الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومن المؤكد أن إجازات ابن العنابي لم تقتصر على علماء مصر وتونس. فقد كان ذائع الصيت في وقته وكان مقصودا لأهل العلم في كل بلد يحل به. لذلك لا نشك في أنه قد منح إجازاته لعدد آخر من علماء الجزائر وغيرها من البلدان التي زارها، خصوصا وقد أوضح هو أنه كان يتساهل في ذلك اقتداء بشيخه علي بن عبد القادر بن الأمين (61).
مؤلفاته:
لم يعرف عن ابن العنابي أنه كان من المؤلفين المكثرين. أغلب المصادر لا تذكر له سوى (السعي المحمود) و (ثبته) المذكور، أو إجازته لتلميذه إبراهيم السقا. وقد عرفا أن له إجازة أخرى مشابهة لتلميذه عبد القادر الرافعي. وعثرنا لع على رسالة في مسألة توحيد كنا قد أشرنا إليها أيضا. والظاهر أنه بقدر ما كان مقلا في التأليف كان مكثرا في الفتاوى. وقد اشتهر بذلك حتى أن بعض العلماء الجزائريين، كالمفتي حميدة العمالي، كان ينقل فتاويه بنصها في (كناشه)(62). وكان ابن العنابي يوقع فتاويه، وهو بالإسكندرية، هكذا (مفتي السادة الحنفية بثغر الإسكندرية). وقد عرفنا أن الدايات كانوا يستكتبونه في المسائل السياسية أيضا. ولا شك أن بعض رسائله في ذلك ما زالت مدفونة في دور الوثائق (الأرشيف).
(61) بناء على كتاب عبد الستار الدهلوي فإن من تلاميذ ابن العنابي من مصر: محمد بن محمد الشربيني الأزهري، ومن اليمن: عبد الله بن نور الدين النهاري، انظر مخطوط (نثر المآثر في من أدركت من الأكابر) للدهلوي. مكتبة الحرم المكي رقم 52، ص 18.
(62)
رسالة البوعبدلي إلى المؤلف. وحميدة العمالي كان مفتي المالكية في الجزائر مدة طويلة. انظر صورته في (التقويم الجزائري) للشيخ محمود كحول سنوات 1911 - 1913، ولا أذكر الآن في أية سنة توجد صورته. وفي مراسلة راسلني بها الشيخ المهدي البوعبدلي بتاريخ 3 ديسمبر 1971 حديث عنه وعن علاقته بالطبيب ابن المختار وغيره من علماء الجرائر والمغرب. انظر عنه دراستنا (مدارس الثقافة العربية في المغرب العربي خلال الاحتلال الفرنسي) راجع أيضا أبو القاسم الحفناوي، تعريف الخلف برجال السلف، جزءان، الجرائر، 1906 - 1907، ج 2، ص 526 - 529. وفيه أن وفاة العمالي كانت سنة 1876 - 1877.
ومما يذكر أن مؤلف (الأعلام) قد عثر على نموذج من خطه، على (ثبت الجوهري) في در الكتب المصرية (63) ولا ندري ماذا كتب ابن العنابي هناك ولا كمية ما كتبه.
ومن تآليف، غير التي ذكرنا، كتاب في الفقه الحنفي سماه (شرح الدر المختار) الذي يبدو أنه شرع فيه خلال السنوات 1235 - 1244 م. ولم نعرف أنه أتمه. ذلك أن الشيخ محمد بيرم الذي قرظ هذا الكتاب قد ذكر أن ابن العنابي قد بلغ في شرحه باب الوتر والنوافل فقط. وقد أشاد به كما عرفنا. ويبدو أن ما فرغ منه يمثل جزءا ضخما لأن أحد الكتاب الذي عاينه قال عنه إنه (حصة وافرة)(64).
ومن جهة أخرى ذكر ابن العنابي في جوابه على مسألة تتعلق بآداب مجالس القرآن أن له كتابا في علم التجويد تحدث فيه عن أنواع اللحن فقال:
(قد ذكرنا في كتابنا (العزيز في علم التجويد) أن اللحن نوعان خفي وجلي فالجلي خطأ في المبني أو الحركة أو السكون سواء غير المعنى أو لا، والخفي خطأ في صفات الحروف الخ
…
) (65). ولا نعرف أكثر من هذا عن تأليفه في التجويد، فهل هو مجرد رسالة صغيرة؟ أو هو تأليف كبير في علم القراءات ورسم القرآن ونحو ذلك؟
ولابن العنابي تآليف أخرى في علوم شتى مثل شرحه على فرائض المجمع، ومنها رسالة في أداء زكاة الفطر طبقا للمذاهب الأربعة، وقد جاء في إحدى الوثائق أن له أيضا (غير ذلك مما لم استحضره الآن)(66) ومن الطبيعي
(63) الاعلام، 11 - الخطوط والصور، 2، رقم 1279. وقد رأينا نحن خطه أيضا في عدة كتب سواء من تأليفه أو من تعليقه، كما أشرنا عند الحديث عن (كعبة الطائفين).
(64)
مخطوط رقم 529، تونس. انظر أيضا عن تآليف ابن العنابي المدخل الجديد لهذه الطبعة.
(65)
انظر مخطوط رقم 18002، تونس، ص 29.
(66)
مخطوط رقم 529، تونس، من ذلك أيضا كتابه في علم الكلام المسمى (بالتوفيق =
أن نعد (بلوغ المقصود) من تأليفه أيضا لأنه اختصار لما أطال فيه في كتابه (السعي المحمود). ومن المحتمل أن يكون لابن العنابي ديوان شعر على ما هي عليه عادة علماء وقته، وبعض الأراجيز. وقد وجدنا له أجوبة على مسائل متعددة تسمى (الفتح القيومي بجواب أسئلة الرومي)(67).
ولكن الظاهرة العامة في تآليف ابن العنابي هي أنها تآليف صغيرة الحجم، وأنها تتناول مسائل دينية شائكة في شكل رأي معلل ومدعم بالشواهد والأمثال أو في شكل شرح لكتاب قائم من قبل. ويدخل في الصنف الأول كتابه (السعي المحمود) وكتابه في (علم التجويد) وفتاويه وأجوبته الفقهية ويدخل في الصنف الثاني كتابه (شرح الدر المختار).
ولعل عالما في منزلة ابن العنابي عاش زمنا طويلا وصعبا لا يمكن أن ينتج سوى ما ذكرنا. فمن المحتمل أن تكون له تآليف أخرى لم نطلع عليها ولم نسمع بها بعد (*).
ولكن إذا كان التأليف قليلا عند ابن العنابي فإن تلاميذه كثيرون. وقد عرفنا منهم عددا من المصريين والتونسيين. وإذا كنا لا ندري أن ابن العنابي قد تصدر للتدريس في بلاده بالجامع الكبير أو الجامع الجديد، فإننا قد عرفنا أنه جلس للتدريس في الجامع الأزهر وكانت حلقة درسه موئل العلماء على اختلاف مستوياتهم. وجاء في رسالة الشيخ المهدي البوعبدلي (68) أن ابن العنابي قد
والتسديد شرح الفريد في علم التوحيد، الذي فرغ منه سنة 1217. انظر فيض الملك المتعالي، ج 3، ص 177، مخطوطات الحرم المكي، مكة المكرمة.
(67)
لعل هذا العنوان ليس من وضع ابن العنابي لأنه لم يرد في النص، ولأنه لم يرد أصلا في نسخة أخرى من هذه الأجوبة، ومن الراجح أن يكون الشيخ محمد بيرم هو الذي وضع العنوان أعلاه، وقد يكون سمعه من صديقه ابن العنابي.
(*) ثبت أن لابن العنابي مؤلفات أخرى لم نذكرها هنا، مثل (التحقيقات الإعجازية) في البلاغة، و (صيانة الرياسة) في القانون الخ. انظر المدخل الجديد.
(68)
من رسالة له إلى المؤلف.