الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة الطبعة الثانية
يسعدني أن تصدر هذه الطبعة فى المشرق ليتعرف إخواننا الباحثون والطلبة على شخصية فكرية سابقة لوقتها من علماء الجزائر. لقد صدرت الطبعة الأولى في الجزائر ولم توزع خارجها فحرم باحثو النهضة الإسلامية ودارسو الصحوة الإصلامية بمفهومها القديم والحديث، من معرفة الدور الذي قام به بعض الرواد في هذا المجال.
لقد دعا ابن العنابي إلى التجديد الإسلامي وإلى الصحوة منذ 1826 في كتاب ألفه في مصر بعنوان (السعي المحمود في نظام الجنود). ورجع بعد ذلك إلى وطنه الجزائر فإذا بهذا الوطن يقع فريسة للاحتلال الفرنسي (1830). وقد سارع الفرنسيون بنفي ابن العنابي من وطنه الأول فحل في وطنه الثاني (مصر) حيث قضى بقية حياته مفتيا في الاسكندرية إلى وفاته منة 1850 - 51. فهو ضحية فكره ومساعيه من أجل تحرير قومه من الخرافات والأوهام والتخلف، وهو أيضا ضحية الاحتلال الفرنس لبلاده.
كم من مؤلفات ألفت عن الطهطاوي والبستاني واليازجي والأفغاني إلخ ولكن إذا عرفنا أن هؤلاء جميعا ظهروا بعد ابن العنابي بفترة غير قصيرة، ندرك الإجحاب الذي وقع في حق هذا الرجل. ولعل السبب يعود إلى أن كتابه ظل مخطوطا فى مكتبات مصر وإسطنبول، وان الجزائريين كانوا محرومين من نعمة الحرية والعلم تحت الاستعمار الأجنبي، فبقي الرجل وبقي عمله غير معروفين للباحثين. وقد بدأت في تسليط الضوء على دور ابن العنابي منذ منتصف
السبعينات حين ساهمت ببحث عنه فى ندوة بالقاهرة نظمتها جامعة عين شمس. ثم طبع كتابي عنه سنة 1978 بالجزائر حيث ظل حبيسا إلى أن قدر له الآن أن يعاد طبعه في المشرق.
إن هذه الطبعة الثانية تمتاز بزيادات كثيرة. أهمها الترجمة التي خصه بها معاصره فى مصر وهو عبد الحميد بيك فى كتابه الذي ما يزال مخطوطا. وقد لخصناها نحن في المدخل، وهي تلقي أضواء جديدة على حياته لم نكن قد اطلعنا عليها في الطبعة الاولى. أما الزيادة الثانية فتتمثل في اطلاعنا على كتابيه (التحقيقات الإعجازية) و (صيانة الرياسة) وكلاهما قدمناه ملخصا في قسم (آثاره)، بالإضافة إلى ذلك هناك إثراء واضح للنص بالتعاليق ونحوها، ومن ثمة إثراء للبيبلوغرافية أيضا.
ولذلك فإنه لا يسعني إلا أن أتقدم بالشكر إلى كل الذين أمدوني بالمعلومات المذكورة، ولا سيما الاستاذ فرج محمود فرج الذي بعث لي من مصر صورة من كتاب (التحقيقات) ونسخة باليد مما عثر عليه من (صيانة الرياسة). وإني لآمل أن يسد هذا الكتاب بعض النقص الذي تعاني منه حركة التواصل الفكري بين المغرب والمشرق العربيين. كما آمل أن يحظى ابن العنابي بما هو أهل له بين رواد الصحوة الإسلامية. والله من وراء القصد.
الجزائر في 4 أبريل 1990.
أبو القاسم سعد الله
جامعة الجزائر