المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب زكاة الفطر - الإحكام شرح أصول الأحكام لابن قاسم - جـ ٢

[عبد الرحمن بن قاسم]

فهرس الكتاب

- ‌كتابُ الجَنَائِز

- ‌فصل في غسل الميت

- ‌فصل في كفنه

- ‌فصل في الصلاة عليه

- ‌فصل في دفنه

- ‌فصل في زيارة القبور

- ‌فصل في التعزية

- ‌كِتابُ الزكَاة

- ‌باب زكاة بهيمة الأنعام

- ‌فصل في زكاة البقر

- ‌فصل في زكاة الغنم

- ‌باب زكاة الخارج من الأرض

- ‌باب زكاة النقدين

- ‌فصل في الحلي

- ‌باب زكاة العروض

- ‌باب زكاة الفطر

- ‌باب إخراج الزكاة

- ‌باب أهل الزكاة

- ‌فصل فيمن لا تحل له

- ‌باب صدقة التطوع

- ‌كتابُ الصِّيَام

- ‌باب ما يفسد الصوم

- ‌فصل في الكفارة

- ‌باب ما يكره ويستحب في الصوم

- ‌فصل في القضاء

- ‌باب صوم التطوع

- ‌فصل فيما نهي عن صومه

- ‌فصل في ليلة القدر

- ‌باب الاعتكاف

- ‌كتابُ المناسِك

- ‌باب المواقيت

- ‌باب الإحرام

- ‌باب محظورات الإحرام

- ‌باب جزاء الصيد

- ‌باب صيد الحرم

- ‌باب دخول مكة

- ‌«باب صفة الحج»

- ‌فصل في الدفع إلى المزدلفة

- ‌فصل في الإفاضة

- ‌فصل في أيام منى

- ‌فصل في النفر

- ‌باب الفوات والإحصار

- ‌باب الهدي والأضحية

- ‌فصل في العقيقة

الفصل: ‌باب زكاة الفطر

لا زكاة فيها. وهو قول العلماء من السلف والخلف إلا أبا حنيفة في الخيل والحديث حجة عليه وقال الوزير وغيره أجمعوا على أنه ليس في دور السكنى وثياب البذلة واثاث المنزل ودواب الخدمة وعبيد الخدمة وسلاح الاستعمال زكاة اهـ. فالعبيد ورباط الخيل وآلات السلاح والحرب وسائر أموال القنية كل ما كان منها ما عساه أن يكون ولم يكن للتجارة لم يكن فيه زكاة.

فإن سائر أمول القنية مشغولة بالحاجة الأصلية. وليست بنامية أيضا. وكل منها مانع من وجوب الزكاة ولو لم ينص على كل فرد منه فإن الشارع إنما اعتنى ببيان ما تجب فيه الزكاة لأنه خارج عن الاصل فيحتاج إلى بيان. لا ببيان ما لا تجب فيه اكتفاء بأصل عدم الوجوب.

‌باب زكاة الفطر

أضيفت إليه إضافة الشيء إلى سببه. وهو اسم مصدر من أفطر الصائم إفطارا. ويراد بها الصدقة عن البدن. تزكية للنفس وتطهيرا لها. وتنمية لعملها. وجبرا لنقص الصوم والأصل في وجوبها عموم الكتاب. والسنة والإجماع ومناسبتها هنا لأنها من الوظائف المالية.

قال تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ} فاز وظفر كل الفوز والظفر {مَنْ تَزَكَّى} أي زكى نفسه بالصدقة نماها وطهرها. قال

ص: 166

طائفة من السلف أدى زكاة الفطر ولابن خزيمة وغيره مرفوعا "نزلت في زكاة الفطر" وكان عمر بن عبد العزيز يأمر بها ويتلو هذه الآية. وقال مالك هي داخلة في عموم "وَآَتُوا الزَّكَاةَ" وبين صلى الله عليه وسلم تفاصيل ذلك. ومن جملتها زكاة الفطر. وكان أهل المدينة لا يرون صدقة أفضل منها.

(وعن ابن عمر) رضي الله عنهما (قال فرض) أي أوجب وألزم (رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر) من رمضان نقل ابن المنذر وغيره الإجماع على فرضيتها. فتجب بغروب شمس ليلة الفطر. لأنه وقت الفطر. أضيفت إليه والإضافة تقتضي الاختصاص والسببية. ووجوبها به مذهب مالك والشافعي وأحمد. فمن أسلم بعده أو تزوج أو ملك عبدا أو ولد له بعده لم تلزمه اتفاقا. وكذا لو أيسر.

واختار الشيخ وجماعة تلزم لحصول اليسار وقت الوجوب. وبعده. إن فعل فقد أحسن. وفي رواية "أمر بزكاة الفطر (صاعا من تمر) بالمثناة الفوقية وصاعا تمييز. أو مفعول ثان (أو صاعا من شعير) إجماعا. وكان أكثر أقوات أهل المدينة إذا ذاك (على العبد) الصغير والكبير والحاضر والغائب والآبق والمرهون والمغصوب. وكل من أضيف إلى ملكه. ولو مكاتبا.

وثبت من حديث أبي هريرة وغيره "ليس على المسلم في عبده صدقة إلا صدقة الفطر".

ص: 167

(والحر والذكر والأنثى) إجماعا (والصغير والكبير) سواء كان من أهل القرى أو البوادي بإجماع من يعتد به. ويخرج ولي اليتيم عنه من ماله. قال الموفق وغيره لا نعلم أحدا خالف فيه إلا محمد بن الحسن والخبر حجة عليه. ونقل ابن المنذر الإجماع على أنها لا تجب على الجنين واستحبه أحمد.

وهي فرض على من ذكر إذا كان (من المسلمين) إجماعًا (متفق عليه) دون الكافرين لأنها طهارة. والكافر لا يطهره إلا الإسلام. فلا تجب عليه عن نفسه باتفاق أهل العلم. ولا عن مستولدته المسلمة حكاه ابن المنذر إجماعا. ولا المسلم عن عبده الكافر عند الجمهور.

(زاد الدارقطني ممن تمونون) يعني ممن تلزمه مؤنة نفسه أو غيره ولا تجب على من لا يمون نفسه لأن الله خاطب بالوجوب غيره. ومن وجبت عليه فطرة نفسه وغيره يبدأ بنفسه وثبت قوله "ابدأ بنفسك" في غير ما حديث. والمراد من ماله. ويخرج عمن يمونه من زوجة غير ناشز وولد صغير إجماعا. وكبير في عياله عند الجمهور. ووالديه والأقرب فالأقرب في الميراث وفي صحيح مسلم "فإن فضل شيء فلذي قرابتك".

إذا فضل له يوم العيد وليلته صاع عن قوته وقت عياله وحوائجه الأصلية اتفاقا. فلا يعتبر ملك نصاب. قال الشيخ وهو قول الجمهور ولا تجب على من لم يفضل له قدرها اتفاقا

ص: 168

لقوله {فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} واعتباره كونه واجدا لقوت يوم وليله أمر لا بد منه لأن المقصود من شرع الفطرة إغناء الفقراء في ذلك اليوم. ولو لم يعتبر لكان ممن أمرنا بإنائه في ذلك اليوم. لا بإخراجه وإغناء غيره. ولا قائل بوجوبها علىمن لم يملك قوته.

وقوله "فرض رسول الله صدقة الفطر على الغني والفقير" لا يدخل فيه من لم يقدر إلا على قوت نفسه أو عياله. لأن القوت ضروري وحفظ النفس مقدم على غيره ولا واجب مع ضرورة. ولا يمنعها الدين إلا بطلبه لوجوب أدائه إذا. ولقوله "لا صدقة إلا عن ظهر غنى" فيبدأ به، وهو قول الجمهور. لأنه لا فضل عنده.

(وعن أبي سعيد) الخدري رضي الله عنه (قال كنا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم) وهذا من قبيل المرفوع (نخرج زكاة الفطر صاعا من طعام) أي حنطة. فإنه اسم خاص له وحكي اتفاقا. بدليل ذكر الشعير والبر على تلك الأقوات. وهو الطعام في عرف أهل الحجاز. وقال الخطابي يستعمل فيه عند الإطلاق وللدراقطني من حديث أبي هريرة "أو صاعا من قمح" وله أيضًا "أدوا صاعا من بر".

وهو مذهب مالك والشافعي وأحمد وغيرهم. يرون أنه لا يجزئ أقل من صاع من بر أو غيره. ولهما من حديث أبي سعيد: كنا نخرج صاعًا من طعام. حتى قدم معاوية المدينة

ص: 169

فقال إني لأرى مدين من سمراء الشام تعدل صاعا من تمر فأخذ الناس بذلك. ولأبي داود وجعل نصف صاع حنطة مكان صاع. قال الشيخ وهو قياس المذهب في الكفارة. وهو مذهب أبي حنيفة ولأبي داود عنه لا أخرج أبدا إلا صاعا. وقال تلك قيمة معاوية لا أقبلها. ولا أعمل بها حكاه ابن خزيمة.

وقال جمهور أهل العلم خالف معاوية أبا سعيد وغيره ممن هو أطول صحبة منه. وأعلم بأحوال النبي صلى الله عليه وسلم وقال النووي ظاهر الحديث والقياس على اشتراط الصاع من الحنطة كغيرة.

فوجب اعتباره (أو صاعا من شعير أو صاعا من تمر) وقيل هو أفضل. ومذهب مالك والشافعي وأحمد والجمهور البر أفضل ثم التمر (أو صاعا من أقط أو صاعا من زبيب متفق عليه) والزبيب أفضل من الشعير. ثم الأقط عند الجمهور.

وإن عجم الخمسة أجزأ كل حب وثمر يقتات. وقال الشيخ وغيره قول الجمهور مالك والشافعي وأحمد وغيرهم يجزئ كل حب وثمر يقتات ولو لم تعدم الخمسة واختاره واحتج بقوله {مِنْ أَوْسَطِ مِا تُطْعِمُونَ أهليكُمْ} وبقوله (صاع من طعام) والطعام قد يكون برا أو شعيرا. وقال أيضا هو قول أكثر العلماء. وهو أصح الأقوال. فإن الأصل في الصدقات أنها تجب على وجه المساواة للفقراء.

وذكر الآية والحديث. ثم قال ولأن هذا كان قوت أهل

ص: 170

المدينة. ولو كان غير قوتهم بل يقتاتون غيره لم يكلفهم أن يخرجوا ما لا يقتاتونه اهـ. ـ. وكذا قال غير واحد من أئمة الإسلام. أي أهل بلد ومحلة قوتهم غير ذلك فإنما عليهم صاع من قوتهم كائنا ما كان. وأنه قول جمهور العلماء. وقال ابن القيم وهو الصواب الذي لا يقال بغيره. إذ المقصود سد خلة المساكين يوم العيد ومواساتهم من جنس ما يقتات أهل بلدهم. لقوله "أغنوهم في هذا اليوم".

(ولهما عن ابن عمر أمر النبي صلى الله عليه وسلم بزكاة الفطر أن تؤدى" أي تخرج وتعطى للمساكين بعد الصبح "قبل خروج الناس إلى الصلاة) أي صلاة العيد اتفاقا. قال عكرمة في قوله {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى} هو الرجل يقدم زكاته يوم الفطر بين يدي صلاته. وقال جماعة من أهل العلم الأفضل إذا خرج إلى المصلى.

(زاد البخاري وكانوا) أي قال ابن عمر كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم (يعطون) المساكين زكاة الفطر (قبل الفطر بيوم أو يومين) وعلى هذا اتفاق الأئمة الأربعة وغيرهم. وفي قوله: كانوا إشارة إلى جماعة الصحابة فيكون إجماعا. ولا يجوز أكثر منها وهو مذهب مالك وأحمد وغيرهما. والنص واضح فيما ذهب إليه مالك وأحمد وقيل يجوز بثلاث ونحوها إلى من تجمع عنده ليفرقها يوم العيد قبل الصلاة.

ص: 171

ويؤكد الأمر بإخراجها قبل الصلاة ما رواه الدارقطني وغيره من حديث ابن عمر "أغنوهم عن الطواف" أي في الأسواق لطلب المعاش "في هذا اليوم" يعني يوم العيد. وإغناؤهم يحصل بصرفها إليهم في أول اليوم.

(وعن ابن عباس) رضي الله عنهما (قال فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر طهرة) أي تطهيرًا (لـ) نفس (الصائم) رمضان (من اللغو) ما لا ينعقد عليه القلب من القول (والرفث) وو هنا الفحش من الكلام (وطعمة للمساكين) بضم الطاء هو الطعام الذي يؤكل. وفيه أنها تصرف للمساكين دون غيرهم لهذا الخبر. ولقوله "أغنوهم عن الطواف".

قال الشيخ ولا يجوز دفعها إلا لمن يستحق الكفارة وهم الآخذون لحاجة أنفسهم. ويجوز دفعها إلى واحد كما عليه المسلمون قديما وحديثا. وقال إذا كان الفقراء مجتمعين في موضع وأكلهم جميعا في سماط واحد وهم مشتركون فيما يأكلونه في الصوم ويوم العيد لم يكن لأحدهم أن يعطي فطرته لواحد من هؤلاء.

(فمن أداها) اي أعطاها لهم (قبل الصلاة) أي صلاة العيد (فهي زكاة مقبولة) أي صدقة الفطر وأمر القبول فيها موقوف على مشيئة الله (ومن أداها بعد الصلاة) أي

ص: 172