الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
473 - بَابُ نَقْضِ المَرأَةِ شَعرَهَا عِنْدَ غُسْلِ المَحِيضِ
2831 -
حديثُ عَائِشَةَ:
◼ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: خَرَجْنَا مُوَافِينَ لِهِلَالِ ذِي الحِجَّةِ
…
الحديث، وفيه:
"فَأَدْرَكَنِي يَوْمُ عَرَفَةَ وَأَنَا حَائِضٌ، فَشَكَوْتُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:((دَعِي (ارفُضِي) 1 عُمْرَتَكِ، وَانْقُضِي رَأْسَكِ، وَامْتَشِطِي (وَاغْتَسِلِي) 2 وَأَهِلِّي بِحَجٍّ
…
)) الحديث، وسيأتي في أبواب الحيض، وفي الحج بتمامه.
[الحكم]:
متفقٌ عليه (خ، م)، دون الرواية الثانية، فلأحمدَ، وهي صحيحةٌ على شرطهما.
[الفوائد]:
وَضَعَ البخاريُّ هذا الحديثَ تحتَ عِدَّةِ أبوابٍ أحدها: (باب نقض المرأة شعرها عند غسل المحيض)، وليس في الحديثِ دلالةٌ على ذلك -كما قال ابنُ رجب-؛ فإن غُسْلَ عائشةَ الذي أمرها النبيُّ صلى الله عليه وسلم به لم يكنْ منَ الحيضِ، بل كانتْ حائضًا، وحيضُها حينئذٍ موجودٌ، فإنه لو كان قدِ انقطعَ حيضُهَا لطافتْ للعمرة، ولم تحتجْ إلى هذا السؤالِ، ولكن أَمَرَهَا أن تغتسلَ في حالِ حيضِهَا وَتُهِلُّ بالحجِّ، فهو غسلٌ للإحرامِ في حالِ الحيضِ
…
"وقد يُحْمَلُ مرادُ البخاريِّ رحمه الله على وجهٍ صحيحٍ: وهو أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم إنما أمرَ عائشةَ بنقض شعرها وامتشاطها عند الغسلِ للإحرامِ؛ لأن غُسْلَ الإحرامِ لا يتكررُ، فلا يَشُقُّ نقض الشعر فيه، وغسل الحيض والنفاس يوجد فيه هذا المعنى، بخلاف غسل الجنابة، فإنه يتكرر فيشق النقض فيه، فلذلك لم يُؤمرْ فيه بنقضِ الشعرِ"(فتح الباري لابن رجب 1/ 475، 477).
ويمكنُ أن يقالَ: إن الحائضَ لا يُجْزِؤُهَا غُسلٌ -أيُّ غسلٍ كان- إلا إذا نقضتْ شعرها؛ لذلك أَمَرَهَا النبيُّ صلى الله عليه وسلم بذلك، فمن بابِ أَوْلى أن يكونَ ذلك في غسلها منَ المحيضِ، والله أعلم. وبهذا يكون لهذا الإمام -البخاري- من عُمْقِ الفهم وقوة النظر ما لا يعلمه إلا الله، ومن الصعوبة بمكان أن يُسَارع إلى تخطئته.
[التخريج]:
[خ 316، 317 (واللفظ له)، 319، 1556، 1783 (والرواية الأولى له)، 1786، 4395/ م 1211/ د 1772، 1775/ ن 247، 2784/ كن 297، 3932، 4098/ جه 3014/ طا 1227/ حم 25307، 25441، 26086، 25587، 25588 (والرواية الثانية له) / خز 2867، 3103/ حب 3796، 3916، 3921، 3935، 3942/ ش 37424/ حق 680، 683، 869/ عل 4504/ عه 3719، 3720، 3721، 3722/ طس 7384، 7909/ هق 878، 8816، 9489/ مسن 2794 - 2796، 2798/ تمهيد (8/ 204، 222، 224، 226) / هقع 10019، 10034/ بغز 156/ طح (2/ 199، 202) / ودع 322، 323، 327 - 329، 335/ ثو 472/ عائشة 75/ مشكل 2431، 2433، 3850، 3859/ طحق 1277/ عد (5/ 218) / عط (حاكم 12)
/ مطغ 173/ ميمي 236/ محلى (2/ 37، 38)].
[السند]:
قال البخاريُّ: حدثنا عبيد بن إسماعيل، قال: حدثنا أبو أسامة، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة، به.
والروايةُ: أخرجها أحمد (25629)، قال: ثنا وكيع، ثنا هشام، به.
وهذا إسنادٌ صحيحٌ على شرطِ الشيخينِ.
روايةٌ مُخْتَصَرَةٌ بلفظ: ((انْقُضِي شَعرَكِ وَاغْتَسِلِي)):
• وفي روايةٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ لَهَا -وَكَانَتْ حَائِضًا-:((انْقُضِي شَعرَكِ وَاغْتَسِلِي)).
[الحكم]:
إسنادُهُ صحيحٌ، وصَحَّحَهُ: المجدُ ابنُ تيميةَ، ومغلطاي، وابنُ مفلحٍ، والشوكانيُّ، والألبانيُّ، ووَثَّقَ رواته: البوصيريُّ.
ولكنْ مَتْنُهُ مختصرٌ من الحديثِ الأصلِ، وهو اختصارٌ مُخِلٌّ، ولذلك أَنْكَرَهُ أحمدُ.
[الفوائد]:
إنما كان الاختصارُ هنا مخلًّا بالمعنى؛ لأنه أوهمَ أنه صلى الله عليه وسلم أمرها بنقضِ الشعرِ في غُسْلِهَا منَ الحيضِ، وليس كذلك؛ وإنما أمرها أن تغتسلَ في حالِ حيضِها للإهلالِ بالحجِّ، فهو غُسلٌ للإحرامِ في حالِ الحيضِ، كما أمرَ أسماءَ بنتَ عُمَيْسٍ لما نفستْ بذي الحُلَيْفَةِ أن تغتسلَ وتُهِلَّ. انظر: (فتح
الباري لابن رجب 1/ 477).
[التخريج]:
[جه 617 (واللفظ له) / ش 870/ طح (2/ 203) / مشكل 3849، 3851/ هق 8855/ الطهور لإبراهيم بن مسلمٍ الخوارزميّ (رجب 2/ 104)].
[السند]:
رواه ابنُ أبي شيبةَ، قال: ثنا وكيع، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، به.
ورواه ابنُ ماجه، قال: نا أبو بكر بن أبي شيبة، وعلي بن محمد، قالا: حدثنا وكيع، به.
ورواه الطحاويُّ في (شرح معاني الآثار)، قال: حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسد، قال: ثنا حماد بن سلمة، عن هشام بن عروة، به.
ورواه في (المشكل 3849)، قال: حدثنا محمد بن خزيمة، قال: حدثنا حجاج بن منهال، قال: حدثنا حماد بن سلمة، به.
ورواه البيهقيُّ، قال: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، وأبو زكريا بن أبي إسحاق المُزكّي، قالا: ثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب، ثنا محمد بن عبد الوهاب الفراء، أنبأ جعفر بن عون، أنبأ هشام بن عروة، به.
ورواه الطحاويُّ في (المشكل 3851)، قال: حدثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، أن مالكًا أخبره، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة، به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ رجالُهُ ثقاتٌ، ولذا صَحَّحَ إسنادَهُ المجدُ ابنُ تيميةَ في (منتقى
الأخبار 341) -وتبعه الشوكانيُّ في (نيل الأوطار 1/ 311) -، ومغلطاي في (شرح ابن ماجه 3/ 172)، وابنُ مُفْلحٍ في (المبدع في شرح المقنع 1/ 170)، والألبانيُّ في (الصحيحة 188)، وفي (الإرواء 134).
وقال البوصيريُّ: "هذا إسنادٌ رجالُهُ ثقاتٌ"(مصباح الزجاجة 244).
لكنْ قَالَ الحافظُ ابنُ رَجبٍ: "هذا مختصرٌ من حديثِ عائشةَ الذي خرَّجهُ البخاريُّ، وقد ذُكِرَ هذا الحديثُ المختصرُ للإمامِ أحمدَ عن وكيعٍ، فأنكره، قيل له: كأنه اختصره من حديثِ الحَجِّ؟ قال: "ويَحِلُّ له أن يختصرَ؟! " نقله عنه المروذيُّ، ونقلَ عنه إسحاقُ بنُ هانئٍ أنه قال: "هذا باطلٌ". قال أبو بكرٍ الخَلَّالُ: "إنما أنكرَ أحمدُ مثلَ هذا الاختصارِ الذي يَخِلُّ بالمعنى، لا أصلَ اختصار الحديث، قال:"وابنُ أبي شيبةَ في (مصنفاته) يختصرُ مثل هذا الاختصار المخل بالمعنى"، هذا معنى ما قاله الخلال، وقد تبين برواية ابن ماجه أن الطنافسيَّ رواه عن وكيعٍ، كما رواه ابنُ أبي شيبةَ عنه، ورواه أيضًا إبراهيمُ بنُ مسلمٍ الخوارزميُّ في (كتاب الطهور) له عن وكيع أيضًا، فلعلَّ وكيعًا اختصره، والله أعلم". اهـ. (الفتح لابن رجب 2/ 104).
* * *