الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
483 - بَابٌ: في صِفَةِ المَنِيِّ
2854 -
حديثُ أَنَسٍ:
◼ عَنْ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ رضي الله عنه: أَنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ، [حَدَّثَتْ أَنَّهَا] سَأَلَتْ نَبِيَّ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ المَرْأَةِ تَرَى فِي مَنَامِهَا مَا يَرَى الرَّجُلُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:((إِذَا رَأَتْ ذَلِكَ المَرْأَةُ فَلْتَغْتَسِلْ))، فَقَالَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ: وَاسْتَحْيَيْتُ مِنْ ذَلِكَ، قَالَتْ: وَهَلْ يَكُونُ هَذَا (أَتَجدُ المرأةُ شَهْوةً)؟ فَقَالَ نَبِيُّ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((نَعَمْ، فَمِنْ أَيْنَ يَكُونُ الشَّبَهُ؟ ! إِنَّ مَاءَ الرَّجُلِ غَلِيظٌ أَبْيَضُ، وَمَاءَ المَرْأَةِ رَقِيقٌ أَصْفَرُ، فَمِنْ أَيِّهِمَا عَلَا، أَوْ سَبَقَ، يَكُونُ مِنْهُ الشَّبَهُ)).
[الحكم]:
صحيح (م)، والمحفوظُ فيه: أن التي استحيتْ وقالت: ((وَهَلْ يَكُونُ هَذَا؟ )) هي: أم سلمة، وليست أم سُلَيم.
[التخريج]:
[م 311 (واللفظُ لَهُ، والزيادةُ لَهُ ولغيرِهِ) / كن 9225/ حب 6222 / .... ].
* تقدَّمَ الحديثُ بتخريجه كاملًا ورواياته تحت باب: (وجوب الغسل على المحتلمة)، حديث رقم (؟ ؟ ؟ ؟ ).
2855 -
حديثُ أُمِّ سُلَيمٍ:
◼ عن أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها قَالَت: قَالَتْ أُمُّ سُلَيمٍ: يَا رَسُولَ اللهِ، المَرأَةُ تَحتَلمُ؟ قَالَ:((إذَا نَزَلَ المَاءُ الأَصفَرُ فَلتَغتَسلْ)).
[الحكم]:
إسنادُهُ حسنٌ، وهو صحيحٌ لشواهدِهِ.
[التخريج]:
[طب (23/ 297/ 659)].
تقدَّمَ تحقيقُهُ تحت باب: (وجوب الغسل على المحتلمة).
2856 -
حديثُ ثَوْبَانَ:
◼ عَنْ ثَوبَانَ مَوْلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: كُنْتُ قَائِمًا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَجَاءَ حِبْرٌ مِنْ أَحْبَارِ الْيَهُودِ، فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا مُحَمَّدُ، فَدَفَعْتُهُ دَفْعَةً كَادَ يُصْرَعُ مِنْهَا، فَقَالَ: لِمَ تَدْفَعُنِي؟ فَقُلْتُ: أَلَا تَقُولُ يَا رَسُولَ اللهِ، فَقَالَ الْيَهُودِيُّ: إِنَّمَا نَدْعُوهُ بِاسْمِهِ الَّذِي سَمَّاهُ بِهِ أَهْلُهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((إِنَّ اسْمِي مُحَمَّدٌ الَّذِي سَمَّانِي بِهِ أَهْلِي))، فَقَالَ اليَهُودِيُّ: جِئْتُ أَسْأَلُكَ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:((أَيَنْفَعُكَ شَيْءٌ إِنْ حَدَّثْتُكَ؟ )) قَالَ: أَسْمَعُ بِأُذُنَيَّ
…
، الحديث بطوله.
وَفِيهِ مِمَا سَأَلَ عَنْهُ الْيَهُودِيُّ قَولَهُ: قَالَ: وَجِئْتُ أَسْأَلُكَ عَنْ شَيْءٍ لَا يَعْلَمُهُ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الَارْضِ إِلَا نَبِيٌّ، أَوْ رَجُلٌ، أَوْ رَجُلَانِ. قَالَ:((يَنْفَعُكَ إِنْ حَدَّثْتُكَ؟ )) قَالَ: أَسْمَعُ بِأُذُنَيَّ. قَالَ: جِئْتُ أَسْأَلُكَ عَنِ الْوَلَدِ؟ قَالَ: ((مَاءُ الرَّجُلِ أَبْيَضُ، وَمَاءُ الْمَرْأَةِ أَصْفَرُ، فَإِذَا اجْتَمَعَا، فَعَلَا مَنِيُّ الرَّجُلِ مَنِيَّ الْمَرْأَةِ، أَذْكَرَا بِإِذْنِ اللهِ، وَإِذَا عَلَا مَنِيُّ الْمَرْأَةِ مَنِيَّ الرَّجُلِ، آنَثَا بِإِذْنِ اللهِ)). قَالَ الْيَهُودِيُّ: لَقَدْ صَدَقْتَ، وَإِنَّكَ لَنَبِيٌّ، ثُمَّ انْصَرَفَ فَذَهَبَ.
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((لَقَدْ سَأَلَنِي هَذَا عَنِ الَّذِي سَأَلَنِي عَنْهُ، وَمَا لِي عِلْمٌ بِشَيْءٍ مِنْهُ، حَتَّى أَتَانِيَ اللَّهُ بِهِ)).
[الحكم]:
صحيح (م).
[اللغة]:
قوله: ((فَجَاءَ حِبْرٌ مِنْ أَحْبَارِ اليَهُودِ))، قال صاحب (مختار الصحاح): " (الحِبْرُ) بالكسرِ والفتحِ وَاحِدُ (أَحْبَارِ) اليَهُودِ، والكسرُ أَفْصَحُ لأنه يُجْمَعُ على أَفْعَالٍ دُونَ فُعُولٍ. وقال الفَرَّاءُ: هو بالكسرِ. وقال أبو عُبَيْدٍ: هو بالفتحِ. وقال
الأَصْمَعِيُّ: لا أَدْرِي أهو بالكسرِ أو بالفتحِ".
وقال صاحب (المصباح المنير): " (الحِبْرُ) العَالمُ والجمعُ (أَحْبَارٌ)؛ مثل حِمْل وأحْمَال، و (الحَبْرُ) بالفتح لغة فيه، وجمعه (حُبُورٌ) مثل فَلْس وفُلُوس، واقتصرَ ثعلب على الفتحِ وبعضُهم أنكرَ الكسرَ".
[التخريج]:
[م 315 (واللفظُ لَهُ) / كن 9222/ خز 232/ حب 7464/ ك 6168/ عه 906/ عب 21809/ بز 4176/ طب (2/ 93/ 1414) / طس 467/ طش 2868/ مسن 710/ مشكل 2659 (مختصرًا) / بغ 4387/ هق 798/ هقل (6/ 263) / صحا 1413/ حيد 86/ حجة 218/ نبق 74، 290/ ضياء (بلغة ق 21/ أ، ب) / نبغ 59/ حداد 3743].
[السند]:
قال مسلمٌ: حدَّثني الحسن بن علي الحلوانيُّ، حدثنا أبو توبة-وهو الربيع بن نافع-، حدثنا معاوية -يعني: ابنَ سلامٍ-، عن زيد -يعني: أخاه-: أنه سمعَ أبا سلام، قال: حدَّثني أبو أسماء الرحبيُّ: أن ثوبانَ مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم حدَّثَه، قال
…
، فذكر الحديث.
2857 -
حديثُ ابنِ عَبَّاسٍ:
◼ عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، قَالَ:((حَضَرَتْ عِصَابَةٌ مِنَ الْيَهُودِ نَبِيَّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا، فَقَالُوا: يَا أَبَا القَاسِمِ، حَدِّثْنَا عَنْ خِلالٍ نَسْأَلُكَ عَنْهُنَّ لَا يَعْلَمُهُنَّ إِلا نَبِيٌّ، قَالَ: ((سَلُونِي عَمَّا شِئْتُمْ، وَلَكِنِ اجْعَلُوا لِي ذِمَّةَ اللَّهِ، وَمَا أَخَذَ يَعْقُوبُ عليه السلام، عَلَى بَنِيهِ: لَئِنْ أَنَا حَدَّثْتُكُمْ شَيْئًا فَعَرَفْتُمُوهُ، لَتُتَابِعُنِّي عَلَى الإِسْلَامِ))، قَالُوا: فَذَلِكَ لَكَ، قَالَ:((فَسَلُونِي عَمَّا شِئْتُمْ)) قَالُوا: أَخْبِرْنَا عَنْ أَرْبَعِ خِلَالٍ نَسْأَلُكَ عَنْهُنَّ: أَخْبِرْنَا أَيُّ الطَّعَامِ حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ؟ وَأَخْبِرْنَا كَيْفَ مَاءُ المَرْأَةِ، وَمَاءُ الرَّجُلِ؟ كَيْفَ يَكُونُ الذَّكَرُ مِنْهُ [حَتَّى يَكُونَ ذَكَرًا، أَوْ كَيْفَ تَكُونُ الأُنْثَى مِنْهُ حَتَّى تَكُونَ أُنْثَى]؟ وَأَخْبِرْنَا كَيْفَ هَذَا النَّبِيُّ الأُمِّيُّ فِي النَّوْمِ؟ وَمَنْ وَلِيُّهُ مِنَ المَلائِكَةِ؟ قَالَ: ((فَعَلَيْكُمْ عَهْدُ اللَّهِ وَمِيثَاقُهُ لَئِنْ أَنَا أَخْبَرْتُكُمْ لَتُتَابِعُنِّي؟ )) قَالَ: فَأَعْطَوْهُ مَا شَاءَ مِنْ عَهْدٍ وَمِيثَاقٍ، قَالَ:((فَأَنْشُدُكُمْ بِالَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى صلى الله عليه وسلم هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ إِسْرَائِيلَ يَعْقُوبَ عليه السلام، مَرِضَ مَرَضًا شَدِيدًا، وَطَالَ سَقَمُهُ، فَنَذَرَ لِلَّهِ نَذْرًا لَئِنْ شَفَاهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ سَقَمِهِ، لَيُحَرِّمَنَّ أَحَبَّ الشَّرَابِ إِلَيْهِ، وَأَحَبَّ الطَّعَامِ إِلَيْهِ، وَكَانَ أَحَبَّ الطَّعَامِ إِلَيْهِ لُحْمَانُ الإِبِلِ، وَأَحَبَّ الشَّرَابِ إِلَيْهِ أَلبَانُهَا؟ )) قَالُوا: اللَّهُمَّ نَعَمْ، قَالَ:
((اللَّهُمَّ اشْهَدْ عَلَيْهِمْ، فَأَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، الَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى، هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ مَاءَ الرَّجُلِ أَبْيَضُ غَلِيظٌ، وَأَنَّ مَاءَ المَرْأَةِ أَصْفَرُ رَقِيقٌ، فَأَيُّهُمَا عَلَا كَانَ لَهُ الوَلَدُ وَالشَّبَهُ بِإِذْنِ اللَّهِ؟ إِنْ عَلَا مَاءُ الرَّجُلِ عَلَى مَاءِ المَرْأَةِ كَانَ ذَكَرًا بِإِذْنِ اللَّهِ، وَإِنْ عَلَا مَاءُ المَرْأَةِ عَلَى مَاءِ الرَّجُلِ كَانَ أُنْثَى بِإِذْنِ اللَّهِ؟ )). قَالُوا: اللَّهُمَّ نَعَمْ، قَالَ: ((اللَّهُمَّ اشْهَدْ عَلَيْهِمْ، فَأَنْشُدُكُمْ بِالَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى، هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ هَذَا النَّبِيَّ
الأُمِّيَّ تَنَامُ عَيْنَاهُ وَلا يَنَامُ قَلْبُهُ؟ )). قَالُوا: اللَّهُمَّ نَعَمْ. قَالَ: ((اللَّهُمَّ اشْهَدْ)). قَالُوا: وَأَنْتَ اآنَ فَحَدِّثْنَا: مَنْ وَلِيُّكَ مِنَ المَلائِكَةِ؟ فَعِنْدَهَا نُجَامِعُكَ أَوْ نُفَارِقُكَ؟ قَالَ: ((فَإِنَّ وَلِيِّيَ جِبْرِيلُ عليه السلام، وَلَمْ يَبْعَثِ اللَّهُ نَبِيًّا قَطُّ إِلَّا وَهُوَ وَلِيُّهُ)). قَالُوا: فَعِنْدَهَا نُفَارِقُكَ، لَوْ كَانَ وَلِيُّكَ سِوَاهُ مِنَ المَلائِكَةِ لَتَابَعْنَاكَ وَصَدَّقْنَاكَ، قَالَ:((فَمَا يَمْنَعُكُمْ مِنْ أَنْ تُصَدِّقُوهُ؟ )) قَالُوا: إِنَّهُ عَدُوُّنَا، قَالَ: فَعِنْدَ ذَلِكَ قَالَ اللَّهُ عز وجل: {قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ} إِلَى قَوْلِهِ عز وجل: {كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} فَعِنْدَ ذَلِكَ: [نزلت: ]{وَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ} الآيَةَ)).
[الحكم]:
صحيحٌ بشواهدِهِ، وَحَسَّنَ إسنادَهُ: البوصيريُّ، وَصَحَّحَهُ: أحمد شاكر.
[التخريج]:
[حم 2514 (واللفظُ لَهُ)، 2515/ طي 2854 (والزيادتانِ لَهُ) / طب 13012/ طبر (2/ 283) / سعد (1/ 147) / هقل (6/ 266) / تميد (كثير 1/ 336) / ضيا (11/ 22/ 12، 13)]
(1)
.
[السند]:
رواه أحمدُ (2514)، وابنُ سعدٍ، قالا -والسياقُ لأحمدَ-: ثنا هاشمُ بنُ القاسمِ، ثنا عبدُ الحميدِ، ثنا شهرٌ [قال: ] قال ابنُ عباسٍ:
…
فذكره، والزيادةُ لابنِ سَعْدٍ.
(1)
والحديثُ عند أحمدَ أيضًا برقم (2471)، وعند ابنِ أبي حاتمٍ في (التفسير 3816)، مختصرًا، ليس فيه موضع الشاهد، ولذا لم نذكرهما في التخريج.
ورواه أبو داودَ الطيالسيُّ -ومن طريقه البيهقيُّ- قال: حدثنا عبدُ الحميدِ بنُ بهرامَ، عن شهرِ بنِ حَوشبٍ، قال: حدَّثني ابنُ عباسٍ، به.
[التحقيق]:
الحديثُ بهذا السياقِ مدارُهُ عندهم على عبدِ الحميدِ بنِ بهرامَ.
وعبد الحميد ثقة؛ وَثَّقَهُ أحمدُ، وابنُ مَعينٍ، وغيرُهما، وقال الحافظُ:"صدوقٌ"(التقريب 3753).
وتكلَّم فيه شعبةُ، وغيرُهُ؛ لأجلِ روايته عن شهرٍ، وموقفُ شعبةَ من شهرٍ معروفٌ، وعلى أيةِ حالٍ: فروايةُ عبدِ الحميدِ بنِ بهرامَ عن شهرٍ لا تضره؛ فقد روى عن شهرٍ جماعةٌ من الثقاتِ كقتادةَ، وغيره، ولم يكن ذلك بضَارٍّ لهم.
وقد أثنى جماعةٌ منَ الأئمةِ على حديثِ عبدِ الحميدِ عن شهرٍ؛ فقال أحمد بن حنبل: "حديثُه عن شهرٍ مقارب، كان يحفظها كأنه يقرأُ سورةً منَ القرآنِ".
وقال الترمذيُّ: "قال أحمدُ بنُ حنبلٍ: لا بأسَ بحديثِ عبدِ الحميدِ بنِ بهرامَ عن شهرِ بنِ حَوشبٍ"، وقال يحيى بنُ سعيدٍ القطانُ:"مَن أرادَ حديثَ شهرٍ فعليه بعبد الحميد بن بهرام".
وقال أحمدُ بنُ صالحٍ: "أحاديثُه عن شهرٍ صحيحةٌ"، وبمثلِ هذا قالَ أبو حاتم الرازيُّ. انظر:(تهذيب الكمال 16/ 411)، (تهذيب التهذيب 6/ 110).
وأما شهرُ بنُ حَوشبٍ -شيخ عبد الحميد- فمختلفٌ فيه؛ وقال الحافظُ ابنُ حَجرٍ -ملخصًا حاله-: "صدوقٌ كثيرُ الإرسالِ والأوهامِ"(التقريب 2830).
وقال البوصيريُّ عن هذا الطريقِ: "هذا إسنادٌ حسنٌ"(إتحاف الخيرة 7/ 34).
وقال الألبانيُّ: "إسنادُهُ حسنٌ في الشواهدِ والمتابعاتِ"(الضعيفة 10/ 224).
واعتمدَ الشيخُ أحمد شاكر توثيقَ أحمدَ، وابنِ معينٍ لشهرٍ، وعليه صَحَّحَ حديثَه هذا في (تعليقه على تفسير الطبري 2/ 378، 379).
ولكن قال ابنُ كَثيرٍ: رواه محمد بن إسحاق بن يسار، حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين، عن شهر بن حوشب
…
، فذكره مرسلًا (التفسير 1/ 336).
وهكذا رواه الطبريُّ في (تفسيره 1606)، عن ابنِ حُميدٍ، عن سلمةَ، عن ابنِ إسحاقَ به، مرسلًا.
وسيأتي تخريجُهُ.
والحديثُ بطولِهِ لجميع فقراته شواهد، ويشهدُ للفقرةِ الخاصة بصفة مني الرجل والمرأة الحديث السابق عند مسلم من حديث أنس عن أم سليم.
وأما كونُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم تنامُ عينُه ولا ينامُ قلبُه، فله شواهد عدة منها حديث عائشة رضي الله عنها عند البخاري (1147)، ومسلم (738).
وعداوةُ اليهودِ لجبريلَ عليه السلام يشهدُ لها حديثُ أنسٍ عند البخاري (4480) في قصة إسلام عبد الله بن سلام، وكفى بالقرآنِ شاهدًا.
روايةُ (وَإِنْ اجْتَمَعَا جَمِيْعًا كَانَ مِنْهَا وَمِنْهُ):
• وفي روايةٍ: عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما، قَالَ:((أَتَى نَفَرٌ مِنَ اليَهُودِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا: إِنْ أَخْبَرَنَا بِمَا نَسْأَلُهُ فَهُوَ نَبِيٌّ، فَقَالُوا: مِنْ أَيْنَ يَكُونُ الشَّبَهُ يَا مُحَمَّدُ؟ فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: نُطْفَةُ الرَّجُلِ غَلِيظَةٌ، وَنُطْفَةُ المَرْأَةِ صَفْرَاءُ رَقِيقَةٌ، فَأَيُّهُمَا غَلَبَ صَاحِبَتَهَا فَالشَّبَهُ لَهُ، وَإِنْ اجْتَمَعَا جَمِيْعًا كَانَ مِنْهَا وَمِنْهُ. قَالُوا: صَدَقْتَ)).
[الحكم]:
صحيحُ المتنِ دونَ قوله: ((وَإِنْ اجْتَمَعَا جَمِيْعًا كَانَ مِنْهَا وَمِنْهُ))، فهو ضعيفٌ بهذا التمامِ، وَضَعَّفَهُ: السيوطيُّ، والألبانيُّ.
[التخريج]:
[بز 4942/ عظ 1075 (واللفظُ لَهُ) / فقط (أطراف 58) (وفي آخره زيادة لم نذكرها)].
[السند]:
قال البزارُ: حدثنا السكن بن سعيد، قال: حدثنا أبو عامر عبد الملك بن عمرو، قال: حدثنا إبراهيم بن طهمان، عن مسلم، عن مجاهد، عن ابن عباس، به.
ورواه الدارقطنيُّ، وأبو الشيخِ: من طريق إبراهيم بن طهمان، به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ فيه: مسلم، وهو ابن كيسان الأعور؛ ضَعَّفَهُ الأئمةُ، وقال الحافظُ:"ضعيفٌ"(التقريب 6641).
ومع ضَعْفِهِ فقد تَفَرَّدَ بهذه الروايةِ، قال الدارقطنيُّ: "تفرَّدَ به مسلمٌ الأعورُ
عن مجاهدٍ، ولم يروه عنه غير إبراهيم بن طهمان".
وقال البزارُ: "هذا الحديثُ قد رُويَ نحو منه عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجوهٍ، وفي حديثِ ابنِ عباسٍ زيادةٌ ليستْ في حديثِ غيرِهِ، ولا نعلمُ يُرْوَى عن ابنِ عباسٍ إلا من هذا الوجهِ".
وفي كلامِ البزارِ إشارة إلى استنكار هذه الزيادة التي تفرَّدَ بها الأعورُ، وهي قوله:((وَإِنْ اجْتَمَعَا جَمِيْعًا كَانَ مِنْهَا وَمِنْهُ))، فهي زيادةٌ منكرةٌ؛ لضعفِ راويها وتفرده بها.
قال الألبانيُّ: "وفي ثبوتها -يعني: الزيادة المذكورة- نظرٌ عندي؛ لمخالفته للأحاديث الصحيحة المشار إليها آنفًا"؛ يعني: حديث ثوبان وغيره مما سبق، انظر:(الضعيفة 11/ 806).
ولم يجزمِ الشيخُ بضعفها هنا؛ لأنه لم يتبينْ له هل مسلم الراوي عن مجاهد هو الأعور الضعيف، أم البطين الثقة؟ ثم قال:"لكن الحديث بالأول منهما أشبه"، انظر:(الضعيفة 11/ 806).
وكذلك استظهرَ الشيخُ -في مكان آخر- أنه الأعورُ الضعيفُ، بناءً على عدمِ وجودِ الشواهدِ التي تؤيدُ روايته، انظر:(الضعيفة 10/ 224).
قلنا: هو حديثُ الأعورِ بلا شَكٍّ، وقد جاءَ مصرحًا به في سندِ الدارقطنيِّ، ونصَّ الدارقطنيُّ على تفرده به كما سبق.
والحديثُ رمزَ لضعفه السيوطيُّ في (الجامع الصغير 9265).
2858 -
حديثُ شَهْرٍ مُرْسَلًا:
◼ عَنْ شَهْرِ بنِ حَوْشَبٍ الأَشْعَرِيِّ: ((أَنَّ نَفَرًا مِنَ اليَهُودِ جَاءُوا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا: يَا مُحَمَّدُ، أَخْبِرْنَا عَنْ أَرْبَعٍ نَسْأَلُكَ عَنْهُنَّ فَإِنْ فَعَلْتَ اتَّبَعْنَاكَ وَصَدَّقْنَاكَ وَآمَنَّا بِكَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((عَلَيْكُمْ بِذَلِكَ عَهْدُ اللَّهِ وَمِيثَاقُهُ لَئِنْ أَنَا أَخْبَرْتُكُمُ بِذَلِكَ لَتُصَدِّقُنِّي)). قَالُوا: نَعَمْ. قَالَ: ((فَاسْأَلُوا عَمَّا بَدَا لَكُمْ)). فَقَالُوا: أَخْبِرْنَا كَيْفَ يُشْبِهُ الوَلَدُ أُمَّهُ وَإِنَّمَا النُّطْفَةُ مِنَ الرَّجُلِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ وَبِأَيَّامِهِ عِنْدَ بَنِي إِسْرَائِيلَ هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ نُطْفَةَ الرَّجُلِ بَيْضَاءُ غَلِيظَةٌ، وَنُطْفَةُ المَرْأَةِ صَفْرَاءُ رَقَيْقَةٌ، فَأَيُّهُمَا غَلَبَتْ صَاحِبَتَهَا كَانَ لَهَا الشَّبَهُ؟ )). قَالُوا: نَعَمْ. قَالُوا: فَأَخْبِرْنَا كَيْفَ نَوْمُكَ؟ قَالَ: ((أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ وَبِأَيَّامِهِ عِنْدَ بَنِي إِسْرَائِيلَ، هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ هَذَا النَّبِيَّ الأُمِّيَّ تَنَامُ عَيْنَاهُ وَلَا يَنَامُ قَلْبُهُ؟ )). قَالُوا: اللَّهُمَّ نَعَمْ.
قَالَ: ((اللَّهُمَّ اشْهَدْ)) قَالُوا: أَخْبِرْنَا أَيُّ الطَّعَامِ حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْرَاةَ؟ قَالَ: ((هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّهُ كَانَ أَحَبَّ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ إِلَيْهِ أَلْبَانُ الإِبِلِ وَلُحُومُهَا، وَأَنَّهُ اشْتَكَى شَكْوَى فَعَافَاهُ اللَّهُ مِنْهَا، فَحَرَّمَ أَحَبَّ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ إِلَيْهِ شُكْرًا لِلَّهِ، فَحَرَّمَ عَلَى نَفْسِهِ لُحُومَ الإِبِلِ وَأَلْبَانَهَا؟ )). قَالُوا: اللَّهُمَّ نَعَمْ. قَالُوا: فَأَخْبِرْنَا عَنِ الرُّوحِ؟ . قَالَ: ((أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ وَبِأَيَّامِهِ عِنْدَ بَنِي إِسْرَائِيلَ، هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّهُ جِبْرِيلُ وَهُوَ الَّذِي يَأْتِينِي؟ )) قَالُوا: نَعَمْ، وَلَكِنَّهُ لَنَا عَدُوٌّ، وَهُوَ مَلَكٌ إِنَّمَا يَأْتِي بِالشِّدَّةِ وَسَفْكِ الدِّمَاءِ، فَلَوْلَا ذَلِكَ اتَّبَعْنَاكَ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِمْ:{قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ} إِلَى قَوْلِهِ: {كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} )).
[الحكم]:
صحيحُ المتنِ بشواهدِهِ، وإسنادُهُ ضعيفٌ مرسلٌ.
[التخريج]:
[طبر (2/ 283)].
[السند]:
قال الطبريُّ: حدثنا ابنُ حُميدٍ، قال: ثنا سلمةُ، قال: حدَّثني محمدُ بنُ إسحاقَ، قال: حدَّثني عبدُ اللهِ بنُ عبدِ الرحمنِ بنِ أبي الحسينِ -يعني: المكيَّ- عن شهرِ بنِ حوشبٍ الأشعريِّ، به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ فيه -مع إرساله-: محمدُ بنُ حُميدٍ الرازيُّ، قال عنه الحافظُ:"حافظٌ ضعيفٌ"(التقريب 5834)، بل رَمَاه أبو زُرعةَ وغيرُهُ بالكذبِ، ولذا قال الذهبيُّ:"وَثَّقَهُ جماعةٌ والأَولى تركه"(الكاشف 4810).
وسلمةُ هو ابنُ الفضلِ: "صدوقٌ كثيرُ الخطأِ" كما في (التقريب 2505).
2859 -
حديثُ ابنِ مَسْعُودٍ:
◼ عن عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ رضي الله عنه، قَالَ: جَاءَ نَفَرٌ مِنَ اليَهُودِ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالُوا: يَا مُحَمَّدُ، إِنْ كُنْتَ نَبِيًّا كَمَا تَذْكُرُ فَأَخْبِرْنَا مِنْ أَيْنَ الشَّبَهُ؟ يُشْبِهُ الرَّجُلُ مَرَّةً أَعْمَامَهُ، وَمَرَّةً أَخْوَالَهُ، فَقَالَ:((إِنَّ مَاءَ الرَّجُلِ أَبْيَضُ غَلِيظٌ، وَمَاءُ المَرْأَةِ أَصْفَرُ رَقِيقٌ فَأَيُّهُمَا عَلَا غَلَبَ الشَّبَهُ)).
[الحكم]:
صحيحُ المتنِ، وإسنادُهُ ضعيفٌ.
[التخريج]:
[بز 1550].
[السند]:
قال البزارُ: حدثنا أحمد بن إسحاق الأهوازي، قال: نا عامر بن مدرك، قال: نا عتبة بن يقظان، عن حماد، عن إبراهيم، عن أخواله -يعني: علقمةَ والأسودَ- عن عبد الله، به.
ثم قال البزارُ -بعد أن روى حديثًا آخر بهذا الإسناد-: "وهذان الحديثان لا نعلمهما يرويان من حديث حماد، عن إبراهيم، عن علقمة والأسود، عن عبد الله؛ إلا من هذا الوجه، ولم نسمعهما إلا من أحمد بن إسحاق عن عامر بن مدرك".
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ فيه علتان:
الأولى: عامرُ بنُ مدرك؛ قال فيه الحافظُ: "لينُ الحديثِ"(التقريب 3108).
الثانية: عتبةُ بنُ يقظان؛ قال الحافظُ: "ضعيفٌ"(التقريب 4444).
ويشهدُ للحديثِ الأحاديثُ السابقةُ.
روايةُ (مِنْ كُلٍّ يُخْلَقُ: مِنْ نُطْفَةِ الرَّجُلِ، وَمِنْ نُطْفَةِ المَرْأَةِ):
• وفي روايةٍ: عَنِ ابنِ مَسْعُودٍ، قَالَ:((مَرَّ يَهُودِيٌّ بِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَهُوَ يُحَدِّثُ أَصْحَابَهُ، فَقَالَتْ قُرَيْشٌ: يَا يَهُودِيُّ، إِنَّ هَذَا يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ، فَقَالَ: لَاسْأَلَنَّهُ عَنْ شَيْءٍ لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا نَبِيٌّ، قَالَ: فَجَاءَ حَتَّى جَلَسَ ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، [أَخْبِرْنِي] مِمَّ يُخْلَقُ الإِنْسَانُ؟ (أَمِنْ نُطْفَةِ الرَّجُلِ يُخْلَقُ الإِنْسَانُ أَوْ مِنْ نُطْفَةِ المَرْأَةِ؟) قَالَ: يَا يَهُودِيُّ، مِنْ كُلٍّ يُخْلَقُ: مِنْ نُطْفَةِ الرَّجُلِ، وَمِنْ نُطْفَةِ المَرْأَةِ، فَأَمَّا نُطْفَةُ الرَّجُلِ فَنُطْفَةٌ [بَيْضَاءُ] غَلِيظَةٌ، مِنْهَا [يَكُونُ] العَظْمُ وَالعَصَبُ، وَأَمَّا نُطْفَةُ المَرْأَةِ فَنُطْفَةٌ [صَفْرَاءُ] رَقِيقَةٌ، مِنْهَا [يَكُونُ] اللَّحْمُ وَالدَّمُ، فَقَامَ اليَهُودِيُّ، فَقَالَ: هَكَذَا كَانَ يَقُولُ مَنْ قَبْلَكَ)).
[الحكم]:
ضعيفٌ بهذا السياقِ.
[التخريج]:
[حم 4438 (واللفظُ لَهُ) / كن 9027/ طب (10/ 172/ 10360) (والزياداتُ، والروايةُ له) / عظ 1072].
[السند]:
رواه أحمدُ، قال: ثنا حسين بن الحسن، ثنا أبو كُدَيْنَةَ، عن عطاء بن السائب، عن القاسم بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن عبد الله، به.
ورواه النسائيُّ، وأبو الشيخِ من طريق محمد بن الصلت عن أبي كُدَيْنَةَ، به.
ورواه الطبرانيُّ من طريقِ حمزةَ الزياتِ عن عطاءٍ، به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ فيه: عطاء بن السائب؛ وكان قد اختلطَ، وأبو كُدَيْنَةَ-وهو يحيى بن المهلب-وحمزة الزيات ليسا ممن سمعا من عطاء قبل الاختلاط، وانظر:(الكواكب النيرات 39)، و (تهذيب التهذيب 7/ 206).
وفي سماع عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود -والد القاسم- من أبيه عبد الله بن مسعود اختلاف:
"سُئِلَ أحمدُ بنُ حنبلٍ، هل سمع عبد الرحمن من أبيه؟ فقال: أما الثوريُّ وشَريكٌ فيقولان سمعَ، وكذلك أثبتَ له ابنُ المدينيِّ السماعَ من أبيه"(جامع التحصيل 437).
وقال أبو حاتمٍ: "سمع من أبيه، وهو ثقةٌ"(تهذيب التهذيب 6/ 215).
ونَفَاهُ شعبةُ وابنُ مَعينٍ-في روايةٍ-، ونقله الحاكمُ عن مشايخِ أهلِ الحديثِ.
وتعقَّبَهُ في ذلك الحافظُ ابنُ حَجرٍ؛ فقد أثبتَ سماعَهُ من أبيه: ابنُ المدينيِّ، والبخاريُّ، وابنُ مَعينٍ -في روايةٍ أُخرَى-، انظر:(تهذيب التهذيب 6/ 215)، والقولُ بسماعِهِ من أبيه هو الصحيحُ، والله أعلم.
إلَّا أنَّ العجليَّ قال: "يُقالُ: إِنَّهُ لم يسمعْ من أبيه إلا حرفًا واحدًا: ((مُحَرِّمُ الحَلَالِ كَمُسْتَحِلِّ الحَرَامِ)) (الثقات 1052).
والحديثُ ضَعَّفَهُ أحمد شاكر في (تعليقه على المسند 1/ 465)، وأعلَّه بالحسينِ بنِ الحسنِ -شيخ أحمد-، وهو الأشقرُ الفزاريُّ؛ قال البخاريُّ:"فيه نظر"(التاريخ الكبير 2/ 385)، وقال أبو حَاتمٍ:"ليس بقويٍّ في الحديثِ"، وقال أبو زُرعةَ:"هو شيخٌ منكرُ الحديثِ"(الجرح والتعديل 3/ 49)، وقال ابنُ مَعينٍ:"كان منَ الشيعةِ الغاليةِ"، قيلَ: فكيفَ حديثُهُ؟ قال: "لَا بأسَ به"، قيل:"صدوقٌ؟ "، قال:"نعم، كتبتُ عنه"(تهذيب التهذيب 2/ 336)، وقال الحافظُ:"صدوقٌ يَهِمُ، ويغلو في التشيعِ"(التقريب 1318).
قلنا: ولكن الحسين هذا متابع كما سبقَ؛ تابعه محمد بن الصلت أبو جعفر الأسديُّ، وهو ثقةٌ من رجالِ الصحيحِ (التقريب 5970).
فعلةُ إسنادِهِ منحصرةٌ في اختلاطِ عطاءٍ.
وقد رُوي من وجهٍ آخرَ عن عطاءٍ:
فرواه الطبرانيُّ من طريقِ معاويةَ بنِ هشامٍ، عن حمزةَ الزياتِ، عن عطاءٍ، به.
ورجالُ إسنادِهِ ثقاتٌ، رجالُ الصحيحِ، غير أن عطاءً قدِ اختلطَ، كما سبقَ، وحمزةُ الزياتُ ليسَ ممن سمع منه قبل اختلاطه.
وقد تفرَّدَ عطاءٌ بهذا السياقِ، وهو سياقٌ ضعيفٌ، لم يأتِ من وجهٍ صحيحٍ، والحديثُ محفوظٌ بغيرِ هذا اللفظِ، كما سبقَ.
[تنبيهان]:
الأول: روى البزارُ هذا الحديث في (مسنده 2000)، عن الفضل بن سهل، نا محمد بن الصلت، نا أبو كُدَيْنَةَ، عن عطاءٍ به، وذكره بلفظ:((إِذَا عَلَا مَاءُ الرَّجُلِ؛ غَلَبَ الشَّبَهُ، وَإِذَا عَلَا مَاءُ المَرْأَةِ؛ غَلَبَ الشَّبَهُ)).
وهذا السياقُ صحيحٌ ثابتٌ من غيرِ ما وجهٍ كما سبقَ، ويبدو أنه مختصرٌ منَ الروايةِ المطوَّلةِ عند أحمدَ، والطبرانيِّ، فالطريقُ واحدٌ، وانظر:(تنبيه الهاجد 421).
الثاني: قال الهيثميُّ: "رواه أحمدُ، والطبرانيُّ، والبزارُ بإسنادين، وفي أحدِ إسناديه عامر بن مُدرك؛ وَثَّقَهُ ابنُ حِبَّانَ، وَضَعَّفَهُ غيرُه، وبقية رجالُهُ ثقاتٌ، وفي إسنادِ الجماعةِ عطاء بن السائب؛ وقدِ اختلطَ"، (المجمع 13901).
وفي هذا الكلامِ نظرٌ من وجهين:
الأول: أن روايةَ عامر بن مدرك فيها عتبة بن يقظان؛ وهو ضعيفٌ أيضًا، كما سبقَ.
الثاني: أنه خلط بين رواية عامر بن مدرك السابقة، وبين رواية عطاء هذه، مع أن رواية عامر لها شواهد تصحُّ بها، بخلافِ روايةِ عطاءٍ، فليس لها شواهد، فهي ضعيفةٌ، وانظر:(الضعيفة 11/ 805).
2860 -
حديثُ أَبِي عَائِشَةَ:
◼ عَنْ (أَبِي عَائِشَةَ قَالَ)
(1)
: إِنَّ نَفَرًا مِنَ اليَهُودِ أَتَوْا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا: نَسْأَلُكَ عَنْ ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ، لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا نَبِيٌّ، أَخْبِرْنَا عَنْ حَمَلَةِ العَرْشِ مَنْ هُمْ؟ وَعَنْ مَنِيِّ الرَّجُلِ وَمَنِيِّ المَرْأَةِ، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم:((أَمَّا حَمَلَةُ العَرْشِ فَإِنَّ الهَوَامَّ تَحْمِلُهُ بِقُرُونِهَا، وَالبَحْرَةُ الَّتِي في الشَّمْسِ مِن عَرَقَهِم، وَمَنِيُّ الرَّجُلِ أَبْيَضُ غَلِيظٌ، وَمَنِيُّ المَرْأَةِ أَصْفَرُ رَقِيقٌ))، وَذَكَرَ الثَّالِثَةَ، فَقَالُوا: نَشْهَدُ أَنَّكَ نَبِيٌّ، هَكَذَا نَجِدُهُ فِي التَّوْرَاةِ.
[الحكم]:
مرسلٌ ضعيفٌ، وفي متنِهِ نكارةٌ، وما ذكره من صفةِ المنيِّ صحيحٌ بشواهدِهِ.
[التخريج]:
[حق (مط 3014)، (خيرة 240) / كر (67/ 27)].
[السند]:
قال إسحاقُ بنُ راهويه: أخبرنا بقيةُ بنُ الوليدِ، حدثني بحيرُ
(2)
بنُ سعدٍ، عن خالدِ بنِ معدانَ، عن أبي عائشةَ، به.
ورواه ابنُ عساكرَ من طريقِ موسى بنِ هارون، نا إسحاقُ بنُ راهويه، به.
(1)
وقع في المطبوع من (المطالب)، و (الإتحاف):(عن عائشة)، وهو خطأٌ؛ فقد ذكرَ ابنُ عساكرَ هذا الحديثَ من طريقِ إسحاقَ تحت ترجمة أبي عائشة هذا، ونقلَ عن موسى بنِ هارونَ أنه قال:"ولا نعرفُ أبا عائشةَ هذا"، وانظر التحقيق.
(2)
تحرَّف في المطبوع من (تاريخ دمشق) إلى: (يحيى).
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ فيه ثلاثُ عللٍ:
العلةُ الأُولى: الإرسالُ؛ أبو عائشةَ هو القرشيُّ الأمويُّ جليسُ أبي هريرةَ، ذكره بعضُهم في الصحابةِ فَوَهِمَ، وهو تابعيٌّ كما قال أبو أحمدَ الحاكمُ، وأقرَّهُ الحافظُ في (الإصابة 12/ 496).
وانظر ما يلي:
العلةُ الثانيةُ: أبو عائشةَ هذا؛ حاله غير معروفة، قال ابنُ حزمٍ، وابنُ القطانِ:"مجهولٌ"(تهذيب التهذيب 12/ 146)، وقال الذهبيُّ:"غيرُ معروفٍ"(الميزان 4/ 543)، وقال الحافظُ:"مقبولٌ"(التقريب 8202)؛ يعني: عند المتابعةِ، ولم يتابعْ على هذا السياق -خلا صفة المني-، وقال ابنُ عساكر: "
…
ولا نعرفُ أبا عائشةَ هذا، ونَرى أنه رجلٌ لم يلقَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم " (تاريخ دمشق 67/ 27).
قلنا: وفي متنِ حديثِهِ نكارةٌ وهي:
العلةُ الثالثةُ: النكارةُ في قولِهِ: ((أَمَّا حَمَلَةُ العَرْشِ فَإِنَّ الهَوَامَّ تَحْمِلُهُ بِقُرُونِهَا، وَالبَحْرَةُ الَّتِي في الشَّمْسِ مِن عَرَقَهِم))، وقد أشارَ إليها الحافظُ موسى بنُ هارونَ الحمالُ؛ فقد رواه عن ابنِ راهويه مختصرًا، لم يذكرْ منه سوى صفة المني، وحذفَ بقيةَ متنه مستنكرًا له، فقال: "وفيه كلام لا أعرفه في شيءٍ منَ الحديثِ؛ فتركته
…
" (تاريخ دمشق 67/ 27).
وبقية رجاله ثقات، رجال الصحيح، عدا بقية بن الوليد، استشهدَ به البخاريُّ، وروى له مسلمٌ في المتابعاتِ، وهو ثقةٌ، لكنه يُدَلِّسُ عن الضعفاءِ كما في (التقريب 734)، وقد صرَّح هنا بالسماعِ من شيخِهِ بَحير، فالعلةُ في إرسالِهِ وضعف مُرسِلِهِ.