
[التحقيق]:
سيأتي الكلامُ عليه بعد الروايةِ التاليةِ.
رواية:
• وَفِي رِوَايَةٍ، قَالَتْ: دَخَلَتِ امْرَأَةٌ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ فِي بَيْتِ أُمِّ سَلَمَةَ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَرَأَيْتَ المَرْأَةَ تَرَى فِي مَنَامِهَا مَا يَرَى الرَّجُلُ؟ قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ رضي الله عنها: تَبًّا لَكِ، فَضَحْتِ النِّسَاءَ! قَالَتْ: إِنَّ اللهَ لَا يَسْتَحِي مِنَ الحَقِّ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ رَأَى ذَلِكَ مِنْكُنَّ فَلْتَغْتَسِلْ)).
[الحكم]:
صحيحٌ، والمرأةُ السائلةُ هي أمُّ سُلَيمٍ كما في الرواياتِ المتقدِّمةِ.
[التخريج]:
[طب (23/ 263/ 553)].
[التحقيق]:
رُويَ الحديثُ بإبهامِ السائلةِ مِن طريقين عن أمِّ سلَمةَ:
الطريق الأول:
أخرجه النَّسائيُّ: عن شعيبِ بنِ يوسفَ، قال: حدثنا يحيى (وهو ابنُ سعيدٍ القَطَّانُ)، عن هشامٍ، قال: أخبرني أبي، عن زينبَ بنتِ أمِّ سلَمةَ، عن أمِّ سلَمةَ، به.
وهذا إسنادٌ رجالُهُ ثقاتٌ رجالُ الشيخين، عدا شعيبَ بن يوسفَ النَّسائيَّ، وهو ثقةٌ، كما في (التقريب 2809)، غير أنه خُولِفَ في متْنِهِ في إبهامِ المرأةِ السائلةِ.
فقد رواه مُسَدَّدٌ، ومحمدُ بن المُثَنَّى -كما أخرجه البخاريُّ (3328، 6091) -، وأحمدُ بنُ حَنْبَلٍ -كما في (المسند 26503) -، عن يحيى بنِ
سعيدٍ القَطَّانِ، به؛ وفيه أن أمَّ سُلَيمٍ رضي الله عنها هي التي سألتِ النبيَّ صلى الله عليه وسلم.
الطريق الثاني:
أخرجه الطَّبَرانيُّ، قال: حدثنا عبدُ الرحمنِ بنُ سَلْمٍ
(1)
الرازيُّ، ثنا سَهْلُ بنُ عثمانَ، ثنا المُحارِبيُّ، عن محمدِ بنِ عَمرٍو، عن أبي سَلَمةَ، عن أمِّ سلَمةَ، بلفظِ الروايةِ الثانيةِ.
وهذا إسنادٌ رجالُهُ ثقاتٌ، إلا أن عبدَ الرحمنِ بنَ محمدٍ المحارِبيَّ، مدلِّسٌ، وقد عنعن.
وقد خالفه عبدُ اللهِ بنُ نُمَيْرٍ -كما عند أحمدَ (27114) -؛ فرواه عن محمدِ بنِ عَمرٍو، عن أبي سَلَمةَ، عن أمِّ سُلَيمٍ رضي الله عنها، قالتْ: ((دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي بَيْتِ أُمِّ سَلَمَةَ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَرَأَيْتَكَ المَرْأَةَ تَرَى فِي مَنَامِهَا مَا يَرَى الرَّجُلُ؟ قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: فَضَحْتِ النِّسَاءَ
…
)) الحديثَ.
فسمَّى ابنُ نُمَيْرٍ -وهو ثقةٌ مِن رجالِ الشيخين، (التقريب 3668) - المرأةَ المُبهَمةَ: أمَّ سُلَيمٍ، وجعلَه مِن مسندها. وسيأتي الكلامُ عليه في حديثِ أُمِّ سُلَيمٍ.
(1)
تحرَّف في المطبوع إلى "سالم"، وتم تصحيحُه من كتب التراجم.
رِوَايَةُ أَنَّ السَّائِلَةَ أُمُّ سَلَمَةَ:
• وَفِي رِوَايَةٍ مُخْتَصَرَةٍ: عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: سَأَلْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنِ المَرْأَةِ تَرَى فِي مَنَامِهَا مَا يَرَى الرَّجُلُ؟ قَالَ: ((إِذَا رَأَتْ ذَلِكَ فَلْتَغْتَسِلْ)).
[الحكم]:
صحيحُ المتنِ؛ لشواهدِهِ، غيرَ أنَّ المحفوظَ فيه أنَّ أمَّ سُلَيمٍ هي السائلةُ، وإسنادُهُ معلولٌ.
[التخريج]:
[سرج 1856].
[السند]:
رواه السَّرَّاجُ: عن يحيى بنِ محمدِ بنِ السَّكَن
(1)
، ثنا يحيى بنُ كثيرٍ، ثنا شُعبةُ، عن عبدِ العزيزِ بنِ رُفَيعٍ، عن أبي سَلَمةَ، عن أمِّ سلَمةَ، به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ رجالُهُ ثقاتٌ، لكنه معلولٌ بالإرسالِ؛ فالمحفوظُ عن شُعبةَ وغيرِه في هذا الحديثِ: عن عبدِ العزيزِ بنِ رُفَيعٍ، عن أبي سَلَمةَ، مرسلًا.
فقد سُئِلَ عنه الدَّارَقُطْنيُّ، فقال: "يَرويه عبدُ العزيز بنُ رُفَيعٍ، واختُلِفَ عنه؛
فرواه شُعبةُ، واختُلِفَ عنه؛ فرواه أبو داودَ، ويحيى بنُ كَثيرِ بنِ دِرهمٍ، وبَقيَّةُ بنُ الوليدِ، وعبدُ الصمدِ بنُ النُّعْمانِ، عن شُعبةَ، عن عبدِ العزيزِ بنِ
(1)
وقع في المطبوع (محمد بن يحيى بن السَّكَن)، وهو وهَمٌ؛ فشيخ السَّرَّاج هو يحيي بن محمد، وقد روَى عنه غيرَ ما حديث على الصواب. وانظر ترجمته في (تهذيب الكمال 13/ 518).
رُفَيعٍ، عن أبي سَلَمةَ، عن أُمِّ سلَمةَ.
وخالفهم غُنْدَرٌ، ومعاذُ بنُ معاذٍ، وعليُّ بنُ الجَعْد، وعَمرُو بنُ مرزوقٍ، فرَوَوْه عن شُعبةَ، عن عبدِ العزيزِ بنِ رُفَيع، عن أبي سَلَمةَ، مُرسلًا.
ورواه أبو الأَحْوَص، عن عبد العزيز، عن أبي سلَمةَ، وعطاءٍ، ومجاهِدٍ، مرسَلًا.
وكذلك قال جَريرُ بنُ عبدِ الحميدِ: عن عبدِ العزيزِ بنِ رُفَيعٍ.
وقال شَيْبانُ: عن عبدِ العزيزِ، عن أبي سلَمةَ، أخبرتْني أُمُّ سُلَيمٍ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم. والمرسَلُ أَشْبَهُ" (العلل 3957/ 3)
(1)
.
قلنا: والحديثُ محفوظٌ عن أمِّ سلَمةَ مِن وجوهٍ أُخرى، كما تقدَّم في (الصحيحين)، وفيه أن السائلةَ هي أُمُّ سُلَيم.
* * *
(1)
وسيأتي تخريج الرواية المرسلَةِ قريبًا.
2756 -
حَدِيثُ عَائِشَةَ:
◼ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها: أَنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ الأَنْصَارِيَّةَ -وهِيَ أُمُّ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ- قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ اللهَ عز وجل لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الحَقِّ، أَرَأَيْتَ المَرْأَةَ إِذَا رَأَتْ فِي النَّوْمِ مَا يَرَى الرَّجُلُ، أَتَغْتَسِلُ أَمْ لَا؟ قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها: فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: ((نَعَمْ، فَلْتَغْتَسِلْ إِذَا وَجَدَتِ المَاءَ)). قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها: فَأَقْبَلْتُ عَلَيْهَا، فَقُلْتُ: أُفٍّ لَكِ، وَهَلْ تَرَى ذَلِكَ المَرْأَةُ؟ ! فَأَقْبَلَ عَلَيَّ (فَالْتَفَتَ إِلَيَّ) رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:((تَرِبَتْ يَمِينُكِ يَا عَائِشَةُ، وَمِنْ أَيْنَ يَكُونُ الشَّبَهُ؟ ! )).
[الحكم]:
صحيح (م).
[التخريج]:
[م 314 (اختصره وأحاله على ما قبله) / د 236 (واللفظ له) / ن 201 (والرواية له ولغيره) / كن 253/ مي 782/ عه 905/ بز (18/ 143، 144) / طش 1749/ مسن 708/ مبهم (2/ 125) / تمهيد (8/ 333 - 334) / هق 808/ خلع 394/ جوصا 28].
[السند]:
قال مسلم: حدثنا عبد الملك بن شعيب بن اللَّيْث، حدثني أبي، عن جدي، حدثني عُقَيل بن خالد، عن ابن شِهاب، أنه قال: أخبرني عُروةُ بن الزُّبَير، أن عائشةَ رضي الله عنها
…
به.
ورواه أبو داودَ: عن أحمدَ بن صالح، حدثنا عَنْبَسَة، حدثنا يونسُ، عن ابن شِهاب، به.
ورواه النَّسائيُّ: من طريقِ الزُّبَيدي، عن ابنِ شِهابٍ، به.
[تنبيه]:
اختُلِف في هذا الحديثِ على عُروةَ بنِ الزُّبَيرِ؛ فرواه عنه ابنُه هشامٌ: عن زينبَ بنتِ أبي سَلَمةَ، عن أمِّها أُمِّ سلَمةَ. وتابع هشامًا على ذلك أبو الزِّنادِ، وقد تقدَّمَ ذلك في حديثِ أُمِّ سلَمةَ.
وخالفهما الزُّهْريُّ؛ فرواه عن عُروةَ، عن عائشةَ به. وتابعه على ذلك: مُسافِعُ بنُ عبدِ اللهِ، وأبو الأَسْودِ محمدُ بنُ عبدِ الرحمنِ.
وقدِ اختَلَفَ أهلُ العلمِ في ذلك:
فمنهم مَن رجَّحَ روايةَ هشامٍ بذِكرِ أُمِّ سلَمةَ، حيث نقَل القاضي عِيَاضٌ -فيما حكاه ابن حَجَر في (الفتح) - عن أهلِ الحديثِ، أن الصحيحَ أن القصةَ وقعَتْ لأمِّ سلَمةَ لا لعائشةَ، وهذا يقتضي ترجيحَ رواية هشام، وهو ظاهر صَنيع البخاري.
وذهبَ إلى ذلك أيضًا ابنُ عبدِ البرِّ في (الاستذكار)؛ فقال: "وأما حديثُ هشامِ بنِ عُروةَ فمتَّصِلٌ مسنَدٌ؛ رواه مالكٌ، عن هشامِ بنِ عُروةَ، عن أبيه، عن زينبَ بنتِ أبي سلَمةَ، عن أمِّ سلَمةَ
…
وكذلك رواه سائرُ مَن رواه عن هشامِ بنِ عُروةَ، عن أبيه، عن زينبَ بنتِ أبي سلَمةَ، عن أُمِّ سلَمةَ، لا عن عُروةَ، عن عائشةَ. وهو الصحيحُ عندهم. لعُروةَ عن زينبَ عن أمِّها، لا عن عائشةَ، والله أعلم" (الاستذكار 3/ 121). وانظر (التمهيد 8/ 336).
ومنهم مَن رجَّحَ روايةَ الزُّهْريِّ بذِكرِ عائشةَ، كأبي داود، حيثُ أشارَ إلى تقويةِ روايةِ الزُّهْريِّ؛ لأن نافعَ بنَ عبدِ اللهِ تابعه عن عُروةَ عن عائشةَ. وأخرج مسلمٌ أيضًا روايةَ نافعٍ، وأخرجَ أيضًا من حديثِ أنسٍ قال: جاءتْ
أمُّ سُلَيمٍ إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم فقالتْ له وعائشةُ عندَه
…
فذَكر نحوَه. وكذا أشارَ البَزَّارُ - عَقِبَ الحديث- إلى تقويةِ روايةِ الزُّهْريِّ.
ومنهم مَن صحَّحَ الروايتين وجمَع بينهما، كمحمدِ بنِ يحيى الذُّهْليِّ -فيما نقله عنه ابنُ عبدِ البرِّ-، والدَّارَقُطْنيُّ، والنَّوَويُّ -ووافقه ابنُ حَجَر والعظيم آبادي-، والألبانيُّ في (صحيح أبي داودَ 1/ 437).
قال البَزَّارُ - عَقِبَ الحديثِ-: "وهذا الحديثُ قد رواه غيرُ واحدٍ، عن الزُّهْريِّ، عن عُروةَ، عن عائشةَ رضي الله عنها. وخالفَ فيه هشامُ بنُ عُروةَ؛ فرواه، عن أبيه، عن زينبَ، عن أمِّ سلَمةَ، عن النبي صلى الله عليه وسلم".
وقال الدَّارَقُطْنيُّ -بعد ذِكرِه للخلافِ المتقدِّمِ على عُروةَ-: "والصحيحُ عنِ الزُّهْريِّ: قولُ مَن قال: عن عُروةَ، عن عائشةَ. والصحيحُ عن هشامِ بنِ عُروةَ: قولُ مَن قالَ: عن أبيه، عن زينبَ، عن أُمِّ سلَمةَ؛ لضبطهم، وجلالتِهم، واتِّفاقِهم. ويُشبِه أن يكون عُروةُ حَفِظَ هذا الحديثَ عن عائشةَ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وحَفِظه أيضًا عن زينبَ، عن أُمِّ سلَمةَ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فأَدْلَى إلى الزُّهْري حديثَه عن عائشةَ، وأَدْلَى إلى هشام بن عُروةَ حديثَه عن زينبَ، عن أُمِّ سلَمةَ
…
" (علل الدارقطني 3483).
قال ابنُ حَجَر: "قال النَّوَويُّ في (شرح مسلم): يحتمل أن تكون عائشةُ وأمُّ سلَمةَ جميعًا أنكَرتَا على أمِّ سُلَيم. وهو جمْعٌ حسَنٌ؛ لأنه لا يمتنعُ حضورُ أمِّ سلَمةَ وعائشةَ عند النبيِّ صلى الله عليه وسلم في مجلسٍ واحدٍ. وقال في (شرح المهذب): يجمع بين الروايات بأن أنسًا وعائشةَ وأمَّ سلَمةَ حضَروا القِصة"(فتح الباري 1/ 388).
وقال العظيم أبادي -بعد ذِكرِه لاستحسان الحافظ لقولِ النَّوَويِّ في الجمعِ
بين الروايتين-: "بل هو متعيّن؛ لصحةِ الروايتين في ذلك، ولا يمتنعُ حضورُ أمِّ سلَمةَ وعائشةَ عند النبيِّ صلى الله عليه وسلم في مجلسٍ واحدٍ، والله تعالى أعلم"(عون المعبود 1/ 277).
رِوَايَة: إِذَا عَلَا مَاؤُهَا مَاءَ الرَّجُلِ:
• وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهَا: أَنَّ امْرَأةً قَالَتْ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: هَلْ تَغْتَسِلُ المَرْأةُ إِذَا احْتَلَمَتْ وَأَبْصَرَتِ المَاءَ؟ فَقَالَ: ((نَعَمْ)). فَقَالَتْ لَهَا عَائِشَةُ رضي الله عنها: تَرِبَتْ يَدَاكِ وَأُلَّتْ! قَالَتْ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((دَعِيهَا، وَهَلْ يَكُونُ الشَّبَهُ إِلَّا مِنْ قِبَلِ ذَلِكَ؟ إِذَا عَلَا مَاؤُهَا مَاءَ الرَّجُلِ؛ أَشْبَهَ الوَلَدُ أَخْوَالَهُ، وَإِذَا عَلَا مَاءُ الرَّجُلِ مَاءَهَا؛ أَشْبَهَ أَعْمَامَهُ)).
[الحكم]:
صحيح (م).
[اللغة]:
((أُلَّتْ)) بضم الهمزة وفتح اللام المشدَّدةِ وسكونِ التاء، أي: أصابَتْها الأَلَّة -بفتح الهمزة وتشديد اللام-، وهي: الحَرْبة. (الديباج على مسلم 2/ 73).
[التخريج]:
[م 314 (واللفظ له) / 24610/ عه 905/ عل 4395/ عب 1101/ بز (18/ 96) / مشكل 2660/ مسن 709/ مبهم (2/ 124) / هق 809، 21316/ كما (27/ 423 - 424) / فقط (أطراف 6230) / جواب ص 77].
[السند]:
قال مسلمٌ: حدثنا إبراهيمُ بنُ موسى الرازيُّ، وسَهْلُ بنُ عثمانَ، وأبو كُرَيْب -واللفظُ لأبي كُرَيْبٍ-: -قال سهلٌ: حدَّثَنا، وقال الآخران: أخبرنا- ابنُ أبي زائِدةَ، عن أبيه، عن مُصْعَبِ بنِ شَيْبةَ، عن مسافِعِ بنِ عبدِ اللهِ، عن عُروةَ بنِ الزُّبَيرِ، عن عائشةَ، به.
ورواه أحمدُ، قال: حدثنا قُتَيْبةُ، حدثنا يحيى -يعني: ابنَ زكريا-، عن أبيه، به.
قال الدَّارَقُطْنيُّ: "غريبٌ صحيحٌ من حديثِ الحَجَبيِّ، عنه، عنها، تفرَّد به مُصْعَبُ بنُ شَيْبةَ عنه، وتفرَّدَ به زكريا عن مُصْعَبٍ، لا أعلمُ رواه عنه غيرُ ابنِه يحيى، وأخرجه مسلمٌ عن جماعةٍ عن يحيى"(أطراف الغرائب 6230).
[تنبيهان]:
الأول: انتَقَدَ ابنُ عمَّارٍ الشهيد والدَّارَقُطْنيُّ هذه الروايةَ على الإمامِ مسلمٍ؛ فذَكرَا أن مسافِعَ بنَ عبدِ اللهِ قُلِب اسمُه، وأن الصحيحَ: عبدُ اللهِ بنُ مسافِعٍ. وقد حَمَّل الدَّارَقُطْنيُّ لمسلمٍ هذا الوهَم، وحَمَّله ابنُ عمارٍ لأبي كُرَيْبٍ!
وفي قولهم نظرٌ؛ فأمَّا مسلمٌ فقد تُوبِع -على تسميةِ الراوي بمسافِعِ بنِ عبدِ اللهِ- من عبدِ اللهِ بنِ شِيْرَويْهِ، وإبراهيمَ بنِ محمدِ بنِ إبراهيمَ العُمَريِّ، كما أخرجه عنهما أبو مسعودٍ الدِّمَشْقيُّ في (جوابه للدارقطني عما بين غلط مسلم 15).
ثم بيَّن سببَ خطإ الدَّارَقُطْنيِّ فيما قال؛ فقال: "لم يَقلِبْ مسلمٌ اسمَه، وإنما نَسَبَ عليُّ بنُ عُمرَ -يعني: الدَّارَقُطْنيَّ- مسلمًا إلى الوهَم في هذا؛ لأنه لم يتأمَّلْ طردَ هذا الحديث على ابنِ أبي زائِدةَ، وأظنُّه إنما أرادَ أن
يجرح أسماءَ مَن صحَّت عنهم الرواية، نظر في (تاريخ البخاري)؛ لأن البخاريَّ قال في (تاريخه): باب مَن اسمه عبدُ اللهِ، قال: "عبد الله بن مسافِع بن شيبةَ بن عثمانَ بن عبد الدار، القرشيُّ، هو أرى عبد الله بن مسافِع بن عبد الله بن شَيْبةَ
…
ولم يَذكُرِ البخاريُّ في (التاريخ) حديثَ ابن أبي زائِدة هذا في هذا الموضعِ، ولا في باب مَن اسمُه: مسافِع، وإنما تعلَّقَ عليُّ بنُ عُمرَ بهذا مِن (تاريخ البخاري)، ولم ينظرْ في حديثِ ابنِ أبي زائِدةَ هذا، فنَسَبَ مسلمًا إلى أنه قَلَب اسمَه، ولم يَقلِبه؛ إنما هو اسمٌ مختلَفٌ فيه، وهكذا يقولُ ابن أبي زائِدة" اهـ.
وأما أبو كُرَيْبٍ، فقد تُوبِع أيضًا -على تسميةِ الراوي بمسافِعٍ- من إبراهيمَ بنِ موسى وسَهْلِ بن عثمانَ، كما عند مسلمٍ في هذا الحديثِ، وتابعهم قُتَيْبةُ بنُ سعيدٍ عند أحمدَ (24610)، وسُوَيْدُ بنُ سعيدٍ عند أبي يَعْلَى (4395)، ومحمدُ بنُ الصَّلْتِ كما ذَكَر أبو عَوَانةَ في (مسنده 842).
الثاني: تكلَّمَ بعضُ العلماءِ في لفظةِ: ((إِذَا عَلَا مَاؤُهَا مَاءَ الرَّجُلِ؛ أَشْبَهَ الولَدُ أَخْوَالَهُ، وَإِذَا عَلَا مَاءُ الرَّجُلِ مَاءَهَا؛ أَشْبَهَ أَعْمَامَهُ))؛ وذلك لأمرين:
أولًا: معارضتُها لأحاديثَ أصحَّ منها، وفيها أن عُلوَّ ماءِ أحدِهما مؤثِّر في الإذكار والتأنيث -وليس في الشَّبَه-؛ كما في حديثِ ثَوْبانَ رضي الله عنه، الذي أخرجه مسلم (315)، وفيه:((مَاءُ الرَّجُلِ أَبْيَضُ، وَمَاءُ المَرْأَةِ أَصْفَرُ، فَإِذَا اجْتَمَعَا، فَعَلَا مَنِيُّ الرَّجُلِ مَنِيَّ المَرْأَةِ؛ أَذْكَرَا بِإِذْنِ اللهِ، وَإِذَا عَلَا مَنِيُّ المَرْأَةِ مَنِيَّ الرَّجُلِ؛ آنَثَا بِإِذْنِ اللهِ))، وكذا رُويَ عن ابنِ عباسٍ، كما أخرجه أحمدُ (2483، 2514)، والنَّسائيُّ في (الكبرى 9221).
وأمَّا الشبَهُ؛ فمتعلِّقٌ بسبْقِ ماءِ أحدِهما على الآخَر -وليس بعُلوِّ الماءِ-؛ كما في حديثِ أنسِ بنِ مالكٍ رضي الله عنه، الذي أخرجه البخاريُّ (3329)، وفيه:
((وَأَمَّا الشَّبَهُ فِي الوَلَدِ: فَإِنَّ الرَّجُلَ إِذَا غَشِيَ المَرْأَةَ فَسَبَقَهَا مَاؤُهُ؛ كَانَ الشَّبَهُ لَهُ، وَإِذَا سَبَقَ مَاؤُهَا؛ كَانَ الشَّبَهُ لَهَا)).
ورُويَ أيضًا من حديث أمِّ سلَمةَ رضي الله عنها كما تقدَّم، وفيه:((أَيُّ النُّطْفَتَيْنِ سَبَقَتْ إِلَى الرَّحِم؛ غَلَبَتْ عَلَى الشَّبَهِ)).
ومِن أجْلِ ذلك تكلَّمَ الطَّحاويُّ وابنُ عبدِ البرِّ في هذه الزيادةِ مِن حديثِ عائشةَ:
فقال الطَّحاويُّ -بعد أن ذَكَرَ حديثَ ثَوْبانَ، ثم أَتبَعه بروايتَيْ عائشةَ وأمِّ سلَمةَ-:"إن قال قائلٌ: فإن في حديثِ عائشةَ الذي قد رَوَيْتَه في هذا الفصل: ((إِذَا عَلَا مَاؤُهَا مَاءَ الرَّجُلِ أَشْبَهَ الوَلَدُ أَخْوَالَهُ، وَإِذَا عَلَا مَاءُ الرَّجُلِ مَاءَهَا أَشْبَهَهُ))؛ قيل له: هكذا في هذا الحديث، وأصحابُ الحديثِ ليس حديثُ مصعَبِ بنِ شَيْبةَ عندهم بالقويِّ، ولكنَّ الذي في حديثِ المَقْبُري: ((أَيُّ النُّطْفَتَيْنِ سَبَقَتْ إِلَى الرَّحِمِ غَلَبَتْ إِلَى الشَّبَهِ)) هو الصحيحُ عندهم"(شرح مشكل الآثار 7/ 91).
وقال ابنُ عبدِ البرِّ: " كذا روى مسافِعٌ الحَجَبي عن عُروةَ عن عائشةَ، إلا أنه خالفَ في لفظه، وقال فيه: إن رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: ((إِذَا عَلَا مَاءُ المَرْأَةِ مَاءَ الرَّجُلِ أَشْبَهَ أَخْوَالَهُ، وَإِذَا عَلَا مَاءُ الرَّجُلِ أَشْبَهَهُ وَلَدُهُ))، وهذا اللفظ في حديثِ ثوبانَ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم في علا ماءُ الرجل وعلا ماءُ المرأة، إلا أن المعنى المذكور فيما يوجِب الشَّبَهَ مخالِفٌ لِما في هذه الأحاديث
…
وقد رُويَ في حديثِ أمِّ سلَمةَ مراعاةُ سبْقِ المَنِيِّ لا مراعاةُ عُلُوِّهِ في معنى الشَّبَه، لا الإذكار ولا الإناث" (التمهيد 8/ 335 - 336).
ثانيًا: أنها رُويَتْ من طريقِ مُصْعَبِ بنِ شَيْبةَ الحَجَبيِّ، وهو ضعيفٌ؛ قال
فيه أحمد: "روَى أحاديثَ مناكيرَ"، وقال النَّسائيُّ:"منكَرُ الحديثِ"، وقال في موضعٍ آخَرَ:"في حديثِهِ شئٌ"، وقال أبو حاتم:"لا يَحمَدونه، وليس بقويٍّ"، وقال الدارقطنيُّ:"ليس بالقوي، ولا بالحافظ"، وقال ابنُ عَدِيٍّ:"تكلَّموا في حفظه"، ولخَّص الحافظُ فيه القولَ؛ فقال:"ليِّنُ الحديث".
ووثَّقه ابنُ مَعِينٍ والعِجْليُّ؛ وبهذا التوثيقِ تعقَّب مُغْلَطايُ الطَّحاويَّ في تضعيفه لهذه الروايةِ بمُصْعَبِ بنِ شَيْبةَ، ولا شكَّ أن في قولِهِ نظرًا؛ لتضعيفِ كلِّ مَن ذكرناهم له، ومعارضتِها للأحاديثِ الأُخرى الصحيحةِ كما تقدَّم، بل ومخالفتِه لمَن هو أوثقُ منه في هذه الروايةِ خاصَّة، وهي علةٌ ثالثةٌ؛ فقد رواه الزُّهْريُّ، عن عُروةَ، عن عائشةَ، كما تقدَّم عند مسلمٍ، وليس فيه الزيادةُ التي رواها مُصْعَبٌ، عن مسافِعٍ، عن عُروةَ.
انظر (تهذيب التهذيب 10/ 162)، و (التقريب 6691)، و (شرح ابن ماجه 3/ 784).
التنبيه الثاني:
جاء في إسنادِ أبي نُعَيمٍ في النسخةِ المطبوعةِ مِن (المستخرَج): (قُتَيْبة بن سعيد بن أبي شَيْبة عن مسامعي بن عبد الله)! وفيه خطأٌ في ثلاثة مواضعَ:
الأول، والثاني: أنه لا يوجد راوٍ اسمه: (قُتَيْبة بن سعيد بن أبي شَيْبة)، إنما الصواب:(قُتَيْبة بن سعيد، عن مُصْعَب بن شيبة).
الثالث: (مسامعي بن عبد الله)، تحريف، والصواب:(مسافِع بن عبد الله).
رِوَايَة: أَرَأَيْتَ إِذَا لَمْ تُهَرِيق المَاءَ:
• وَزَادَ وَفِي رِوَايَةٍ: قِيلَ لَهُ: أَرَأَيْتَ إِذَا لَمْ تُهَرِيق
(1)
المَاءَ؟ قَالَ: ((لَا غُسْلَ إِذًا)).
[الحكم]:
شاذٌّ بهذا اللفظِ.
[التخريج]:
[عه 905].
[السند]:
رواه أبو عَوَانةَ، عن عباسٍ الدُّوريِّ، قال: ثنا سَلْمُ بنُ قادمٍ، قال: ثنا محمدُ بنُ حَرْبٍ، عن الزُّبيديِّ، عن الزُّهْريِّ، قال: أخبرني عُروةُ، أن عائشةَ أخبرته به.
[التحقيق]:
هذا سندٌ رجالُهُ ثقاتٌ، رجالُ الشيخينِ، عدا عباسًا الدُّوريَّ، وهو ثقةٌ حافظٌ، كما في (التقريب 3189).
وسَلْمُ بنُ قادمٍ بغداديٌّ، وثَّقَهُ ابنُ مَعِينٍ، وصالحُ جَزَرة، والخطيبُ، وانظر (سؤالات ابن الجُنَيد 35)، و (تاريخ بغداد 9/ 146).
وذكره ابنُ حِبَّانَ في (الثقات 8/ 297)، وقال:"يُخطئُ"، وقد تفرَّدَ بهذه الزيادةِ، مخالفًا الرواةَ عن محمدِ بنِ حَرْبٍ؛ فقد رواه كثيرُ بنُ عُبَيدٍ كما عند النَّسائي (201)، ومحمدُ بنُ مُصَفَّى وسُلَيمانُ بنُ سلَمةَ عند الطَّبَرانيِّ في
(1)
علَّق محقق الكتاب قائلًا: هكذا في النسخ كلها، والصحيح من حيث اللغة بحذف الياء: تهرقْ.
(مسند الشاميين 1749)، وهشامُ بنُ عبدِ الملكِ عند أبي الحسن بن جَوْصَاءَ في (حديث ابن جَوْصَاء - مخطوط 28)،
جميعهم -كثير، وهشام، وابن مُصَفَّى، وسُلَيمان- عن محمدِ بنِ حَرْبٍ، عن الزُّبَيديِّ به، ولم يَذكُروا هذه الزيادةَ التي ذكرها سَلْم بن قادم.
بل ورواه جماعةٌ من أصحابِ الزُّهْري -كمالكٍ، وعُقَيلٍ، ويونسَ، ومَعْمَرٍ، وابنِ أخي الزُّهْري- عنه، ولم يَذكُروا هذه الزيادةَ أيضًا؛ فتكون شاذَّةً، وإن كان معناها صحيحًا مفهومًا مما تقدَّم من حديثِ أم سلَمةَ وعائشةَ، وأيضًا له شواهدُ عن أنسِ بنِ مالكٍ وخَوْلَةَ بنتِ حَكيم، وهي شواهدُ ضعيفةٌ، وسيأتي بيانُ الكلامِ عنها.
رِوَايَة ((فَإِذَا وَجَدَتْ ذَلِكَ إِحْدَاكُنَّ فَلْتَغْتَسِلْ)):
• وَفِي رِوَايَةٍ، قَالَتْ: جَاءَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ -أُمُّ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ- إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَرَأَيْتَ إِحْدَانَا تَجِدُ مَا يَجِدُ الرَّجُلُ فِي النَّوْمِ حَتَّى تَجِدَ البَلَلَ؟ قَالَ:((فَإِذَا وَجَدَتْ ذَلِكَ إِحْدَاكُنَّ فَلْتَغْتَسِلْ)).
[الحكم]:
صحيحُ المتنِ، وهذا إسنادُهُ ضعيفٌ جدًّا.
[التخريج]:
[طس 8903].
[السند]:
رواه الطَّبَرانيُّ في (الأوسط): عن المِقْدَامِ، ثنا خالدُ بنُ نِزَارٍ، ثنا عُمرُ بنُ قَيْسٍ، عنِ ابنِ أبي مُلَيْكةَ، عن القاسمِ، عن محمدٍ، عن عائشةَ، به.
قال الطَّبَرانيُّ: "لم يَروِ هذا الحديثَ عنِ ابنِ أبي مُلَيْكةَ إلا عُمرُ بنُ قَيسٍ".
[التحقيق]:
هذا سندٌ ضعيفٌ جدًّا؛ فيه علتان:
الأُولى: عُمرُ بنُ قَيْسٍ، هو المكِّيُّ المعروفُ بسَنْدَل؛ "متروك" كما في (التقريب 4959).
الثانيةُ: المِقْدَامُ هو ابنُ داودَ الرُّعَينيُّ؛ ضعيفٌ، انظر:(لسان الميزان 7900)، و (تراجم شيوخ الطَّبَراني 1069).
وقد صحَّ الحديثُ من وجوهٍ أُخرى كما سبقَ.
رِوَايَةٌ أَبْهَمَتْ عَائِشَةَ:
• وَفِي رِوَايَةٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أَنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ الأَنْصَارِيَّةَ، -وَهِيَ أُمُّ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ-، قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ اللهَ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الحَقِّ، هَلْ عَلَى المَرْأَةِ مِنْ غُسْلٍ إِذَا رَأَتِ المَاءَ فِي النَّوْمِ مَا يَرَى الرَّجُلُ، أَتَغْتَسِلُ أَمْ لَا؟، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:((تَغْتَسِلُ))، فَقَالَتْ زَوْجُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: فَأَقْبَلْتُ عَلَيْهَا، فَقُلْتُ: أُفٍّ لَكِ، وَهَلْ تَرَى ذَلِكَ المَرْأَةُ؟! قَالَتْ: فَأَقْبَلَ عَلَيْهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ: ((تَرِبَتْ يَمِينُكِ، فَمِنْ أَيْنَ يَكُونُ الشَّبَهُ؟)).
[الحكم]:
صحيحٌ، والمراد بزوج النبي صلى الله عليه وسلم هنا: عائشةُ رضي الله عنها، كما تقدَّم.
[التخريج]:
[حب 1162].
[السند]:
قال ابنُ حِبَّانَ: أخبرنا ابنُ قُتَيْبةَ، قال: حدثنا حَرْمَلةُ بنُ يحيى، قال: حدثنا ابنُ وَهْبٍ، قال: أخبرنا يونسُ، عن ابنِ شِهاب، قال: حدثني عُروةُ بنُ الزُّبَيرِ، عن زوجِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، به.
[التحقيق]:
هذا سندٌ رجالُهُ ثقات رجالُ الشيخين، عدا حَرْمَلةَ بن يحيى، وهو صدوقٌ من رجال مسلم (التقريب 1175)، وابنُ قُتَيْبة وهو محمد بن الحسن بن قُتَيْبة بن زيادَةَ اللَّخْمي، وثَّقه الدَّارَقُطْنيُّ والذَّهَبيُّ، وراجع (سؤالات السهمي 15)، (تاريخ الإسلام 23/ 286).
وأما صحابِيُّ هذا الحديثِ: فعائشةُ؛ فقد رواه أبو داودَ (237) من طريق
عَنْبَسةَ، عن يونسَ بنِ يزيدَ، عنِ الزُّهْريِّ، عن عُروةَ، عن عائشةَ، به.
وكذلك رواه أصحابُ الزُّهْريِّ عنه به، كما تقدَّم.
2757 -
حَدِيثُ أَنَسٍ:
◼ عَنْ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، قَالَ: سَأَلَتِ امْرَأَةٌ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ المَرْأَةِ تَرَى فِي مَنَامِهَا مَا يَرَى الرَّجُلُ فِي مَنَامِهِ؟ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: ((إِذَا كَانَ مِنْهَا مَا يَكُونُ مِنَ الرَّجُلِ؛ فَلْتَغْتَسِلْ)).
[الحكم]:
صحيح (م).
[التخريج]:
[م 312 (واللفظ له) / عه 900، 901/ مسن 706/ هق 810/ كما (13/ 76 - 77) / مخلص 1659/ سَمُّويَه (شرح مسند أبي حنيفة للقاري ص 135)].
[السند]:
قال مسلمٌ: حدثنا داودُ بن رُشَيد، حدثنا صالح بن عُمرَ، حدثنا أبو مالكٍ الأَشْجَعي، عن أنس بن مالك، به.
رِوَايَة: جَاءَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ:
• وَفِي رِوَايَةٍ، قَالَ أَنَسٌ: جَاءَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ -وَهِيَ جَدَّةُ إِسْحَاقَ
(1)
- إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَتْ لَهُ -وَعَائِشَةُ عِنْدَهُ-: يَا رَسُولَ اللهِ، المَرأةُ تَرَى مَا يَرَى الرَّجُلُ فِي المَنَامِ، فَتَرَى مِنْ نَفْسِهَا مَا يَرَى الرَّجُلُ مِن نَفْسِهِ؟ فَقَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها: يَا أُمَّ سُلَيْمٍ، فَضَحْتِ النِّسَاءَ، تَرِبَتْ يَمِينُكِ! فَقَالَ لِعَائِشَةَ:((بَلْ أَنْتِ فَتَرِبَتْ يَمِينُكِ! نَعَمْ، فَلْتَغْتَسِلْ يَا أُمَّ سُلَيْمٍ إِذَا رَأَتْ ذَاكَ)).
[الحكم]:
صحيح (م).
[التخريج]:
[م 310 (واللفظ له) / عه 898/ عب 1105/ مسن 704/ سرج 1855/ علقط (6/ 9) / حرف (الأمالي 5) / حداد 313].
[السند]:
قال مسلم: حدثني زُهَيرُ بنُ حَرْبٍ، حدثنا عُمرُ بنُ يونسَ الحَنَفيُّ، حدثنا عِكْرِمة بن عَمَّار، قال: قال إسحاقُ بن أبي طَلْحةَ: حدثني أنسُ بنُ مالكٍ، به.
[تنبيهان]:
الأول: هذا الطريقُ قد أعلَّه بعضُ العلماء بالانقطاع؛ فقد رواه الأَوْزاعيُّ
(1)
وقعت هذه اللفظةُ عند الدَّارَقُطْني في (العلل)، وغيرِه:"جدة أنس"، وقد نبَّه عليه النَّوَوي؛ فقال:"وهو غلَطٌ بلا شك؛ فإن أمَّ سُلَيم هي أم أنس لا جدَّتُه، لا خلاف في ذلك بين أهل العلم بهذا الفن"(تهذيب الأسماء واللغات 2/ 374)، وكذا قال ابن الصلاح كما في (التلخيص الحبير 1/ 236).
وهَمَّامُ بنُ يحيى، عن إسحاقَ بنِ أبي طَلْحةَ، عن أمِّ سُلَيم -بإسقاط أنس بن مالك- به؛
وروايةُ إسحاقَ عن أمِّ سُلَيم منقطعةٌ، كما قال الهَيْثَميُّ.
ورواه حسينٌ المُعَلِّم ويحيى بنُ أبي كثيرٍ عن إسحاقَ أن أمَّ سُلَيمٍ
…
فأرسلاه.
وقد رجَّحَ المرسَلَ: أبو حاتمٍ، والدَّارَقُطْنيُّ، وسيأتي تفصيلُ الكلامِ على هذه العلةِ في حديثِ أم سُلَيمٍ.
الثاني: جاءَ في إسنادٍ أبي نُعَيمٍ: (عُمر بن يونسَ بن عِكْرِمةَ بن عَمَّار)! وهو خطأٌ؛ والصواب: عُمر بنُ يونسَ، عن عِكْرِمةَ بنِ عَمَّار.
رَوَايَةٌ فِيهَا أنَّ أَنَسًا هو السَّائِلِ:
• وَفِي رِوَايَةٍ، عَن أَنَسٍ قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ المَرْأَةِ تَرَى فِي مَنَامِهَا مَا يَرَى الرَّجُلُ؟ فَقَالَ: ((إِذَا كَانَ مِنْهَا مَا يَكُونُ مِنَ الرَّجُلِ؛ فَلْتَغْتَسِلْ)).
[الحكم]:
صحيحُ المتنِ، ولكن المحفوظ فيه أن أمَّ سُلَيمٍ -وهي أُمُّ أنسٍ- هي السائلةُ؛ كما تقدَّم في حديثَيْ أمِّ سلَمةَ وعائشةَ.
[التخريج]:
[بز 7484].
[السند]:
قال البَزَّارُ: حدثنا سعيد بن بحر القَراطيسي، حدثنا داود بن عَمرو، حدثنا صالح بن عُمرَ، عن أبي مالك الأَشْجَعي، عن أنس، به.
ثم قال: "ولا نَعلَم روَى أبو مالكٍ، عن أنسٍ، إلا هذا الحديثَ، ولا رواه عنه إلا صالحُ بنُ عُمرَ، وهو واسطيٌّ".
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ رجالُهُ ثقاتٌ رجالُ مسلمٍ، عدا سعيد بن بحر القَراطيسي، وقد وثَّقه الخطيبُ والذَّهَبيُّ، وانظر (تاريخ بغداد 9/ 95)، و (تاريخ الإسلام 6/ 90).
رِوَايَة: فَأَيُّهُمَا عَلَا أَوْ سَبَقَ كَانَ مِنْهُ الشَّبَهُ:
• وَفِي رِوَايَةٍ: أَنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ رضي الله عنها سَأَلَتْ نَبِيَّ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ المَرْأَةِ تَرَى فِي مَنَامِهَا مَا يَرَى الرَّجُلُ؟ فَقَالَ نَبِيُّ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((إِذَا كَانَ ذَاكَ فِي مَنَامِهَا (إِذَا رَأَتِ المَرْأَةُ ذَلِكَ المَاءَ فَأَنْزَلَتْ) فَلْتَغْتَسِلْ)). قَالَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ رضي الله عنها: وَاسْتَحْيَيْتُ مِنْ ذَلِكَ، فَقُلْتُ: أَيَكُونُ ذَلِكَ؟! فَقَالَ نَبِيُّ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((نَعَمْ، فَمِنْ أَيْنَ يَكُونُ الشَّبَهُ؟! إِنَّ مَاءَ الرَّجُلِ غَلِيظٌ أَبْيَضُ، وَإِنَّ مَاءَ المَرْأَةِ أَصْفَرُ رَقِيقٌ، فَأَيُّهُمَا عَلَا أَوْ سَبَقَ كَانَ مِنْهُ الشَّبَهُ (أَشْبَهَهُ الوَلَدُ))).
[الحكم]:
صحيحٌ، إلا أن المحفوظَ فيه أن التي استنكرَتْ واستحيَتْ هي أمُّ سلَمةَ.
[التخريج]:
[عل 2920 (والروايتان له)، 3164 (واللفظ له) / مسن 705/ صحا 7942].
[السند]:
رواه أبو يَعْلَى: من طريقِ ابنِ أبي عديٍّ، وعبدِ الأعلى بنِ الأعلى، ويزيدَ بنِ هارونَ -ثلاثتُهم- عن سعيدِ بنِ أبي عَرُوبةَ، عن قَتادةَ، عن أنسٍ، به.
ورواه أبو نُعَيمٍ من طريقِ يزيدَ بنِ زُرَيع
(1)
، عن سعيدٍ، به.
[التحقيق]:
هذا سندٌ صحيحٌ، وقد صرَّح قَتادةُ بالسماعِ عند مسلمٍ، كما سيأتي في حديثِ أُمِّ سُلَيمٍ.
(1)
تحرَّف في المطبوع إلى (يزيد بن ربيع)!
[تنبيهان]:
الأول: استنكَرَ شُعبةُ هذا الحديثَ؛ فقد أخرجَ ابنُ أبي حاتمٍ بإسنادِهِ عن يحيى بنِ سعيد القَطَّانِ، قال:"كان شُعبةُ يقولُ في حديثِ قَتادةَ عن أنسٍ -حديثِ أمِّ سُلَيم في المرأةِ ترَى في منامها ما يرَى الرجلُ-: ليس بصحيحٍ، ويُنكِره"(الجرح والتعديل 1/ 158).
الثاني: وَرَدَ في هذا الحديثِ أن التي استنكرَتْ واستحيَتْ هي أمُّ سُلَيمٍ، والصوابُ أنها أمُّ سلَمةَ -كما تقدَّم في حديثها عند الشيخين- كما قال القاضي عِيَاضٌ والنَّوَويُّ، وانظر (شرح النووي على صحيح مسلم 3/ 222).
وقد وَرَدَ التصريحُ بأن السائلةَ هي أمُّ سلَمةَ في هذا الحديثِ أيضًا؛ وذلك في الرواية الآتية.
رِوَايَةُ أنَّ السَّائلةَ هي أُمُّ سَلَمَةَ:
• وَفِي رِوَايَةٍ: فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ -زَوْجُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَاسْتَحْيَتْ [مِنْ ذَلِكَ]-: أَوَ يَكُونُ هَذَا يَا رَسُولَ اللهِ؟! قَالَ: ((نَعَم
…
)) الحَدِيثَ.
[الحكم]:
صحيحٌ.
[التخريج]:
[كن 9225 "والزيادة له ولغيره" / جه 580 / حم 12222، 13055، 14010 "واللفظ له" / حب 6222/ عه 896، 897/ ش 884 / بز 7076 / استذ (3/ 123 - 124) / تمهيد (8/ 337 - 338)].
[السند]:
قال أحمدُ (12222): ثنا يَزيدُ، أنا سعيدٌ. وابنُ جعفرٍ، قال: ثنا سعيدٌ -المعنى-، عن قَتادةَ، عن أنسِ بنِ مالكٍ، به.
[التحقيق]:
هذا سندٌ صحيحٌ؛ رجالُه ثقاتٌ، ويزيد -هو: ابنُ هارونَ-، وسعيدٌ -هو: ابنُ أبي عَرُوبةَ-، وابنُ جعفرٍ -هو: غُنْدَرٌ-، تابع يزيدَ بنَ هارونَ على المعنى.
ورواه النَّسائيُّ من طريقِ يَزيدَ بنِ زُرَيْعٍ، وابنُ ماجهْ من طريقِ ابنِ أبي عَدِيٍّ وعبدِ الأعلى، ورواه أحمدُ من طريقِ عبدِ الأعلى أيضًا، جميعُهم عن سعيدِ بنِ أبي عَرُوبةَ، به.
وعبد الأعلى ممن سمِع مِن سعيدٍ قبلَ الاختلاطِ، وكذلك يزيدُ، وقد صرَّحَ قَتادةُ بالسماعِ في روايةِ مسلمٍ، كما سيأتي في حديثِ أُمِّ سلَمةَ.
رِوَايَة: ((إِذَا أَنْزَلَتِ [المَرْأَةُ] المَاءَ)):
• وَفِي رِوَايَةٍ مُخْتَصَرَةٍ: أَنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ رضي الله عنها سَأَلَتْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ المَرْأَةِ تَرَى فِي مَنَامِهَا مَا يَرَى الرَّجُلُ؟ قَالَ: ((إِذَا أَنْزَلَتِ [المَرْأَةُ] المَاءَ؛ فَلْتَغْتَسِلْ)).
[الحكم]:
صحيحٌ.
[التخريج]:
[ن 200 (واللفظ له) / كن 252/ حب 1160 (والزيادة له)].
[السند]:
رواه النَّسائيُّ عنِ ابنِ راهُويَه، قال: حدثنا عَبْدَةُ، قال: حدثنا سعيدٌ، عن قَتادةَ، عن أنسٍ، به.
[التحقيق]:
هذا سندٌ صحيحٌ، وقد صرَّح قَتادةُ بالسماعِ في روايةِ مسلمٍ.
رِوَايَةٌ مقتصرةٌ على الفرقِ بين مَاءِ الرَّجُلِ وَمَاءِ المَرْأَةِ:
• وَفِي رِوَايَةٍ، اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم:((مَاءُ الرَّجُلِ غَلِيظٌ أَبْيَضُ، وَمَاءُ المَرْأَةِ رَقِيقٌ أَصْفَرُ، فَأَيُّهُمَا سَبَقَ؛ كَانَ الشَّبَهُ)).
[الحكم]:
صحيحٌ.
[التخريج]:
[ن 205 (واللفظ له) / كن 256/ حب 6223].
[السند]:
رواه النَّسائي عن ابن راهُويَه، قال: حدثنا عَبْدَةُ، قال: حدثنا سعيدٌ، عن قَتادةَ، عن أنسٍ، به.
[التحقيق]:
هذا سندٌ صحيحٌ، وقد تُوبِع عَبْدَةُ بنُ سُلَيمانَ مِن يَزيدَ بنِ زُرَيع، -كما سيأتي عند مسلم-، ومِن يزيدَ بنِ هارونَ -كما عند أبي عَوَانةَ-، وغيرِهما، وروايتُهما مطوَّلة.
رِوَايَةُ ((إِنْ أَنْزَلَتْ كَمَا يُنْزِلُ الرَّجُلُ)):
• وَفِي رِوَايَةٍ، قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ المَرْأَةِ تَرَى فِي مَنَامِهَا مَا يَرَى الرَّجُلُ؟ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: ((إِنْ أَنْزَلَتْ كَمَا يُنْزِلُ الرَّجُلُ؛ فَعَلَيْهَا الغُسْلُ، وَإِنْ لَمْ تُنْزِلْ؛ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا)).
[الحكم]:
ضعيفٌ بهذا السياقِ، ومعناه صحيحٌ؛ لِما له مِن شواهدَ.
[التخريج]:
[طس 8355/ قطر 20].
[السند]:
قال الطَّبَرانيُّ: حدثنا موسى بن زكريا، نا عُقبة بن مُكْرَم، نا عبد الله بن عيسى، عن يونسَ بنِ عُبَيدٍ، عن الحسنِ، عن أنسٍ، به.
وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْني عن موسى بن زكريا، به.
قال الطَّبَرانيُّ: "لم يَروِ هذا الحديثَ عن يونسَ بن عُبَيد إلا عبدُ الله بن عيسى، تفرَّد به: عُقبةُ بن مُكْرَم".
[التحقيق]:
هذا سندٌ ضعيفٌ؛ فيه ثلاثُ علل:
الأولى: موسى بن زكريا، هو التُّسْتَري، روَى عن خليفةَ بن خيَّاط كتابَ الطبقات؛ قال الذَّهَبي: تكلَّمَ فيه الدَّارَقُطْنيُّ، مات قبل الثلاثمائة. وحكَى الحاكمُ عن الدَّارَقُطْني أنه متروك. (المغني 6491)، ونحوه في (ميزان الاعتدال 8864)، و (لسان الميزان 406).
الثانية: عبد الله بن عيسى -وهو الخَزَّاز-؛ ضعَّفوه، وضَعَّفَهُ الحافظ في
(التقريب 3524). وبه أعلَّه الهَيْثَميُّ في (المجمع 1453).
وقد خولِف فيه، كما في:
العلة الثالثة: الإرسال؛ فقد أخرجه عَبْدُ الرَّزَّاقِ في (المصنَّف 1093): عن هشامِ بنِ حسَّان، عن الحسنِ، به مرسَلًا: أَنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ -وهي أُمُّ أنسِ بنِ مالِكٍ- قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَتَى يَجِبُ عَلَى إِحْدَانَا الغُسْلُ؟ قَالَ:((إِذَا رَأَتِ المَرْأَةُ مَا يَرَاهُ الرَّجُلُ)).
والحديثُ وإن كان إسنادُهُ ضعيفًا، فإن معناه صحيحٌ؛ لِما تقدَّمَ مِن حديثِ أمِّ سلَمةَ وعائشةَ، وله شاهدٌ من حديثِ خَوْلَةَ سيأتي.
رِوَايَةُ: ((إِنَّمَا هُنَّ شَقَائِقُ الرِّجَالِ)):
• وَفِي رِوَايَةٍ، قَالَ: دَخَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أُمُّ سُلَيْمٍ -وَعِنْدَهُ أُمُّ سَلَمَةَ-، فَقَالَتْ: المَرْأَةُ تَرَى فِي مَنَامِهَا مَا يَرَى الرَّجُلُ؟ فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: تَرِبَتْ يَدَاكِ يا أُمَّ سُلَيْمٍ، فَضَحْتِ النِّسَاءَ! فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مُنْتَصِرًا لِأُمِّ سُلَيْمٍ:((بَلْ أَنْتِ تَرِبَتْ يَدَاكِ! إِنَّ خَيْرَكُنَّ الَّتِي تَسْأَلُ عَمَّا يَعْنِيهَا. إِذَا رَأَتِ المَاءَ؛ فَلْتَغْتَسِلْ)). قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ رضي الله عنها: وَ [هَلْ] لِلنِّسَاءِ مَاءٌ؟ قَالَ: ((نَعَمْ، فَأَنَّى يُشْبِهُهُنَّ الوَلَدُ؟! إِنَّمَا هُنَّ شَقَائِقُ الرِّجَالِ)).
[الحكم]:
أصلُ القصةِ صحيحٌ كما تقدَّمَ في حديثِ أُمِّ سلَمةَ في (الصحيحين)، وقوله:((هُنَّ شَقَائِقُ الرِّجَالِ)) حسَنٌ بشواهدِهِ، وحسنه الحافظ بشواهده كذلك. والحديثُ إسنادُهُ ضعيفٌ بهذا اللفظِ.
[التخريج]:
[مي 783 (واللفظ له) / بز 6418 / عه 899 (والزيادة له ولغيره) / خبر (2/ 27)].
[السند]:
أخرجه الدارِميُّ في (مسنده) - ومن طريق ابن حجر في (موافقة الخبر الخبر) -.
ورواه البَزَّارُ: عن عُمرَ بنِ الخطابِ.
ورواه أبو عَوَانةَ: عن أبي الأَزْهر.
ثلاثتهم: عن محمد بن كثير، عن الأَوْزاعيِّ، عن إسحاقَ بنِ عبدِ اللهِ بنِ أبي طَلْحةَ، عن أنسٍ، به.
[التحقيق]:
هذا سندٌ ضعيفٌ؛ فيه محمد بن كثير -وهو أبو يوسفَ المِصِّيصي-؛ قال ابنُ عَدِي: "له رواياتٌ عن مَعْمَرٍ والأَوْزاعيِّ خاصَّةً، أحاديثُ عِدادٌ مما لا يتابِعه أحدٌ عليه"، وقال الحافظ:"صدوقٌ كثيرُ الغلطِ"(التقريب 6251).
وقد خولِف في سنده ومتْنِه؛ فأمَّا السندُ؛
فقد رواه أبو المغيرة -كما عند أحمدَ (27118) -، ويحيى بنُ عبدِ اللهِ والوليدُ بن مسلم -كما علَّقه عنهما الدَّارَقُطْني في (العلل) -: ثلاثتُهم: عن الأَوْزاعي، عن إسحاقَ، عن جدَّتِه أمِّ سُلَيم، بنحوه. كذا بإسقاط أنس بن مالك.
وقد تُوبِع الأَوْزاعيُّ من هَمَّامِ بنِ يحيى، عن إسحاقَ، عن أُمِّ سُلَيمٍ.
وسندُهُ منقطعٌ بين إسحاقَ وجدَّتِه كما سيأتي في حديثِ أُمِّ سُلَيمٍ.
بل وتُوبِع إسحاقُ مِن أخيه عبد الله بن عبد الله بن أبي طَلْحةَ عن أمِّ سُلَيم -كما عند الدَّارَقُطْني في (العلل) -، وسندُهُ منقطعٌ أيضًا.
وقد رواه حسينٌ المُعَلِّمُ ويحيى بنُ أبي كثيرٍ عن إسحاقَ: أن أمَّ سُلَيم
…
فأرسَلاه.
وقد ذكرَ ابنُ أبي حاتمٍ والدَّارَقُطْنيُّ هذا الخلافَ في (عللهما)، ورجَّحَ أبو حاتم الطريقَ المنقطعَ، ورجَّحَ الدَّارَقُطْنيُّ المرسَلَ. انظر (علل ابن أبي حاتم 1/ 637 - 639)، (علل الدَّارَقُطْني 2342).
وأما المتنُ؛ فقد رَوَى ابنُ كثيرٍ فيه: ((إِنَّ خَيْرَكُنَّ الَّتِي تَسْأَلُ عَمَّا يَعْنِيهَا))، وجعَلَه من قولِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم.
وقد خالفَ أبو المغيرةِ عبدُ القُدُّوسِ بنُ الحَجَّاجِ -وهو ثقةٌ من رجالِ
الشيخين كما في (التقريب 4145) - فجعله من قولِ أُمِّ سُلَيمٍ لم يَرفَعْه، ولكن بلفظ:((وَإِنَّا إِنْ نَسْأَلِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَمَّا أَشْكَلَ عَلَيْنَا؛ خَيْرٌ مِنْ أَنْ نَكُونَ مِنْهُ عَلَى عَمْيَاءَ))، وهذا هو الصوابُ عنِ الأَوْزاعيِّ.
وأيضًا قد روَى مسلمٌ حديثَ إسحاقَ عن أنسٍ -وقد تقدَّمَ إعلالُ أبي حاتم والدَّارَقُطْنيِّ لإسنادِهِ- من غيرِ طريقِ الأَوْزاعيِّ مختصرًا بغيرِ هذا اللفظِ.
ولعلَّهُ مِن أجلِ ذلك أشارَ البَزَّارُ إلى غرابةِ لفظِه؛ فقال -عَقِبَ الحديث-: "هذا الحديثُ قد رواه جماعةٌ عن أنسٍ، ولا نَعلَمُ أحدًا جاءَ بلفظِ إسحاقَ".
وقال ابنُ حَجَرٍ: "رواه البَزَّارُ في (مسنده) عن عُمرَ بنِ الخطابِ: عن محمدِ بنِ كثيرٍ به، وأشارَ إلى أنه غريبٌ من حديثِ إسحاقَ، عن أنسٍ"(إتحاف المَهَرة 1/ 403).
وقال في موضع آخر: "هذا حديث حسن غريب"، ثم ذكر الكلام في المصيصي وقال:"فالحديث حسن في الجملة، وأصله في الصحيح بغير سياقه وبغير الجملة الأخيرة"(موافقة الخبر الخبر 2/ 28).
ورغم ذلك -مِن ضعْفِ راوي هذه الرواية، وإعلالِها سندًا ومتْنًا- فقد صحَّح إسنادَها عبدُ الحقِّ الإشبيليُّ في (الأحكام الوسطى 1/ 192)، وأقرَّه ابنُ القَطَّان في (بيان الوهم والإيهام 5/ 270).
وقد تعقَّبهما مُغْلَطاي بأنه لا يصحُّ؛ لأجْل المِصِّيصي (شرح ابن ماجه 3/ 818).
وقال الألبانيُّ -موجِّهًا صنيعَ ابنِ القَطَّان-: "لعلَّه إنما صحَّحه؛ لأنه قد تُوبِع فيه عن الأَوْزاعيِّ مع شيءٍ منَ المخالفةِ في إسنادِهِ"(صحيح أبي داود 1/ 433).
ثم ذكرَ رحمه الله روايةَ أبي المغيرةِ المنقطعة، ودفَعَ الانقطاعَ بروايةِ مسلمٍ المذكورةِ؛ حيثُ جعلها دليلًا على أن إسحاقَ إنما أَخذَ الحديثَ عن أنسٍ.
وقال في موضع آخر: "ولعلَّ البَزَّارَ رواه من غيرِ طريقِهِ، وإلا فكيفَ يصحِّحه ابنُ القَطَّانِ إذا كان من طريقِهِ؟ ! على أنه لم يتفرَّدْ به وإن كان خُولِف في سندِهِ"(الصحيحة 6/ 862).
وفي قوله نظر؛ وذلك لأمرين:
الأول: أن الروايةَ الموصولةَ -التي دفَعَ بها الانقطاعَ بين إسحاقَ وبين جدَّتِه أمِّ سُلَيم- معلولةٌ؛ خالفَ فيها عِكْرِمةُ بنُ عَمَّارٍ الجماعةَ عن إسحاقَ؛ فرَوَوْه عنه عن أمِّ سُلَيمٍ -منقطعًا-، وهو ما رجَّحه أبو حاتم، ورواه بعضُهم عن إسحاقَ مرسلًا، وهو ما رجَّحَه الدَّارَقُطْنيُّ، وقد تقدَّمَ بيانُ ذلك.
الثاني: ليس في روايةِ مسلمٍ مِنَ الزياداتِ -كزيادة: ((هُنَّ شَقَائِقُ الرِّجَالِ)) - ما في روايةِ المِصِّيصيِّ هذه، ثم إنه نَسَبَ بعضَ المتنِ للنبيِّ صلى الله عليه وسلم، وهو مِن قولِ أمِّ سُلَيمٍ كما تقدَّمَ.
وأمَّا زيادةُ: ((هُنَّ شَقَائِقُ الرِّجَالِ))؛ فلها شاهدٌ تُحَسَّنُ به من حديثِ عائشةَ، وفيه ضعْفٌ يسيرٌ، كما سيأتي.
رِوَايَة: فَقَالَتْ عَائِشَةُ:
…
فَضَحْتِ النِّسَاءَ:
• وَفِي رِوَايَةٍ، قَالَ: سَأَلَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنِ المَرْأَةِ تَرَى فِي مَنَامِهَا مَا يَرَى الرَّجُلُ؟ فَقَالَ: ((إِذَا رَأَتْ ذَلِكَ (إِذَا كَانَ مِنْهَا مَا يَكُونُ مِنَ الرِّجَالِ)؛ فَلْتَغْتَسِلْ)). فقالت عَائِشَةُ رضي الله عنها: يَا فُلَانَةُ، فَضَحْتِ النِّسَاءَ! فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:((دَعِيهَا؛ فَإِنَّ نَسَاءَ الأَنْصَارِ يَسْأَلْنَ عَنِ الفِقْهِ (يَتَعَلَّمْنَ الفِقْهَ))).
[الحكم]:
صحيحُ المتنِ؛ بما سبقَ، دونَ قولِه:((فَإِنَّ نَسَاءَ الأَنْصَارِ يَسْأَلْنَ عَنِ الفِقْهِ)) فهذا إسناد ضعيف.
[التخريج]:
[بز 7536 (واللفظ له) / ضح (2/ 131) / فق 173 (والروايتان له) / مجالس من أمالي أبي عبد الله بن مَنْدَه 174/ مبسوط (2/ 200)].
[السند]:
رواه البَزَّارُ، عن محمدِ بنِ يحيى القُطَعيِّ، ثنا محمدُ بنُ عبدِ الرحمنِ الطُّفاويُّ، ثنا سعيدٌ أبو سعدٍ، عن أنسٍ، به.
ومدارهُ عندهم على أبي سعدٍ، به.
قال البَزَّارُ: "وسعيدٌ أبو سعدٍ هو سعيدُ بنُ المَرْزُبان، أبو سعدٍ البَقَّالُ، من أهلِ الكوفةِ".
[التحقيق]:
هذا سندٌ ضعيفٌ؛ فيه أبو سعدٍ البَقَّالُ؛ وهو ضعيفٌ مدلِّسٌ كما في (التقريب 2389)، وقد عنعن، وبه ضَعَّفَهُ ابنُ حَجَرٍ في (مختصر زوائد البَزَّار 204).
ووهِمَ الهَيْثَميُّ، فقال:"رواه البَزَّار، وفيه محمدُ بنُ عُبَيدٍ -كذا فيه- الطُّفاوي، وهو ضعيفٌ، وقد قيل فيه: إنه مدلِّسٌ فقط، وقد عنعنه"(المجمع 1452).
وما ذكره إنما يصحُّ في حَقِّ أبي سعدٍ البَقَّالِ وليس الطُّفاوي، ولذا تعقَّبه بعضُهم في هامش الأصل، فقال:"محمد بن عبد الرحمن الطُّفاويُّ ثقةٌ، أخرجَ له البخاريُّ، وليس هو بهذا الوصف الذي هنا، وإنما الموصوفُ بهذا: شيخُه في هذا الحديثِ، أبو سعدٍ سعيد بن المَرْزُبانِ البَقَّالُ". انظر: (كشف الأستار/ بتحقيق الأعظمي 156).
2758 -
حَدِيثُ أُمِّ سُلَيْمٍ:
◼ عَنْ أُمِّ سُلَيْمٍ رضي الله عنها، حَدَّثَتْ أَنَّهَا سَأَلَتْ نَبِيَّ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ المَرْأَةِ تَرَى فِي مَنَامِهَا مَا يَرَى الرَّجُلُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:((إِذَا رَأَتْ ذَلِكَ المَرْأَةُ فَلْتَغْتَسِلْ)). فَقَالَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ رضي الله عنها: وَاسْتَحْيَيْتُ مِنْ ذَلِكَ، قَالَتْ: وَهَلْ يَكُونُ هَذَا (أَوَ تَجِدُ المَرْأَةُ شَهْوَةً)؟ ! فَقَالَ نَبِيُّ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((نَعَمْ، فَمِنْ أَيْنَ يَكُونُ الشَّبَهُ (يُشْبِهُهَا وَلَدُهَا)؟ إِنَّ مَاءَ الرَّجُلِ غَلِيظٌ أَبْيَضُ، وَمَاءَ المَرْأَةِ رَقِيقٌ أَصْفَرُ، فَمِنْ أَيِّهِمَا عَلَا، أَوْ سَبَقَ، يَكُونُ مِنْهُ الشَّبَهُ)).
[الحكم]:
صحيحٌ (م)، دون الروايتين، وإسنادهما صحيحٌ، والمحفوظُ أن التي استحيَتْ وقالت:((وَهَلْ يَكُونُ هَذَا؟ )) هي أُمُّ سلَمةَ.
[التخريج]:
[م 311 (واللفظ له) / عل 3116/ حق 2159 (والروايتان له) / سرج 183/ هق 812/ محلى (2/ 5)].
[السند]:
قال مسلم: حدثنا عباسُ بنُ الوليدِ، حدثنا يزيدُ بنُ زُرَيعٍ، حدثنا سعيدٌ، عن قَتادةَ، أن أنسَ بنَ مالكٍ حدَّثهم، أن أمَّ سُلَيمٍ حدَّثَتْ به.
[تنبيهات]:
الأول: أخرجَ أبو يَعْلَى هذا الحديثَ في مسندِ أنسِ بنِ مالكٍ، ولكن ظاهر إسناده أنه من مسندِ أُمِّ سُلَيمٍ.
قال أبو عبدِ اللهِ الحُمَيديُّ -بعد ذكره لروايةِ مسلمٍ-: "هكذا فيما عندنا من كتابِ مسلمٍ: أن أمَّ سُلَيمٍ حدَّثَتْ أنها سَأَلتْ. وهو على هذا يقعُ في
مسندِ أمِّ سُلَيم" (الجمع بين الصحيحين 2/ 637).
وقال ابنُ حَجَر: "وأصْلُ هذا الحديثِ عند النَّسائيِّ من طريقِ سعيدٍ، عن قَتادةَ، عن أنسٍ، عن أمِّ سُلَيمٍ رضي الله عنهما. وأخرجه مسلمٌ من وجهٍ آخَرَ، عن سعيدٍ. لكن ظاهر سياقه أنه مِن مسندِ أنسٍ رضي الله عنه"(المطالب العالية 2/ 507).
الثاني: المحفوظُ في هذا الحديثِ أن التي استحيَتْ وقالت: ((وَهَلْ يَكُونُ هَذَا؟ )) هي أمُّ سلَمةَ، وليستْ أمَّ سُلَيمٍ، وعلى هذا كثيرٌ من أهلِ العلمِ؛
قال النَّوَويُّ: "قوله (فَقَالَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ رضي الله عنها: وَاسْتَحْيَيْتُ مِنْ ذَلِكَ): هكذا هو في الأصولِ، وذكرَ الحافظُ أبو عليٍّ الغَسَّانيُّ أنه هكذا في أكثرِ النسخِ، وأنه غُيِّر في بعضِ النسخِ فجُعِل: (فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ)، والمحفوظُ مِن طرقٍ شتَّى: (أُمّ سَلَمَةَ). قال القاضي عِيَاضٌ: وهذا هو الصوابُ؛ لأن السائلةَ هي أمُّ سُلَيمٍ، والرادَّةَ عليها أمُّ سلَمةَ في هذا الحديثِ، وعائشةُ في الحديثِ المتقدِّم. ويحتمل أن عائشةَ وأمَّ سلَمةَ جميعًا أنكَرتَا عليها، وإن كان أهلُ الحديثِ يقولون: الصحيحُ هنا: أمُّ سلَمةَ، لا عائشةُ، والله أعلم". وانظر (شرح النووي على مسلم 3/ 222)، (تقييد المهمل وتمييز المشكل 3/ 793).
وقال مُغْلَطاي: "قال الجَيَّاني: هكذا في أكثرِ النسخِ عن الجُلُودي والكِسائي: (فَقَالَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ)، وكذلك عند ابنِ ماهانَ، إلا أنه غُيِّر في بعضِ النسخِ: (فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ)؛ وهو المحفوظُ"(شرح ابن ماجه 3/ 779).
وقد وَرَدَ التصريحُ بكونها أمَّ سلَمةَ في هذا الحديثِ أيضًا؛ وذلك في الروايةِ الآتيةِ.
رِوَايَة: قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: أَوَ يَكُونُ هَذَا؟:
• وَفِي رِوَايَةٍ: قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: [وَاسْتَحْيَيْتُ مِنْ ذَلِكَ، قَالَتْ:] أَوَ يَكُونُ هَذَا (أَتَجِدُ المَرْأَةُ شَهْوَةً)؟! قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (([نَعَمْ، فَمِنْ أَيْنَ يُشْبِهُهَا وَلَدُهَا؟ إِنَّ] مَاءَ المَرْأَةِ رَقِيقٌ أَصْفَرُ
…
)) الحَدِيثَ.
[الحكم]:
صحيحٌ.
[التخريج]:
[كن 9226 (واللفظ له) / سرج 1854 (الرواية والزيادة الثانية له) / هق 812 (والزيادة الأولى له)].
[السند]:
قال النَّسائيُّ: أخبرنا هَنَّادُ بنُ السَّرِي، قال: حدثنا عَبْدَةُ، قال: حدثنا سعيدٌ، عن قَتادةَ، عن أنسٍ، عن أمِّه أمِّ سُلَيمٍ، به.
ورواه البَيْهَقيُّ من طريقِ يزيدَ بنِ هارونَ، ويزيدَ بنِ زُرَيعٍ، كلاهما: عن سعيدٍ، به.
[التحقيق]:
هذا سندٌ صحيحٌ، رجالُهُ ثقاتٌ، رجالُ الشيخين، وقد صرَّح قَتادةُ بالسماعِ كما تقدَّم عند مسلمٍ.
رِوَايَة: هُنَّ شَقَائِقُ الرِّجَالِ:
• وَفِي رِوَايَةٍ، عن أمِّ سُلَيمٍ قَالَتْ: كَانَتْ مُجَاوِرَةً أُمَّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَكَانَتْ تَدْخُلُ عَلَيْهَا، فَدَخَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَرَأَيْتَ إِذَا رَأَتِ المَرْأَةُ أَنَّ زَوْجَهَا يُجَامِعُهَا في المَنَامِ، أَتَغْتَسِلُ؟ فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ رضي الله عنها: تَرِبَتْ يَدَاكِ يَا أُمَّ سُلَيْمٍ، فَضَحْتِ النِّسَاءَ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم! فَقَالَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ رضي الله عنها: إِنَّ اللهَ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الحَقِّ، وَإِنَّا إِنْ نَسْأَلِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَمَّا أَشْكَلَ عَلَيْنَا؛ خَيْرٌ مِنْ أَنْ نَكُونَ مِنْهُ عَلَى عَمْيَاءَ. فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِأُمِّ سَلَمَةَ:((بَلْ أَنْتِ تَرِبَتْ يَدَاكِ! نَعَمْ يَا أُمَّ سُلَيْمٍ، عَلَيْهَا الغُسْلُ إِذَا وَجَدَتِ المَاءَ)). فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ رضي الله عنها: يَا رَسُولَ اللهِ، وَهَلْ لِلْمَرْأَةِ مَاءٌ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:((فَأَنَّى يُشْبِهُهَا وَلَدُهَا؟ هُنَّ شَقَائِقُ الرِّجَالِ)).
[الحكم]:
أصْلُ القصة صحيحٌ كما تقدَّمَ في حديثِ أمِّ سلَمةَ في (الصحيحين).
وقولُه: ((هُنَّ شَقَائِقُ الرِّجَالِ)) حسَنٌ بشواهدِهِ. والحديثُ إسنادُهُ ضعيفٌ بهذا السياقِ، وضَعَّفَهُ الهَيْثَميُّ.
[اللغة]:
((شَقَائِقُ الرِّجَالِ))؛ قال ابنُ الأثيرِ: أي: نظائرهم وأمثالُهم في الأخلاقِ والطِّباعِ، كأنهنَّ شُقِقْنَ منهم؛ ولأن حواءَ خُلِقتْ مِن آدمَ عليه السلام. (النهاية في غريب الحديث 2/ 492).
[الفوائد]:
فيه أن الأصلَ في الأحكامِ والحقوقِ تساوي الرجل والمرأة، إلا ما استثناه الدليلُ وبَيَّنَتْه الشريعةُ الغَرَّاء، فلا شطَطَ لجنسٍ على جنسٍ، ولا
ظُلمَ، ولا تضييعَ لحدودِ اللهِ وشريعتِه بدعاوى بَشَريَّةٍ تعارِضُ أحكامَ اللهِ ورسولِه؛ قال الله تعالى:{إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} [يوسف: 40].
[التخريج]:
[حم 27118].
[السند]:
رواه أحمدُ: عن أبي المُغيرةِ الخَوْلاني، ثنا الأَوْزاعيُّ، حدثني إسحاقُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ أبي طَلْحةَ، عن جدَّتِه أمِّ سُلَيمٍ، به.
[التحقيق]:
هذا سندٌ منقطعٌ؛ إسحاقُ لم يَسمَعْ مِن جدَّتِه، كما قال أبو حاتم، وانظر (العلل لابن أبي حاتم 163).
وقال الهَيْثَميُّ: "رواه أحمدُ، وهو في (الصحيح) باختصارٍ، وإسحاقُ لم يَسمَعْ من أمِّ سُلَيم"(المجمع 754، 1450).
وقد تُوبِع إسحاقُ من أخيه عبد الله بن عبد الله بن أبي طَلْحةَ، كما ذكره الدَّارَقُطْنيُّ في (العلل 2342).
وهو أيضًا لم يَسمَعْ من أمِّ سُلَيم؛ وذلك لأمرين:
الأول: أنه أصغر مِن أخيه إسحاقَ، كما في ترجمة عبد الله من (التهذيب 5/ 285)، وقد نفَى العلماءُ سماعَ إسحاقَ من أمِّ سُلَيم؛ فمِن باب أَوْلى أن يكون عبدُ اللهِ لم يَسمَعْ منها.
الثاني: تُوفِّي عبدُ اللهِ سنة أربع وثلاثين ومائة، وكانتْ وفاةُ أمِّ سُلَيمٍ في
خلافةِ عثمانَ؛ فيكون بين وفاتَيْهِما أكثرُ من مائة سنة، وهذا يستحيلُ معه السماعُ، وانظر (تقريب التهذيب 3415، 8737).
وروَى مسلمٌ حديثَ إسحاقَ هذا عن أنس: ((أَنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ
…
)) فذكره مختصرًا كما سبقَ، دونَ رَدِّ أمِّ سُلَيمٍ، وليس فيه قولُه:((هُنَّ شَقَائِقُ الرِّجَالِ))، وقد تقدَّمَ إعلالُ أبي حاتمٍ والدَّارَقُطْنيِّ لهذه الروايةِ.
ولهذه الجملة الأخيرة - ((هُنَّ شَقَائِقُ الرِّجَالِ)) -؛ شاهدٌ مِن حديثِ عائشةَ، سيأتي.
وبروايةِ مسلمٍ هذه دفَع الألبانيُّ علةَ الانقطاعِ هنا؛ حيثُ جعلها دليلًا على أن إسحاقَ إنما أخذه عن أنسٍ، وَصَحَّحَهُ بذلك، وفي قوله نظرٌ كما بيَّنَّا في حديث أنسٍ (صحيح أبي داود 1/ 433).
وقولُ أمِّ سُلَيمٍ رضي الله عنها: ((وَإِنَّا إِنْ نَسْأَلِ النبيَّ صلى الله عليه وسلم عَمَّا أَشْكَلَ عَلَيْنَا؛ خَيْرٌ مِنْ أَنْ نَكُونَ مِنْهُ عَلَى عَمْيَاءَ)) قد رُويَ من طرقٍ أُخرى بنحوه، اثنان عندَ الطَّبَرانيِّ في (الكبير) وفي (الأوسط)، والضعفُ في الثاني يسيرٌ، وسيأتي ذِكرُهما، والثالثُ مرسَلٌ صحيحٌ عند ابنِ أبي شَيْبةَ في (المصنَّف) وغيرِه، وسيأتي.
رِوَايَةٌ مُخْتَصَرَةٌ:
• وَفِي رِوَايَةٍ مُخْتَصَرَةٍ: عَنْ أُمِّ سُلَيْمٍ رضي الله عنها أَنَّهَا سَأَلَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنِ المَرْأَةِ تَرَى فِي المَنَامِ مَا يَرَى الرَّجُلُ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: ((تَغْتَسِلُ)).
[الحكم]:
صحيحُ المتنِ، وإسنادُهُ ضعيفٌ.
[التخريج]:
[حنف (رواية الحارثي 963) / آثار 64 (واللفظ له) / ترقف 22].
[التحقيق]:
رُويَ الحديثُ هكذا مختصرًا من طريقين عن أمِّ سُلَيم:
الطريق الأول:
رواه الحارِثيُّ في (مسند أبي حنيفة): من طريقِ نوحِ بنِ دَرَّاجٍ، عن أبي حَنيفةَ، عن حَمَّادٍ، عن إبراهيمَ، قال: أخبرني مَن سمِع أمَّ سُلَيم، به.
ورواه أبو يوسفَ في (الآثار): عن أبي حنيفةَ، عن حمَّادٍ، عن إبراهيمَ، عن أمِّ سُلَيم، به.
وهذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ فيه علتان:
الأولى: الانقطاعُ؛ فإن إبراهيمَ -وهو ابنُ يزيدَ النَّخَعيُّ- لم يَسمَعْ مِن أحدٍ مِنَ الصحابةِ، كما قال ابنُ المَدِيني وأبو حاتمٍ الرازيُّ، كما في (التهذيب 1/ 178).
وإن كان ذَكَرَ الواسطةَ بينه وبين أمِّ سُلَيم -كما في سندِ الحارثي-، ولكنه أبهمها.
الثانية: أبو حَنيفةَ؛ فهو وإن كان إمامًا في الفقهِ، لكنه ضعيفٌ في الحديثِ؛
قال البخاريُّ: "سكتوا عنه، وعن رأيه، وعن حديثه"، وقال الذَّهَبيُّ:"ضَعَّفَهُ النَّسائيُّ مِن جهةِ حِفْظِه، وابنُ عَدِي، وآخرون" وانظر (التاريخ الكبير 8/ 81)، (الميزان 4/ 265).
الطريق الثاني:
أخرجه عباسُ بنُ عبدِ اللهِ التَّرْقُفي في (جزءه)، قال: حدثنا أبو عبد الرحمن [عبد الله بن يزيدَ المقرئ]، حدثنا عبد الجبار الأَيْليُّ بن عُمرَ أبو عمر مولى عثمان بن عَفَّان، قال: حدثني عطاء الخُراساني، عن سعيد بن المُسَيِّب، عن خَوْلَة، عن أمِّ سُلَيم.
وهذا إسنادٌ ضعيفٌ منكَرٌ؛ مِن أجْلِ عبدِ الجبارِ بنِ عُمرَ الأَيْليِّ؛ وهو "ضعيفٌ منكَرُ الحديثِ" كما قال أبو حاتم، ووهَّاه أبو زُرْعةَ، وقال البخاريُّ:"عنده مناكير" وانظر (التهذيب 6/ 104).
وقد تفرَّد بذِكرِ أمِّ سُلَيمٍ في هذا الإسنادِ، مخالفًا شُعبةَ بنَ الحَجَّاجِ وإسماعيلَ بنَ عيَّاشٍ؛ حيثُ روياه عن عطاءٍ الخُراسانيِّ، عن ابنِ المُسَيِّبِ، عن خَوْلَةَ بنحوه، بدون ذِكر أمِّ سُلَيم، وهو الصحيحُ، ورواية عبد الجبار بذِكر أمِّ سُلَيمٍ خطأٌ كما قال الدَّارَقُطْنيُّ في (العلل 4124).
وسيأتي حديثُ خَوْلَةَ قريبًا.
رِوَايَةُ ((مَنْ رَأَى ذَلِكَ مِنْكُنَّ؛ فَلْتَغْتَسِلْ)):
• وَفِي رِوَايَةٍ، عَنْ أُمِّ سُلَيمٍ قَالَتْ: دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي بَيْتِ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَرَأَيْتَكَ المَرْأَةَ تَرَى فِي مَنَامِهَا مَا يَرَى الرَّجُلُ؟ قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: فَضَحْتِ النِّسَاءَ! قَالَتْ: إِنَّ اللهَ عز وجل لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الحَقِّ. قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ رَأَى ذَلِكَ مِنْكُنَّ؛ فَلْتَغْتَسِلْ)).
[الحكم]:
صحيحُ المتنِ، وإسنادُهُ ضعيفٌ معلولٌ.
[التخريج]:
[حم 27114].
[السند]:
رواه أحمدُ: عن عبدِ اللهِ بن نُمَيْرٍ، قال: ثنا محمدٌ -يعني: ابنَ عَمرٍو-، قال: ثنا أبو سَلَمةَ، عن أُمِّ سُلَيمٍ، به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ فيه علتان:
العلةُ الأُولى: الانقطاعُ؛ فهو منقطعٌ بين أبي سَلَمةَ وأمِّ سُلَيمٍ؛ فإن الحافظَ ابنَ حَجَرٍ بعد أن ذكر قولَ المِزِّيِّ أن أبا سَلَمةَ لم يَسمَع مِن طَلْحةَ ولا عُبادةَ بنِ الصامت، قال:"ولئِن كان كذلك؛ فلم يَسمَعْ أيضًا مِن عثمانَ ولا مِن أبي الدَّرْداءِ؛ فإن كلًّا منهما ماتَ قبل طَلْحةَ"(تهذيب التهذيب 12/ 117).
قلنا: وعلى هذا؛ فهو لم يَسمَعْ مِن أمِّ سُلَيم كذلك؛ فإنها ماتتْ في خلافةِ عثمانَ رضي الله عنه.
العلة الثانية: الإرسالُ؛ فقد خُولِفَ محمدُ بنُ عَمرٍو -وهو صدوقٌ له أوهامٌ، كما في (التقريب 6188) - مِن عبدِ العزيزِ بنِ رُفَيعٍ، وحَبيبِ بنِ أبي ثابتٍ؛ فقد رَوَياه عن أبي سَلَمةَ مرسلًا، وهو المحفوظُ كما رجَّحه الدَّارَقُطْنيُّ، وقد تقدَّم ذِكرُ هذا الخلافِ في حديثِ أمِّ سلَمةَ.
وانظرِ الروايةَ الآتيةَ.
رِوَايَة: ((هَلْ تَجِدُ شَهْوَةً؟)):
• وَفِي رِوَايَةٍ، عَنْ أُمِّ سُلَيمٍ قَالَتْ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِحْدَانَا تَرَى فِي مَنَامِهَا مَا يَرَى الرَّجُلُ؟ فَقَالَ:((هَلْ تَجِدُ شَهْوَةً؟)). فَقَالَتْ: لَعَلَّهُ. قَالَ: ((فَهَلْ تَجِدُ ماءً؟)). فَقَالَتْ: لَعَلَّهُ. قَالَ: ((فَلْتَغْتَسِلْ)).
[الحكم]:
ضعيفٌ بهذا السياقِ.
[التخريج]:
[حق 2158].
[السند]:
رواه إسحاقُ بن راهويه: عن عُبَيدِ اللهِ بنِ موسى، نا إسرائيلُ، عن عبدِ العزيزِ بنِ رُفَيعٍ، عن أبي سَلَمةَ، قال: حدثَتْني أمُّ سُلَيمٍ -أمُّ أنسِ بنِ مالكٍ-:
…
فذكره.
[التحقيق]:
هذا سندٌ رجالُهُ ثقاتٌ، لكنه معلولٌ بالإرسالِ:
فقد رواه شُعبةُ وجَريرٌ وأبو الأَحْوَصِ، عن عبدِ العزيزِ، عن أبي سَلَمةَ: ((أن أمَّ سُلَيمٍ سَأَلَتِ النبيَّ صلى الله عليه وسلم
…
)) فذكره مرسلًا، وهو الصوابُ.
ورجَّحَ الدَّارَقُطْنيُّ إرسالَهُ كما في (العلل 3957/ 3).
وقال الحافظ: "هذا سندٌ صحيحٌ، لكنه له علة"، ثم ساق عن إسحاقَ روايةَ جَريرٍ المرسلة وستأتي، (المطالب العالية 2/ 507).
وأمَّا تصريحُ أبي سَلَمةَ بالتحديثِ فهو وهَمٌ محْضٌ؛ فقد سبقَ قريبًا أن أبا سَلَمةَ لم يَسمَعْ مِن أمِّ سُلَيم.
رِوَايَة: لَوْلَا ذَلِكَ مَا أَشْبَهَ الوَلَدُ أُمَّهُ:
• وَفِي رِوَايَةٍ، عَنْ أُمِّ سُلَيمٍ: أَنَّهَا أَتَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ فِي بَيْتِ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها، وَعِنْدَهُ رَهْطٌ وَهُمْ جُلُوسٌ، فَجَلَسْتُ حَتَّى خَرَجُوا [فَلَمَّا خَرَجَ دَنَوْتُ مِنْهُ]، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي لَنْ أَدَعَ أَمْرًا يُفَقِّهُنِي في دِينِي وَيُقَرِّبُنِي مِنَ اللهِ [أُحِبُّ] أَنْ أَسْأَلَـ[ـكَ] عَنْهُ [إِذْ شَكَكْتُ فِيهِ. قَالَ:((أصَبْتِ يَا أُمَّ سُلَيْمٍ)). قُلْتُ:] أَرَأَيْتَ رَسُولَ اللهِ المَرْأَةَ تَرَى فِي المَنَامِ مَا يَرَى الرَّجُلُ، أَتَغْتَسِلُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:(([نَعَمْ]، إِذَا رَأَتِ المَاءَ فَلْتَغْتَسِلْ)). فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ رضي الله عنها: تَرِبَتْ يَدَاكِ يَا أُمَّ سُلَيْمٍ، فَضَحْتِ النِّسَاءَ! فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:((بَلْ تَرِبَتِ يَدَاكِ أَنْتِ! لَوْلَا ذَلِكَ مَا أَشْبَهَ الوَلَدُ أُمَّهُ (أَبَاهُ))).
[الحكم]:
ضعيفٌ بهذا السياقِ، وأصْلُ القصةِ صحيحٌ كما سبقَ.
[التخريج]:
[طب (25/ 127/ 309) (واللفظ له) / طس 3940 (والزيادات والرواية له)].
[التحقيق]:
لهذه الروايةِ طريقان:
الطريق الأول:
رواه الطَّبَرانيُّ في (الكبير): عن أحمدَ بنِ عبدِ الوهابِ بنِ نَجْدةَ الحَوْطيِّ، ثنا أبي، ثنا إسماعيلُ بنُ عيَّاشٍ، عن عبدِ العزيزِ بنِ عُبَيدِ اللهِ، عن حَكيمِ بنِ حَكيمِ (بن)
(1)
عَبَّادِ بنِ حُنَيفٍ، عن أبي أُمامةَ بنِ سَهْلِ بنِ حُنَيفٍ، عن
(1)
وقع في المطبوع (عن)! وهو تحريفٌ. راجع ترجمة حَكيم من (التهذيب)، و (التقريب 1471).
أمِّ سُلَيمٍ، به.
وهذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ فيه عبد العزيز بن عُبَيد الله الشاميُّ؛ وقد ضعَّفوه، وقال الدَّارَقُطْنيُّ:"متروك"، وقال: الذَّهَبيُّ: "واهٍ". وقال الحافظُ: "ضعيفٌ، لم يَروِ عنه غيرُ إسماعيلَ بنِ عيَّاشٍ"(التقريب 4111).
الطريق الثاني:
رواه الطَّبَرانيُّ في (الأوسط): عن عليِّ بنِ سعيدٍ الرازيِّ، قال: نا عبد الله بن عِمْرانَ الأَصْبَهاني، قال: نا أبو زُهَير عبد الرحمن بن مَغْراء، قال: نا محمد بن إسحاقَ، عن محمد بن إبراهيم، عن أبي أُمامةَ بن سَهْل بن حُنَيف، قال: حدثَتْني أمُّ سُلَيمٍ بنتُ مِلْحانَ أمُّ أنس بن مالك مِن فِيها إلى أُذُني، فذكره.
ثم قال الطَّبَرانيُّ: "لم يَروِ هذا الحديثَ عن أبي أُمامةَ بن سَهْل إلا محمدُ بن إبراهيم التَّيمي، ولا عن محمد بن إبراهيمَ إلا محمدُ بنُ إسحاقَ، تفرَّد به: عبدُ الرحمن بنُ مَغْراء".
وهذا سندٌ ضعيفٌ أيضًا؛ فيه علتان:
الأولى: عنعنةُ ابنِ إسحاقَ؛ وهو مدلِّسٌ.
الثانية: عليُّ بنُ سعيدٍ الرازيُّ؛ وثَّقه مَسْلَمةُ بنُ قاسمٍ، وتكلَّم فيه غيرُه. وقال الدَّارَقُطْنيُّ: "ليس في حديثه (بذاك)
…
حدَّثَ بأحاديثَ لم يتابَعْ عليها
…
في نفسي منه
…
تكلَّم فيه أصحابُنا بمِصْرَ"، وأشار بيده، وقال: "هو كذا وكذا، كأنه ليس هو بثقة" (سؤالات السَّهْمي 390)، وانظر
(لسان الميزان 5400).
وأبو زُهَير عبد الرحمن بن مَغْراء: فيه خلافٌ، قال أبو زُرْعةَ:"صدوق"، ووثَّقه الخَليليُّ وغيرُه. وروَى ابنُ عَدِي عن ابنِ المَدِينيِّ تضعيفَه، وأقرَّه. وقال الساجيُّ:"فيه ضعْفٌ"، وجمع الحافظُ بين أقوالهم، فقال:"صدوقٌ، تُكُلِّم في حديثِهِ عن الأعمشِ"(التقريب 4013)، وهذا ليس مِن حديثه عن الأعمشِ.
2759 -
حَدِيثُ زَيْنَبَ:
◼ عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَتْ: دَخَلَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَتْ: إِنَّ اللهَ لَا يَسْتَحِي مِنَ الحَقِّ، هَلْ عَلَى المَرْأَةِ غُسْلٌ إِذَا احْتَلَمَتْ (رَأَتْ مَا يَرَى الرَّجُلُ)؟ قَالَ:((نَعَمْ، إِذَا رَأَتِ المَاءَ))، قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ رضي الله عنها: وَهَلْ تَحْتَلِمُ المَرْأَةُ؟ فَقَالَ: ((تَرِبَتْ يَمِينُكِ! فَمِمَّ يُشْبِهُهَا وَلَدُهَا؟ )).
[الحكم]:
صحيحٌ، غير أن المحفوظَ فيه أنه مِن مسندِ أمِّ سلَمةَ.
[التخريج]:
[عل 6895/ طس 2945 (والرواية له) / مالك 42].
[السند]:
قال أبو يَعْلَى: حدثنا محمدُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ نُمَيْرٍ، حدثنا أبي، حدثنا هشامٌ، عن أبيه، عن زينبَ بنتِ أمِّ سلَمةَ، به.
ورواه إسماعيلُ القاضي: عن القَعْنَبيِّ، عن مالكٍ، عن هشامِ بنِ عُروةَ، به.
ورواه الطَّبَرانيُّ: من طريقِ رَوحِ بنِ القاسمِ، عن هشامٍ، به.
[التحقيق]:
هذا سندٌ صحيحٌ؛ رجالُه ثقاتٌ، رجالُ الشيخين، وقد اختُلِف على هشامٍ:
فرواه بعضُهم عنه عن أبيه عن زينبَ -بإسقاطِ أمِّ سلَمةَ- به، كما تقدَّمَ.
ورواه يحيى القَطَّانُ، وابنُ جُرَيْجٍ، واللَّيْثُ بنُ سعدٍ، وسفيانُ، ووَكِيعٌ، وغيرُهم كثيرٌ: عن هشامٍ، عن أبيه، عن زينبَ، عن أمِّ سلَمةَ. وهو الصحيحُ كما قال الدَّارَقُطْنيُّ في (العلل 8/ 137).
2760 -
حَدِيثُ خَوْلَةَ بِنْتِ حَكِيمٍ:
◼ عَنْ خَوْلَةَ بِنْتِ حَكِيمٍ رضي الله عنها: أَنَّهَا سَأَلَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْمَرْأَةِ تَرَى فِي مَنَامِهَا مَا يَرَى الرَّجُلُ؟ فَقَالَ: ((لَيْسَ عَلَيْهَا غُسْلٌ حَتَّى تُنْزِلَ (يَنْزِلَ الْمَاءُ)، كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى الرَّجُلِ غُسْلٌ حَتَّى يُنْزِلَ)).
[الحكم]:
ضعيفٌ بهذا السياقِ - وإن كان معناه صحيحًا -، وضَعَّفَهُ: مُغْلَطاي والبُوصيريُّ والبدرُ العَيْنيُّ.
[التخريج]:
[جه (دار إحياء الكتب العربية 602
(1)
) (واللفظ له) / حم 27312 (والرواية له) / ش 885/ طب (24/ 240، 241/ 612، 613) / مث 3266/ حق 2147/ ناسخ 25/ سعد (10/ 152)].
[السند]:
قال ابنُ ماجهْ: حدثنا أبو بكر بنُ أبي شَيْبةَ وعليُّ بنُ محمد، قالا: حدثنا وَكِيعٌ، عن سفيانَ، عن عليِّ بنِ زيدٍ، عن سعيدِ بنِ المُسَيِّبِ، عن خَوْلَةَ بنتِ حَكيمٍ، به.
ومدارُه عندَهم على سفيانَ، به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ فيه عليُّ بنُ زيدِ بنِ جُدْعانَ؛ وهو ضعيفٌ، ضَعَّفَهُ الأئمةُ، وضَعَّفَهُ الحافظُ في (التقريب 4734).
(1)
لم يُثبِته أصحاب طبعة دار التأصيل، وهو موجود في (التحفة)، ومثبت في طبعة الرسالة، ودار إحياء الكتب العربية، ودار الجيل، ودار الفكر، ودار الصديق.
ولذا قال مُغْلَطاي: "هذا حديثٌ إسنادُهُ ضعيفٌ؛ لمكان عليِّ بنِ زيدِ بنِ جُدْعان"(شرح ابن ماجه 3/ 781).
وبه أيضًا ضَعَّفَهُ البُوصيريُّ في (مصباح الزجاجة 1/ 82)، والبدرُ العَيْنيُّ في (عمدة القاري 2/ 212).
قلنا: وقد تابعه عطاءٌ الخُراسانيُّ على أصْلِ الحديثِ، بلفظ:((إِذَا رَأَتِ المَاءَ؛ فَلْتَغْتَسِلْ))، وليس في روايةِ عطاءٍ ذِكْرٌ للرَّجُلِ كما هنا؛ وإنما جاءَ ذلك في حديثِ عائشةَ عند أصحابِ السننِ في السؤالِ عن الرَّجُلِ يَجِدُ البَللَ، وفي سندِهِ ضعفٌ يسيرٌ كما سيأتي.
وبشاهدِ عائشةَ هذا ذَهَبَ الألبانيُّ إلى تقويةِ روايةِ ابنِ جُدْعانَ؛ فحسَّنه به كما في (الصحيحة 5/ 218 - 219)، و (صحيح أبي داود 1/ 431 - 432).
وقال الشَّوْكانيُّ: "قال السّيوطيُّ في (الجامع الكبير): وهو صحيحٌ، وذكره الحافظُ في (الفتح)، ولم يتكلَّمْ عليه، وهو متفقٌ على معناه من حديثِ أمِّ سلَمةَ
…
وعند مسلمٍ من حديثِ أنسٍ وعائشةَ" (النيل 1/ 280).
وقد صحَّحه مُغْلَطاي بمتابعةِ عطاءٍ الخُراسانيِّ له (شرح ابن ماجه 3/ 782 - 783).
قلنا: وله شاهدٌ مِن حديثِ أنسٍ مَرَّ ذِكرُه، وسندُهُ ضعيفٌ أيضًا.
رِوَايَة: هِيَ مِثْلُ الرَّجُلِ إِذَا أَنْزَلَتِ:
• وَفِي رِوَايَةٍ، عَنْ سَعِيدِ بنِ المُسَيِّب، عَنْ خَوْلَةَ بِنْتِ حَكِيمٍ -وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم تَزَوَّجَهَا، فَأَرْجَأَهَا فِيمَنْ أَرْجَأَ-: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَنِ المَرْأَةِ تَرَى فِي مَنَامِهَا مَا يَرَى الرَّجُلُ؟ فَقَالَ: ((هِيَ مِثْلُ الرَّجُلِ؛ إِذَا أَنْزَلَتِ اغْتَسَلَتْ، وَإِنْ لَمْ تُنْزِلْ لَمْ تَغْتَسِلْ)).
[الحكم]:
إسنادُهُ ضعيفٌ، وانظر ما سبقَ.
[التخريج]:
[طس 652].
[السند]:
قال الطَّبَرانيُّ: حدثنا أحمدُ قال: حدثنا عليُّ بنُ عثمانَ اللَّاحِقيُّ، قال حدثنا عُمَارةُ بنُ راشدٍ، عن عليِّ بنِ زيدِ بنِ جُدْعانَ، عن سعيدِ بنِ المُسَيِّبِ، عن خَوْلَةَ بنتِ حَكِيمٍ، به.
ثم قال الطَّبَرانيُّ: "لم يَروِ هذا الحديثَ عن عُمَارةَ إلا عليٌّ".
[التحقيق]:
إسنادُهُ ضعيفٌ؛ فيه: ابنُ جُدْعانَ؛ وهو ضعيفٌ كما سبقَ بيانُه.
وعُمَارةُ بنُ راشدٍ، وهو الغواصي
(1)
كما في (علل الدارقطني 4124)؛ لم نجِدْ له ترجمةً.
وبقيَّةُ رجاله ثقاتٌ. وأحمدُ شيخُ الطَّبَراني هو: الأَبَّارُ الحافظ، وانظر
(1)
قال محقِّق (علل الدَّارَقُطني): "هكذا قرأتُها من الأصل. أو: الغواقبي. ولم أرَ له ترجمة.
الرواية السابقة.
وقد تساهَلَ الهَيْثَميُّ، فقال:"إسنادُهُ حسَنٌ"! (مجمع الزوائد 15410).
رِوَايَة: ((تَجِدُ شَهْوَةً؟)):
• وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهَا، قَالَتْ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ المَرْأَةِ تَحْتَلِمُ فِي مَنَامِهَا، (تَرَى فِي مَنَامِهَا مَا يَرَى الرَّجُلُ) 1 [عَلَيْهَا غُسْلٌ] 1؟ فَقَالَ:[((تَجِدُ شَهْوَةً؟)). قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ] 2: (([نَعَمْ] 3، إِذَا رَأَتِ (أَنْزَلَتِ) 2 المَاءَ؛ فَلْتَغْتَسِلْ)).
[الحكم]:
صحيحٌ لغيرِهِ دونَ قولِه: ((تَجِدُ شَهْوَةً؟)). والصحيح: تقييدُ الغُسلِ برؤيةِ الماءِ، كما سبقَ.
[التخريج]:
[ن 203 (واللفظ له) / كن 254/ طب (24/ 240/ 611) / طش 2406 (والرواية الثانية له ولغيره) / مث 3264، 3265 (والرواية الأولى والزيادة الأولى والثالثة له ولغيره) / سرج 1864 (والزيادة الثانية له) / صحا 7597/ حل (5/ 206) / كر (22/ 202) / أسد (7/ 93) / مع (مُغْلَطاي 3/ 783) / مُغْلَطاي (3/ 782 - 783) / مديني (صحابة - أسد 7/ 93 - 94)].
[السند]:
قال النَّسائيُّ: أخبرنا يوسفُ بنُ سعيدٍ، قال: حدثنا حَجَّاجٌ، عن شُعبةَ،
قال: سمعتُ عطاءً الخُراسانيَّ، عن سعيدِ بنِ المُسَيِّبِ، عن خَوْلةَ بنتِ حَكيمٍ، به.
ومدارُه عندَهم عن عطاءٍ، به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ رجالُهُ ثقاتٌ؛ عدا عطاء الخُراساني؛ فمختلَفٌ فيه، ولخَّصَ حالَهُ الحافظُ؛ فقال:"صدوقٌ، يَهِمُ كثيرًا، ويُرسِلُ، ويدلِّسُ"(التقريب 4600).
ولعلَّ حالَه أعلى من ذلك، فقد وثَّقه جمهورُ العلماءِ، كما تقدَّم بيانُه في:(باب ما جاء في التفرقة بين بول الغلام وبول الجارية).
ولكنه تفرَّدَ بقوله في هذا الحديث: ((أَتَجِدُ شَهْوَةً؟ )). والصحيحُ: تقييدُ الغُسلِ برؤيةِ الماءِ، وليس بوجودِ الشهوةِ؛ كما سبقَ في حديثِ أمِّ سلَمةَ في (الصحيحين)، وحديثِ عائشةَ وأنسٍ وأمِّ سُلَيم عند مسلمٍ.
وقد نقَلَ ابنُ المُنْذِرِ الإجماعَ: "أنه إذا رأى في منامه أنه احتلمَ أو جامَع ولم يجِدْ بللًا؛ فلا غُسلَ عليه". نقله عنه النَّوَويُّ في (المجموع 2/ 142)، وأقرَّه.
ولذلك ذكرَ ابنُ عَدِيٍّ هذا الحديثَ في ترجمةِ عطاءٍ الخُراسانيِّ.
وقال أبو نُعَيم في (الحلية): "غريبٌ من حديثِ عطاءٍ، عن سعيدٍ".
وبه ضَعَّفَهُ ابنُ طاهرٍ المَقْدِسيُّ في (ذخيرة الحفاظ 4/ 2458).
وكذا الألبانيُّ، فقال:"عطاءٌ هذا وإن كان صدوقًا فإنه يَهِمُ كثيرًا ويدلِّسُ كما قال الحافظُ، ورأيي: أنه لولا عنعنتُه لكان متابِعًا لا بأسَ به لابنِ جُدْعانَ"(الصحيحة 5/ 218).
قلنا: قد صرَّحَ عطاءٌ بالسماعِ من ابنِ المُسَيِّبِ:
فقد رواه السَّرَّاجُ عن صاعِقَةَ أبي يحيى البَزَّازِ الحافظ، أنبأ شَبَابَةُ بنُ سَوَّار، ثنا شُعبةُ، عن عطاءٍ الخُراسانيِّ، قال: سمِعتُ سعيدَ بنَ المُسَيِّبِ يحدِّثُ عن خالتِهِ خَوْلَةَ
…
الحديثَ بنحوه.
وقد صحَّح مُغْلَطايُ سندَ هذا الحديثِ، ولم يتعرَّضْ لعنعنةِ عطاءٍ، في الوقتِ الذي تعرَّضَ فيه لعنعنةِ حَجَّاجٍ، فقال:"ورواه أحمدُ بنُ مَنِيعٍ في (مسنده)، ثنا حَجَّاجٌ، حدثني شُعبةُ؛ فبيَّن سماعَ حَجَّاجٍ له من شُعبةَ، وزالَ ما رماه به بعضُ العلماءِ المتأخِّرين مِن أنه يدلِّسُ، ولعلَّه لم يَسمَعْه منه"(شرح ابن ماجه 3/ 25).
وثَمَّ علةٌ أُخرى في سندِ هذا الحديثِ، وهي الاختلافُ في وصْلِهِ وإرسالِهِ:
فرواه النَّسائيُّ من طريقِ حَجَّاجٍ المِصِّيصي،
ورواه السَّرَّاجُ من طريقِ شَبَابَةَ بنِ سَوَّار،
ورواه أبو نُعَيم في (الحلية)، و (المعرفة) من طريقِ مسلمِ بنِ إبراهيمَ،
ثلاثتُهم: عن شُعبةَ، عن عطاءٍ الخُراسانيِّ، عنِ ابنِ المُسَيِّبِ، عن خَوْلَةَ، به.
وتُوبِع شُعبةُ مِن إسماعيلَ بنِ عيَّاشٍ، عن عطاءٍ، به، كما أخرجه ابنُ أبي عاصمٍ في (الآحاد والمثاني)، والطَّبَرانيُّ في (المعجم الكبير)، و (مسند الشاميين)، وغيرُهما.
وقد رواه حَجَّاجٌ المِصِّيصيُّ تارة أخرى عن شُعبةَ، عن عطاءٍ، عن ابنِ المُسَيِّبِ، به مرسلًا.
وقد تابع حَجَّاجًا على إرساله: غُنْدَرٌ محمدُ بنُ جعفرٍ، وأبو الوليدِ الطَّيالسيُّ، وبقيَّةُ بنُ الوليدِ، وسيأتي تخريجُ هذه الطرق المرسلَةِ قريبًا.
والرواةُ الذين رَوَوْه عن شُعبةَ على الوجهين؛ كلُّهم ثقاتٌ أثباتٌ حُفَّاظٌ من رجالِ الشيخين، عدا بقيَّةَ بن الوليد، وهو صدوقٌ مِن رجالِ مسلمٍ، كما في (التقريب 734).
وقد ذكرَ الدَّارَقُطْنيُّ أن عبدَ الوارثِ بنَ سعيدٍ قد رواه عن عليِّ بنِ زيدِ بنِ جُدْعانَ، عن ابنِ المُسَيِّب مرسَلًا، (علل الدارقطني 4124).
فلعلَّ سعيدًا كان يَرويه على الوجهين، والله أعلم.
2761 -
حَدِيثُ ابنِ المُسَيِّبِ مُرْسَلًا:
◼ عَنْ سَعِيدِ بنِ المُسَيِّب، قَالَ:((سَأَلَتْ خَالَتِي خَوْلَةُ بِنْتُ حَكِيمٍ السُّلَمِيَّةُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ المَرْأَةِ تَحْتَلِمُ؟ فَأَمَرَهَا أَنْ تَغْتَسِلَ)).
[الحكم]:
صحيحٌ لغيرِهِ، وإسنادُهُ ضعيفٌ؛ لإرسالِهِ.
[التخريج]:
[حم 27313/ مي 781 (واللفظ له)].
[السند]:
رواه أحمدُ: عن غُنْدَرٍ وحَجَّاجٍ،
ورواه الدارِميُّ: عن أبي الوليدِ الطَّيالسيِّ،
ثلاثتُهم عن شُعبةَ، عن عطاءٍ الخُراسانيِّ، قال: سمِعتُ سعيدًا يقول:
…
الحديثَ.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ لإرسالِهِ، وسبقَ الكلامُ عليه قريبًا.
رِوَايَةٌ:
• وَفِي رِوَايَةٍ، عَنْ سَعِيدٍ: أَنَّ خَوْلَةَ بِنْتَ حَكِيمٍ سَأَلَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، المَرْأَةُ تَرَى فِي المَنَامِ مَا يَرَى الرَّجُلُ؟ قَالَ:((إِذَا رَأَتْ [ذَلِكَ] فَلْتَغْتَسِلْ)).
[الحكم]:
صحيحٌ لغيرِهِ، وإسنادُهُ ضعيفٌ؛ لإرساله.
[التخريج]:
[طب (24/ 240/ 610) (واللفظ له) / طش 2405 (والزيادة له)].
[السند]:
رواه الطَّبَرانيُّ: عن عليِّ بنِ عبدِ العزيزِ، ثنا مسلمُ بنُ إبراهيمَ، ثنا شُعبةُ، عن عطاءٍ الخُراسانيِّ، عن سعيدٍ، مرسَلًا.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ لإرساله.
[تنبيه]:
روى أبو نُعَيم في (الحلية 5/ 206)، وفي (معرفة الصحابة 7597) عن الطَّبَرانيِّ بإسنادِهِ عن ابنِ المُسَيِّبِ عن خَوْلَةً، موصولًا -وليس بمرسَلٍ كما هنا-؛ فيحتمل وُقوعُ سقط أو تحريف في (معجم الطَّبَراني) منَ النُّسَّاخ. ومما يؤكِّد هذا: أن ابنَ الأَثِير أسنَدَ الحديثَ في (أُسْد الغابة 7/ 93) من طريقِ الطبرانيِّ، وكذا نقله ابنُ حَجَرٍ في (الإصابة 13/ 346) عن الطَّبَرانيِّ مُسندًا.
رِوَايَة: أَتَجِدُ شَهْوَةً أَوْ نَحْوَهُ؟
• وَفِي رِوَايَةٍ، عَنْ سَعِيدٍ، قَالَ: سَأَلَتْ خَالَتِي خَوْلَةُ بِنْتُ حَكِيمٍ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم: المَرْأَةُ تَحْتَلِمُ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: ((أَتَجِدُ شَهْوَةً أَوْ نَحْوَهُ؟))، قَالَتْ: نَعَمْ. قَالَ: ((فَلْتَغْتَسِلْ)).
[الحكم]:
صحيحٌ لغيرِهِ دون قولِه: ((أَتَجِدُ شَهْوَةً)). والصحيح: تقييدُ الغُسلِ برؤيةِ الماءِ كما سبقَ. وهذا مرسَلٌ إسنادُهُ ضعيفٌ.
[التخريج]:
[عد (8/ 503)].
[السند]:
رواه ابنُ عَدِيٍّ: عن الحسينِ بنِ أبي مَعْشَرٍ، ثنا ابنُ مُصَفًّى، ثنا بقيَّةُ، عن شُعبةَ، حدثني عطاءٌ الخُراسانيُّ، سمِعتُ سعيدَ بنَ المُسَيِّبِ، قال:
…
فذكره.
[التحقيق]:
هذا سندٌ ضعيفٌ؛ فيه علتان غيرُ الإرسالِ:
الأولى: عنعنةُ بقيَّةَ؛ وهو "كثيرُ التدليسِ عن الضعفاءِ" كما في (التقريب 734).
الثانية: ابنُ مُصَفًّى، وهو محمد بن مُصَفَّى بن بهلول؛ فيه كلامٌ. وقال الحافظ:"صدوقٌ له أوهام، وكان يدلِّس"(التقريب 6304).
وهو وإن كان صرَّحَ بالتحديثِ عن شيخِهِ، فإنه عنعن فيما فوقه، وهو ممن يدلِّسُ تدليسَ التَّسْوِية، كما قال أبو زُرْعةَ الدِّمَشْقي. (تهذيب التهذيب 9/ 461).
2762 -
حَدِيثُ ابنِ عُمَرَ:
◼ عَنِ ابنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، قَالَ: سَأَلَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ -وَهِيَ أُمُّ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ- النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، تَرَى المَرْأَةُ في المَنَامِ مَا يَرَى الرَّجُلُ؟ فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:((إِذَا رَأَتِ المَرْأَةُ ذَلِكَ، وَأَنْزَلَتْ؛ فَلْتَغْتَسِلْ)).
[الحكم]:
صحيحُ المتنِ، وإسنادُهُ ضعيفٌ، وضَعَّفَهُ البُوصيريُّ.
[التخريج]:
[حم 5636 (واللفظ له) / عل 5759/ كر (65/ 213 - 214) / ترقف 21/ صفار 535].
[السند]:
رواه أحمدُ: عن أبي عبدِ الرحمنِ المُقرئ، عن عبدِ الجبارِ بنِ عُمرَ الأَيْليِّ، حدثنا يزيدُ بنُ أبي سُمَيَّةَ، سمِعتُ ابنَ عُمرَ يقول:
…
فذكره.
ومدارُه عندَهم على عبدِ الجبارِ بنِ عُمرَ الأَيْليِّ، به.
[التحقيق]:
هذا سندٌ ضعيفٌ؛ لضعفِ عبدِ الجبارِ؛ ضَعَّفَهُ الحافظُ في (التقريب 3742). وبه أعلَّه البُوصيريُّ في (إتحاف الخِيَرة 677). وأمَّا ابنُ أبي سُمَيَّةَ فوثَّقه أبو زُرْعةَ.
وقال الهَيْثَميُّ: "رواه أحمدُ، وفيه عبدُ الجبارِ بنُ عُمرَ الأَيْليُّ، ضَعَّفَهُ ابنُ مَعِينٍ وغيرُهُ، ووثَّقه محمدُ بنُ سعدٍ. وبقيَّةُ رجالِه ثقاتٌ"(مجمع الزوائد 1449).
2763 -
حَدِيثُ ابنِ عَمْرٍو:
◼ عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرِو بنِ العَاصِ رضي الله عنهما، قَالَ: جَاءَتِ امْرَأَةٌ يُقَالُ لَهَا: بُسْرَةُ، إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِحْدَانَا تَرَى أَنَّهَا مَعَ زَوْجِهَا فِي المَنَامِ؟ فَقَالَ:((إِذَا وَجَدْتِ بَلَلًا فَاغْتَسِلِي يَا بُسْرَةُ))، [قَالَ: فَقَالَتْ لَهَا عَائِشَةُ رضي الله عنها: فَضَحْتِ النِّسَاءِ! قَالَ صلى الله عليه وسلم: ((دَعِيهَا تَسْأَلْ عَمَّا بَدَا لَهَا، تَرِبَ جَبِينُكِ أَوْ تَرِبَتْ يَمِينُكِ])).
[الحكم]:
ضعيفٌ بهذا السياقِ، والصحيحُ: أن السائلةَ هي أمُّ سُلَيمٍ.
[التخريج]:
[ش 886 (واللفظ له) / مش (مط 193)، (خيرة 676) (والزيادة له)].
[التحقيق]:
انظر الكلامَ عليه فيما يلي.
رِوَايَة: فَالْمَرْأَةُ تَضْرِبُ بِيَدِهَا عَلَى فَرْجِهَا؟
• وَفِي رِوَايَةٍ، قَالَ: دَخَلَتْ بُسْرَةُ بِنْتُ صَفْوَانَ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ، فَدَخَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:((مَنْ هَذِهِ عِنْدَكِ يَا أُمَّ سَلَمَةَ؟)). فَقَالَتْ بُسْرَةُ: يَا نَبِيَّ اللهِ، المَرْأَةُ الَّتِي تَرَى أَنَّهَا مَعَ زَوْجِهَا؟ قَالَ:((إِذَا وَجَدْتِ المَاءَ فَاغْتَسِلِي يَا بُسْرَةُ)). قَالَتْ: فَالمَرْأَةُ تَضْرِبُ بِيَدِهَا عَلَى فَرْجِهَا؟ قَالَ: ((تَوَضَّئِي يَا بُسْرَةُ)). قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: فَضَحْتِ النِّسَاءَ يَا بُسْرَةُ! فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((دَعِيهَا تَسْأَلْ عَمَّا بَدَا لَهَا، تَرِبَتْ يَمِينُكِ)).
[الحكم]:
ضعيفٌ بهذا السياقِ، وضعفه البُوصيريُّ. والصحيحُ: أن السائلةَ هي أمُّ سُلَيمٍ
(1)
.
[التخريج]:
[علقط (9/ 354)].
[السند]:
رواه ابنُ أبي شَيْبةَ: عن محمدِ بنِ بِشْرٍ العَبْديِّ، قال: حدثنا (عبد الله بن المُؤَمَّل)
(2)
، عن عَمرِو بنِ شعيبٍ، عن أبيه، عن جده، به.
ورواه الدَّارَقُطْنيُّ: من طريقِ معاذِ بنِ هانئ، عن عبدِ اللهِ بنِ المُؤَمَّلِ، به.
(1)
وحديث بُسْرةَ في الوضوء مِن مَسِّ الفرْج رواه أصحاب السنن، وسبقَ الكلامُ عليه في موضعه، تحت:(باب الوُضوء مِن مَسِّ الذَّكَر).
(2)
وقع في المطبوع من (المصنَّف): (عبد الله بن عامر) وهو وهَمٌ مِن النُّسَّاخ، والمثبَت من (المطالب)، و (الإتحاف)، و (العلل)، وهو الصواب. وانظر:(علل الدارقطني 15/ 323).
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ فيه: عبدُ اللهِ بنُ المُؤَمَّلِ؛ وهو ضعيفُ الحديثِ كما في (التقريب 3648).
ولذا قال البُوصيريُّ: "إسنادُهُ فيه مقالٌ"، ثم أخَذ يَسرُدُ الكلامَ في ابنِ مُؤَمَّل.
ومع ذلك قال البدرُ العَيْنيُّ: "ذكره ابنُ أبي شَيْبةَ بسندٍ لا بأسَ به"(عمدة القاري 3/ 236).
كذا قال! وفيه نظرٌ؛ لِمَا تقدَّم مِن حالِ ابنِ المُؤَمَّل.
2764 -
حَدِيثُ سَهْلَةَ:
◼ عَنْ سَهْلَةَ بِنْتِ سُهَيْلِ بنِ عَمْرٍو: أَنَّهَا سَأَلَتْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ المَرْأَةِ تَصْنَعُ الشَّيْءَ تَعْطِفُ بِهِ زَوْجَهَا؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((مَتَاعٌ فِي الدُّنْيَا، وَلَا خَلَاقَ فِي الآخِرَةِ)). قَالَتْ: أَرَأَيْتَ المَرْأَةَ إِذَا رَأَتْ فِي مَنَامِهَا الِاحْتِلَامَ، أَتَغْتَسِلُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:((إِذَا رَأَتِ المَاءَ؛ فَلْتَغْتَسِلْ)).
[الحكم]:
ضعيفٌ، والشطرُ الأخيرُ منه صحيحُ المتنِ؛ بما سبقَ مِن شواهدَ.
[الفوائد]:
فيه: أن ما تفعله بعضُ النساء مِن التِّوَلَة -مما يُحبِّبُ المرأةَ إلى زوجها مِنَ السحرِ وما إليه- لا يجوز. وقد وَرَدَ في حديثِ ابنِ مسعودٍ رضي الله عنه أنه مِنَ الشِّرْك.
[التخريج]:
[طس 8625/ صمند (إصا 7/ 715)].
[السند]:
قال الطَّبَرانيُّ: حدثنا مسعودُ بنُ محمدٍ الرَّمْليُّ، ثنا عِمْرانُ بنُ هارونَ، عنِ ابنِ لَهِيعةَ، عن عبدِ اللهِ بنِ هُبَيرةَ، عن سَهْلةَ، به.
قال الطَّبَرانيُّ: "لم يَروِ هذا الحديثَ عن ابنِ هُبَيرةَ إلا ابنُ لَهِيعةَ".
[التحقيق]:
هذا سندٌ ضعيفٌ؛ تفرَّد به ابنُ لَهِيعةَ، وهو ضعيفٌ.
وبه ضَعَّفَهُ الهَيْثَميُّ في (المجمع 1448)، والعَيْنيُّ في (عمدة القاري 2/ 212).
وفي عِمْرانَ بنِ هارونَ كلامٌ كما في (اللسان 5768)، ولكنه لم ينفرِدْ به؛ فقد تُوبِعَ كما في الروايةِ الآتيةِ.
* * *
رِوَايَةٌ:
• وَفِي رِوَايَةٍ، عَنْ سَهْلَةَ بِنْتِ سُهَيْلٍ، أَنَّهَا قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، تَغْتَسِلُ إِحْدَانَا إِذَا احْتَلَمَتْ؟ قَالَ:((نَعَمْ، إِذَا رَأَتِ المَاءَ)).
[الحكم]:
ضعيفٌ من حديثِ سَهْلةَ، وضَعَّفَهُ الهَيْثَميُّ. وصحَّ عن غيرِهِا كما سبقَ.
[التخريج]:
[طب (24/ 292/ 743) (واللفظ له) / صحا 7667/ أسد (7/ 154) / مديني (صحابة - أسد 7/ 154) / المُسْتَغْفِري (إصا 7/ 715)].
[السند]:
رواه الطَّبَرانيُّ -وعنه أبو نُعَيمٍ، وابنُ الأَثِيرِ-، عن عبدِ الملكِ بنِ يحيى بنِ بُكَيرٍ، حدثني أبي، ثنا ابنُ لَهِيعةَ، عن عبدِ اللهِ بنِ هُبَيرةَ، عن سَهْلةَ بنتِ سُهَيلٍ، به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ لأجْلِ ابنِ لَهِيعةَ، كسابقه.
وقال الهَيْثَميُّ: "رواه الطَّبَرانيُّ في (الكبير)، وفيه ابنُ لَهِيعةَ؛ وهو ضعيفٌ"(مجمع الزوائد 1447).
[تنبيه]:
اختُلِفَ في اسمِ صحابيةِ هذا الحديثِ:
فوردَ في بعضِ الطرقِ أنها سَهْلَةُ بنتُ سعدٍ الساعِديةُ، كذا رواه ابنُ مَنْدَهْ من طريقِ منصورِ بنِ عَمَّارٍ، عنِ ابنِ لَهِيعةَ، به.
وورد في طرقٍ أُخرى: "سَهْلَةُ بنتُ سَهْلٍ"، كذا في روايةِ أبي نُعَيمٍ وابنِ الأَثِيرِ "بنت سَهْل"، وكذا عزاه ابنُ حَجَرٍ للطبراني، على خلافِ المطبوعِ منه.
قال ابنُ الأَثِير: "وما أقربَ أن تكون سَهْلة أختَ سُهَيْلِ بن سعد؛ فإن الراوي عنها في الترجمتين: ابنُ لَهِيعةَ، عنِ ابنِ هُبَيرةَ، ويكونَ بعضُ الرواة غَلِط فيه فجعل (أخت) (بنت)، والله أعلم"(أُسْد الغابة 7/ 154).
وذكر ابنُ حَجَرٍ هذا الخلافَ في (الإصابة 13/ 498)، ثم قال: "جوَّز أبو موسى -يعني: المَدِينيَّ- أنها سَهْلة بنت سُهَيل بن عَمرو
…
وهو بعيدٌ؛ لأنها لا روايةَ لها".
2765 -
حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ:
◼ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: سَأَلَتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ المَرْأَةِ تَحْتَلِمُ، هَلْ عَلَيْهَا غُسْلٌ؟ فَقَالَ:((نَعَمْ، إِذَا وَجَدَتِ المَاءَ فَلْتَغْتَسِلْ)).
[الحكم]:
صحيحُ المتنِ، وإسنادُهُ ضعيفٌ جدًّا من حديثِ أبي هريرةَ، وضَعَّفَهُ: الدَّارَقُطْنيُّ، والهَيْثَميُّ. والحديثُ صحيحٌ عن أمِّ سلَمةَ وغيرِها كما سبقَ.
[التخريج]:
[طس 2267 (واللفظ له) / فقط (أطراف 56)].
[السند]:
رواه الطَّبَرانيُّ: عن أحمد بن الحسين، قال: نا سُلَيمان بن عبد الرحمن ابن بنت شُرَحْبِيل، قال: نا محمد بن عبد الرحمن القُشَيري، عن مِسْعَر بن كِدَام، عن سعيد المَقْبُري، عن أبي هريرة، به.
ورواه الدَّارَقُطْنيُّ: من طريقِ إسماعيلَ بن محمد بن إسحاقَ الدِّمَشْقي، عن سُلَيمانَ بن عبد الرحمن، به.
ثم قال: "هذا حديثٌ غريبٌ مِن حديثِ مِسْعَرٍ، عن سعيدِ بنِ أبي سعيدٍ المَقْبُريِّ، عن أبي هريرةَ. تفرَّد به: محمدُ بنُ عبدِ الرحمنِ القُشَيريُّ عنه. وتفرَّد به: سُلَيمانُ بنُ عبدِ الرحمنِ ابن بنت شُرَحْبِيلَ عنه".
[التحقيق]:
هذا سندٌ واهٍ؛ القُشَيْريُّ "كذَّبوه" كما في (التقريب 6090)، وبه ضَعَّفَهُ الهَيْثَميُّ، فقال:
"رواه الطَّبَرانيُّ في (الأوسط)، وفيه محمدُ بنُ عبدِ الرحمنِ القُشَيريُّ؛
قال أبو حاتم: كان يَكذِب" (المجمع 1451).
وقال الدَّارَقُطْنيُّ: "ورُوي عن مِسْعَر، وعُمرَ بنِ طَلْحةَ، عن المَقْبُري، عن أبي هريرةَ، ولا يَصِحُّ عن أبي هريرة"(علل الدَّارَقُطْني 9/ 216).
وسيأتي الكلامُ على روايةِ عُمرَ بنِ طَلْحةَ في الروايةِ التاليةِ.
رِوَايَةٌ:
• وَفِي رِوَايَةٍ، قَالَ: جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ اللهَ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الحَقِّ: المَرْأَةُ تَرَى فِي المَنَامِ -تَعْنِي: مَا يَرَى الرَّجُلُ-؟، قَالَ: ((إِذَا وَجَدَتْ بَلَلًا فَلْتَغْتَسِلْ
…
)) فَذَكَرَهُ.
[الحكم]:
صحيحُ المتنِ، وإسنادُهُ ضعيفٌ.
[التخريج]:
[عد (7/ 390)].
[السند]:
قال ابنُ عَدِيٍّ: حدثنا القاسمُ بنُ مَهْديٍّ، حدثنا أبو مُصْعَبٍ، حدثنا عُمرُ بنُ طَلْحةَ اللَّيْثيُّ، عن سعيدِ بنِ أبي سعيدٍ المَقْبُريِّ، عن أبي هريرةَ، به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ فيه عُمرُ بنُ طَلْحةَ، وهو ابنُ عَلْقَمةَ بن وَقَّاصٍ اللَّيْثي؛ مختلَفٌ فيه:
قال أبو حاتم: "محلُّه الصدق"(الجرح والتعديل 6/ 117)، وذكره ابنُ حِبَّانَ في (الثقات 8/ 440)، وقال ابنُ بَشْكُوال:"شيخٌ لا بأسَ به"(شيوخ ابن وَهْب 172)، وقال الحافظ:"صدوقٌ"(التقريب 4924).
بينما قال أبو زُرْعةَ: "ليس بالقوي"(الجرح والتعديل 6/ 117)، وقال الذَّهَبيُّ:"لا يكادُ يُعرَفُ"(الميزان 6151)، وقال في (ديوان الضعفاء 3072):"مجهولٌ".
وكأنَّ الحافظَ تبِعه هنا، فقال في (اللسان 2029):"ليِّنٌ"، خِلافًا لقولِهِ في (التقريب): إنه صدوق.
وقد عدَّ ابنُ عَدِي هذا الحديثَ مِن مناكيره؛ فقال -بعد أن ذكَر له هذا الحديثَ وغيرَه-:
"وعُمر بن طَلْحةَ له غيرُ ما ذكرتُ من الحديثِ، وأحاديثُه عن سعيدٍ المَقْبُريِّ بعضُه مما لا يتابع عليه أحدًا"(الكامل 7/ 392). وقال ابنُ طاهرٍ المَقْدِسيُّ -بعد أن ذكرَ الحديثَ من طريقِ عُمرَ وغيرِه-: "ولم يتابَعْ عُمرُ عليه بهذا الإسناد
…
والحديثُ قد صحَّ من غير هذين الوجهين" (ذخيرة الحفاظ 2609).
ومع ضعفِ ابنِ طَلْحةَ؛ فقد خُولِفَ في إسنادِهِ ممن هو أوثقُ منه وأحفظُ:
فقد رواه أحمدُ (26631) عن يزيدَ بنِ هارونَ، وحَجَّاجٍ المِصِّيصي،
ورواه إسحاقُ بنُ راهُويَه (1882) عن شَبَابَةَ بنِ سَوَّار المَدَائني
(1)
،
(1)
ذَكَر الدَّارَقُطْني أن شَبَابَةَ بن سَوَّار رواه عن ابن أبي ذئب، عن المَقْبُري، عن عبد الله بن رافِع -مرسلًا- عن أُمِّ سُلَيمٍ.
ورواه الطَّحاويُّ في (المُشْكِل 2662) من طريقِ عبدِ اللهِ بنِ وَهْبٍ،
ورواه الطَّبَرانيُّ في (المعجم الكبير 23/ 297، 414/ 659، 998) من طريقَيْ أبي عاصم النبيل، ومحمد بن فُلَيح،
جميعُهم: (يزيد، وحَجَّاج، وشَبَابة، وابن وَهْب، وأبو عاصم، وابن فُلَيح): عنِ ابنِ أبي ذِئبٍ، عن المَقْبُريِّ، عن عبدِ اللهِ بنِ رافِعٍ، عن أمِّ سلَمةَ، به.
وتُوبِع ابنُ أبي ذئبٍ على ذلك من أيوبَ بنِ موسى، كما ذكره الدَّارَقُطْنيُّ ورجَّحَه، ووهَّم روايةَ عُمرَ بنِ طَلْحةَ، وقال:"ولا يَصِحُّ عن أبي هريرة" وانظر (العلل 1462، 3959).
* * *
2766 -
حَدِيثُ عُرْوَةَ مُرْسَلًا:
◼ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ -مُرْسَلًا-، أَنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ رضي الله عنها قَالَتْ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: المَرْأَةُ تَرَى فِي الْمَنَامِ مِثْلَ مَا يَرَى الرَّجُلُ، أَتَغْتَسِلُ؟ فَقَالَ لَهَا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:((نَعَمْ، فَلْتَغْتَسِلْ))، فَقَالَتْ لَهَا عَائِشَةُ: أُفٍّ لَكِ! وَهَلْ تَرَى ذَلِكَ المَرْأَةُ؟ ! فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((تَرِبَتْ يَمِينُكِ، وَمِنْ أَيْنَ يَكُونُ الشَّبَهُ؟ )).
[الحكم]:
صحيحٌ لغيرِهِ، وهذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ لإرسالِهِ.
[التخريج]:
[طا 127 (واللفظ له) / صلاة 123 (مختصرًا) / مطغ 174/ هقع 1403/ قديم (هقع 1/ 470)].
[السند]:
رواه مالكٌ -ومن طريقه البَيْهَقيُّ-: عنِ ابنِ شِهابٍ، عن عُروةَ، به مرسلًا.
[التحقيق]:
هذا مرسلٌ صحيحٌ، وقد رُويَ موصولًا عن مالكٍ، رواه عنه ابنُ أبي الوزير وعبدُ اللهِ بنُ نافعٍ؛ فأسنداه عن عائشةَ. وقد تُوبِع مالكٌ على ذلك مِن أصحابِ الزُّهْريِّ: عُقَيل، ويونس، والزُّبَيدي، وابن أخي الزُّهْري. وكذلك تُوبِع الزُّهْريُّ مِن مسافِع الحَجَبي، عن عُروةَ، عن عائشةَ، وأخرجه مسلم كما تقدَّم.
وقال ابنُ عبدِ البرِّ: "والحديثُ عند أهلِ العلمِ بالحديثِ صحيحٌ لابنِ شِهابٍ،
عن عُروةَ، عن عائشةَ" (التمهيد 8/ 335).
رِوَايَةٌ:
• وَفِي رِوَايَةٍ: أَنَّ امْرَأَةً سَأَلَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، المَرْأَةُ تَرَى فِي المَنَامِ مَا يَرَى الرَّجُلُ؟ قَالَ:((عَلَيْهَا الغُسْلُ)). قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ رضي الله عنها: يَا رَسُولَ اللهِ، وَهَلْ تَحْتَلِمُ المَرْأَةُ؟ قَالَ:((نَعَمْ. فَبِمَ يُشْبِهُهَا وَلَدُهَا؟!)).
[الحكم]:
صحيحُ المتنِ، وإسنادُهُ ضعيفٌ؛ لإرسالِهِ.
[التخريج]:
[عب 1104].
[السند]:
رواه عبدُ الرزاقِ، عن الثَّوْريِّ، عن هشامِ بنِ عُروةَ، عن أبيه، به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ رجالُهُ ثقاتٌ، رجالُ الشيخينِ، إلا أنه مرسلٌ، وقد صحَّ موصولًا عن عائشةَ رضي الله عنها كما تقدَّمَ.
2767 -
حَدِيثُ أَبِي سَلَمَةَ مُرْسَلًا:
◼ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ رضي الله عنها سَأَلَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنِ المَرْأَةِ تَحْتَلِمُ؟ فَقَالَ:((تَجِدُ شَهْوَةً؟ )). قَالَتْ: نَعَمْ. قَالَ: ((فَلْتَغْتَسِلْ)).
[الحكم]:
صحيحٌ لغيرِهِ دونَ قولِه: ((تَجِدُ شَهْوَةً؟ )). والصحيحُ: تقييدُ الغُسلِ برؤيةِ الماءِ، كما سبقَ. والمحفوظُ: أن أُمَّ سُلَيمٍ هي السائلةُ. وهذا إسنادُهُ ضعيفٌ؛ لإرسالِهِ.
[التخريج]:
[طب (23/ 257/ 532)].
[السند]:
رواه الطَّبَرانيُّ: عن الحسينِ بنِ إسحاقَ، ثنا رزقُ اللهِ بنُ موسى، ثنا شَبَابَةُ، حدثنا شُعبةُ، عن عبدِ العزيزِ بنِ رُفَيعٍ، قال: سمِعتُ أبا سَلَمةَ
…
فذكره مرسلًا.
[التحقيق]:
انظر الكلامَ عليه فيما يأتي.
رِوَايَةٌ:
• وَفِي رِوَايَةٍ: أَنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ رضي الله عنها، سَأَلَتِ النَّبِيَّ عليه السلام، عَنِ المَرْأَةِ تَرَى فِي المَنَامِ مَا يَرَى الرَّجُلُ؟ قَالَ:((تَغْتَسِلُ)).
[الحكم]:
صحيحٌ لغيرِهِ، وهذا سندٌ ضعيفٌ؛ لإرسالِهِ.
[التخريج]:
[شعبة 4].
[السند]:
رواه الحافظُ أبو الحسينِ بنُ المُظَفَّر، عن رزقِ اللهِ بنِ موسى، قال: ثنا شَبَابةُ، قال: ثنا شُعبةُ، عن عبدِ العزيزِ بنِ رُفَيعٍ، عن أبي سَلَمةَ بنِ عبدِ الرحمنِ، به مرسلًا.
[التحقيق]:
هذا مرسَلٌ حسَنُ الإسنادِ، وقد سبقتِ الإشارةُ إليه.
2768 -
حَدِيثُ إِسْحَاقَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي طَلْحَةَ:
◼ عَنْ إِسْحَاقَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي طَلْحَةَ، قَالَ: قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ رضي الله عنها: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا تَقُولُ فِي المَرْأَةِ تَرَى فِي المَنَامِ مَا يَرَى الرُّجُلُ؟ قَالَ:((إِذَا رَأَتِ المَاءَ؛ فَلْتَغْتَسِلْ)).
[الحكم]:
صحيحُ المتنِ، غيرَ أن المحفوظَ أن السائلةَ هي أمُّ سُلَيمٍ. وإسنادُهُ ضعيفٌ.
[التخريج]:
[صلاة 121].
[السند]:
رَواه أبو نُعَيمٍ الفَضْلُ بنُ دُكَينٍ، عن شَيْبانَ النَّحْويِّ، عن يحيى بنِ أبي كَثيرٍ، عن إسحاقَ، به.
[التحقيق]:
هذا مرسَلٌ رجالُه ثقاتٌ، إلا أن يحيى مدلِّسٌ؛ وقد عنعن.
2769 -
حَدِيثُ عَطَاءٍ وَأَبِي سَلَمَةَ وَمُجَاهِدٍ مُرْسَلًا:
◼ عَنْ عَطَاءٍ، وَأَبِي سَلَمَةَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَمُجَاهِدٍ، قَالُوا: إِنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ رضي الله عنها قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، المَرْأَةُ تَرَى فِي مَنَامِهَا مَا يَرَى الرَّجُلُ، أَيَجَبُ عَلَيْهَا الغُسْلُ؟ قَالَ:((هَلْ تَجِدُ شَهْوَةً؟ ))، قَالَتْ: لَعَلَّهُ، قَالَ:((هَلْ تَجِدُ بَلَلًا))، قَالَتْ: لَعَلَّهُ، قَالَ:(([إِذَا رَأَتْ ذَلكَ] فَلْتَغْتَسِلْ)). فَلَقِيَتْهَا نِسْوَةٌ، فَقُلْنَ لَهَا: فَضَحْتِنَا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم! فَقَالَتْ: وَاللهِ، مَا كُنْتُ لِأَنْتَهِيَ حَتَّى أَعْلَمَ فِي حِلٍّ أَنَا أَوْ فِي حَرَامٍ.
[الحكم]:
إسنادُهُ ضعيفٌ لإرسالِهِ.
[التخريج]:
[ش 887 (واللفظ له) / حق 2157 (والزيادة له) / صلاة 122 (عن مجاهد وحده) / ص (شرح عمدة الفقه لابن تيمية 1/ 352)].
[السند]:
رواه ابنُ أبي شَيْبةَ، وابنُ راهُويَه: عن جَريرٍ، عن عبدِ العزيزِ بنِ رُفَيعٍ، عنهم، به مرسَلًا.
ورواه أبو نُعَيمٍ، قال: حدثنا أبو الأَحْوَصِ، عن عبدِ العزيزِ بنِ رُفَيعٍ، عن مجاهدٍ، به.
ولكن علَّقه الدَّارَقُطْنيُّ في (العلل) عن أبي الأَحْوَصِ، عن عبدِ العزيزِ، عن الثلاثةِ.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ رجالُهُ ثقاتٌ، إلا أنه مرسَلٌ.
2770 -
حَدِيثُ الحَسَنِ مُرْسَلًا:
◼ عَنِ الحَسَنِ، أَنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ -وَهِيَ أُمُّ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ- قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَتَى يَجِبُ عَلَى إِحْدَانَا الغُسْلُ؟ قَالَ:((إِذَا رَأَتِ المَرْأَةُ مَا يَرَاهُ الرَّجُلُ)).
[الحكم]:
ضعيفٌ بهذا اللفظِ، والمحفوظُ كما في (الصحيحين)؛ أنها سألتْ:((فَهَلْ عَلَى المَرْأَةِ مِنْ غُسْلٍ إِذَا احْتَلَمَتْ))، وفي رواية:((إِذَا رَأَتْ فِي المَنَامِ مِثْلَ مَا يَرَى الرَّجُلُ)).
[التخريج]:
[عب 1102].
[السند]:
رواه عبدُ الرزاقِ، عن هشامِ بنِ حَسَّان، عن الحسنِ، به مرسَلًا.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ رجالُهُ ثقاتٌ، إلا أنه مرسلٌ، ومراسيلُ الحسنِ ضعيفةٌ كما قال الدَّارَقُطْني، (تهذيب التهذيب 2/ 266).
وقد رُويَ متصلًا عن الحسنِ، عن أنسِ بنِ مالكٍ، بنحوه. وإسنادُهُ ضعيفٌ، وقد تقدَّمَ الكلامُ عليه في حديثِ أنسٍ.
وأيضًا فلفظُه مخالفٌ لروايةِ (الصحيحين) وغيرِهما عن أمِّ سلَمةَ، وأنسٍ، وعائشةَ، وغيرِهم: أنَّ أمَّ سُلَيمٍ سألتِ النبيَّ صلى الله عليه وسلم: ((هَلْ عَلَى المَرْأَةِ مِنْ غُسْلٍ إِذَا احْتَلَمَتْ؟ ))، وفي رواية:((إِذَا رَأَتْ فِي المَنَامِ مِثْلَ مَا يَرَى الرَّجُلُ؟ )).
2771 -
حَدِيثُ سُلَيْمَانَ بنِ عَتِيقٍ مُرْسَلًا:
◼ عَنْ سُلَيْمَانَ بنِ عَتِيقٍ: أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها، فَقَالَتْ: إِنِّي رَأَيْتُ فِيَ المَنَامِ كَأَنَّ فُلَانًا يَنْكِحُنِي (المَرْأَةُ تَرَى أَنَّ الرَّجُلَ يُصِيبُهَا)؟ فَذَكَرَتْ أُمُّ سَلَمَةَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: ((إِذَا رَأَتِ
(1)
الرَّطْبَ؛ فَلْتَغْتَسِلْ)).
[الحكم]:
إسنادُهُ ضعيفٌ؛ لإرسالِهِ.
[التخريج]:
[عب 1107 (والرواية له) / حق 1951 (واللفظ له)].
[السند]:
رواه عَبدُ الرزاقِ: عنِ ابنِ جُرَيْجٍ، عن سُلَيمانَ بنِ عَتِيقٍ، به.
وابن جريج لم يسمعه من سليمان؛ فقد رواه إسحاقُ بنُ راهُويَه في (مسنده): عن محمدِ بنِ بكرٍ البُرْساني، نا ابنُ جُرَيْجٍ، أخبرني ابنُ خُثَيمٍ، أن سُلَيمانَ بنَ عَتِيقٍ أخبره به مرسَلًا.
[التحقيق]:
إسنادُهُ ضعيفٌ لإرسالِهِ؛ فسُلَيمانُ تابعيٌّ صدوقٌ من الرابعة (التقريب 593). وهي طبقة تَلي الوُسطى من التابعين.
وابن خثيم هو عبد الله بن عثمان القاري: مختلف فيه، ولخصَّ حاله الحافظ بقوله:((صدوق)) (التقريب 3466).
(1)
وقع في المطبوع من مسند إسحاق: «رأيت» ، والتصويب من المطالب العالية.
2772 -
حَدِيثُ إِبْرَاهِيمَ مُرْسَلًا:
◼ عَنْ إِبْرَاهِيمَ، أَنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ بِنْتَ مِلْحَانَ رضي الله عنها، أَتَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم تَسْأَلُهُ عَنِ المَرْأَةِ تَرَى فِي المَنَامِ مَا يَرَى الرَّجُلُ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:((إِذَا رَأَتِ المَرْأَةُ مِنْكُنَّ مَا يَرَى الرَّجُلُ؛ فَلْتَغْتَسِلْ))
[الحكم]:
صحيحُ المتنِ، وإسنادُهُ ضعيفٌ.
[التخريج]:
[حنف (خسرو 292) / شيباني 57/ مبسوط (2/ 200)].
[السند]:
رواه محمدُ بنُ الحسنِ -ومن طريقه: ابنُ خُسْرو-، قال: أخبرنا أبو حَنيفةَ، قال حدثنا حَمَّادٌ، عن إبراهيمَ، به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ فيه أربعُ عِللٍ:
الأُولى: الإرسالُ؛ فإن إبراهيمَ -وهو ابنُ يزيدَ النَّخَعيُّ- تابعيٌّ لم يدرِكِ القصةَ، ولم يَسمَعْ مِن أحدٍ مِنَ الصحابةِ، وقد تقدَّمَ بيانُ ذلك.
الثانية: ضعْفُ أبي حَنيفةَ كما تقدَّمَ.
الثالثة: ضعْفُ محمد بن الحسن؛ وقد ضَعَّفَهُ: أحمدُ، وابنُ مَعِينٍ، والنَّسائيُّ، وأبو داودَ، وغيرُهم، وانظر (تاريخ بغداد 2/ 169)، و (لسان الميزان 7/ 60).
الرابعة: المخالفةُ؛ فقد خُولِفَ محمد بن الحسن من أبي يوسفَ -وهو أوثقُ منه، كما في (تاريخ بغداد 14/ 245) -؛ فرواه في (الآثار)، عن
أبي حَنيفةَ، عن حَمَّادٍ، عن إبراهيمَ، عن أمِّ سُلَيمٍ، به.
وإسنادُهُ ضعيفٌ أيضًا، وقد تقدَّمَ الكلامُ عليه.
2773 -
حَدِيثُ أَبِي حَنِيفَةَ مُرْسَلًا:
◼ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، رَفَعَهُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي:((الغُسْلِ عَلَى المَرْأَةِ تَرَى فِي مَنَامِهَا مِثْلَ مَا يَرَى الرَّجُلُ)).
[الحكم]:
صحيحُ المتنِ، وإسنادُهُ ضعيفٌ.
[التخريج]:
[مبسوط (2/ 211)].
[السند]:
رواه محمدُ بنُ الحسنِ في (المبسوط): عن أبي حَنيفةَ، به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ مِن أجْلِ أبي حَنيفةَ، ومحمدِ بن الحسن. وقد صح مسنَدًا عن أمِّ سُلَيمٍ كما تقدَّم.
* * *