الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
476 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي مَضْمَضَةِ المُغْتَسِلِ وَاسْتِنْشَاقِهِ
2834 -
حديثُ مَيْمُونَةَ:
◼ عَنْ مَيْمُونَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: ((وَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَضُوءًا لِجَنَابَةٍ، فَأَكْفَأَ بِيَمِينِهِ عَلَى شِمَالِهِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، ثُمَّ غَسَلَ فَرْجَهُ، ثُمَّ ضَرَبَ يَدَهُ بِالأَرْضِ أَوِ الحَائِطِ، مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، ثُمَّ مَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ، وَغَسَلَ وَجْهَهُ وَذِرَاعَيْهِ، ثُمَّ أَفَاضَ عَلَى رَأْسِهِ المَاءَ،
…
)) الحديث.
[الحكم]:
متفق عليه (خ، م).
[التخريج]:
[خ 274 (واللفظ له) / م 317، 337 (مختصرًا) / د 245/ .... ].
سبقَ تخريجه وتحقيقه في باب: "صفة الغسل".
2835 -
حديثُ عَائِشَةَ:
◼ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها: ((أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا اغْتَسَلَ مِنَ الجَنَابَةِ تَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ)).
[الحكم]:
صحيحٌ.
[التخريج]:
[ن 248، 249، 250/ كن 298 - 300/ حم 24841 (واللفظ له)، 25108، 25283، 25409/ ش 691، 745/ ..... ].
سبق تخريجه وتحقيقه في باب: "صفة الغسل"، مُطولًا.
2836 -
حديثُ أَبِي هُرَيْرَةَ:
◼ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: ((أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم جَعَلَ المَضْمَضَةَ وَالاسْتِنْشَاقَ لِلجُنُبِ ثَلَاثًا فَرْيضَةً)).
[الحكم]:
باطلٌ موضوعٌ، وحَكَمَ عليه بالوضعِ: ابنُ حِبَّانَ، والدارقطنيُّ، والبيهقيُّ، وابنُ الجوزيِّ، وعليٌّ القاري، وهو ظاهرُ كلامِ عبدان الأهوازي، -وأَقرَّهُ ابنُ عَدِيٍّ-.
[التخريج]:
[قط 409/ هقخ 783، 784، 787/ عد (2/ 478) / هقع 1444/ ضو 937، 938/ كر (31/ 8) / مجر (1/ 233)، (2/ 446) / جصاص (3/ 376) / فقط (أطراف 5431) / حلب (2/ 861) / فر (ملتقطة 4/ ق 84)].
[التحقيق]:
هذا الحديثُ له طريقان مردهما إلى طريقٍ واحدٍ:
أما الطريقُ الأولُ:
فرواه الدارقطنيُّ في (السنن 409)، عن عبد الباقي بن قانع، نا الحسن بن علي المعمري، وأحمد بن النضر بن بحر العسكري، وغيرهما، قالوا: نا بركة بن محمد، نا يوسف بن أسباط، عن سفيان الثوري، عن خالد الحذاء، عن أبي هريرة، به.
ورواه ابنُ حِبَّانَ (1/ 233)، وابنُ عَدِيٍّ، والبيهقيُّ، وغيرُهُم، من طريقِ بركةَ الحلبيِّ، به.
وهذا إسنادٌ ساقطٌ، بركةُ هذا متهمٌ بالكذبِ ووضعِ الحديثِ، انظر:(لسان الميزان 1418).
وقد أَعَلَّ به هذا الحديثَ غيرُ واحدٍ منَ العلماءِ:
فذكره ابنُ حِبَّانَ في (المجروحين)، وقال:"كان يسرقُ الحديثَ، وربما قلبه، وإذا أُدخلَ عليه حديث حَدَّثَ به، لا يجوزُ الاحتجاجُ به إذا انفردَ"، ثم ذكرَ هذا الحديثَ وقال -عقبه-:"وهذا لا أصلَ له، وإنما هو مرسلٌ؛ وهو ابنُ سيرينَ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم"(المجروحين 1/ 233).
وقال ابنُ عَدِيٍّ: "قال لي عبدانُ الأهوازيُّ: أَغْرِبْ عليَّ لخالدٍ الحذاءِ حديثٌ، فذكرتْ له هذا الحديث
…
، فقال لي عبدانُ: هات حديث المسلمين، أنا قد رأيت بركة هذا بحلب وتركته على عمدٍ ولم أكتبْ عنه؛ لأنه كان يكذبُ، وهذا الحديثُ لم يروه موصولًا بهذا الإسنادِ غيرُ بركةَ هذا، وقد رُوِي مرسلًا" (الكامل 2/ 478).
وقال الدارقطنيُّ -عقب الحديث-: "هذا باطلٌ، ولم يُحَدِّثْ به إلا بركةُ، وبركةُ هذا يضعُ الحديثَ، والصوابُ: حديثُ وكيعٍ الذي كتبناه قبل هذا مرسلًا عنِ ابنِ سيرينَ".
وقد قال بركةُ عقب الحديث: "وأنا أتقيه"، قال البيهقيُّ:"فاعْتَرَفَ بركةُ بكونِهِ مُنكرًا، ولذلك كان يتقيه، ويشبه أن يكونَ غَلِطَ فيه"(المعرفة 1445).
وقال ابنُ الجوزيِّ: "هذا حديثٌ موضوعٌ لا شَكَّ فيه، فأما الطريقُ الأولُ: ففيه بركةُ بنُ محمدٍ؛ وكان كذَّابًا
…
، وقال الدارقطنيُّ: هذا الحديثُ وَضَعَهُ بركةُ أو وُضِعَ له" (الموضوعات 2/ 361).
وأما الطريقُ الثاني:
أخرجه ابنُ حِبَّانَ في (المجروحين 2/ 446)، عن حمزةَ بنِ داودَ بنِ سليمانَ، قال: حدثنا سليمانُ بنُ الربيعِ النهديُّ، قال: حدثنا همامُ بنُ مسلمٍ، عنِ الثوريِّ، عن خالدٍ الحذاءِ، عنِ ابنِ سيرينَ، عن أبي هريرةَ، به.
وأخرجه الدارقطنيُّ في (الأفراد) -ومن طريقه الخطيبُ كما في (نصب الراية 1/ 78)، وابنُ الجوزيِّ في (الموضوعات 938) -، عن عليِّ بنِ محمدِ بنِ يحيى بنِ مهرانَ السواق، عن سليمانَ بنِ الربيعِ النهديِّ، به.
وأخرجه الديلميُّ في (مسند الفردوس) -كما في (الغرائب الملتقطة) -، من طريقِ عليِّ بنِ أحمدَ بنِ عمرَ الرقيِّ، عن سليمانَ بنِ الربيعِ، عن همامِ بنِ مسلمٍ، به.
وهذا سندٌ ساقطٌ؛ فيه علتان:
الأُولى: سليمانُ بنُ الربيعِ، قال عنه الدارقطنيُّ:"متروكٌ" كما سيأتي، وقال في روايةِ البرقانيِّ:"ضعيفٌ"، وقال أيضًا:"وقد روى سليمانُ بنُ الربيعِ هذا أحاديثَ مناكيرَ عن شيخٍ آخر، فَغَيَّرَ اسْمَهُ سمَّاهُ همام بن مسلم"(تاريخ بغداد 10/ 73).
الثانية: همامُ بنُ مسلمٍ متروكٌ، وقد رُمِيَ همامٌ بسرقةِ الحديثِ.
فذكره ابنُ حبانَ في (المجروحين)، وقال:"كان ممن يسرقُ الحديثَ ويُحدِّثُ به، ويروي عنِ الثقاتِ ما ليس من أحاديثهم على قلةِ معرفتِهِ بصناعةِ الحديثِ، فلمَّا فَحُشَ ذلك منه وكثر في روايته بطل الاحتجاج به". ثم ذكر هذا الحديثَ وقال: "وهذا خبرٌ باطلٌ موضوعٌ لا أصلَ لرفعه، حَدَّثَ به بركةُ بنُ محمدٍ، عن يوسفَ، عن سفيانَ هذا، إنما هو مرسلٌ عن خالدٍ
الحذاءِ، عنِ ابنِ سيرينَ أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم" (المجروحين 2/ 445 - 446).
وقال الدارقطنيُّ -بعدما ذَكرَ طريقَ بركةَ-: "وتابعه سليمانُ بنُ الربيعِ النهديُّ، عن همامِ بنِ مسلمٍ، عنِ الثوريِّ، وكلاهما متروكٌ، وهو وَهْمٌ، والصوابُ: ما رواه وكيعٌ وغيرُهُ عنِ الثوريِّ عن خالدٍ الحذاءِ عنِ ابنِ سيرينَ مرسلًا"(العلل 1428).
وقال ابنُ الجوزيِّ: "وأما الطريقُ الثاني: ففيه همامُ بنُ مسلمٍ، ولعلَّه سرقه من يوسفَ، وقال ابنُ حِبانَ: كان يروي عنِ الثقاتِ ما ليس من حديثهم ويسرقُ الحديثَ، فبطل الاحتجاجُ به. وفيه سليمانُ بنُ الربيعِ، قال الدارقطنيُّ: ضعيفٌ، غَيَّرَ أسماءَ مشايخ وروى عنهم مناكيرَ".
وقد حَكَمَ بالوضعِ على الحديثِ أيضًا القاري في (الأسرار المرفوعة 440).
[تنبيه]:
ذكر بدرُ الدينِ العينيُّ في (البناية 1/ 317)، أن الحاكمَ روى الحديثَ في (المستدرك)، فقال:"ورواه الحاكمُ في (المستدرك) ولفظه قال: ((جَعَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم المَضْمَضَةَ وَالاسْتِنْشَاقَ لِلجُنُبِ ثَلَاثًا فَرْيضَةً))، وقال الحاكمُ في (المستدركِ)، وفي (المدخلِ): بركةُ بنُ محمدٍ الحلبيُّ يروي عن يوسفَ بنِ أسباط أحاديثَ موضوعةَ"!!.
قلنا: ولم نقفْ عليه في النسخِ المطبوعةِ من (المستدركِ)، ولا عزاه له أحدٌ غيره. ولعلَّه توهم ذلك حينما وجدَ البيهقيَّ يروي الحديثَ في (الخلافياتِ 784) عن الحاكمِ، والله أعلم.
* * *
2837 -
حديثُ ابنِ سِيرِينَ مُرْسَلًا:
◼ عَنِ ابنِ سِيرِينَ، قَالَ:((سَنَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الاسْتِنْشَاقَ مِنَ الجَنَابَةِ ثَلَاثًا)).
[الحكم]:
مرسلٌ.
[التخريج]:
[ش 741 (واللفظ له) / قط 407، 408/ هقخ 788].
[السند]:
رواه ابنُ أبي شيبةَ في (المصنف)، قال: حدثنا وكيعٌ، عن سفيانَ، عنِ ابنِ سيرينَ، به.
كذا جاءَ في كُلِّ طبعاتِ (المصنَّفِ)، وفيه سقطٌ: بين سفيانَ، وابنِ سيرينَ، والصوابُ: أن بينهما خالدًا الحذاءَ.
فقد رواه الدارقطنيُّ في (السنن 407) -ومن طريقه البيهقيُّ في (الخلافيات) -، من طريقِ محمدِ بنِ إسماعيلَ الحسانيِّ، نا وكيعٌ، عن سفيانَ، عن خالدٍ الحذاءِ، عنِ ابنِ سيرينَ، به، مرسلًا.
ورواه الدارقطنيُّ برقم (408)، من طريقِ هنادِ بنِ السريِّ، نا وكيعٌ بإسنادِهِ، مثله.
وقال الدارقطنيُّ -معلقًا على روايةِ من رواه عنِ الثوريِّ، عن خالدٍ، عنِ ابنِ سيرينَ، عن أبي هريرةَ-:"وهو وَهْمٌ، والصوابُ ما رواه وكيعٌ، وغيرُهُ، عنِ الثوريِّ، عن خالدٍ الحذاءِ، عنِ ابنِ سيرينَ مرسلًا، أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم: ((سَنَّ في الاسْتِنْشَاقَ مِنَ الجَنَابَةِ ثَلَاثًا)) "(العلل 1428).
وقال البيهقيُّ: "هكذا رواه الثقاتُ، عن سفيانَ الثوريِّ، عن خالدٍ الحذاءِ،
عنِ ابنِ سيرينَ، مرسلًا، بهذا اللفظِ" (معرفة السنن والآثار 1/ 484).
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ رجالُهُ ثقاتٌ، إلا أنه مرسلٌ.
وقد أثنى غيرُ واحدٍ من أهلِ العلمِ على مراسيلِ ابنِ سيرينَ:
قال ابنُ عبدِ البرِّ: "كلُّ مَن عُرِفَ أنه لا يأخذُ إلا عن ثقةٍ فتدليسه ومرسله مقبولٌ، فمراسيلُ سعيدِ بنِ المسيبِ، ومحمدِ بنِ سيرينَ، وإبراهيمَ النخعيِّ، عندهم صحاحٌ"(التمهيد 1/ 30)، وبنحوه في (التمهيد 24/ 48).
وقال في موضعٍ آخر: "أجمعَ أهلُ العلمِ بالحديثِ أن ابنَ سيرينَ أصحُّ التابعينَ مَرَاسِيلَ، وأنه كان لا يروي ولا يأخذُ إلا عن ثقةٍ، وأن مراسيلَهُ صحاحٌ كلُّها ليس كالحسنِ، وعطاءٍ في ذلك، والله أعلم"(التمهيد 8/ 301).
وقال ابنُ تيميةَ عن محمدِ بنِ سيرينَ: "مراسيلُهُ من أصحِّ المراسيلِ"(منهاج السنة 6/ 237).
قلنا: ويشهدُ له حديثُ ميمونةَ، وعائشةَ، المتقدمين في أول الباب.
روايةُ أَمَرَ:
• وفي روايةٍ: قَالَ: ((أَمَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِالاسْتِنْشَاقِ مِنَ الجَنَابَةِ ثَلَاثًا)).
[الحكم]:
مرسلٌ، وهو شاذٌّ بلفظِ الأمرِ.
[التخريج]:
[قط 410].
[السند]:
رواه الدارقطنيُّ في (السنن 410)، قال: حدثنا جعفر بن أحمد المؤذن، نا السري بن يحيى، نا عبيد الله بن موسى، نا سفيان، عن خالد الحذاء، عن ابن سيرين، به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ رجالُهُ ثقاتٌ، عدا السري بن يحيى التميمي ابن أخي هناد، فلم نجدْ فيه كبير توثيق لأحدٍ، سوى قول ابن أبي حاتم:"كَتَبَ إلينا بشيءٍ من حديثه، وكان صدوقًا"(الجرح والتعديل 4/ 285).
وقد رواه عن عبيد الله، عن سفيان، بلفظ:(أَمَرَ)، وتَقَدَّمَ الحديثُ عن وكيعٍ، عن سفيانَ، بلفظ:(سَنَّ)، وبين اللفظين فارقٌ كبيرٌ في الحُكْمِ.
نعم، رواه أبو نُعَيمٍ الفَضْلُ في (الصلاة 98)، عن سفيانَ، عن خالدٍ الحذاءِ، بلفظِ:(أَمَرَ)، ولكنه لمّا جَعَلَهُ من مرسلِ خالدٍ الحذاءِ، لم يذكرْ فيه (ابنَ سيرينَ)، فلعلَّ سفيانَ حفظه بلفظِ:(الأمرِ) من مرسلِ خالدٍ الحذاءِ، وبلفظ:(سَنَّ)، من مرسلِ ابنِ سيرينَ.
ورُبما كان هذا الاختلافُ في سندِ هذا الحديثِ وَمَتْنِهِ من سفيانَ نفسِهِ:
فرواه مرَّةً عنِ ابنِ سيرينَ بإسقاطِ خالدٍ الحذاءِ، كما في روايةِ وكيعٍ، عندَ ابنِ أبي شيبةَ.
ومرَّة عن خالدٍ عنِ ابنِ سيرينَ، كما في روايةِ وكيعٍ عندَ الدارقطنيِّ، وعبيد الله بن موسى.
ومرَّة عن خالدٍ الحذاءِ، بدون ذِكرِ ابنِ سيرينَ، كما في روايةِ أبي نُعَيمٍ.
وأما المتنُ: فرواه مرَّةً بلفظِ: (سَنَّ)، ومرَّةً بلفظِ:(أَمَرَ).
وهذا كلُّه ما يوهن هذا المرسل، لا سيَّما بلفظِ:(أَمَرَ)، حيثُ لا شاهدَ له معتبر، إنما الثابتُ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم من فعله، كما في حديثِ عائشةَ، وميمونةَ، والله تعالى أعلى وأعلم.
وقد قال عنه ابنُ أبي العزِّ الحنفيُّ: "مرسلٌ ضعيفٌ"(التنبيه على مشكلات الهداية 1/ 301).
* * *
2838 -
حديثُ خَالِدِ الحَذَّاءِ مُرْسَلًا:
◼ عَنْ خَالِدِ الحَذَّاءِ، قَالَ:((أَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِالاسْتِنْشَاقِ مِنَ الجَنَابَةِ ثَلَاثًا)).
[الحكم]:
ضعيفٌ لإرسالِهِ، بل إعضاله.
[التخريج]:
[صلاة 98].
[السند]:
رواه الفضلُ بنُ دُكينٍ في (الصلاة 98)، قال: حدثنا سفيانُ، عن خالدٍ الحذاءِ
(1)
، به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ رجالُهُ ثقاتٌ، إلا أنه مرسلٌ، بل معضلٌ-عندَ التحقيقِ-، فخالدٌ الحذاءُ من صغارِ التابعينَ.
وقد تَقَدَّمَ آنفًا عن خالدٍ، عنِ ابنِ سيرينَ، وذكرنا أوجهَ الاختلافِ فيه على سفيانَ.
* * *
(1)
وكذا عزاه مغلطاي لأبي نُعَيمٍ في (الصلاة)، انظر (شرح ابن ماجه 3/ 14).
2839 -
حديثُ المَضْمَضَةِ وَالاسْتِنْشَاقِ فَرْضَانِ فِي .... :
◼ حديثُ: ((إِنَّهُمَا فَرْضَانِ في الجَنَابَةِ، سُنَّتَانِ في الوُضُوءِ)). يعني: المَضْمَضَةَ وَالاسْتِنْشَاقَ.
[الحكم]:
لا أصلَ له.
[التحقيق]:
هذا الحديثُ ذكره المرغينانيُّ الحنفيُّ في (الهداية 1/ 19) منسوبًا للنبيِّ صلى الله عليه وسلم، ولم نقفْ عليه بهذا اللفظِ في شيءٍ من دواوين السُّنَّةِ.
ولذا قال السروجيُّ في (شرح الهداية): "لا يعرفُ هذا الحديثُ"، نقله ابنُ أبي العزِّ الحنفيُّ في (التنبيه على مشكلات الهداية 1/ 296)، ثم قال: "فإن قيل: هذا الحديثُ رواه أصحابُنَا وهُم ثقاتٌ؟ فالجوابُ: إنهم وإن كانوا ثقاتًا فبينهم وبينَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم مفاوز لا بُدَّ فيها من الإسنادِ، والإسنادُ من خصائصِ دينِ الإسلامِ، به حفظَ اللهُ الدينَ.
قال عبد الله بن المبارك: الإسنادُ منَ الدينِ، لولا الإسنادُ لقالَ مَن شاءَ ما شاءَ. فإذا سُئِلَ عمَّن؟ بقي. انتهى. أي: دام الدين واستمر، وإلا ذهب إذا لم يسند الحديث، بل قال من شاء ما شاء. وقال أيضًا: بيننا وبين القوم القوائم. يعني: الإسناد. جعل الحديث كالحيوان لا يقوم بغير إسناد، كما لا يقوم الحيوان بغير قوائم.
وحكى أبو إسحاقَ الطالقانيُّ، قال: قلتُ لابنِ المباركِ: الحديثُ الذي جاءَ: "إِنَّ مِنَ البِّرِ أَنْ تُصَلِّيَ لأَبَوَيْكَ مَعَ صَلَاتِكَ، وَتَصُومَ لَهُمَا مَعَ صَوْمِكَ"، فقال ابنُ المباركِ: عمَّن هذا؟ قلتُ: من حديثِ شهابِ بنِ خِراشٍ، قال: ثقةٌ.
عمَّن؟ قلت: عن الحجاجِ بنِ دينارٍ. قال: ثقةٌ. عمَّن؟ قلت: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم. قال: يا أبا إسحاقَ، إن بينَ الحجاجِ بنِ دينارٍ وبين النبيِّ صلى الله عليه وسلم مفاوز تنقطعُ فيها أعناقُ المطي! ولكن ليس في الصدقة اختلاف. والحجاجُ بنُ دينارٍ من تابعي التابعين، فكيف بمن بعده؟ ! .
وهذا إنما ينفعُ عند بحث أهل المذهب بعضهم مع بعض، وأما مع المخالف فلا يكون حجة حتى يثبت؛ لأن المنقولات لا يميز بين صدقها وكذبها إلا بالطرق الدالة على ذلك، وإلا فدعوى النقل المجرد بمنزلة سائر الدعاوي، والمرجع في التمييز من هذا، وهذا، إلى أهل العلم بالحديث، فلكلِّ علمٍ رجال يعرفون به" (التنبيه 1/ 296 - 297).