الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نص الفصوص لنور العين مستعارة
…
فص النصوص بديع الزمن استنارة
يطوق العصر إفنانا متوجة
…
صاغ لها الصاغ (كذا) قرطين على المنارة
طبق البيان معان (كذا) التاج رصعها
…
سبعا بنيرة الكواكب السيارة
مجاز مرسله حق مشاكلته
…
تغليب مكني بالإستخدام استعارة
حيا الضياء فود الشمس مقتبسة
…
شمس البني من أبي بان بلا استخارة
صلو (كذا) على المصطفى وسلموا واقفوا
…
بختم الرضى قفوا الفي الخيرة
ومهما كان الأمر فإن ابن العنابي انتهى من كتابه سنة 1231 كما أشرنا، وختمه بهذه العبارات:(والحمد لله على ما رزق من التيسير، وسهل من تحرير هذا المجموع الأثير، فقد أنجزت فيه ما وعدت، وما قصرت فيما جمعت وهذبت، طال ما سهرت فيه الليالي، وأعملت في حل عوسصه نظري وبالي، وكان فراغي من تحريره بأواسط محرم سنة إحدى وثلاثين واثني عشر مائة. وتم نسخ هذه صبيحة أول يوم من ربيع الثاني سنة 1231).
4 -
صيانة الرياسة:
ولابن العنابي كتاب آخر في أمور القضاء والسياسة، ذكره له عبد الحميد بك في تاريخه المخطوط، كما جاء بالقصة التي توضح لماذا أقدم ابن العنابي على هذا التأليف. ورغم أننا لم نطلع على كل هذا الكتاب فإننا نورد الوصف الذي وصفه به عبد الحميد بك والظروف التي ألفه فيها. يروي عبد الحميد بك أن محمد علي، والي مصر، قد ولى ابن العنابي فتوى الحنفية بالإسكندرية على أثر وفاة مفتيها خليل السعدان الذي تصادفت وفاته مع وصول ابن العنابي من الجزائر سنة 1246. وبقي ابن العنابي في هذا المنصب إلى سنة 1266 حين عزله منه والي مصر عباس باشا، حفيد محمد علي، بعد أن نقم عليه نتيجة الوشاية والتآمر الشخصي. وسبب العزل، على ما يذكر عبد الحميد بك، أنه في آخر عهد محمد علي كان أصحاب الدعاوى يستفتون المفتيين في أمورهم فإذا ظهر الحق إلى جانب الذي معه الفتوى يقوم المدعي عليه باستفتاء مفتي آخر ويأتي
بفتوى أخرى مستفيدا من اختلاف المذاهب الفقهية، وبذلك تعاد رؤية الدعوى أمام القضاة، وهكذا. وقد كثرت هذه الدعاوى والفتاوى كثرة أحدثت بلبلة، وكانت وسيلتها رشوة المفتيين.
وقد فكر محمد علي في ذلك، وظهر عليه الانزعاج والملل مما كان يحدث بين القضاة وأصحاب الدعاوى. فاستدعى ابن العنابي، وأمره (بتأليف كتاب يجمع فيه ما رجح من أقوال المذاهب الأربعة، ويوفق مع الأقوال قوانين السياسة. وتصير كل الأحكام عليه) وبذلك لم تعد ضرورة للاستفتاء من المذاهب الأربعة. وكان هدف محمد علي الأخذ بالقول الراجح وقطع الطريق على التلاعب بالقوانين الشرعية وتداخلها مع السياسة الوضعية التي كان يسير عليها. وأخذ ابن العنابي في تأليف الكتاب على ضوء هذه التعليمات. ويبدو أنه انتهى منه وصار معمولا به بين القضاة والمفتيين، لأن عبد الحميد بك يذكر أنه لما ولى عباس سنة 1265 تحرك خصوم ابن العنابي الساخطين على كتابه الذي حرمهم من التعامل الحر مع أصحاب الدعاوى، وسعوا لدى الوالي الجديد في إبطال العمل بكتاب ابن العنابي. وقد حاكوا لذلك خيوطا وأقنعوا الوالي بأن العمل بالكتاب المذكور يضعف الدين الإسلامي ويؤدي إلى إزالته أصلا من الوجود، وبالغوا في الكيد لابن العنابي، فاتهموه لدى الوالي بالزندقة والخروج عن الجماعة الإسلامية (رجل خارجي). ويقول مترجم ابن العنابي (وقصدهم من ذلك ارتزاقهم من الفتاوى على الاختلاف في المذاهب. وما زالوا به حتى نقم عليه (عباس) وعزله. وولاها الشيخ محمد البنا). وهو أحد تلاميذ ابن العنابي.
واسم هذا الكتاب الذي أثار الضجة المذكورة، (صيانة الرياسة ببيان القضاء والسياسة). ولا ندري ما (الرياسة) التي يقصدها ابن العنابي، هل هي الرياسة الدنيوية أو الشرعية. والغالب على الظن أنه يقصد الأولى، أي صيانة الدولة. والظاهر أنه أنجز مهمته فألف الكتاب وأصبح معمولا به لدى من يهمهم الأمر وبإلزام من قبل محمد علي. غير أن مترجمه يشير إلى أن ابن العنابي قد
كتب منه عشر كراسات، مما يوحي بأنه لم يتمه. ويتضح لنا أن الكتاب يتماشى مع تجربة ابن العنابي في القضاء والإفتاء سواء في الجزائر أو في مصر، كما يتماشى مع مواقفه المتحررة التي عبر عنها في كتابه (السعي المحمود) من وجوب الأخذ بأسباب النهضة الإسلامية وذلك بتقليد الأروبيين في كل ما يعود على الإسلام والمسلمين بالنفع، وأخيرا فإن الكتاب يتماشى مع تجربته الواسعة في الشؤون السياسية والدبلوماسية والتي تكلمنا عليها فيما مضى. وليت، الباحثين يعثرون على نسخة كاملة من هذا الكتاب لنعرف آراء ومواقف إضافية عن مؤلفه.
ومهما كان الأمر، فإن الموجود منه حتى الآن لا يتجاوز الكراسة، إذ يقع في 14 ورقة فقط (28 صفحة، مقاس 21 في 16)(10)، وموضوعه هو الفقه الحنفي وليس فقه المذاهب الأربعة، كما ذكر السيد عبد الحميد بك، وقد ذكر ابن العنابي في المقدمة صراحة أن محمد علي والي مصر هو الذي طلب هذا العمل، ولكنه لم يذكر التفاصيل التي أوردها عبد الحميد بك. وأشار ابن العنابي إلى ذلك بقوله إن أحكام الشريعة الإسلامية قد تضمنت سوابق سياسية تتماشى والعقل السليم حتى أن الأمم الأخرى اقتبست واستفادت منها، وإن محمد علي قد سمع بذلك فرغب في تجديد العمل بالأحكام السابقة بعد اندراس العمل بها، وذلك (بوضع مختصر جامع لأحكام القضايا السياسية المأثورة) كما أشار إلى أن هذه الأحكام ستكون طبقا للمذهب الحنفي (دون التنصيص المباشر عليه) وذلك في قوله عن مشروعه (منتخب من صحيح المذهب) وليس المذاهب الأربعة. وهكذا استجاب ابن العنابي لأنه لا يسعه،
(10) جاء في النسخة التي نسخها لي منه الأستاذ فرج محمود من مكتبة الأسكندرية، إن هذه القطعة عن الكتاب مكتوبة بخط أسود جيد، وأن الورق أصفر رقيق وأن الخط عربي شرقي. وحسب الناسخ فإن رقم القطعة في مكتبة الإسكندرية هو 11767 خزانة 6005 - ج (فقه حنفي). ويقول الناسخ أيضا أن العناوين الداخلية مكتوبة بالحبر الأزرق. وقد ترك الناسخ مكان بعض العبارات بياضا دليلا على أنه لم يفهم المكتوب أو هو بياض بالأصل أو فيه تآكل، فهو لم يوضح لي ذلك، كما أن آخر صفحة 28 غير منته، دليلا على أن النص ما يزال مستمرا بعد ذلك.
كما قال، إلا الطاعة والمبادرة والمسارعة في تلبية رغبة محمد علي. وهذه عبارته:
(أما بعد، فإن أحكام الشريعة المحمدية تضمنت قديم سياسيات تأنس لها العقول الذكية، يا لها من شريعة أسس قواعدها من أوتي جوامع الكلم، واعترف بإحكام أحكامها من لم يتدين بدين من الأمم، فصاروا يقتبسون ما لاح لهم من أنوارها ويقتدون في أمور دنياهم بما استبان لهم من آثارها، ولما تناقلت أنباء ذلك إلى حضرة من عم حسن سياسته الممالك، والصدر الهمام، حامي حمى الإسلام، عزيز مصر القاهرة، ومجدد رسومها الداثرة. مولانا الحاج محمد علي. تحولت همته العلية، إلى تجديد آثارها السنية، بوضع مختصر جامع لأحكام القضاء والسياسة المأثورة، منتخب من صحيح المذهب وأقوالها المقصورة، فوجبت على السيد (لعلها العبد) الفقير طاعته، وإلى هذا المسعى الجميل مبادرته ومسارعته، فشرعت فيه متوكلا على الرب الكريم. بعد أن وسميته: بكتاب صيانة الرياسة، بيان أحكام القضاء والسياسة).
ولم يفصل ابن العنابي في المقدمة، كالعادة، خطة الكتاب، فلم يذكر أنه سيقسمه إلى فصول وأبواب، وإنما اكتفى بوضع عناوين داخلية لكل فكرة يريد علاجها. فكانت العناوين التي اشتملت عليها الأوراق التي بين أيدينا هي:
1 -
في القضاء والقاضي.
2 -
في تولية القاضي.
3 -
في آداب القاضي.
4 -
في آداب مجلسه.
5 -
في طبقات المسائل.
6 -
في رسم القاضي والمفتي.
والعنوان الأخير هو الذي احتل أكثر الكراسة التي عندنا. وهو في مواصفات القاضي والمفتي، وطريقة الاستماع إلى المتخاصمين، والتأكد من الوثائق، ومن أقوال السابقين، وكيفية إصدار الأحكام الخ. ولا شك أن ابن العنابي كان يكتب عن دراية وتجربة طويلة في القضاء والإفتاء. فهو نفسه تولى الوظيفتين في الجزائر وتولى الأخيرة في مصر، بالإضافة إلى معارفه الفقهية وقراءاته الكثيرة.