المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ التحقيقات الإعجازية: - رائد التجديد الإسلامي محمد بن العنابي

[أبو القاسم سعد الله]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة الطبعة الثانية

- ‌الجديد عن ابن العنابي *

- ‌مقدمة الطبعة الأولى

- ‌القسم الأول: حياته

- ‌عصره:

- ‌ثقافته:

- ‌وظائفه:

- ‌علاقته بالفرنسيين بعد احتلال الجزائر:

- ‌إجازاته وتلاميذه:

- ‌مؤلفاته:

- ‌اختصار كتابه:

- ‌مراسلاته:

- ‌شخصيته:

- ‌القسم الثاني: آثاره

- ‌أ - كتابه (السعي المحمود في نظام الجنود)

- ‌نسخ الكتاب ودافع تأليفه:

- ‌تحليل محتوى الكتاب:

- ‌القسم الثاني من كتاب (السعي المحمود):

- ‌منهج ابن العنابي في الكتاب:

- ‌ب - آثاره الأخرى

- ‌الفتاوى

- ‌ أجوبته على آداب مجلس قراءة القرآن:

- ‌ التحقيقات الإعجازية:

- ‌ صيانة الرياسة:

- ‌ متفرقات:

- ‌ مجموعة من الرسائل

- ‌ شرح متن البركوي في التوحيد

- ‌ شرح الدر المختار في الفقه الحنفي

- ‌القسم الثالث: نصوص منه وعنه

- ‌ مقدمة كتاب (السعي المحمود في نظام الجنود)

- ‌ مقدمة (بلوغ المقصود مختصر السعي المحمود)

- ‌ إجازة ابن العنابي لمحمد بيرم الرابع

- ‌ رأيه في المرأة

- ‌ من شعر ابن العنابي

- ‌ تقريظ محمد بيرم الرابع لكتاب(شرح الدر المختار)لابن العنابي

- ‌ رسالة من محمد بيرم الرابع إلى ابن العنابي

- ‌ مصطفى بيرم يستجير ابن العنابي

- ‌الفهارس

الفصل: ‌ التحقيقات الإعجازية:

آية، وعدم الوقف في مكان يوهم كفرا. وقال إن الإسراع المخل بالحروف عند قراءة القرآن مكروه كراهة تحريم (*).

وألحق ابن العنابي الأحاديث النبوية بالقرآن في وجوب مراعاة الأدب وليس في وجوب الاسمتاع إليها. لأن وجوب الاستماع خاص بالقرآن والخطب. وأوضح أن مذهب الحنفية يوجب الاستماع للخطبة ولو كانت خطبة نكاح. وعلى هذا فإن على السامع لحديث شريف في خطبة ما وجوب الإنصات له (7).

3 -

‌ التحقيقات الإعجازية:

وإذا كانت معظم كتب ابن العنابي الأخرى ذات طابع ديني - باستثناء السعي المحمود - فإن له كتابا آخر لا علاقة له بالفقه والتوحيد وغيرهما، بل هو كتاب في الأدب والبلاغة، وهو كتاب يدل على براعة مؤلفه وقوة محفوظه ومهارته في الاستشهاد. ونعني به التأليف الذي سماه (التحقيقات الإعجازية بشرح نظم العلاقات المجازية)(8) ويدل عنوانه على أنه شرح به نظما لغيره في العلاقات المجازية، وهي كثيرة، وهي أيضا مظهر من مظاهر سر اللغة العربية والبيان العربي.

(*) ويدخل في هذا الباب تأليف ابن العنابي الذي سماه (لمعان البيان في بيان أخذ الأجرة على القرآن). ذكره تاريخ عبد الحميد بك. مخطوط.

(7)

ختم الإجابة بهذه العبارة (كتبه الفقير إليه سبحانه محمد بن محمود بن محمد بن حسين الجزائري الحنفي عفا الله عنهم أجمعين). ولاحظ أنه لم يستعمل هنا عبارة (ابن العنابي) انظر نفس المصدر ص 33.

(8)

صوره لنا - مشكورا- الأستاذ فرج محمود فرج المصري من أصله بمكتبه البلدية بالإسكندرية. وهو هناك برقم 2475 د وعدد صفحاته 88، وتاريخ الانتهاء منه هو سنة 1231. والغالب على الظن أن المؤلف كان بالجرائر عند تأليفه، وهو ما يبدو، بخط يده. انظر ما سبق. وقد أشار إلى هذا الكتاب بروكلمان أيضا 2/ 923، وصنفه ضمن كتب البلاغة. وهناك عدة كتب ومعالجات لموضوع العلاقة، من ذلك أحمد الدمنهوري الذي ألف رسالة سماما (الحذاقة في أنواع العلاقة) طبع، تونس، بدون تاريخ.

ص: 96

افتتح ابن العنابي كتابه هذا بقوله: (يا من أجزنا بجوائز الإحسان، وأمدنا بعوائد العرفان، أحمدك حمد من آثرته بفضلك، وخصصته بمزيد طولك. أما بعد فيقول المستمد من الفيض الوهابي، محمد بن محمود بن محمد بن حسين العنابي، هذا ما اقتضاه إسعاف من يمحضني وأمحضه الود، ولا أرى لإنجاح مرامه من رد، من لم التحقيقات الإعجازية، بشرح نظم العلافات المجازية على وجه يجمع إلى الإيجاز إيضاحا، ويجوز إلى حسن الشرح بهاء وانشراحا، فدونك أيها الودود شرحا شريفا، ومجموعا لطيفا ظريفا، تهتز له الرؤوس العلية، وتتخطفه النفوس الذكية، فاقتطف ما شئت من أزهاره، واجتن ما أحببت من زاهي ثماره، ولا زلت بعين العناية ملحوظا، وبحمايته سبحانه مؤيدا محظوظا).

ويبدو أن هذا الودود الذي كان بمحض ابن العنابي الود كان شخصا غير واقعي، كما جرت العادة بين المؤلفين عندئد، وكما سبق لابن العنابي أن استعمل نفس الطريقة في كتبه الأخرى. ولكن ذلك لم يكن أمرا مؤكدا. فقد يكون المخاطب شخصا حقيقيا سأل ابن العنابي كتابة شرح على نظم العلاقات المجازية فاستجاب. ومهما كان الأمر، فإن طريقة ابن العنابي في شرح هذا النظم لا تختلف كثيرا عما كان يفعله معاصروه، فهو يذكر بيت الناظم ثم يأخذ في شرحه شرحا لغويا وأدبيا ونفسيا وبيانيا واصطلاحيا. وهكذا كان يذكر مع كل صنف من أصناف الخلافات آيات وأحاديث وأشعارا وحكما تؤكد ما ذهب إليه وتوضح مقصوده منه. وهو يذكر مصادر كثيرة يرجع إليها ويستأنس بأصحابها، فهو يذكر كتب التفاسير وأمهات الكتب الأدبية والدراسات البلاغية: الإتقان، وعروس الأفراح، ومغني اللبيب، والحواشي الخفاجية، والأغاني، وغيرها. وقد أشار أيضا إلى رأي جده في تفسيره بقوله:(قال مولانا الجد محمد بن حسين، قدس سره، فيما كتبه في التفسير). (ص 10، 22، 26، 29 الخ.) كما يذكر آخرين بقوله: (وقال المولى أبو كمال) أو (قال المولى عبد الحكيم في حواشيه).

وعندما جاء ذكر صاحب النظم ترحم عليه ابن العنابي وجاء بأول بيت من النظم وهو:

ص: 97

يا سائلا حصر العلاقات التي

وضع المجاز بها يصوغ ويجمل

ثم أخد في شرح هذا البيت من الوجوه التي ذكرناها. وعندما ينتهي من ذلك يأتي بالبيت الآخر وهكذا. وقد قال ابن العنابي عن (العلاقات) بأنها جمع علاقة، تقال على علاقة السيف ونحوها. فتكسر، وعلى الحب اللازم فتفتح أيضا. وقال عن الاتصال ما بين المعنى المستعمل فيه اللفظ وبين المعنى الموضوع له كاللازمية والملزومية وغير ذلك. وكانت البيت من النظم هي بمثابة الفصل من الكتاب إذ لم يقسم عمله إلى فصول وإنما اتخذ البيت هو الوحدة.

ويراد بالعلاقات الصلات بين الألفاظ والمعاني، سواء كانت خفية أو ظاهرة، فاسعمال النكرة بدل المعرفة، والعكس، واستعمال الماضي بدل المستقبل والعكس، واللجوء إلى مجاز المجاز، وفعل الأمر، وتغيير الخطاب، واستخدام الجموع قلة أو كثرة، صحيحة أو مكسورة، مذكرة أو مؤنثة، والمجيء بالخبر بمعنى الأمر، وذكر العاقل بدل غير العاقل، ونحو ذلك من صور المجاز هي التي تناولها ابن العنابي في هذا الكتاب. وقد حقق هذه الصور البيانية وأدارها على وجوهها بأسلوب أدبي جيد وتعمق في أسرار اللغة والتاريخ الأدبي وطرق البلاغة والذوق الفني.

وما يذكر أنه قدم هذا الكتاب إلى شيخه علي بن عبد القادر بن الأمين، مفتي المالكية في الجزائر مدة طويلة، فقرظه له بأبيات متكلفة غامضة ومكسورة، ولكنها تدل على الصلة بين الرجلين وتقدير الشيخ ابن الأمين لتلميذ، النجيب ابن العنابي. وقد أورد هذا تقريظ شيخه له في صدر كتابه مفتتحا بها هكذا:(الحمد لله، وصلاته على رسوله، هذه الأبيات لشيخنا علي بن الأمين عليه سحائب الرحة (9)، قالها في حق هذا التأليف حين رآه.

(9) توفي ابن الأمين 1236، والانتهاء من الكتاب كان سنة 1231. وعبارة (عليه سحائب الرحمة) تدل على أن ابن العنابي وضع الأبيات في صدر كتابه بعد وفاة شيخه. والمعروف أن الشيخ ابن الأمين كان أيضا من متذوقي هذا الفن، وله رسالة في (أما بعد) أظهر فيها ذلك. انظر حديثنا عنها في كتابنا (تاريخ الجزائر الثقافي)، ج 2، فصل الأدب.

ص: 98